تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

معنى التبليغ في القرآن


مفهوم التبليغ في القرآن مفهوم بسيط واضح، فهو يعني بيان الأنبياء الرسالة الإلهية للناس.. والناس بعد ذلك مختارون في أن يقبلوا أو يتولوا، وحسابهم على الله تعالى، وليس على أنبيائه!

وتتفرع من هذا الأساس العميق عدة مبادئ:

أولاً: أن النبي يحتاج إلى ضمان حرية التعبير عن رسالة ربه، ليتمكن من إيصالها الى العباد وإبلاغهم إياها. وقد كان هذا هو المطلب الأول للأنبياء عليهم السلام من أممهم.

ثانياً: مهمة الأنبياء عليهم السلام هي التبليغ فقط أي مجرد "الإبلاغ" حتى أن الجهاد لم يفرض على أحد من الأنبياء قبل إبراهيم عليهم السلام، فهو أول من فرض الله عليه الجهاد الدفاعي فقط! ففي دعائم الاسلام للقاضي النعمان المغربي:344:1 "عن علي صلوات الله عليه أنه قال: أول من جاهد في سبيل الله إبراهيم عليه السلام، أغارت الروم على ناحية فيها لوط، فأسروه، فبلغ إبراهيم الخبر فنفر فاستنقذه من أيديهم. وهو أول من عمل الرايات صلى الله عليه". انتهى.

ثم فرض الجهاد على الأنبياء من ذرية ابراهيم، وكل الأنبياء بعده من ذريته، من أجل إزاحة العقبات المانعة من التبليغ، أو رد اعتداءات الكفار عن المؤمنين الذين اختاروا الدين الإلهي وإقامة حياتهم على أساسه.

ثالثاًً: لاإكراه في الدين، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.. فينبغي أن يبقى قانون الهداية والإضلال فعالاً، والقدرة على عمل الخير والشر متوفرة.

رابعاً: الهدف من الإبلاغ هو إقامة الحجة لله على عباده، واضحة كاملة، حتى لايقولوا يوم القيامة

لم يبلغنا ذلك نبي ولم نعرف ذلك وكنا عنه غافلين.. فإقامة الحجة في الدين الإلهي محورٌ أصلي ثابتٌ في عمل الأنبياء عليهم السلام سواء على مستوى الكافرين، أو على مستوى أممهم المؤمنين بهم.

ومعنى أن مهمة النبي عليه السلام إنما هي البلاغ.. أن واجبه أن يوصل العقيدة والأحكام إلى الناس، ويبين لهم ويفهمهم.. وبذلك يقيم الحجة لربه عزوجل، ويؤدي ما عليه.. ويسقط المسؤولية عن عاتقه.

أما استجابة الناس أو تكذيبهم.. وأما عملهم وسلوكهم، فهو شأنهم وليس النبي مسؤولاً عنه، بل المحاسبة عليه من اختصاص الله تعالى. قال الله تعالى: "قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين". سورة الأنعام-149

وأدلة هذه المبادئ من القرآن والسنة كثيرة، نذكر منها الى ما ذكره الله تعالى من قول نوح عليه السلام: "أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم، وأعلم من الله ما لاتعلمون". سورة الأعراف-62

وقول تعالى عن شعيب: "فتولى عنهم وقال يا قوم لقد أبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين". سورة الأعراف-93

وعن هود: "فإن تولوا فقد أبلغتكم ماأرسلت به إليكم ويستخلف ربي غيركم ولا تضرونه شيئاً إن ربي على كل شي ء حفيظ". سورة هود-57

وقوله تعالى عن مهمة جميع الرسل الذين بعثهم عليهم السلام: "فهل على الرسل إلا البلاغ المبين". سورة النحل- 35.

"قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون وما علينا إلا البلاغ المبين". سورة يس-16 و17...

ولا يتسع المجال لاستعراض مفاهيم التبليغ وأحكامه في القرآن والحديث، فهي أجزاء مشرقة من نظرية متكاملة في مهمة الأنبياء عليهم السلام، حتى أنه تعالى وصف دينه وقرآنه بأنه بلاغ فقال: "هذا بلاغ للناس ولينذروا به وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولوا الألباب". سورة إبراهيم-52

وقال إنه بلاغ يشمل الأجيال الآتية التي يبلغها الإسلام: "قل أي شي ءأكبر شهادة؟ قل الله شهيد بيني وبينكم، وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ..". سورة الأنعام-19

وأثنى تعالى على أمانة أنبيائه وشجاعتهم في تبليغ رسالاته، رغم مقاومة الناس واستهزائهم، فقال عزوجل: "الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحداً إلا الله وكفى بالله حسيباً". سورة الأحزاب-39

كما تحدث سبحانه عما لاقاه الأنبياء من تكذيب، وأذىً، واضطهاد، وتشريد، وتقتيل.. رغم أن مهمتهم كانت مجرد التبليغ عن الله تعالى!

