تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

تورط الشراح السنيين في حديث سفينه


سفينة: مولى أم سلمة، وثقه علماء الجرح والتعديل السنيون، وروى عنه البخاري وغيره من أصحاب الصحاح حديثاً يتعلق بالموضوع وصححوه.

قال الترمذي:341:3 "عن سعيد بن جمهان قال: حدثني سفينة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخلافة في أمتي ثلاثون سنة، ثم ملك بعد ذلك "عضوض".

ثم قال لي سفينة: أمسك عليك خلافة أبي بكر، ثم قال: وخلافة عمر، وخلافة عثمان، ثم قال: أمسك خلافة علي، فوجدناها ثلاثين سنة.

قال سعيد: فقلت له: إن بني أمية يزعمون أن الخلافة فيهم؟

قال: كذب بنو الزرقاء، بل هم ملوك من شر الملوك.

وفي الباب عن عمر وعلي قالا: لم يعهد النبي صلى الله عليه وسلم في الخلافة شيئاً. هذا حديث حسن، قد رواه غير واحد عن سعيد بن جمهان، لانعرفه إلا من حديثه". انتهى. ورواه أحمد في مسنده: 220:5 و221 بدون كلام سفينة عن ملوك بني أمية. وقال عنه الحاكم:71:3 وقد أسندت هذه الروايات بإسناد صحيح مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم. انتهى. ورواه ابن كثير في البداية والنهاية:198:3 ثم روى بعده عن عبدالرحمن أبي بكرة قال: سمعت رسول الله "ص" يقول: خلافة نبوة ثلاثون عاماً، ثم يؤتي الله ملكه من يشاء، فقال معاوية: رضينا بالملك!!. انتهى. وإذا صح حديث سفينة فهو إخبار نبوي عن انحراف الأمة بعد الثلاثين سنة، وعدم شرعية الحكم فيها. وبما أن عدد الحكام في هذه الفترة لم يزيدوا عن خمسة، فلا بد أن يكون الأئمة الإثنا عشر من غير الحاكمين، أو تكون تكملتهم من غيرهم! فحديث سفينة يحكم بخطأ جعل الأئمة الإثني عشر من الحكام، كما هو واضح. ولكن أكثر الشراح أشربوا في قلوبهم حب بني أمية، وارتكبوا كل تناقض لجعل ملكهم العضوض إمامة ربانية، وجعل حكامهم المعروفين بسلوكهم وبطشهم، أئمة ربانيين مبشراً بهم على لسان رسول رب العالمين!

والذي يزيدك اطمئناناً بما قلناه، أنهم قبلوا حديث سفينة "الخلافة ثلاثون سنة" وقد فسره راويه سفينة ونفى الخلافة عن بني أمية، وقال إنهم ملوك شر ملوك! بل اتهمهم بأنهم أبناء رومية زانية "بنو الزرقاء"!

ومع ذلك جعلوهم أئمة ربانيين، اختارهم الله تعالى لقيادة هذه الأمة!

ومنهم من حاول نفي تفسير سفينة للحديث وقال: إنه زيادة لم تثبت، مثل الألباني! وكذلك لم يثبت عندهم كل ما في تاريخ بني أمية من ظلم عضوض للناس!! فلا بد لهم أن يردوا وصف النبي له بالعضوض!!

قال العيني في عمدة القاري:74:16 "فإن قلت: يعارض حديث سفينة ما رواه مسلم من حديث جابر بن سمرة: لايزال هذا الدين قائماً ما كان اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، الحديث. قلت: قيل إن الدين لم يزل قائماً حتى ولي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش، وأراد بهذا خلافة النبوة، ولم يرد أنه لايوجد غيرهم.وقيل: هذا الحديث فيه إشارة بوجود اثني عشر خليفة عادلين من قريش، وإن لم يوجدوا على الولاء، وإنما اتفق وقوع الخلافة المتتابعة بعد النبوة في ثلاثين سنة، ثم قد كان بعد ذلك خلفاء راشدون منهم عمر بن عبدالعزيز، ومنهم المهتدي بأمر الله العباسي، ومنهم المهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان". انتهى.

