تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بشاره النبي بالائمه الإثني عشر بعده


في اعتقادنا أن ولاية الأمر بعد النبي صلى الله عليه وآله كانت أمراً مفروغاً عنه عند الرسول صلى الله عليه وآله، وأن الله تعالى أمره أن يبلغ الأمة ولاية عترته من بعده، كما هي سنته تعالى في أنبيائه السابقين الذين ورث عترتهم الكتاب والحكم والنبوة، وجعلهم ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم.. ونبينا صلى الله عليه وآله أفضلهم، ولا نبوة بعده، بل إمامة ووراثة الكتاب.. وعترته وذريته صلى الله عليه وآله أفضل من ذريات جميع الأنبياء عليهم السلام، وقد طهرهم الله تعالى بنص كتابه، واصطفاهم وأورثهم الحكم والكتاب بنص كتابه "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا..".

وكان النبي صلى الله عليه وآله كان طوال نبوته يبلّغ ولاية عترته بالحكمة والتدريج، والتلويح والتصريح، لعلمه بحسد قريش لبني هاشم، وخططها لإبعادهم عن الحكم بعده.. بل قد لمس صلى الله عليه وآله مرات عديدة عنف قريش ضدهم، فأجابهم بغضب نبوي!

وكانت حجة الوداع فرصةً مناسبةً للنبي صلى الله عليه وآله لكي يبلغ الأمة ولاية الأمر لعترته رسمياً على أوسع نطاق، حيث لم يبق بعد تبليغ الفرائض والأحكام، واتساع الدولة الإسلامية، والمخاطر المحيطة بها، وإعلان النبي صلى الله عليه وآله قرب رحيله إلى ربه.. إلا أن يرتب أمر الحكم من بعده.

بل تدل النصوص ومنطق الأمور، على أن ذلك كان الهم الأكبر للنبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع، وأن قريشاً كانت تعرف جيداً ماذا يريد صلى الله عليه وآله، وتعمل لمنعه من إعلان ذلك! وأنها زادت من فعاليتها في حجة الوداع لمنع تكريس ولاية علي والعترة عليهم السلام. ولا يتسع هذا البحث للإستدلال على المفردات التي ذكرناها.. وكل مفردة منها عليها عدة أدلة.. فنكتفي هنا باستطلاع خطب النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع.. حيث ذكرت المصادر أنه صلى الله عليه وآله خطب خمس خطب غير خطبة الغدير، وكان من حق هذه الخطب النبوية أن تنقلها المصادر كاملة غير منقوصة، لأن المستمعين كانوا عشرات الألوف.. ولكنك تراها مجزأة مقتضبة، خاصة في الصحاح المعتمدة رسمياً عند الخلافة القرشية. قال في السيرة الحلبية:333:3

"خطب صلى الله عليه وسلم في الحج خمس خطب: الأولى يوم السابع من ذي الحجة بمكة، والثانية يوم عرفة، والثالثة يوم النحر بمنى، والرابعة يوم القر بمنى، والخامسة يوم النفر الأول بمنى أيضاً". انتهى.

وقد راجعنا نصوص هذه الخطب من أكثر من مائة مصدر، فوجدنا فيها الغرائب والعجائب، من التعارض والتضارب، والمؤشرات والأدلة على تدخلات قريش ورواتها في نصوصها!! وكل ذنب هذه الخطب أن النبي صلى الله عليه وآله أمر المسلمين فيها بإطاعة أهل بيته من بعده، وحذرهم من الإختلاف بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم، وأقام عليهم الحجة.. كاملةً غير منقوصة!

لكن رغم التعتيم القرشي، ما زال منها في المصادر القرشية نفسها ما فيه بلاغٌ لمن أراد معرفة أوامر نبيه، وتأكيده على الإلتزام بقيادة عترته الطاهرين من بعده.. صلى الله عليه وعليهم.

الأحاديث النبوية في الأئمة الإثني عشر

نذكر فيما يلي نصوص أحاديث الأئمة الإثني عشر، حيث اتفق الجميع على أن النبي صلى الله عليه وآله طرح قضيتهم في خطبه في حجة الوداع!

ثم نستعرض باختصار أهم ما تضمنته الخطب الشريفة من محاور تتعلق بها، ومنها حديث الثقلين الكتاب والعترة.. وحديث: حوض النبي صلى الله عليه وآله، والصحابة الذين يمنعون من الورود عليه، ويؤمر بهم إلى النار!

