لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




ثمَّ فاطمة (عليهاالسّلام) بوساطة الأئمّة.


فهم كالحديدة المحماة بنار أمر اللَّه الموقدة التي تطّلع على أفئدة هؤلاء الكرام البررة، و تفيض تلك الفيوض الربانيّة، و الآثار الإلهيّة بوساطتهم إلى سائر الوجودات الكونية، و الواسطة بينهم و بين من دونهم من النبيّين و الآدميّين و الملائكة و الجنّ أجمعين، و الحيوان و النبات و الجماد، هو فاطمة الزّهراء لوقوعها في آخر تلك السلسلة، و كونها الجزء الأخير من العلّة التامّة، فلها مظهريّة كاملة بالنسبة إلى آثار تلك الأنوار العالية، وجهة تربية و تقوية لها بالنسبة إليهم من حيث كونها مظهر آثارهم، و مطرح أطوارهم، كما أنّ لها تربية و تقوية و اُمّيّة كاملة إلى من دون تلك السلسلة العالية، آدم و من دونه و من فوقه في العوالم الباطنيّة و الظاهريّة.


فهي (عليهاالسّلام) بهذا الإعتبار اُمّ بالنسبة إلى الحقيقة المحمّديّة و الحقيقة العلويّة أيضاً، كما بالنسبة إلى الأئمّة (عليهم السّلام)، و كذا بالنسبة إلى آدم أبي البشر و من بعده ممّن تقدّم و تأخّر، و هي اُمّ أبيها أي محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، و لو جعل المراد كونها اُمّ آدم (عليه السّلام) فالوجه ظاهر، و لكن الظاهر هو الأوّل كما يظهر من البيت المنسوب إلى عليّ أميرالمؤمنين (عليه السّلام) حيث قال:




  • ولدت اُمّي أباها إنّ ذا من عجبات
    و أبي طفل صغير في حجور المرضعات



  • و أبي طفل صغير في حجور المرضعات
    و أبي طفل صغير في حجور المرضعات




فجعلها اُمّاً لنفسه و لأبيها، فالظاهر إرادة كونها اُمّهما، لكن يمكن أن يراد انّها اُمّ لآدم من حيث خلقة آدم (عليه السّلام) و كذا حوّاء من نورها، كما اُشير إليه سابقاً من جهة فيضان الفيوض الإلهيّة إليهما بوساطتها، و قد تولّد منهما أبوها و زوجها، و هي تكون اُم أبيها و زوجها أيضاً بالواسطة.


و هذا وجه آخر غير ما مرّ، و مراده من قوله: «و أبي طفل صغير» هو أبو طالب، أي ولدت فاطمة الزّهراء أباها، و الحال انّ أبا طالب كان طفلاً صغيراً و لم يولّدني بل لم يتزوّج، و إن اُريد آدم (عليه السّلام) و من بعده فيجوز ظاهراً أيضاً بلا إشكال، كما مرّ وجهه.


و يجوز أن يكون اُمَّيّتها من جهة كونها من بين تلك الأنوار في مرتبة الماهيّة،


و تلك الأنوار في مرتبة الوجود و الماهيّة اُمّ له، و هذا أيضاً يرجع إلى الأوّل بنوع من الإعتبار و إن كان غيره في الحقيقة.


ففاطمة الزهراء هي الماهيّة الكلّية، و هي الخزانة التي فيها الصور العلميّة الإلهيّة الكونيّة و الإمكانيّة، فهي بهذا الإعتبار اُمّ لجميع الموجودات السرمديّة و الدهريّة و الزمانيّة، فهي سيدة نساء العالمين، و لا مذكّر في عالم الخلق إلّا و هو مضمّن في بطن اُمّ بالنسبة إليه تربية و تقوية، و تظهره إلى عالم الوجود و تؤدّيه إلى عالم الشهود، و سيدة الجميع هي سيّدة النساء، و لهذا ظهرت في هذا العالم في الصورة الاناثيّة اشارة إلى جهتها الماهويّة.


فهذه الاُنوثيّة أشرف من الذكوريّة، بل كلّ مذكّر مؤنث بالنسبة إليها في قبول التأثّرات و الإنفعالات الكونيّة و الإمكانيّة.


