تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الحسد القديم وحلف لعقه الدم


كانت الجزيرة العربية مجتمعات قبلية، ولم تكن فيها حكومةٌ مركزية، بل معظم مناطقها تحكمها القبائل..

وكانت الصراعات والحروب، والتحالفات القبلية أمراً شائعاً بين قبائلها، ومنها قبائل قريش.

ومن أهم الأحلاف القرشية التي سجلتها مصادر التاريخ، حلف الفضول الذي دعا إليه عبدالمطلب جد النبي صلى الله عليه وآله، وسموه حلف المطيبين، لأنهم أكدوا تحالفهم بغمس أيديهم في جفنة طيبٍ صنعتها لهم بنت عبدالمطلب.

وكانت أهم مبادئ هذا الحلف: أن يحموا الكعبة الشريفة ممن يريد بها شراً ويمنعوا الظلم فيها، وينصروا المظلوم حتى يصل إلى حقه. وهو الحلف الذي شارك فيه النبي صلى الله عليه وآله، وكان عمره الشريف نحو عشرين سنة..

بل تدل بعض الأحاديث على أنه صلى الله عليه وآله أمضاه بعد بعثته، كما في مسند أحمد:190:1 قال: شهدت حلف المطيبين مع عمومتي وأنا غلام، فما أحب أن لي حمر النعم... وصححه الحاكم:220:2 .

وكان هذا الحلف جواباً لحلف مضاد، دعا إليه بنو عبدالدار، فأجابتهم بعض قبائل قريش، وعرف حلفهم باسم "لعقة الدم" لأنهم ذبحوا بقرة، وأكدوا تحالفهم بأن يلعق ممثل القبيلة لعقةً من دمها!

وقد اختلفت النصوص في سبب الحلفين ووقتهما، فذكر بعضها أنه عند بناء الكعبة بسبب اختلافهم على القبيلة التي تفوز بشرف وضع الحجر الأسود في موضعه. وذكر بعضها أنه كان بسبب شكاية بائع مظلوم، اشترى منه قرشي بضاعة، وأراد أن يأكل عليه ثمنها..

والأرجح ما ذكره ابن واضح اليعقوبي من أن بني عبدالدار حسدوا عبدالمطلب، فدعوا إلى حلف لعقة الدم، فدعا عبدالمطلب في مقابلهم إلى حلف المطيبين. قال اليعقوبي في تاريخه:248:1 :

"ولما رأت قريش أن عبدالمطلب قد حاز الفخر، طلبت أن يحالف بعضها بعضاً ليعزُّوا، وكان أول من طلب ذلك بنو عبدالدار لما رأت حال عبدالمطلب، فمشت بنو عبدالدار إلى بني سهم فقالوا: إمنعونا من بني عبدمناف..... فتطيب بنو عبدمناف، وأسد، وزهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، فسموا حلف المطيبين.

فلما سمعت بذلك بنو سهم ذبحوا بقرةً وقالوا: من أدخل يده في دمها ولعق منه، فهو منا! فأدخلت أيديها بنو سهم، وبنو عبدالدار، وبنو جمح، وبنو عدي، وبنو مخزوم، فسموا اللعقة.

وكان تحالف المطيبين ألا يتخاذلوا، ولا يسلم بعضهم بعضاً.

وقالت اللعقة: قد أعتدنا لكل قبيلةٍ قبيلة. انتهى.

وقال اليعقوبي:17:2 "حضر رسول الله صلى الله عليه وآله حلف الفضول وقد جاوز العشرين، وقال بعد ما بعثه الله: حضرت في دار عبدالله بن جدعان حلفاً، ما يسرني به حمر النعم، ولو دعيت إليه اليوم لأجبت. وكان سبب حلف الفضول أن قريشاً تحالفت أحلافاً كثيرة على الحمية والمنعة، فتحالف المطيبون وهم بنو عبدمناف، وبنو أسد، وبنو زهرة، وبنو تيم، وبنو الحارث بن فهر، على أن لايسلموا الكعبة ما أقام حراء وثبير، وما بلَّ بحرٌ صوفة.

وصنعت عاتكة بنت عبدالمطلب طيباً فغمسوا أيديهم فيه... فتذممت قريش فقاموا فتحالفوا ألا يظلم غريب ولا غيره، وأن يؤخذ للمظلوم من الظالم، واجتمعوا في دار عبدالله بن جدعان التيمي.

وكانت الأحلاف هاشم، وأسد، وزهرة، وتيم، والحارث بن فهر، فقالت قريش: هذا فضول من الحلف، فسمي حلف الفضول". انتهى.

وفي سيرة ابن هشام:85:1 "فكان بنو أسد بن عبدالعزى بن قصي، وبنو زهرة بن كلاب، وبنو تيم بن مرة بن كعب، وبنو الحارث بن فهر بن مالك بن النضر، مع بني عبدمناف. وكان بنو مخزوم بن يقظة بن مرة، وبنو سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب، وبنو عدي بن كعب، مع بني عبدالدار". انتهى.

ويفهم من هذه النصوص وغيرها أن حركة التحالف بدأها بنو عبدالدار حسداً لعبد المطلب، فسعوا للتحالف ضده، فبادر عبدالمطلب ومؤيدوه الى عقد حلف المطيبين قبلهم، ثم عقد بنو عبدالدار ومؤيدوهم حلف لعقة الدم. ويفهم منها، أن أهداف حلف عبدالمطلب حماية الكعبة ونصرة المظلوم، بينما هدف حلف بني عبدالدار مواجهة المطيبين!

