لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




فذهب عليّ (عليه السّلام) إلى السوق ليبيعها، فلقيه عثمان بن عفان فاطلع على الحال، فساومه عليها فباعها عليّ (عليه السّلام) منه بأربعمائة درهم سود هجريّة، و أخذ الدراهم منه و أعطاه الدرع، فلمّا استقرّت الدرع في يد عثمان و أراد عليّ (عليه السّلام) أن يرجع قال عثمان: يا أباالحسن لستُ أولى منك بالدرع و أنت أولى منّي بالدراهم، فقال عليّ (عليه السّلام): بلى يا عثمان، فقال عثمان لعليّ (عليه السّلام): الدراهم لك والدرع هديّة منّي إليك.


فأخذ عليّ (عليه السّلام) الدرع و الدراهم و رجع إلى النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، فطرح الدرع و الدراهم بين يديه، و أخبره بما كان من عثمان في بيع الدرع و ردّها عليه


[المناقب للخوارزمي: 349 ح 364، عنه كشف الغمة 1: 368، البحار 43: 129 ح 32.]


و في رواية اُخرى: إنّ عليّاً (عليه السّلام) لمّا أخذ الدرع إلى السوق ليبيعها على ما أمر به النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) لقيه شخص أعرابي، فقال: يا عليّ تبيع الدرع؟ فقال: نعم، قال: هذه درع ثمينة؟ فقال: نعم، قال: بكم؟ قال: بخمسمائة درهم، فأخرج الأعرابي من كمّه خمسمائة درهم و أعطاها عليّاً (عليه السّلام) و أخذ الدرع و ذهب.


فلمّا جاء عليّ بالدراهم و طرحها بين يدي النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) فقال: يا عليّ ممّن بعت الدرع؟ قال: لأعرابيّ لم أعرفه، قال (صلّى اللَّه عليه و آله): لم يكن هو أعرابيّاً و إنّما كان هو جبرئيل، و قد أتى بالدرع إليّ قبلك فها هي درعك، و هذا من فضل اللَّه عليك


[تفسير روض الجنان 14: 258/ سورة الفرقان.]


و بالجمة فلمّا سبك


[أي أفرغها.] الدراهم بين يدي النبي (صلّى اللَّه عليه و آله)- و على الرواية الاُخرى: في حجره- قبض رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) منها قبضة و أعطاها بلالاً و قال: إبتع بها لفاطمة طيباً، وروي أنّه (صلّى اللَّه عليه و آله) أعطى


هذه القبضة لاُمّ أيمن أو لأسماء بنت عميس، و أعطى قبضة اُخرى لأمّ سلمة لتشتري بعض ما يصلح للمرأة، و قبض قبضتين أعطاهما أبابكر و قال: إبتع لفاطمة ما يصلحها من الثياب و أثاث البيت و غيرها، و أردفه بسلمان و عمّار بن ياسر و بعدّة من أصحابه، قال أبوبكر: و كان الدراهم التي أعطانيها النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) في هذه المصلحة ثلاثة و ستين درهماً، أو تسعة و ستين.


فحضروا السوق و اشتروا ما اُمروا به، فكان ممّا اشتروه قميص بسبعة دراهم، و خمار بأربعة دراهم، و قطيفة سوداء خيبريّة، و سرير مزمّل بشريط، و فراشين من خيش مصر حشو أحدهما ليف و حشو الآخر من جزّ


[الجزز: الصوف لم يستعمل بعدما جُزّ/ لسان العرب.] الغنم، و أربع مرافق من أدم الطائف حشوها إذخر


[الإذْخِرُ: حشيش طيّب الريح أطول من الثيل ينبت على نبتة الكولان، واحدتها إذخرة، و هي شجرة صغيرة/ لسان العرب.]، و ستر من صوف، و حصير هجري، و رحاء لليد، و مخضب من نحاس، و سقاء من أدم، و قعبٌ للّبن، و شنّ للماء، و مطهرة مزفّتة، و جرّة خضراء، و كيزان خزف، و نطع من أدم، و عباء قطواني


[أمالي الطوسي: 40 ح 45، عنه البحار 43: 94 ح 5.]