فانظر إلى هذا التصرف بالألفاظ من أجل مصلحة الأمويين، حيث جعل الخلافة الشرعية نوعين: خلافة نبوة وهي التي كانت لمدة ثلاثين سنة، وخلافة شرعية ليست خلافة عن النبي صلى الله عليه وآله!! فلابد أن تكون خلافة عن بني تبع وبني حمير أو عن الهواء مثلاً، وهي التي امتدت بعد الثلاثين، وهي التي بشر بها النبي صلى الله عليه وآله بقوله: اثنا عشر خليفة، أو إماماً!! وقد تمسك الشراح المحبون لبني أمية بهذا الإبتكار وفرحوا به، لأنه يبقى لهم إمكانية التلاعب بالحديث، وتفسيره بأئمتهم الربانيين من بني أمية!!

قال ابن كثير في البداية والنهاية:198:3 :

"فإن قيل: فما وجه الجمع بين حديث سفينة هذا، وبين حديث جابر بن سمرة، المتقدم في صحيح مسلم؟...

فالجواب: أن من الناس من قال: إن الدين لم يزل قائماً حتى ولي اثنا عشر خليفة ثم وقع تخبيط بعدهم في زمان بني أمية.

وقال آخرون: بل هذا الحديث فيه بشارة بوجود اثني عشر خليفة عادلاً من قريش، وإن لم يوجدوا على الولاء "التتابع" وإنما اتفق وقوع الخلافة المتتابعة بعد النبوة في ثلاثين سنة، ثم كانت بعد ذلك خلفاء راشدون فيهم عمر بن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم الأموي رضي الله عنه، وقد نص على خلافته وعدله وكونه من الخلفاء الراشدين غير واحد من الأئمة، حتى قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: ليس قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبدالعزيز!

ومنهم من ذكر: من هؤلاء المهدي بأمر الله العباسي.

والمهدي المبشر بوجوده في آخر الزمان منهم أيضاً بالنص على كونه من أهل البيت، واسمه محمد بن عبدالله، وليس بالمنتظر في سرداب سامرا، فإن ذاك ليس بموجود بالكلية، وإنما ينتظره الجهلة من الروافض". انتهى.

فترى أن ابن كثير لاجواب عنده على إشكال حديث سفينة، ولذلك قال: من الناس من قال.. وقال آخرون.. ومنهم من ذكر! وليته أكمل الرواية عن سفينة كما وردت في مصادرهم!

أما مدحه لعمر بن عبدالعزيز أو المهدي العباسي، فهو مهما كثر لايصير دليلاً على أنه أحد الأئمة الربانيين المبشر بهم! وإلا لاستحق كل ممدوح مثلهما أن يكون منهم! فإن دخول أحد في عداد أشخاص بشر بهم أنبياء الله تعالى يحتاج إلى دليل على أنه مقصود بهذا النص، وأنه واحد من هؤلاء الربانيين الذين اختارهم الله تعالى وأعطاهم مقاماً فوق مدح المادحين من البشر!

وأما تكراره اتهام الشيعة بانتظار ظهور المهدي الموعود من سرداب سامراء فهو من المكذوبات علينا، فنحن ننتظر ظهور المهدي عليه السلام من مكة كما ينتظره هو، وسرداب سامراء بيته وبيت أبيه وجده عليهم السلام، وهو مكان مبارك، نصلي فيه ونتبرك به. ولكن ابن كثير.. كثير الكلام والتهم.

