تفسیر آیات الغدیر الثلاث نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تفسیر آیات الغدیر الثلاث - نسخه متنی

علی الکورانی العاملی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الآيه رد على زعمهم أن النبي قد سحر


فقد استدل عددٌ من علماء الفريقين بالآية على كذب الروايات التي تزعم أن يهودياً قد سحر النبي صلى الله عليه وآله فأخذ مشطه صلى الله عليه وآله وبعض شعره، وجعل فيه سحراً ودفنه في بئر.. وزعموا أن ذلك السحر أثَّر في النبي صلى الله عليه وآله فصار يتخيل أنه فعل الأمر ولم يفعله! وأنه بقي مدة على تلك الحالة رجلاً مسحوراً! حتى دله رجل أو ملك أو جبرئيل، على الذي سحره وعلى البئر التي أودع المشط والمشاطة، فذهب النبي صلى الله عليه وآله إلى البئر، ولكنه لم يستخرج المشط منها، لأنه كان شفي من السحر، أولأنه لم يرد أن يثير فتنة، فأمر بدفن البئر!!

فقد روى البخاري هذه التهمة وهذه القصة الخرافية عن عائشة في خمس مواضع من صحيحه، فقال في:91:4 عن عائشة قالت: سُحِرَ النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الليث كتب إلى هشام أنه سمعه ووعاه عن أبيه عن عائشة قالت سحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يخيل إليه أنه يفعل الشي ء وما يفعله، حتى كان ذات يوم دعا ودعا، ثم قال: أشعرت أن الله أفتاني فيما فيه شفائي؟ أتاني رجلان فقعد أحدهما عند رأسي، والآخر عند رجلي. فقال أحدهما للآخر: ما وجع الرجل؟

قال: مطبوب!

قال: ومن طَبَّهُ؟

قال: لبيد بن الأعصم؟

قال: في ماذا؟

قال: في مشط ومشاقة وجف طلعة ذكر!

قال: فأين هو؟

قال: في بئر ذروان!

فخرج إليها النبي صلى الله عليه وسلم، ثم رجع فقال لعائشة حين رجع: نخلها كأنها رؤوس الشياطين! فقلت: استخرجته؟ فقال: لا، أما أنا فقد شفاني الله، وخشيت أن يثير ذلك على الناس شراً، ثم دفنت البئر!! انتهى. ورواه في:68:4 و28:7 29 و164 ورواه مسلم في:14:7 وغيره.. وغيره.

وقد رد هذه التهمة علماء الشيعة قاطبةً، وتجرأ قليل من العلماء السنيين على ردها! ومما استدلوا به آية "والله يعصمك من الناس".

قال الطوسي في تفسير التبيان:384:1 :

ما روي من أن النبي صلى الله عليه وآله سحر وكان يرى أنه يفعل ما لم يفعله! فأخبار آحادٍ لايلتفت إليها، وحاشا النبي صلى الله عليه وآله من كل صفة نقصٍ، إذ تنفر من قبول قوله، لأنه حجة الله على خلقه، وصفيه من عباده، واختاره الله على علم منه، فكيف يجوِّز ذلك مع ما جنبه الله من الفظاظة والغلظة وغير ذلك من الأخلاق الدنيئة والخلق المشينة، ولا يجوز ذلك على الأنبياء إلا من لم يعرف مقدارهم، ولا يعرفهم حقيقة معرفتهم. وقد قال الله تعالى: والله يعصمك من الناس، وقد أكذب الله من قال: إن يتبعون إلا رجلاً مسحوراً، فقال: وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحوراً. فنعوذ بالله من الخذلان.

وقال ابن إدريس العجلي في السرائر:534:3 :

والرسول عليه السلام ماسُحِر عندنا بلاخلاف لقوله تعالى: والله يعصمك من الناس. وعند بعض المخالفين أنه سُحر، وذلك بخلاف التنزيل المجيد!

