لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

لمعة البیضاء فی شرح خطبة الزهراء - نسخه متنی

محمد علی بن احمد القراچه داغی التبریزی الانصاری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید



اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء



لمحة عن حياة المؤلّف


اسمه و نسبه:



هو المولى محمد عليّ بن أحمد الاونساري القراچة داغي التبريزي الأنصاري


[
وجدنا هذا اللقب في مقدمة كتاب اللمعة البيضاء حيث قال المؤلّف (رحمه اللَّه): (فيقول المحتاج إلى لطف ربه الباري ابن أحمد محمد عليّ الحافظ الأنصاري) و وجدناه أيضاً في بعض المعاجم، لكن اعتقد صاحب مفاخر آذربايجان انّ هذا اللقب تصحيف (الاونساري)، و اللَّه العالم.]، فقيه متبحّر، و عالم بارع، و له مقام منيع و يد طولى في شتى العلوم الدينيّة، و الأونسار- بالواو و النون و السين- من قرى قراچة داغ في تبريز.


حياته العلمية:



خرج المولّف (رحمه اللَّه) إلى العراق، و أخذ في النجف عن الشيخ مرتضى الأنصاري أصولاً، و عن الشيخ مهدي الجعفري فقهاً و يروي عنه بالإجازة


[
أعيان الشيعة 10: 5، معجم المؤلفين 11: 35، مفاخر آذربايجان 1: 176.]


ثم رجع إلى إيران و ذهب إلى زيارة مولانا عليّ بن موسى الرضا (عليه السّلام) بعد سنة 1300 ه ق، فطلب منه الميرزا عبد الوهاب آصف الدولة حاكم خراسان البقاء هناك لترويج الشريعة و نظم أمور الاُمّة، فلبّى المترجم له ذلك الطلب و قطن بها زماناً.


ثم هبط طهران و تصدّر للتدريس في مدرسة سپهسالار مدّة، تلمذ عليه خلالها كثيرون، ثم طلبه أهل تبريز فرجع إليهم و ظلّ قائماً بالوظائف الشرعيّة من تدريس و إمامة و وعظ و تأليف.


و من تلاميذه في تبريز العلامة السيد ميرزا باقر القاضي الطباطبائي، كما ذكره ولده السيد محمد عليّ (الطباطبائي) في كتابه حديقة الصالحين


[
نقباء البشر 4: 1341 رقم 1870، المآثر و الآثار: 175، العلماء المعاصرين للخياباني: 343.]


أقوال أصحاب التراجم في حقّه:



قال في نقباء البشر: هو الشيخ محمد عليّ بن أحمد الأونساري القراچه داغي التبريزي فقيه متبحر، و عالم بارع


[
نقباء البشر 4: 1341 رقم 1870.]


و قال محمد حسن خان إعتماد السلطنة في المآثر و الآثار: الحاج ميرزا محمد على القراچه داغي من أجلّة المجتهدين و مروجي الشريعة و الدين، له مقام منيع و رتبة رفيعة في الفقه، و الاُصول، و الأخبار، و العلوم العربية، و الفنون الأدبية، و له تصانيف فيها غالباً


[
المآثر و الآثار: 175، العلماء المعاصرين: 343.]


و قال صاحب معجم المؤلّفين: آية اللَّه الشيخ محمد علي القراجه داغي فقيه، أصولي، متكلّم، مفسّر، عروضي، عارف باللغة العربية


[
معجم المؤلفين 11: 35، مفاخر آذربايجان 1: 176.]


و قال صاحب ريحانة الأدب: من علماء آذربايجان، و له باع في الفقه، و الأصول، و الحديث، و الرجال، و العلوم العربية، و الفنون الأدبية، و تأليفاته خير دليل على مرتبته العلميّة


[
ريحانة الأدب 3: 438، مفاخر آذربايجان 1: 177.]


و قال السيد محمد مهدي الإصفهاني الكاظمي في أحسن الوديعة (تتميم روضات الجنات): كان (رحمه اللَّه) عالماً، فاضلاً، ثقة، عارفاً، عابداً، زاهداً،


رئيساً مشاراً إليه، نافذ الكلمة، و كان للعلوم جامعاً، و في فنونها بارعاً، و كانت له اليد الطولى في معرفة الأدب، و الباع الممتد في حفظ لغات العرب، و كان عارفاً بالتفسير و الحديث و الرجال، و بالجملة كان أحد الأئمة الأعلام المجتهدين، و ركن العلماء العاملين، بل إمام دهره بلا مدافعة، و فقيه عصره بلا منازعة، اشتهر اسمه السامي فملأ الأقطار و الأصقاع، و شاع ذكره في جميع الديار و البقاع، رحلت الطلبة من قرى تبريز إليه و حضروا عليه


[
أحسن الوديعة 2: 72، مفاخر آذربايجان 1: 175.]


أولاده و ذراريه:



خلّف المؤلّف (رحمه اللَّه) ولدين فاضلين هما الميرزا أحمد، و الميرزا محمود


[
نقباء البشر 4: 1341 رقم 1870.]