روى البخاري في صحيحه:127:8

"جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يكون اثنا عشر أميراً، فقال كلمة لم أسمعها، فقال أبي: إنه قال: كلهم من قريش"!

وفي صحيح مسلم:6:3 :

"جابر بن سمرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لايزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة، ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ فقال: كلهم من قريش"!

ثم روى مسلم رواية ثانية نحوها، قال فيها "ثم تكلم بشي ء لم أفهمه".

ثم روى ثالثة، جاء فيها: "لايزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى إثني عشر خليفة، فقال كلمة صَمَّنِيَها الناس! فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش". انتهى. ولم يصرح البخاري ولم يشر إلى أن هذا الحديث جزء من خطبة حجة الوداع في عرفات! وقلدته أكثر المصادر في ذلك! لكن عدداً منها "اشتبه" ونص عليه، ففي مسند أحمد:93:5 و96 و99"عن جابر بن سمرة قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات، فقال..." وفي ص87

"يقول في حجة الوداع...". وفي ص99 منه: "وقال المقدمي في حديثه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب بمنى". انتهى. وستعرف أنه صلى الله عليه وآله كرر هذا الموضوع المهم في عرفات، وفي منى عند الجمرة يوم العيد، وفي اليوم الثاني.. ثم في اليوم الثالث في مسجد الخيف. ثم أعلنه صريحاً قاطعاً إلزامياً.. في غدير خم!

فما هي قصة الأئمة الإثني عشر؟ ولماذا طرحها النبي صلى الله عليه وآله على أكبر تجمع للمسلمين، وهو يودع أمته؟!

يجيبك البخاري: إن الأئمة بعد النبي أبوبكر وعمر، وهؤلاء ليسوا أئمة تجب طاعتهم دون سواهم، بل هم أمراء صالحون سوف يكونون في أمته في زمن ما، وقد أخبر صلى الله عليه وآله أمته بما أخبره الله تعالى من أمرهم، وأنهم جميعاً من قريش، لامن بني هاشم وحدهم، بل من البضع وعشرين قبيلة التي تتكون منها قريش، وليس فيهم من الأنصار، ولا من قبائل العرب الأخرى، ولا من غير العرب.. وهذا كل ما في الأمر.

وتسأل البخاري: لماذا أخبر النبي صلى الله عليه وآله أمته في حجة الوداع في عرفات بهؤلاء الإثني عشر؟ وما هو الأمر العملي الذي يترتب على ذلك؟!

يجيبك البخاري: بأن الموضوع مجرد خبر فقط، فقد أحب النبي صلى الله عليه وآله أن يخبر أمته بذلك، لكي تأنس به! فكأن الموضوع مجرد خبر صحفي ليس فيه أي عنصر عملي!!

والنتيجة: أن البخاري لم يروِ في صحيحه في الأئمة الإثني عشر إلا هذه الرواية اليتيمة المجملة المبهمة، التي لايمكنك أن تفهمها أنت ولا قومك!

بينما روى عن حيض أم المؤمنين عائشة في حجة الوداع روايات عديدة، واضحة مفهومة، تبين كيف احترمها النبي صلى الله عليه وآله، وأرسل معها من يساعدها على إحرامها وعمرتها.. إلخ.

أما مسلم فكان أكرم من البخاري قليلاً، لأنه اختار رواية يفهم منها أن هؤلاء الإثني عشر هم خلفاء، يحكمون بعد النبي صلى الله عليه وآله! ويفرح المسلم بحديث مسلم هذا، لأنه يعني أن الله تعالى قد حل مشكلة الحكم في الأمة بعد نبيه صلى الله عليه وآله، فهؤلاء أئمة معينون من الله تعالى على لسان نبيه، ويستمدون شرعيتهم من هذا التعيين، ولا يحتاج الأمر إلى سقيفة واختلافات ثم إلى صراع دموي على الحكم من صدر الإسلام إلى يومنا هذا.. وملايين الضحايا على مذبح الخلافة.. وانقساماتٍ في الأمة أدت إلى تراكم ضعفها.. حتى انهارت خلافتها وكيانها على يد العثمانيين! ولكن رواية مسلم تقول: كلا لم تحل المشكلة، لأن النبي أخبر عنهم إخباراً مجملاً! ولم يخبر المسلمين عن هويتهم وأسمائهم؟ ولم يسأله أحد من عشرات الألوف الذين أخبرهم بهذا الموضوع الخطير: من هم يا رسول الله؟!

