لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


«سبحان من لبس البهجة و الجمال، سبحان من تردّى بالنور و الوقار، سبحان من يرى أثر النمل في الصفا، سبحان من يرى أثر الطير في الهواء، سبحان من هو هكذا و لا هكذا غيره».

و هي سريع الأثر في المطالب و الحاجات

[مصباح المتهجد: 671 في شهر ذي الحجة، و جمال الأسبوع: 263 الفصل: 29، والبحار 91: 180 ح 7 و 8، و العوالم 11: 300.]

و نقل الفاضل المجلسي (رحمه اللَّه) في زاد المعاد في وظائف اليوم الأوّل من ذي الحجة، الذي ورد وقوع تزويج الزهراء (عليهاالسّلام) من أميرالمؤمنين في ذلك اليوم، صلاة اُخرى لها عن الشيخ (رحمه اللَّه)، و أنّه قال: يستحبّ في اليوم الأوّل من ذي الحجة صلاة الزهراء (عليهاالسّلام)

[مصباح المتهجد: 671 أعمال شهر ذي الحجة.]

وورد انّها أربع ركعات مثل صلاة علىّ (عليه السّلام)، كلّ ركعتين بتسليمة واحدة يُقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد سورة التوحيد خمسين مرّة، و يُقرأ بعد الفراغ من الركعات تسبيح الزهراء (عليهاالسّلام)، و هي: «سبحان ذي العزّ الشامخ...» إلى آخر مامرّ.

و جعل الفاضل المذكور الأحوط في عمل ذلك اليوم الجمع بين هذه الصلاة و بين الصلاة السابقة، و كذا في قراءة التسبيح بعد الصلاة الجمع بين التسبيح المذكور و بين التسبيح الآخر المشهور.

و نقل السيد ابن طاووس في كتاب الإقبال صلاة اُخرى لها (عليه السّلام)، و سيأتي ذكرها

[الاقبال 3: 166، البحار 100: 199.]

و تحيّتها المشهورة: «اللَّهُمّ صلّ على الصدّيقة فاطمة الزكيّة، حبيبة حبيبك، و اُمّ أحبّائك و أصفيائك التي انتجبتها و فضّلتها و اخترتها على نساءالعالمين، اللَّهُمّ كن الطالب لها ممّن ظلمها و استخفّ بحقّها، و كن الثائر اللَّهُمّ بدم أولادها، اللَّهُمّ و كما جعلتها اُمّ أئمة الهدى، و مصابيح الدجى، و حليلة صاحب اللواء، و الكريمة

عند الملأ الأعلى، فصلّ عليها و على اُمّها صلاة تكرّم بها وجه أبيها محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، و تقرّ بها عين ذرّيّتها، و أبلغهم في هذه الساعة أفضل التحيّة والسلام»

[جمال الأسبوع: 486، عنه البحار 94: 74 ح 1.]

و نقل الفاضل المجلسي تحيّة اُخرى لها (عليه السّلام) نقلها عن ابن طاووس، و انّ من زارها بهذه الزيارة، و طلب من اللَّه سبحانه المغفرة غفر اللَّه ذنوبه البتة، و يدخله الجنة، و هي أن تقول:

«السلام عليك يا سيّدة نساءالعالمين، السلام عليك يا والدة الحجج على الناس أجمعين، السلام عليك أيّتها المظلومة الممنوعة حقّها» ثمّ تقول: «اللهمّ صلّ على اَمَتك، و ابنة نبيّك، و زوجة وصيّ نبيك، صلاة تزلفها فوق زلفى عبادك المكرمين من أهل السماوات و أهل الأرضين»

[الإقبال 3: 161، البحار 100: 199.]

و قال ابن طاووس في صلاة الزيارة لها: لو أمكنك أن تفعل صلاة الزهراء (عليهاالسّلام) فافعل، و هي ركعتان تقرأ في كلّ ركعة بعد الحمد سورة التوحيد ستين مرّة، و لو لم تقدر على ذلك ففي الركعة الأولى بعد الحمد سورة التوحيد مرّة، و الركعة الثانية سورة الجحد مرّة

[الإقبال 3: 166، البحار 100: 199.]

وروي في كشف الغمة عن عليّ عن فاطمة (عليهاالسّلام) قالت: قال لي رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): من صلّى عليك غفر اللَّه له و ألحقه بي حيث كنت من الجنة

[كشف الغمة 2: 100، عنه البحار 43: 55 ح 48.]