قال الملّا عليّ الواعظ الخياباني التبريزي في العلماء المعاصرين: كان [الميرزا أحمد] من أعاظم علماء عصره، و أفاخم مجتهدي وقته، جامع المآثر الفاضلة، و صاحب المفاخر العالية، و كان له حظ كامل في المعقول و المنقول، و اطلاع واسع في الحديث و التفسير و الفنون الأدبية، و قلّ نظيره في قوّة العقل، و سعة الخلق، و صفاء النظر، و لطف القريحة.


و كان له في تبريز مدة طويلة منصب القضاء و المحاكمة و الأمور الشرعية، و لم يعترض عليه و لم يردّه في أمر أحد من العلماء المعاصرين، ولي إجازة منه ذكرتها في كتاب وقايع الأيّام


[
العلماء المعاصرين: 345.]


آثاره و تأليفاته:



للمؤلّف (رحمه اللَّه) آثار و تأليفات كثيرة تكشف عن مدى تسلّطه و اطلاعه بالنسبة إلى العلوم المختلفة، و قلّ علم من العلوم لم يألّف فيه كتاباً، فانّه كتب كتباً


و رسائل و شروحاً في الفقه، و الأصول، و المنطق، و التفسير، و الحديث، و اصول الدين، و غيرها، فنحن نذكر ما عثرنا عليه في كتب التراجم:


1- اللمعة البيضاء في شرح خطبة الزهراء (عليهاالسلام): و لقد فرغ منه في سنة (1286) ه ق، و طبع بايران عام (1297) ه ق، و هو هذا الكتاب الذي بين يديك، كتاب فريد في نوعه يعرب عن سعة اطلاع المؤلّف باللغة العربية و الفنون الأدبية، و هو كتاب جامع لكثير من فضائلها (عليهاالسلام) معتمداً على المصادر الخاصة و العامة، و قد شرح الخطبة الشريفة شرحاً لُغويّاً، ثم أورد بعده بحثاً مفصلاً حول غصب فدك، و ردّ فيه شبه و شكوك المبطلين.


قال صاحب الذريعة: و صدّر الكتاب بشطر واف من مناقبها و فضائلها و أحوالها و ما يتعلّق بها من ذكر أدعيتها و أحرازها و عدد أولادها


[
الذريعة 18: 350.]


و قال هو (رحمه اللَّه) في مقدمة الكتاب: اعلم انّ هذه الخطبة الغرّاء، و الدرة البيضاء، خطبة في نهاية الفصاحة، و غاية البلاغة من حيث عذوبة ألفاظها الكافية، و مضامينها الشافية، و جزالة معانيها الوافية، مع ما عليها من البهاء و الجلالة، و الرواء و الديباجة، بحيث لو خوطب بها الجبال الشامخة لرأيتها خاشعة متصدعة، و إن لم تؤثّر في تلك القلوب القاسية التي كانت كالحجارة أو أشد قسوة، و هي كلام دون كلام الخالق و فوق كلام المخلوق....، و نسبتها إلى سائر الكلمات الفصيحة نسبة الكواكب المنيرة الفلكيّة إلى الحجارة المظلمة الأرضية، و عليها مسحة من نور النبوة، و عبقة من أرج الرسالة، و حقّ لها أن تكون بهذه المثابة فإنّ متاع البيت يشبه صاحبه، و الأثر يشبه مؤثّره، فإنّها صادرة من بضعة الرسول، سلالة النبوة، و عصارة الفتوّة، الصديقة الكبرى، و الإنسيّة الحوراء، مشكاة الضياء، اُمّ الأئمة النقباء النجباء، سيدة النساء فاطمة الزهراء صلوات اللَّه عليها.


2- تفسير القراچه داغي


[
الذريعة 4: 301.]


3- تفسير سورة (يس): قال صاحب الذريعة: رأيته ضمن مجموعة في مكتبة السيد عبد الحسين الحجة بكربلاء، ذكر في أوّله انّه كان مولعاً بعلم التفسير، و عزم على تصنيف كتاب في التفسير، فبدأ بتفسير سورة (يس) لأنّها كانت قلب القرآن، و جعله في جزء مستقل، و عزم على انّه إن سهّل اللَّه له تأليف التفسير أن يجعله من أجزائه


[
الذريعة 4: 344، أحسن الوديعة 2: 73.]


4- شرح صيغ العقود: فارسي مع بيان و تحقيق، فرغ منه في ثامن ذي القعدة 1288، و هو مطبوع متداول مع متنه الفارسي


[
الذريعة 13: 363، أحسن الوديعة 2: 73.]


5- الصراط المستقيم في شرح الأربعين حديثاً في فضائل أميرالمؤمنين، (عليه السلام) طبع عام (1300) و هو شرح فارسي


[
الذريعة 15: 36.]


6- رسالة في العروض و القافية، قال صاحب الذريعة: فارسية رأيتها في مكتبة الخوانساري


[
الذريعة 15: 259.]


7- الفتوحات الرضوية في الأحكام الفقهية الإستدلالية


[
الذريعة 16: 116.]


8- فضائل قم.


9- رسالة في فضل المساجد مطلقاً و خصوص مسجد استاد شاگرد في تبريز.


10- رسالة في الطينة و شرح أخبارها: قال صاحب الذريعة: أوّلها (الحمد اللَّه على آلائه و نواله، و الشكر على نعمه و إفضاله) رأيت نسخة كتابتها 2 شعبان 1287 في مجموعة و فيها تفسير سورة يس أيضاً


[
الذريعة 15: 197.]


