لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


يزعمون انه مصنوع، و انه من كلام ابى العيناء، لان الكلام منسوق البلاغة.

فقال لى: رايت مشايخ آل ابى طالب يروونه عن آبائهم، و يعلمونه اولادهم، و قد حدثنى به ابى عن جدى يبلغ به فاطمة (عليهاالسلام) على هذه الحكاية، و قد رواه مشايخ الشيعة، و تدارسوه قبل ان يوجد جد ابى العيناء.

و قد حدث الحسين بن علوان، عن عطية العوفى انه سمع عبدالله بن الحسن بن الحسين يذكر عن ابيه هذا الكلام، ثم قال ابوالحسين زيد: و كيف ينكرون هذا من كلام فاطمة (عليهاالسلام)، و هم يروون من كلام عائشة عند موت ابيها ما هو اعجب من كلام فاطمة (عليهاالسلام) و يحققونه لو لاعداوتهم لنا اهل البيت؟! ثم ذكر الحديث بطوله على نسقه، انتهى.

[شرح نهج البلاغة 16: 252 باب 45.]

فقول بعض العامة العمياء بان هذه الخطبة مصنوعة، و انها من كلام ابى العيناء، حيث ذكروا ان اباالعيناء ادعى هذا الكلام لنفسه- كما ذكره ابوالفضل المذكور-

[بلاغات النساء: 12.] نظير ما ذكروا ان خطب نهج البلاغة، او الخطبة الشقشقية وحدها من كلام الرضى و مصنوعاته، مع ما تحقق من وجود تلك الخطب و الكلمات قبل ولادة الرضى باعوام كثيرة، كما حققها فى شرح نهج البلاغة،

[راجع شرح نهج البلاغة 1: 205 باب 3.] و ما تلك النسبة فى المقامين الا لاخفاء مثالب الخلفاء مثالب الخلفاء، حتى لا يتحقق شكاية اهل البيت (عليهم السلام) منهم بين العامة فيوجب ذلك قدحهم.

و ابوالعيناء المذكور هو ابوعبدالله محمد بن قاسم بن خلاد الضرير المعروف بابى العيناء مولى ابى جعفر المنصور، اصله من اليمامة و ولد بالاهواز سنة احدى و تسعين و مائة و نشا بالبصرة، و كان من احفظ الناس، و افصحهم لسانا، و اسرعهم جوابا، كف بصره حين بلغ اربعين سنة، مات سنة ثلاث و ثلاثين و مائتين، كان صاحب النوادر و الشعر و الادب، و سمع من ابى عبيدة و الاصمعى و غيرهما،

و الخلاد- بفتح الخاء المعجمة، و تشديد اللام-.

و لقب بابى العيناء لانه قال لابى زيد الانصارى: كيف تصغر عينا؟ فقال: عيينا يا ابا العيناء.

و بالجملة لا شبهة فى صدور اصل الخطبة منها (عليهاالسلام)، لكن الروايات مختلفة من حيث تبديل بعض الفقرات، و تغيير بعض الكلمات مع زيادة او نقيصة، حتى فى اواخر بعض روايات احمد بن ابى طاهر انه قال عطية الاوفى: سمعت ابابكر يومئذ يقول لفاطمة (عليهاالسلام): يا بنت رسول الله لقد كان ابوك بالمؤمنين رحيما، و على الكافرين عذابا اليما، و اذا عزوناه كان اباك دون النساء، و اخا ابن عمك دون الرجال، آثره على كل حميم، و ساعده على الامر العظيم، لا يحبكم الا العظيم السعادة، و لا يبغضكم لاا اردى الولادة، و انتم عترة الله الطيبون، و خيرة الله المنتجبون، على الآخرة ادلتنا، و الى باب الجنة مسالكنا، و اما منعك ما سالت فلا ذلك لى، و اما فدك و ما جعل ابوك لك فان منعتك فانا ظالم، و اما الميراث فقد تعلمين ان اباك قال: لا نورث و ما ابقيناه صدقة.

قالت: ان الله تعالى يقول عن نبى من انبيائه: (يرثنى و يرث من آل يعقوب)

[مريم: 6.] و قال: (و ورث سليمان داود)

[النمل: 16.] فهذان نبيان و قد علمت ان النبوة لا تورث، و انما يورث ما دونها، فمالى امنع ارث ابى؟ اانزل الله فى كتابه الا فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه و آله)، فتدلى عليه فاقنع به؟

فقال: يا بنت رسول الله انت عين الحجة، و منطق الرسالة، لا يد لى بجوابك، و لا ادفعك عن صوابك، ولكن هذا ابوالحسن بينى و بينك هو الذى اخبرنى بما تفقدت، و انبانى بما اخذت و تركت، قالت: فان يكن ذلك كذلك فصبرا لمر الحق والحمدلله اله الحق، انتهى.

