و إدخال قنفذ يده لعنه اللَّه يروم فتح الباب، و ضرب عمر لها بالسوط على عضدها حتّى صار كالدملج الأسود، و ركل الباب برجله حتّى أصاب بطنها، و هي حاملة بالمحسن عليه السلام لستّة أشهر، و إسقاطها إيّاه.
و هجوم عمر و قنفذ و خالد بن الوليد، و صفقة خدّها حتّى بدا قرطاها تحت خمارها، و هي تجهر بالبكاء، و تقول:
وا أبتاه! وا رسول اللَّه! ابنتك فاطمة تكذب و تضرب، و يقتل جنين في بطنها.
و خروج أميرالمؤمنين عليه السلام من داخل الدار محمّر العين حاسراً، حتّى ألقى ملاءته عليها و ضمّها إلى صدره... و صاح أميرالمؤمنين عليه السلام بفضّة:
يا فضّة! مولاتك؛ فاقبلي منها ما تقبله النساء، فقد جاءها المخاض من الرفسة وردّ الباب، فأسقطت محسناً عليه السلام.
فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: فإنّه لاحقٌ بجدّه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فيشكو إليه، الحديث. [ فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم: 528.
3399/ 62- و قال رحمه الله: فلمّا أخرجوه (عليٌّ عليه السلام) حالت فاطمة عليهاالسلام بين زوجها و بينهم عند باب البيت.
فضربها قنفذ بالسوط على عضدها، فصار بعضدها مثل الدملج من ضرب قنفذ إيّاها و دفعها، فكسر ضلعاً من جنبها، و ألقت جنيناً من بطنها... [ فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم: 529، عن مرآت العقول: 5/ 320.
كتاب طويل لعمر إلى معاوية فيما وقع عليها من الظلم
3400/ 63- قال العلّامة المجلسي رحمه الله في «البحار»: أجاز لي بعض الأفاضل في مكّة زاد اللَّه شرفها رواية هذا الخبر، و أخبرني أنّه أخرجه من الجزء الثاني من كتاب «دلائل الإمامة» و هذه صورته:
حدّثنا أبوالحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبريّ، قال: حدّثنا أبي رضى الله عنه قال: حدّثنا أبوعليّ محمّد بن همّام، قال: حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ الكوفيّ، قال: حدّثني عبدالرحمان بن سنان الصيرفي، عن جعفر بن عليّ الجواد، عن الحسن بن مسكان، عن المفضّل بن عمر الجعفيّ، عن جابر الجعفيّ، عن سعيد بن المسيّب، قال:
لمّا قتل الحسين بن عليّ صلوات اللَّه عليهما و ورد نعيه إلى المدينة، و ورد الأخبار بجزّ رأسه و حمله إلى يزيد بن معاوية، و قتل ثمانية عشر من أهل بيته، و ثلاث و خمسين رجلاً من شيعته، و قتل عليّ عليه السلام ابنه بين يديه و هو طفل بنشّابة، و سبي ذراريه، اُقيمت المأتم عند أزواج النبيّ صلى الله عليه و آله في منزل اُمّ سلمة رضي اللَّه عنها و في دور المهاجرين و الأنصار.
قال: فخرج عبداللَّه بن عمر بن الخطّاب صارخاً من داره، لاطماً وجهه، شاقّاً جيبه، يقول: يا معشر بني هاشم و قريش و المهاجرين و الأنصار! يستحلّ هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في أهله و ذريّته و أنتم أحياء ترزقون؟ لا قرار دون يزيد.
و خرج من المدينة تحت ليلة، لا يرد مدينة إلّا صرخ فيها واستنفر أهلها على يزيد- و أخباره يكتب بها إلى يزيد- فلم يمرّ بملأ من الناس إلّا لعنه.