11- التحفة المحمدية في علم العربية، تقرب من ثمانين ألف بيت


[
الذريعة 3: 467.]


12- حاشية على شرح اللمعة


[
أعيان الشيعة 10: 5، العلماء المعاصرين: 344.]


13- حاشية على القوانين


[
أعيان الشيعة 10: 5، العلماء المعاصرين: 344.]


14- حواشي على الرسائل للشيخ الأنصاري (رحمه اللَّه)


[
العلماء المعاصرين: 344، مفاخر آذربايجان 1: 175.]


15- حواشي على الرياض للسيد علي الطباطبائي


[
العلماء المعاصرين: 344، مفاخر آذربايجان 1: 175.]


16- حواشي على الفصول في علم الأصول


[
العلماء المعاصرين: 344، مفاخر آذربايجان 1: 175.]


17- رسالة في أسرار الحج


[
العلماء المعاصرين: 344، مفاخر آذربايجان 1: 175.]


18- رسالة في الأمر بين الأمرين


[
العلماء المعاصرين: 344، مفاخر آذربايجان 1: 175.]


19- رسالة في مناسك الحج


[
العلماء المعاصرين: 344، مفاخر آذربايجان 1: 175.]


20- الرسالة التمرينية في المنطق.


21- الأصول المهمة في أصول الدين.


22- زين المعابد


[
نقباء البشر 4: 1341.]


23- كتاب الأربعين المشتمل على المدائح و النصائح.


شعره و أدبه:



كان المؤلّف (رحمه اللَّه) متسلّطاً على اللغة العربية و الفنون الأدبية، و له قصيدة طويلة لطيفة حينما هاجر النجف الأشرف قاصداً الروضة الرضوية، ذُكرت في آخر كتاب اللمعة البيضاء، نوردها هنا تتميماً للفائدة، قال (رحمه اللَّه):




  • يا نجفاً هجرتُ عنه بالجفا
    يا حبّذا أيّامنا التي مَضَتْ
    سَمَوْتَ يا خيرَ البقاع مسكناً
    يَغْبِطُكَ السبع الشداد دائماً
    أتى إليك المجدُ طرّاً إذ أتى
    شُرّفتَ بالكنز الذي قد خُلِقَ
    فيك انجلى نور الإله زاهراً
    يا أيّها الوادي المقدّس الذي
    ثم انثنى في يده البيضا عصا
    يا أيّها الفلك الذي لجا إلى
    نوح النبي إذا ارتمى الماء حوله
    لمّا طما



  • خرجتُ منك مُكرهاً لا بالرضا
    فيك و هل يرجع يومٌ قد مضى
    من الثرى إلى السماوات العُلى
    لأنّ فيك الحق بالعرش استوى
    إليك مَنْ أتى عليه هل أتى
    الخَلْقُ لكي يُعرف بعد ما اختفى
    طوبى فطوبى لك يا وادي طوى
    أتاك موسى راجياً منك الهدى
    كأنّه الثعبان حيثما رمى
    سكّان بابك المنيع و التجى
    لمّا طما
    لمّا طما



[
طَمَا الماءُ يَطمو: إرتفع و علا و ملأ النهر/ لسان العرب.

حذار طوفان البلا





  • فيك انزوى يا كهف كلّ عاجز
    لا يرتقى العقل إليك حيثما
    يا منبع الجود لكلّ مُجْتَدٍ
    منك بُدِئنا و اليك ننتهي
    إن ذُكر الخير ففيك كلّه
    سأركبُ البيدَ و أطوي متنها
    إلى جنابك الذي علا إلى
    ما عاقني اليوم سوى قصدي إلى
    عليّ الرضا الذي استُشهد في
    وجّهتُ وجهي لكم يا وِجْهَةَ
    أُوَجِّهُ الوجهَ إليكم أبداً
    لقد برى شوقي إليك أعظمى
    و كلّما أوْ مَضَ برقٌ و مضى
    نحو سنابدٍ إذا ما قد سنى
    ذاب فؤادي من جوى شوقك إذ
    لقد حَوَيْتَ جوهر المجد و قد
    و إن حُرِمْتُ زمناً يا أملي
    فجار لي صَرْفُ زمان قُلَّبٍ
    فقادني مكبّلاً بما بَدَتْ
    بقيتُ في أسوء حالٍ و لقد
    لكنّني أخال انّي لم يَفُتْ
    لحسرةٍ بات بقلبي نارها
    يا رُبَّ حسرةٍ حَوَتْ ما لم يُحِطْ
    لابد يا مولاي من تفضّلٍ
    به إلى فنائكم فإنّني
    فليس في نفسي إليكم أبداً
    لعلّني أسعى بنور فيضكم
    فإنّ ربي لا يُضيع سَعْي مَنْ
    و قد أتى على لسان جدّكم
    دارتْ بكم دوائر الإمكان يا
    أنتم عتادي في معادي حيثما
    كذا إليكم استنادي أينما
    يا خير عدّةٍ لشرّ كربةٍ
    يا سبط ختم الرسل يا نتيجة
    عليك أزكى الصلوات كلّما
    كرّ الجديدان ظلاماً وَ ضِيا