ولو أن أحداً سأله عنهم فسماهم أو سمى الأول منهم، لرضيت بذلك كل قبائل قريش وسلمت إليهم الأمر ولم تنازعهم، لأنها قبائل مؤمنة مخلصة، مترفعة عن حطام الدنيا، مطيعة لله تعالى ولرسوله!!

وكأن مسلماً يقول: مع أن روايتي فيها إضافة على ما رواه البخاري فأنا لاأزيد على ماقال: كلا، كلا.. إن هؤلاء الأئمة هم أناس ربانيون فقط، يعز الله بهم الإسلام.. وهم من قريش.. من قريش.. هذا كل مافي الأمر!!

وهكذا لايمكنك أن تصل من البخاري ومسلم إلى نتيجة مقنعة في أمر هؤلاء الأئمة الإثني عشر.. فقد أقفل الشيخان عليك الأبواب، وقالا لك مقولة قريش: إن نبيك تحدث في حجة الوداع عن رائحة الأئمة الإثني عشر فقط.. فَشُمَّهَا واسكت!

ولكنك لاتعدم الكشف عن عناصر مفيدة من مصادر قرشية أخرى، أقل مراعاة من البخاري ومسلم للسياسة وأهلها، أو أن ظروف أصحابها أحسن من ظروفهما! فقد رووا كلمة "بعدي" بصيغ أكثر دلالة على أنهم يكونون مباشرة بعد النبي صلى الله عليه وآله.

فقد روى أحمد في مسنده:92:5 عن نفس الراوي جابر السوائي قال: إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون "بعدي".. وروى في نفس الصفحة عن نفس الراوي جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يكون بعدي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش. قال ثم رجع إلى منزلهفأتته قريش فقالوا: ثم يكون ماذا؟ قال ثم يكون الهرج. انتهى. ففي الروايتين كلمة "بعدي" التي يفهم منها أنهم يكونون بعده مباشرة. والرواية الثانية تكشف عن اهتمام قريش بالموضوع، وسؤالهم عن هؤلاء الأئمة الربانيين، وأن القصة في المدينة، لافي حجة الوداع، فاحفظ ذلك لما يأتي!

وقد وردت كلمة بعدي، ومن بعدي، في عدد من روايات الحديث. منها ما رواه أحمد أيضاً في:94:5 عن نفس الرواي "يكون بعدي اثنا عشر أميراًَ، ثم لاأدري ما قال بعد ذلك، فسألت القوم..". وفي:99:5 و:108 عن السوائي أيضاً "يكون من بعدي اثنا عشر أميراً، فتكلم فخفي علي، فسألت الذي يليني أو إلى جنبي، فقال: كلهم من قريش".

وفي سنن الترمذي:340:3 "يكون من بعدي اثنا عشر أميراً، قال: ثم تكلم بشي ء لم أفهمه، فسألت الذي يليني، فقال قال: كلهم من قريش".

وفي تاريخ البخاري:446:1 رقم:1426 عن جابر بن سمرة أيضاً أنه سمع النبي قال: يكون بعدي اثنا عشر خليفة. وفي الصواعق المحرقة لابن حجر:20: قال: خرج أبوالقاسم البغوي بسند حسن، عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يكون خلفي اثنا عشر خليفة. انتهى.

إذن، فقد طرح النبي صلى الله عليه وآله في حجة الوداع أمر الحكم من بعده، وأخبر عن ربه عزوجل بأن حكم الأمة الشرعي يكون لاثني عشر! ولكن ذلك لايحل مشكلة الباحث، بل يفتح باب الأسئلة على قريش ورواتها:

السؤال الأول: لماذا نرى أن روايات هذه القضية الضخمة تكاد تكون محصورة عندهم براوٍ واحد، هو جابر السوائي، الذي كان صغيراً في حجة الوداع، ولعله كان صبياً ابن عشر سنوات! ألم يسمعها غيره؟

ألم يروها غيره من كل الصحابة الذين كانوا حاضرين؟!

أم أن غيره رواها.. ولكن رواية جابر فازت بالجائزة لأنها أحسن رواية ملائمة للخلافة القرشية، فاعتمدتها وسمحت بتدوينها!