و سمع كلامه، و قالوا: هذا عبداللَّه بن عمر خليفة رسول اللَّه!! و هو ينكر
فعل يزيد بأهل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و يستنفر الناس على يزيد، و إنّ من لم يجبه لا دين له و لا إسلام.
واضطرب الشام بمن فيه، و ورد دمشق و أتى باب اللعين يزيد في خلق من الناس يتلونه، فدخل اُذُن يزيد عليه، فأخبره بوروده، و يده على اُمّ رأسه و الناس يهرعون إليه قدّامه و وراءه.
فقال يزيد: فورة من فورات أبي محمّد، و عن قليل يفيق منها.
فأذن له وحده، فدخل صارخاً يقول: لا أدخل يا أميرالمؤمنين! و قد فعلت بأهل بيت محمّد صلى الله عليه و آله ما لو تمكّنت الترك و الروم ما استحلّوا ما استحللت، و لا فعلوا ما فعلت؛ قم عن هذا البساط حتّى يختار المسلمون من هو أحقّ به منك.
فرحّب به يزيد، و تطاول له و ضمّه إليه، و قال له: يا أبامحمّد! اسكن من فورتك، واعقل، وانظر بعينك، واسمع باُذنك، ما تقول في أبيك عمر بن الخطّاب؟
أكان هادياً مهديّاً خليفة رسول اللَّه و ناصره و مصاهره باُختك حفصة، والّذي قال: لا يعبد اللَّه سرّاً؟
فقال عبداللَّه: هو كما وصفت، فأيّ شي ء تقول فيه؟
قال: أبوك قلّد أبي أمر الشام أم أبي قلّد أباك خلافة رسول اللَّه؟
فقال: أبي قلّد أباك الشام.
قال: يا أبامحمّد! أفترضى به و بعهده إلى أبي أو ما ترضاه؟
قال: بل أرضى.
قال: أفترضى بأبيك؟
قال: نعم.
فضرب يزيد بيده على يد عبداللَّه بن عمر، و قال له: قم يا أبامحمّد! حتّى تقرأه.
فقام معه حتّى ورد خزانة من خزائنه، فدخلها، و دعا بصندوق، ففتحه و استخرج منه تابوتاً مقفّلاً مختوماً، فاستخرج منه طوماراً لطيفاً في خرقة حرير سوداء، فأخذ الطومار بيده و نشره.
ثمّ قال: يا أبامحمّد! هذا خطّ أبيك؟
قال: إي واللَّه.
فأخذه من يده فقبّله، فقال له: اقرأ.
فقرأه ابن عمر، فإذا فيه:
«بسم اللَّه الرحمن الرحيم، إنّ الّذي أكرهنا بالسيف على الإقرار به، فأقررنا والصدور و غرة، و الأنفس واجفة، و النيّات و البصائر شايكة ممّا كانت عليه من جحدنا ما دعانا إليه، و أطعناه فيه رفعاً لسيوفه عنّا، و تكاثره بالحيّ علينا من اليمن، و تعاضد من سمع به ممّن ترك دينه، و ما كان عليه آباؤه في قريش.
فبهُبَل اُقسم و الأصنام و الأوثان و اللات و العزّى ما جحدها عمر مذ عبدها، و لا عبد للكعبة ربّاً، و لا صدّق لمحمّد قولاً، و لا ألقى السلام إلّا للحيلة عليه و إيقاع البطش به، فإنّه قد أتانا بسحر عظيم، وزاد في سحره على سحر بني إسرائيل مع موسى و هارون و داود و سليمان و ابن اُمّه عيسى، و لقد أتانا بكلّ ما أتوا به من السحر، و زاد عليهم ما لو أنّهم شهدوه لأقرّوا له بأنّه سيّد السحرة.