  • ضيغمُ آجام القضاء و المضا
    أنت مِنَ العقول أعلى مُرتقى
    يا معدن الخير لكلّ مُهتدى
    يا خير كلّ مبدء و مُنتهى
    يا مبدأ الفيض لكلّ ما سوى
    بِيَعْمَلٍ يَعْمَلُ سيراً و سُرى
    ذروة عرش اللَّه مجداً و عُلى
    تُربة مولاي معين الضعفا
    طوس بسمّ منقع على الحشا
    الحق و يا قبلة أرباب النُهى
    فالحق منكم و إليكم انتهى
    يا طوس يا مشهد مولاي الرضا
    مضى بقلبي المبتلى إذ وَ مَضا
    شعلة نارٍ منه في جوّ الفضا
    إشتَعَلَتْ منه به نار الغضا
    فُقْتَ على جملة أطباق السما
    من أملي فيك بتقبيل الذرى
    جرى على خلاف قصدي و اعتدى
    من الخطوب الحادثات في النوى
    جرى عليّ ما جرى من العِدى
    منّي ما أدركه ذووا التقى
    و لوعةٍ تُسعر في نفسي اللظى
    به العقول من فيوضات الهدى
    حتى أجوب جوز تيّار الفلا
    معتقلٌ بقيد خَطْبٍ عَرَضا
    من فترةٍ في السير توجب الونى
    إليكم أيا ينابيع الندى
    سعى إليه دائباً طول المدى
    أن ليس للإنسان إلّا ما سعى
    مراكز المجد و أقطاب العُلى
    إليكم الأياب في يوم الجزا
    عِشتُ فلا اُبالي نأي من نأى
    أعددته لكلّ خطبٍ قد دهى
    الأطهار يا قرّة عين المرتضى
    كرّ الجديدان ظلاماً وَ ضِيا
    كرّ الجديدان ظلاماً وَ ضِيا



و قال (رحمه اللَّه) أيضاً:





  • لقد بات ليلي ساهراً فيه مقلتي
    تلهّب وجدي و ارتمى مَوْجُها به
    فيصعدُ نارُ القلب كالبرق لامعاً
    فتقطر من عيني الدموع كهاطلٍ
    فجسمي غريق في الدموع و انّه
    فوا عجبا من حال نفسي فإنّني
    يذوب فؤادي من جوى الحبّ و الهوى
    أذاب سويدا مهجتي فتحوّلت
    إذا ما تجلّى و انجلى ضوء وجهه
    و بالي في البلبال بالٍ و انّني
    فطوبى لحالي حيثما هدّني الهوى
    فوا أسفا إن لم أكن منه في الجوى
    أرى وجهه من كلّ شي ء كأنّما
    أراه بعيني كلّ حين و لا أرى
    أرى كلّ ما في الكون مرآة وجهه
    نسيتُ هواه في الهوى حيث انّه
    و لابد من رفع الحواجب كلّها
    و قد عَمِيَتْ عينٌ ترى غيره و لا
    أراه بعين الحب في كلّ مشهدٍ
    تعالى عن التشبيه و الوصف جلّ مَنْ
    عليّ بن موسى فائض الجود و النّدى
    سرى فيضه الجاري إلى جملة الورى
    أحاط بما في الكون حيطة مالك
    يدور رحى الأكوان من فيض كَوْنِهِ
    و ليس قضآء غير ما قد قضى به
    يطيع له الأقدار في كلّ ما يشاء
    ترى جملة الأكوان طوع يمينه
    و لو شاء طيّ العرش و الفرش و الثرى
    و لو قال للأشياء كوني تكوّنت
    تجلّى به النور القديم و انّه
    و ليس سواه في الوجود و لو ترى
    هو الدرّة البيضاء و الجوهر الذي
    ألا كلّ شي ءٍ الكٌ غير وجهه
    هو الملأ الأعلى تعالى جلاله
    يصوّر في الأرحام ما شاء خلقه
    إليه إياب الخلق ثم حسابهم
    على طبق ما شاء الإله فإنّه
