لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




«في بيوت أذن اللَّه أن ترفع» و المراد من الإذن الأمر، و رفعها بناؤها و تعميرها كقوله تعالى: «بناها- رفع سمكها فسوّاها»


[النازعات: 27- 28.] و قوله تعالى: «و إذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت»


[البقرة: 127.]، أو المراد رفعها من حيث القدر بالتعظيم و نحوه أو بالذكر، و رفع الحوائج فيها إلى اللَّه و نحو ذلك.


«و يذكر فيها اسمه» هو عامّ فيما يتضمّن ذكره حتى المذاكرة في أفعاله و المباحثة في أحكامه، أو المراد ذكره بذكر أسمائه الحسنى، أو بتلاوة كتابه.


«يسبّح له فيها بالغدوّ و الآصال» ببنآء المعلوم في يسبّح أي يصلّي فيها بالبكر و العشايا، أي أوقات الغدوّ و العشاء، و قال ابن عباس: كلّ تسبيح في القرآن صلاة


[مجمع البيان/ سورة النور، عنه البحار 83: 4.]


و قيل: المراد بالتسبيح تنزيه اللَّه تعالى عمّا لا يجوز عليه، و وصفه بالصفات التي يستحقّها لذاته و أفعاله التي كلّها حكمة و صواب، و قُرئ: الأيصال أي الدخول في الأصيل، يقال: آصل كأظهر و أعتم، و قُرئ: يسبَّح (بفتح الباء) مجهولاً، كأنّه قيل: من يسبّح؟ فقال: «رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللَّه»


[النور: 37.]


و التجارة الشراء و البيع، و المراد بها هنا الشراء لذكر البيع بعدها، أو تخصيص بعد التعميم، أو المراد من التجارة الجلب، يقال: تجر في كذا إذا جلبه، و الربح يتعلّق بالبيع و يتوقّع بالشراء، و أقام الصلاة أصله اقامة، و التاء عوض عن العين المحذوفة فلمّا اُضيف جعل المضاف اليه بدل التاء، كما قيل: و أخلفوك وعد الأمر الذي وعدوا، و إيتاء الزكاة أي إخلاص الطاعة و الزكاة المفروضة.


في الفقيه عن الصادق (عليه السّلام) في هذه الآية: كانوا أصحاب تجارة، فإذا حضرت الصلاة تركوا التجارة و انطلقوا إلى الصلاة، و هم أعظم أجراً ممّن


لا يتّجر


[من لا يحضره الفقيه 3: 192 ح 3720، عنه البحار 83: 4، و تفسير الصافي 3: 437، و تفسير كنز الدقائق 9: 318، أورده صاحب مجمع البيان في سورة النور.]


و في الكافي قال: هم التجار الذين لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللَّه، إذا دخل مواقيت الصلاة أدّوا إلى اللَّه حقّه فيها


[الكافي 5: 154 ح 21، عنه البحار 83: 4، و تفسير الصافي 3: 437.]


و عن الصادق (عليه السّلام) انّه سأل عن تاجر ما فعل؟ فقيل: صالح و لكنّه قد ترك التجارة، فقال (عليه السّلام): عمل الشيطان- ثلاثاً- أما علم انّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) إشترى عيراً أتت من الشام، فاستفضل فيها ما قضى به دينه و قسّم في قرابته، يقول اللَّه عزّوجّل: «رجال لا تلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللَّه»


[النور: 37.] الآية، يقول القصّاص


[قال العلامة المجلسي (رحمه اللَّه) في مرآت العقول (19: 19) ما لفظه: القصاص رواة القصص و الأكاذيب، عبّر (عليه السّلام) عن مفسّري العامة و علمائهم به لابتناء امورهم على الأكاذيب.]: إنّ القوم لم يكونوا يتّجرون، كذبوا و لكنّهم لم يكونوا يدعون الصلاة في مواقيتها، و هو أفضل ممّن حضر الصلاة و لم يتّجر


[الكافي 5: 75 ح 8، عنه البحار 83: 4، و تفسير الصافي 3: 437، و تفسير كنز الدقائق 9: 316.]


