تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

آيه إكمال الدين واللحوم المحرمه


أول ما يواجه الباحث في آية إكمال الدين غرابة مكانها في القرآن، فظاهر ما رواه المحدثون والمفسرون عنها، أنها نزلت في حجة الوداع آية مستقلة لاجزء آية.. ثم يجدها في القرآن جزء من آية اللحوم المحرمة، وكأنها حشرت حشراً في وسطها، بحيث لو رفعنا آية إكمال الدين منها لما نقص من معناها شي ء، بل لاتصل السياق!! فما هي الحكمة من هذا السياق؟ وهل كان هذا موضعها الأصلي من القرآن، أم وضعت هنا باجتهاد بعض الصحابة؟!

نحن لانقبل القول بوقوع تحريف في كتاب الله تعالى، معاذ الله، لكن نتساءل عسى أن يعرف أحد الجواب: ما هو ربط آية إكمال الدين باللحوم المحرمة؟ ألا يحتمل أن تكون بالأساس في خاتمة سورة المائدة مثلاً، ولم يلتفت إلى ذلك الذين جمعوا القرآن، فوضعوها هنا.

ثم.. قد يقبل الإنسان أن تكون الآية نزلت بعد آيات بيان أحكام اللحوم ولكن كيف يمكن أن ينزلها الله تعالى في وسط أحكام اللحوم؟!

فإذا قال الله تعالى: أكملت لكم دينكم، فقد تمت الأحكام، فكيف يقول بعدها مباشرة: فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم؟! ثم يقول بعدها مباشرة: يسألونك ماذا أحل لهم، قل أحل لكم الطيبات وما علمتم... إلى آخر أحكام الدين الذي قال عنه أحكم الحكماء سبحانه قبل لحظات: إنه قد أكمله وأتم نعمته به؟!!

قال في الدر المنثور:259:2 :

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: اليوم أكملت لكم دينكم قال: هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حرامٌ ولا حلالٌ. انتهى.

وقال في:257:2 :

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس... فلما كان واقفاً بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله: اليوم أكملت لكم دينكم، يقول حلالكم وحرامكم فلم ينزل بعد هذا حلالٌ ولا حرامٌ. انتهى.

والأحاديث والأقوال في عدم نزول أحكام بعد الآية كثيرة، وقد مر بعضها، ولا نحتاج إلى استقصائها بعد أن كان ذلك مفهوماً من الآية نفسها.

الفرق بين الإكمال والإتمام


ذهب بعض اللغويين الى أن الكمال والتمام والاكمال والاتمام مترادفتان ولافرق بينهما.

وذهب آخرون الى وجود فرق بينهما، وأكثروا الكلام في محاولتهم التمييز بيهما، لكن بلا محصل.. فقد حاموا حول الفرق ولم يحددوه!

قال الزبيدي في شرح القاموس:103:8 :

"الكمال: التمام" وهما مترادفان كما وقع في الصحاح وغيره، وقد فرق بينهما بعض أرباب المعاني، وأوضحوا الكلام في قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، وبسطه في العناية، وأوسع الكلام فيه البهاء السبكي في عروس الأفراح.

وقيل: التمام الذي تجزأ منه أجزاؤه كما سيأتي، وفيه ثلاث لغات "كمل كنصر وكرم وعلم" قال الجوهري والكسر أردؤها، وزاد ابن عباد: كمل يكمل مثل ضرب يضرب، نقله الصاغاني "كمالاً وكمولاً فهو كامل وكميل" جاؤوا به على كمل. وقال في ص :212 "وتمام الشي ء وتمامته وتتمته ما يتم به".

وقال الفارسي: تمام الشي ء ما تم به بالفتح لاغير، يحكيه عن أبي زيد.

وتتمة كل شي ء ما يكون تمام غايته، كقولك هذه الدراهم تمام هذه المائة، وتتمة هذه المائة.

قال شيخنا: وقد سبق في كمل أن التمام والكمال مترادفان عند المصنف وغيره، وأن جماعة يفرقون بينهما بما أشرنا إليه. وزعم العيني أن بينهما فرقاً ظاهراً ولم يفصح عنه.

وقال جماعة: التمام الإتيان بما نقص من الناقص، والكمال الزيادة على التمام، فلا يفهم السامع عربياً أو غيره من رجل تام الخلق إلا أنه لانقص في أعضائه، ويفهم من كامل معنى زائد على التمام كالحسن والفضل الذاتي أو العرضي. فالكمال تمام وزيادة، فهو أخص.

وقد يطلق كل على الآخر تجوزاً، وعليه قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي. كذا في كتاب التوكيد لابن أبي الأصبع.