    يجلّ عن الإمكان كنه جلاله
    صنيعة باري الخلق و الخلق صنعه
    له المثل الأعلى له المجد و العُلى
    تطائر أملاك السماء بأمره
    هو الجوهر القدسي يلمع نوره
    يكادُ و لو لم يمسس النار فَتْلَها
    بدا نوره من كلّ شي ء فلا ترى
    إذا نَظرَتْ عينٌ إلى غير نوره
    و قد ملأ الأكوان آثار فيضه
    و ليس جميع الكون من سحب جوده
    و لو جاد بالأضعاف منه لَما طرى
    إليه انتهاء الكون مثل ابتدائه
    إمام هدىً تسري بنور ولائه
    سفينة نوح قد نجا كلّ من أتى
    إمام بأرض الطوس مثواه انّه
    أيا قبر طوس كيف باللَّه حاله
    و أحشاؤه مسمومة يلتوي بها
    و يُرْعِمُ فوق الترب أطراف بطنه
    يضجّ و يشكو من جوىً كان في الحشا
    فوا عجبا من صانع قد أباده
    تطاول للمولى الرعية و اعتلى
    رماه بسهمٍ قد براه بصنعه
    و ما ذاك إلّا أنّ للحق دولةً
    كما قد قضى بالظلم و الجور قَبْلَهُ
    تجول عليه الصافنات فياله
    و تُلقي عليه السافيات رداءةً
    و قد كان مسلوب العمامة و الرداء
    مقطّعة الأوداج مذبوحة القفا
    تنوح عليه الطير و الوحش في الفلا
    و تُذري عيونُ الأنجم الزهر دمعها
    تجودُ عليه و هي تنظر حالَهُ
    تقاطر نحو الأرض من كلّ جانبٍ
    ترى أهله يقتادهم كلّ مشرك
    فيالهف نفسي للحسين و قد غدا
    أحاط به الأخلاط من كلّ جانب
    يريدونه بالقتل و هو مجدّل
    لقد وقَعَتْ في الدين من أمر قتله
    مصابٌ جليل هدّم العرش و الثرى
    بكته جلاميد الصخور و ما بكت
    و إنّي لأبكي حسرة بعد حسرة
    لأجل مصاب صُبّ آل محمد
    و ما أنس لا أنس الحسين و قد غدا
    طريحاً جديلاً في العرى لا ترى له
    و لم يبق فيها ناصر عنده سوى
    يصحن و للأعداء حول خبائه
    بنات رسول اللَّه يضرعن للعدى
    كذلك حال الدهر يا ويل حاله
    لقد حال من تصريفه حال مالك
    يُصَرِّفُهُ طبق الإرادة يالَهُ
    عليّ أميرالمؤمنين الذي علا
    فلمّا أراد اللَّه قرب لقائه
    بضربة سيف شقّ رأس العُلى بها
    و كيف و قد خرّت معاقِدُ عزّه
    تزلزل عرش الحق لمّا تقطّعت
    حسامٌ سقاه السم من نسل ملجم
    فَجُدِّلَ مغشيّاً عليه و قد أتى
    و خُضِّبَ في المحراب بيضاءُ شيبه
    فصار عمود الدين منشقّة العصا
    بكته طوير الدار قبل خروجه
    بل الدار و الأبواب و الحَلَقُ التي
    فقد ضجّت الأكوان و اسود جوّها
    تصايح أملاك السماء و أصبحت
    تنوح بأعلى الصوت في ملكوتها
    و صاح أمين الوحي جبريل صيحة
    فصاحوا جميعاً وا عليّاه و التوى
    فأقبل أهلُ البيت يبكون حوله
    فيا دهر لا سقياً لربعك إنّه
    و لا ضَحِكَتْ سِنُّ الزمان فانّه
    لآل رسول اللَّه من بدء أمره
    عليهم سلام الحق مادام حَقُّهُم
    و صلّى عليهم كلّما فاض جودهم
    على كلّ موجود بقبضٍ و بسطةِ