مهمه نبينا في التبليغ


والذي يتصل بموضوعنا مباشرة هو تبليغ نبينا محمد صلى الله عليه وآله فقد قال تعالى عن مهمته ومسؤوليته: "وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا، فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين". سورة المائدة-92 .

"قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم

ما حملتم، وإن تطيعوه تهتدوا، وما على الرسول إلا البلاغ المبين". النور- 54.

"فإن أسلموا فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ، والله بصير بالعباد". سورة آل عمران-20.

فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظاً، إن عليك إلا البلاغ. الشورى-48 .

وقد أرسل الله نبينا محمداً صلى الله عليه وآله بنفس نظام الرسالة والتبليغ، الذي أرسل به جميع الأنبياء عليهم السلام وهو قاعدة: إقامة الحجة وإتمامها على الناس، وعدم إجبارهم على العمل. وهذا هو معنى "فإنما عليك البلاغ" فقط، وفقط! وهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وآله: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لاإله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم".

فالإجبار الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله هو إجبار أهل الكتاب على التعايش مع المسلمين، وليس على الدخول في الإسلام، وإجبار المشركين الوثنيين على الدخول في الإطار العام للإسلام.. وما عداه متروكٌ للأمة، داخل هذا الإطار، يطيع منها من يطيع، ويعصي من يعصي، ويهتدي منها من يهتدي، ويضل من يضل.. والمحاسب هو الله تعالى.

ومن الطبيعي إذن، أن تحتاج مهمة التبليغ إلى حماية للنبي صلى الله عليه وآله حتى يؤديها، وإلا فإن قبائل قريش الذين يدركون خطر دعوته على نفوذهم وآلهتهم، سرعان ما يدبرون قتله، أو تشويه سمعته وعزله، وحجب الناس عن سماع صوته.

ورغم أن الألطاف الإلهية على أنبيائه عليهم السلام كثيرة ومتنوعة، وما خفي عنا منها أعظم وأكثر مما عرفناه، بل مما يمكن أن يبلغه فهمنا.. لكن سنته سبحانه في الرسل أن يترك أكثر حمايتهم للأسباب "الطبيعية" مضافاً إلى تلك الألطاف. ولا يوجد دليلٌ واحدٌ على ما ذكروه من ضمان الله تعالى عصمة نبيه صلى الله عليه وآله من الجرح والقتل، وأنواع الأذى التي قد يتعرض لها.. وستأتي النصوص على استمرار حراسته صلى الله عليه وآله إلى آخر حياته، ونذكر هنا ما رواه الجميع من أنه صلى الله عليه وآله كان يطلب من قبائل العرب تأمين هذه الحماية حتى يبلغ رسالة ربه.

ففي سيرة ابن هشام:23:2 عن ربيعة بن عباد، قال: "إني لغلامٌ شاب مع أبي بمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقف على منازل القبائل من العرب فيقول: يا بني فلان إني رسول الله إليكم يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وأن تخلعوا ما تعبدون من دونه من هذه الأنداد، وأن تؤمنوا بي وتصدقوا بي وتمنعوني حتى أبين عن الله ما بعثني به". انتهى. ورواه الطبري في تاريخه: 83:2 وابن كثير في سيرته:155:2 .

وقال اليعقوبي في تاريخه:36:2 "وكان رسول الله يعرض نفسه على قبائل العرب في كل موسم، ويكلم شريف كل قوم، لايسألهم إلا أن يؤووه ويمنعوه، ويقول: لاأكره أحداً منكم، إنما أريد أن تمنعوني مما يراد بي من القتل، حتى أبلغ رسالات ربي، فلم يقبله أحد، وكانوا يقولون: قوم الرجل أعلم به"!. انتهى.