أو المراد انّ كلّ ثمر اُمّ بالنسبة إلى الشجر، لأنّ المقصود من الشجر هو الثمر، و أوّل الفكر آخر العمل، كما قالوا: إنّ أوّل فكر الرجال آخر الأعمال.




  • گر نبودى ميل اُميد ثمر
    پس بمعنى آن شجر از ميوه زاد
    گر بصورت از شجر بودش ولاد



  • كى نشاندى باغبان بيخ شجر
    گر بصورت از شجر بودش ولاد
    گر بصورت از شجر بودش ولاد




و مثل الاُمّ في التأويل الأب، فقد يطلق الأب أيضاً للثمر بالنسبة إلى الشجر، و في بعض الروايات: «أنا و عليّ أبو هذه الاُمّة» بصيغة المفرد أيضاً لا التثنية، كما يظهر من رواية العلل، أي عليّ (عليه السّلام) أيضاً أبو الاُمّة كما أنّ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) أبوها.


و قال (صلّى اللَّه عليه و آله): كلّ مؤمن تقيّ نقيّ فهو إليّ إلى يوم القيامة.


و قال (صلّى اللَّه عليه و آله) أيضاً: آدم و من دونه تحت لوائي يوم القيامة و لا فخر


[مناقب ابن شهرآشوب 1: 214 في اللطائف، عنه البحار 16: 402 ح 1.



و قال (صلّى اللَّه عليه و آله) أيضاً: نحن الآخرون السابقون


[البحار 61: 232 ح 75، عن صحيح مسلم و البخاري، و انظر شرح دعاء الصباح للسبزواري: 66.]


و قال (صلّى اللَّه عليه و آله) أيضاً: أنا الأوّل و الآخر و الباطن و الظاهر


[الإختصاص: 163، عنه البحار 42: 189 ح 8، و نحوه في مناقب ابن شهرآشوب 385:2/ في قضاياه، و مشارق الأنوار: 168/ خطبة التطنجية.]




  • گر بصورت من ز آدم زاده ام
    زين سبب فرموده است آن ذو فنون
    پس ز من زائيد در معنى پدر
    پس ز ميوه زاد در معنى شجر



  • پس بمعنى جدّ جدّ افتاده ام
    رمز نحن الآخرون السابقون
    پس ز ميوه زاد در معنى شجر
    پس ز ميوه زاد در معنى شجر




قال ابن الفارض:




  • و انّي و إن كنت ابن آدم صورة
    فلي فيه معنى شاهد باُبوّتي



  • فلي فيه معنى شاهد باُبوّتي
    فلي فيه معنى شاهد باُبوّتي



[ديوان ابن الفارض: 120/ القصيدة التائبّة الكبرى المسماة بنظم السلوك.]



]


في وجه تكنية الحسين بأبي عبداللَّه



قد ورد في وجه تكنية الحسين (عليه السّلام) بأبي عبد اللَّه سوى وجهه الظاهر المعروف من أنّه كان له ابن صغير مسمّى بعبد اللَّه استشهد بالطّف، انّ المراد من عبداللَّه باطناً هو النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، كما قال تعالى: «سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا الذي باركنا حوله»


[الأسراء: 1.] و ورد في التشهد: «و أشهد أنّ محمداً عبده و رسوله».


و عبداللَّه أشرف ألقاب النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله)، و لا عبد للَّه تعالى في جميع الموجودات أكمل منه في العبوديّة، و فيه أصل العبوديّة التي هي جوهرة كنهها الربوبيّة، و لا شي ء من صفات الربوبيّة و آثار الألوهيّة إلّا و يوجد في العبوديّة الكاملة التي هي مقام الحديدة المحماة بنيران الأنوار الإلهيّة، و هذه العبوديّة هي جعل النفسانيّة مضمحلّة بالمرّة في مقام الفناء في اللَّه و البقاء باللَّه الذي هو مقام: «لنامع اللَّه حالات هو فيها نحن و نحن هو»


[الكلمات المكنونة للفيض: 114/ في معنى الفناء، و مصباح الهداية للإمام الخميني: 67.]