قال الفاضل المجلسي (رحمه اللَّه): و الأولى و الأفضل زيارتها (عليهاالسّلام) في الأوقات الشريفة و الأزمنة المخصوصة بها، مثل يوم ولادتها، و هو متمّم العشرين من الجمادي الآخرة عند الشيخ المفيد و السيد ابن طاووس، أو اليوم

العاشر منه كما عند جماعة.

و مثل يوم وفاتها (عليهاالسّلام)، و هو اليوم الثالث منه عند السيد و جماعة، أو الحادي و العشرون من شهر رجب عند ابن عباس، و مثل يوم تزويجها (عليهاالسّلام) و هو النصف من شهر رجب، أو اليوم الأوّل من ذي الحجة، أو اليوم السادس منه.

و مثل ليلة زفافها و هي التاسعة عشر من ذي الحجة، أو الحادية و العشرون من محرّم، و في يوم المباهلة و هو الرابع و العشرون من ذي الحجة، و يوم نزول سورة هل أتى، و الخامس و العشرون منه، و نحو ذلك ممّا أوردناه في كتاب بحارالأنوار، إنتهى

[زاد المعاد، أعمال شهر ذي الحجة.]

و أمّا الكلام في ذكر فدك و العوالي و غصبها عنها


فهو أنّ العوالي جمع العالية، و هي من الأراضي في الشهرة العرفيّة على ما في الصحاح ما فوق نجد إلى أرض تهامة، و إلى ما وراء مكة و هي الحجاز و ما والاها، و النسبة اليها عاليّ، و يقال أيضاً: علويّ على غير قياس، يقال: عالي الرجل و أعلى إذا أتى عالية نجد

[الصحاح 6: 2436/ علا.]، و كذا في صراح اللغة.

و قال في المجمع: و فيه- أي في الخبر- العالية و العوالي، و هي قرى بأعلى أراضي المدينة، و أدناها من المدينة على أربعة أميال، و أبعدها من جهة نجد ثمانية أميال، و النسبة إليها عُلويّ على غير القياس

[مجمع البحرين/ علا.]

و في المغرب نقلاً عنه: العوالي موضع على نصف فرسخ من المدينة

[المغرب 2: 57/ علو.]

و قال في النهاية: و ذكر العالية و العوالي في غير موضع من الحديث، و هي أماكن بأعلى أراضي المدينة، و النسبة إليها علويّ على غير قياس، و أدناها من المدينة على أربعة أميال، و أبعدها من جهة نجد ثمانية أميال، و منه حديث ابن عمر: جاء أعرابيّ علويّ جاف، إنتهى

[النهاية 3: 295/ علا.]

و الظاهر من الأخبار أنّ العوالي أيضاً كانت للنبي المختار دون سائر المسلمين مثل فدك- على ما يأتي تفصيله- و انّ النبي (صلّى اللَّه عليه وآله) أعطاها أيضاً لفاطمة (عليهاالسّلام) في حياته بعد إعطاء فدك لها، و انّ الخلفاء لما غصبوا فدك غصبوها أيضاً معها، ولكن لم يجر للعوالي ذكر كثير في الأخبار عند القدح على الخلفاء الأشرار أعداء الملك الجبّار.

و لعلّ ذلك من جهة كونها تابعة لفدك، و كونها أقلّ منفعة منها، فلم يعتنوا بذكرها و استغنوا بذكر فدك عنها، فلم يجر لها ذكر بخصوصها، و نحن أيضاً نكتفي في خصوص العوالي بالجملة التي ذكرنا، و نفصّل الكلام في تحقيق حال فدك، فيعلم في ضمنه ما يتعلّق بها.

فنقول: أمّا فَدَك- فهي بفتحتين- قرية من قرى اليهود، و كانت للنبي (صلّى اللَّه عليه وآله)، بينها و بين مدينة الرسول ثلاثة أيّام، و بينها و بين خيبر دون مرحلة، و في شرح المواقف: انّها قرية بخيبر

[شرح المواقف 8: 355/ المرصد الرابع في الإمامة.]

و قيل: هي بلدة بقرب المدينة بينها و بين خيبر، و انّها من بلا خيبر، و في المصباح: انّها بلدة بقرب مدينة النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) يومان، و يقال: انّها من بلاد خيبر و بينها و بين خيبر دون مرحلة، و انّها ممّا أفاء اللَّه على رسوله، و تنازعها عليّ و العباس في خلافة عمر، فقال عليّ: النبي جعلها لفاطمة و ولدها، و أنكرها العباس فسلّمها عمر لهما

[المصباح المنير: 465، فَدَكُ.]