وقال في هامش عون المعبود:361:1 :

"ذكر الشيخ ابن القيم رحمه الله... حديث: الخلافة بعدي ثلاثون سنة، وحديث اثنا عشر خليفة. ثم قال: فإن قيل: فكيف الجمع؟ قيل: لاتعارض بين الحديثين، فإن الخلافة المقدرة بثلاثين سنة هي خلافة النبوة كما في حديث أبي بكرة". انتهى.

ولم يقل ابن قيم ولا غيره إذا لم تكن خلافة بني أمية خلافة نبوة فهي خلافة ماذا يا ترى؟؟ وهل تبقى لها صفة إسلامية وربانية، بعد أن وصفها النبي صلى الله عليه وآله بأنها ملك عضوض، كما اعترف صاحب قرة العينين وغيره! وهل يعني إقرارهم بأنها ملك عضوض، ونفيهم عنها صفة الخلافة الإسلامية، إلا أنها خلافة جاهلية عضوضة؟

وهل يتصور عاقل أن الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله يبشران الأمة بأئمة جاهليين، يَعُضُّونها كالكلب بظلمهم؟!

ولو أن ابن حبان وابن حجر وابن قيم وصاحب قرة العينين وأمثالهم.. اكتفوا بتعصبهم لبني أمية، لكان خطبهم أسهل، ولكنهم مع الأسف أصروا على تسخير الأحاديث النبوية لنصرتهم، وتطبيق بشائر الأنبياء عليهم السلام على ملوكهم!!

ومن طريف عمل الألباني في حديث سفينة، أنه صحح عدة أحاديث عن الإنحراف والأئمة المضلين، الذين سيحكمون بعد النبي صلى الله عليه وآله، ومنها حديث برقم 2982 "إن من أصحابي من لايراني بعد أن أفارقه!".

وحديث برقم 2864 "إنه سيلي أموركم من بعدي رجال يطفئون السنة ويحدثون بدعة".

وحديث برقم 2865 "إني ممسك بحجزتكم عن النار، وتقاحمون فيها تقاحم الفراش والجنادب، ويوشك أن أرسل حجزتكم..." إلخ.

وحديث برقم 1749 "أول من يغير سنتي رجل من بني أمية". وجعل هذا الحديث تحت عنوان: من أعلام نبوته الغيبية، وقال بعده: ولعل المراد بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة وجعله وراثة. والله أعلم.

وحديث برقم 744 "إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً اتخذوا دين الله دَخَلاً، وعباد الله خَوَلاً، ومال الله دِوَلاً".

كما صحح حديث سفينة برقم 459 ولكنه جعله تحت عنوان: خلافة النبوة!

ومع كل هذه الأحاديث التي صححها، قال مدافعاً عن الأمويين: فلا ينافي مجي ء خلفاء آخرين من بعدهم لأنهم ليسوا خلفاء النبوة. فهؤلاء هم المعنيون في الحديث لاغيرهم! كما هو واضح!! ويزيده وضوحاً قول شيخ الإسلام في رسالته المذكورة: ويجوز تسمية من بعد الخلفاء الراشدين خلفاء، وإن كانوا ملوكاً ولم يكونوا خلفاء الأنبياء... إلخ. انتهى.

فقد أفتى هذا الإمام الألباني تبعاً لإمامه ابن تيمية، بأن الأئمة الإثني عشر المبشر بهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله، القيمين على الأمة بتعيين رب العالمين هم.. معاوية ويزيد وبنو الحكم بن أبي العاص، الذين صحت فيهم أحاديث ذمٍّ قاصعة!!

وهكذا يدفعه غلوه في بني أمية إلى أن يعطي الحجة على ربه سبحانه، وعلى نبيه صلى الله عليه وآله!!

فماذا يقول إذا قال له مستشرق مثلاً: إنكم أيها المسلمين تقولون إن ربكم مزاجي ونبيكم مزاجي أيضاً، لأنهما يلعنان أشخاصاً ويذمانهم ويتبرآن منهم! ثم يتغير مزاجهما فيرضيان عنهم، ويعلنان للمسلمين: إنا نبشركم بهم وبأولادهم، إنهم صفوة البشر، أئمة، ربانيون، معصومون، قيمون على الأمة!!