  • رقّ الزجاج و راقت الخمر
    فتشابها و تشاكل الأمر



  • فتشابها و تشاكل الأمر
    فتشابها و تشاكل الأمر








شعر=





  • فكأنّما خمر و لا قدح
    و كأنّما قدح و لا خمر



  • و كأنّما قدح و لا خمر
    و كأنّما قدح و لا خمر



[راجع تفسير صدر المتألّهين 3: 190، ثمّ قال (قدّس سرّه):


و هذا الدعوى
أي فنآء العبد عن نفسه و بقائه بنور الحق على ما هو مشهود العارفين بالعيان- ممَّا اُقيم عليه البرهان، و هو معلوم مِن علْم النفس و كيفيّة تطوّراتها في الأطوار و اتحادها في مدارج الإستكمال بالعقل الفعّال... و مثاله حال الفراش مع الشمع و اشتعاله بشعلة الشمع، فلمّا بذل الفراش للشمع وجوده نال من وجود الشمع مقصوده... و مثال آخر: الحديدة الحامية بالنار حيث انّها لا يزال تتقرب و تتشبّه بالنار حتّى تزول عنها الهويّة الحديديّة، و تصير فانية في هوية الناريّة، و تفعل فعلها من الإحراق و الإضاءة.


فلا تتعجّب من النفس إذا استشرقت بنور اللَّه، و اتصلت بعالم الربوبية و تخلّقت بأخلاق اللَّه ففعلت ما فعلت بقدرة اللَّه لا بقدرتها، و سمعت بسمع اللَّه، و بصرت ببصره...







و هو في عالم الأمر و الكلمة الإلهيّة التي اُشير إليها في حديث كميل، و جعل لها خمس قوى منها البقاء في الفناء و النعيم في الشقاء، بل هو أعلى من هذه المرتبة أيضاً، و هذه المرتبة أقدم و أشرف بالنسبة إلى النبوة و الرسالة بل فوقها بمراتب كثيرة.


و لهذا ذكر في آية الإسراء بلفظ العبد دون أن يقال: بنبيّه و رسوله، إذ لو لا هذا النحو من العبوديّة لم يكن له أن يعرج بالمعراج الجسماني، و يسير في جميع ذرّات الموجودات من الدرّة إلى الذرّة، و الدنيا و الآخرة، و العوالم الزمانيّة و الدهريّة و السرمديّة كلّها في دقيقة واحدة، و في بعض الأخبار في ساعة واحدة.


و ليس المراد الساعة المعهودة، بل المراد تقليل المدّة، و بلحاظ هذا المقام قال عليه الصلاة و السلام: «من رآني فقد رأى الحقّ»


[النهاية1: 413/ حقق، عنه البحار 61: 235، و تفسير صدر المتألهّين 2: 201، و شرح دعاء الصباح للسبزواري: 31، و أورده البخاري في صحيحه 9: 653 ح 1830 كتاب التعبير.]] أي من حيث الحكاية لا الحلول و لا العينيّة، كما لو قال المرآة المقابلة للشمس المواجهة لها: من رآني فقد رأى الشمس، فإنّه صحيح بالوجه الأوّل دون الأخيرين لعدم صحتهما البتة.


و كلّ من زكّى نفسه و أطاع ربّه، فيكون له في رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) اسوة حسنة بقدر ما حصّل من التزكية و ما فيه من القابليّة، فيحصل له نوع مظهريّة


للأوصاف العالية، و نحو ترقّ إلى المدارج السامية، فيشاهد الآيات الكبرى الإلهيّة، و يكون منشأ للأثار الربّانيّة، و ذلك كما يشاهد في الأنبياء و الأولياء و الصدّيقين و الشهداء، بل من دونهم أيضاً في الجملة.




  • برو اندر پى خواجه بأسرى
    برون آ از سراى امّ هانى
    بگو مطلق حديث من رآنى



  • تفرّج كن همه آيات كبرى
    بگو مطلق حديث من رآنى
    بگو مطلق حديث من رآنى




و المراد من الخروج من دار اُمّ هاني في الباطن هو الخروج و التخلّص عن سجن الطبيعة، و الخلاص من القيود النفسيّة حتى يغلب القوّة العقلية على القوّة الوهميّة و الشهويّة و الغضبيّة، و إلى هذا يستند إحياء عيسى (عليه السّلام) الموتى و إبرائه الأكمه و الأبرص، و معجزات جميع الأنبياء و كرامات جميع الأولياء، فإنّ ذلك كلّه خارج عن طوق البشر، مستند إلى أمر ربّ القضاء و القدر، إذ عند ذلك يكون العبد مظهر الأوامر الإلهيّة، و مجمع الآثار الرّبانيّة، فيجوز أن يقول: «من رآني فقد رأى الحقّ» أي من حيث الحكاية، و لكن:




  • اين همه آوازها از شه بود
    گرچه از حلقوم عبد اللَّه بود



  • گرچه از حلقوم عبد اللَّه بود
    گرچه از حلقوم عبد اللَّه بود




و إلى هذا المقام أشار بعض الأعلام بقوله:




  • روا باشد أنا اللَّه از درختى
    چرا نبود روا از نيك بختى



  • چرا نبود روا از نيك بختى
    چرا نبود روا از نيك بختى



و بالجملة فلما ذكر أيضاً (قدّم في التشهد العبوديّة على الرسالة) إشارة إلى أنّ مرتبة الرسالة مؤخّرة عن العبوديّة، و لمّا كان الحسين (عليه السّلام) في هذه النشأة بل في النشآت السابقة أيضاً
بناءاً على أنّ الخاتمة على طبق الفاتحة
أبا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) من جهة كونه مقوّماً لما قرّره من الشريعة، و مربّياً له و موجباً لاستمراره إلى يوم القيامة، و لولاه لا ضمحلت الشريعة، و بطل الدين بالمرّة، بل هذا الكلام يجري في التكوين أيضاً لا التشريع وحده سمّى أبا عبد اللَّه، و قد أطلقوا على السماوات الآباء العلويّة كما للعناصر، و الأرضين الاُمّهات السفليّة.


و قالوا أيضاً: إنّ الآباء أربعة، أب ولّدك، و أب زوّجك، و أب علّمك، و أب ربّاك، حتّى سرّوا حرمة عقوق الوالدين إلى هذه الآباء كما قرّر تفصيله في المقام






الآخر، و يشعر به ما نزل في قصّة إبراهيم (عليه السّلام) مع آزر عمّه بنحو قوله تعالى: «و إذ قال إبراهيم لأبيه أزر»


[الأنعام: 74.



و: «ما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلّا عن موعدة وعدها إيّاه»


[التوبة: 114.]


«يا أبت إنّي أخاف أن يمسّك عذاب من الرحمن»


[مريم: 45.]


«يا أبت إنّي قد جاءني من العلم مالم يأتك»


[مريم: 43.]] إلى غير ذلك.


و بالجملة فكلّها راجعة إلى جهة التربية و التقوية، فهو (صلّى اللَّه عليه و آله) كان أباً لجميع الموجودات حتّى آدم (عليه السّلام) الذي هو أبٌ له في عالم البشريّة، كما أنّ عليّاً (عليه السّلام) هو الاُمّ أو الأب أيضاً للجميع، و جميع الموجودات اُمّة بالنسبة إليهما، قال (صلّى اللَّه عليه و آله): «كنت نبيّاً و آدم بين الماء و الطين»


[مناقب ابن شهرآشوب 214:1/ في اللطائف، عنه البحار 16: 402 ح 1.]


و قد قال عيسى (عليه السّلام) كما في الانجيل-: إنّي أروح إلى أبي، و في رواية اُخرى بزيادة «و أبيكم» و مراده على تقدير صحَّة الرواية هو المربّي- أي اللَّه ربّ العالمين- كما قال تعالى: «يا عيسى إنّي متوفّيك و رافعك إليّ»


[آل عمران: 55.] فتوهّم قومه من جهة الجهالة انّ عيسى ابن اللَّه، فوقعوا في الضلالة.


و قال عبد الباقي الأفندي المشهور، الذي كان بغدادي المسكن، موصليّ الموطن، في ديوانه المسمّى بالباقيات الصالحات الذي جمع فيه أشعاره التي أنشأها في مدائح آل الرسول و مراثيهم، في جملة ما قاله في مدح عليّ (عليه السّلام):




  • يا أبا الأوصياء أنت لطه
    إن للَّه في معانيك سرّاً
    أنت ثاني الآباء في منتهى الدور
    خلق اللَّه آدماً من تراب
    و هو ابن له و أنت أبوه



  • صهره و ابن عمّه و أخوه
    أكثر العالمين ما علموه
    و آباؤه تعدّ بنوه
    و هو ابن له و أنت أبوه
    و هو ابن له و أنت أبوه



[الباقيات الصالحات: 47.