  • إلى الصبح من طوفان أمواج عبرتي
    فوا غرقي إن لم تكن فيه حِرقتي
    و يرعدُ صدري من شهيقٍ و زفرةِ
    من السحب في أقطار تلك البسيطةِ
    حريقٌ بنارٍ تلتظي حول مهجتي
    غريقٌ حريقٌ كلّ آنٍ و لحظةِ
    و يذرف دمعي قطرةً بعد قطرةِ
    دموعاً ترى اسكُوبَها فوق و جنتي
    تحوّل يومي مظلماً مثل ليلتي
    قتيلٌ بسيف الحُبّ في كلّ حالةِ
    و أهوى ببالي ذرّةً بعد ذرّةِ
    و وا حسرتا إن لم يكن فيه حسرتي
    تمثّل لي محياه في كلّ صورةِ
    سوى وجهه في كلّ مطمح رؤيتي
    فلم أر شيئاً غيره في الخليقةِ
    حجاب عظيم عند أهل المحبّةِ
    ليبصر مرآه بعين البصيرةِ
    ترى وجهه الوضّاح في كلّ وجهةِ
    عياناً فيا طوبى لعين الأحبّةِ
    براه فأبدى فضله للبريّةِ
    على كلّ موجودٍ بفاضل طينةِ
    و لم يخل منه ذرّةٌ تحت دُرَّةِ
    له بسطة في ملكه كلّ بسطةِ
    و حاشاه عن إمكان شوب النقيصةِ
    قضاءً فيا طوبى لتلك الفضيلةِ
    إذا شاء إمضاء لحكم المشيّةِ
    يدبّر فيها الأمر في كلّ لمحةِ
    طواها كطيّ السجل في لمح طرفةِ
    و لو قال لا عادت كما هي كانتِ
    لنور قديم حادث بالإرادةِ
    وجوداً سواه لا بعين الحقيقةِ
    تجوهر منه نور كلّ خليقةِ
    تراه بعين الحق في كلّ طرفةِ
    عن الوهم أو إدراكه بالمظنّةِ
    فيحدثه فيها بمحض المشيّةِ
    فَيُصْدِرُ فيهم حكم كلّ قضيّةِ
    يدُ اللَّه في إجراء كلّ حكومةِ
    و يكبر عن تشبيهه بالصنيعةِ
    فيا خير مصنوع و يا خير صَنعةِ
    فيا شرفاً أوفى لكلّ مزيّةِ
    لإنفاذ أمر اللَّه في كلّ بقعةِ
    كمشكاة زيت نيّرٍ في الزجاجةِ
    يُضي ء سناها مثل نجم الدُجيّةِ
    سوى نوره في كلّ كورٍ و دورةِ
    رأته كآلٍ أو سرابٍ بقيعةِ
    و فاضت عليها دفعةً بعد دفعةِ
    سوى قطرةٍ أو ديمةٍ بل كرشحةِ
    له النقص حتى مثل مثقال ذرّةِ
    فيا خير بَدْءٍ مثل خير نهايةِ
    البريّة في بيداء غيّ الضلالةِ
    إليها فيا طوبى لأهل السفينةِ
    شهيدٌ بها في دار ذلّ و غربةِ
    بأرضك هذا اليوم ما دار كُربةِ
    على كبدٍ حرّاء قِدٍّ نضيجةِ
    فيا خير بطنٍ مسّه خير تربةِ
    محيطاً به أنواع ذلٍّ و محنةِ
    صنيعٌ له يا سوء تلك الصنيعةِ
    عليه بما أتاه من سوء فطرةِ
    فأهدف باريه لقبح السريرةِ
    يُدال إليها كلّ باطل دولةِ
    حسينٌ شهيداً في هوانٍ و ذلّةِ
    مصاباً عظيماً فاق كلّ مصيبةِ
    لها من رمال الطفّ طاقات لحمةِ
    طريحاً بأرض الطفّ في سوء صرعةِ
    مجرّحة الأعضاء تحت الأسنّةِ
    و تبكي عليه سكاناتُ البريّةِ
    على جسمه في كلّ يومٍ و ليلةِ
    صباح مساء من سواكب عبرةِ
    بدمعٍ يُضاهي الوبل حال إنصبابةِ
    اُسارى سبايا مثل روم و نوبةِ
    صريعاً على وجه الثرى نحو رميةِ
    تقوم إليه زمرةٌ بعد زمرةِ
    ينادي ألا يا قوم هل من حميّةِ
    بأيدي عِداه ثلمةٌ بعد ثلمةِ
    و خطبٌ عظيمٌ فوق كلّ عظيمةِ
    قلوبُ أعاديه لشدّة قسوةِ
    و أذري دموعي قطرة بعد قطرةِ
    خصوصاً حسيناً دفعةً بعد دفعةِ
    وحيداً بأرض الطفّ طفّ بليّةِ
    أنيساً سوى رميٍ و طعنٍ و ضربةِ
    حواسر يلطمن الوجوه بندبةِ
    ضجيج يريدون الخيام لِغادةِ
    و يدعون ويلاً في ثبور و كربةِ
    تراه بهذي الحال في كلّ حالةِ
    يدبّر فيه الأمر تدبير حكمةِ
    مليكاً عزيزاً قادراً كلّ قدرةِ
    على كلّ ذي علياء تحت المشيّةِ
    رماه شقيّ القوم من قوس قسوةِ
    فَزُلزل منها العرش زلزالَ رعشةِ
    فحلّت عُرى أركانه المشمخرّةِ
    قوائمه من سيف عاقر ناقةِ
    شقيقُ قدارٍ في رضاعة شقوةِ
    إليه رسول الموت في سوء حالةِ
    بأحمر قانٍ سائلٍ فوق وَ جْنَةِ
    و عاد صلاة الصبح في جوف ظلمةِ
    صوائح تتلوها نوائح نسوةِ
    انيطت عليها بل جميع الخليقةِ
    كليلة ديجور بتلك الصبيحةِ
    صبيحتهم ظلماء مثل الدُجيّةِ
    و تدعو ثبوراً في عويل و كربةِ
    تزلزلت الأكوان منها بجملةِ
    على الدهر هذا الصوت من كلّ وجهةِ
    كهاطل غيم ممطر يوم ظُلَّةِ
    لَمَنْزلُ سُوءٍ عند أهل البصيرةِ
    بدا كاشراً عنها بشرٍّ و فتنةِ
    فتعساً له من دار ذلٍّ و محنةِ
    عليه بما نالتهم من مصيبةِ
    على كلّ موجود بقبضٍ و بسطةِ
    على كلّ موجود بقبضٍ و بسطةِ



