لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




للقواعد الظاهريّة اللفظيّة، لأنّ فاطمة مشتق من الفطم بمعنى الفصل، و منه الفطام في الطفل بمعنى فصله عن اللبن و الارتضاع، يقال: فَطَمَتْ المرضعُ الرضيعَ فَطْمَاً- من باب ضرب- فصلته عن الرضاع، فهي فاطمة و الصغير فطم بمعنى المفطوم.


و أفطم الرجل: دخل في وقت الفطام، مثل أحصد الزرع إذا حان حصاده، و فطمت الحبل: قطعته، و فطمت الرجل عن عادته: إذا منعته عنها.


و ليس الفطم مخصوصاً بالفصل عن اللبن و إن كثر استعماله فيه، بل هو مطلق الفصل عن الشي ء، و معنى القطع و المنع راجع اليه أو متفرّع منه، فيكون معنى فاطمة فاصلة أو قاطعة أو مانعة، و كلّ منها معنى كلّي و ماهيّة مطلقة تصدق مع القيود الكثيرة، فسمّيت من عند اللَّه بها.


و يلزم في تحقيق معنى الفصل أن يكون هناك فاصل و مفصول و مفصول عنه و مفصول به، مثلاً إذا كانت الاُمّ فاطمة لطفلها فهي فاصلة، و الطفل مفصول، و اللبن مفصول عنه، و الغذاء مفصول به، فيكون معنى فاطمة انّها تفطم نفسها و لو بسبب قابليّتها الذاتيّة عن الجهل بالعلم، و عن الشر بالخير، و عن الطمث بالطهارة عن الحمرة، و تفطم ذرّيّتها و شيعتها و من تولّاها و أحبّها عن النار بالجنة، و تفطم أعداءها عن طمع الوراثة باليأس عنها و عن حبّها ببغضها.


فلوحظ في وجه تسميتها بهذا الاسم وجوه متعدّدة، و هي غير داخلة في مفهوم الاسم حتى توجب تعدّد معاني اللفظة، بل هي لحاظات خارجيّة باعتبارها وقعت التسمية، مثلاً لو كان مجي ء زيد من جهة أغراض مختلفة، و أسباب متعدّدة، فقيل: جاء زيد، لم يوجب ذلك كون لفظ المجي ء مستعملاً في المعاني المتعدّدة.


نعم لو جعل فاطمة بالنسبة الى فطم الأعداء أو الأحبّاء بمعنى كونها ذات فطم- من المبنيّ للفاعل، كما هو كذلك- أي ذات فاطميّة، و في فطمها عن الشر بمعنى ذات فطم- من المبنيّ للمفعول- أي ذات مفطوميّة لزم المحذور المذكور، و لكن على التقرير المسطور لا يلزم ذلك المحذور.


و يمكن جعلها بمعنى ذات الفطم مطلقاً من باب النسبة، فيكون جامداً يستوي فيه المذكّر و المؤنّث، و يجعل التاء حينئذٍ للمبالغة كما في نحو اللابن، و الدارع،


و التاجر، و العاشق، و الضامر، و الحائض، و الطالق و غيرها.


و إن قيل: في نحو الحائض وجهان آخران أيضاً، مثل انّ اختصاصه بصفة النساء يؤدّي معنى التاء، لأنّ التاء انّما هي للفرق بين المذكّر و المؤنّث، و الفرق حاصل فيه بنفس اللفظة من جهة ما في معناها من الاختصاص و الخصوصيّة، أو انّه بتقدير موصوف مذكّر، أي انسان حائض مثلاً.


و يرد على الأوّل منهما طرداً و عكساً الأسماء المشتركة السابقة و نحو المستحاضة، و على الثاني جواز نحو هذا في كلّ مادّة، فلا وجه لتخصيص أسماء معدودة، و يمكن جعل فاطمة بالنسبة الى المعاني المذكورة من باب عدم المجاز الجائز من حيث القواعد اللفظيّة.


و التحقيق هو ما فصّلناه من انّ فاطمة بمعنى الفاصلة مطلقاً على التقريب الذي أسلفناه، و المعنى بالنسبة الى نحو الفطم عن الشر مثلاً انّها فطمت نفسها عنه بالاقتضاء الذاتي، و الاستعداد الأصلي، فصارت مفطومة من حيث المآل و الحقيقة، فلا حاجة الى جعل الفاعل بملاحظة هذا المعنى بمعنى المفعول، نظير سرّ كاتم، و مكان عامر، و ماء دافق، و عيشة راضية، على بعض الوجوه الجارية.


