لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




التركيبي غير الافرادي بحسب العرف و اللغة، فإنّ زيداً مثلاً إسم لمجموع هذا الشخص المعيّن، و إذا قيل: ضربت زيداً، كان معناه إيقاع الضرب إلى بعض جزء منه كالرأس أو اليد مثلاً لا استيعاب تمام بدنه بالضرب.


و كذلك مسحتُ الجدار، و سكنت الديار، و جلست في المسجد و الدار، فإنّ كلّ ذلك حقيقة لا مجاز، بخلاف غسلت الثوب، و أكلت الخبز و ما شاكل هذا الباب، فإنّ ظاهر الإسناد في نحوه الاستيعاب، فالبعض و إن كان من حيث هو غير الكلّ من حيث هو إلّا انّ إيلام الكلّ يصدق حقيقة بايلام البعض لا محالة.


مضافاً إلى انّ الروح لا تركيب فيها، و انّ كلّ جزء من أجزاء البدن واسطة في إيلامها، فحينئذٍ يكون قوله (صلّى اللَّه عليه و آله) ل: «من آذاها فقد آذاني» بعد أنْ بيّن كونها بضعة منه كالتفسير له، كما قيل في قوله تعالى: «إنّ الإنسان خلق هلوعاً- إذا مسّه الشر جزوعاً- و إذا مسّه الخير منوعاً»


[المعارج: 19- 21.] إنّ جملة «إذا مسّه الشر» تفسير للهلوع، بناء على انّ الهلوع هو الذي إذا مسّه الشر كان جزوعاً إلى آخر، لا انّه حيوان معروف مخصوص خلف جبل قاف، يأكل كلّ يوم علف سبع جزائر، و يشرب مياه سبعة أبحر، و مع ذلك يقول كلّ يوم في نفسه: ما آكل غداً، و ما أشرب غداً؟ فإذا صار غداً رأى الجزائر و البحار كما كانت، و لا غير ذلك.


و كما ورد الخبر عن الصادق (عليه السّلام) في قوله تعالى: «اللَّه الصمد- لم يلد و لم يولد»


[الإخلاص: 2- 3.] انّ الصمد هو الذي لا يخرج منه شي ء و لا يخرج هو من شي ء، أو لا يخرج منه شي ء و لا يدخل فيه شي ء، فيكون لم يلد و لم يولد تفسيراً للصمد على أحد الوجوه، لا أنّ الصمد بمعنى المعتمد أو المقصد للحوائج أو غير ذلك.


و كما قيل في قول الشاعر:




  • الألمعي الذي يظنّ بك الظنّ
    كان قد رأى و قد سمعا



  • كان قد رأى و قد سمعا
    كان قد رأى و قد سمعا




إنّ الألمعي هو الذي يكون كذلك، ممّا ورد من هذا الباب، و يكون حينئذٍ في


الأخبار دلالة على انّ فاطمة (عليهاالسّلام) من جنس طينة النّبيّ المختار (صلّى اللَّه عليه و آله) و من سنخه و أصله، و انّ نورها شعبة و جزء من نوره، فيثبت لها المعصوميّة أيضاً كسائر الصفات الفاضلة الثابتة للنّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) إلّا ما خرج بالأدلّة.




  • شه چو حوضى و آن خدم چون لولها
    خوى شاهان در رعيت جا كند
    الناس على دين ملوكهم
    يتبعونه في سيرهم و سلوكهم



  • آب از لوله روان در كولها
    چرخ أخضر خاك را خضرا كند
    يتبعونه في سيرهم و سلوكهم
    يتبعونه في سيرهم و سلوكهم




فيكون حينئذٍ إيذاء فاطمة إيذاء رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، و إيلامها إيلامه لما بينهما من الإتحاد المشار إليه بلفظ البضعة و الشجنة، مع الإشارة إلى ما أشار إليه أهل الإشارة.




  • مؤمنان معدود ليك إيمان يكى
    غير آن فهمى كه در گاو و خر است
    جان شيران و سگان از هم جداست
    متحد جانهاى شيران خداست



  • جسمشان معدود لكن جان يكى
    آدمى را عقل و جان ديگر است
    متحد جانهاى شيران خداست
    متحد جانهاى شيران خداست




و أمَّا كون إيذاء رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) إيذاء اللَّه، فلأنّ قلبه عرش اللَّه، و هو الكعبة و البيت الحقيقي للَّه سبحانه، قال تعالى: (ما وسعني أرضي و لا سمائي و لكن وسعني قلب عبدي المؤمن)


[البحار 58: 39.

