تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تمهيد


ثلاث مسائل في عمل الأنبياء


توجد ثلاث مسائل في عمل الأنبياء والرسل عليهم السلام لم يعطها الباحثون حقها في تدوين سيرتهم، ودراسة أعمالهم:

المسألة الأولى: أن أصل مهمتهم عليهم السلام هو تبليغ الناس رسالة ربهم فقط.. فالمحور الذي يدور عليه عمل النبي والرسول هو التبليغ والأداء، من أجل إقامة الحجة لربه عزوجل على عباده.. فالرسول مبلغُ رسالةٍ ومؤديها.. وهو يتقي ربه سبحانه ويخاف من غضبه وعذابه إن قصر في الأداء، أو خالف حرفاً مما كلف بأن يؤديه! ولذا تراه يشهد الناس على أنه أدى إليهم، ليشهدوا له عند ربه. والرسول مبلغٌ، وليس له إجبار الناس على قبول الهدى، ولا على الإلتزام به.. ولا يمكنه ذلك من تلقاء نفسه. فالقاعدة الثابتة التي استوعبها الرسول أنه لاإجبار ولاإكراه في الدين الإلهي.. وحرية الناس يجب أن تبقى محفوظة، ليؤمنوا إن شاؤوا أو يكفروا.. ويلتزموا بالدين أو ينحرفوا عنه.. لأن ذلك معنى فتح مدرسة الحياة في هذه الدار، وامتحان الناس فيها بالهدى والضلال، وإعطائهم القدرة على فعل الخير أو الشر.. ثم محاسبتهم في مرحلةٍ لاحقةٍ.. في دارٍ أخرى.

فالإجبار على الدين إذن.. يتنافى مع أصول الإمتحان، وحرية الإختيار.

والمسألة الثانية: أن هدف الأنبياء والرسل عليهم السلام يتركز على القضايا "الكبرى" في حياة الناس ومسار المجتمعات.. فالرسول عليه السلام مهندس رباني، ولكنه مهندس مدن ومجتمع، ومسيرة تاريخ.

وأعماله يجب أن ينظر إليها بهذا المنظار وأن تقاس بهذا المقياس، وأن يسأل الباحث نفسه: ماذا كان سيحدث في ثقافة الناس ومسار التاريخ، لو لم يبعث هذا الرسول، وماذا حدث بسبب بعثته وأدائه لرسالته؟

أو يسأل: كيف كانت حالة العالم الوثنية اليوم، لولم يبعث إبراهيم عليه السلام ويرسي أسس التوحيد ويزرع أصوله في مسيرة المجتمع الإنساني ؟!

أو كيف كانت حالة البلاد العربية، والعالم في عصرنا، لو لم يبعث نبينا صلى الله عليه وآله، ولم يُحِْدثْ هذا المد الأخير من التوحيد والحضارة؟!

لقد كان عمله صلى الله عليه وآله "تكوين أمة" ودفعها لتأخذ موقعها في مصاف أمم العالم، بل في ريادتها.. وتزويدها بأحسن ما يمكن من مقومات الأمة، مضموناً وشكلاً..

كان عمله إنشاء سفينة، وإطلاقها في بحر شعوب العالم ومجرى التاريخ.. وكان حريصاً أن يكون ربانها بعده أهل بيته، الذين اصطفاهم الله وطهرهم، وأورثهم الكتاب.. ولكن إن لم تقبل الأمة بقيادتهم، فليكن الربان من يكون حتى يبلغ الله أمره في هذه الأمة، ثم يبعث فيها المهدي الموعود عليه السلام.

والمسألة الثالثة: أن الجانب الذاتي في الرسول عليه السلام موجود ومؤثر دون شك، فهو مفكر، نابغ، مخطط، فاعل مختار.. ولكن الذاتية في عمله ضئيلة جداً!وما يقابل الذاتية هنا ليس الآلية، بل طلب التوجيه من ربه دائماً عن قناعة، وإيمان، وتعبد.

الرسول يجتهد في أمور، شخصية أو عامة.. ولكن مساحة الأمور التي يسمح لنفسه أن يجتهد فيها ويعمل فيها برأيه، لاتشكل إلا جزءً قليلاً من مساحة عمله الواسع الكبير!

فمثله كمثل مهندس أرسله رئيسه لتنفيذ مشروع كبير، وهو مقتنع أن عليه أن يتصل دائماً برئيسه، ليأخذ منه التعليمات الحكيمة الصحيحة، حتى لايقع في أخطاء ضارة.. فهو يعمل ويفكر وينفذ، ولكنه على اتصال دائم بمركزه، يأخذ منه مراحل الخارطة، ويستشيره في رفع إشكالات التنفيذ!