[بلاغات النساء: 19، عنه البحار 29: 245.]

و لا يخفى لذى عينين ان ما الحقوه فى آخر الخبر ان كان له اصل و فصل، فهو تعريض للعمرين، و الا فلا يوافق شيئا من الروايات، و لا يلائم ما ياتى من الفقرات و التظلمات و الشكايات.

و سنفصل المقال فى ذلك المجال حتى يتبين جلية الحال، بعد ان نوضح تلك الخطبة الغراء الساطعة عن سيدة النساء التى تحير من العجب منها و الاعجاب بها احلام الفصحاء و البلغاء، و نبنى الشرح على رواية الاحتجاج، و نشير احيانا الى بعض مواضع الاختلاف الواقع فى الروايات الاخر.

دفع اشكالين


و لابد اولا قبل الشروع فى شرح الخطبة من التنبيه على امرين، و الاشارة الى دفع اشكالين، احدهما: ان فاطمة (عليهاالسلام) قد كانت سيدة النساء، و بنت خير الانبياء، و زوجة سيد الاوصياء، و هى المخدرة العظمى، و محل العصمة الكبرى، فكيف يصح لشانها فى شرع ابيها ان تخرج من خدرها، و تدخل المسجد الغاص بالمهاجرين و الانصار، و الاخيار و الاشرار و هم اجانبة عنها، تسمعهم صوتها، و تتكلم معهم و يتكلمون معها؟ و كيف رضى اميرالمؤمنين (عليه السلام) بذلك منها، مع انه كان يمكنه ان يطالب حقها الذى كانت تطلبه بالوكانة عنها حتى لا يسمع الاجانبة كلامها؟!

الثانى: انها كانت من اهل بيت العصمة و الطهارة، الذين اختاروا الزهادة فى الدنيا بحسين اختيارهم، و كانت الدنيا ازهد عندهم من عفطة عنز، او قلامة حافر، او لحم خنزير فى بد مجذوم كافر، و لم تكن الدنيا تزن عندهم جناح بعوضة، بل تركوا اختيارا لا اضطرارا جميع اللذائذ الدنيوية لاجل الحظوظ الاخروية، و لم يذهبوا طيباتهم فى حياتهم الدنيا.

و قد جاء جبرئيل بمفاتيح جميع خزائن الارض اليهم فلم يقبلوها، و اعرضوا بالكلية عن الدنيا و ما فيها، مع انهم لو شاؤوا ان يبدل الله جميع ما فى الارض لهم

ذهبا، او ان يبتغوا الى دفائن الارض سببا، لكان ذلك اقرب اليهم و اسرع من رجع الطرف و مد البصر.

فما وجه هذا الاصرار فى خصوص فدك على هؤلاء الكفار الفجار، حتى انتهى الامر الى الخروج الى مجامع المهاجرين و الانصار، و محضر الشهود و النظار، و المكالمة مع الفجار و الابرار، و كذا البكاء و الانين عند جماهة الموافقين و المنافقين، و خطاب المعاتبة على اميرالمؤمنين، و غير ذلك مما ياتى تفصيله فى محله؟!

و الجواب عن الامرين معا كما يظهر من الروايات: ان الضرورات تبيح المحذورات، و انهم (عليهم السلام) لم يكونوا مكلفين الا بالعمل على طبق الصورة الظاهرية، و الاتصاف بلوازم البشرية، و تاذيهم مما يخالف القواعد الشرعية اشد من تاذينا، لما فيهم من الاسرار الباطنية، و السرائر الداخلية، مع ما فى هذا الاصرار من الاشارة الى فظاعة امر تلك الولاية الباطلة، و شناعة هذه الخلافة التى تقمصها غصبا ابن ابى قحافة، و انه كان يعلم ان محل على اميرالمؤمنين منها محل القطب من الرحى.