أو جعل فاطمة لازمة مشتقّة من أفطم الطفل إذا حان زمان فطمه عن الرضاع، كما ذكر الفاضل المجلسي (رحمه اللَّه) حيث قال في بيان معنى قوله (صلّى اللَّه عليه و آله) «فطمتك بالعلم» الوارد في الخبر: انّ معناه أرضعتك بالعلم حتى استغنيت و فطمت، أو قطعتك عن الجهل بسبب العلم، أو جعلت فطامك من اللبن مقروناً بالعلم كناية عن كونها في بدوّ فطرتها عالمة بالعلوم الربّانيّة.


و على التقادير يكون الفاعل بمعنى المفعول أو يقرأ: (فطّمتك) على بناء التفعيل، أي جعلتك قاطعة الناس من الجهل، أو المعنى انّه لمّا فطمها عن الجهل فهي تفطم الناس عنه، و الوجهان الاخيران يشكل إجرائهما في قوله: «فطمتك عن الطمث» الا بتكلّف، بأن يُجعل الطمث كناية عن الأخلاق و الأفعال الذميمة، أو يقال على الثالث فطمتك عن الأدناس الروحانيّة و الجسمانيّة، فأنت تفطمي الناس


عن الأدناس المعنويّة


[البحار 43: 13، ذيل حديث: 9.]


و قد جعل الفاضل المذكور فاطمة في بعض الأخبار الاُخر لازمة على نحو ما مرّ، و كلّ ما ذكره في توجيه اللفظ و المعنى في المرحلة تكلّف مستغنى عنه بالنسبة الى ما أسلفناه كما لا يخفى، مع انّه يرد عليه المحذور الذي ذكرنا أي استعمال اللفظ في أكثر من معنى، نعم يمكن جعل فاطمة في جميع الوجوه بمعنى المفعول أي المفطومة من باب الصفة بحال المتعلّق بلحاظ المآل و الحقيقة، أو جعله بمعنى ذات الفطم من المصدر المبنيّ للفاعل أو المفعول، لكن على سبيل القضيّة الكلّيّة لا الجزئيّة، كما لا يخفى.


و بالجملة فاختلاف الأخبار في بيان وجه التسمية اشارة الى عدم انحصاره في شي ء، أو كون معناها معنى كلّيّاً يشمل على وجوه كثيرة، فيحتمل احتمالاً ظاهراً أن يكون ملحوظاً في وجه التسمية امور على حدة أيضاً، كفطمها عن الأخلاق الرذيلة بالأخلاق الفاضلة، و عن الأحوال الخبيثة بالأحوال الطيّبة الزكيّة، و عن الأفعال القبيحة بالأفعال الحسنة، و عن الظلمانيّة بالنورانيّة، و عن السهو و الغفلة بالذكر و المعرفة، و عن عدم العصمة بالمعصوميّة، و بالجملة عن جميع جهات النقيصة بالكمالات العقلانية و الروحانيّة و النفسانيّة و الجسمانيّة و لوازمها الظاهرية و الباطنيّة.


فيلزم حينئذٍ أن تكون لها العصمة الكبرى في الدنيا و الاخرة و الاولى، فتكون حينئذٍ معصومة، تقيّة، نقيّة وليّة، صدّيقة، مباركة، طاهرة الى آخر الأسماء المذكورة في الرواية و غير الرواية.


و تخصيص أسمائها بالتسعة في الخبر الصادقي امّا من جهة اشتمالها من حيث المعنى على سائر الأسماء أيضاً، أو من جهة صدور التسمية بها من جانب اللَّه سبحانه بلا واسطة، كما يشعر به قوله (عليه السّلام): «لفاطمة تسعة أسماء عند اللَّه تعالى» مع انّ تخصيص الشي ء بالذكر لا ينفي الغير و لا يفيد الحصر، و يمكن اثبات


معصوميّتها (عليهاالسّلام) بملاحظة خصوص معنى فطمها عن الشر أيضاً، إذ لا خير في المعصية كما لا معصية في الخير، كما لا خير في الخباثة الحاليّة و الرذالة الخلقيّة بل كلّها شرّ لا محالة.