و نحو هذا كثير في الكلام، صحيح عند اُولى الأفهام، و هذا الإطلاق و الإستعمال مبني على ما بيّناه سابقاً من إعتبار الوضع الخاص و الموضوع له العام، فالمأخوذ في أصل معنى الأب و الاُمّ هو التربية على نحو الإجمال و التفصيل، فجميع ما فيه من لوازم الاُمّ الظاهريّة اُمّ، و لذا أيضاً يفسّر الاُمّ في الخبر: «السعيد سعيد في بطن اُمّه... الخ» باُمّ الكتاب، أو بعالم الذّر، أو بالماهيّة، أو المادّة، أو الطبيعة، أو الاُمّ الظاهريّة، أو الدنيا، أو القبر، أو البرزخ، أو الولاية إلى غير ذلك، هذا، و ليس المراد هنا إثبات هذا المطلب بالآيات و الأخبار، و إنّما الغرض مجرّد دفع سورة الإنكار.


سائر ألقابها و كناها



و أمّا الكنى الأخيرة للزهراء ممَّا اُضيف فيها الاُمّ إلى لفظ الخيرة، و المؤمنين، و الأخيار، و نحو ذلك حيث جعلت فاطمة اُمّاً لهم، فهم في الظاهر المؤمنون من هذه الاُمّة، و أمّا في الحقيقة فعامّ شامل لجميع الأنبياء، و الأولياء، و الصدّيقين، و الشهداء، و الصالحين، و من دونهم من المؤمنين من الأوّلين و الآخرين، بل الملائكة أجمعين.


و اُمّ الفضائل أي مجمعها، و اُمّ الأزهار أي مبدأها و منشأها، و اُمّ العلوم أي مأخذها، و اُمّ الكتاب أي الكتاب التدويني و التكويني حيث انّها مشتملة على ما فيهما، و تفاصيل هذه الأمور قد مرّت إليها الإشارة في الجملة، و بسطها لا يليق بالمرحلة.


في تسميتها ببضعة الرسول



و قد ورد في ذلك أخبار كثيرة، مثل ما روي عن ابن أبي وقّاص قال: سمعت


رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) يقول: فاطمة بضعة منّي، من سرّها فقد سرّني، و من ساءها فقد ساءني، فاطمة أعزّ النّاس إليّ


[أمالي المفيد: 259 ح 2 مجلس 31، و أمالي الطوسي: 24 ح 30 مجلس 1، عنه البحار 43: 23 ح 17، و بشارة المصطفى: 85، و العوالم 11: 144 ح 2، و مناقب ابن شهر أشوب 3: 332.]


و عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): يا عليّ إنّ فاطمة بضعة منّي، و هي نور عيني، و ثمرة فؤادي، يسوءني ما ساءها، و يسرّني ما سرّها، و انّها أوّل من يلحقني من أهل بيتي، فأحسن إليها بعدي


[أمالي الصدوق: 394 ح 18 مجلس 73، عنه البحار 43: 24 ح 20، و العوالم 11: 148 ح 18، و روضة الواعظين: 150، بشارة المصطفى: 178.]


و عنه (صلّى اللَّه عليه و آله): إنّ فاطمة شجنة منّي، يؤذيني ما آذاها، و يسرّني ما سرّها، و إنّ اللَّه يغضب لغضب فاطمة، و يرضى لرضاها


[معاني الأخبار: 303 ح 2 عنه البحار 43: 26 ح 26، و العوالم 11: 148 ح 19.]


و روى البخاري عن الصّادق (عليه السّلام)، عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) انّه قال: فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني


[صحيح البخاري 5: 83 ح 232، خصائص النسائي: 122 ح 133، نظم درر السمطين: 176، ينابيع المودة 2: 52 ح 18، مصابيح السنة للبغوي 4: 185 ح 4799، صفة الصفوة 2: 13 كنزل العمال 12: 112 ح 34244، المعجم الكبير للطبراني 22: 404 ح 1012، مسند فاطمة للسيوطي: 50 ط الهند، الفردوس 3: 145 ح 4389، ذخائر العقبى: 37، مناقب ابن شهرآشوب 3: 332، و إسعاف الراغبين: 173.]