فحمل أبوبكر بعض المتاع و سائر الأصحاب البعض الآخر، فجاؤوا بها إلى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و هو في حجرة اُمّ سلمة، فلمّا وضع الأمتعة عنده فجعل يقلّب المتاع بيده و يقول: بارك اللَّه لأهل البيت فيه، ثمّ رفع رأسه إلى السماء فقال: اللَّهُمّ بارك لأقوام جُلّ آنيتهم الخزف، اللَّهمّ بارك لآل محمّد في جهازهم، و سلّم (صلّى اللَّه عليه و آله) ما بقي من الدراهم لاُمّ سلمة و قال: احفظيها لأمر زفاف عليّ و فاطمة


[تفسير روض الجنان 14: 259/ سورة الفرقان.]


قال عليّ (عليه السّلام): فأقمت بعد ذلك شهراً اُصلّي مع رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و أرجع إلى منزلي، و لا أذكر شيئاً من أمر فاطمة استحياء من


رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) مع غاية شوقي عليها، و اشتغال قلبي بها، و كان رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) كلّما لقيني قال: زوّجتك خير النساء، و نعم الزوجة زوجتك.


و كنت كذلك إلى أن قال لي أخي عقيل و غيره: ألا تطلب من رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) دخول فاطمة عليك لتقرّ عيوننا باجتماع شملكما؟ فقلت: استحيي أن اُواجه بذلك رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و هو أعلم بالحال، إلى أن قلن لي أزواج رسول اللَّه مثل ذلك فأجبت بمثل الجواب، فقلن: نحن نطلب ذلك لك من رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فقلت: افعلن.


فدخلن عليه، فقالت اُمّ أيمن و اُمّ سلمة: يا رسول اللَّه أقرّ عين فاطمة ببعلها، واجمع شملهما، وقرّ عيوننا بذلك.


و في رواية اُخرى: إنّ النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) لمّا رأى اجتماع النساء عنده قال: لم إجتمعتنّ؟ قلن: لأمر لو كانت خديجة في حال الحياة لقرّت عينها بذلك، فلمّا سمع النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) إسم خديجة قال: و أين مثل خديجة؟! صدّقتني مع تكذيب الناس لي، و آنستني عند استيحاش الناس منّي، و قوّتني على دين اللَّه، و واستني في سبيل اللَّه، و ساعدتني بأموالها، و أسرّتني بأحوالها، و أوحى اللَّه إليّ أن اُبشّرها بدار لها في الجنة من الزمرد الأخضر، و اُخرى من قصب كعابها من الذهب، ليس فيها تعب و لا نصب.


فقالت النساء: يا رسول اللَّه كانت خديجة أفضل ممّا ذكرت، و أجمل ممّا وصفت، إلّا أنّها اختارت جوار رحمة ربّها، فحشرنا اللَّه تعالى معها، يا رسول اللَّه انّ علياً أخاك و ابن عمّك يريد أن تجمع شمله بفاطمة ابنتك.


قال (صلّى اللَّه عليه و آله): فما بال عليّ لا يطلب هو منّي زوجته، فقد كنّا نتوقّع منه هذه المسألة؟ قلن: يا رسول اللَّه الحياء يمنعه من ذلك، فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): يا اُمّ أيمن اُدعي لي عليّاً، فدعته و هو مترصّد للجواب و أنّه


ما يقول النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) في هذا الباب


[تفسير روض الجنان 14: 260/ سورة الفرقان.]