و التنبيه على كفر العمرين للناس من باب اتمام الحجة، و ايضاح المحجة، لئلا يقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين، او كنا نحن بهذا الامر جاهلين، نظير ما فعل موسى بهارون اخيه من الاخذ بلحيته، و الضرب على راسه حتى يتضح عند الناس قبح عبادة العجل و شناعتها، ليهلك من هلك عن بينة، و يحيى من حى عن بينة، بل كان معنى كلامه هذا فى فدك راجعا الى الكلام فى خلافة اميرالمؤمنين (عليه السلام) التى غصبها اهل الجور و العناد، اذين طغوا فى البلاد، فاكثروا فيها الفساد، و كان فى هذه المعركة العظمى، و البناء

[النبا، خ ل.] العظيم تمييز اهل الجنة من اهل الجحيم.

و كان بكاؤها (عليهاالسلام) فى الباطن لاجل الهالكين من امة ابيها،

و السالكين لمسالك الضلالة الثاوين فى مهاويها، الى غير ذلك مما يظهر من الاخبار و الاثار لمنكان من اولى الايدى و الابصار.

و قال الفاضل البهبهانى فى المقامع: ان اخبار تكلم فاطمة فى امر فدك فى المسجد فى حضور الصحابة متواترة البتة، و كانت هى (عليهاالسلام) اعلم من غيرها بالاحكام الشرعية، و لعله من باب الضرورة التى يجوز لاجلها تكلم النساء مع الرجال باجماع الامة.

و اما تكلمها مع سلمان و جابر و سائر الصحابة فلم يتحقق لنا، و بعض النظرات الواقعة منهم و منها لعله من باب الاتفاقيات الضرورية، او ان الاحكام بالنسبة الى الاعصار مختلفة، و لعله لم ينزل فى تلك الاوقات آية الحجاب و نحوه، و على نحوه يحمل ما ورد ان النبى (صلى الله عليه و آله) سمع صوت جماعة من النساء فى ليلة زفاف فاطمة (عليهاالسلام)، على فرض ان كانت فيهن من لم تكن محرما بالنسبة الى رسول الله (صلى الله عليه و آله)، انتهى.

و قال الفاضل الدربندى (رحمه الله): ان تكلم فاطمة (عليهاالسلام) فى غير مقام الضرورة المجوزة انما كان مع الصحابة الذين لم يكونوا من جملة اولى الاربة، كسلمان و ابى ذر و نحوهما لا مطلقا، و كذلك الكلام فى مسالة النظر فانه نظير الكلام فى الكلام.

و قد استثنى الله فى آية الحجاب غير اولى الاربة من الرجال و الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء، و المناط فى النظر و الكلام متحد، و الكلام فيهما من واد واحد، اذ المدرك فى حرمتهما- كما يظهر من الاخبار ايضا- هو كون الرجال من اولى الاربة فى النساء لا غيره.

و على ذلك يحمل ما ورد ان الحسين (عليه السلام) امر اهل بيته يوم الطف عند اشتداد الحرب بالخروج من الخدور، تحريضا للاصحاب على المجاهدة و القتال فى ميدان المعركة، حيث قال: يا زينب، و يا ام كلثوم، و يا رقية، و يا سكينة، و يا اهل بيت النبوة اخرجن من خدوركن.

فخرجن بارزات الوجوه، ناشرات الشعور، لا طمات الصدور، يندبن و يبكين و يقلن: يا انصار دين الله الا تدفعون عن بنات رسول الله؟ الا تذبون عن حرم رسول الله؟ و الاصحاب ينظرون اليهن و يبكون بين ايديهن، فقالوا للحسين (عليه السلام): يا ابن رسول الله والله لا يصيبك احد بسوء مادام منا عرق نابض، الى غير ذلك، مع كون ذلك من باب الضرورة ايضا.

و قال الفاضل المجلسى (رحمه الله) بعد ذكر السؤال و الجواب الواقع بين على و فاطمة (عليهاالسلام) فى آخر الخطبة- كما ياتى- ما لفظه: و لندفع الاشكال الذى قلما لا يخطر بالبال عند سماع هذا الجواب و السؤال، و هو ان اعتراض فاطمة على اميرالمؤمنين (عليه السلام) فى ترك التعرض للخلافة، و عدم نصرتها، و تخطئته فيهما، مع علمها بامامته و وجوب اتباعه و عصمته، و انه لم يفعل شيئا الا بامره تعالى و وصية الرسول، مما ينافى عصمتها و جلالتها.

فاقول: و يمكن ان يجاب عنه بان هذه الكلمات صدرت منها لبعض المصالح، و لم تكن واقعا منكرة لما فعله بل كانت راضية، و انما كان غرضها ان يتبين للناس قبح اعمالهم، و شناعة افعالهم، و ان سكوته (عليه السلام) ليس لرضاه بما اتوا به.