وهل دخل المستشرقون الخبثاء، وهل دخل سلمان رشدي وأمثاله، وطعنوا في الإسلام، إلا من أبواب أحاديث التعصب لقريش العتاة على ربهم وبني أمية العتاة على نبيهم وآله، وكعب الأحبار مزرق ثقافة اليهود للمسلمين؟!

نماذج من أحاديثنا في الأئمه الإثني عشر


روى الصدوق في الخصال: 467-466 حديث ابن مسعود المتقدم بعدة أسانيد فيها مجالد بن سعيد، وأسانيد أخرى ليس فيها مجالد، قال: حدثنا أبوعلي أحمد بن الحسن القطان، قال: حدثنا أبوعبدالله أحمد بن محمد بن إبراهيم بن أبي الرجال البغدادي، قال: حدثنا محمد بن عبدوس الحراني، قال: حدثنا عبدالغفار بن الحكم، قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن مطرف، عن الشعبي، عن عمه قيس بن عبد، قال: كنا جلوساً في حلقة فيها عبدالله بن مسعود فجاء أعرابي فقال: أيكم عبدالله بن مسعود؟ فقال عبدالله: أنا عبدالله بن مسعود.

قال: هل حدثكم نبيكم صلى الله عليه وآله كم يكون بعده من الخلفاء؟

قال: نعم، اثنا عشر، عدد نقباء بني إسرائيل. حدثنا أبوالقاسم عتاب بن محمد الوراميني الحافظ، قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد، قال: حدثنا أحمد بن عبدالرحمن بن الفضل، ومحمد بن عبيد الله بن سوار، قالا: حدثنا عبدالغفار بن الحكم، قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود، عن مطرف، عن الشعبي. قال: عتاب بن محمد: وحدثنا إسحاق بن محمد الأنماطي، قال: حدثنا يوسف بن موسى، قال: حدثنا جرير، عن أشعث بن سوار عن الشعبي. قال عتاب بن محمد: وحدثنا الحسين بن محمد الحراني، قال: حدثنا أيوب بن محمد الوزان قال: حدثنا سعيد بن مسلمة، قال: حدثنا أشعث بن سوار، عن الشعبي، كلهم قالوا عن عمه قيس بن عبد. قال أبوالقاسم عتاب: وهذا حديث مطرف قال: كنا جلوساً في المسجد، ومعنا عبدالله بن مسعود، فجاء أعرابي فقال: فيكم عبدالله؟

قال: نعم أنا عبدالله، فما حاجتك؟ قال: يا عبدالله أخبركم نبيكم صلى الله عليه وآله كم يكون فيكم من خليفة؟ قال: لقد سألتني عن شي ء ما سألني عنه أحد منذ قدمت العراق، نعم، اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل. قال: أبوعروبة في حديثه: نعم عدة نقباء بني إسرائيل. وقال جرير عن الأشعث بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وآله قال: الخلفاء بعدي اثنا عشر، كعدد نقباء بني إسرائيل. انتهى. "ورواهما في: كمال الدين وتمام النعمة271- بنفس السند".

وأكبر عمل حديثي قام به قدماء علمائنا في هذا الموضوع، بل هو أجلُّ ما وجدته في الموضوع من الأعمال العلمية المقارنة: هو ما صنفه المحدث الخبير علي بن محمد بن علي الخزاز القمي الرازي، من علماء أوائل القرن الرابع وكتابه القيم "كفاية الأثر في النص على الأئمة الإثني عشر" وقد ذكر منهجه في مقدمته فقال في ص7