وهذا المثل، مصغر آلاف المرات عن مهمة الرسول عليه السلام. أما مركز توجيهه وتسديده، فإنه لا يقاس بالله سبحانه أحد، ولا بفعله فعل أحد.

وعلى هذا، يجب علينا في دراسة سيرة نبينا صلى الله عليه وآله أن ندخل في حسابنا هذه الأمور الثلاثة:- أنه مبلغ ما أمر به.- وأن عمله إنشاء أمة وإطلاقها في مسيرة التاريخ. وأن عمله دائماً بتوجيه ربه وليس من عند نفسه..

والمتأمل في سيرته صلى الله عليه وآله يلمس هذه الحقيقة لمساً، وأن الله تعالى كان يدير أمره من أول يوم إلى آخر يوم، وكان الرسول يطيع وينفذ.. مسلماً أمره إلى ربه، واثقاً به، متوكلاً عليه، راضياً بقضائه وقدره..

ولذا جاءت نتائج عمله فوق ما يتصور العقل البشري، وفوق ما يمكن لكل مهندسي المجتمعات، ومنشئي الأمم، ومؤسسي الحضارات..

لقد استطاع الرسول صلى الله عليه وآله أن يحدث مداً عقائدياً حضارياً عالمياً في أقل مدة، وأقل كلفة من الخسائر البشرية والمادية.. فرغم شراسة الأعداء والحروب لم تبلغ قتلى الطرفين ألف قتيل!! وما ذلك إلا بسبب أن إدارة الرسول صلى الله عليه وآله كانت من ربه عزوجل..

كان القرآن يتنزل عليه باستمرار من أول بعثته إلى قرب وفاته، وكان جبرئيل عليه السلام يأتيه دائماً، بآيات قرآنٍ، أو وحي غير القرآن، وأوامر وتوجيهات، وأجوبة... إلخ.

وما أكثر الأمثلة في سيرته صلى الله عليه وآله على ذلك، فهي مليئة بالتدخل الإلهي والرعاية في كبير أموره وصغيرها.. وهي تدل على أنه صلى الله عليه وآله ما كان يتصرف من عند نفسه إلا في تطبيق الخطوط العامة التي أوحيت إليه أو تنفيذ الأوامر التفصيلية التي بلغه إياها جبرئيل عليه السلام.. وكثيراً ما كان يتوقف عن العمل، ينتظر الوحي!

وقد ورد أنه صلى الله عليه وآله قال: أوتيت الكتاب ومثله معه، أي ما كان جبريل يأتيه به من السنن، "الإيضاح:215" وأن جبريل كان ينزل عليه بالسنة كما ينزل بالقرآن "الدارمي:145:1".

وهذه التوجيهات شملت حله وترحاله، ورضاه وغضبه صلى الله عليه وآله بل شملت حتى أموره الشخصية، من زواجه وطلاقه، ولباسه وطعامه، ونومه ويقظته، ووضوئه وسواكه، فضلاً عن عطائه ومنعه، وحبه وبغضه..

روى في الكافي:39:4 عن الإمام الصادق عليه السلام قصة شخص كافر جاء يحاج النبي صلى الله عليه وآله ويكذبه ويؤذيه ويتهدده، قال: فغضب النبي صلى الله عليه وآله حتى التوى عرق الغضب بين عينيه، وتَرَبَّد وجهه وأطرق إلى الأرض، فأتاه جبرئيل عليه السلام فقال: ربك يقرؤك السلام ويقول لك: هذا رجل سخي يطعم الطعام. فسكن عن النبي صلى الله عليه وآله الغضب ورفع رأسه، وقال له: لولا أن جبرئيل أخبرني عن الله عزوجل أنك سخي تطعم الطعام، لشردت بك، وجعلتك حديثاً لمن خلفك!

فقال له الرجل: وإن ربك ليحب السخاء؟ فقال: نعم. فقال: إني أشهد أن لاإله إلا الله وأنك رسول الله، والذي بعثك بالحق لارددت من مالي أحداً. انتهى.

وروى في الكافي:289:1 أن شخصاً سأل الإمام الباقر عليه السلام فقال حدثني عن ولاية علي، أمن الله أو من رسوله؟ فغضب، ثم قال: ويحك! كان رسول الله صلى الله عليه وآله أخوف لله من أن يقول ما لم يأمره به الله! بل افترضها الله، كما افترض الصلاة والزكاة والصوم والحج. انتهى.

ولا نطيل الكلام بأمثلة ذلك، فهي موضوع مهم لرسالة دكتوراه، بل لعدة رسائل.

/ 47