و عن حباب في هذا الخبر: و من آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللَّه


[الفصول المهمّة لابن الصباغ: 144، نور الأبصار: 96، إحقاق الحق 10: 212، كشف الغمة 2: 94، عنه البحار 43: 54.]


و في رواية اُخرى عنه (صلّى اللَّه عليه و آله): يريبني ما أرا بها و يؤذيني ما آذاها


[صحيح مسلم 7: 140، سنن الترمذي 5: 359 ح 3959، صفة الصفوة 2: 13، الخصائص للنسائي: 121 ح 130، حلية الأولياء 2: 40 تذكرة الخواص: 310، مسند فاطمة للسيوطي: 53 ط الهند، مقتل الحسين (عليه السّلام) للخوارزمي: 52، الصواعق المحرقة: 289، ينابيع المودّة 2: 478 ح 340، كفاية الطالب: 365، كنز العمال 12: 112 ح 34243، مصابيح السنة للبغوي 4: 185 ح 4799، المعجم الكبير للطبراني 22: 404 ح 1010، إحقاق الحق 10: 190.]]، و فسّروا قوله (صلّى اللَّه عليه و آله) يريبني بمعنى يسوءني و يزعجني.


و في رواية اُخرى: يؤلمني ما يؤلمها


[المناقب للخوارزمي: 353 ح 364، كشف الغمة 1: 373، البحار 43: 133.]


و عن طرق العامّة، عنه (صلّى اللَّه عليه و آله): فاطمة شجنة منّي، يقبضني ما يقبضها، و يبسطني ما يبسطها


[مستدرك الحاكم 3: 168 ح 473، حلية الأولياء 3: 206، مسند فاطمة للسيوطي: 53، المعجم الكبير للطبراني 22: 405 ح 1014، كنز العمال 12: 111 ح 34240، فرائد السمطين 2: 45 ح 377، الصواعق المحرقة: 285، ذخائر العقبى: 38، مناقب ابن شهرآشوب 3: 332، البحار 43: 39 ح 41.]


و في رواية اُخرى: يرضيني ما يرضيها و يسخطني ما يسخطها


[مناقب ابن شهرآشوب 3: 332، كشف الغمة 2: 95، البحار 43: 54 ح 48.]


و عن جابر بن عبد اللَّه، عن النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) انّه قال: فاطمة شعرة منّي، فمن آذى شعرة منّي فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللَّه، و من آذى اللَّه لعنه اللَّه مل ء السماوات و الأرض


[كشف الغمة 2: 95، عنه البحار 43: 54، ح 48، و العوالم 11: 149 ح 21.]


و عن أبي حمزة الثمالي، عن الباقر (عليه السّلام)، عن جدّه انّه قال: قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): إنّ اللَّه يغضب لغضب فاطمة و يرضى لرضاها


[أمالي المفيد: 94 ح 4 مجلس 11، عنه البحار 43: 19 ح 2، و نحوه المعجم الكبير للطبراني 22: 401 ح 1001.]


و عن الصادق (عليه السّلام): إنّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) قال لفاطمة: إنّ اللَّه عزّوجلّ يغضب لغضبك و يرضى لرضاك، و استنكر بعض الرواة ذلك عن الصادق (عليه السّلام) و استعظمه، فقال الصّادق (عليه السّلام) تقريباً لأفهام السامعين: ألستم تروون فيما تروون انّ اللَّه ليغضب لغضب عبده المومن، و يرضى لرضاه؟


قال الراوي: بلى، قال: فما تنكرون أن تكون فاطمة مؤمنة يغضب اللَّه لغضبها و يرضى لرضاها؟ فقال الراوي: اللَّه أعلم حيث يجعل رسالته


[أمالي الصدوق: 313 ح 1 مجلس 61، و أمالي الطوسي: 427 ح 954 مجلس 15 عنهما البحار 43: 21 ح 12 و العوالم 11: 153 ح 34، و المناقب لابن المغازلي: 352 ح 401، و الإحتجاج 2: 254 ح 226، روضة الواعظين: 149، و مناقب ابن شهرآشوب 3: 325. ]


و قد ورد انّ قوله تعالى: «إنّ الذين يؤذون اللَّه و رسوله لعنهم اللَّه في الدنيا و الآخرة و أعدّ لهم عذاباً مهيناً»


[الأحزاب: 57.] إنّما نزل فيمن غصب حقّ أميرالمؤمنين، و أخذ حقّ فاطمة و آذاها، و قد قال النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): من آذاها في موتي كمن آذاها في حياتي، و من آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللَّه، و هو قوله تعالى: «إنّ الذين يؤذون اللَّه و رسوله» الآية


[تفسير القمّي 2: 196، عنه البحار 43: 25 ح 23، و العوالم 11: 143 ح 1، و تفسير الصافي 4: 202، و تفسير كنز الدقائق 10: 439.]