وقال المجلسي في بحارالأنوار:60:38 :

ومنها سورة الفلق، فقد اتفق جمهور المسلمين على أنها نزلت فيما كان من سحر لبيد بن أعصم اليهودي لرسول الله صلى الله عليه وآله حتى مرض ثلاث ليال. ومنها ما روي أن جارية سحرت عائشة، وأنه سحر ابن عمر حتى تكوعت يده!

فإن قيل: لو صح السحر لأضرت السحرة بجميع الأنبياء والصالحين، ولحصَّلوا لأنفسهم الملك العظيم، وكيف يصح أن يسحر النبي صلى الله عليه وآله وقد قال الله: والله يعصمك من الناس، ولا يفلح الساحر حيث أتى! وكانت الكفرة يعيبون النبي صلى الله عليه وآله بأنه مسحور، مع القطع بأنهم كاذبون. انتهى.

وممن رد هذه التهمة من السنيين: النووي في المجموع:243:19 قال:

قلت: وأكتفي بهذا القدر من أحاديث سحر الرسول صلى الله عليه وآله.. تنبيه: قال الشهاب بعد نقل في التأويلات: عن أبي بكر الأصم أنه قال: إن حديث سحره صلى الله عليه وسلم المروي هنا متروكٌ لما يلزمه من صدق قول الكفرة أنه مسحور، وهو مخالف لنص القرآن حيث أكذبهم الله فيه.

ونقل الرازي عن القاضي أنه قال: هذه الرواية باطلةٌ، وكيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول: والله يعصمك من الناس، وقال: ولا يفلح الساحر حيث أتى؟! ولأن تجويزه يفضي إلى القدح في النبوة، ولأنه لو صح ذلك لكان من الواجب أن يصلوا إلى ضرر جميع الأنبياء والصالحين. انتهى.

كما ردها الرازي في تفسيره: مجلد16 جزء187:32 قال: قول جمهور المسلمين أن لبيد بن أعصم اليهودي سحر النبي صلى الله عليه وآله في إحدى عشرة عقدة.. فاعلم أن المعتزلة أنكروا ذلك بأسرهم. وكيف يمكن القول بصحتها والله تعالى يقول: والله يعصمك من الناس... قال الأصحاب: هذه القصة قد صحت عند جمهور أهل النقل.. إلخ. انتهى.

ولكن هؤلاء قلة من علماء السنة، فأكثرهم يقبلون أحاديث سحر نبيهم!

وأصل المشكلة عندهم أنهم يقبلون كلام عائشة وكلام البخاري مهما كان، ولا يسمحون لأنفسهم ولا لأحدٍ أن يبحثه وينقده.. وقد أوقعهم هذا المنهج في مشكلات عقائدية عديدة، في التوحيد والنبوة والشفاعة.. ومنها أحاديث بدء الوحي وورقة بن نوفل، وحديث الغرانيق الذي أخذه المرتد سلمان رشدي وحرفه وسماه الآيات الشيطانية.. ومنها أحاديث أن اليهود سحروا النبي صلى الله عليه وآله! وبطل روايتها البخاري عن عائشة!

وقد تحيروا فيها كما رأيت، ولم يجرؤ أحد منهم على القول إنها من المكذوبات على عائشة، أو من خيالات النساء..

والرد الصحيح أن تهمة السحر تتنافى مع أصل النبوة، وأنها تهمة الكفار التي برأ الله نبيه صلى الله عليه وآله، منها بنص القرآن، كما تقدم.

أما ردها بآية العصمة فهو ضعيف، لأنه قد يجاب عنه بأن آية العصمة نزلت في آخر عمره صلى الله عليه وآله، وقصة السحر المزعومة كانت قبلها.

وأما على تفسيرنا للآية، أن عصمته صلى الله عليه وآله من تأثير السحر عليه عقلي ونقلي بنص القرآن.. وأما العصمة في الآية فالقدر المتيقن منها عصمته صلى الله عليه وآله من ارتداد قريش والمسلمين في حياته، بسبب تبليغه ولاية عترته من بعده.. فيقتصر فيها على هذا القدر المتيقن، ما لم يقم دليل على شمولها لغيره.