فإذا تأذّى قلب رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) إضطرب عرش اللَّه، و تراكم الهموم و الأحزان في بيت اللَّه، فيكون كما قيل:




  • هست از ملال گرچه برى ذات ذوالجلال
    او در دل است و هيچ دلى نيست بى ملال



  • او در دل است و هيچ دلى نيست بى ملال
    او در دل است و هيچ دلى نيست بى ملال




أو لأنّ ذلك من جهة ما روى انّه سُئل (عليه السّلام): إنّ اللَّه تعالى هل يأسف كأسفنا؟ قال: لا، قال السائل: فقول اللَّه تعالى: «فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين
فجعلناهم سلفاً و مثلاً للآخرين»


[الزخرف: 55
56.

؟ قال (عليه السّلام): إنّ اللَّه تعالى






خلق قلوباً اختارها لنفسه، و هي قلوب عباده المؤمنين المخلصين، و جعل أسفها أسفه، أو كأسفه


[نحوه الكافي 1: 144 ح 6، التوحيد للصدوق: 168 ح 2، تفسير الصافي 4: 396، و تفسير كنز الدقائق 12: 77.]]


أو انّ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) هو مظهر الصفات الإلهيّة، و الآثار الربانيّة كالحديدة المحماة بالنّار الحامية، فهو من حيث الحكاية في مقام الذات الظاهرة، و إن كان غيره في الحقيقة في مقام الذات الباطنة، بل لا مناسبة بينهما بالمرّة.


و هذه الأخبار الواردة في المقام كلّها من باب المقدّمة و التمهيد و التوطئة لما كان (صلّى اللَّه عليه و آله) يعلم من أمر الشيخين و أتباعهما في غصب فدك عن فاطمة (عليهاالسّلام)، و إيذائهم لها في ذلك و غيره، فقد تمّ عليهم الحجة و الإنحراف عن المحجّة بصدور هذه الأخبار المستفيضة بحيث لم يبق في ذلك شبهة و ريبة عند الخاصّة و العامّة.


تنبيه: قد ورد صدور قوله (صلّى اللَّه عليه و آله): «فاطمة بضعة منّي» في بعض الأخبار بنحو آخر طويل لا بأس بذكره ملخّصاً، من جهة الإشارة إلى بعض المطالب اللازمة، و هو انّه لمّا رأى المخالفون كثرة ما ورد على الخلفاء من القدح و الطعن و النقيصة أراد بعضهم أن يثبت لعليّ (عليه السّلام) طعناً فيشارك الثلاثة، فلم يجد بعد الفحص إلّا انّ علياً أغار فاطمة بأن أراد أن يتزوّج عليها بنت أبي جهل أو غيرها، فشكته إلى أبيها فقال النّبي (صلّى اللَّه عليه و آله) في ردّ عليّ (عليه السّلام) خطاباً له: إنّ فاطمة بضعة منّي، إلى آخر الرواية.


و قد روى الصدوق (رحمه اللَّه) انّه ذكر تلك المقالة عند الصادق (عليه السّلام)، فاستوى جالساً ثم قال: إنّه جاء شقي من الأشقياء إلى فاطمة (عليهاالسّلام) ثلاث مرات بهذا الخبر حتى دخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها، و ذلك انّ اللَّه تعالى كتب الغيرة على النساء، و جعل على الرجال جهاداً، و جعل للمحتسبة الصابرة منهنّ من الأجر ما جعل للمرابط المجاهد في سبيل اللَّه.


فاشتدّ غمّ فاطمة لذلك و بقيت متفكّرة حتى جاء الليل، فحملت الحسن و الحسين (عليهماالسّلام) و أخذت بيد اُمّ كلثوم، ثمّ تحوّلت إلى حجرة أبيها، فجاء عليّ (عليه السّلام) فلم يجدهم في الحجرة، فاطلع على الحالة و استحيى أن يدعوها من منزل أبيها، فخرج إلى المسجد فصلّى فيه ما شاء اللَّه، ثمَّ جمع شيئاً من كثيب المسجد و اتكأ عليه.


فلمّا رأى النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) غمّ فاطمة ففهم كيفيّة الواقعة فقال: قومي يا بنتي، فقامت فحمل النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) الحسن و فاطمة الحسين، و أخذ بيد اُمّ كلثوم فانتهى إلى عليّ (عليه السّلام) و هو نائم في المسجد، فوضع رجله على رجل عليّ (عليه السّلام) فغمزه و قال له: قم يا أبا تراب، فكم ساكن أزعجته، اُدْعُ لي أبا بكر و عمر و طلحة و جماعة اُخرى من الأصحاب، فاستخرجهم من منزلهم حتّى اجتمعوا عند رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله).


فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): يا علي أما علمت انّ فاطمة بضعة منّي و أنا منها، فمن آذاها فقد آذاني، و من آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي، و من آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي.