أما بعد: فإن الذي دعاني إلى جمع هذه الأخبار، عن الصحابة والعترة الأخيار، في النصوص على الأئمة الأبرار، إني وجدت قوماً من ضعفاء الشيعة ومتوسطيهم في العلم، متحيرين في ذلك ومتعجزين، يشكون فرط اعتراض المشبهة عليهم، وزمرات المعتزلة، تلبيساً وتمويهاً عاضدتهم عليه، حتى آل الأمر بهم إلى أن جحدوا أمر النصوص عليهم، من جهة لايقطع بمثلها العذر، حتى أفرط بعضهم وزعم أن ليس لها من الصحابة أثر.... فلما رأيت ذلك كذلك، ألزمت نفسي الإستقصاء في هذا الباب موضحاً ماعندي من البينات، ومبطلاً ما أورده المخالفون من الشبهات، تحرياً لمرضاة الله، وتقرباً إلى رسوله والأئمة من بعده.

وأبتدي ء بذكر الروايات في النصوص عليهم من جهة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله المعروفين مثل عبدالله بن العباس، وعبدالله بن مسعود، وأبي سعيد الخدري، وأبي ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، وجابر بن سمرة، وجابر بن عبدالله، وأنس بن مالك، وأبي هريرة، وعمر بن الخطاب، وزيد بن ثابت، وزيد بن أرقم، وأبي أمامة، وواثلة بن الأسقع، وأبي أيوب الأنصاري، وعمار بن ياسر، وحذيفة بن أسيد، وعمران بن الحصين، وسعد بن مالك، وحذيفة بن اليمان، وأبي قتادة الأنصاري، وعلي بن أبي طالب، وابنيه الحسن والحسين عليهم السلام.

ومن النساء: أم سلمة، وعائشة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله. ثم أعقبه بذكر الأخبار التي وردت عن الأئمة صلوات الله عليهم، مما يوافق حديث الصحابة، في النصوص على الأئمة، ونص كل واحد منهم على الذي من بعده، ليعلموا إن أنصفوا ويدينوا به، ولا يكونوا كما قال الله سبحانه "فما اختلفوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم" إذ مثل هذه الأخبار تزيل الشك والريب، ويقطع بها العذر، وإن الأمر أوكد مما ذهبوا إليه. انتهى.

ثم عقد قدس الله نفسه باباً لما روي عن كل واحد من الصحابة الذين ذكرهم، وأورد فيه حديثه أو أحاديثه، بسند متصل منه إليه، إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، فحفظ بذلك عدداً من النصوص التي ضاعت في مصادر إخواننا السنيين، أو تشتتت في مصنفاتهم، أو بقي منها أجزاء مجزأة، وأحياناً بقي الحديث بكامله!

ونورد فيما يلي نماذج من كتاب كفاية الأثر: قال في ص23 في باب ما جاء عن عبدالله بن مسعود:

أخبرنا أبوالمفضل محمد بن عبدالله الشيباني رحمه الله، قال: حدثنا أبوعلي محمد بن زهير بن الفضل الأبلي، قال: حدثنا أبوالحسين عمر بن الحسين بن علي بن رستم، قال: حدثني إبراهيم بن يسار الرمادي قال: حدثني سفيان بن عتبة، عن عطا بن السائب، عن أبيه، عن عبدالله بن مسعود، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الأئمة بعدي اثنا عشر، تسعة من صلب الحسين، والتاسع مهديهم.

وقال في ص73 في باب ما جاء عن أنس بن مالك:

حدثنا أبوعبدالله أحمد بن محمد بن عياش الجوهري، قال: حدثنا محمد بن أحمد الصفواني، قال: حدثنا محمد بن الحسين، قال: حدثنا عبدالله بن مسلمة، قال: حدثنا محمد بن عبدالله الحمصي، قال: حدثنا بن حماد، عن أنس بن مالك قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: معاشر أصحابي، من أحب أهل بيتي حشر معنا، ومن استمسك بأوصيائي من بعدي فقد استمسك بالعروة الوثقى. فقام إليه أبوذر الغفاري فقال: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟

قال: عدد نقباء بني إسرائيل.