«يخافون يوماً» مع ما هم عليه من الذكر و الطاعة و عدم الغفلة، «تتقلّب فيه القلوب و الأبصار» أي تضطرب و تتغيّر من الهول، أو تزعج القلوب و تشخص الأبصار، أو تنقلب حالاتهما فلا يفهم القلب و لا تبصر العين، أو يفهم القلب مالم يكن يفهم و تبصر العين مالم تكن تبصر، أو تتقلّب القلوب من توقّع النجاة و خوف الهلاك، و الأبصار من أيّ ناحية يؤخذ بهم و يؤتى كتابهم.


أو تنقلب من حال إلى حال فتلفحها النار ثم تنضجها ثمَّ تحرقها، أو تتقلّب بين طمع النجاة و خوف الهلاك، و تتقلّب الأبصار يمنة و يسرة، أو تتقلّب القلوب ببلوغها الحناجر، و الأبصار بالعمى بعد البصر، أو تتقلّب القلوب من الشك إلى


اليقين و الإيمان، و الأبصار عمّا كانت تراه غيّاً فتراه رشداً، فمن كان شاكّاً في دنياه أبصر في آخرته، و من كان عالماً ازداد بصيرة و علماً، فهو مثل قوله تعالى: «فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم الحديد»


[ق: 22.]


«ليجزيهم اللَّه» متعلّق بيسبّح، أو لا تلهيهم، أو يخافون، «أحسن ما عملوا» أي أحسن جزاء ما عملوا، «و يزيدهم من فضله» أشياء لم يعدهم على أعمالهم، و لا تخطر ببالهم، قال تعالى: «للذين أحسنوا الحسنى و زيادة»


[يونس: 26.]


«و اللَّه يرزق من يشآء بغير حساب» و هو ما يتفضّل به، و أمّا الثواب فله حساب لكونه على حسب الإستحقاق، و هذا تقرير للزيادة، و تنبيه على كمال القدرة، و نفاذ المشيئة، و سعة الإحسان.


في تسميتها بسيدة النسآء



و منها سيّدة النسآء، و قد ورد في أخبار كثيرة من طرق الخاصة و العامة، فعن العباس، عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) انّه قال: إبنتي فاطمة سيدة نسآء العالمين


[أمالي الصدوق: 245 ح 12 مجلس 49، عنه البحار 43: 22 ح 63، و العوالم 11: 126 ح 20، و إحقاق الحق 5: 41، و الفردوس 3: 161 ح 4283.]


و عن الحسن بن زياد العطّار قال: قلت للصادق (عليه السّلام): قول رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): فاطمة سيّدة نسآء أهل الجنّة اُمّ سيّدة نسآء عالمها؟ قال: ذاك مريم و فاطمة سيّدة نسآء أهل الجنة من الأولين و الآخرين، فقلت: قول رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): الحسن و الحسين سيّدا شباب أهل الجنّة؟ قال (عليه السّلام): و اللَّه سيدا شباب أهل الجنّة من الأولين و الآخرين


[أمالي الصدوق: 109 ح 7 مجلس 26، عنه البحار 43: 21 ح 10، و مناقب ابن شهرآشوب 3: 323.]


و عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في رواية رواها في كشف الغمة انّه قال: حسبك من نسآء العالمين مريم بنت عمران، و خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت


محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، و آسية امرأة فرعون


[كشف الغمة 2: 77، عنه البحار 43: 51 ح 48، و المناقب لابن المغازلي: 363 ح 409، المعجم الكبير 22: 402 ح 1003، الفصول المهمة: 143، ذخائر العقبى: 43، مستدرك الحاكم 3: 171 ح 4745، صحيح مسلم 5: 703، مناقب ابن شهرآشوب 3: 322، تهذيب التهذيب 12: 469 ح 2860، كفاية الطالب: 363، احقاق الحق 10: 58.]


و في الخبر عن عائشة انّها قالت يوماً لفاطمة (عليهاالسّلام): ألّا اُبشرّك؟ انّي سمعت النّبي (صلّى اللَّه عليه و آله) يقول: سيّدات نسآء أهل الجنّة أربع: مريم بنت عمران، و فاطمة بنت محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، و خديجة بنت خويلد، و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون


[كشف الغمة 2: 77، عنه البحار 43: 51 ح 48، و العوالم 11: 119 ح 5، و نحوه في الفصول المهمة: 143، و شرح النهج لابن أبي الحديد 1: 266، و كنز العمال 12: 144 ح 34406.]


و عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) انّه قرأ قوله تعالى: «إنّ اللَّه اصطفاك و طهّرك»


[آل عمران: 42.] الآية فقال: يا عليّ خير نساء العالمين أربع: مريم بنت عمران، و خديجة بنت خويلد، و فاطمة بنت محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، و آسية بنت مزاحم.


و في الخبر الآخر: إنّ كلاًّ من الأربعة سيّدة نسآء عالمها إلّا فاطمة، فإنّها سيّدة النسآء في الدنيا و الآخرة من الأولين و الآخرين.


و من كتاب مولد فاطمة لابن بابويه عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) انّه قال: إشتاقت الجنّة إلى أربع من النسآء: مريم بنت عمران، و آسية بنت مزاحم زوجة فرعون، و هي زوجة النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في الجنّة، و خديجة بنت خويلد زوجة النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في الدنيا و الآخرة، و فاطمة بنت محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)


[كشف الغمة 2: 94، عنه البحار 43: 53 ح 48.]


و في خبر آخر إنّ مريم و آسية و خديجة و كلثوم اُخت موسى أو اُمّ يحيى،


هؤلاء الأربعة من أزواج النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في الجنّة


[راجع تفسير نور الثقلين 5: 377.]، و ليس في الجنّة لعليّ (عليه السّلام) زوجة غير فاطمة (عليهاالسّلام).


و عن عائشة: ما كان من الرجال أحبّ إلى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) من عليّ، و لا من النسآء أحبّ إليه من فاطمة، و انّ يوماً أقبلت فاطمة تمشي لا و اللَّه الذي لا إله إلّا هو ما تكلّمت فاطمة معه في شي ء، فقال لها: أما ترضين أن تأتي يوم القيامة سيدة نسآء العالمين.


و في خبر آخر: سيدة نسآء هذه الاُمّة


[نحوه أمالي الطوسي: 333 ح 669، عنه البحار 43: 23 ح 19، و العوالم 11: 129 ح 24.]


و عن ابن عباس انّه قال: إنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) كان جالساً ذات يوم و عنده عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين (عليهم السّلام)، فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): اللهمّ إنّك تعلم انّ هؤلاء أهل بيتي، و أكرم الناس عليّ، فأحبب من أحبّهم، و أبغض من أبغضهم، و وال من والاهم، و عاد من عاداهم، و أعن من أعانهم، و اجعلهم مطهّرين من كلّ دنس، معصومين من كلّ ذنب، و أيّدهم بروح القدس منك.


ثمَّ قال: يا عليّ أنت إمام اُمتي- إلى أن قال:- و كأنّي أنظر إلى بنتي فاطمة قد أقبلت يوم القيامة على نجيب من نور، عن يمينها سبعون ألف ملك، و عن يسارها كذلك، و كذلك بين يديها و خلفها، تقود مؤمنات اُمتي إلى الجنّة، و انّها لسيّدة نسآء العالمين من الأولين و الآخرين، و انّها لتقوم في محرابها فيسلّم عليها سبعون ألف من الملائكة المقرّبين، فيقولون لها ما قالوا لمريم: يا فاطمة إنّ اللَّه اصطفاك و طهّرك و اصطفاك على نسآء العالمين


[أمالي الصدوق: 393 ح 18 مجلس 73، عنه البحار 43: 24 ح 20 العوالم 11: 128 ح 23.]


و عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): الحسن و الحسين خير أهل الأرض بعدي و بعد أبيهما، و امّهما أفضل نسآء أهل الأرض


[البحار 43: 19 ح 5، عن عيون أخبار الرضا (عليه السّلام).]


و عن أبي حمزة، عن الباقر (عليه السّلام) في قوله تعالى: «إنّها لإحدى الكبر- نذيراً للبشر»


[المدثر: 35- 36.] قال: يعني فاطمة


[تفسير القمّي 2: 396، البحار 43: 23 ح 16، العوالم 11: 98 ح 4، تفسير البرهان 4: 402 ح 1، تفسير كنز الدقائق 14: 27.]


و عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): يا عليّ إنّ اللَّه عزّوجلّ أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين، ثمَّ اطلع الثانية فاختارك على رجال العالمين، ثمَّ اطلع الثالثة فاختار الأئمة على رجال العالمين بعدك، ثمَّ اطلع الرابعة فاختار فاطمة على نسآء العالمين


[الخصال: 206 ح 25 باب الأربعة، عنه البحار 43: 26 ح 24.]


و في خبر طويل ذكر فيه نزول المائدة على فاطمة (عليهاالسّلام)، فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): الحمد للَّه الذي لم يخرجني من الدنيا حتى رأيت في إبنتي ما رأى زكريّا في مريم بنت عمران، فقالت فاطمة: يا أبة أنا خير أم مريم؟ فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): أنت في قومك و مريم في قومها


[سعد السعود: 91، عنه البحار 43: 76.] أي كلّ منكما خير، فبقي الكلام بالنسبة إلى كون فاطمة خيراً من مريم في محلّ السكوت، و حكمه يستفاد من الأخبار السابقة العامّة أو المطلقة.


و روى حذيفة اليمان قال: قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): هذا ملك لم ينزل قطّ إلى الأرض قبل هذه الليلة، إستأذن ربّه أن يسلّم عليّ و يبشّرني بانّ فاطمة سيّدة نسآء أهل الجنّة


[أمالي الطوسي: 84 ح 127، عنه البحار 37: 39 ح 10، و نحوه المعجم الكبير 22: 403 ح 1005، مستدرك الحاكم 3: 164 ح 4721، صحيح الترمذي 5: 660 ح 7381، كنز العمال 12: 96 ح 34158، حلية الأولياء 4: 190، كفاية الطالب: 422، فرائد السمطين 2: 20 ح 363، مقتل الحسين للخوارزمي: 55. مسند أحمد 5: 391.]


و عن الباقر (عليه السّلام) في قوله تعالى: «و ما خلق الذكر و الاُنثى»


[الليل: 3.] انّه


قال: الذكر أميرالمؤمنين (عليه السّلام) و الاُنثى فاطمة (عليهاالسّلام)


[مناقب ابن شهرآشوب 3: 320، عنه البحار 43: 32، و العوالم 11: 98 ح 3، و نحوه تفسير الصافي 5: 336، و تفسير كنز الدقائق 14: 305.]


و هذا أيضاً يدلّ أيضاً بالإستلزام أنّ فاطمة (عليهاالسّلام) سيّدة نسآء العالمين، فإنّ تخصيص فاطمة (عليهاالسّلام) بلفظ الاُنثى اما أن يكون لأنّه ليس في العالم اُنثى غيرها و ليس كذلك، أو لأنّها أكمل الأفراد و أشرفها و أفضلها و هو المطلوب، و هذا الكلام يجري في الذَكَرِ أيضاً بالنسبة إلى عليّ (عليه السّلام).


و روي عن ابن عباس، عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) انّه قال: فاطمة سيّدة نسآء العالمين ما خلا مريم بنت عمران


[الفردوس 3: 145 ح 4388، عنه البحار 43: 76، و مناقب ابن شهرآشوب 3: 323.]


و عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): فاطمة خير نسآء أهل الجنّة إلّا ما كان من مريم بنت عمران


[كشف الغمة 2: 78، ذخائر العقبى: 43، مستدرك الحاكم 3: 168 ح 4733، الاستيعاب 4: 375، الإصابة 4: 378، نظم درر السمطين: 178، تهذيب التهذيب 12: 469 ح 2860.]


و في خبر آخر: إلّا ما كان لمريم بنت عمران


[كشف الغمة 2: 83، العوالم 11: 136 ح 48، مسند فاطمة للسيوطي: 55 ح 130.]


و في خبر آخر مشهور: إنّ فاطمة خير نسآء العالمين إلّا ما ولدته مريم


[العوالم 11: 134 ح 42، عن مصباح الأنوار.]


إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الدالة على كونها سيّدة النسآء، بالعبارات المختلفة، و المضامين المتقاربة.