قال: فقال عليّ (عليه السّلام): يا رسول اللَّه بلى، قال: فما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال عليّ (عليه السّلام): و الذي بعثك بالحقّ نبيّاً ما كان ما بلغها، و لا حدثت به نفسي.


فقال النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): صَدَقْتَ و صَدَقَتْ فاطمة، فعند ذلك تبسّمت حتّى بدى ثغرها، فأخذ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) بيد عليّ (عليه السّلام) فشبّك أصابعه بأصابعه، فحمل النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) الحسن و عليّ (عليه السّلام) الحسين و فاطمة (عليهاالسّلام) اُم كلثوم، فأدخلهم النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) بيتهم، و وضع عليهم قطيفة و استودعهم اللَّه ثم خرج.


و لمّا كان مرض فاطمة (عليهاالسّلام) و جاء الشيخان مع الصحابة إلى عيادتها احتجّت عليهم فاطمة بهذه الواقعة، فاستشهدتهم أوّلاً على ذلك فشهدوا


حتى أبو بكر و عمر، فقالت (عليهاالسّلام): هل سمعتما النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) في ليلة كذا جمعكم كذا و قال كذا؟ فقالا: اللهمّ نعم، قالت: الحمد للَّه، ثمَّ قالت: اللهمّ إنّي اُشهدك فاشهدوا يا من حضرني انّهما قد آذياني في حياتي و عند مماتي، و انّي و اللَّه لا اُكلّمكما من رأسي كلمة واحدة حتّى ألقى ربّي فأشكو إليه بما صنعتما لي.


فدعى ابو بكر بالويل و الثبور و قال: ياليت اُمّي لم تلدني، فقال عمر: عجباً للناس كيف ولّوك اُمورهم و أنت شيخ قد خرفت، تجزع لغضب فاطمة امرأة و ترضى برضاها، و ما يبلغ من غضب امرأة؟! فقاما و خرجا


[علل الشرائع: 185 ح 2 باب 149، عنه البحار 43: 201 ح 31، و العوالم 11: 1075 ح 12، و الأنوار النعمانية 1: 73، ملخصاً.]]، و سيجي ء تفصيل الحالة عند بيان حالة وفاة فاطمة (عليهاالسّلام).


و ذكر بعض العامّة الخبر بوجه آخر، هو انّه لمّا سمعت فاطمة (عليهاالسّلام) انّ عليّاً يريد أن يتزوّج عليها ابنة أبي جهل و شكته إلى أبيها، صعد النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) المنبر في حضور جماعة الأصحاب و قال: سمعت عليّاً يريد أن يتزوّج عليها ابنة عدوّ اللَّه على ابنة وليّ اللَّه، و ما كان هذا يجوز له، فاطمة بضعة منّي.. الخ


[كنز العمال 12: 106 ح 34213، و أورده السيد المرتضى (قدّس سرّه) في تنزيه الأنبياء صفحة: 167، ثم قال: «فو اللَّه إنّ الطعن على النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) بما تضمّنه هذا الخبر الخبيث أعظم من الطعن على أميرالمؤمنين (عليه السّلام)، و ما صنع هذا الخبر الا ملحد قاصد للطعن عليهما، أو ناصب معاند لا يبالي أن يشفي غيظه بما يرجع على أصوله بالقدح و الهدم...».]


و لا يخفى انّ نحو ذلك الخصام لا يجوز بمرتبة النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، و كيف يخاصم لابنته من جهة الزوجيّة و هو الذي أباح هذه المسألة، و العادة جرت بقبح نحو هذه المخاصمة، حتى انّ المأمون لمّا شكت إليه ابنته اُمّ الفضل انّ الجواد (عليه السّلام) تسرّى عليها كتب اليها: (انّا ما زوّجناه إيّاك لنحرّم عليه حلالاً)


[الإرشاد للمفيد: 323، عنه البحار 50: 79 ح 5.]


و روى انّ عثمان لما ضرب رقيّة زوجته و هي بنت النّبي (صلّى اللَّه عليه و آله) ضرباً مبرحاً حتى أثّر السياط في بدنها على غير جناية تستحقّها، فأتت إلى النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) شاكية قال: لا يليق بالمرأة أن تشكو من زوجها


[الخرائج 1: 96 ضمن حديث 156، عنه البحار 22: 159 ضمن حديث 19.]


و هكذا كان يفعل أبداً، مع أنّ فاطمة (عليهاالسّلام) كانت مطهّرة معصومة من أدناس نساء الدنيا، فكيف جاز منها اعمال هذه الغيرة البشريّة من غير أن تتفحّص عن حقيقة الحال؟!.