و في بعض الروايات انّه جاء النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) يوماً إلى منزل فاطمة (عليهاالسّلام)، فأخذ بيدها فهزّها إليه هزّاً شديداً، ثمَّ قال: يا فاطمة إيّاك و غضب عليّ، فإنّ اللَّه يغضب لغضبه و يرضى لرضاه، ثمَّ جاء عليّ (عليه السّلام) فأخذ النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) بيده، ثمَّ هزّه إليه هزّاً خفيفاً، ثمَّ قال: يا أبا الحسن إيّاك و غضب فاطمة، فإنّ اللَّه يغضب لغضبها و يرضى لرضاها


[مناقب ابن شهرآشوب 3: 334، عنه البحار 43: 42 ح 42، و العوالم 11: 492 ح 3.


و في ذلك يقول عليّ (عليه السّلام): «و اللَّه ما أغضبتها و لا أكرهتها على أمر حتى قبضها اللَّه عزّوجلّ، و لا أغضبتني و لا عصت لي أمراً، و لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم و الأحزان»، البحار 43: 134.]


و عن صحيح الدارقطني انّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) أمر بقطع لصّ، فقال اللص: يا رسول اللَّه قدّمتها في الإسلام و تأمرها بالقطع؟ فقال: لو كانت إبنتي


فاطمة، فسمعت فاطمة فحزنت، فنزل جبرئيل بقوله تعالى: «لئن أشركت ليحبطنّ عملك»


[الزمر: 65.] فحزن رسول اللَّه، فنزل: «لو كان فيهما آلهة إلّا اللَّه لفسدتا»


[الأنبياء: 22.] فتعجّب النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) من ذلك، فنزل جبرئيل و قال: كانت فاطمة حزنت من قولك فهذه الآيات لموافقتها لترضى


[مناقب ابن شهرآشوب 3: 324، عنه البحار 43: 43 ح 43، و العوالم: 11: 97 ح 1 عن صحيح الدارقطني.]


قال بعضهم: لعلّ المعنى انّ هذه الآيات نزلت لتعلم فاطمة انّ مثل هذا الكلام المشروط لا ينافي جلالة المخاطب و المسند إليه و براءته، لوقوع ذلك بالنسبة إلى الرسول (صلّى اللَّه عليه و آله)، و إلى اللَّه تعالى أيضاً، أو لبيان انّ قطع يد فاطمة بمنزلة الشرك، أو انّ هذا النوع من الخطاب المراد به الاُمّة إنّما صدر لصدور هذا النوع من الكلام بالنسبة إلى فاطمة (عليهاالسّلام)


[راجع البحار 43: 43 ذيل حديث 43.]


و عن عليّ (عليه السّلام): كنّا جلوساً عند رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) فقال: أخبروني أيّ شي ء خير للنساء؟ فعيينا بذلك كلّنا حتّى تفرّقنا، فرجعت إلى فاطمة فاخبرتها الذي قال لنا رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، و انّه ليس أحد منّا علمه و لا عرفه، فقالت: أنا أعرفه، خير للنساء أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال.


فرجعت إلى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) فقلت: يا رسول اللَّه سألتنا أيّ شي ء خير للنساء؟ خير لهنّ أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال، قال: من أخبرك؟ قلت: فاطمة، فأعجب ذلك رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و قال: إنّ فاطمة بضعة منّي


[كشف الغمة 2: 94، عنه البحار 43: 54 ح 48، و نحوه حلية الأولياء 2: 40 باختصار، و المناقب لابن المغازلي: 381 ح 429.]


