لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


«فآت ذا القربى حقّه...» الآية

[الروم: 38.]، فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): من ذو القربى و ما الحق؟ قال جبرئيل: ذو القربى فاطمة (عليهاالسّلام) و حقّها فدك، فطلب (صلّى اللَّه عليه و آله) فاطمة و كتب بذلك وثيقة و أعطاها فدكاً، فلمّا مضى غصبها عنها أبوبكر و عمر... إلى آخر الخبر

[راجع البحار 21: 22 ح 17.]

و في كتاب الإختصاص عن الصادق (عليه السّلام) انّ اُمّ أيمن شهدت عند أبي بكر وعمر بأنّي كنت يوماً في منزل فاطمة و رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) جالس، فنزل جبرئيل و قال: يا محمّد قم بأمر اللَّه سبحانه، فإنّ اللَّه أمرني بأن أخطّ لك بجناحي ملك فدك و اُعرّفها لك و اُسخّرها منك.

فقام (صلّى اللَّه عليه و آله) و ذهب ثم رجع، فقالت فاطمة (عليهاالسّلام): إلى أين ذهبت يا أبة؟ قال: إنّ جبرئيل خطّ لي أملاك فدك بجناحه و عرّفني حدودها، و أمرني أن اُسلّمها لك، فسلّمها (صلّى اللَّه عليه و آله) إيّاها و أشهدني على ذلك مع عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)

[الإختصاص: 183 عنه البحار 29: 189 ح 39، و العوالم 11: 647 ح 2.]

و في البحار عن الصادق (عليه السّلام) انّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) خرج في غزاة، فلمّا انصرف راجعاً نزل في بعض الطريق و الناس معه إذ أتاه جبرئيل فقال: يا محمّد قم فاركب، فركب النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) و جبرئيل معه، فطويت له الأرض كطيّ الثوب حتى انتهى إلى فدك، فلمّا سمع أهل فدك وقع الخيل ظنّوا انّ عدوّهم قد جاءهم، فغلقوا أبواب المدينة، و دفعوا المفاتيح إلى عجوز لهم في بيت لها خارج من المدينة، و لحقوا برؤوس الجبال، فأتى جبرئيل إلى العجوز حتى أخذ المفاتيح.

ثم فتح أبواب المدينة و دار النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) في بيوتها و داراتها، فقال جبرئيل: يا محمَّد هذا ما خصّك اللَّه به و أعطاكه دون الناس، و هو قوله تعالى:

«ما أفاء اللَّه على رسوله...» الآية

[الحشر: 6.]

ثم غلق الباب و دفع المفاتيح إليه، فجعله رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) في غلاف سيفه و هو معلّق بالرحل، ثمّ ركب و طويت له الأرض، فأتاهم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و هم على مجالسهم لم يتفرّقوا و لم يبرحوا، فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): قد انتهينا إلى فدك، و انّي قد أفاءها اللَّه عليّ.

فغمز المنافقون بعضهم بعضاً فقال (صلّى اللَّه عليه و آله): هذه مفاتيح فدك، فأخرجها من غلاف سيفه، فركبوا و لمّا دخلوا المدينة دخل النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) على فاطمة (عليهاالسّلام) و قال: يا بنيّة انّ اللَّه قد أفاء على أبيك فدك و اختصّه بها، فهي له خاصّة دون المؤمنين، أفعل بها ما أشاء، و انّه قد كان لأمّك خديجة على أبيك مهر، و انّ أباك قد جعلها لك بذلك، و أنحلها لك و لولدك بعدك.

و دعا عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام) فقال: اُكتب لفاطمة بفدك نحلة من رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فشهد على ذلك عليّ (عليه السّلام) و مولى رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و اُمّ أيمن، فقال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه وآله): إنّ اُمّ أيمن إمرأة من أهل الجنة، و جاء أهل فدك إلى النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) فقاطعهم في النصف على أربعة و عشرين ألف دينار في كلّ سنة

[الخرائج 1: 112 ح 187، عنه البحار 29: 114 ح 10.]

و في رواية اُخرى: سبعين ألف دينار.

