کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) - جلد 5

سید محمد باقر موسوی؛ مصحح: محمدحسین رحیمیان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

إنّ الملائكة صوّروا صورة النعش لفاطمة


3460/ 1- حدّثنا عليّ بن أحمد، قال: حدّثنا أبوالعبّاس أحمد بن محمّد بن يحيى، عن عمرو بن أبي المقدام؛ و زياد بن عبداللَّه قالا:

أتى رجل أباعبداللَّه عليه السلام فقال له: رحمك اللَّه! هل تشيّع الجنازة بنار، و يمشي معها بمجمرة و قنديل، أو غير ذلك ممّا يضاء به؟

قال: فتغيّر لون أبي عبداللَّه عليه السلام من ذلك، و استوى جالساً، ثمّ قال:

إنّه جاء شقيّ من الأشقياء إلى فاطمة عليهاالسلام بنت محمّد صلى اللَّه عليه و آله، فقال لها: أما علمت أنّ عليّاً عليه السلام قد خطب بنت أبي جهل؟!

فقالت: حقّاً ما تقول؟

فقال: حقّاً ما أقول- ثلاث مرّات-.

فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها، و ذلك أنّ اللَّه تبارك و تعالى كتب على النساء غيرة، و كتب على الرجال جهاداً، و جعل للمحتسبة الصابرة منهنّ من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل اللَّه.

قال: فاشتدّ غمّ فاطمة عليهاالسلام من ذلك، و بقيت متفكّرة هي حتّى أمست و جاء الليل حملت الحسن عليه السلام على عاتقها الأيمن، والحسين عليه السلام على عاتقها الأيسر، و أخذت بيد اُمّ كلثوم اليسرى بيدها اليمنى، ثمّ تحوّلت إلى حجرة أبيها.

فجاء عليّ عليه السلام فدخل في حجرته فلم ير فاطمة عليهاالسلام، فاشتدّ لذلك غمّه، و عظم عليه، و لم يعلم القصّة ما هي؟ فاستحيى أن يدعوها من منزل أبيها.

فخرج إلى المسجد، فصلّى فيه ماشاءاللَّه، ثمّ جمع شيئاً من كثيب المسجد، و اتّكأ عليه.

فلمّا رآى النبيّ صلى اللَّه عليه و آله ما بفاطمة عليهاالسلام من الحزن أفاض عليه الماء، ثمّ لبس ثوبه، و دخل المسجد، فلم يزل يصلّي بين راكع و ساجد، و كلّما صلّى ركعتين دعا اللَّه أن يذهب ما بفاطمة عليهاالسلام من الحزن والغمّ.

و ذلك أنّه خرج من عندها و هي تتقلّب و تتنفّس الصعداء.

فلمّا رآها النبيّ صلى اللَّه عليه و آله أنّها لا يهنّئها النوم، و ليس لها قرار، قال لها: قومي يا بنيّة!

فقامت، فحمل النبيّ صلى اللَّه عليه و آله الحسن عليه السلام، و حملت فاطمة عليهاالسلام الحسين عليه السلام، و أخذت بيد اُمّ كلثوم عليهاالسلام، فانتهى إلى عليّ عليه السلام، و هو نائم.

فوضع النبيّ صلى اللَّه عليه و آله رجله على رجل عليّ عليه السلام، فغمزه، و قال: قم يا أباتراب! فكم ساكن أزعجته، ادع لي أبابكر من داره، و عمر من مجلسه، و طلحة.

فخرج عليّ عليه السلام فاستخرجهما من منزلهما، و اجتمعوا عند رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، فقال رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله:

يا عليّ! أما علمت أنّ فاطمة بضعة منّي، و أنا منها، فمن آذاها فقد آذاني (و من آذاني فقد آذى اللَّه)، و من آذاها بعد موتي كمن آذاها في حياتي، و من آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي؟

قال: فقال عليّ عليه السلام: بلى يا رسول اللَّه!

قال: فقال: فما دعاك إلى ما صنعت؟

فقال عليّ عليه السلام: والّذي بعثك بالحقّ نبيّاً؛ ما كان منّي ممّا بلغها شي ء، و لا حدّثت بها نفسي.

فقال النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: صدقت، و صدقت.