تنبيه: بقي هنا شي ء و هو انّ معنى الفطم يستلزم ثبوت المفطوم عنه في المفطوم، بل رسوخه حتى يفطم عنه بشي ء آخر يجعل بدله، و اعتبار هذا المعنى يستلزم عدم المعصوميّة في الحالة السابقة.


و وجه دفع الاشكال على نحو الاجمال، انّ معنى الفطم و إن كان كذلك في أصل اللغة الّا انّه يستعمل كثيراً- و لو من جهة القرائن الخارجيّة- فيما كان ثبوت هذا المعنى فيه بالشأن و القوّة لا بالفعل، و لمّا كانت فاطمة (عليهاالسّلام) من جملة أفراد الممكنات، و ماهيّة الممكن من حيث هي من شأنها الظلمة و صدور المعصية مثلاً، كما قيل:




  • سيه روئى ز ممكن در دو عالم
    جدا هرگز نشد و اللَّه اعلم



  • جدا هرگز نشد و اللَّه اعلم
    جدا هرگز نشد و اللَّه اعلم



فصحّ اطلاق الفطم حينئذٍ بالنظر الى هذه الصفة اللازمة الامكانيّة، فبعد ملاحظة ثبوت الفطم في المرتبة الثانية يثبت معصوميّتها الأصليّة و طهارتها الجبلّيّة، فينتفي عنها الكدورات الامكانيّة، و الشوائب الكونيّة، فتكون كما قيل:




  • چو ممكن گرد امكان برفشاند
    بجز واجب دگر چيزى نماند



  • بجز واجب دگر چيزى نماند
    بجز واجب دگر چيزى نماند




و من جهة ما اُشير اليه كانت معصوميّة المعصومين اختياريّة، يستحقّون بها الحمد و الفضيلة لا جبريّة و قهريّة، و الّا لم يبق لهم الفضيلة في العصمة، و لكانت مستندة على الجبر، و لا فضيلة في العصمة القهريّة.


و يمكن أن يكون ذلك بملاحظة ما كان الناس يتصوّرونه من جواز صدور المعصية عنهم (عليهم السّلام) مثلاً، كما هو شأن البشريّة و لو من جهة الشبهة، حيث انّهم رأوهم في صورة البشر فتوهّموا كونهم متصفين بلوازم البشريّة، و لهذا:




  • هم سرى با انبيا برداشتند
    اين ندانستند ايشان از عَمى
    اين زمين پاك و آن شور است و بد
    هر دو صورت گر بهم ماند رواست
    رحمة اللَّه اين عمل را در قفا
    لعنة اللَّه آن عمل را در جزا



  • جسم ديدند آدمى انگاشتند
    هست فرقى در ميان بى منتهى
    اين فرشته پاك و آن ديو است و دد
    آب تلخ و آب شيرين را رواست
    لعنة اللَّه آن عمل را در جزا
    لعنة اللَّه آن عمل را در جزا




و نظير ذلك دلالة آية التطهير على الطهارة الخلقيّة الأصليّة كما استدلّوا بها على ذلك، أي اثبات طهارتهم الذاتيّة و نظافتهم الجبلّيّة، مع انّ ظاهر التطهير أيضاً هو طروّا الطهارة بعد الخباثة، سيّما بملاحظة قوله تعالى: «يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيراً»


[الأحزاب: 33.

بذكر الارادة و الاذهاب بصيغة المضارع.


و يشعر بل يدلّ على نظافتها الأصليّة انّ تسميتها بفاطمة انّما وقعت في زمان الولادة، و في هذه الحالة لا تكليف و لا معصية البتة حتى ترد الشبهة، لانّه إذا حصل الطهارة بالفطم عن الشر في أيّام الطفوليّة، فلا يبقى معنى لطروّا الطهارة المستلزم لسبق الخباثة.


و امّا وجه كون اشتقاق فاطمة من فاطر مع مغايرة المادّة، فهو امّا من باب الاشتقاق الكبير، مثل نعق من النهق، و ثبت من الثلم، بقلب بعض الحروف بعضاً و المعنى على حاله، أو بتفاوت في الجملة، فانّ الفطر امّا بمعنى الشقّ، أو الابتداء، أو نحوهما، و معنى الفطم- و هو الفصل- مستلزم لهما و لا يخلو منهما أيضاً، و يكون هذا اشارة الى كونها (عليهاالسّلام) مظهر صفات الربوبيّة كسائر الأنوار المطهّرة.