وفاته:



لقد قضى المؤلّف (رحمه اللَّه) عمره الشريف في نشر أحكام الدين، و ترويج المذهب الحق، فألّف و كتب و نشر و درّس كلّ ذلك لأجل إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام)، و نشر فضائلهم و مناقبهم، إلى أن أجاب داعي ربّه في يوم الجمعة ثاني ربيع الثاني سنة (1310 ه ق)


[
نقباء البشر 4: 1341 رقم 1870.]

، و لم أعثر في كتب التراجم على مدفنه، و الظاهر انّه دفن في آذربايجان لأنّه كان مقيماً فيها في آخر عمره، و اللَّه العالم.


منهج التحقيق:



إعتمدنا في تحقيق هذا الكتاب الشريف على نسخة حجرية طبعت في تبريز بتصحيح المؤلّف (رحمه اللَّه) و كتابة محمد هاشم في عام (1298).


و حاولنا تخريج الأحاديث من مصادر الخاصة و العامة حسب الإمكان، و بذلنا الجهد في ضبط إعراب الخطبة الشريفة، و شرحنا بعض الكلمات المبهمة، و لا يفوتني في الختام أن أقدّم شكري الجزيل لسماحة العلامة المحقق الاُستاذ السيد محمد رضا الحسيني الجلالي حيث ساعدنا كثيراً في ضبط الكلمات المغلوطة أو غير المقروءة، فله سهم كبير و جهد مشكور في إنجاز هذا العمل، فتقبل اللَّه منّا و منه و وفقنا جميعاً لما يحب و يرضى.


و هذا الكتاب هو أول اصدار لدار فاطمة عليهاالسلام للتحقيق، فوفقهم الله و سددهم.


السيد هاشم الميلاني


1418 ه ق صفر


مقدمه مؤلف



بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد للَّه الذي أقام أعلام الهدى، و نصب رايات التقى، و لم يترك عباده هملاً و سدى، الذي فطرهم على معرفته، و ألهمهم بعبادته، و ندبهم الى طاعته، خلق الانسان علّمه البيان، و أودع فيه سرّ العلم و العرفان، و نور الحكمة و الايقان.


الفرد البديع، الملك المنيع، ذو العرش الرفيع، و الكرسيّ الوسيع، الذي خلق من كلّ شي ء زوجين اثنين، و أدرج سرّ الوحدانيّة في البين، فمشج بين هذين


[
المَشْجُ و المَشِجُ و المشَجُ و المشيج: كلّ لونين اختلطا....، و قيل: هو كلّ شيئين مختلطين/ لسان العرب.]]، و مزج الأمرين، و مرج البحرين مع برزخ بينهما لا يبغيان، يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان.


و الصلاة و السلام على مظهر الايمان، و سيد الانس و الجانّ، الذي نزل عليه الفرقان ليكون للعالمين نذيراً و داعياً الى اللَّه باذنه و سراجاً منيراً، فجعله مشكاة علمه، و زجاجة هدايته، و مصباح رحمته.


و هو أصل الاُصول، و قطب الأقطاب، و مبدأ النزول، و منتهى الأياب، اُسّ الوجود، و فصّ خاتم الموجود، ساحب أذيال الكرم و الجود، و صاحب لواء الحمد و المقام المحمود، ثم على آية قدرته، و باب علمه، و مفتاح حكمته، ام الكتاب، و باب الأبواب، و فصل الخطاب، و ميزان الحساب، تمام الفيض و الجود، وجهة العابد وجهة المعبود، و مفتاح الغيب و مصباح الشهود، على رغم العدوّ الكنود.


و على سائر خزنة الوحي و حفظته، و أمنة الذكر و تراجمته، و الأئمة الدعاة الى جنّته، و القادة الهداة الى رحمته، الأطياب الأنجاب الذين اليهم الاياب و عليهم الحساب، حبّهم الايمان، و معرفتهم الأمان، و موالاتهم الجنان، و معاداتهم النيران، من والاهم فقد والى اللَّه، و من عاداهم فقد عادى اللَّه، و من أحبّهم فقد أحبّ اللَّه، و من أبغضهم فقد أبغض اللَّه، صلى اللَّه عليهم ما دام الفلك الدوّار، و الليل و النهار، و الظلم و الأنوار.


و بعدُ: فيقول المحتاج الى لطف ربّه الباري، ابن احمد محمد عليّ الحافظ الأنصاري، اُوتي كتابه بيمناه، و جعل عقباه خيراً من اُولاه: انّ حضرة الجناب العالي الشأن، و النواب الوثيق الأركان، و الحصن المنيع البنيان، زينة الزمان و حلية الدوران، و فجر النور إذا استبان، باسط العدل و الاحسان، ماهد الأمن و الأمان، حامي حوزة الاسلام، و دافع معرّة الأيّام، ملجأ الأنام، و مرجع الخواص و العوام، ذو القوّة القاهرة، و الهيبة الباهرة، قوام الدولة العليّة العالية، و نظام الملّة البهيّة الباهية، كعبة الأماني و الآمال، كريم الأقوال و الأعمال و الأحوال، الفيض الجاري في عالم الطين، و سلالة طين السلاطين، و قد قلت فيه:




  • مؤيّد الملّة البيضاء و الدين
    مهذّبٌ طيّب طابت ارومته
    سلالة الطين من طين السلاطين



  • ذا ماء فيض جرى في عالم الطين
    سلالة الطين من طين السلاطين
    سلالة الطين من طين السلاطين




المؤيّد بالتأييدات الربانيّة، و المسدّد بالتسديدات السبحانيّة، الجناب الأعظم المعلّى، و النواب الأشرف الأعلى، مؤيّد الدولة و الملّة، أدام اللَّه تأييده و امداده، و أوصله بما أحبّه و أراده، و ختم له بالخير و السعادة، و أصلح معاشه و معاده، رحم اللَّه من قال آمين فانّ في ذلك صلاح الدنيا و الدين.