ففرحت فاطمة عليهاالسلام بذلك، و تبسّمت حتّى رئي ثغرها.

فقال أحدهما لصاحبه: إنّه لعجب لحينه ما دعاه إلى ما دعانا هذه الساعة.

قال: ثمّ أخذ النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بيد عليّ عليه السلام، فشبّك أصابعه بأصابعه، فحمل

النبي صلى اللَّه عليه و آله، الحسن عليه السلام، و حمل الحسين عليه السلام عليّ عليه السلام، و حملت فاطمة عليهاالسلام اُمّ كلثوم عليهاالسلام، و أدخلهم النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بيتهم، و وضع عليهم قطيفة و استودعهم اللَّه.

ثمّ خرج و صلّى بقيّة الليل.

فلمّا مرضت فاطمة عليهاالسلام مرضها الّذي ماتت فيه أتياها عائدين، و استأذنا عليها، فأبت أن تأذن لهما.

فلمّا رآى ذلك أبوبكر أعطى اللَّه عهداً لا يظلّه سقف بيت حتّى يدخل على فاطمة عليهاالسلام و يتراضاها، فبات ليلة في الصقيع ما أظلّه شي ء!!!

ثمّ إنّ عمر أتى عليّاً عليه السلام، فقال له: إنّ أبابكر شيخ رقيق القلب، و قد كان مع رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله في الغار، فله صحبة، و قد أتيناها غير هذه المرّة مراراً نريد الإذن عليها، و هي تأبى أن تأذن لنا حتّى ندخل عليها، فنتراضى، فإن رأيت أن تستأذن لنا عليها فافعل.

قال: نعم؛ فدخل عليّ عليه السلام على فاطمة عليهاالسلام، فقال: يا بنت رسول اللَّه! قد كان من هذين الرجلين ما قد رأيت، و قد تردّدا مراراً كثيرة و رددتهما، و لم تأذني لهما، و قد سألاني أن أستأذن لهما عليك.

فقالت: واللَّه؛ لا آذن لهما، و لا اُكلّمهما كلمة من رأسي حتّى ألقى أبي صلى اللَّه عليه و آله فأشكوهما إليه بما صنعاه و ارتكباه منّي.

قال عليّ عليه السلام: فإنّي ضمنت لهما ذلك.

قالت: إن كنت قد ضمنت لهما شيئاً، فالبيت بيتك، والنساء تتبع الرجال، لا اُخالف عليك بشي ء، فائذن لمن أحببت.

فخرج عليّ عليه السلام، فأذن لهما، فلمّا وقع بصرهما على فاطمة عليهاالسلام سلّما عليها.

فلم تردّ عليهما، و حوّلت وجهها عنهما، فتحوّلا و استقبلا وجهها حتّى فعلت مراراً.

و قالت: يا عليّ! جاف الثوب.

و قالت لنسوة حولها: حوّلن وجهي.

فلمّا حوّلن وجهها حوّلا إليها.

فقال أبوبكر: يا بنت رسول اللَّه! إنّما أتيناك ابتغاء مرضاتك، و اجتناب سخطك، نسألك أن تغفري لنا، و تصفحي عمّا كان منّا إليك!!

قالت: لا اُكلّمكما من رأسي كلمة واحدة حتّى ألقى أبي صلى اللَّه عليه و آله و أشكوكما إليه، و أشكو صنعكما و فعالكما، و ما ارتكبتما منّي.

قالا: إنّا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك، فاغفري واصفحي عنّا، و لا تؤاخذينا بما كان منّا.

فالتفتت إلى عليّ عليه السلام، و قالت: إنّي لا اُكلّمهما من رأسي كلمة حتّى أسألهما عن شي ء سمعاه من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، فإن صدّقاني رأيت رأيي.

قالا: نعم: اللهمّ ذلك لها، و إنّا لا نقول إلّا حقّاً، و لا نشهد إلّا صدقاً!!

فقالت: اُنشدكما باللَّه؛ أتذكران أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله استخرجكما في جوف الليل بشي ء كان حدث من أمر عليّ عليه السلام؟

فقالا: اللهمّ نعم.

فقالت: اُنشدكما باللَّه؛ هل سمعتما النبيّ صلى اللَّه عليه و آله يقول:

«فاطمة بضعة منّي و أنا منها، من آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى اللَّه، و من آذاها بعد موتي، فكان كمن آذاها في حياتي، و من آذاها في حياتي، كان كمن آذاها بعد موتي»؟

قالا: اللهمّ نعم.