ثمَّ نقول: إنّ وقوع الواقعة على ما نقل لا يقدح أيضاً بأحد الطرفين، امّا عليّ (عليه السّلام) فلأنّ هذا أمر مباح أباحه الشريعة و إن كتب الغيرة على الزوجة أيضاً، فللرجل أن يتزوّج على المرأة و للمرأة أن تأخذها الغيرة، و أمّا فاطمة (عليهاالسّلام) فأوّلاً: بأنّ الغيرة من الصفات الفاضلة، و كان النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) يتمدّح بها و يقول: (إنّ سعد الغيور و أنا أغير من سعد).


و التمدّح بالغيوريّة و نفس صفة الغيوريّة من الامور المباحة، و إلّا فلا يتمدّح النّبي بالأمور المحرّمة على الصحابة


[أقول: هذا الإستدلال مخدوش من عدة جهات:


أولاً: إنّ الغيرة الممدوحة مختصّة بالرجال لا النساء فإنّ غيرتهنّ كفر، كما جاء في نهج البلاغة في قصار الحكم: «غيرة المرأة كفر و غيرة الرجل إيمان» و قال (عليه السّلام) أيضاً في الغرر: «غيرة المرأة عدوان» و قال الباقر (عليه السّلام): «غيرة النساء الحسد، و الحسد هو أصل الكفر، إنّ النساء إذا غرن غضبن، و إذا غضبن كفرن إلّا المسلمات منهنّ».


و ثانياً: لو كانت الغيرة
حتى في النساء- من الصفات الفاضلة، لكانت عائشة أكثر فضلاً من الزهراء (عليهاالسّلام) لشدّة غيرتها و حسدها على خديجة و فاطمة (عليهاالسّلام)، و الشاهد على ذلك قول عليّ (عليه السّلام) في نهج البلاغة: «و أمّا فلانة فأدركها رأي النساء، و ضغن غلاً في صدرها كمرجل القين» ثمّ قال العلّامة المجلسي (رحمه اللَّه) في ذيل الحديث: قوله (عليه السّلام): «و ضغن» أي حقد، و كان من أسباب حقدها لأميرالمؤمنين (عليه السّلام) سدّ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) باب أبيها من المسجد و فتح بابه، و بعثه بسورة براءة بعد أخذها من أبي بكر، و إكرام رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) لفاطمة (عليهاالسّلام) و حسدها عليها... [راجع البحار 32: 242].


و ثالثاً: إنّ الزهراء التي هي الحجة على الأئمة (عليهم السّلام)- كما ورد ذلك عن الإمام العسكري (عليه السّلام)- و التي قال الإمام الحجة فيها: «في إبنة رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) لي أسوة حسنة» و التي «فُطم الخلق عن معرفتها» و التي «دارت القرون الأولى على معرفتها» و التي قال النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) لعليّ في حقّها: «يا علي و أنفذ لما أمرتك به فاطمة» كيف تصدر منها هذه الأمور؟!.







فلعلّه لاحظ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) و فاطمة ما في فلك من كون فاطمة ضرّة لغيرها أو غيرها ضرّة لها، فيحصل لها تحمّل المشقّة حينئذٍ فأخذتهما الغيرة، و قد صدر من بنات الأنبياء ما هو أشدّ من ذلك، فإنّ سارة ألزمت إبراهيم (عليه السّلام) أن يخرج عنها هاجر و ابنها إسماعيل إلى واد غير ذي زرع، و لا ينزل معهما بل يضعهما فيه و هو راكب و يرجع إليها، و قد أمر اللَّه إبراهيم أن يمتثل أمر سارة


[راجع الأنوار النعمانية 1: 78.]


و ثانياً: إنّ المعصومين (عليهم السّلام) قد يتنزّلون عن مراتبهم إلى مراتب البشريّة، و يقع منهم الرضا و الغضب و المحاورات المتعارفة لحكم و مصالح ملحوظة، مثل أن لا يظنّ بهم الربوبيّة، كما وقع من الغلاة و المفوّضة، و مثل أن يتعقّبه المحبّة القويمة و الخلّة المستقيمة.


و ثالثها: إنّ هذا كان كما يظهر من سياق الرواية إتماماً للحجة بنحو أبلغ و آكد على الصحابة عند غصب فدك و العوالي، حيث انّه غصب بعضهم و رضى الآخرون، و كان النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) يعلم بوقوع تلك القضيّة، و كذا فاطمة و عليّ (عليهماالسّلام)، ففعلوا كذلك من باب المقدّمة و التمهيد و التوطئة، فلم تكن المقدّمة قادحة بوجه من الوجوه، و ذلك واضح عند أهل البصيرة.