أو هو مثل اشتقاق بكّة اسم مكّة من البكاء لبكاء آدم (عليه السّلام) فيها، و اشتقاق مكة من المكاء، كما قال تعالى: «و ما كان صلاتهم عند البيت الّا مكاء و تصدية»


[الانفال: 35.]]، و الشيعة من الشعاع لكونهم خلقوا من شعاع أنوارهم، و هو المراد من «فاضل طينتهم»، و الطبيب من الطيّب.


كما روي في العلل انّ الداء من اللَّه، و الدواء أيضاً من اللَّه، و انّما سمّي الطبيب طبيباً لأنّه يطيب به نفوس الناس


[علل الشرائع: 525 ح 1 باب 304، عنه البحار 62: 62 ح 1، و الكافي 8: 88 ح 52.]، و هذا قسم من الاشتقاق ثابت شرعاً بملاحظة مناسبة اللفظ في الجملة، و هو غير الاشتقاق الشائع بين أهل الظاهر.


و يمكن تطبيق كلّ ذلك على القواعد اللفظيّة أيضاً، لأنّ المضاعف كما ذكروا يلحقه الابدال و الحذف مثل المعتلّ، مثل: أحسيت و أحست في أحسست، و أمليت في أمللت، و تقضّى البازي و أصله تقضّض لثقل الفعل بالتضعيف، فاُعطي حكم حرف العلّة، و الحرفان المتقاربان مخرجاً يقلب أحدهما الى الآخر كالراء و الميم مثلاً، و نحو ذلك.


الأخبار في تسميتها بالزهراء



و منها الزهراء سمّيت بذلك لما وَرَدَ في الأخبار.


منها ما روى الصدوق (رحمه اللَّه) في العلل، عن أبان بن تغلب، عن الصادق (عليه السّلام) قال: قلت له: يا ابن رسول اللَّه لم سمّيت الزهراء زهراء؟


فقال: لأنّها كانت تزهر لأميرالمؤمنين (عليه السّلام) ثلاث مرّات بالنور، في كلّ يوم يزهر نور وجهها وقت صلاة الغداة و الناس على فرشهم، فيدخل بياض ذلك النور الى حجراتهم بالمدينة، فتبيضّ حيطانهم فيعجبون من ذلك، فيأتون النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) فيسألونه عمّا رأوا، فيرسلهم الى منزل فاطمة، فيأتون منزلها فيرونها قاعدة في محرابها تصلّي و النور يسطع في محرابها من وجهها، فيعلمون انّ الذي رأوه كان من نور فاطمة (عليهاالسّلام).


فاذا نصف النهار و تزيّنت للصلاة- و في بعض النسخ تربّت أي ثبتت، أو تهيّأت للصلاة- زهر نور وجهها بالصفرة، فيدخل الصفرة حجرات الناس، فتصفرّ ثيابهم و ألوانهم، فيأتون النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) فيسألونه عمّا رأوه، فيرسلهم الى منزل فاطمة فيرونها قائمة في محرابها و قد زهر نور وجهها بالصفرة، فيعلمون انّ الذي رأوا كان من نور وجهها.


فاذا كان آخر النّهار و غربت الشمس احمرّ وجه فاطمة (عليهاالسّلام)، فأشرق وجهها بالحمرة فرحاً و شكراً للَّه تعالى، فكان يدخل حمرة وجهها حجرات القوم و تحمرّ حيطانهم، فيعجبون من ذلك و يأتون النبي و يسألونه عن ذلك، فيرسلهم الى منزل فاطمة، فيرونها جالسة تسبّح اللَّه و تمجّده و نور وجهها يزهر بالحمرة، فيعلمون انّ الذي رأوا كان من نور فاطمة (عليهاالسّلام).


و لم يزل ذلك النور في وجهها حتى ولد الحسن، فهو يتقلّب في وجوهنا الى يوم القيامة في الأئمة منّا أهل البيت، امام بعد امام


[علل الشرائع: 180 ح 2، عنه البحار 43: 11 ح 2، و العوالم 11: 76 ح 6، و الانوار النعمانية 1: 72.]


و في رواية اُخرى عن محمّد بن عمارة، عن أبيه، قال: سألت الصادق (عليه السّلام) عن فاطمة (عليهاالسّلام) لم سمّيت زهراء؟ فقال (عليه السّلام): لأنّها كانت إذا قامت في محرابها زهر نورها لأهل السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض


[معاني الأخبار 64 ح 15، علل الشرائع 181 ح 3، عنهما البحار 43: 12 ح 6، و العوالم 11: 77 ح 7، و دلائل الامامة: 149 ح 59، و دلائل الزهراء: 111 ح 59.]