و في المجمع: انّها قرية من قرى اليهود بينها و بين مدينة النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) يومان، و بينها و بين خيبر دون مرحلة، و هي ممّا أفاء اللَّه على رسوله (صلّى اللَّه عليه و آله)، منصرف و غير منصرف، و كانت لرسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) لأنّه فتحها هو و أميرالمؤمنين (عليه السّلام) لم يكن معهما أحد، فزال عنها حكم الفي ء و لزمها إسم الأنفال، فلمّا نزل: «فآت ذا القربى

حقّه»

[الروم: 38.] أي أعط فاطمة فدكاً أعطاها رسول اللَّه إيّاها.

و كانت في يد فاطمة الى أن توفي رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فاُخذت من فاطمة (عليهاالسّلام) بالقهر و الغلبة، و قد حدّها عليّ (عليه السّلام)، حدّ منها جبل اُحد، وحدّ منها عريش مصر، وحدّ منها سيف البحر، وحدّ منها دومة الجندل يعني الجوف، إنتهى

[مجمع البحرين مادة فدك.]، و هكذا في الرواية التي رواها ابن أسباط.

وروي في المناقب عن كتاب أخبار الخلفاء، انّ هارون الرشيد كان يقول لموسى بن جعفر (عليه السّلام): خذ فدك حتى أردّها إليك، فيأبى حتى ألحّ عليه فقال (عليه السّلام): لا آخذها إلّا بحدودها، قال: و ما حدودها؟ قال: إن حددتها لم تردّها، قال: بحقّ جدّك إلّا فعلت.

قال: أمّا الحدّ الأوّل فعدن، فتغيّر وجه الرشيد و قال: أيهاً، قال: والحدّ الثاني سمرقند، فأربد وجهه، قال: و الحدّ الثالث أفريقية، فاسودّ وجهه و قال: هيه، قال: و الرابع سيف البحر ممّا يلي الخزر و أرمينية، قال الرشيد: فلم يبق لنا شي ء فتحوّل إلى مجلسي، قال موسى (عليه السّلام): قد أعلمتك انّني إن حددتها لم تردّها، فعند ذلك عزم على قتله

[المناقب لابن شهرآشوب 4: 320، عنه البحار 48: 144 ح 20، و أيضاً 29: 200 ح 41.]

قال الفاضل المجلسي (رحمه اللَّه): و هذان التحديدان خلاف المشهور بين اللغويّين، و لعلّ مراد المعصوم (عليه السّلام) انّ تلك كلّها في حكم فدك، و كان الدعوى على جميعها، و إنّما ذكروا فدك على المثال أو تغليباً، إنتهى

[البحار 29: 201.]

و حاصله أنّ فدك عنوان للأراضي التي تجري عليها يد الخلافة الإسلاميّة، فيكون مصداقه بهذا الإعتبار جميع بلاد الإسلام، فمن أراد فدك فلابدّ أن يردّ أمر الخلافة برمَّته إلى محلّه و منزلته، و من لا فلا.

و كان فتح خيبر و فدك في السنة السابعة من الهجرة، و كان ذلك في أوائل هذه

السنة، و قد وعد اللَّه لنبيّه (صلّى اللَّه عليه و آله) فتح خيبر و مضافاتها بقوله: «وعدكم اللَّه مغانم كثيرة تأخذونها..» الآية

[الفتح: 20.]

و هذه الوعدة كانت عند صلح الحديبية، و لمّا رجع النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) بعد الصلح في الحديبية- على التفصيل الواقع في الأخبار المرويّة- رجع إلى المدينة في السنة السادسة من الهجرة، نهض بألف و أربعمائة من جيشه المنتصر إلى فتح خيبر، و فتحها على النحو المفصّل في كتب الأخبار و السير.

و قد وقعت خيبر من المدينة إلى سمت الشام على مسافة ثمانية بريدات، كلّ بريد أربعة فراسخ، لها مزارع معمورة و حصون موفورة، بناها خيبر أخو يثرب من العمالقة الذي بنا المدينة، فسمّى كلّ بإسم بانيه، و قيل: خيبر في لغة اليهود بمعنى الحصن، فيقال لتلك الحصون خيابر من هذه الجهة.