قد أمر داعيه بالاخلاص و الارادة أن يكتب شرحاً للخطبة الشريفة المنيفة، الصادرة من المصدر الأعلى تبارك و تعالى، أعني الدرّة البيضاء، و الانسيّة الحوراء، صلوات اللَّه و سلامه عليها و على أبيها و زوجها و بنيها، في مقام التظلّم






و الشكاية عن الخلفاء، و غصبهم لفدك و العوالي عنها بعد وفاة أبيها، شرحاً يوضّح مغلقاتها، و يكشف معضلاتها، مبيّناً لمبهماتها، مفصّلاً لمجملاتها، موضّحاً لبعض ما يحتاج الى الايضاح من ألفاظها، و مبيّناً لبعض ما يقتضيه الحال من باطنها و تأويلها، بياناً مشتملاً على نوع من التحقيق، و شرحاً على طور التعمّق و التدقيق بقدر ما يقتضيه المقام و الحال، و يساعد عليه المجال.


و انّي و إن لم أكن من فرسان هذا الميدان و أهل هذا الشأن، لتراكم أمواج الفتن و الحدثان، حتى كنت مدّة مديدة من الزمان نسج عليّ عناكب


[
عناكب: جمع العنكبوت/ لسان العرب.] النسيان، و لم يكن لي وجدان من جهة اختلال حال الزمان و الاخوان، الّا أنّ توجّهه العالي رفع الموانع و الأستار، و دفع عنّي واردات الهموم و الأكدار.


فقمت على ساق الامتثال مع ما عليّ من دواعي الأشغال و الاشتغال، فأتيت على سبيل العجالة بما تيسّر لي من تلك المقالة مع قلّة البضاعة في هذه الحالة، و كثرة الاضاعة، و قلت: أيّها العزيز مسّنا و أهلنا الضرّ، و جئنا ببضاعة مزجاة، فألحظها بعين الرضا، و تلقّها بيد القبول و الارتضاء، فانّ الهدايا على قدر مُهديها، و أسأل اللَّه أن يعصمنا من الزلل و الخطل


[
الخَطَل: خفة و سرعة، خَطِلَ خَطَلاً فهو خَطِلٌ و أَخْطَلٌ. و الخاطل: الأحمق العَجِل/ لسان العرب.] في القول و العمل.


أقول و باللَّه التوفيق و هو الهادي الى سواء الطريق:


اعلم انّ هذه الخطبة الغرّآء، و الدرّة البيضاء، خطبة في نهاية الفصاحة و غاية البلاغة، من حيث عذوبة ألفاظها الكافية، و غرابة مضامينها الشافية، و جزالة معانيها الوافية مع ما عليها من البهاء و الجلالة، و الرواء و الديباجة، بحيث لو خوطب بها الجبال الشامخة لرأيتها خاشعة متصدّعة، و إن لم تؤثّر في تلك القلوب القاسية التي كانت كالحجارة أو أشدّ قسوة.


و هي كلام دون كلام الخالق و فوق كلام المخلوق، و هي موضع المثل: (في


شجرة نار، و استمجد المَرْخ و العَفار


[
المَرْخُ: شجر كثير الوَرْي سريعه، و في المثل: في كلّ شجرٍ نار و استمجد المرخ و العفار، أي دهنا بكثرة دلك. و استمجد: استفضل/ لسان العرب.])، و نسبتها الى سائر الكلمات الفصيحة نسبة الكواكب المنيرة الفلكيّة الى الحجارة المظلمة الأرضيّة، و عليها مسحة من نور النبوة، و عبقة من أرج الرسالة.


و حقٌّ لها أن تكون بهذه المثابة، فانّ متاع البيت يشبه صاحبه، و الأثر يشابه مؤثّره، فانّها صادرة من بضعة الرسول...، سلالة النبوّة، و عصارة الفتوّة، الصدّيقة الكبرى، و الانسيّة الحوراء، مشكاة الضياء، اُم الأئمة النقباء النجباء، سيدة النساء فاطمة الزهراء صلوات اللَّه عليها.


و لابد أوّلاً من الاشارة الى بعض فضائلها، و التنبيه على نبذة يسيرة من مآثرها، حتى يتبيّن لأرباب البصر و البصيرة انّ تلك الخطبة الشريفة من عين صافية غير كدرة، لا يشوبها شبهة عيب، و لا يعتريها و صمة ريب، هدىً للمتقين الذين يؤمنون بالغيب.


بعض فضائل خديجة الكبرى



فنقول: لا يخفى انّ مصدر هذه الخطبة الغرّاء هي سيدة النساء، بضعة خير الأنبياء، و زوجة خاتم الأولياء، و مشكاة أنوار أئمة الهدى، البتول العذراء فاطمة الزهراء، و امّها هي خديجة الكبرى التي هي أشرف أزواج النبي و أفضلها، و فضائلها مشهورة بين أهل الأرض و السماء.


و كفى في فضلها انّها سيّدة النساء، كما ورد في الأخبار الكثيرة التي تأتي اليها الاشارة انّ أربعة من النساء سيدة النساء، إحداهنّ خديجة و هي في مرتبة مريم و آسية، و زاد على كونها سيدة النساء كونها امّ سيدة النساء في الدنيا و الاخرة و الاولى.


و يدلّ على جلالة شأنها عند اللَّه تعالى ما روي عن الصادق (عليه السّلام) انّ


/ 83