السؤال الثاني: كان المسلمون يسألون النبي صلى الله عليه وآله عن صغير الأمور وكبيرها، حتى في أثناء خطبه، وهذه الروايات تقول إنه أخبرهم بأمر كبير خطير، عقائدي، عملي، مصيري، مستقبلي.. وتدعي أنه أجمله إجمالاً، وأبهمه إبهاماً.. ثم لاتذكر أن أحداً من المسلمين سأله عن هؤلاء الأئمة الربانيين، وما هو واجب الأمة تجاههم؟!

وإذا كانت "قريش" قد ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وآله في بيته في المدينة، كما يقول نفس الراوي، وطرقت عليه بابه لتسأله عما يكون بعد مضي هؤلاء الإثني عشر وانتهاء عهودهم.. فهل يعقل أنها لم تسأله عنهم، وعما يكون في زمانهم؟ "وقريش في المدينة تعني عند الرواة عمر وأبابكر فقط؟!" إذن.. قريش سألته عنهم في المدينة.. فأين جوابه؟!

وهل يعقل أن أحداً من المسلمين في حجة الوداع من قريش وغير قريش، لم يسأل النبي صلى الله عليه وآله عنهم، ولا عما يكون قبلهم، وبعدهم، وعن واجب الأمة تجاههم.. فأين جواب النبي صلى الله عليه وآله؟!!

السؤال الثالث: لماذا خفيت على الراوي الكلمة الحساسة، التي تحدد هوية الأئمة الإثني عشر، حتى سأل عنها الراوي القريبين منه؟!

ثم رووها عن النبي صلى الله عليه وآله في المدينة أيضاً، فخفيت نفس الكلمة! ياسبحان الله!!

ثم.. لماذا تؤكد مصادر الخلافة القرشية على نقل الكلمة المفقودة عن سمرة وأبيه وعمر بن الخطاب فقط؟!... إلى آخر الأسئلة التي تزدحم على نص هذا الحديث، وتلح على الباحث أن يبحث عنها في أسواق الحديث والتاريخ؟!

سنحاول في الملاحظات والمسائل التالية، أن نسلط الضوء على كلمة السر المفقودة!!

أن أصل: كلهم من قريش.. كلهم من أهل بيتي ما هو السبب في غياب الكلمة على الراوي؟


ومن الذي سأله عنها فشهد له بها؟ جاء في مسند أحمد:100:5 و107:

أن الراوي نفسه لم يفهم الكلمة، وخفيت عليه، قال "ثم قال كلمة لم أفهمها قلت لأبي: ما قال؟ قال: قال كلهم من قريش".

وفي مستدرك الحاكم:617:3 "وقال كلمة خفيت علي، وكان أبي أدنى إليه مجلساً مني فقلت: ما قال؟ فقال كلهم من قريش".

وفي مسند أحمد:90:5 و :98"أن النبي صلى الله عليه وآله نفسه أخفاها وخفض بها صوته، وهمس بها همساً! "قال كلمة خفية لم أفهمها، قال: قلت لأبي ما قال؟ قال: قال كلهم من قريش".

وفي مستدرك الحاكم:618:3 "ثم قال كلمة وخفض بها صوته، فقلت لعمي وكان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: قال يا بني: كلهم من قريش".

وفي معجم الطبراني الكبير:213:2 و214 ح :1794 "عن جابر بن سمرة عن النبي قال: يكون لهذه الأمة اثنا عشر قيماً، لايضرهم من خذلهم، ثم همس رسول الله صلى الله عليه وآله بكلمة لم أسمعها، فقلت لأبي ما الكلمة التي همس بها النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال أبي: كلهم من قريش".

بينما تقول روايات أخرى إن الذي ضيع الكلمة هم الناس! وليس الراوي أو النبي.. فالناس- المحرمون لربهم في عرفات، المودعون لنبيهم صلى الله عليه وآله، المنتظرون لكل كلمة تصدر منه- صاروا كأنهم في سوق حراج، وصار فيهم مشاغبون يلغطون عند الكلمة الحساسة ليضيعوها على المؤمنين، فيضجون، ويكبرون، ويتكلمون، ويلغطون، ويقومون، ويقعدون!!

ففي سنن أبي داود:309:2 "قال: فكبر الناس، وضجوا، ثم قال كلمة خفية، قلت لأبي: يا أبة ما قال؟ قال:كلهم من قريش". ومثله في مسند أحمد:98:5 .