و مثل هذا كثيرا ما يقع فى العادات و المحاورات، كما ان الملك يعاتب بعض خواصه فى امر بعض الرعايا مع علمه ببراءته من جنايتهم ليظهر لهم عظم جرمهم، و انه مما استوجب به اخص الناس بالملك منه المعاتبة.

و نظير ذلك ما فعله موسى (عليه السلام) لما رجع الى قومه غضبان اسفا من القائه الالواح، و اخذه براس اخيه يجره اليه، و لم يكن غرضه الانكار على هارون، بل اراد بذلك ان يعرف القوم عظم جنايتهم و شدة جرمهم، كما مر الكلام فيه.

و اما حمله على ان شدة الغضب و الاسف و الغيظ حملتها عى ذلك مع علمها بحقية ما ارتكبه (عليه السلام)، فلا ينفع فى دفع الفساد، و ينافى عصمتها و جلالتها التى عجزت عن ادراكها احلام العباد.

و بقى هنا اشكال آخر، و هو ان طلب الحق و المبالغة فيه و ان لم يكن منافيا

للعصمة، لكن زهدها (عليهاالسلام)، و تركها للدنيا، و عدم اعتدادها بنعيمها و لذاتها، و كمال عرفانها و يقينها بفناء الدنيا، و توجه نفسها القدسية، و انصراف همتها العالية دائما الى اللذات الدنيوية و الدرجات الاخروية، لا تناسب مثل هذا الاهتمام فى امر فدك، و الخروج الى مجمع الناس، و المنازعة مع المنافقين فى تحصيله.

و الجواب عنه من وجهين:

الاول: ان ذلك لم كين حقا مخصوصا لها، بل كان اولادها البررة الكرام مشاركين لها فيه، فلم يكن يجوز لها المداهنة و المساهلة و المحاباة و عدم المبالات فى ذلك، ليصير سببا لتضييع حقوق جماعة من الائمة الاعلام، و الاشراف الكرام، نعم لو كان مختصا بها كان لها تركه و الزهد فيه، و عدم التاثر من فوته.

[مضافا الى انها (عليهاالسلام) لو تركت المطالبة بحقها لقال الذين فى قلوبهم مرض: لم تركت حقها و لم تطلبه؟! لماذا لم تحاجج القوم فى نحلتها؟ فيكون هذا الامر ذريعة عندهم لنفى اساس القضية، مدعين بان فدك لو كانت مختصة بها دون المسلمين لوجب عليها المطالبة و عدم السكوت.]

الثانى: ان تلك الامور لم تكن لمحبة فدك و حب الدنيا، بل كان الغرض اظهار ظلمهم و جورهم و كفرهم و نفاقهم، و هذا كان من اهم امور الدين، و اعظم الحقوق على المسلمين، و يؤيده انها (عليهاالسلام) صرحت فى آخر الكلام به حيث قالت: «قلت ما قلت على معرفة منى بالخذلة» و كفى بهذه الخطبة بينة على كفرهم و نفاقهم، انتهى.

[البحار 29: 324.]

و ظفرت بهذا الكلام منه بعدما قدمته فى المقام، و بينهما عموم من وجه، اشتمل كل منهما على ما يشمل عليه الآخر، فلا يعد ذلك من باب الاعادة الخالية عن الفائدة.

الشروع فى شرح الخطبة


اذا عرفت هذا فنقول: روى الشيخ ابومنصور احمد بن على بن ابى طالب الطبرسى (رحمه الله) فى كتاب الاحتجاج،

[الاحتجاج 1: 253 ح 49، عنه البحار 29: 220 ح 8.] عن عبدالله بن الحسن عن آبائه (عليهم السلام) انه:

«لما اجمع ابوبكر على منع فاطمة (عليهاالسلام) فدك و بلغها ذلك، لاثت خمارها على راسها، و اشتملت بجلبابها، و اقبلت فى لمة من حفدتها و نساء قومها، تطاذيولها، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله (صلى الله عليه و آله) حتى دخلت على ابى بكر، و هو فى حشد من المهاجرين و الانصار و غيرهم».

بيان:

يقال: اجمع على الامر اى احكم النية و العزيمة عليه، قال: تعالى: (و اجمعوا ان يجعلوه فى غيابة الجب)

[يوسف: 15.] اى عزموا على القائه فيها، و (اجمعوا امركم) اى اعزموا عليه، و اصله على امركم، و حقيقة معنى الجمع واضح، و الاجتماع: طلب الجمع اى المجموعية، و الاجماع جعل الامر مجموعا.