فقال: كلهم من أهل بيتك؟

قال: كلهم من أهل بيتي، تسعة من صلب الحسين، والمهدي منهم.

وقال في ص113 في باب ما جاء عن أبي أيوب الأنصاري، خالد بن زيد:

أخبرنا أبوالمفضل الشيباني، قال: حدثني حيدر بن محمد بن نعيم السمرقندي، قال: حدثنا محمد بن مسعود، عن يوسف بن السخت، عن سفيان الثوري، عن موسى بن عبيدة، عن إياس بن مسلمة بن الأكوع، عن أبي أيوب الأنصاري قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أنا سيد الأنبياء، وعلي سيد الأوصياء، وسبطاي خير الأسباط ومنا الأئمة المعصومون من صلب الحسين، ومنا مهدي هذه الأمة. فقام إليه أعرابي فقال: يا رسول الله كم الأئمة بعدك؟

قال: عدد الأسباط، وحواريي عيسى، ونقباء بني إسرائيل.

وقال في ص120 في باب ما جاء عن عمار بن ياسر:

أخبرنا محمد بن عبدالله بن المطلب الشيباني، قال: حدثنا محمد بن الحسين بن حفص الخثعمي الكوفي قال: حدثنا عباد ابن يعقوب قال: حدثنا علي بن هاشم، عن محمد بن عبدالله، عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار، عن أبيه، عن جده عمار قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله في بعض غزواته، وقتل علي عليه السلام أصحاب الألوية وفرق جمعهم، وقتل عمرواً بن عبدالله الجمجمي، وقتل شيبة بن نافع، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: يا رسول الله صلى الله عليك إن عليا قد جاهد في الله حق جهاده. فقال: لأنه مني وأنا منه، وهو وارث علمي وقاضي ديني، ومنجز وعدي، والخليفة بعدي، ولولاه لم يعرف المؤمن المحض، حربه حربي وحربي حرب الله، وسلمه سلمي وسلمي سلم الله، ألا إنه أبوسبطي، والأئمة من صلبه، يخرج الله تعالى منه الأئمة الراشدين، ومنهم مهدي هذه الأمة. فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا المهدي؟

قال: يا عمار إن الله تبارك وتعالى عهد إلي أنه يخرج من صلب الحسين تسعة، والتاسع من ولده يغيب عنهم، وذلك قوله عزوجل: قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غوراً فمن يأتيكم بماء معين، يكون له غيبة طويلة يرجع عنها قوم، ويثبت عليها آخرون، فإذا كان في آخر الزمان يخرج فيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً، ويقاتل على التأويل كما قاتلت على التنزيل، وهو سميي، وأشبه الناس بي.

يا عمار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذلك فاتبع علياً وحزبه، فإنه مع الحق والحق معه.

يا عمار إنك ستقاتل بعدي مع علي صنفين: الناكثين والقاسطين، ثم تقتلك الفئة الباغية.

قلت: يا رسول الله، أليس ذلك على رضا الله ورضاك؟

قال: نعم على رضا الله ورضاي، ويكون آخر زادك من الدنيا شربة من لبن تشربه.فلما كان يوم صفين خرج عمار بن ياسر إلى أميرالمؤمنين عليه السلام فقال له: يا أخا رسول الله، أتاذن لي في القتال؟

قال: مهلاً رحمك الله، فلما كان بعد ساعة أعاد عليه الكلام فأجابه بمثله فأعاد عليه ثالثاً، فبكى أميرالمؤمنين وقال: إنه اليوم الذي وصفه لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فنزل أميرالمؤمنين عليه السلام عن بغلته وعانق عماراً وودعه، ثم قال: يا أبااليقظان جزاك الله عن نبيك خيراً، فنعم الأخ كنت، ونعم الصاحب كنت. ثم بكى عليه السلام وبكى عمار.