فأتت اُمّ أيمن بالخبر، فجاء عليّ (عليه السّلام) على الأثر، فسلّم عليه و جلس بين يديه، و هو مطرق من الحياء غير رافع رأسه إلى السماء، فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): يا عليّ أتُريد أن أعطيك زوجتك؟ قال: بلى يا رسول اللَّه حبّاً و كرامة، فقال: فما منعك عن طلب ذلك؟ فقال عليّ (عليه السّلام): الحياء يا رسول اللَّه.


فالتفت رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) إلى النساء و قال: هيّئن لابنتي و ابن عمّي بيتاً في حُجَري، فقالت اُمّ سلمة: في أيّ حجرة يا رسول اللَّه؟ فقال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): في حجرتك يا اُمّ سلمة.


و أمر النساء أن يزيّنّ و يصلحن من شأن فاطمة، فقال النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) لاُمّ سلمة: ايتيني بالدراهم التي أعطيتكها لأمر علي و فاطمة فجاءت بها، فقبض النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) قبضة منها و أعطاها عليّاً و قال: إشتر بها سمناً و زيتاً، و اصنع لأهلك طعاماً فاضلاً، فعليك السمن و التمر و من عندنا اللحم والخبز، و أعطى (صلّى اللَّه عليه و آله) قبضة منها لعمر و قال: إشتر بها طيباً و ألبسة.


فذهبا الى السوق للشراء، فاشتريا و أتيا بما اُمرا، و أمر هو من عنده بكبش سمين و خبز كثير، فأمر عليّاً (عليه السّلام) بذبح الكبش و اشتغل بشدخ


[الشدخ: الكسر في كلّ شي ء رطب/ لسان العرب.] التمر في السمن لاتخاذ الحيس


[الحيس: الأَقِطُ يخلط بالتمر و السمن/ لسان العرب.] حتى حضر الطعام، فأمر بدعوة الناس للاطعام


[البحار 43: 131 ح 32.]


مجي ء الأصحاب بالتحف و الهدايا



وروي في رواية طويلة أنّه أتى الأصحاب حينئذٍ أيضاً بتحف و هدايا كثيرة،


فجاء سعد بن معاذ بإبل و بقر و عشرة أغنام، و سعد الربيع بإبل و عشرة أغنام، و سعد (بن خَيْثَمة)


[أثبتناه من تفسير روض الجنان، و في المتن كلمة غير مفهومة.] بإبلين، و أبوأيّوب الأنصاري بغنم و مائة رطل تمر، و خارجة بنت زيد بإبل و بقر و أربعة أغنام، و عبدالرحمن بن عوف بخمسمائة رطل من التمر، و عشرين غنماً، و أرطال من السمن


[تفسير روض الجنان 14: 261/ سورة الفرقان.]


و جاء كلّ من الصحابة بشي ء من التحف و الهدايا إلى أن اجتمع هدايا كثيرة، و كان النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) يقبل الهديّة، و يعطي في مقابلها عوضاً، و يردّ الصدقة.


فأمر (صلّى اللَّه عليه و آله) بطحن البرّ و الخبز بقدر ما يكفي للأمر، فاشتغل الأصحاب باصلاح الأمور من كلّ باب، و أمر عليّاً بنحر الإبل و ذبح البقر و الغنم، فكان (عليه السّلام) يذبح و يسلخ و ينحر، و كان النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) يفصّل و يقطع، فلم يسفر الصبح إلّا وقد فرغا من عمل اللحم، ولم ير على يده أثر الدم


[تفسير روض الجنان 14: 261/ سورة الفرقان.]


و قال (صلّى اللَّه عليه و آله) لأصحابه: أعينونا بأبدانكم و ساعدونا بأعمالكم، فوضعوا القدور و الجوابي، و أحضروا الظروف و الأواني، و لمّا رأى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) جدّهم و اجتهادهم في الفعل و العمل قال: اللَّهُمّ أعنهم على طاعتك، ولا تؤيسهم من رحمتك، و لا تخلهم من فضلك، فلمّا فرغوا من الطبخ وتهيئة الأمر قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): يا عليّ اُدع إلى الوليمة من أحببت من أهل المدينة


[تفسير روض الجنان 14: 262/ سورة الفرقان.]