وفي مسند أحمد:98:5 "ثم قال كلمة أصمنيها الناس، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش". وفي رواية مسلم المتقدمة "صمنيها الناس". وفي ص :93 "وضج الناس.. ثم لغط القوم وتكلموا، فلم أفهم قوله بعد كلهم".

وفي نفس الصفحة: "لايزال هذا الدين عزيزاً منيعاً، ينصرون على من ناواهم عليه إلى اثني عشر خليفة. قال فجعل الناس يقومون ويقعدون..."!

هذا عن سبب ضياع الكلمة! فهل فهمت؟!!

أما الذين سألهم جابر بن سمرة عن الكلمة، فتقول أكثر الروايات إنه سأل أباه سمرة، فتكون الشهادة بتوسيع دائرة الأئمة من هاشم إلى قريش، متوقفة على وثاقة سمرة الذي لم يثبت أنه دخل في الإسلام! كما رأيت في روايتي البخاري ومسلم، وغيرهما. ولكن في رواية أحمد:92:5 "فسألت القوم كلهم فقالوا: قال كلهم من قريش". ونحوه في ص90 وفي ص :108 "فسألت بعض القوم، أو الذي يلي: ما قال؟ قال كلهم من قريش".

وفي:99:5 "فخفي علي فسألت الذي يليني"، ونحوه في:108:5 .

وفي معجم الطبراني الكبير:249:2 ح:2044 أن ابن سمرة قال: إن القوم زعموا زعماً أن النبي صلى الله عليه وآله قال إنهم من قريش! قال: ثم تكلم بشي ء لم أسمعه، فزعم القوم أنه قال: كلهم من قريش"!!

فهل يمكن للإنسان أن يقبل خفاء أهم كلمة عن الأئمة الذين بشر بهم النبي صلى الله عليه وآله، وفي مثل ذلك الجو الهادئ المنصت في عرفات! وأن أحداً من الئة وعشرين ألف مسلم الذين كانوا يستمعون الى نبيهم وهو يودعهم.. لم يسأل النبي عن الكلمة الخفية التي هي لب الموضوع؟!

ومما يكشف لك الحقيقة أن جابر بن سمرة نفسه روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان يخطب وهو راكبٌ على ناقته، وهذا يعني أنه كان حريصاً على أن يوصل صوته إلى الجميع! ففي مسند أحمد:87:5 "ثم خفي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: وكان أبي أقرب إلى راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم مني! انتهى.!

بل رووا أنه النبي صلى الله عليه وآله أمر شخصاً جَهْوَرِيّ الصوت فكان يلقي خطبته جملة جملةً، وكان يأمره أن "يصرخ" بها ليسمعها الناس!

ففي مجمع الزوائد:270:3 عن عبدالله بن الزبير قال: كان ربيعة بن أمية بن خلف الجمحي وهو الذي كان يصرخ يوم عرفة تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصرخ- وكان صيِّتاً- أيها الناس أتدرون أي شهر هذا؟ فصرخ، فقالوا: نعم، الشهر الحرام. قال فإن الله عزوجل قد حرم عليكم دماءكم وأموالكم إلى أن تلقوا ربكم كحرمة شهركم هذا. ثم قال: أصرخ: هل تدرون أي بلد هذا... إلخ.

وعن ابن عباس... فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة أمر ربيعة بن أمية بن خلف فقام تحت ثدي ناقته، وكان رجلاً صيتاً، فقال: أصرخ أيها الناس أتدرون أي شهر هذا... إلخ. رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. انتهى.

والذي يزيد في ترجيح أن النبي قال "من عترتي" أو "من أهل بيتي"، ولم يقل "من قريش" أنهم رووا الحديث عن نفس هذا الراوي بعدة صيغ مختلفة، ولكن الكلمة المفقودة في الجميع تبقى واحدة لاتتغير..

بل رووا عن نفس الراوي أن الحديث صدر من النبي صلى الله عليه وآله في المدينة، وليس في حجة الوداع في عرفات.. ولكن الكلمة المفقودة تبقى نفسها، وهي هوية الأئمة الإثني عشر!! ففي مسند أحمد:97:5 و107

عن جابر بن سمرة قال: جئت أنا وأبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: لايزال هذا الأمر صالحاً حتى يكون اثنا عشر أميراً، ثم قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: كلهم من قريش. انتهى. ثم رووه عن جابر هذا، وأن النبي صلى الله عليه وآله بشر بهؤلاء الأئمة الربانيين وهو يخطب في مسجده بالمدينة، وهو مسجد صغير محدود، ولكن الكلمة نفسها بقيت خفية على جابر بن سمرة.. حتى سأل عنها الخليفة القرشي عمر بن الخطاب.. فأخبره بها!