و كان حصونها مسمّاة بثلاثة أسماء نوعيّة، الأوّل: حصن نطاة، و هي ثلاثة حصون: حصن الناعم، و حصن الصعب، و حصن القلة، الثاني: حصن الشق، و هي حصن اُبيّ و حصن البراء، و الثالث: حصن الكُتيبة- بصيغة التصغير- و هي حصن قموص، و حصن وطيح، و حصن سُلام- بضّ السين- و يقال له «سُلالم» أيضاً، و المجموع ثمانية حصون.

و في يوم فتح خيبر قدم جعفر بن أبي طالب، و قد كان هاجر من مكة إلى الحبشة في جمع قليل من المؤمنين مع ستة نفر من الأشعريّين منهم أبوموسى الأشعري، فاتفق قدوم جعفر إلى النبي (صلّى اللَّه عليه وآله) يوم فتح خيبر، فلمّا قدم جعفر عليه في خيبر يوم فتحها و بُشّر النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) بقدومه، قال: «واللَّه ما أدري بأيّهما أشدّ سروراً بقدوم جعفر أو بفتح خيبر»

[البحار 21: 23.]

فلمّا قدم وثب إليه رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) فالتزمه، و قبّل ما بين عينيه و قال: يا جعفر ألا أمنحك، ألا أعطيك، ألا أحبوك؟ فقال جعفر: بلى يا رسول اللَّه،

فظنّ الناس أنّه يعطيه ذهباً أو فضّة و تشرّفوا لذلك، فقال: ألا اُعلّمك صلاة إذا أنت صلّيتها و كنت فررت من الزحف، و كان عليك مثل زبد البحر و رمل عالج ذنوباً غفر لك؟ قال: بلى.

فعلّمه الصلاة المشهورة بصلاة جعفر الطيار، و هي أربع ركعات بتسليمتين في الركعة الأولى بعد الحمد الزلزلة، و في الثانية بعدها العاديات، و في الثالثة بعدها النصر، و في الرابعة بعدها التوحيد، و بعد القراءة في كلّ من الركعات خمس عشرة مرّة «سبحان اللَّه والحمدللَّه و لا إله إلّا اللَّه واللَّه أكبر» و في كلّ من الركوع و الرفع منه، و في كلّ من السجدات و الرفع منها قولها عشر مرّة

[جمال الأسبوع: 282.]، و أعطى لأصحاب جعفر من غنائم خيبر.

وروي أنّه لمّا ورد النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) مع أصحابه إلى حوالي خيبر، أرسل محيصة بن مسعود الحارثي إلى فدك ليدعو أهلها إلى الاسلام، و يحذّرهم عن مخالفة سيّد الأنام، فلمّا وصل محيصة إليهم، و بلّغ الرسالة من معدن الرسالة عليهم، و خوّفهم انّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) جاء إلى حربهم كما أتى إلى حرب أهل خيبر، فهم أجابوه بالكلام الخشن، و الجواب الغير الحسن، و اعتمدوا على شجعان خيبر و أبطالها، و انّ النبي (صلّى اللَّه عليه وآله) لا يمكنه فتحها بل يكون هناك مغلوباً، فيكون عن التوجّه إلى فدك محروماً.

و قالوا: إنّ عامراً و ياسراً و حارثاً و سيّد اليهود- يعنون مرحباً- في حصن نطاة، و معهم ألف مقاتل من الكماة

[الكميّ- كغنيّ-: الشجاع أو لابس السلاح/ القاموس.]، و ما نظنّ أن يقاومهم جيش محمّد و لا غيره، و لم يعلموا أنّ اللَّه غالب أمره، فأرادوا ردّ محيصة، و لمّا رأى أن لا ميل لهم في المصالحة و المسالمة أراد أن يرجع إلى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فتأمّل بعض عقلاء الجماعة في عاقبة المقدّمة، و خافوا من الوخامة و سوء الخاتمة، فتعلّلوا في الجواب بين النقض و الإبرام، و لم يدروا ما يلقون إليه من الكلام، حتى وصل إليهم

الخبر بعد ثلاثة أيّام أن فتحت خيبر بجيش سيّد الأنام عليه الصلاة والسلام.

فتقدّموا حينئذٍ بقدم الإعتذار، و أرسلوا إلى النبي المختار واحداً من أكابرهم مسمّى بنون بن يوشع مع جماعة كثيرة لتمهيد بساط المصالحة، و تأسيس بنيان المسالمة.