ثم قال: والله يا أميرالمؤمنين ما تبعتك إلا ببصيرة، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول يوم خيبر: يا عمار ستكون بعدي فتنة، فإذا كان ذاك فاتبع علياً وحزبه، فإنه مع الحق والحق معه، وستقاتل الناكثين والقاسطين، فجزاك الله يا أميرالمؤمنين عن الإسلام أفضل الجزاء، فلقد أديت وأبلغت ونصحت.

ثم ركب وركب أميرالمؤمنين عليه السلام ثم برز إلى القتال، ثم دعا بشربة من ماء، فقيل له: ما معنا ماء، فقام إليه رجل من الأنصار فأسقاه شربة من لبن، فشربه ثم قال: هكذا عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله أن يكون آخر زادي من الدنيا شربة من لبن. ثم حمل على القوم فقتل ثمانية عشر نفساً، فخرج إليه رجلان من أهل الشام فطعناه وقتل رحمه الله. فلما كان في الليل طاف أميرالمؤمنين عليه السلام في القتلى، فوجد عماراً ملقى بين القتلى، فجعل رأسه على فخذه ثم بكى عليه السلام وأنشأ يقول:

ألا أيها الموت الذي لست تاركي++

أرحني فقد أفنيت كل خليل

أراك بصيراً بالذين أحبهم++

كأنك تمضي نحوهم بدليل

وقال في ص180 في باب ما جاء عن أم سلمة:

حدثنا علي بن الحسن بن محمد بن مندة، قال: حدثنا أبوالحسين زيد بن جعفر بن محمد بن الحسين الخزاز بالكوفة في سنة سبع وسبعين وثلثمائة، قال حدثنا العباس بن العباس الجوهري ببغداد في دار عميرة، قال: حدثني عفان بن مسلم قال: حدثني حماد بن سلمة، عن الكلبي، عن أبي صالح، عن سداد بن أوس قال: لما كان يوم الجمل قلت: لاأكون مع علي ولا أكون عليه، وتوقفت عن القتال إلى انتصاف النهار، فلما كان قرب الليل ألقى الله في قلبي أن أقاتل مع علي، فقاتلت معه حتى كان من أمره ما كان، ثم إني أتيت المدينة فدخلت على أم سلمة، قالت: من أين أقبلت؟ قلت: من البصرة. قالت: مع أي الفريقين كنت؟ قلت: يا أم المؤمنين إني توقفت عن القتال إلى انتصاف النهار، وألقى الله عزوجل في قلبي أن أقاتل مع علي.

قالت: نعم ما عملت، لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من حارب علياً فقد حاربني، ومن حاربني فقد حارب الله.

قلت: فترين أن الحق مع علي؟

قالت: إي والله، علي مع الحق والحق معه، والله ما أنصف أمة محمد نبيهم، إذ قدموا من أخره الله عزوجل ورسوله، وأخروا من قدمه الله تعالى ورسوله! وأنهم صانوا حلائلهم في بيوتهم، وأبرزوا حليلة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الفناء! والله سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لأمتي فرقة وجعلة، فجامعوها إذا اجتمعت، وإذا افترقت فكونوا من النمط الأوسط، ثم ارقبوا أهل بيتي فإن حاربوا فحاربوا، وإن سالموا فسالموا، وإن زالوا فزالوا معهم، فإن الحق معهم حيث كانوا.

قلت: فمن أهل بيته؟

قالت: أهل بيته الذين أمرنا بالتمسك بهم.

قالت: هم الأئمة بعده كما قال: عدد نقباء بني إسرائيل: علي وسبطاه، وتسعة من صلب الحسين هم أهل بيته، هم المطهرون، والأئمة المعصومون.

قلت: إنا لله! هلك الناس إذاً؟! قالت: كل حزب بما لديهم فرحون. انتهى.

/ 47