تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

حديث عامر بن الطفيل


وهو شيخ مشايخ قبائل غطفان، روى قصته ابن كثير أيضاً في سيرته:114:4 قال: "عن ابن عباس أن أربد بن قيس بن جزء بن خالد بن جعفر بن كلاب وعامر بن الطفيل بن مالك، قدما المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتهيا إليه وهو جالس، فجلسا بين يديه. فقال عامر بن الطفيل: يا محمد، ما تجعل لي إن أسلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لك ما للمسلمين وعليك ماعليهم.

قال عامر: أتجعل لي الأمر إن أسلمت، من بعدك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس ذلك لك، ولا لقومك، ولكن لك أعنة الخيل.

قال: أنا الآن في أعنة خيل نجد! إجعل لي الوَبَر، ولك المدَر. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا. فلما قفل من عنده قال عامر: أما والله لأملأنها عليك خيلاً ورجالاً! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمنعك الله.

وفي ص112 قال: "وكان عامر بن الطفيل قد أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: أخيرك بين ثلاث خصال: يكون لك أهل السهل ويكون لي أهل الوبر، وأكون خليفتك من بعدك، أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء! قال فطعن "أصيب بالطاعون" في بيت امرأة، فقال: أغدة كغدة البعير، وموت في بيت امرأة من بني فلان!- وفي رواية في بيت سلولية- ائتوني بفرسي، فركب، فمات على ظهر فرسه!". انتهى.

الدليل الثاني

أن بيعة النبي صلى الله عليه وآله للأنصار تضمنت من أولها في مكة ثلاثة شروط:

الأول: أن يحموا النبي صلى الله عليه وآله مما يحمون منه أنفسهم.

الثاني: أن يحموا أهل بيته وذريته مما يحمون منه أولادهم وذراريهم.

الثالث: أن لاينازعوا الأمر أهله!!

وهذا الشرط الأخير دليلٌ واضحٌ على أن مبدأ الإختيار الإلهي للأئمة بعد النبي صلى الله عليه وآله كان مفروغاً عنه من أول الرسالة، وأن لهذا الأمر أهلاً بعد النبي، على الأمة أن تطيعهم! وليس لها أن تختار هي، ولا أن تنازع أهل الأمر أو أولي الأمر الذين يختارهم الله تعالى لقيادتها بعد نبيه!

وقد وفَى الأنصار بالشرط الأول خير وفاء، ولكن أكثرهم حنث بالشرطين الأخيرين حنثاً سيئاً مع الأسف!

وقد روت الصحاح هذه الشروط النبوية الثلاثة: ففي صحيح البخاري:122:8 "عن عبادة بن الصامت قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره، وأن لاننازع الأمر أهله، وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا، لانخاف في الله لومة لائم". ورواه مسلم:16:6 والنسائي:137:7 بعدة روايات، وعقد باباً بعنوان "باب البيعة على أن لاننازع الأمر أهله". ورواه ابن ماجة:.957:2 وأحمد316:5 وفي ص415 وقال: "قال سفيان: زاد بعض الناس: ما لم تروا كفرابواحاً". ورواه البيهقي في سننه145:8 .

وفي مجمع الزوائد:49:6 عن عبادة بن الصامت أن أسعد بن زرارة قال: يا أيها الناس، هل تدرون على ما تبايعون محمداً صلى الله عليه وسلم؟ إنكم تبايعونه أن تحاربوا العرب والعجم، والجن والأنس! فقالوا: نحن حرب لمن حارب، وسلم لمن سالم. قالوا: يا رسول الله إشترط. قال: تبايعوني على أن: تشهدوا أن لاإله إلا الله، وأني رسول الله، وتقيموا الصلاة وتؤتوا الزكاة، والسمع والطاعة، وأن لاتنازعوا الأمر أهله، وأن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأهليكم.

وعن حسين بن علي قال: جاءت الأنصار تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على العقبة فقال: يا علي قم فبايعهم، فقال علي: ما أبايعهم يا رسول الله؟

قال: على أن يطاع الله ولا يعصى، وعلى أن تمنعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته وذريته، مما تمنعون منه أنفسكم وذراريكم. انتهى.

ومن الملفت أن مصادرهم روت أن النبي صلى الله عليه وآله ضمَّنَ شروط بيعة الشجرة التاريخية في صلح الحديبية مع المهاجرين والأنصار، نفس هذا الشرط الذي اشترطه على الأنصار قبل الهجرة! أن يحموه وأهل بيته وذريته مما يحمون منه أنفسهم وأن لاينازعوا الأمر أهله!