قال ابن أبي الحديد بعد ذكر مصالحة فدك مع أهلها على النصف: فلم يزل الأمر كذلك حتى أخرجهم عمر و أجلاهم، بعد أن عوّضهم عن النصف الآخر الذي كان لهم عوضاً عن إبل و غيرها

[شرح نهج البلاغة 16: 210 باب 45.]

وروى أيضاً أنّه لمّا أجلاهم عمر بعث إليهم من يقوّم الأموال، بعث أباالهيثم بن التيهان، و فروة بن عمر، و حباب بن صخر، وزيد بن ثابت، فقوّموا أرض فدك

و نخلها، فأخذها عمر و دفع إليهم قيمة النصف الذي لهم، و كان مبلغ ذلك خمسين ألف درهم، أعطاهم إيّاها من مال أتاه من العراق، و أجلاهم إلى الشام

[شرح نهج البلاغة 16: 211 باب 45.]

وروى ابن شهرآشوب انّ النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) لمّا توجّه إلى فتح قلاع فدك تحصّن أهلها في واحدة منها، فناداهم بقوله: ما تفعلون، و ما يؤمنكم أن تكونوا آمنين في هذا الحصن، لو تركتكم في هذه القلعة و أمضي إلى سائر قلاعكم و أفتحها، و أتصرّف جميع أموالكم التي فيها؟! قالوا: إنّ لنا حفظة عليها و هي مقفّلة عندهم أو عندنا مفاتيحها.

قال (صلّى اللَّه عليه و آله): بل أعطاني اللَّه مفاتيحها و هي الآن في يدي، فأخرجها من كمّه و قال: اُنظروا إليها، فلمّا رأوا ذلك اتهموا رجلاً سلّموا المفاتيح إليه بانّه صبا إلى دين محمّد (صلّى اللَّه عليه و آله)، و أعطى المفاتيح له و عاتبوه في ذلك أشدّ معاتبة، فحلف أنّ المفاتيح عنده، و انّه جعلها في سفط في صندوق أخفاه في دار محكمة مقفّلة.

فلمّا ذهب إليها رأى الأقفال على حالها و لم ير المفاتيح في مكانها، فرجع و قال: أنا علمت أنّ هذا الرجل نبيّ لا غير، لأنّي كنت ضبطت الأقفال، و قرأت عليها آيات من التوراة لدفع السحر عنها باعتقاد انّ هذا الرجل ساحر، و قوّة عمله بالسحر، و حال جميع الأقفال على حالها، و المفاتيح مفقودة من مواضعها و محالّها، فقالوا له (صلّى اللَّه عليه و آله): من أعطاك المفاتيح؟ قال: الذي أعطى الألواح لموسى أرسلها إليّ بيد جبرئيل، ففتحوا حينئذٍ القلعة و أسرعوا إلى خدمته.

فأسلم بعضهم فأخذ النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) الخمس من أموالهم، و ترك الباقي لهم، و من لم يسلم تصرّف أملاكهم و أموالهم و خلّاهم و بالهم.

فنزل جبرئيل بقوله تعالى: «فآت ذا القربى حقّه» أي فاطمة فدكاً، فإنّها ميراثها أي بدل ميراثها من أمّها خديجة و اختها هند بنت أبي هاله، فرجع (صلّى اللَّه عليه و آله) إلى المدينة و طلب فاطمة (عليهاالسّلام)، و كتب الوثيقة

و أعطاها الغنائم الفدكيّة.

فقسّمت فاطمة (عليهاالسّلام) الأموال المنقولة على فقراء المدينة، و كان الأملاك من أراضي فدك بيدها، و هي متصرّفة فيها تأخذ قوت سنتها من منافعها، و تفرّق إلى الفقراء ما بقي من حاصلها، إلى أن غصبها العمران منها بعد وفاة أبيها

[المناقب لابن شهرآشوب 1: 142، عنه البحار 29: 117 ح 11، و العوالم 11: 619 ح 22.]

