تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

مسألتان تتعلقان بآيه العصمه من الناس


يوجد مسألتان ترتبطان بالآية الشريفة، نتعرض لهما باختصار:

محاربه علي بآيه تبليغ ولايته


يشهد جميع المسلمين للنبي صلى الله عليه وآله بأنه بلغ عن ربه كل ما أمره به، ونصح لأمته، وأنه تحمل أكثر من جميع الأنبياء صلى الله عليهم.

لكنك تجد في مصادر السنيين تهمةً للشيعة بأنهم يقولون إن النبي صلى الله عليه وآله كتم أشياء ولم يبلغها إلى الأمة، والعياذ بالله! ويستدلون لردهم بآية: بلغ ما أنزل إليك. قال القرطبي في تفسيره:243:6 :

من قال أن محمداً صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً من الوحي فقد كذب. الله تعالى يقول: يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، وقبح الله الروافض حيث قالوا: إنه صلى الله عليه وسلم كتم شيئاً مما أوحى إليه كان بالناس حاجة إليه. انتهى.

وقال القسطلاني في إرشاد الساري:106:7 :

وقال الراغب فيما حكاه الطيبي: فإن قيل: كيف قال: وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، وذلك كقولك إن لم تبلغ فما بلغت! قيل: معناه وإن لم تبلغ كل ما أنزل إليك، تكون في حكم من لم يبلغ شيئاً مما أنزل الله، بخلاف ما قالت الشيعة إنه قد كتم أشياء على سبيل التقية! انتهى.

والظاهر أن قصة هذه التهمة وبيت القصيد فيها هو حديث عائشة القائل: من زعم أن رسول الله صلى الله عليه وآله كتم شيئاً من كتاب الله، فقد أعظم على الله الفرية. وقد رووه عنها وأكثروا من روايته.. وقصدهم به الرد على علي عليه السلام وتكذيبه! فقد كان علي عليه السلام يقول إنه وارث علم النبي صلى الله عليه وآله وإن عنده غير القرآن حديث النبي صلى الله عليه وآله ومواريثه.. فعنده جامعة فيها كل ما يحتاج إليه الناس حتى أرش الخدش. وكان يقول إن النبي صلى الله عليه وآله قد أخبره بما سيحدث على عترته من بعده حتى هجومهم على بيته وإحراقه، وإجباره على بيعتهم، وأنه أمره في كل ذلك بأوامره..

ونحن الشيعة نعتقد بكل ما قاله أميرالمؤمنين عليه السلام، وتروي مصادرنا بل ومصادر السنيين عن مقام علي عليه السلام وقربه من النبي صلى الله عليه وآله ومكانته عنده، وشهاداته صلى الله عليه وآله في حقه.. ما يوجب اليقين بأن النبي صلى الله عليه وآله كان مأموراً من الله تعالى أن يعد علياً إعداداً خاصاً، ويورثه علمه..

مضافا إلى ما أعطى الله علياً عليه السلام من صفات ومؤهلات وإلهام..

ونعتقد بأن علياً عليه السلام طاهرٌ مطهر، صادقٌ مصدق، في كل ما يقوله ولو كان شهادةً لنفسه وعترته.

قال السيوطي في الدر المنثور:260:6 :

وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، والواحدي، وابن مردويه، وابن عساكر، وابن النجاري، عن بريدة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي: إن الله أمرني أن أدنيك، ولا أقصيك، وأن أعلمك، وأن تعي وحقٌّ لك أن تعي. فنزلت هذه الآية: وتعيها أذن واعية. انتهى. ثم ذكر السيوطي رواية أبي نعيم في الحلية وفيها: فأنت أذُنٌ واعيةٌ لعلمي. انتهى.

وإذا كان حذيفة بن اليمان صاحب سر النبي صلى الله عليه وآله وهو من أتباع علي عليه السلام.. فإن علياًّ هو صاحب أسرار النبي صلى الله عليه وآله وعلومه. وقد روى الجميع أنه صلى الله عليه وآله عهد إليه أن يقاتل على تأويل القرآن من بعده، وأخبره أنه سيقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين!