قال النووي في شرح مسلم:13:2 قوله: في رواية جابر ورواية معقل بن يسار "بايعناه يوم الحديبية على أن لانفر ولم نبايعه على الموت" وفي رواية سلمة أنهم بايعوه يومئذ على الموت، وهو معنى رواية عبدالله بن زيد بن عاصم. وفى رواية مجاشع بن مسعود البيعة على الهجرة والبيعة على الاسلام والجهاد.

وفي حديث ابن عمر وعبادة: بايعنا على السمع والطاعة وأن لاننازع الأمر أهله.. وفى رواية عن ابن عمر في غير صحيح مسلم البيعة على الصبر. قال العلماء: هذه الرواية تجمع المعاني كلها، وتبين مقصود كل الروايات.

ومن الواضح لمن له أدنى خبرة أن الزيادة التي قال عنها أحمد بن حنبل "قال سفيان: زاد بعض الناس: مالم تروا كفراً بواحاً".. من إضافات أتباع السلطة على الحديث بعد معارضة بني هاشم والأنصار لخلافة أبي بكر وعمر!

وكذلك كل ما في معناها، كالذي رواه البخاري: 88:8 "إلا أن تروا كفراً بواحاً، عندكم من الله فيه برهان" والبيهقي في سننه:145:8 .

لأن بيعة الأنصار كانت قبل الهجرة، ولم يكن فيها استثناء من الطاعة، ولم تكن مسألة إثرة القرشيين على الأنصار مطروحة أبداً إلا بعد بيعة أبي بكر والمعارضة الشديدة لرئيس الأنصار صاحب السقيفة سعد بن عبادة!

ويلاحظ أن الصحاح القرشية أكثرت من رواية شرط النبي صلى الله عليه وآله على الأنصار أن لاينازعوا الأمر أهله، لأجل أن تحتج عليهم بأنهم لاسهم لهم في الخلافة القرشية.. ولكنها لم تروِ شرط النبي صلى الله عليه وآله على الأنصار أن يمنعوا أهل بيته وذريته مما يمنعون منه أهليهم، لأن ذلك في غير مصلحة الخلافة القرشية، التي هاجمت بيت فاطمة وعلي عليهماالسلام، وأشعلت فيه النار لتحرقه بمن فيه، إن لم يخرجوا ويبايعوا!

ولاروت شرط النبي عليهم أن لاينازعوا الأمر أهله إلا ما فلت من سذاجة راويه أو صدقه كما رأيت في حديث عبدالله بن عمر! لأنه شرط في غير مصلحة الذين اغتنموا انشغال بني هاشم بجنازة النبي وسرقوا الأمر من أهله! وبهذا تعرف الهدف من الروايات المدبجة التي حرفت الحديث من كونه شرطاً نبوياً على المسلمين وحولته الى أمر نبوي للمسلمين بطاعة كل حاكم! كالتي رواها أحمد في مسنده :321:5 "عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله: عليك السمع والطاعة، في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك، وأثرة عليك، ولا تنازع الأمر أهله وإن رأيت أنه لك". انتهى.

ولا يتسع المجال هنا للحديث في هذا الشرط النبوي البليغ، الذي بدأ به النبي مبكراً فاشترطه بأمر ربه على الأنصار، ثم اشترطه على المهاجرين.. ودلالاته على الخطة الالهية لمستقبل الاسلام، وترتيب الامامة بعد النبوة.

الدليل الثالث: حديث الدار.. وأندر عشيرتك الأقربين

حديث الدار معروف، فهو مرتبط في مصادر التفسير والسيرة بتفسير قوله تعالى: "وأنذر عشيرتك الأقربين". حيث دل نص الآية على أن الله تعالى أمر رسوله في المرحلة الأولى أن يدعو بني هاشم فقط! فماذا فعل النبي صلى الله عليه وآله في هذه المرحلة؟ وهل استمرت مدتها شهوراً، أو سنين، حتى نزل الأمر بتوسيع نطاق الدعوة لعموم الناس؟

وما معنى الأمر الإلهي: أن تكون نبوة الرسول صلى الله عليه وآله أولاً لبني هاشم خاصة، وبعدها لقريش والعرب والناس عامة؟ وما معنى أن قريشاً اتخذت قراراً بمحاصرة بني هاشم، فالتفوا جميعاً حول النبي صلى الله عليه وآله، مؤمنهم وكافرهم، وتحملوا الحصار الشامل الذي استمر من السنة السادسة أو السابعة، إلى السنة الحادية عشرة للبعثة.. ولم يقل أحد منهم آخ! وما معنى أنه عندما كانت الشدائد تقع على المسلمين، لم ينهض بحملها إلا بنو هاشم؟ فقد انهزم المسلمون جميعاً في أحد، ولم يثبت غير بني هاشم! ثم تحداهم جميعاً فارس الأحزاب يوم الخندق، فلم يجرؤ أحد على مبارزته غير بني هاشم!