فخذ يا ابن أبي سفيان! سنّة قومك، و اتّباع ملّتك، و الوفاء بما كان عليه سلفك، من جحد هذه البنية الّتي يقولون: إنّ لها ربّاً أمرهم بإتيانها و السعي حولها، و جعلها لهم قبلةً، فأقرّوا بالصلاة و الحجّ الّذي جعلوه ركناً، و زعموا أنّه للَّه اختلفوا، فكان ممّن أعان محمّداً منهم هذا الفارسيّ الطمطمانيّ روزبه.
و قالوا: إنّه اُوحي إليه: (إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنّاسِ لَلَّذي بِبَكّةَ مُبارَكاً وَ هُدىً لِلْعالمينَ) [ آل عمران: 96.
و قولهم: (قَدْ نَرى تَقُلّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ وَ حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) [ البقره: 144.
و جعلوا صلاتهم للحجارة، فما الّذي أنكره علينا- لولا سحره- من عبادتنا للأصنام و الأوثان و اللات و العزّى و هي من الحجارة و الخشب و النحاس و الفضّة و الذهب؟
لا و اللات و العزّى ما وجدنا سبباً للخروج عمّا عندنا و إن سحروا و موَّهوا.
فانظر بعين مبصرة، واسمع باُذن واعية، و تأمّل بقلبك و عقلك ما هم فيه، واشكر اللات و العزّى، واستخلاف السيّد الرشيد عتيق بن عبدالعزّى على اُمّة محمّد، و تحكّمه في أموالهم و دمائهم و شريعتهم و أنفسهم و حلالهم و حرامهم و جبايات الحقوق الّتي زعموا أنّهم يجيبونها (يجبونها- ظ) لربّهم ليقيموا بها أنصارهم و أعوانهم، فعاش شديداً رشيداً، يخضع جهراً، و يشتدُّ سرّاً، و لا يجد حيلة غير معاشرة القوم.
و لقد و ثبتُ و ثبةً على شهاب بني هاشم الثاقب، و قرنها الزاهر، و عَلَمها الناصر، و عدّتها و عددها المسمّى بحيدرة، المصاهر لمحمّد على المرأة الّتي جعلوها سيّدة نساءالعالمين، يسمّونها فاطمة، حتّى أتيت دار عليّ و فاطمة و ابنيهما الحسن والحسين و ابنتيهما زينب و اُمّ كلثوم، و الأمة المدعوّة بفضّة، و معي خالد بن وليد، و قنفذ مولى أبي بكر، و من صحب من خواصّنا.
فقرعت الباب عليهم قرعاً شديداً.
فأجابتني الأمة.
فقلت لها: قولي لعليّ: دع الأباطيل، و لا تلج نفسك إلى طمع الخلافة، فليس الأمر لك، الأمر لمن اختاره المسلمون و اجتمعوا عليه.
و ربّ اللات و العزّى؛ لو كان الأمر و الرأي لأبي بكر لفشل عن الوصول إلى ما وصل إليه من خلافة ابن أبي كبشة، لكني أبديت لها صفحتي، و أظهرت لها بصري، و قلت للحيين: نزار و قحطان، بعد أن قلت لهم: ليس الخلافة إلا في قريش، فأطيعوهم ما أطاعوا الله.
و إنما قلت ذلك لما سبق من ابن أبي طالب من وثوبه و استيثاره بالدماء التي سفكها في غزوات محمد، و قضاء ديونه، و هي ثمانون ألف درهم، و إنجاز عداته، و جمع القرآن، فقضاها على تليده و طارفه، و قول المهاجرين و الأنصار لما قلت: إن الإمامة في قريش.
قالوا: «هو الأصلع البطين أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب، الذي أخذ رسول الله البيعة له على أهل ملته، و سلمنا له بإمرة المؤمنين في أربعة مواطن.
فإن كنتم نسيتموها يا معشر قريش! فما نسيناها، و ليست البيعة و لا الإمامة و الخلافة و الوصية إلا حقا مفروضا وأمرا صحيحا، لا تبرعا و لا ادعاء».