و في رواية اُخرى: اُدع جملة المهاجرين و الأنصار، و لا تدع أحداً من الكبار و الصغار، فقال عليّ (عليه السّلام): إنّ القوم متفرّقون في البساتين و البراري والقفار و الصحاري، فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): إصعد على السطح أو موضع عال


وناد: أيّها الناس أجيبوا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فإنّ اللَّه تعالى يوصل بذلك لكلّ أحد من الفريقين، و لو كان بينك و بينه بعد المشرقين لكرامتي على اللَّه رب العالمين، كما بلّغ نداء إبراهيم (عليه السّلام) بالحج لكلّ أحد من الأوّلين و الآخرين في قوله تعالى: (و أذّن في الناس بالحج يأتوك رجالاً...)


[الحج: 27.] الآية، ففعل عليّ كذلك، فأجاب جميع الناس بقولهم: لبيك يا داعي رسول اللَّه وسعديك


[المصدر نفسه.]


و في رواية اُخرى أنّه (صلّى اللَّه عليه و آله) لما أمر عليّاً (عليه السّلام) بدعوة الناس إلى وليمة فاطمة، أتى عليّ (عليه السّلام) إلى المسجد و هو مشحون بالصحابة، فاستحيى أن يدعو قوماً و يدع قوماً، فصعد على ربوة هناك و نادى: أجيبوا وليمة فاطمة.


فأقبل الناس إرسالاً من النخلات و الزروع، فبُسط في المسجد النطوع، و اجتمع الناس من كلّ جانب، و ازدحموا من الأطراف و الجوانب، كأنّهم جراد منتشر مهطعين إلى الداعي.


فاستحيى عليّ (عليه السّلام) من كثرة الناس و قلّة الطعام، فعلم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) ما واصله فقال: يا عليّ سأدعو اللَّه بالبركة، فأكل القوم عن آخرهم و شربوا و دعوا بالبركة و صدروا، و هم أكثر من أربعة الآف، و لم ينقص شي ء من الطعام.


ثم دعا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) بالصحاف فملئت بأمره، و وجّهت إلى منازل أزواجه و منزل فاطمة، و كلّ من أراد أن يأخذ شيئاً من طعام الوليمة أخذه، و بقي طعام كثير من بركة دعاء رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، ثم عادوا مرّة ثانية فأكلوا باقي الطعام


[البحار 43: 95 ح 5.]


و لم يبق هناك شي ء من تحف الأصحاب الكرام من الإبل و البقر و الأغنام إلّا


غنم لأبي أيّوب الأنصاري حيث لم يذبح و لم يطعم، فقال: يا رسول اللَّه ما بال هذا الغنم هل هو مبغوض عنداللَّه، أو مستحقر عند رسول اللَّه، أو أنّ لحمه حرام فلم يصرف في الإطعام، فواللَّه لم يكن لي غيره و إلّا لفديت به؟!


فقال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): يا أباأيّوب انّ علياً أراد أن يذبحه فنزل جبرئيل فقال: لا تذبحه فإنّ له شأناً البتة، ثمّ أمر النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) يزيد بن جبير الأنصاري أن يذبحه و يسلخه، و يفصل لحمه و يطبخه دون أن يكسر عظمه، ففعل كذلك فأمر النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) بنداء الأصحاب مرّة ثالثة، فاجتمعوا جملة فأكلوا و شبعوا قاطبة، ثم جمع (صلّى اللَّه عليه و آله) عظامه في جلده ودعا اللَّه تعالى باحيائه، فقام الغنم حيّاً.