فلمّا تشرّفوا بخدمة سيّد الأنام، و تكلّموا بما يليق من الكلام، وقع القيل و القال في أمر المصالحة و كيفيّتها بالنقض و الإبرام، إلى أن انعقد المصالحة بينهم و بين رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) على أن يكون نصف أراضي فدك لرسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، و النصف الآخر لأهلها بأن لا يتعرّض النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) عليهم، و يعفو عنهم، و يقرّهم على دينهم.

فعامل رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) معهم بهذه المعاملة، و هم كانوا على تلك الحالة حتى أخرجهم عمر بن الخطاب في أيّام خلافته إلى الشام، بعد أن اشترى منهم النصف الذي كان حصّتهم بشي ء من بيت المال.

وروي أنّ النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) لمّا فتح خيبر أرسل عليّاً (عليه السّلام) إلى فدك، فصالح أهلها معه بأن يكون نصف أراضي فدك لرسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) مع الحوائط و الأبنية العالية الموجودة فيها، فصالح (عليه السّلام) معهم على هذا، فنزل جبرئيل بقوله تعالى: «فآت ذا القربى حقّه»

[الروم: 38.] فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): من ذا القربى و ما حقّه؟ قال جبرئيل: ذا القربى فاطمة، و حقّها ما كان لك من أراضي فدك و حوائطها.

فكتب (عليه السّلام) بذلك صكّاً و وثيقة و جعلها لفاطمة (عليهاالسّلام)، و هذه الوثيقة هي التي أتت بها فاطمة (عليهاالسّلام) إلى أبي بكر حين غصب فدكاً بعد رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، على ما سيجي ء تفصيله.

و في رواية اُخرى: إنّه لمّا سمع أهل فدك أنّ المسلمين قد صنعوا ما صنعوا بأهل خيبر، بعثوا إلى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) يسألونه أن يسيّرهم، و يخلّي

عنهم فيخلّوا له أموالهم، فقبل رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) ذلك منهم، ففعلوا كما فعلوا و تقبّلوا.

وروي أيضاً أنّ أهل خيبر لمّا ضاق عليهم الخناق طلبوا من رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) الأمان بأن يكون دماؤهم محقونة، و يترك لهم نساءهم و أولادهم، و يكون للنبي (صلّى اللَّه عليه و آله) أراضيهم و جميع أموالهم إلّا ثيابهم على أبدانهم، فصالح (صلّى اللَّه عليه و آله) على ذلك معهم، و لمّا سمع أهل فدك ذلك سألوا النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) أن يعامل معهم معاملتهم، ففعل (صلّى اللَّه عليه و آله) كذلك.

و في رواية اُخرى: إنّه لما بقيت بقيّة من أهل خيبر تحصّنوا و سألوا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) أن يحقن دماءهم و يسيّرهم ففعل، فسمع ذلك أهل فدك فكانوا على مثل ذلك، ثم قالوا له: إنّا بتعمير هذه الأراضي أولى من غيرنا، فسلّمها لنا نعمّرها على أن يكون نصف المنافع لنا و نصفها لك.

فرضي (صلّى اللَّه عليه و آله) بذلك، و عاقد معهم على ذلك، و شرط عليهم أن يخرجوا كلّما أراد خروجهم، فصار خيبر مال جميع المسلمين لما أوجفوا عليها من خيل و ركاب، و كان فدك مخصوصة بالنبي (صلّى اللَّه عليه و آله) دون المسلمين و سائر الأصحاب لحصول فتحها بلا منازعة، و لا قرع باب.

وروي عن الباقر (عليه السّلام) انّه لما فرغ النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) من أمر خيبر أراد إرسال الجيش إلى قلاع فدك، فعقد لواء و قال: من يأخذ هذا اللواء؟ فقام الزبير فردّه النبي (صلّى اللَّه عليه و آله)، ثمّ قام سعد فردّه أيضاً و قال: قم يا عليّ فإنّ هذا حقّك.

فأخذ عليّ (عليه السّلام) اللواء وصار إلى فدك، و صالح معهم على أن يحقن دماءهم و يكون أموالهم للنبي (صلّى اللَّه عليه و آله)، فصار قلاعهم و بلادهم و مزارعهم و بساتينهم للنبي (صلّى اللَّه عليه و آله)، دون أن يكون للمسلمين حقّ فيها، لأنّها ممّا لم يوجف عليها من خيل و لا ركاب، فنزل جبرئيل بقوله تعالى:

/ 83