في تسميتها بمشكاة الضياء و في تفسير آية النور



و منها مشكاة الضياء، و هذا إشارة إلى كونها (عليهاالسّلام) مصداق آية النور، و هو كذلك على أحد الوجوه إذ للآية المذكورة تفسيرات كثيرة منقولة و محتملة،


كما سنشير إليها في الجملة، و الآية هي قوله تعالى في سورة النور: «اللَّه نور السماوات و الأرض»


[النور: 35.]


قيل: هو بتقدير المضاف في المبتدأ أو في الخبر، أي نور اللَّه نور السماوات و الأرض، أو اللَّه ذو نور السماوات و الأرض، و هذا مثل قولهم زيدٌ كرم و جود ينعش الناس بكرمه و جوده، أي ذو كرم و جود، أو الحمل للمبالغة بجعل الإسناد مجازيّاً، أو النور هنا بمعنى المنوّر أي منوّرهما بالنجوم مثلاً نظير الوجوهات الأربعة المشهورة في نحو زيد عدلٌ.


أو أنّ النور هنا إستعارة في اللَّه سبحانه على أحد الوجهين في نحو زيد أسد، لتشبيهه تعالى بالنور في الوضوح و الظهور، و إلّا فليس هو تعالى من جنس الظلمة أو النور، أو المراد على سبيل الكناية معنى من لوازم النور، مثل معنى المضي ء أو الهادي، أو المزيّن، أو النافع، أو المعطي، أو المفيض، أو المحسن، أو المنوّر أو نحو ذلك.


و الإضافة إلى السماوات و الأرض امّا للدلالة على سعة إشراقهما و فشوّ ضيائهما و نحو ذلك، أو المراد أهلهما أي ما فيهما و ما بينهما و ما تحتهما و ما فوقهما مجازاً مع استلزام تنوّرهما تنوّر سائر الموجودات الموجودة فيهما، و المراد من السماوات ما يعمّ الكرسي و العرش أيضاً و كذلك الأفلاك الكلّيّة و الجزئيّة.


و خصّ السماوات و الأرض بالذكر دون الملائكة و الجنّ و الشياطين و الإنس و سائر الحيوانات بل النباتات و الجمادات، لأنّها مطارح الأنوار، و خزائن الأسباب، و علل الأشياء، و يجوز أن يراد سماوات العقول، أي منوّرها بما فيها من أنوار المعرفة، و أراضي النفوس أي منوّرها بما فيها من أنوار العبادة و الطاعة.


و الحاصل انّ اللَّه تعالى مضي ء السماوات و الأرضين الظاهريّة أو الباطنيّة


أيضاً أو أهلهما، أي الموجودات المتكوّنة فيهما بالكواكب النورانيّة الظاهريّة أو الباطنيّة أيضاً، أو هاديهم إلى مصالحهم، أو مزيّنهم بالملائكة، و الأنبياء، و الصدّيقين، و الشهداء، و سائر الأولياء، و العلماء، و المؤمنين، و الصلحاء، أو نافعهم، أو معطيهم بما ينفعهم من الانعام، أو المفيض عليهم، أو المحسن إليهم بافاضته الكاملة و إحسانه العام، أو منوّرهم بنور الوجود التامّ و نحو ذلك.


و الحقّ عدم الحاجة إلى شي ء من هذه التوجيهات في المقام لصحّة حمل النور و إطلاقه على اللَّه تعالى بلا كلام، فإنّ النور لغة هو الظاهر في نفسه المظهر لغيره، و اللَّه تعالى كذلك، غاية الأمر انّه تعالى نور لا كالأنوار، كما أنّه شي ء لا كالأشياء، و جوهر لا كالجواهر، و وجه الكلّ ظاهر.


فهو تعالى نور حقيقة بالنسبة إلى جميع الموجودات، و ليس شي ء من هذه الأنوار الظاهرة الزاهرة إلّا و هو من آثار هذا النور الحقيقي، فهو مبدء جميع الأنوار، و منشأ جميع الآثار.


و قد ورد في الأدعية انّه تعالى نور الأنوار، و نور النور، و منوّر النور، و نور على نور، فاللَّه تعالى نور السماوات و الأرض بالحقيقة بلا حاجة إلى التأويل بالمرّة، و كونه تعالى مظهراً لغيره ظاهر، و أمّا كونه ظاهراً في نفسه فهو أيضاً ظاهر، بل أظهر عند أهل النظر، فإنّ كلّ ظاهر سواه فإنّما ظهر بفضل ظهوره تعالى، فهو تعالى أظهر في ظهوره من ظهور كلّ ما سواه بنوره.