كما يؤكد المفسرون والشراح السنيون عدة مسائل تتعلق بالعصمة من الناس، تحيروا فيها.. منها أن النبي صلى الله عليه وآله قد تمنى القتل في سبيل الله تعالى، مع أن الآية تدل على عصمته من القتل، فهل يجوز أن يتمنى النبي شيئاً وهو يعلم أنه لايكون؟! قال ابن حجر في فتح الباري:2644:8 عن أبي هريرة قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول.. والذي نفسي بيده لوددت أن أقتل في سبيل الله...استشكل بعض الشراح صدور هذا التمني من النبي صلى الله عليه وسلم مع علمه بأنه لايقتل، وأجاب ابن التين بأن ذلك لعله كان قبل نزول قوله تعالى: والله يعصمك من الناس، وهو متعقب فإن نزولها كان في أوائل ما قدم المدينة، وهذا الحديث صرح أبوهريرة بأنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قدم أبوهريرة في أوائل سنة سبع من الهجرة.

والذي يظهر في الجواب: أن تمني الفضل والخير لايستلزم الوقوع، فقد قال صلى الله عليه وسلم: وددت لو أن موسى صبر، كما سيأتي في مكانه، وسيأتي في كتاب التمني نظائر لذلك، وكأنه صلى الله عليه وسلم أراد المبالغة في بيان فضل الجهاد وتحريض المسلمين عليه، قال ابن التين: وهذا أشبه.

وحكى شيخنا ابن الملقن أن بعض الناس زعم أن قوله "ولوددت" مدرج من كلام أبي هريرة، قال: وهو بعيد. ونحوه في عمدة القاري: مجلد7 جزء.95:14 هذا بعض ما تجشموه وسودوا به صحفاً تفريعاً على تحريفهم لمعنى العصمة المقصودة في الآية.. ونحن نقول: لو ثبت عنه صلى الله عليه وآله أنه تمنى الشهادة.. لكان ذلك تمنياً حقيقياً، لأنه لاعصمة له من القتل ولا الجرح كما زعموا.. وآية التبليغ إنما تضمن عدم ردة الناس في حياته صلى الله عليه وآله، ولا ربط لها بضمان عدم القتل والجرح والأذى. بل إن قوله تعالى: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل.. الآية، يدل على أنه صلى الله عليه وآله لم يمت موتاً طبيعياً لأن الله تعالى أبهم نوع وفاة نبيه وأنها تكون بالموت أو القتل ولا وجه لترديده الأمر بينهما، إلا علمه تعالى بأن وفاة رسوله ستكون قتلاً، أو أمراً بين الموت والقتل!

خاتمه


وفي الختام.. فقد أكثر المفسرون والشراح السنييون من التخرص في تفسير العصمة في الآية، وتحيروا فيما يتنافى معها وما لايتنافى، وتجشموا التأويلات وأكثروا من الظنون والاحتمالات..

كل ذلك بسبب إصرارهم على أن لآية تعني عصمته صلى الله عليه وآله من القتل والسم والجرح! ومن ذلك تصورهم أن الآية تعارض الرواية القائلة إن موته صلى الله عليه وآله استند إلى اللقمة التي أكلها من الشاة المسمومة التي قدمتها إليه اليهودية، ثم أتاه جبريل عليه السلام فأخبره فامتنع عن الأكل، فانتقض عليه سم تلك اللقمة بعد سنة فتوفي بسببه.. قال في هامش الشفا317:1 :

فإن قيل: ما الجمع بين قوله تعالى "والله يعصمك من الناس" وبين هذا الحديث المقتضي لعدم العصمة، لأن موته عليه السلام بالسم الصادر من اليهودية؟

والجواب: أن الآية نزلت عام تبوك، والسم كان بخيبر قبل ذلك.

مع أن العصمة في الآية عصمته عن ارتداد قريش، وتسبيبها ارتداد الأمة!

/ 47