بل الظاهر أن وصايا النبي صلى الله عليه وآله لعلي كان بعضها معروفاً في حياته، ومن ذلك وصيته له بأن يسجل مظلوميته ويقيم الحجة على القوم، ولا يقاتلهم من أجل الخلافة.. فلو لم يكونوا يعرفون ذلك، لما كانت عندهم جرأة أن يهاجموا علياًّ في بيته بعشرين مسلح أو خمسين، ويقتحموا داره، ثم يلقوا القبض عليه، ويجروه بحمائل سيفه إلى البيعة!!

لقد كان علي عليه السلام معجزةً وأسطورةً في القوة والشجاعة، وفي الهيبة والرعب في قلوب الناس.. وأكثر الذين هاجموه في داره كانوا معروفين بالخوف والفرار في عدة حروب.. ولم يكن أحد منهم ولا من غيرهم يجرؤ أن يقف في وجه علي عليه السلام إذا جرد ذا الفقار!! ولكنهم كانوا مطمئنين أن إطاعته للنبي صلى الله عليه وآله تغلب شجاعته وغيرته، وأنه سيعمل بالوصية، ولن يجرد ذا الفقار، حتى لو ضربوا الزهراء عليها السلام وأسقطوا جنينها!!

وحاصل مسألتنا أن الخلافة القرشية قد ردت أقوال علي بأن عنده مواريث النبي صلى الله عليه وآله وعلمه، ونفت أن يكون النبي صلى الله عليه وآله ورث عترته شيئاً، لاعلماً ولا أوقافاً ولا مالاً! وبذلك صادر أبوبكر مزرعة فدك، التي كان النبي صلى الله عليه وآله أعطاها آل فاطمة عليهاالسلام عندما نزل قوله تعالى "وآت ذا القربى حقه"!

بل زادت السلطة على نفي كلام علي، وحاولت أن تستفيد من آية الأمر بالتبليغ التي هي موضوع بحثنا فقالت: من قال إن النبي صلى الله عليه وآله قد بلغه وحده أموراً وأحكاماً، ولم يبلغها إلى الأمة عامة، فقد اتهم النبي صلى الله عليه وآله بأنه قصر في تبليغ الأمة، وهو نوع من الكفر به صلى الله عليه وآله!! وليست مقولة عائشة المتقدمة إلامقولة السلطة في رد قول علي عليه السلام.. قال البخاري في صحيحه:188:5 :

باب يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك. عن عائشة رضي الله عنها قالت: من حدثك أن محمداً صلى الله عليه وآله كتم شيئاً مما أنزل عليه، فقد كذب، والله يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك.. الآية. انتهى. ثم كرر البخاري ذلك في:50:6 و210:8 ومسلم:10:1 والترمذي:...328:4 وغيرهم.

ولكن هذه العملية من خصوم علي عليه السلام تتضمن مغالطتين: في توسيع معنى المأمور بتبليغه، وتوسيع المأمور بتبليغهم! كما تتضمن تحريفاً لمقولة علي عليه السلام وشيعته! فليس كل ما قاله الله تعالى لرسوله أوجب عليه أن يبلغه.. فإن علوم النبي صلى الله عليه وآله وما أوحى الله إليه، وألهمه إياه، وما شاهده في إسرائه ومعراجه.. أوسع مما بلغه لعامة الناس، بأضعافٍ مضاعفة، ولا يمكن أن يوجب الله تعالى عليه تبليغها، لأن الناس لايطيقونها حتى لو كانوا مؤمنين!

ولا كل شي ء أمره أن يبلغه، أمره أن يبلغه إلى كل الناس بدون استثناء.. فهناك أمور عامة لكل الناس، وقد بلغها لهم، وأمور خاصةٌ لأناسٍ خاصين مؤمنين أو كافرين، وقد بلغها لأصحابها، مثل قوله تعالى "قل لهم في أنفسهم قولاً بليغاً".. إلخ. ولم يقل عليٌّ عليه السلام ولا أحدٌ من شيعته إن النبي صلى الله عليه وآله لم يبلغ، بل قالوا إنه كلم الناس على قدر عقولهم وعلى قدر تحملهم وتقبلهم، وأنه لذلك بلغ علياًّ عليه السلام أكثر من غيره، واستودعه علومه كما أمره الله تعالى..