و في رواية رواها في البحار عن السجاد (عليه السّلام) انّه قال: لمّا نزل جبرئيل على النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) بأمر اللَّه تعالى له بفتح أراضي فدك شدّ رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) سلاحه و أسرج دابّته، وشدّ عليّ (عليه السّلام) سلاحه و أسرج دابته، ثمّ توجّها في جوف الليل و عليّ (عليه السّلام) لا يعلم حيث يريد رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) حتى انتهى إلى فدك، فقال له رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله): يا علي تحملني أو أحملك؟ قال عليّ (عليه السّلام): أحملك يا رسول اللَّه، فقال رسول اللَّه: يا عليّ أنا أحملك لأنّي أطول بك و لا تطول بي.

فحمل عليّاً (عليه السّلام) على كتفه ثمّ قام به، فلم يزل يطول به حتى علا على سور الحصن، فصعد عليّ على الحصن و معه سيف رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فأذّن على الحصن و كبّر، فابتدر أهل الحصن إلى باب الحصن هرابا حتى فتحوه و خرجوا منه، فاستقبلهم رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) بجمعهم و نزل عليّ (عليه السّلام) إليهم، فقتل عليّ ثمانية عشر من عظمائهم و كبرائهم، و أعطى الباقون البيعة بأيديهم.

و ساق رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) ذراريهم و من بقي منهم و غنائمهم يحملونها على رقابهم إلى المدينة، فلم يوجف عليها غير رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فهي له و لذرّيته خاصّة دون المؤمنين

[البحار 29: 109 ح 3، عن تفسير فرات: 473 ح 619/ سورة الحشر.]

و في العيون عن الرضا (عليه السّلام) في فضل العترة الطاهرة قال: الآية الخامسة، قال تعالى: «و آت ذا القربى حقّه»

[الاسراء: 26.] خصوصيّة خصّهم العزيز الجبّار بها

و اصطفاهم على الاُمّة، فلمّا نزلت هذه الآية على رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) قال: اُدعو لي فاطمة، فدُعيت له فقال: يا فاطمة، قالت: لبيك يا رسول اللَّه، فقال: فدك هي ممّا لم يوجف عليه خيل و لا ركاب، و هي لي خاصّة دون المسلمين، و قد جعلتها لك لما أمرني اللَّه به، فخذيها لك و لولدك...الخ

[عيون أخبار الرضا (عليه السّلام) 1: 452 ضمن حديث 184 باب 45، عنه البحار 29: 105 ح 1، و العوالم 11: 619 ح 20، و البرهان 2: 415 ح 2، و نور الثَّقلين 5: 275، و كنز الدقائق 7: 288، و تفسير الصافي 3: 186.]

و لذا فسّر كثير من المفسّرين كالطبرسي و غيره الآية بذلك و قالوا: إنّ المراد من ذوي القربى قرابة رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)

[مجمع البيان 3: 411، عنه البحار 29: 107.]

و في تفسير عليّ بن إبراهيم: انّ الآية نزلت في فاطمة (عليهاالسّلام)، فإنّها قرابة رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله)، فجعل لها فدك، و للمساكين من ولد فاطمة و ابن السبيل منهم

[تفسير القمّي 2: 18، عنه البحار 29: 113 ح 8، و العوالم 619:11 ح 21، و الصافي 3: 186.]

[تفسير العيّاشي 2: 287 ح 46، عنه البحار 29: 119 ح 13، و الصافي 3: 187.]

و في الرواية عن الصادق (عليه السّلام) انّه قال رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) بعد نزول الآية: يا جبرئيل قد عرفت المسكين فمن ذو القربى؟ قال: هم أقاربك، فدعا حسناً و حسيناً و فاطمة (عليهم السّلام) فقال: إنّ ربي أمرني أن أعطيكم ما أفاء عليّ، قال: أعطيتكم فدكاً

[تفسير العيّاشي 2: 287 ح 46، عنه البحار 29: 119 ح 13، و الصافي 3: 187.]

و في رواية اُخرى قال أبان بن تغلب: فالنبي (صلّى اللَّه عليه و آله) أعطاها، فغضب الباقر (عليه السّلام) ثم قال: اللَّه أعطاها

[تفسير فرات: 239 ح 322، عنه البحار 29: 121 ح 19، و نحوه تفسير العيّاشي 2: 287 ح 47، و كشف الغمة 2: 105.]