و نزل جبرئيل و قال: إنّ اللَّه تعالى يقرئك السلام و يقول: «لو أردت منّي أن اُزيل عن محلّه جميع الدنيا شرقاً و غرباً، و سهلاً و جبلاً، و برّاً و بحراً لفعلت، و لو أردت أن اُعيد جميع ما مضى من الأوّلين لفعلت، من جهة بركة الأسماء الكريمة التي بها دعوت».


فقال النبي (صلّى اللَّه عليه و آله): إنّ اللَّه أحيى هذا الغنم لأردّه إلى أبي أيّوب حيث أنّه فقير لا مال له، و قال له: يا أباأيّوب اُنظر أنّه هل هو غنمك أو غيره؟ فتأمّل أبوأيّوب فقال: هو هو بلا تغيير بالمرّة، لأنّه كان إحدى عينيه سوداء و الاُخرى زرقاء وها هو كذلك.


و أعطاه اللَّه تعالى له من نسله الخير و البركة، و جعل في لبنه شفاء الأمراض المعضلة بحيث لم يأكل منه مريض إلّا برئ، فزاد يقين المسلمين من جهة هذه المعجزة، و أهل المدينة سمّوا هذا الغنم بالمبعوثة، و أنشأ عبدالرحمن بن عوف في هذا المعنى أبياتاً هي هذه:




  • عجبت لأمر اللَّه واللَّه قادر
    و لا عجب من أمر ربّي و إنّما
    و من قد ثوى في قلبه الكفر و العمى
    ألم يبصروا شاة بن زيد و حالها
    ألا يرجعوا عن كفرهم و ضلالهم
    و قد ذبحت ثم استجرّ اهابها
    و أنضج منها اللحم و العظم و الكلى
    فهلهله بالنار و هو هريد



  • على ما يشاء من خلق و يريد
    عجبت لمرء في الضلال يبيد
    و قارنه الشيطان و هو شريد
    و في أمرها للطالبين مزيد
    و قد جاءهم من ذي الجلال رشيد
    و فصّلها فيها هناك يزيد
    فهلهله بالنار و هو هريد
    فهلهله بالنار و هو هريد



[هَرَدْتُ اللحم أَهْرِدُهُ- بالكسر- هَرْداً: طبخته حتى تَهَرَّأَ وَ تَفَسَّخَ، فهو مُهَرَّدٌ./ لسان العرب.








و جمّعنا حتى نَحَوْنا لأكله
و عرّق


[العَرقُ
بالسكون
: العظم إذا اُخذ عنه معظم اللحم/ لسان العرب.

منها العظم و هو جريد





  • أتى باهاب الشاة و العظم أجرد
    فجلّله بالرد ثم دعا به
    فأحيى له ذو العرش واللَّه قادر
    فعادت بحال ما يشاء يعود



  • و نحن لها فيما هناك شهود
    و لم يك من رب السماء بعيد
    فعادت بحال ما يشاء يعود
    فعادت بحال ما يشاء يعود




فسأل عثمان عن الدعاء الذي دعا به لاحياء الغنم، فقال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): إنّي قلت: «إلهي أنت خلقتها، و أنت أفنيتها، و أنت قادر على إعادتها، فأحيها يا حيّ يا قيّوم، يا لا إله إلّا أنت»


[تفسير روض الجنان 14: 263 إلى 265/ سورة الفرقان، نحوه باختصار المناقب لابن شهرآشوب 1: 131/ في إعجازه، عنه البحار 43: 20 ح 46.]



فلمّا تفرّق القوم وانصرفت الشمس للغروب، أمر النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) اُمّ سلمة، و اُمّ أيمن، و سودة، و حفصة، و نساء المهاجرين و الأنصار، أن يقمن بإصلاح شأن فاطمة و تزيينها بما تزيّن به النساء.