فقالت: الحمد للَّه.

ثمّ قالت: اللهمّ إنّي اُشهدك فاشهدوا يا من حضرني! أنّهما قد آذياني في حياتي و عند موتي، واللَّه؛ لا اُكلّمكما من رأسي كلمة حتّى ألقى ربّي، فأشكوكما

إليه بما صنعتما (به و) بي و ارتكبتما منّي.

فدعا أبوبكر بالويل والثبور، و قال: ليت اُمّي لم تلدني.

فقال عمر: عجباً للناس، كيف ولّوك اُمورهم و أنت شيخ قد خرفت تجزع لغضب امرأة، و تفرح برضاها؟! و ما لمن أغضب امرأة؟ و قاما و خرجا.

قال: فلمّا نعي إلى فاطمة عليهاالسلام نفسها أرسلت إلى اُمّ أيمن- و كانت أوثق نسائها عندها و في نفسها- فقالت: يا اُمّ أيمن! إنّ نفسي نعيت إليّ، فادعي لي عليّاً عليه السلام.

فدعته لها، فلمّا دخل عليها، قالت له: يابن العمّ! اُريد أن اُوصيك بأشياء فاحفظها عليّ.

فقال لها: قولي ما أحببت.

قالت له: تتزوّج فلانة تكون مربّية لولدي من بعدي مثلي، و اعمل نعشاً رأيت الملائكة قد صوّرته لي.

فقال لها عليّ عليه السلام: أريني كيف صورته.

فأرته ذلك كما وصفت له، و كما أمرت به.

ثمّ قالت: فإذا أنا قضيت نحبي فاخرجني من ساعتك أيّ ساعة كانت من ليل أو نهار و لا يحضرنّ من أعداء اللَّه و أعداء رسوله للصلاة عَلَيّ.

قال عليّ عليه السلام: أفعل.

فلمّا قضت نحبها صلّى اللَّه عليها و هم في ذلك في جوف الليل أخذ عليّ عليه السلام في جهازها من ساعته، كما أوصته.

فلمّا فرغ من جهازها أخرج عليّ عليه السلام الجنازة و أشعل النار في جريد النخل، و مشى مع الجنازة بالنار حتّى صلّى عليها، و دفنها ليلاً.

فلمّا أصبح أبوبكر و عمر عاودا عائدين لفاطمة عليهاالسلام، فلقيا رجلاً من قريش، فقالا له: من أين أقبلت؟

قال: عزّيت عليّاً عليه السلام بفاطمة عليهاالسلام.

قالا: و قد ماتت؟

قال: نعم؛ و دفنت في جوف الليل.

فجزعا جزعاً شديداً، ثمّ أقبلا إلى عليّ عليه السلام، فلقياه، فقالا له: واللَّه؛ ما تركت شيئاً من غوائلنا و مسائتنا، و ما هذا إلّا من شي ء في صدرك علينا، هل هذا إلّا كما غسّلت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله دوننا، و لم تدخلنا معك؟ و كما علّمت ابنك أن يصيح بأبي بكر أن: أنزل عن منبر أبي؟

فقال لهما عليّ عليه السلام: أتصدّقاني إن حلفت لكما؟

قالا: نعم.

فحلف، فأدخلهما عليّ عليه السلام المسجد، قال: إنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله لقد أوصاني و قد تقدّم إليّ أنّه لا يطّلع على عورته أحد إلّا ابن عمّه، فكنت اُغسّله والملائكة تقلّبه، والفضل بن العبّاس يناولني الماء، و هو مربوط العينين بالخرقة.

و لقد أردت أن أنزع القميص، فصاح بي صائح من البيت سمعت الصوت و لم أر الصورة: لا تنزع قميص رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، و لقد سمعت الصوت يكرّره عَلَيّ، فأدخلت يدي من بين القميص، فغسّلته، ثمّ قدّم إليّ الكفن، فكفّنته، ثمّ نزعت القميص بعد ما كفّنته.