أيكون لغيره من الظهور ما ليس له حتى يكون هو المظهر له، متى غاب حتى يحتاج إلى دليل يدلّ عليه؟! و متى بَعُدَ حتى تكون الإشارة هي التي توصل إليه؟! و إنّ الذي لا يجوز إطلاقه عليه تعالى حقيقة هو النور بالمعنى العرفي الذي هو من الكيفيّات العارضة، لا النور بالمعنى الأصلي الحقيقي، و سيجي ء بعض ما يتعلّق بالمقام من كلام القاضي البيضاوي، و حسام الدين الحلبي، و غيرهما.


«و مثل نوره» أي صفة نوره العجيب الشأن في الإضاءة، أو هيكله، أو نفسه، أو حالته «كمشكاة» أي كصفة مشكاة كذلك، و المشكاة قيل: إنّها لغة روميّة


معرّبة، و قال الزجّاج: يجوز أن تكون عربيّة لأنّ في الكلام مثل لفظها، و هي شكوة بمعنى القربة الصغيرة، فعلى هذا تكون المشكاة مفعلة منها.


و أصلها «مِشْكَوَةٌ» و هي الكوّة في الحائط و الجدار الغير النافذة، يوضع عليها الزجاجة، و يجعل المصباح خلف الزجاجة، و يكون للكوّة باب آخر يوضع المصباح منه، و قيل: المشكاة عمود القنديل الذي فيه الفتيلة المشتعلة، و هو انبوبته و هو مثل الكوّة، و قيل: المشكاة هي نفس القنديل، و الظاهر هو المعنى الأوّل.


«فيها مصباح» و المراد من المصباح آلة الضياء، و هي الشعلة الحاصلة من استحالة الأجزاء الدهنيّة المخالطة للفتيلة بمجاورة النار، أو هي الشعلة مع الفتيلة و يقال لها السراج أيضاً.


و إذا كان السراج قد يطلق على ظرف الفتيلة باعتبار علاقة الحاليّة و المحلّيّة، أو المصباح هو السراج الضخم الثاقب، و لو كان معناه مطلق السراج فالمراد هنا هو المقيّد بالوصف المذكور بمعونة تنوين التعظيم، و أصل المصباح من الصباح بمعنى البياض، و لذا يطلق على بياض النهار أيضاً فيقال: الصباح يغني عن المصباح، و الأصبح: الأبيض، و هذا كلّه بملاحظة اللون الظاهري.


و قد يراد بالبياض و الصباحة كثرة الافضال و الإحسان و النفع و الإهتداء، و نوريّة الطينة، قال أبو طالب (عليه السّلام) في مدح النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله):




  • و أبيض يستسقي الغمام بوجهه
    يلوذ به الهلّاك من آل هاشم
    فهم عنده في نعمة و فواضل



  • ثمال اليتامى عصمة للأرامل
    فهم عنده في نعمة و فواضل
    فهم عنده في نعمة و فواضل




و يجوز أن يكون مراده من الأبيض كونه نوراني الوجه كالشمس المشرقة بالأنوار الصوريّة و المعنويّة، و الوجاهة الظاهريّة و الباطنيّة.


«المصباح في زجاجة» الزجاجة معروفة، و الضمّ فيه أشهر من التثليث و به قرأ السبعة، و يقال لبائعها: الزجاجيّ- بياء النسبة- و لصانعها: الزجّاج، مثل النّجّار و العطّار، و التنوين في (زجاجة) للتعظيم، كما انّ تعريفها و إعادتها مرّة ثانية لذلك.






و المراد من الزجاجة هنا كاسة القنديل من البلّور التي يجعل فيها الفتيلة مع الزيت، و هي غير زجاجة المشكاة المجعولة في باب الكوّة، و لذا قال تعالى: «الزجاجة كأنّها كوكب درّي» قُرئ الدُرّيّ بضمّ الدال و تشديد الراء و الياء، نسبة إلى الدرّ في الصفاء و الضياء، و الكوكب الدرّي هو أحد الدراري من الكواكب، و هي المشاهير منها كالمشتري و الزهرة و المرّيخ و سهيل و نحوها.


و قُرئ الدرِّيّ على وزن السكيت، و الدَرِيُّ على فعيل كالنّبيّ، من الدرء بمعنى الدفع بقلب الهمزة ياءً فيهما أو إبقائها على أصلها، أي الدافع للظلام بكمال ضوئه، أو المندفع السريع الوقع في الإنقضاض، و يكون ذلك أقوى لضوئه.


قيل في نكتة جَعْل النور على هذا الوجه: إنّ وجهه المبالغة حيث انّه ينبعث نور المصباح حينئذٍ من الزجاجة، و يقع على حائط الكوّة، و ينعكس منه إلى الزجاجة، فيكون نور المصباح و نور الزجاجة و نور الحائط ينعكس بعضها على بعض مع كونه في مكان ضيّق، فيكون أضوء و أجمع للنور من جهة ضيق المكان، إذ الضوء ينبثّ في المكان الواسع و ينتشر، و القنديل أعون شي ء على زيادة الإنارة و كذلك الزيت و صفائه، فيتضاعف النور، كما يشير إليه قوله تعالى: «نور على نور» على نحو ما يأتي.