وليس في هذا تهمة بعدم التبليغ، كما زعم القرطبي والقسطلاني. بل هي قولٌ بتبليغ إضافي خاصٍ بعلي والزهراء والحسنين عليهم السلام!

بل إن علياًّ وشيعته قالوا إن النبي صلى الله عليه وآله قد بلغ الأمة أموراً كثيرة، تتعلق بعترته وغيرهم كما ترى في كتابنا هذا.. فتبليغه عندهم أوسع مما يقول به القرشيون. ولكن القرشيين يظلمون علياً عليه السلام ويفترون عليه!! في حين تراهم يتغاضون عن تصريح عمر بأن النبي صليالله عليه وآله لم يبين عدة آيات مثل الكلالة والربا! كما تقدم في آية إكمال الدين! وهي تهمة صريحة للنبي صلى الله عليه وآله بأنه لم يبين ما أنزله الله عليه، وأمره ببيانه لعامة الناس!!

والنتيجة أن الأمر بالتبليغ وأمتثاله لايتنافى مع تخصيص النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام عليهاالسلام بعلوم عن غيره، لأن ذلك مما أمره بتبليغه له وليس لعامة الناس.. كما لايتنافى مع التقية التي قد يستعملها النبي صلى الله عليه وآله مع قريش أو غيرها، لأنه مأمور بالعمل بالحكمة لأهداف الإسلام، وبالتقية ومداراة الناس.. ففي الكافي:117:2 عن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: أمرني ربي بمداراة الناس كما أمرني بأداء الفرائض. وفي مجمع الزوائد17:8 عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأس العقل بعد الإيمان بالله التودد إلى الناس.

وعن بريدة قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل رجل من قريش فأدناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقربه، فلما قام قال: يا بريدة أتعرف هذا؟ قلت: نعم، هذا أوسط قريش حسباً، وأكثرهم مالاً، ثلاثاً. فقلت: يا رسول الله قد أنبأتك بعلمي فيه، فأنت أعلم.

فقال: هذا ممن لايقيم الله له يوم القيامة وزناً.

وقد عقد البخاري في صحيحه أكثر من باب لمداراة الناس، قال في:102:7 باب المداراة مع الناس. ويذكر عن أبي الدرداء إنا لنكشر في وجوه أقوام، وإن قلوبنا لتلعنهم... عن عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته أنه استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: إئذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة، فلما دخل الآن له الكلام، فقلت يا رسول الله: قلت ما قلت، ثم ألنت له في القول؟! فقال: أي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه أو ودعه الناس، اتقاء فحشه. انتهى.

وفي وسيط النيسابوري208:2 :

وقال الأنباري: كان النبي صلى الله عليه وآله يجاهر ببعض القرآن أيام كان بمكة، ويخفي بعضه إشفاقا على نفسه من شر المشركين إليه، وإلى أصحابه... انتهى.

والنتيجة: أننا نحن الشيعة نقول أن النبي صلى الله عليه وآله قد بين للناس كل ما أمره الله ببيانه لهم، وأمره أن يكلمهم حسب عقولهم، فمنهم من لايتحمل أكثر من البيان العام ومنهم من يتحمل أكثر حسب درجته. وقد كان علي عليه السلام من الدرجة الأولى، وقد أمر الله رسوله أن يبين له أكثر ووهبه قلباً عقولاً ولساناً سؤولاً وجعله الأذن الواعية لرسوله صلى الله عليه وآله.

والنتيجة ثانياً: أن الذين يتهمون النبي بأنه كتم ولم يبلغ هم غيرنا لانحن، وهذه صحاحهم تروي عن عمر في آيات الربا والكلالة وغيرها أن النبي لم يبينها للناس مع أنها كانت قانوناً مفروضاً، وواجب النبي تبليغها!

/ 47