قالت اُمّ أيمن و عائشة و غيرهما: فإذا أردنا أن نزيّن فاطمة رأينا نوراً ساطعاً من بين عينيها كالشمس الساطعة، و جمالاً و حسناً لم نر لأحد من النساء مثله، فأخذنا في تزيينها و ألبسناها ثياب خديجة اُمّها، و طيّبناها بالطيب الذي اشتريناه من السوق لها، فقالت: إنّ لي طيباً أحسن من هذا فمهلاً حتى أجي ء به، فلمّا جاءت به فإذا هو ماء ورد لم نر في الدنيا مثله.


قالت اُمّ سلمة: يا بنت رسول اللَّه ممّ هذا الطيب؟ قالت: من عرق أبي


رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، كنت آخذه و أحفظه حين كان يجي ءُ في وقت الحرّ و ينام و يعرق من جهة الحرارة، و جاءت معه بشي ء آخر أبيض أطيب من المسك الأذفر، فسألت عنه فقالت: كان يجي ءُ إلى أبي أحياناً رجل يقال له: «دحية الكلبي» فإذا قام و ذهب كان يسقط منه هذا الزغب، فسمع رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) ذلك فقال: يا بنيّتي إنّما كان هو جبرئيل، و طوبى لك حيث أنّ طيبك كان من زغب جبرئيل روح الأمين، و عرق أبيك سيّد المرسلين


[تفسير روض الجنان: 14: 265- 266/ سورة الفرقان.]]


فلمّا صار وقت صلاة المغرب ذهب عليّ (عليه السّلام) إلى النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) و هو كان في المسجد يستغفر و يسبّح، فلمّا رآه النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) فقال: يا عليّ تهيّأ فإنّ أهلك تجي ءُ إليك هذه الليلة، فراح عليّ (عليه السّلام) إلى الحجرة المهيّئة له، فأتى برمل ليّن ففرشه، و أخذ خشباً فوضعه من الجدار إلى الجدار الآخر ليلقي عليه الثياب قبال الباب، و فرش جلد شاة، و وضع مخدّة من ليف.


ثمّ أمر النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) بنقل جهاز فاطمة (عليهاالسّلام) إلى دار عليّ، و أمر أسماء بنت عميس فأخبرت بنات عبدالمطلب و نساء قريش و سائر الأنصار و المهاجرين أن يحضرن هذه الليلة لزفاف فاطمة بنت سيّد المرسلين.


فجاء النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) بعد العتمة و أمر اُم سلمة أن تأتي إليه بفاطمة محلّاة بحلي أمها خديجة، و قال للنساء: سرن مع فاطمة إلى بيت عليّ، و أمرهنّ باظهار السرور و الإبتهاج و الفرح و الإرتجاز بلا فحش و كذب، مكبّرات و مهلّلات و محمّدات، و نزلت سبعون حوريّة أحاطوا بفاطمة قائلات: «لا إله إلّا اللَّه، ما أكرم محمداً و أهل بيته على اللَّه».


و قال جابر بن عبداللَّه الأنصاري: ثم أمر النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) فأتي ببغلته الدلدل أو الشهباء، و ثنّى عليها قطيفة فأخرج فاطمة إلى باب الحجرة،


فأركبها على البغلة، و قد أمسك جبرئيل بلجام الدابّة، و إسرافيل بالركاب، و ميكائيل بالثفر


[الثَّفَرُ: السَّيْرُ الذي في مؤخّر السرج./ لسان العرب]]، و سوّى عليها الثياب.


و أمر سلمان أن يقودها و النبي كان بنفسه يسوقها، و حولها حور الجنّة، و خلفها سبعون ألف ملك يسبّحون اللَّه و يقدّسونه، و مع النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) جعفر و عقيل و حمزة شاهرين سيوفهم حوله، و جبرئيل في سبعين ألف من الملائكة قدّامها، و إسرافيل مع سبعين ألفاً عن يمينها، و ميكائيل كذلك عن يسارها، فكبّر جبرئيل و ميكائيل حينئذٍ و كبّر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) أيضاً، فجرت في العرائس تلك السنّة.