ثم انهزموا في حنين وهم عشرة آلاف.. فلم يثبت غير بني هاشم!!

إنها حقائق وظواهر تفسر الحديث الذي روته مصادرنا قال فيه النبي صلى الله عليه وآله: "بعثت إلى أهل بيتي خاصة، وإلى الناس عامة".

كما تدل آية "وأنذر عشيرتك الأقربين" وما ورد في تفسيرها، على أن إنذار بني هاشم كان مبرمجاً من الله تعالى.. وأن تعيين وصي النبي صلى الله عليه وآله وخليفته من بينهم، كان ضمن ذلك البرنامج.. فقد قال السيوطي في الدر المنثور:97:5 :

"وأخرج ابن إسحق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبونعيم، والبيهقي في الدلائل، من طرقٍ، عن علي رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: وأنذر عشيرتك الأقربين، دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا علي إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين فضقت بذلك ذرعاً، وعرفت أني مهما أبادؤهم بهذا الأمر أرى منهم ما أكره، فصمتُّ عليها حتى جاء جبريل فقال: يا محمد إنك إن لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك، فاصنع لي صاعاً من طعام، واجعل عليه رجل شاة، واجعل لنا عساً من لبن، ثم اجمع لي بني عبدالمطلب، حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به. ففعلت ما أمرني به ثم دعوتهم له، وهم يومئذ أربعون رجلاً يزيدون رجلاً أو ينقصونه، فيهم أعمامه أبوطالب وحمزة والعباس وأبولهب، فلما اجتمعوا إليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به، فلما وضعته تناول النبي صلى الله عليه وسلم بضعة من اللحم فشقها بأسنانه، ثم ألقاها في نواحي الصحفة، ثم قال: كلوا بسم الله، فأكل القوم حتى نهلوا عنه، ما ترى إلا آثار أصابعهم!

والله إن كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم.

ثم قال: إسق القوم يا علي، فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعاً! وأيم الله إن كان الرجل منهم ليشرب مثله! فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكلمهم بدره أبولهب إلى الكلام، فقال: لقد سحركم صاحبكم! فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلى الله عليه وسلم. فلما كان الغد قال: يا علي إن هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول، فتفرق القوم قبل أن أكلمهم، فعد لنا بمثل الذي صنعت بالأمس من الطعام والشراب، ثم اجمعهم لي، ففعلت ثم جمعتهم، ثم دعاني بالطعام فقربته، ففعل كما فعل بالأمس، فأكلوا وشربوا حتى نهلوا، ثم تكلم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا بني عبدالمطلب إني والله ما أعلم أحداً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به، إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على أمري هذا؟

فقلت وأنا أحدثهم سناًّ: إنه أنا، فقام القوم يضحكون". انتهى.

ثم رواها السيوطي بسند آخر عن ابن مردويه عن البراء بن عازب، قال: "لما نزلت هذه الآية: وأنذر عشيرتك الأقربين، جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني عبدالمطلب، وهم يومئذ أربعون رجلاً..." إلخ..

ولكن السيوطي بتر الحديث هنا، ولم يذكر بقية كلام النبي صلى الله عليه وآله.. وهو أسلوب دأب رواة خلافة قريش على ارتكابه في حديث الدار، لأن بقية الحديث تقول إن الله أمر رسوله من ذلك اليوم أن يختار وزيره وخليفته من عشيرته الأقربين!

قال الأميني في الغدير:207:1 "وها نحن نذكر لفظ الطبري بنصه حتى يتبين الرشد من الغي. قال في تاريخه:217:2 من الطبعة الأولى: "إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه، فأيكم يوازرني على هذا الأمر، على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم؟

قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت وإني لأحدثهم سناً وأرمصهم عيناً وأعظمهم بطناً وأحمشهم ساقاً: أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ثم قال: إن هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا. قال: فقام القوم يضحكون، ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع". وقال الأميني:279:2 وبهذا اللفظ أخرجه أبوجعفر الإسكافي المتكلم المعتزلي البغدادي، المتوفى240 في كتابه نقض العثمانية، وقال: إنه روي في الخبر الصحيح.