بنو عبدالدار أصحاب لواء قريش

وذكر المؤرخون أن بني عبدالدار ورثوا من جدهم قصي دار الندوة التي كانت مركزاً لمجلس شيوخ قريش، يبحثون فيها الأمور المهمة، ويتخذون فيها القرارات، كما ورث بنو عبدالدار لواء الحرب، فكانوا هم أصحاب لواء قريش في حروبها.. قال البلاذري في فتوح البلدان60 :

"فلم تزل دار الندوة لبني عبدالدار بن قصي، حتى باعها عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبدمناف بن عبدالدار بن قصي، من معاوية بن أبي سفيان، فجعلها داراً للإمارة". انتهى.

وقد قتل علي عليه السلام من بني عبدالدار كل من رفع لواء قريش في وجه رسول صلى الله عليه وآله، فبلغوا بضعة عشر، وروي أن بعضهم قتله عمه حمزة بن عبدالمطلب رضوان الله عليه!

قال ابن هشام في:587:3 واصفاً تحميس أبي سفيان وزوجته لبني عبدالدار في أحد: "قال أبوسفيان لأصحاب اللواء من بني عبدالدار يحرضهم بذلك على القتال: يا بني عبدالدار إنكم قد وليتم لواءنا يوم بدر، فأصابنا ما قد رأيتم، وإنما يؤتى الناس من قبل راياتهم، إذا زالت زالوا، فإما أن تكفونا لواءنا، وإما أن تخلوا بيننا وبينه فنكفيكموه!

فهمُّوا به وتواعدوه، وقالوا: نحن نسلم إليك لواءنا؟!! ستعلم غداً إذا التقينا كيف نصنع! وذلك أراد أبوسفيان.

فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض، قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها، وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم، فقالت هند فيما تقول:

وَيْهاً بني عبدالدار... وَيْهاً حماة الأدبار ضرباً بكل بتار

وفي سيرة ابن هشام:655:3 "قال ابن هشام: أنشدني أبوعبيدة للحجاج بن علاط السلمي يمدح أباالحسن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب، ويذكر قتله طلحة بن أبي طلحة بن عبدالعزى بن عثمان بن عبدالدار، صاحب لواء المشركين يوم أحد:




  • لله أيُّ مذببٍ عن حرمةٍ
    سبقت يداك له بعاجل طعنةٍ
    وشددت شدةَ باسلٍ فكشفتهم
    بالجر إذ يهوون أخول أخولا



  • أعني ابن فاطمة المعِمَّ المخْوِلا
    تركت طليحة للجبين مجدلا
    بالجر إذ يهوون أخول أخولا
    بالجر إذ يهوون أخول أخولا



وقد تتابع على حمل لواء المشركين يوم أحد تسعة من بني عبدالدار، وقيل أكثر وركزوا حملاتهم على قتل النبي صلى الله عليه وآله بعد أن تركه المسلمون وهربوا صعوداً في الجبل، وثبت النبي صلى الله عليه وآله ومعه علي عليه السلام وحدهما! في وجه حملات قريش التي تواصلت إلى ما بعد الظهر! وكان النبي صلى الله عليه وآله يقاتل في مركزه، وعلي عليه السلام يحمل عليهم، يضرب مقدمتهم، ثم يغوص فيهم يضرب يميناً وشمالاً، حتى يصل إلى العبدري حامل لوائهم فيحصد رأسه، فتنكفي ء الحملة..

ثم يتحمس عبدريٌّ آخر فيحمل لواء الشرك، ويهجمون باتجاه الرسول صلى الله عليه وآله فيتلقاهم علي عليه السلام وهو راجلٌ وهم فرسان!! حتى قتل من فرسان قريش عشرات، ومن العبدريين أصحاب ألويتهم تسعة! فيئسوا وانسحبوا، ونادى مناديهم كذباً: قتل محمد!

وقد أصابته صلى الله عليه وآله بضع جراحات، وأصابت علياًّ عليه السلام بضع وسبعون جراحة! منها جراحاتٌ بليغة، مسح عليها النبي صلى الله عليه وآله بريقه فبرأت!

بنو عبدالدار علموا قريشاً فناًّ مبتكراً في الدفاع


ومن طريف ما ذكره المؤرخون عن بني عبدالدار الشجعان، أنهم أول من علم قريشاً أسلوباً في الدفاع عن نفسها في الحرب أمام بني هاشم، فابتكروا طريقة في الحرب تستفيد من سمو بني هاشم الأخلاقي وخساسة أقرانهم!

روى ابن كثير في السيرة:39:3 ناقلاً عن ابن هشام:

"لما اشتد القتال يوم أحد، جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راية الأنصار، وأرسل إلى علي أن قدم الراية، فقدم علي وهو يقول: أنا أبوالقصم، فناداه أبوسعد بن أبي طلحة، وهو صاحب لواء المشركين: هل لك يا أباالقصم في البراز من حاجة؟ قال: نعم.

فبرزا بين الصفين، فاختلفا ضربتين، فضربه علي فصرعه، ثم انصرف ولم يجهز عليه! فقال له بعض أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟

فقال: إنه استقبلني بعورته فعطفتني عليه الرحم، وعرفت أن الله قد قتله.

وقد فعل ذلك علي رضي الله عنه يوم صفين مع بسر بن أبي أرطاة، لما حمل عليه ليقتله أبدى له عورته، فرجع عنه.

وكذلك فعل عمرو بن العاص حين حمل عليه علي في بعض أيام صفين، أبدى عن عورته، فرجع علي أيضاً. ففي ذلك يقول الحارث بن النضر:




  • أفي كل يوم فارسٌ غير منتهٍ
    يكفُّ لها عنه عليٌّ سنانه
    ويضحك منها في الخلاء معاويه!!



  • وعورته وسط العجاجة باديه
    ويضحك منها في الخلاء معاويه!!
    ويضحك منها في الخلاء معاويه!!



/ 47