و عن العسكري (عليه السّلام): سمّيت فاطمة زهراء لأنّه كان نور وجهها يزهر لأميرالمؤمنين (عليه السّلام) من أوّل النهار كالشمس الضّاحية، و عند الزوال كالقمر المنير، و عند غروب الشمس كالكوكب الدرّي


[مناقب ابن شهرآشوب 3: 330/ في منزلتها عند اللَّه، عنه البحار 43: 16 ضمن حديث 14، و العوالم 11: 78 ح 10.]


و في خبر آخر في بيان كيفيّة ولادتها (عليهاالسّلام) انّه حدث عند ولادتها في السماء نور ظاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، بل في مكّة و جميع الأرض، كما في الخبر الآخر


[أمالي الصدوق: 476 ح 1 مجلس 87، عنه البحار 43: 3 ح 1، و العوالم 11: 56 ح 1.]


و روي عن النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) انّي رأيت ليلة الاسراء امرأة في الجنّة في غاية البهاء و الجلالة قد بهر نورها جميع الموجودات، و هي جالسة على سرير من أسرّة الجنّة، و على رأسها تاج مكلّل، و في أذنيها قرطان يزهران لأهل الأرض و السماء، أحدهما من الزمردة الخضراء و الاخر من الياقوتة الحمراء، فسألت جبرئيل عنها فقال: هذه بنتك فاطمة الزهراء، و التاج على رأسها هو عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) زوجها، و القرطان في اذنيها الحسن و الحسين (عليهماالسّلام) ولداها


[لم نعثر على هذا النص لكن هناك عدة أحاديث في انّ اللَّه تعالى لما خلق آدم و حوّاء تبخترا فرء يا جارية... الى اخر الحديث، راجع مقتل الحسين للخوارزمي: 65، و ميزان الاعتدال للذهبي 2: 73 و مودة القربى: 100، و ينابيع المودة: 309، احقاق الحق 9: 259.]


و روى جابر عن الصادق (عليه السّلام) قال: قلت له: لم سمّيت الزهراء زهراء؟ فقال (عليه السّلام): لأنّ اللَّه تعالى خلقها من نور عظمته، فلمّا أشرقت أضاءت السماوات و الأرضين، و غشيت أبصار الملائكة، و خرّت الملائكة للَّه تعالى ساجدين، و قالوا: إلهنا و سيدنا ما هذا النور؟ فأوحى اللَّه اليهم: هذا نور من نوري، أسكنته في سمائي، خلقته من عظمتي، أخرجته من صلب نبيّ من أنبيائي، افضّله على جميع الأنبياء، و اخرج من ذلك النور أئمة يقومون بأمري، و يهدون الى حقّي، و أجعلهم خلفائي في أرضي بعد انقضاء وصيّ نبييّ


[علل الشرائع: 179 ح 1، عنه البحار 43: 12 ح 5، و العوالم 11: 76 ح 5، و المحجة البيضاء 4: 213، كشف الغمة 2: 92.]


و عن الصادق (عليه السّلام): سمّيت فاطمة الزهراء لأنّ لها في الجنّة قبّة من ياقوتة حمراء ارتفاعها في الهواء مسيرة سنة متعلّقة بقدرة الجبّار، لا علاقة لها من فوقها فتمسكها، و لا دعامة لها من تحتها فتلزمها، لها مائة ألف باب، و على كلّ باب ألف من الملائكة يراها أهل الجنّة كما يرى أحدكم الكوكب الدرّي الزاهر في اُفق السماء، فيقولون: هذه الزهراء لفاطمة. انتهى


[مناقب ابن شهرآشوب 3: 330/ في منزلتها عند اللَّه، عنه البحار 43: 16 ضمن حديث 14، و العوالم 11: 78 ح 8.]