ورواه الفقيه برهان الدين في أنباء نجباء الأبناء.46-48 وابن الأثير في الكامل:.24:2 وأبوالفداء عماد الدين الدمشقي في تاريخه:116:1 وشهاب الدين الخفاجي في شرح الشفا للقاضي عياض: 37:3 "وبتر آخره" وقال: ذكر في دلايل البيهقي وغيره بسند صحيح. والخازن علاء الدين البغدادي في تفسيره-390. والحافظ السيوطي في جمع الجوامع، كما في ترتيبه:.392:6 وفي:397 عن الحفاظ الستة: ابن إسحاق، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وأبي نعيم، والبيهقي. وابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة:.254:3 انتهى كلام صاحب الغدير.

ثم شكا رحمه الله من الذين حرفوا الحديث لإرضاء قريش، ومنهم الطبري الذي رواه في تفسيره بنفس سنده المتقدم في تاريخه، ولكنه أبهم كلام النبي صلى الله عليه وآله في حق علي عليه السلام فقال: ثم قال: إن هذا أخي، وكذا وكذا!! وتبعه على ذلك ابن كثير في البداية والنهاية40:3 وفي تفسيره351:3 !

وقال في هامش بحارالأنوار:272:32

"وناهيك من ذلك مؤاخاته مع رسول الله صلى الله عليه وآله بأمر من الله عزوجل في بدء الإسلام حين نزل قوله تعالى: وأنذر عشيرتك الأقربين. راجع: تاريخ الطبري:321:2 كامل ابن الأثير:24:2 تاريخ أبي الفداء:11:1 والنهج الحديدي:254:3 ومسند الإمام ابن حنبل:159:1 وجمع الجوامع ترتيبه:408:6 وكنز العمال:401:6 .

وهذه المؤاخاة مع أنها كانت بأمر الله عزوجل، إنما تحققت بصورة البيعة والمعاهدة "الحلف" ولم يكن للنبي صلى الله عليه وآله أن يأخذ أخاً ووزيراً وصاحباً وخليفة غيره، ولا لعلي أن يقصر في مؤازرته ونصرته والنصح له ولدينه، كمؤازرة هارون لموسى على ما حكاه الله عزوجل في القرآن الكريم.

ولذلك ترى رسول الله صلى الله عليه وآله حين يؤاخي بعد ذلك المجلس بين المهاجرين بمكة، فيؤاخي بين كل رجل وشقيقه وشكله: يؤاخي بين عمر وأبي بكر، وبين عثمان وعبدالرحمن بن عوف، وبين الزبير وعبدالله بن مسعود، وبين عبيدة بن الحارث وبلال، وبين مصعب بن عمير وسعد بن أبي وقاص، وبين أبي عبيدة بن الجراح وسالم مولى أبي حذيفة، وبين حمزة بن عبدالمطلب وزيد بن حارثة الكلبي. راجع: "سيرة ابن هشام:.504:1 المحبر:.71:70 البلاذري:270:1" يقول لعلي عليه السلام: والذي بعثني بالحق نبياً ما أخرتك إلا لنفسي، فأنت مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنه لانبي بعدي، وأنت أخي ووارثي، وأنت معي في قصري في الجنة.

ثم قال له: وإذا ذاكرك أحد فقل: أنا عبدالله وأخو رسوله، ولا يدعيها بعدي إلا كاذب مفتر. "الرياض النضرة:.168:2 منتخب كنز العمال:45:5 و46".

ولذلك نفسه تراه صلى الله عليه وآله حينما عرض نفسه على القبائل فلم يرفعوا إليه رؤوسهم، ثم عرض نفسه على بني عامر بن صعصعة قال رجل منهم يقال له بيحرة بن فراس بن عبدالله بن سلمة الخير بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة: والله لو أني أخذت هذا الفتى من قريش لأكلت به العرب، ثم قال لرسول الله: أرأيت إن بايعناك على أمرك ثم أظهرك الله على من خالفك، أيكون لنا الأمر من بعدك؟ قال: الأمر إلى الله يضعه حيث يشاء. قال: فقال له: أفنهدف نحورنا للعرب دونك، فإذا أظهرك الله كان الأمر لغيرنا، لاحاجة لنا بأمرك، فأبوا عليه، "راجع: سيرة ابن هشام:424:1 الروض الأنف:264:1 بهجة المحافل:128:1 سيرة زيني دحلان:302:1 السيرة الحلبية:3:2".

فلولا أنه صلى الله عليه وآله كان تعاهد مع علي عليه السلام بالخلافة والوصاية بأمر من الله عزوجل قبل ذلك، لما ردهم بهذا الكلام المؤيس، وهو بحاجة ماسة إلى نصرة أمثالهم". انتهى.