كذلك نصت مصادر السيرة على أنه صلى الله عليه وآله طلب البيعة من الأنصار، على حمايته وحماية أهل بيته مما يحمون أنفسهم وأهليهم.. ففي سيرة ابن هشام:38:2 :

"فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن، ودعا إلى الله، ورغب في الإسلام ثم قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم. قال فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق نبياً لنمنعك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب، وأهل الحلقة ورثناها كابراً عن كابر". ورواه الطبري في تاريخه: 92:2 وأسد الغابة: 174:1 وعيون الأثر: 217:1 وسيرة ابن كثير:198:2 ورواه أحمد: 461:3 وقال عنه في مجمع الزوائد:44:6 رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن إسحق وقد صرح بالسماع. ورواه في كنز العمال: 328:1 و.29:8 إلى هنا يتسق الموضوع.. فقد طلب النبي صلى الله عليه وآله الحماية لتبليغ رسالة ربه، على سنة الله تعالى في من مضى من الأنبياء عليهم السلام، وقد حصل عليها من الأنصار. وقد نصره الله تعالى وهزم أعداءه من المشركين واليهود، وشملت دولته شبه الجزيرة العربية واليمن والبحرين وساحل الخليج، وامتدت إلى أطراف الشام، وصار جيش الإسلام يهدد الروم في الشام وفلسطين..

وها هو صلى الله عليه وآله في السنة العاشرة يودع المسلمين في حجة الوداع، ويتلقى سورة المائدة ويتلقى فيها آية تأمره بالتبليغ وتطمئنه بالعصمة من الناس!!

فما عدا مما بدا، حتى نزل الأمر بالتبليغ في آخر التبليغ، وصار النبي الآن وهو قائد الدولة القوية، بحاجة إلى حماية وعصمة من الناس!

إن الباحث ملزمٌ هنا أن يستبعد حاجة النبي صلى الله عليه وآله إلى الحماية المادية، لأن الله تعالى أراد لها أن تتم بالأسباب الطبيعية، وقد وفرها على أحسن وجه، فلا بد أن تكون العصمة هنا من نوع الحماية المعنوية لاالمادية.

والباحث ملزمٌ ثانياً، أن يفسر الأمر بالتبليغ في الآية بأنه تبليغ موضوعٍ ثقيلٍ على الناس.. وأن الذين يثقل عليهم هم المنافقون من المسلمين، لأنه لم يبق أمرٌ ثقيلٌ على الكفار إلا وبلغه لهم، كما أنه لم يبلغهم أمراً بارزاً بعد نزول الآية يصح تفسيرها به.

وبهذا لايبقى معنى للعصمة النازلة من عند الله تعالى إلا العصمة من الطعن في نبوته إذا هو بلَّغهم أن الحكم من بعده في أهل بيته صلى الله عليه وآله.

فبذلك فقط يتسق معنى الآية ويكون معناها: يا أيها الرسول: إنما أنت رسول مبلغ، ولست مسؤولاً عما يحدث، ولا عن النتيجة، بل هو من اختصاص ربك تعالى.. بلغ ما أنزل إليك من ربك: وأمرك به جبرئيل في علي، وحاولت تبليغه مرات في حجة الوداع، فشوش المنافقون عليك.

وإن لم تفعل فما بلغت رسالته: ولم تكمل إقامة الحجة لربك، لأن ولاية عترتك ليست أمراً شخصياً يخصك وإن ظنه المنافقون كذلك، بل هي جزءٌ لايتجزأ من هذه الرسالة الخاتمة الموحدة، وإذا انتفى الجزء من الرسالة.. انتفى الكل، وإذا انتفى الجزء من الحجة.. انتفى الكل.

والله يعصمك من الناس: من طعن قريش بنبوتك بسبب هذا التبليغ مع أنه ثقيلٌ عليها.. فسوف يمنعها الله أن ترفض نبوتك بسببه، وسوف تمر المسألة بسلام، ولا يكون عليك تشويش في التبليغ كما حدث في عرفات ومنى، ولا ردة عن الإسلام.. وتكون أتمت الحجة لربك على أمتك، ولكن علياً سوف يحتاج إلى قتالها على تأويل القرآن كما قاتلتها أنت على تنزيله!

إن الله لايهدي القوم الكافرين: الذين يظلمون عترتك من بعدك، ويبدلون نعمة الله كفراً، ويظلمون بذلك الأمة، ويقودونها الى الصراعات على الحكم، ويسببون انهيارها.. الى أن يبعث الله المهدي من ولدك!

/ 47