تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

استنفار قريش بعد الغدير


تحركت قافلة النبوة والإمامة من غدير خمٍ نحو المدينة.. وسكن قلب النبي صلى الله عليه وآله واطمأن.. ولكن قريشاً لم تسكن، بل صارت في حالة غليان من الغيظ! هكذا تقول الأحاديث، ومنطق الأحداث.. فقريش لاتسكت حتى ترى العذاب الأليم! وقد قال لهم الصادق الأمين الذي لاينطق إلا وحياً صلى الله عليه وآله: "لاأراكم منتهين يا معشر قريش"!!

إن آية العصمة من الناس كما قدمنا، لاتعني أن الله تعالى جعل الطريق أمام رسوله صلى الله عليه وآله ناعماً كالحرير، ولا أنه جعل له قريشاً فرساً ريِّضاً طائعاً.. نعم، إن قدرته تعالى لا يمتنع منها شي ء.. ولكنه أراد للأمور أن تجري بأسبابها، وللأمة أن تجري عليها سنن الأمم الماضية، فتمتحن بإطاعة نبيها من بعده، أو معصيته.. وهذا يستوجب أن تبقى لها القدرة على معصيته.. أما على الردة في حياته وفي وجهه.. فلا.

إن قدرتها تصل إلى حد قولها لنبيها صلى الله عليه وآله: لانريد وصيتك ولا سنتك ولا عترتك، حسبنا كتاب الله!! لكن ما بعد ذلك خطٌّ أحمر.. هكذا أراد الله تعالى!!

لقد تحققت عصمة النبي صلى الله عليه وآله من قريش في منعطفات كثيرة في حجة الوداع.. في مكة، وعرفات، وفي ثلاث خطب في منى، خاصةً خطبة مسجد الخيف.. وما تنفست قريش الصعداء إلا برحيل النبي من مكة بعد حجة الوداع دون أن يطالبها بالبيعة لعلي!

ولكن الله تعالى لم يكتف بذلك، حتى أمر نبيه صلى الله عليه وآله أن يوقف المسلمين في طريق عودتهم في حر الظهيرة، في صحراء ليس فيها كلأ لخيولهم وجمالهم، ولا سوق ليشتروا منه علوفة وطعاماً، إلا دوحةٌ من بضع أشجار على قليل من ماء، وذلك بعد مسير ثلاثة أيام.. فلم يصبر عليهم حتى يصلوا إلى مدينة الجحفة التي لم يبق عنها إلا ميلان أو أقل، بل كان أول القافلة وصل إلى مشارفها.. فبعث إليهم النبي وأرجعهم إلى صحراء الغدير!

كل ذلك لكي يصعد الرسول صلى الله عليه وآله المنبر في غير وقت صلاة ويرفع بيد ابن عمه وصهره علي عليه السلام ويقول لهم: هذا وليكم من بعدي، ثم من بعده ولداه الحسن والحسين، ثم تسعة من ذرية الحسين عليهم السلام.

هنا تجلت آية العصمة من الناس مجسمةً للعيان.. فقد كمَّمَ الله تعالى أفواه قريش عن المعارضة، وفتح أفواههم للموافقة، فقالوا جميعاً: نشهد أنك بلغت عن ربك.. وأنك نعم الرسول.. سمعنا وأطعنا.. وتهافتوا مع المهنئين إلى خيمة علي.. وكبروا مع المكبرين عندما نزلت آية "اليوم أكملت لكم دينكم وأتتمت عليكم نعمتي"!

ثم أصغوا جميعاً إلى قصيدة حسان بن ثابت في وصف نداء النبي صلى الله عليه وآله، وإبلاغه عن ربه ولاية علي عليه السلام من بعده.

واستمرت التهنئة من بعد صلاة العصر إلى ما شاء الله.. وبعد صلاة المغرب والعشاء تتابع المهنئون لعلي على ضوء القمر ليلة التاسع عشر من ذي الحجة.. فقد بات النبي صلى الله عليه وآله في غدير الإمامة، وتحرك إلى المدينة بعد صلاة فجره.. وقيل بقي فيه يومان!

أما كيف سلب الله تعالى قريشاً القدرة على تخريب مراسم الغدير.. وكيف كف ألسنتها.. وهي السليطةُ بالاعتراض.. الجريئةُ على الأنبياء؟! وكيف جعلها تفكر بأن تمرر هذا اليوم لمحمد صلى الله عليه وآله كي يفعل لبني هاشم وعليٍّ ما يشاء؟!

ذلك من عمله عزوجل، وقدرته المطلقة.. المطلقة!

وما نراه من الظاهر هو الأسلوب الأول الذي عصم الله به رسوله من ارتداد قريش، ولا بد أن ما خفي عنا من ألطافه تعالى أعظم.

أما الأسلوب الثاني فكان لغة العذاب السماوي، التي لاتفهم قريش غيرها كما لم يفهم غيرها اليهود في زمان أنبيائهم!!

احجار من السماء للناطقين باسم قريش


وردت في أحاديث السنة والشيعة أسماءٌ عديدةٌ لأشخاص اعترضوا على إعلان النبي صلى الله عليه وآله ولاية علي عليه السلام في غدير خم. ويفهم منها أن عدداً منها تصحيفات لاسم شخص واحد، ولكن عدداً آخر لايمكن أن يكون تصحيفاً، بل يدل على تعدد الحادثة، خاصة أن العقاب السماوي في بعضها مختلف عن الآخر.. وهم:

جابر بن النضر بن الحارث بن كلدة العبدري..

والحارث بن النعمان الفهري..

والحرث بن النعمان الفهري..

وعمرو بن عتبة المخزومي..

والنضر بن الحارث الفهري..

والحارث بن عمرو الفهري..

والنعمان بن الحارث اليهودي..

والنعمان بن المنذر الفهري..

وعمرو بن الحارث الفهري..

ورجل من بني تيم..

ورجل أعرابي..

ورجل أعرابي من أهل نجد من ولد جعفر بن كلاب بن ربيعة. وكل هؤلاء قرشيون إلا الربيعي واليهودي، إذا صحت روايتهما!

وليس فيهم أنصاري واحد، إذ لم يعهد من الأنصار اعتراضٌ على الإمتيازات التي أعطاها الله تعالى لعترة النب في حياته صلى الله عليه وآله! وإن تخاذلوا وخذلوهم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله ولم يفوا له فيهم.

وخلاصة الحادثة: أن أحد هؤلاء الأشخاص- أو أكثر من واحد- اعترض على النبي صلى الله عليه وآله واتهمه بأن إعلانه علياً عليه السلام ولياً على الأمة، كان عملاً من عنده وليس بأمر الله تعالى! ولم يقتنع بتأكيد النبي صلى الله عليه وآله له، بأنه ما فعل ذلك إلا بأمر ربه!

وذهب المعترض من عند النبي صلى الله عليه وآله غاضباً وهو يدعو الله تعالى أن يمطر الله عليه حجارة من السماء إن كان هذا الأمر من عنده.. فرماه الله بحجرٍ من سجيلٍ فأهلكه! أو أنزل عليه ناراً من السماء فأحرقته!

وهذه الحادثة تعني أن الله تعالى استعمل التخويف مع قريش أيضاً، ليعصم رسوله صلى الله عليه وآله من تكاليف حركة الردة التي قد تُقْدِم عليها.. وبذلك تعزز عند زعماء قريش الإتجاه القائل بفشل المواجهة العسكرية مع النبي صلى الله عليه وآله، وضرورة الصبر حتى يتوفاه الله تعالى!

/ 47