أقول: و على هذا الخبر يجوز إضافة فاطمة الى الزهراء بمعنى فاطمة القبّة الزهراء، سوى الوجه المشهور في اجتماع الاسم و اللقب المشار اليه في ألفيّة ابن مالك بقوله:




  • و إن يكونا مفردين فأضف
    حتماً و الا اتبع الذي ردف



  • حتماً و الا اتبع الذي ردف
    حتماً و الا اتبع الذي ردف



و عن سلمان في حديث طويل سأل فيه العباس عمّ النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) و قال له: ما سبب فضل عليّ على ما سواك يا رسول اللَّه مع انّ المعادن واحدة، فقال النبي (صلّى اللَّه عليه و آله): انّ اللَّه خلقني و عليّاً إذ لا سماء و لا أرض و لا غير


ذلك
الى أن قال:
فلمّا أراد اللَّه بدءُ خلقتنا تكلّم بكلمة فكانت نوراً، ثم تكلّم بكلمة ثانية فكانت روحاً، فمزج بينهما و خلقني و عليّاً منهما.


ثم فتق من نوري نور العرش، فأنا أجلّ من العرش، و من نور عليّ نور السماوات، فعليّ أجلّ من السماوات، و من نور الحسن نور الشمس فالحسن أجلّ من الشمس، و من نور الحسين نور القمر، فالحسين أجلّ من القمر، فكانت الملائكة تسبّح اللَّه بقولهم: «سبّوح قدّوس من أنوار ما أكرمها على اللَّه».


فلمّا أراد اللَّه أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحاباً من ظلمة، و كانت الملائكة لا تنظر أوّلها من آخرها و بالعكس، فقالت الملائكة: إلهنا نسألك بحقّ هذه الأنوار الّا ما كشفت عنّا، فقال تعالى: لأفعلنّ، فخلق نور فاطمة الزهراء يومئذٍ كالقنديل، و علّقه في قرطي العرش، فزهرت السماوات و الأرضون، و كانت الملائكة تسبّح اللَّه و تقدّسه، فقال اللَّه تعالى: لأجعلنّ ثواب تسبيحكم و تقديسكم الى يوم القيامة لمحبّي هذه المرأة و أبيها و بعلها و بنيها


[ارشاد القلوب: 403، عنه البحار 43: 17 ح 16، و العوالم 11: 17 ح 1.



و روى عبداللَّه بن مسعود قال: دخلت على رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و قلت: يا رسول اللَّه أرني الحقّ لأصل اليه، فقال: يا عبداللَّه لج المخدع، فولجت المخدع فاذا عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) يصلّي و يقول في ركوعه و سجوده: «اللهمّ بحقّ محمّد عبدك و رسولك اغفر للخاطئين من شيعتي».


فخرجت حتى اُخبر رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فسمعته يقول: «اللهمّ بحقّ عليّ بن أبي طالب عبدك الّا ما غفرت للخاطئين من اُمّتي».


فقال: فأخذني من ذلك الهلع العظيم، فأوجز النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) في صلاته و قال: يا ابن مسعود أكفر بعد الايمان؟ فقلت: حاشا و كلّا يا رسول اللَّه، و لكن رأيت عليّاً يسأل بك و رأيتك تسأل اللَّه به، و لا أعلم أيّكما أفضل عنداللَّه، فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): اجلس يا ابن مسعود، فجلست بين يديه فقال: اعلم انّ اللَّه تعالى خلقني و عليّاً من نور عظمته قبل أن يخلق الخلق بألفي عام، إذ لا تسبيح و لا تقديس و لا تهليل.






ففتق نوري فخلق منه السماوات و الأرض، و أنا و اللَّه أجلّ من السماوات و الأرض، و فتق نور عليّ بن أبي طالب فخلق منه العرش و الكرسي، و عليّ و اللَّه أجلّ من العرش و الكرسي، و فتق نور الحسن فخلق منه اللوح و القلم، و الحسن و اللَّه أجلّ من اللوح و القلم، و فتق نور الحسين و خلق منه الجنان و الحور العين، و الحسين و اللَّه أجلّ من الجنان و الحور العين.


ثم أظلمت المشارق و المغارب، فشكت الملائكة الى اللَّه عزوجل أن يكشف عنهم تلك الظلمة، فتكلّم اللَّه جلّ جلاله بكلمة فخلق منها روحاً، ثم تكلّم بكلمة فخلق من تلك الكلمة الاخرى نوراً، فأضاف النور الى تلك الروح و أقامها أمام العرش، فأزهرت المشارق و المغارب، فهي فاطمة الزهراء، فلذلك سمّيت الزهراء، يا ابن مسعود إذا كان يوم القيامة يقول اللَّه عزوجل لي و لعليّ: أدخلا الجنّة مَنْ شئتما و أدخلا النار مَنْ شئتما.