و في خبر آخر: فأعطاها فدكاً، كلّما لم يوجف عليه أصحاب النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) بخيل و لا ركاب فهو لرسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) يضعه

حيث يشاء، و فدك ممّا لم يوجف عليه بخيل و لا ركاب

[تفسير فرات: 323 ح 438، عنه البحار 29: 122 ح 21.]

وورد في رواية اُخرى في قوله تعالى: «و آت ذا القربى حقّه» و ذاك حين جعل رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) سهم ذي القربى لقرابته، و أعطى فدكاً لفاطمة و لولدها، فكانوا على ذلك على عهد النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) حتى توفّى ثم حجبوها عن قرابته

[تفسير فرات: 323 ح 441، عنه البحار 29: 122 ح 22.]، إلى غير ذلك ممّا يتعلّق بالمسألة.

و حاصل المقال على ما ظهر بنحو الإجمال، انّ فدكاً كانت لرسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) خاصّة دون سائر المسلمين كافّة، فامّا ان تكون نحلة و عطيّة لفاطمة (عليهاالسّلام) أعطاها النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) لها في حياته، و كانت في يدها يتصرّف فيها عاملها و وكيلها، كما دلّ عليه الأخبار، و أفصح عنه الآثار، أو تكون إرثاً لفاطمة (عليهاالسّلام) حيث لم يكن لرسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله) و ارث غيرها.

و على أيّ تقدير كانت مختصّة بها، و سيأتي بعد شرح الخطبة إنشاءاللَّه تعالى ما يدلّ على تفصيل المسألة من أخبار العامة و الخاصّة، و الإستدلالات والإحتجاجات الواردة من الفريقين، و النقوض و الإبرامات الصادرة من الطرفين، بحيث لا يبقى شبهة عند أحد من أهل الدراية و أرباب الرواية انّها (عليهاالسّلام) كانت محقّة في دعوى فدك إمّا إرثاً أو نحلة أو عطيّة، و انّ الخلفاء غصبوها كما غصبوا الخلافة لأغراض دنيويّة دعتهم إلى ذلك، فأغشت أبصارهم، و أعمت أنظارهم، بل جعلوا غصبها مقدّمة لاستحكام غصبها، و كانت هي مظلومة في ذلك، مغصوبة في حقّها كبعلها و زوجها.

العلّة في غصب فدك و العوالي


إنّهم وضعوا حديثاً من لسان النبي (صلّى اللَّه عليه و آله) و هو قوله: «نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة..الخ»، و سيتضح بأوضح بيان أنّ هذا

الخبر كان موضوعا صرفا جعلوه من عند انفسهم حتى لا يكون لعلى و فاطمة والحسنين (عليهم السلام) و سعه فى وجوه المعيشه، فيؤدى ضيق حالهم الى استيصالهم، و صرف وجوه الناس عنهم ليستقر امر الخلافة المغصوبة.

و كان ابوبكر متفردا فى نقل الرواية، و لم يكن له شاهد على ذلك بالمرة، فظهر بعد مدة مديدة بل فى عهد عمر شهود على المسالة، فشهد عمر و عائشة و اوس بن حدثان على صدور الروايه من النبى (صلى الله عليه و آله)، و شهد بعض آخر على ان ابابكر نقلها من النبى (صلى الله عليه و آله)، بل قيل: ان شهادة الثلاثة المذكورة ايضا انما كانت على نقل ابى بكر تلك الرواية لا كون الرواية نبوية، و سياتى تفصيل المرحلة.

و بالجملة فادعت فاطمه (عليهاالسلام) اولا كون فدك نحلة لها من ابيها، فطلبوا منها الوثيقة على ذلك فمزقوها، و الشهود فردوها و لم يقبلوها، ثم ادعت على سبيل التنزل و المماشاة كونها ارثا لها من ابيها، فردوها بتلك الرواية التى وضعوها، فلم يبق سنة الا بدلوها، و دبابة الا دحروها.

و ما فى بعض الروايات انها ادعت الارث اولا ثم ادعت النحلة، فذلك على تقدير الصحة انما هو بلحاظ انها فى محل ارثها لا محالة، فلما القوا الشبهة بنقل الرواية ابدت ما هو الواقع من حقيقة النحلة.