وقيل التمام يستدعي سبق نقص، بخلاف الكمال. وقيل غير ذلك، مما حرره البهاء السبكي في عروس الأفراح، وابن الزملكاني في شرح التبيان، وغير واحد.

قلت: وقال الحراني: الكمال الإنتهاء إلى غاية ليس وراءها مزيد من كل وجه. وقال ابن الكمال: كمال الشي ء حصول ما فيه الغرض منه، فإذا قيل كمل فمعناه حصل ما هو الغرض منه. انتهى.- وقال أبوهلال العسكري في الفروق اللغوية ص458 :

الفرق بين الكمال والتمام: أن قولنا كمال إسم لاجتماع أبعاض الموصوف به، ولهذا قال المتكلمون العقل كمال علوم ضروريات يميز بها القبيح من الحسن يريدون إجتماع علوم، ولا يقال تمام علوم لان التمام إسم للجزء والبعض الذي يتم به الموصوف بأنه تام.

ولهذا قال أصحاب النظم القافية تمام البيت، ولا يقال كمال البيت، ويقولون البيت بكماله أي باجتماعه، والبيت بتمامه أي بقافيته.

ويقال هذا تمام حقك للبعض الذي يتم به الحق، ولا يقال كمال حقك، فإن قيل: لم قلت إن معنى قول المتكلمين كمال علوم إجتماع علوم؟ قلنا: لااختلاف بينهم في ذلك، والذي يوضحه أن العقل المحدود بأنه كمال علوم هو هذه الجملة واجتماعها، ولهذا لايوصف المراهق بأنه عاقل وإن حصل بعض هذه العلوم أو أكثرها له، وإنما يقال له عاقل إذا اجتمعت له. انتهى.

أقول: من المؤكد أن بينهما فرقاً، بدليل استعمال القرآن لفظ الإكمال للدين، ولفظ الإتمام للنعمة.. فما ذكره العسكري أقرب الى الصواب، والظاهر أن مادة "كمل" تستعمل للمركب الذي لايحصل الغرض منه إلا بكل أجزائه، فهو يكمل بها جميعاً، وإن نقص شئ منها يكون وجوده ناقصاً أو مثلوماً! ولذا قال علي عليه السلام سيد الفصحاء بعد النبي صلى الله عليه وآله في عهده لمالك الأشتر، كما في نهج البلاغة:103:3 "فأعط الله من بدنك في ليلك ونهارك، ووف ما تقربت به إلى الله من ذلك، كاملا غير مثلوم ولا منقوص بالغاً من بدنك ما بلغ". انتهى.

فالإكمال منصب على نفس الشئ، لرفع نقص أجزائه أو ثلمه.. أما الإتمام فهو أعم منه لأنه قد ينصب على نفس الشئ أو هدفه وغرضه.. فقوله تعالى "أكملت لكم دينكم" معناه إكماله بتنزيل جزئه المكمل لمركبه، وبدونه يبقى الاسلام ناقصاً مثلوماً، بمثابة غير الموجود. وهو تعبير آخر عن قوله تعالى "فإن لم تفعل فما بلغت رسالته" لأن الاسلام للمركب من الدين وآلية تطبيقه التي هي الامامة، وعدم تبليغ الجزء المكمل للمركب يساوي عدم تبليغ شئ منه!

أما قوله تعالى "وأتممت عليكم نعمتي" فهو يعني النعمة بتنزيل الاسلام وشروط تحقيق أغراضه وأهدافه في الأرض، فهو تعالى بإكمال مركب الدين بالامامة أتم النعمة على المسلمين، وبها ضمن تحقيق هدف الدين في الأرض، إن هم أطاعوا الامام الذي نصبه لهم.

وبذلك يتضح أن الامامة جزء لايتجزأ من الاسلام، فلا وجود حقيقيا له بدونها، لأن وجوده الشكلي بمثابة العدم.. كما أن تبليغ النبي للإمامة تتميم للنعمة الالهية على هذه الأمة، فالنعمة موجودة بدون تبليغها، لكنها لاتكون تامة إلا بها!

وللراغب الأصفهاني لفتة جيدة في معنى الآية، وهي أن إكمال الدين يعني ثبات صيغته النهائية وعدم نزول النسخ عليه الى يوم القيامة.. قال في مفرداته ص :440 "وقوله: وتمت كلمة ربك، إشارة إلى نحو قوله: اليوم أكملت لكم دينكم.. الآية، ونبه بذلك أنه لاتنسخ الشريعة بعد هذا". انتهى.

وهذه يعني أن النسخ كان مفتوحاً في القرآن والسنة حتى نزلت الامامة، فانتهى النسخ وكمل الدين بصيغته الخالدة، وتمت به النعمة.

/ 47