و روى عن مجاهد قال: خرج النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله) يوماً و هو آخذ بيد فاطمة، فقال: من عرف هذه فقد عرفها، و من لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمّد، و هي بضعة منّي، و هي قلبي و روحي التي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللَّه


[كشف الغمة 2: 94، عنه البحار 43: 54، و العوالم 11: 148 ح 20، و نحوه الفصول المهمة: 144، و نور الأبصار: 96، و احقاق الحق 10: 212.]


إلى غير ذلك من الأخبار المستفيضة بل المتواترة لفظاً أو معنى من الخاصّة و العامّة.


و قد روى مسلم في صحيحه في الجزء الرابع، و الحميدي في الجمع بين الصحيحين، و صاحب كتاب الجمع بين الصحاح الستة في الجزء الثالث، رووا كلّهم عن رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) انّه قال: فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني


[صحيح مسلم 7: 141، محاضرات الاُدباء 4: 479، ذخائر العقبى: 37، العمدة: 384 ح 757، الطرائف: 262 ح 364، إحقاق الحق 10: 116، البحار 43: 39.]


و إنّه قال: فاطمة سيّدة نساء أهل الجنّة


[مستدرك الحاكم 3: 164 ح 4721، الصواعق المحرقة: 290، ينابيع المودة 2: 53 ح 24، الطرائف 263 ح 366، العمدة: 384 ح 756، مناقب ابن شهرآشوب 3: 323.]


قال في الأنوار: و يعجبني نقل مباحثة جرت بين شيخنا البهائي (رحمه اللَّه) و بين عالم من علماء مصر، و هو أعلمهم و أفضلهم، و قد كان شيخنا البهائي (رحمه اللَّه) يظهر لذلك العالم انّه على دينه، فقال له: ما تقول الرافضة الذين قبلكم في الشيخين؟


فقال له البهائي (رحمه اللَّه): قد ذكروا لي حديثين فعجزت عن جوابهم، فقال: ما يقولون؟ قلت: يقولون: إنّ مسلماً روى في صحيحه انّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) قال: من آذى فاطمة فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللَّه، و من آذى اللَّه فقد كفر.


و روى أيضاً مسلم بعد هذا الحديث بخمسة أوراق انّ فاطمة خرجت من الدنيا و هي غاضبة على أبي بكر و عمر، فما أدري ما التوفيق بين هذين الحديثين.


فقال له العالم: دعني الليلة أنظر، فلمّا صار الصبح جاء ذلك العالم و قال للبهائي (رحمه اللَّه): ألم أقل لك انّ الرافضة تكذب في نقل الأحاديث، البارحة طالعت الكتاب فوجدت بين الخبرين أكثر من خمسة أوراق، هذا اعتذاره من معارضة الحديثين


[الأنوار النعمانية 1: 93.]


بيان:


إعلم انّ البَضْعَة- بفتح الباء و قد يُكسر- الجزء من الشي ء و قطعة منه، و البِضع- بكسر الباء و قد يُفتح- هو العدد من الواحد أو الثلاثة إلى التسعة مطلقاً، أو الافراد منه لا الأزواج بمناسبة كون كلّ من هذه المراتب قطعة من العدد، قال تعالى في يوسف (عليه السّلام): «فلبث في السجن بضع سنين»


[يوسف: 42.] أي تسعاً أو سبعاً أو أقلّ، قيل: و الأصحّ سبع سنين بعدد حروف الكلمتين.


و الشِجنة- بالكسر و يُضمّ أيضاً- الشعبة و الغصن من الشجر أو العروق الملتفّة منه، و الحديث ذو شجون أي ذو شعب و امتساك بعضه ببعض، و حاصل المرام فيه انّ الكلام يجرّ الكلام، و شجر مشجّن إذا التفّ بعضه ببعض، و نُقل عن القاسم بن سلام في معنى قول النّبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله): إنّ الرحم شجنة من اللَّه عزّوجلّ أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، إنتهى.


و حاصل معنى الشجنة في الأخبار يرجع إلى معنى البضعة أيضاً، فيكون المراد من الأخبار المذكورة انّ فاطمة (عليهاالسّلام) قطعة من رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و بعض أجزائه، و من آلم و آذى بعض أجزاء الإنسان أي عضواً من أعضائه فقد آلمه، بل ليس إيلامه إلّا إيلامه.


و لا يقدح في ذلك كون الجزء غير الكلّ لما تقرّر في محلّه من انّ المعنى


/ 83