و روى العلامة فى كشكوله المنسوب اليه عن مفضل بن عمر، عن الصادق (عليه السلام) قال: لما ولى ابوبكر بن قحافة قال له عمر: ان الناس عبيد هذه الدنيا لا يريدون غيرها، فامنع عن على و اهل بيته الخمس و الفى ء و فدكا، فان شيعته اذا علموا ذلك تركوا عليا، و اقبلوا اليك رغبة فى الدنيا و ايثارا لها و محاماة عليها، ففعل ابوبكر ذلك و صرف عنهم جميع ذلك.

[الكشكول: 203، عنه البحار 29: 194 ح 40، و العوالم 11: 633 ح 27.]

قال ابن ابى الحديد: قال لى علوى من اهل الحله يعرف بعلى بن مهنا، ذكى ذو فضائل: ما تظن قصد ابى بكر و عمر بمنع فاطمة فدك؟ قلت: ما قصدا؟! قال:

ارادا ان لا يظهرا لعلى و قد اغتصبا الخلافة رقة و لينا و خذلانا، و لاى يرى عندهما خورا، فاتبعا القرح بالقرح

[شرح نهج البلاغة 16: 236 باب 45.]

و قال ايضا: و قلت لمتكلم من متكلمى الامامية، يعرف بعلى بن تقى من بلدة النيل: و هل كانت فدك الا نخلا يسيرا، و عقارا ليس بذلك الخطير؟ فقال لى: ليس الامر كذلك، بل كانت جليلة جدا، و كان فيها من النخل نحو ما بالكوفة الآن من النخل، و ما قصد ابوبكر و عمر بمنع فاطمة عنها الا ان لا يتقوى على بحاصلها و غلتها على المنازعة فى الخلافة، و لهذا اتبعا بمنع فاطمة و على و سائر بنى هاشم و بنى المطلب حقهم فى الخمس، فان الفقير الذى لا مال له يضعف همته، و يتصاغر عند نفسه، و يكون مشغولا بالاحتراف و الاكتساب عن طلب الملك و الرئاسة.

[شرح نهج البلاغة 16: 236 باب 45.]

و قال ايضا: و سالت على بن الفارقى- مدرس المدرسة الغربية ببغداد- فقلت له: اكانت فاطمة صادقة؟ قال: نعم، قلت: فلم لم يدفع اليها ابوبكر فدك و هى عنده صادقة؟!

فتبسم ثم قال كلاما لطيفا مستحسنا مع ناموسه و حرمته و قلة دعابته، قال: لو اعطاها اليوم فدك بمجرد دعواها لجاءت اليه غدا و ادعت لزوجها الخلافة و زحزحته عن مقامه، و لم يكن يمكنه الاعتذار و الموافقة بشى ء، لان يكون قد اسجل على نفسه بانها صادقة فيما تدعى كائنا ما كان من غير حاجة الى بينة و لا شهود.

قال ابن ابى الحديد: و هذا كلام صحيح، و ان كان اخرجه مخرج الدعابة و الهزل، انتهى.

[شرح نهج البلاغة 16: 284 باب 45.]

و بالجملة لقد اقتضت مصلحة امر الخلافة و الحكومة ان يظلموا بغصبها عن تلك المعصومة المظلومة، ليكون على (عليه السلام) و اولاده فقراء مبتلين بقلة الرياش، و ضنك المعيشة، و ضيق المعاش ليكون وجوه الناس عنهم منصرفة،

و راس الجماعة عن التوجه اليهم منحرفة، فلا يتمكن على (عليه السلام) من المنازعة فى الخلافة، و لا يميل الناس اليه بالمرة حتى لا يشتعل ناره، و يقل اعوانه و انصاره، و يتسلم امر الخلافة لابى بكر و من معه، فيكون فى ايديهم الحل و القبض فى الجميع، و يخضموا

[الخضم: الاكل عامة، و قيل: هو مل ء الفم بالماكول، و قيل: الخضم الاكل باقصى الضراس./ لسان العرب.] مال الله خضم الابل نبتة الربيع، و يعطوا منه من شاؤوا و يمنعوه ممن شاؤوا، و ايم الله ما اشبه حالهم بحال كفار قريش حين قالوا فى مثله: «لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله» راى عمر هذا الراى بعد ان بويع ابوبكر بالخلافة، فاستحسنه ابوبكر و ارسل الى وكيل فاطمة (عليهاالسلام) فى فدك و العوالى و منعه.