و أمّا الحسن ابني؛ فقد تعلمان و يعلم أهل المدينة أنّه يتخطّى الصفوف حتّى يأتي النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و هو ساجد، فيركب ظهره، فيقوم النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و يده على ظهر الحسن عليه السلام والاُخرى على ركبته حتّى يتمّ الصّلاة.

قالا: نعم قد علمنا ذلك.

ثمّ قال عليه السلام: تعلمان و يعلم أهل المدينة أنّ الحسن عليه السلام كان يسعى إلى النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و يركب على رقبته و يدلي الحسن عليه السلام رجليه على صدر النبيّ صلى اللَّه عليه و آله حتّى يرى بريق خلخاليه من أقصى المسجد، والنبيّ صلى اللَّه عليه و آله يخطب و لا يزال على رقبته

حتّى يفرغ النبيّ صلى اللَّه عليه و آله من خطبته، والحسن عليه السلام على رقبته.

فلمّا رآى الصبيّ على منبر أبيه غيره شقّ عليه ذلك، واللَّه؛ ما أمرته بذلك و لا فعله عن أمري.

و أمّا فاطمة عليهاالسلام؛ فهي المرأة الّتي استأذنت لكما عليها، فقد رأيتما ما كان من كلامها لكما، واللَّه؛ لقد أوصتني أن لا تحضرا جنازتها، و لا الصلاة عليها، و ما كنت الّذي اُخالف أمرها و وصيّتها إليّ فيكما.

فقال عمر: دع عنك هذه الهمهمة، أنا أمضي إلى المقابر فأنبشها حتّى اُصلّي عليها!!

فقال له عليّ عليه السلام: واللَّه؛ لو ذهبت تروم من ذلك شيئاً، و علمت أنّك لا تصل إلى ذلك حتّى يندر عنك الّذي فيه عيناك، فإنّي كنت لا اُعاملك إلّا بالسيف قبل أن تصل إلى شي ء من ذلك.

فوقع بين عليّ عليه السلام و عمر كلام حتّى تلاحيا و استبسل، و اجتمع المهاجرون والأنصار، فقالوا: واللَّه؛ ما نرضى بهذا أن يقال في ابن عمّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و أخيه و وصيّه، و كادت أن تقع فتنة، فتفرّقا.

[ البحار: 43/ 201- 206 ح 31، عن العلل، و ذكر في العوالم: 11/ 533 و 534 (قطعة منه).

3461/ 2- روي: أنّها عليهاالسلام ما زالت بعد أبيها معصّبة الرأس، ناحلة الجسم، منهدّة الركن، باكية العين، محترقة القلب، يغشى عليها ساعة بعد ساعة، و تقول لولديها:

أين أبوكما الّذي كان يكرمكما و يحملكما مرّة بعد مرّة؟

أين أبوكما الّذي كان أشدّ الناس شفقة عليكما، فلا يدعكما تمشيان على الأرض؟

و لا أراه يفتح هذا الباب أبداً، و لا يحملكما على عاتقه، كما لم يزل يفعل بكما.

ثمّ مرضت و مكثت أربعين ليلة، ثمّ دعت اُمّ أيمن و أسماء بنت عميس و عليّاً عليه السلام، و أوصت إلى عليّ عليه السلام بثلاث:

أن يتزوج بابنة (اُختها) أمامة، لحبّها أولادها.

و أن يتّخذ نعشاً، لأنّها كانت رأت الملائكة تصوّروا صورته، و وصفته له.

و أن لا يشهد أحد جنازتها ممّن ظلمها.

و أن لا يترك أن يصلّي عليها أحد منهم.

[ البحار: 43/ 181 ضمن ح 16، و رواه أيضاً في: 81/ 252 ح 11، عن العلل مختصراً.

3462/ 3- روضةالواعظين: مرضت فاطمة عليهاالسلام مرضاً شديداً، و مكثت أربعين ليلة في مرضها إلى أن توفّيت صلوات اللَّه عليها.

فلمّا نعيت إليها نفسها دعت اُمّ أيمن و أسماء بنت عميس، و وجّهت خلف عليّ عليه السلام و أحضرته.

فقالت: يابن عمّ! إنّه قد نعيت إليّ نفسي، و إنّي لا أرى ما بي إلّا أنّني لاحق بأبي صلى اللَّه عليه و آله ساعة بعد ساعة، و أنا اُوصيك بأشياء في قلبي.