وفي دعائم الإسلام للقاضي النعمان المغربي:15:1

"وروينا أيضاً عن علي بن أبي طالب صلى الله عليه أنه قال: لما أنزل الله عزوجل: وأنذر عشيرتك الأقربين، جمع رسول الله صلى الله عليه وآله بني عبدالمطلب على فخذ شاة وقدح من لبن، وإن فيهم يومئذ عشرة ليس منهم رجل إلا أن يأكل الجذعة ويشرب الفرق، وهم بضع وأربعون رجلاً، فأكلوا حتى صدروا وشربوا حتى ارتووا، وفيهم يومئذ أبولهب، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: يا بني عبدالمطلب أطيعوني تكونوا ملوك الأرض وحكامها، إن الله لم يبعث نبياً إلا جعل له وصياً ووزيراً ووارثاً وأخاً وولياً، فأيكم يكون وصيي ووارثي ووليي وأخي ووزيري؟ فسكتوا، فجعل يعرض ذلك عليهم رجلاً رجلاً، ليس منهم أحد يقبله، حتى لم يبق منهم أحد غيري، وأنا يومئذ من أحدثهم سناً، فعرض علي فقلت: أنا يا رسول الله. فقال: نعم، أنت يا علي. فلما انصرفوا قال لهم أبولهب: لو لم تستدلوا على سحر صاحبكم إلا بما رأيتم، أتاكم بفخذ شاة وقدح من لبن فشبعتم ورويتم! وجعلوا يهزؤون ويقولون لأبي طالب: قد قدم ابنك اليوم عليك". انتهى.

ولا بد أن تكون حادثة دعوة النبي صلى الله عليه وآله لبني هاشم قد شاعت في قريش، ثم في العرب، فقالوا إن النبي الجديد جمع عشيرته بأمر ربه كما يزعم، ودعاهم إلى دينه، وطلب منهم شخصاً يكون وزيره وخليفته من بعده، فأجابه ابن عمه الشاب الغلام علي.. فاتخذه وزيراً وخليفة! وهنا ينبغي أن ننبه هنا على أمرٍ مهم.. هو أن مدوني السيرة النبوية الشريفة طمسوا مرحلة دعوة بني هاشم وحذفوها من السيرة، وكأنه لايوجد في القرآن آية: "وأنذر عشيرتك الأقربين"! واخترعوا بدلها مرحلة بيت الأرقم، وما قبل بيت الأرقم.. وما بعد بيت الأرقم..! وأكثروا فيه من الروايات غير المعقولة!

فهذه الأدلة الثلاث التي روت نصوصها المصادر الصحيحة، لاتدع مجالاً للشك في أن ولاية الأمر بعد النبي صلى الله عليه وآله كانت مطروحةً ومنظورةً للناس، من أول بعثته إلى آخر حياته صلى الله عليه وآله. وأن جميع الناس كانوا يعرفون أن مشروع النبوة ودعوة الناس إليها، هو مشروع تكوين دولة يرأسها النبي صلى الله عليه وآله، وتحتاج إلى خليفة له بعده. ولذلك كانت القبائل ترى في نبوته بحسابها المادي، مشروعاً مغرياً، وتحاول أن تأخذ منه وعداً بأن يكون لها الأمر من بعده، ومنها قبائل يمانية وعدنانية، وزعيم قبائل نجد المتنقلة. بل يمكننا بملاحظة هذا الواقع أن نفترض أن يكون في المسلمين الأوائل منافقون جذبهم هذا المشروع المغري وهذه الحركة النبوية التي يؤمل لها النجاح وأن يكون الواحد منهم طمع أن يجد له موقعاً فيها ينقله من ذل الهامش القبلي إلى مركز قيادي مع هذا التنبئ من بني هاشم. وبهذا فقط نستطيع أن نفسر ذكر المنافقين والذين في قلوبهم مرض، في الآية31 من سورة المدثر، التي نزلت في مكة!! أمام هذه الحقائق الصارخة..

كيف يصدق عاقل دعوى حكومات زعماء قريش، من أنهم لم يطرحوا مسألة الخلافة مع النبي صلى الله عليه وآله أبداً أبداً! حتى بصيغة سؤال عن الحكم الشرعي وواجب المسلمين من بعده!! فهل يقبل عاقل أن المسلمين سألوا النبي صلى الله عليه وآله عن مستقبل الأمة، ورووا عنه الأحاديث في كل ما يكون بعده، إلا في أمر الخلافة، وإلا في تعيين الإمام الشرعي من بعده؟!!

ماذا في خطب النبي في حجه الوداع


/ 47