قال فى كشف الغمة: و ما كان لابى بكر و عمر

[كذا، و فى المصدر: «و على هذا فقد كان ابوبكر و عمر».] لما وليا هذا الامر، يرتبان فى الاعمال و البلاد القريبة و النائية من الصحابة و المهاجرين و الانصار من لا يكاد يبلغ مرتبة على و فاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) و لا يقاربها، فلو اعتقدا هم مثل بعض الولاة، و سلما اليهم هذه الصدقة التى قامت النائرة فى اخذها، و عرفاهم ما روياه و قالا لهم: انتم ذو القربى، و انتم اهل بيت العصمة الذين شهد الله لكم بالطهارة، و اذهب عنكم الرجس، و قد عرفناكم ان النبى (صلى الله عليه و آله) قال: «لا نورث ما تركناه صدقة» فعليكم تبعة هذه الفعلة و قد سلمناها اليكم، فان فعلتم الواجب الذى امرتم به، و فعلتم فيها فعل النبى (صلى الله عليه و آله) فقد اصبتم و اصبنا، و ان تعديتم الواجب فقد اخطاتم و اصبنا، و لو فعلا كذلك لكان من الانصاف كما ترى.

[كشف الغمة 2: 105.]

و حكى ابن ابى الحديد عن كلام قاضى القضاة نقلا عن بعض الشيعة انه قال فى المقام: قد كان الاجمل ان يمنعهم التكرم مما ارتكبوا منها فضلا عن الدين، ثم

قال ابن ابى الحديد: و هذا الكلام لا جواب عنه، و لقد كان التكرم و رعاية حق رسول الله و حفظ عهده، يقتضى ان تعوض ابنته بشى ء يرضيها ان لم يستنزل المؤمنون عن فدك، و يسلم اليها تطييبا لقلبها، و قد يسوغ للامام ان يفعل مثل ذلك من غير مشاورة المسلمين اذا راى المصلحة فيه، انتهى.

[شرح نهج البلاغة 16: 268 باب 45.]

اقول: مع ان المسلمين ايضا كانوا لا يضايقون بذلك لو قال لهم ذلك، او امرهم بان يفعلوا كذلك، و الوجه الآخر ان من لوازم الخلافة و آثارها الظاهرية اخذ الوجوهات الاسلامية، فهم فعلوا ذلك ليتبين للناس ان الامر انتقل اليهم بحيث قد اخذوا ما شاؤوا من اهل بيت النبوة، فلا يبقى لسائر الناس كلام بعد ذلك فى صرف الوجوه اليهم، و يزول طمعهم فى اهل البيت فيصرف وجوههم عنهم، اذ لا يبقى للضعيف قوة دافعة بعد جريان الحكم فى القوى البتة.

و على اى نحو كان فلما بويع لابى بكر فى سقيفة بنى ساعدة، و كان على (عليه السلام) حينئذ مشغولا بتجهيز رسول الله (صلى الله عليه و آله)- على ماورد تفصيل الامر فى الاخبار المروية- رجعوا الى منازلهم، و اقبلوا على اصلاح شانهم و حالهم، فاول ما اقتضاه مصلحة الدولة و الخلافة بعد استقرار الامر فى الجملة ان يرسلوا الى فدك و يخرجوا عنها وكيل فاطمة الزهراء (عليهاالسلام).

فرجع الوكيل الى المدينة و اخبر بالواقعة، فبعد ذلك احتج على و فاطمة (عليهماالسلام) على ابى بكر و عمر باحتجاجات كثيرة فى مجالس مختلفة، و اتيا اليهما بحجج شافية، و استدلالات وافية، فلم ينفع ذلك فى تلك القلوب القاسية شيئا بالمرة، بل زادوا قسوة على قسوة لكونها كالحجارة او اشد قسوة.

/ 83