قال لها عليّ عليه السلام: أوصني بما أحببت يا بنت رسول اللَّه!

فجلس عند رأسها و أخرج من كان في البيت، ثمّ قالت:

يابن عمّ! ما عهدتني كاذبة و لا خائنة، و لا خالفتك منذ عاشرتني.

فقال عليه السلام: معاذ اللَّه! أنت أعلم باللَّه، و أبرّ و أتقى و أكرم، و أشدّ خوفاً من اللَّه (من) أن اُوبّخك بمخالفتي، قد عزّ عَلَيّ مفارقتك و تفقّدك إلّا أنّه أمر لابدّ منه.

واللَّه؛ جدّدت عليّ مصيبة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، و قد عظمت وفاتك وفقدك، فإنّا للَّه و إنّا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها و آلمها و أمضّها و أحزنها هذه.

واللَّه؛ مصيبة لا عزاء لها، و رزيّة لا خلف لها.

ثمّ بكيا جميعاً ساعة، و أخذ عليّ عليه السلام رأسها و ضمّها إلى صدره، ثمّ قال:

أوصني بما شئت، فإنّك تجدني فيها أمضي كما أمرتني به، و اختار أمرك على أمري.

ثمّ قالت: جزاك اللَّه عنّي خير الجزاء يابن عمّ رسول اللَّه! اُوصيك؛

أوّلاً؛ أن تتزوّج بعدي بابنة (اُختي) أمامة، فإنّها تكون لولدي مثلي، فإنّ الرجال لابدّ لهم من النساء.

- قال: فمن أجل ذلك قال أميرالمؤمنين عليه السلام: أربع ليس لي إلى فراقه سبيل: بنت (أبي العاص) أمامة أوصتني بها فاطمة عليهاالسلام بنت محمّد صلى اللَّه عليه و آله-.

ثمّ قالت: اُوصيك يابن عمّ! أن تتّخذ لي نعشاً، فقد رأيت الملائكة صوّروا صورته.

فقال لها: صفيّه لي.

فوصفته فاتّخذه لها، فأوّل نعش عمل على وجه الأرض ذاك، و ما رآى أحد قبله و لا عمل أحد.

ثمّ قالت: اُوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الّذين ظلموني، و أخذوا حقّي، فإنّهم عدوّي و عدوّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، و لا تترك أن يصلّي عَلَيّ أحد منهم، و لا من أتباعهم، وادفنّي في الليل إذا هدأت العيون، و نامت الأبصار.

ثمّ توفّيت، صلوات اللَّه عليها و على أبيها و بعلها و بنيها.

فصاحت أهل المدينة صيحة واحدة، و اجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخوا صرخة واحدة كادت المدينة أن تتزعزع من صراخهنّ، و هنّ يقلن: يا سيّدتاه! يا بنت رسول اللَّه!

و أقبل الناس مثل عرف الفرس إلى عليّ عليه السلام، و هو جالس والحسن والحسين عليهماالسلام بين يديه يبكيان، فبكى الناس لبكائهما.

و خرجت اُمّ كلثوم عليهاالسلام، و عليها برقعة و تجرّ ذيلها متجلّلة برداء عليها تسبّحها، و هي تقول: يا أبتاه! يا رسول اللَّه! الآن حقّاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً.

و اجتمع الناس، فجلسوا و هم يضجّون و ينتظرون أن تخرج الجنازة، فيصلّون عليها.

و خرج أبوذرّ، و قال: انصرفوا، فإنّ ابنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله قد أخّر إخراجها في هذه العشيّة.

فقام الناس و انصرفوا.

فلمّا أن هدأت العيون، و مضى شطر من الليل أخرجها عليّ والحسن والحسين عليهم السلام و عمّار والمقداد و عقيل والزبير و أبوذر و سلمان و بريدة، و نفر من بني هاشم و خواصّه صلّوا عليها، و دفنوها في جوف الليل، و سوّى عليّ عليه السلام حواليها قبوراً مزوّرة مقدار سبعة حتّى لا يعرف قبرها.

و قال بعضهم من الخواصّ: قبرها سوّى مع الأرض مستوياً، فمسح مسحاً سواء مع الأرض حتّى لا يعرف موضعه.

[ البحار: 43/ 191- 193 ح 20.

/ 50