أقول: و نظير المشكاة مع زجاجة فيها، في الزجاجة مصباح- على ما وصف في الآية- ما هو المعمول في هذه الأزمنة من المردنجي و ما يجعل فيه من قنديل بلوريّ على رأسه كأسة صغيرة مدوّرة بلوريّة يجعل فيها الزيت مع الفتيلة.


و أشدّ ما يكون الضوء في هذه الحالة لصفاء الزيت و الزجاجة المدوّرة البرّاقة، كالكوكب الدرّي التي فيها الفتيلة المشتعلة، فينتشر الأضواء في تلك الزجاجة و في أطراف المردنجيّ البلّوري، و يتراءى في حافّاته الصور المتعدّدة من شعلة الفتيلة، كأنّها فتائل و شعلات في قناديل متعدّدة، فيحصل لها مضافاً إلى شدّة النوريّة حالة صفاء و بهاء و جلالة تبهر العقول و الأنظار، يكاد سنا ضوئها تخطف الأبصار.


و الحاصل من إعتبار المعنى على السبك المستفاد من الآية، كون شي ء برّاق






نوراني كالفتيلة المشتعلة الضخمة في جوف شي ء كالزجاجة، و هو في جوف شي ء صاف آخر كالمشكاة، فيكون هناك مظروف نوراني في أشد مراتب النوريّة، و ظرفان متداخلان صافيان برّاقان بأنفسهما و بنوريّة المظروف الموجود فيهما أي في جوفهما.


«يوقد» قُرئ بالياء، مخفّف القاف و مشدّدها، مجهولاً فيهما، و يَتَوَقَّدُ من باب التفعّل معلوماً، و يوقد بالياء من الباب المذكور مع حذف التاء لاجتماع حرفين زائدين و هو غريب، و ضمير الفاعل مطلقاً يراجع إلى المصباح، و المعنى على جميع القراءات المذكورة انّه يشعل ذلك المصباح أي السراج الضخم الثاقب للظلام، «من شجرة مباركة زيتونة» و إبهام الشجرة و وصفها بالمباركة ثم بيانها بالزيتونة، أو استبدالها بها تفخيم لشأنها.


و المراد انّه زويت زبالة هذا المصباح بزيت شجر الزيتون الذي يكون دهنه أصفى من سائر الأدهان و أضوء، لا سيّما في السراج مع كونه متكاثر المنفعة، فإنّ فيه أنواع المنافع حيث انّ الزيت يسرج به، و هو أدام و دهان و دباغ، و يوقد بحطبه، و يدبغ بثفله، و يغسل برماده الابريسم، و لا يحتاج في استخراج دهنه إلى عصّار.


و هي أوّل شجرة نبتت في الدنيا بعد الطوفان، و منبتها منزل الأنبياء غالباً أي الشامات، و بارك فيها ستون نبياً أو سبعون، منهم إبراهيم (عليه السّلام)، و لذا سمّيت مباركة، أو لأنّها تنبت في الأرض المباركة التي بارك اللَّه فيها للعالمين، و عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): «عليكم بزيت هذه الشجرة الزيتونة، فتداولوها فإنّها مصحّحة من الناسور» و لها منافع كثيرة في الأدواء المختلفة.


«لا شرقيّة و لا غربيّة» أي لا يفي ء عليها ظلّ شرق و لا غرب، فهي ضاحية للشمس لا يظلّها جبل و لا شجر و لا كهف، فثمرتها تكون أنضج و زيتها أصفى، فالمعنى أنّها ليست بشرقيّة لا يصيبها الشمس إذا غربت، و لا بغربيّة لا يصيبها الشمس إذا طلعت، بل هي شرقيّة غربيّة، و ذلك بأنّها وقعت في رأس جبل، أو في صحراء واسعة بلا اختصاص بأحد الطرفين، فأخذت بحظّها من الأمرين.


أو المراد انّها ليست من جنس شجر الدنيا فتكون شرقيّة أو غربيّة، بل هي من أشجار البرزخ أو الآخرة فتكون في غاية الصفاء و الجودة، أو أنّها ليست في مقناة لا يصيبها الشمس، و لا هي في مضحاة بارزة للشمس لا يصيبها الظلّ، بل يصيبها الشمس و الظلّ فيتعاقبان عليها، و ذلك أجود لحملها و أصفى لدهنها، قال (صلّى اللَّه عليه و آله): «لا خير في شجرة في مقناة و لا نبات في مقناة، و لا خير فيهما في مضحاة»


[راجع شرح توحيد الصدوق للقاضي سعيد القمي 2: 597، و نحوه تفسير البيضاوي 3: 199، و البحار 4: 21.]