بيان: لا إشكال في كونها سيّدة النسآء في الدنيا و العقبى، و كونها سيّدة نسآء أهل الجنّة كما ورد في الروايات يفيد ذلك أيضاً، إذ جميع النسآء المؤمنات نسآء أهل الجنّة من الأولين و الآخرين، فتكون سيّدة نسآء العالمين، و أمّا نسآء أهل النار فهنّ ساقطات عن درجة الإعتبار، و يلزم من سيادتها على نسآء أهل الجنّة كونها سيّدة نسآء أهل النار أيضاً بالأولويّة، إذ المراد من ذلك كونها حاكمة


عليهنّ، نافذة الحكومة فيهنّ.


و حقيقة السيادة كون المسود صادراً عن أمر السيّد و نهيه، و هذا المعنى بإطلاقه شامل على الأوامر و النواهي التشريعيّة و التكوينيّة، فتكون خلقة جميع النسآء أيضاً بوساطة فاطمة (عليهاالسّلام)، بل بناء على ما اُشير إليه سابقاً ممّا قرّره أهل الحكمة أنّ جميع أنواع الذكور اُنثى بالنسبة إلى من هو مؤثّر فيهم باعتبار صفة التأثّر و الإنفعال، فيعمّ سيادتها على جميع ذرّات الموجودات من الأولين و الآخرين سوى الأنوار المعصومين (عليهم السّلام).


ثمَّ إنّ العالم إسم لما يُعلم به الشي ء مطلقاً كالخاتم لما يختم به، و القالب لما يقلب به، و سمّى ما سوى اللَّه عالماً من جهة انّه يَعلم به الباري سبحانه، و يسمّى كلّ جماعة من شي ء عالماً فيقال: جاءني عالم من البقرة أو الإنسان مثلاً، بل يسمّى كلّ جزء من أجزاء العالم أيضاً عالماً، إذ كلّ درّة و ذرّة من حيث انّه أثر يدلّ على المؤثّر، إذ الشي ء و لو كان جزئيّاً لا يوجد نفسه لاستحالته، و كذا لو كان كلّياً لاستحالته، فلابد له من موجد يوجده، إذ كون الشي ء مطلقاً موجداً لنفسه يستلزم تقدّم الشي ء على نفسه، فكلّ شي ء يدلّ بوجوده على موجده، و لذا قيل:




  • فوا عجبا كيف يُعصى الإله
    ففي كلّ شي ء له آية
    تدلّ على أنّه واحد



  • أم كيف يجحده الجاحد
    تدلّ على أنّه واحد
    تدلّ على أنّه واحد




فكلّ جزءٍ و جزئيّ، و كلٍّ و كلّيّ عالم، فيصير هذا الإسم شاملاً لجميع ذرّات الكائنات من الأجزاء و المركبات و الجزئيّات و الكلّيّات، و جميع الأصناف و الأنواع، و كلّ جنس من الأجناس من الجواهر، و الأعراض، و العقول، و الأرواح، و النفوس، و الأشباح.


و إذا جمع العالم على العوالم فيعمّ العاقل و غير العاقل، و إذا جمع على العالمين- بالواو و النون


[أو الياء و النون في حالتي الجرّ و النصب.

- اختصّ بذوي العقول، و يجوز التعميم لغيرهم أيضاً من باب التغليب، و قول بعضهم: «إنّ العالمين إسم جمع مختصّ بالعقلاء و لا واحد له» لا


وجه له، كقول من قال: إنّ العالم أيضاً مختصّ بمن يعقل، و الظاهر من الآيات و الأخبار تعدّد العوالم الظاهريّة و الباطنيّة.


لكن ذهب أكثر المتكلّمين إلى انّ العالم هو الجسماني المنحصر في الفلكي العلوي و العنصري السفلي.


و عن بعض العارفين: إنّ المصنوع إثنان: عالم الماديّات، و عالم المجرّدات، و الكائن في الأوّل هو الجسم، و الفلك و الفلكيّات، و العنصر و العنصريّات، و العوارض اللازمة له، و في الثاني الملائكة المسمّاة بالملأ الأعلى، و العقول و النفوس الكلّية، و الأرواح البشريّة المسمّاة بالنفوس الناطقة، إنتهى، و يمكن تطبيق كلّ ذلك على ما هو الحقّ في الواقع و الحقيقة.


و قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «فاطمة سيّدة نسآء العالمين ما خلا مريم بنت عمران» ينافي أكثر الأخبار الواردة الظاهرة في أنّها سيّدة نسآء العالمين بلا استثناء شي ء، بل صرّح به في بعضها كقوله (صلّى اللَّه عليه و آله): (من الأولين و الآخرين).


و يمكن توجيه الخبر المذكور بجعل (ما) نافية، و حينئذٍ امّا أن يجعل مريم مفعولاً أي ما تجاوز هذا التفضيل عن مريم، أو ما تجاوز بعضهنّ عنها، أو فاعلاً أي لم تخل مريم أيضاً من هذا التفضيل، فتكون هي أيضاً داخلة في المفضّل عليهنّ.


و التذكير حينئذٍ في الفعل المسند إلى المؤنّث الحقيقي امّا بناء على جوازه عند الإسناد إلى الظاهر، أو جعلها للشرف بمنزلة المذكر، أو لأنّها لم تتزوّج فكأنّها ليست بمؤنّث، أو لأنّ «ما خلا» يستعمل غالباً في مقام الإستثناء، فلا يتبدّل حاله كما قرّر في الكتب النحويّة، لئلّا يتغيّر الصورة الإستثنائيّة، و إن كان يجعل (ما) حينئذٍ زائدة أو مصدريّة لا نافية، إلّا انّ الصورة واحدة فأجرى عليه حكم الحالة الغالبة، أو انّ (خلا) هنا من الأفعال الجامدة الصرفة.


أو المراد إستثناء مريم من المفضوليّة الكاملة، و من كونها مساوية لسائر


النسآء، من جهة انّ اللَّه تعالى خصّها أيضاً بهذه الصفة في قوله: «إذ قالت الملائكة يا مريم إنّ اللَّه اصطفاك و طهّرك و اصطفاك على نسآء العالمين»


[آل عمران: 42.]]


أو المراد إستثناء مريم حقيقة، و عدم تفضيل فاطمة (عليهاالسّلام) عليها في هذه الرواية من باب المصلحة، حيث ارتكز في الأنظار لظاهر الآية انّ مريم أيضاً بهذه الصفة، فلعلّه (صلّى اللَّه عليه و آله) لو لم يستثنها وقع في التهمة بأنّ النّبيّ إنّما يفضّل فاطمة كذلك من جهة المحبّة، أو إرادة كونها سيّدة مجازيّة لا حقيقيّة.


أو كان ذلك موجباً لعداوة النصارى و نحو ذلك، فيكون مراده (صلّى اللَّه عليه و آله) انّي أستثني في تفضيلي هذا مريم، و أحكم فيها بعدم المفضوليّة، أو أجعلها في محلّ السكوت في تلك الجملة، على الخلاف في انّ الإستثناء من الإثبات نفي أو في محلّ السكوت و كذا الإستثناء من النفي.


أو يكون قوله: «ما خلا مريم» من كلام الراوي، أي ما استثنى النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) مريم أيضاً، كما قيل بذلك في الخبر المشهور عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) انّه قال: «اُسامة أحبّ الناس إليّ ما حاشا فاطمة» حيث قيل: إنّ لفظ (ما حاشا) من الراوي بمعنى انّ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) ما استثنى فاطمة، و ذلك بقرينة ما في خبر الآخر: «ما حاشا فاطمة و لا غيرها» مع صحّة جعله إستثناء أيضاً، فيكون لفظه (و لا غيرها) بمعنى لا استثنى غير فاطمة.


و أمّا قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «فاطمة خير نسآء أهل الجنّة إلّا ما كان لمريم أو من مريم» فمعناه القريب انّ فاطمة أفضل في جميع الصفات الكاملة للنسآء إلّا صفة كمال كانت لمريم و هو كونها سيّدة النسآء، ففاطمة (عليهاالسّلام) في هذه الصفة ليست بأفضل منها، بل مساوية لها في ذلك و لو بحسب مجرّد صدق الإسم بلا تفاوت في ظاهر الصورة، حيث انّ مريم أيضاً سيّدة النسآء كما انّ فاطمة سيّدة النسآء، و يجوز بعض توجيهات اُخر تظهر لمن تأمّل و تدبّر.


و أمّا قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «فاطمة خير نسآء العالمين إلّا ما ولدته


/ 83