فى معنى الاجماع


و اجماع القوم: جمعهم انفسهم على شى ء، و هو مستلزم للاتفاق و للعزم، فاستعمل تارة بمعنى الاتفاق، و اخرى بمعنى العزم حتى جعل كل منهما بحسب العرف من جهة كثرة الاستعمال معنى حقيقيا، و الاجماع بالمعنى الاصطلاحى مأخوذ منه بمعنى الاتفاق، كما عرفه العامة بانه اتفاق اهل الحل و العقد من امة محمد (صلى الله عليه و آله) فى عصر من الاعصار، على امر من الامور الدينية.

و عرفه الخاصة بانه الاتفاق الكاشف عن راى المعصوم، او قوله، او فعله، او تقريره الكاشف عن رايه ايضا، و الاتفاق المشتمل على المعصوم قولا او فعلا او تقريرا على الخلاف بين المتاخرين منهم و القدماء على طريق اللف و النشر المرتب، او منه بمعنى العزم.

كما ان ابن ادريس ادعى كون فطرة الزوجة الناشزة على زوجها، خلافا للمشهور حيث لم يجعلوها عليه، و استدل على ذلك بان اطلاقات كون فطرة الزوجة على زوجها او عموماته دالة على وجوبها عليه مطلقا او عموما، و العمل بالاطلاقات و العمومات الواردة من الكتاب و السنة واجب اجماعا، فصارت المسالة اجماعية.

[السرائر 1: 466 و 468/ باب وجوب زكاة الفطرة.]

ورده المحقق (رحمه الله) بان الاجماع مأخوذ منه بمعنى العزم من قوله تعالى: (فاجمعوا امركم)

[يونس: 71.] اى اعزموا، و ما لم يعلم العزم من جميع الاصحاب على المسالة بخصوصها لا تصير المسالة اجماعية، و لو اجمعوا على وجوب العمل بالاطلاقات و العمومات، اذ لا يلزم من الاجماع على العمل بها الاجماع على كل من مواردها بخصوصها.

و هذا الطريق الذى مشيت من ارجاع الاجماع بمعنى الاتفاق و العزم الى

معنى الاجتماع، هو مذاقى فى اكثر اللغات المشتركة التى لها معان متعددة بل فى جميعها، حيث ادى نظرى فيها الى ان جميع المعانى المتعددة للفظة الواحدة راجع الى معنى واحد هو المعنى الاصلى اللغوى، فانشعب منه تلك الفروعات مجازا من جهة المناسبة و العلاقة، الى ان صارت من جهة كثرة الاستعمال حقائق عرفية عامة.

و (والمنع): خلاف الاعطاء و يستعمل بعن، يقال: منعت الرجل عن الشى ء، و استعماله بعن اشارة الى ما فيه من معنى التجاوز و التخلف، و قد يحذف لفظة (عن) فيوصل الفعل، كما فى قوله هنا: «منع فاطمة فدك» و المفعول الاول هنا هو المفعول بلا واسطة و هو فاعل فى المعنى، نظير المفعول الاول فى اعطيت.

و منع الشخص لا يتصور الا بمنعه و هو فاعل مختار من الفعل الذى هو فى اختياره او ما هو بمنزلته، فمنع الرجل عن الشى ء منعه عن التصرف فيه، و المراد فى الخبر منع فاطمة عن التصرف فى فدك.

و قد مر بيان فدك و انه ينصرف و لا ينصرف، و عدم الانصراف من جهة العلمية و التانيث باعتبار البلدة او الارض مثلا، و الانصراف باعتبار البلد او المكان و نحوهما، و ذلك اشارة الى اجماعه على المنع او الى نفس المنع، و المراد على التقديرين انه بلغها خبر ذلك او اثره، اما بلسان الناس او رجوع وكيلها فى فدك اليها و اخباره لها بذلك.

(و لاثت خمارها على راسها) اى عصبته، يقال: لاث العمامة على راسه يلوثها لوثا اى شدها و ربطها.

و فى النهاية:

[النهاية 4: 275/ لوث.] اللوث الطى و الجمع، يقال: لثت العمامة الوثها لوثا، و منه حديث بعضهم: فحللت من عمامتى لوثا او لوثين اى لفة او لفتين، و اصل اللوث التلطخ، استعمل فى التعصب بالعمامة و ادارتها على الراس، و اللوث المشهور فى

/ 83