ففي معجم الطبراني الكبير:256:2 ح:2073 عن جابر بن سمرة: "قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يخطب على المنبر ويقول: اثنا عشر قيماًَ من قريش، لايضرهم عداوة من عاداهم، قال: فالتفت خلفي، فإذا أنا بعمر بن الخطاب رضي الله عنه وأبي في ناس، فأثبتوا لي الحديث كما سمعت". انتهى.

وقال عنه في مجمع الزوائد:191:5 رواه البزار عن جابر بن سمرة وحده، وزاد فيه: ثم رجع، يعني النبي صلى الله عليه وسلم، إلى بيته، فأتيته فقلت: ثم يكون ماذا؟ قال: ثم يكون الهرج. ورجاله ثقات. انتهى.

وعلى هذا صار الحديث: اثني عشر قيماً والناس يعادونهم!! وصار الذي أثبت له هوية هؤلاء القيمين على الأمة جماعة فيهم عمر وأبوه!

فقد تغيرت صيغة الحديث، وصفات الأئمة فيه، ومكانه، والشخص الذي سأله عن الكلمة المفقودة، لكنها ما زالت.. نفسها نفسها!!

والأعجب من الجميع أنهم رووا الحديث عن راوٍ آخر، هو أبوجحيفة، فخفيت عليه نفس الكلمة أيضاً!! ولكنه سأل عنها عمه، وليس أباه!

ففي مستدرك الحاكم:618:3 عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال: كنت مع عمي عند النبي صلى الله عليه وآله فقال: لايزال أمر أمتي صالحاً حتى يمضي اثنا عشر خليفة، ثم قال كلمة وخفض بها صوته، فقلت لعمي وكان أمامي: ما قال يا عم؟ قال: قال يا بني: كلهم من قريش. انتهى.

وقال عنه في مجمع الزوائد:190:5 رواه الطبراني في الأوسط والكبير، والبزار، ورجال الطبراني رجال الصحيح. انتهى.

نجد أنفسنا هنا أمام ظاهرة لامثيل لها في جميع أحاديث رسول الله صلى الله عليه وآله!! وهي تدل بشكل قاطع على أن أمر هذا الحديث مهم جداً جداً، وأن في الأمر سراً يكمن في كلمة: كلهم من قريش!!

ويتبادر إلى الذهن هنا افتراض أن يكون الراوي الأصلي للحديث هو عمر وهو الذي صححه لهذا الصبي جابر بن سمرة وأثبته له وأمره أن يرويه هكذا!

فقد روى الخزاز القمي الرازي في كتابه كفاية الأثر90: عن عمر وحده، بدون ابن سمرة وأبيه، وبدون أبي جحيفة وعمه، قال الخزاز: حدثنا أبوالمفضل محمد بن عبدالله قال: حدثنا الحسن بن علي زكريا العدوي، عن شيث بن غرقدة العدوي قال: حدثنا أبوبكر محمد بن العلا قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح اليشكري، عن شريك بن عبدالله، عن المفضل بن حصين، عن عمر بن الخطاب قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: الأئمة بعدي اثنا عشر، ثم أخفى صوته فسمعته يقول: كلهم من قريش. قال أبوالمفضل: هذا غريب لاأعرفه إلا عن الحسن بن علي بن زكريا البصري بهذا الإسناد، وكتبت عنه ببخارا يوم الأربعاء، وكان يوم العاشور، وكان من أصحاب الحديث إلا أنه كان ثقة في الحديث. انتهى.

وبناءاً على هذه الرواية المرجحة عندنا فإن توسيع هوية هؤلاء الأئمة الإثني عشر الى جميع قريش، بدل عترة النبي فقط، أصله رواية عمر! وهو منسجم مع ما كان يقوله لبني هاشم في حياة النبي وعند وفاته: إن قريشاً تأبى أن تجمع لكم، يا بني هاشم، بين النبوة والخلافة!!

/ 47