أو انّها ليست من شجر الشرق أي الشرق المعمورة، و لا من شجر الغرب أي غرب المعمورة، لأنّ ما اختصّ بإحدى الجهتين كان أقلّ زيتاً و أضعف ضوء، لكنّها من شجر الشام، و نقل انّ أجود الزيتون زيتون الشامات، و هي ما بين شرق المعمورة و غربها.


أو المراد انّها على سواء الجبل


[سَواءُ الشي ء و سِواهُ و سُواهُ: وسطه، قال اللَّه تعالى: «في سَواء الجحيم»/ لسان العرب.]] لا شرق لها و لا غرب، بل إذا طلعت الشمس طلعت عليها، و إذا غربت غربت عنها، و حاصل هذا المعنى من حيث المراد يرجع إلى الأوّل و إن كان مغايراً له في الطريق، أو المراد انّ هذه الشجرة خضراء ناعمة التفّ بها الأشجار، فلا يصيبها الشمس على أيّ حال كانت، لا إذا طلعت و لا إذا غربت.


«يكاد يضي ء» من صفائه، و فرط ضيائه في نفسه «و لو لم تمسسه نار» بالتاء و قُرئ بالياء أيضاً لكون المؤنّث غير حقيقي، و المراد قبل أن تمسسه و تشتعل فيه، و ذلك من جهة كمال الإستعداد و القابليّة.


«نور على نور» أي هذا المصباح في جوف الزيت الصافي في الزجاجة البرّاقة المجعولة في المشكاة النوريّة، نورٌ على نور، و التثنية لافادة الكثرة لكونه على ما اُشير إليه أنواراً متعدّدة متداخلة، نوراً على نور على نور، و نوراً في نور


في نور، و نوراً على نور في نور، و نوراً في نور على نور.


و الحاصل انّ النور متضاعف، فإنّ نور المصباح زاد في إنارته صفاء الزيت، و زهرة القنديل الزجاجي، و المشكاة النوريّة، و ضبطها للأشعّة مع اجتماع الأنوار و عدم حصول الإنتشار، على ما اُشير إليه سابقاً.


«يهدي اللَّه لنوره من يشاء» أي يهدي اللَّه لهذا النور الثاقب الباهر- بأيّ معنى اُريد- من يشاء من عباده بإعطاء الإستعداد، أو التوفيق و اللطف، أو إزالة الخذلان.


«و يضرب اللَّه الأمثال للناس» تقريباً إلى الأفهام، و تسهيلاً لدرك المرام، بإدناء المعقول إلى المحسوس إيضاحاً و بياناً و توضيحاً و تبياناً «و اللَّه بكلّ شي ء» معقولاً كان أو محسوساً، ظاهراً كان أو باطناً «عليمٌ» فيضع الأشياء مواضعها، أو يعلم قابليّة العباد فيهدي بعضهم إلى نوره بإفاضة الإستعداد، و بعضهم بإعانة التوفيق و اللطف، و بعضهم بعدم الخذلان، و هو الكريم المنّان ذو اللطف و الإحسان.


تفصيل في بيان التمثيل:



إعلم انّ المشكاة الموصوفة بما مرّ هو الممثّل به و نور اللَّه تعالى هو الممثّل، و تطبيق الممثّل على الممثّل به يتصوّر هنا على وجوه كثيرة منقولة و غير منقولة، بأن يجعل المراد من الممثّل أي نور اللَّه هو خاتم الأوصياء، أي القائم (عليه السّلام) الثاني عشر من الأئمّة الكرام، و هو نور اللَّه في السماوات و الأرضين، كما ورد في تفسير قوله تعالى: «و أشرقت الأرض بنور ربّها»


[الزمر: 69.] بأنّ المراد من نور الرب هو القائم (عليه السّلام)


[الإرشاد للمفيد: 363، عنه البحار 52: 337 ح 77، و تفسير كنز الدقائق 11: 338.]


و هو النور الظاهر و الباطن يظهر فيملأ الأرض قسطاً و عدلاً كما ملئت ظلماً و جوراً، فهو (عليه السّلام) هو المصباح، و الزجاجة هو الحسين (عليه السّلام)، و المشكاة هي فاطمة الزهراء (عليهاالسّلام)، و هذا المصباح يوقد من شجرة الحقيقة المحمّديّة، و هي الزيتونة المباركة لبركة آثارها و عدم تناهي أطوارها،


/ 83