و ذلك قوله تعالى: «ألقيا في جهنّم كلّ كفّار عنيد»


[ق: 24.]] فالكافر من جحد نبوّتي، و العنيد من جحد ولاية عليّ بن أبي طالب


[الفضائل لابن شاذان: 128، عنه البحار 40: 43 ح 81، و تأويل الآيات: 591، و تفسير كنز الدقائق 12: 386/ سورة ق، و أورده الجزائري في الأنوار النعمانيّة 1: 17.]، و هذه جملة من الأخبار المذكورة في المقام.


بيان: قال السيد الجزائري (رحمه اللَّه) بعد ذكر الخبر الأوّل: و لعلّك تطلب وجه اختصاص هذه الأنوار بهذه الأوقات، فنقول: يجوز أن يكون وجهه انّ النور الأبيض يدخل اليهم وقت الصبح و هم نيام، ليكشف عنهم بقيّة ظلام الليل فيقوموا الى الصلاة، و أيضاً ينبغي أن يكون مخالفاً لأوّل نور الشمس عند طلوعها حتّى لا يشتبه على الناس أحد اللونين بالآخر، فانّ نور الشمس أصفر في ذلك الوقت.


و امّا عن انتصاف النّهار فنور الشمس أبيض، فيكون نورها أصفر خلافاً له لتلك العلّة و لأنّه نور الخوف، لأنّ وقت الزوال يفتح أبواب السماء، و تنظر الملائكة


الى الأرض، و نور الخوف أصفر، و أمّا آخر النّهار فهو نور المحبّة و الشكر على أداء الفرائض، كما يظهر من قوله (عليه السّلام): «فرحاً و شكراً للَّه عزوجل» و نور المحبّة أحمر كما هو المتعارف، انتهى


[الأنوار النعمانية 1: 72.]


و يجوز أن يذكر هنا وجه آخر أمتن و أقوى و أولى و أتقن، و هو يحتاج الى تمهيد مقدمة، و هي انّ العرش في الأخبار جاء على معان كثيرة، حتى جعلوها منتهية الى ستين أو سبعين معنى، كما نقل عن تفسير نور الثقلين، منها الثمانية المشهورة، أوّلها: الفلك التاسع المحيط بالمخلوقات، و لذا سمّوه محدّد الجهات، و منتهى الاشارات، و المشهور في اصطلاح الحكماء هو هذا.


و الثاني: علم اللَّه المحيط بجميع الأشياء المراد في قوله تعالى: «و يحمل عرش ربّك فوقهم يومئذٍ ثمانية»


[الحاقة: 17.]، و روي انّ أربعة منهم من الأوّلين: نوح، و ابراهيم، و موسى، و عيسى، و أربعة من الآخرين: محمد، و عليّ و الحسنان


[الكافي 4: 585 ح 4، عنه البحار 100: 123 ح 29، و التهذيب 6: 84 ح 3، و الاعتقادات للصدوق: 24/ الاعتقاد في العرش، و كامل الزيارات: 307، تفسير القمي 2: 384.]، كما انّ في عالم الظاهر نور الشرائع الظاهرة مستند الى هذه الثمانية.


و الثالث: ملك اللَّه المراد في قوله تعالى: «لا اله الّا هو ربّ العرش العظيم»


[النمل: 26.]


و الرابع: عالم الامكان المراد في قوله تعالى: «الرحمن على العرش استوى»


[طه: 5.]


و الخامس: صفات الجلال و الاكرام.


و السادس: قلوب العباد المؤمنين، كما في الحديث القدسي: «ما وسعني عرشي و لا سمائي، بل وسعني قلب عبدي المؤمن»


[راجع البحار 58: 39 ح 61.]، كذا قيل.


و السابع: عالم الأمر أي التصرّف الايجادي.


و الثامن: مجموع مخلوقات الباري تعالى.


و هذا الأخير هو الشائع الكثير، فلعالم الخلق الذي هو المعنى الأخير، و هو العرش الحقيقي أربعة أركان: الخلق، و الرزق، و الحيات، و الممات، و لكلّ ركن منها نور من الأنوار الأربعة: النور الأبيض و الأصفر و الأحمر و الأخضر، و هذه الأركان الأربعة على كاهل الملائكة الأربعة.