و أمر النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) بنات عبدالمطلب، و نساء الأنصار و المهاجرين أن يمضين في صحبة فاطمة، و أن يفرحن و يرجزن و يكبّرن و يحمدن، و لا يقولنّ مالا يرضى اللَّه سبحانه، و كانت النساء تمشي قدّامها، فأنشأت اُمّ سلمة قولها:




  • سرن بحول اللَّه جاراتي
    واذكرن ما أنعم ربّ العُلى
    فقد هدانا بعد كفر و قد
    و سرن مع خير نساء الورى
    يا بنت من فضّله ذو العُلى
    بالوحي منه و الرسالات



  • واشكرنه في كلّ حالات
    من كشف مكروه و آفات
    أنعشنا ربّ السماوات
    تفدى بعمّات و خالات
    بالوحي منه و الرسالات
    بالوحي منه و الرسالات




ثمّ قالت عائشة:


يا نسوة استرن بالمعاجر


[المِعْجَر و العِجارُ: ثوب تلفّه المرأة على استدارة رأسها ثم تَجَلْببُ فوقه بجلبابها، و الجمع المعاجر./ لسان العرب.]






  • واذكرن ما يحسن في المحاضر
    بدينه مع كلّ عبد شاكر
    والشكر للَّه العزيز القادر
    بنت النبي ذي الكمال الفاخر
    و حسنها مع الجمال الزاهر
    و خصّها منه بطهر طاهر
    و خصّها منه بطهر طاهر



  • و اذكرن ربّ الناس أو يخصّنا
    والحمدللَّه على إفضاله
    سرن تهادين كذا بفاطمة
    سرن بها تُسْتَرُ في ثيابها
    سرن بها فاللَّه أعلى ذكرها
    و خصّها منه بطهر طاهر




ثم قالت حفصة:




  • فاطمة خير نساء البشر
    فضّلك اللَّه على كلّ الورى
    زوّجك اللَّه فتيّاً فاضلاً
    فسرن جاراتي بها فإنّها
    أعني النبي المصطفى أحمدا
    أكرم مبعوث أتى بالسور



  • و مَنْ لها وجه كوجه القمر
    بفضل من خصّ بآي الزمر
    أعني عليّاً خير من في الحضر
    كريمة بنت عظيم الخطر
    أكرم مبعوث أتى بالسور
    أكرم مبعوث أتى بالسور



ثمّ قالت معاذة اُمّ سعد بن معاذ:




  • أقول قولاً فيه ما فيه
    محمّد خير بني آدم
    بفضله عرّفنا رشدنا
    و الشكر للَّه و سبحانه
    نحن الذين اختارنا ربنا
    و ينصرالدين بأسيافنا
    صويحباتي فاستمعن قولاً
    و أرتجي العزّ بافضاله
    و نحن مع بنت النبي الهدى
    في ذروة شامخة أصلها
    فما أرى شيئاً يدانيه



  • و أذكر الخير و اُبديه
    ما فيه من كبر ولاتيه
    فاللَّه بالخير يجازيه
    على جزيلات أياديه
    من بين ذي الخلق بواليه
    و يقمع الكفر و يخزيه
    أقوله واللَّه يرضيه
    من خالق الخلق و منشيه
    ذي شرف قد مكّنت فيه
    فما أرى شيئاً يدانيه
    فما أرى شيئاً يدانيه



[تفسير روض الجنان 14: 267- 269/ سورة الفرقان، نحوه المناقب لابن شهرآشوب 3: 354، عنه البحار 43: 115، و العوالم 11: 392.]







و كانت النسوة يرجعن أوّل بيت من كلّ رجز، ثم يكبّرن حتى دخلن الدار، و دخل النبي (صلّى اللَّه عليه وآله) في حجرة اُخرى، فأرسل إلى عليّ


/ 83