و باطن هذه الأربعة العقل الكلّي، و الروح الكلّي، و النفس الكلّي، و الطبيعة الكلّيّة، و أوّل الألوان هو البياض لبساطته و عدم تراكم الطوارئ عليه، و الثاني الصفرة الحاصلة بتراكم البياض و اشتداده، ثم الحمرة باشتداد الصفرة، ثم الخضرة باشتداد الحمرة، و من هذه الألوان تلوّنت كلّما في الكون من المكوّنات، امّا بالنور الأصلي أو بأشعّته العكسيّة، فالألوان البيض التي بها تزيّنت الجنّة من عكوس النور الأبيض، و هكذا البواقي، و ألوان عالم البرزخ من عكوس ألوان الجنّة الاخرويّة، و ألوان الدنيا من عكوس الجنّة البرزخيّة.




  • باغها و سبزه ها در عين جان
    باغها و سبزه ها اندر دل است
    گر نبودى عكس آن سرو سرور
    اين غرور آن است يعنى اين خيال
    كلّ ما في الكون وهم أو خيال
    جمله مغروران بر اين عكس آمده
    مى گريزند از اصول باغها
    تا كه خواب غفلتشان شد بسر
    راست بينند و چه سود آنگه نظر



  • بر برون عكسش چو بر آب روان
    عكس لطف آن بر اين آب و گل است
    كى بخواندى ايزدش دارالغرور
    هست از عكس دل و جان رجال
    أو عكوس في المرايا أو ظلال
    بر خيالى كاين بود جنّتكده
    بر خيالى مى كنند اين لاغها
    راست بينند و چه سود آنگه نظر
    راست بينند و چه سود آنگه نظر



و بالجملة فنور العقل أبيض، و نور الروح أصفر، و نور النفس أحمر، و نور الطبيعة أخضر، و في الرواية عن الباقر، عن عليّ بن الحسين (عليه السّلام): انّ اللَّه عزوجل خلق العرش من أنوار مختلفة، فمن ذلك النور نور أخضر اخضرّت منه






الخضرة، و نور أحمر احمرّت منه الحمرة، و نور أصفر اصفرّت منه الصفرة، و نور أبيض و هو نور الأنوار، و منه ضوء النهار


[تفسير القمي 2: 24/ سورة بني اسرائيل، عنه البحار 24: 375 ح 103.



ثم انّ اليوم من ابتداء طلوع الشمس ثمّ سيرها الى الغروب مثال حال للقوس النزولي، و هو القوس المفروض من تنزّلات العقل من عالم العقول الى عالم الطبائع المتجسّدة بالأجسام، و الغروب الى الطلوع مثال حال للقوس الصعودي من عالم الأجسام الى عالم العقول، فانّ زمان نزول العقل الى عالم الأجسام يعدّ خمسين ألف سنة، و الرجوع الى عالم الاخرة بنحو الصعود أيضاً خمسون ألف سنة، فينزل الأمر من السماء الى الأرض- أي من سماء عالم العقول الى أرض الأجسام- ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة.


و قد ورد أيضاً انّ عمر الدنيا مائة ألف سنة بمقدار اليوم و الليلة من أيّام السنة الالهيّة، فانّ كلّ يوم منها خمسون ألف سنة كالليلة التي هي بدلها، بل هي أيضاً يوم بالاعتبار الآخر، و يدلّ عليه الآية السابقة، كما انّ كلّ يوم من الأيّام الربّانيّة ألف سنة، لقوله تعالى: «و انّ يوماً عند ربّك كألف سنة ممّا تعدّون»


[الحج: 47.]]


و فاطمة الزهراء لكونها من جنس العقل الكلّي، فإنّ أنوار المعصومين (عليهم السّلام) جميعاً من طينة واحدة لكن بالتقدّم و التأخّر كالضوء من الضوء، على ما مرّت إليه الإشارة.


فمن جهة حكاية عالم الباطن و الحقيقة، كان نورها (عليهاالسّلام) في ابتداء طلوع الشمس الحاكي لطلوع شمس فيض الوجود بوساطة العقل الكلّي أبيض، و في وسط النهار الذي هو برزخ بين المشرق و المغرب الحاكي لتنزّل العقل إلى مقام الرّوح كان نورها أصفر، و في زمان الغروب الذي هو مقام ظهور النفس لغروب شمس العقل في عالم الطبائع بتعلّق النفس بها كان نورها أحمر، و في وسط اللّيل الذي هو مقام تحقق الطبيعة يكون نورها (عليهاالسّلام) أخضر.


/ 83