فكذبناهم [ حديث غصب الخلافه و الاستبداد بها دون اهلها مما لا يشك فيه اللبيب، و قد روى البلاذرى، قال: لما قتل الحسين عليه السلام، كتب عبدالله بن عمر الى يزيد بن معاويه:
اما بعد؛ فقد عظمت الرزيه و جلت المصيبه و حدث فى الاسلام عظيم، و لا يوم كيوم قتل الحسين عليه السلام. فكتب اليه يزيد: اما بعد؛ يا احمق فانا جئنا الى بيوت مجدده و فرش ممهده و وسائد منضده، فقاتلنا عنها، فان يكن الحق لها، فعن حقنا قاتلنا، و ان كان الحق لغيرنا فابوك اول من سن هذا، و استاثر بالحق على اهله. (نهج الحق و كشف الصدق للعلامه رحمه الله: 356، ط بيروت) ( فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم: 557 و 558 (الهامش). و أقمت أربعين رجلا شهدوا على محمد أن الإمامة بالاختيار.
فعند ذلك قال الأنصار: نحن أحق من قريش، لأنا آوينا ونصرنا، و هاجر الناس إلينا، فإذا كان دفع من كان الأمر له فليس هذا الأمر لكم دوننا.
و قال قوم: منّا أمير، و منكم أمير.
قلنا لهم: قد شهد أربعون رجلاً أنّ الأئمّة من قريش.
فقبل قوم و أنكر آخرون، و تنازعوا.
فقلت- و الجمع يسمعون: إلّا أكبرنا سنّاً، و أكثرنا ليناً.
قالوا: فمن تقول؟
قلت: أبوبكر الّذي قدّمه رسول اللَّه في الصلاة، و جلس معه في العريش يوم بدر يشاوره و يأخذ برأيه، و كان صاحبه في الغار، و زوّج ابنته عائشة الّتي سمّاها اُمّ المؤمنين!!
فأقبل بنوهاشم يتميّزون غيظاً، و عاضدهم الزبير و سيفه مشهور، و قال: لا يبايع إلّا عليٌّ، أو لا أملك رقبة قائمة سيفي هذا.
فقلت: يا زبير! صرختك سكن من بني هاشم، اُمّك صفيّة بنت عبدالمطّلب.
فقال: ذلك واللَّه؛ الشرف الباذخ، والفخر الفاخر، يا ابن ختمة! و يا ابن صهّاك، اسكت لا اُمّ لك.
فقال قولاً، فوثب أربعون رجلاً ممّن حضر سقيفة بني ساعدة على الزبير، فواللَّه؛ ما قدرنا على أخذ سيفه من يده حتّى و سدناه الأرض، و لم نَر له علينا ناصراً.
فوثبت إلى أبي بكر، فصافحته و عاقدته البيعة، و تلاني عثمان بن عفّان و ساير من حضر غير الزبير، و قلنا له: بايع أو نقتلك.
ثمّ كففت عنه الناس، فقلت له: أمهلوه، فما غضب إلّا نخوة لبني هاشم. و أخذت أبابكر بيدي فأقمته و هو يرعد، قد اختلط عقله، فأزعجته إلى منبر محمّد إزعاجاً.
فقال لي: يا أباحفص! أخاف و ثبة عليّ.
فقلت له: إنّ عليّاً عنك مشغول.
و أعانني على ذلك أبوعبيدة بن الجرّاح، كان يمدُّ بيده إلى المنبر، و أنا اُزعجه من ورائه كالتيس إلى شفار الجارز متهوّناً.
فقام عليه مدهوشاً، فقلت له: أخطب.
فاُغلق عليه و تثبّت، فدهش و تلجلج و غمض، فغضضت على كفي غيظاً.
و قلت له: قل ما سنح لك، فلم يأت خيراً و لا معروفاً.
فأردت أن أحطّه عن المنبر و أقوم مقامه، فكرهت تكذيب الناس لي بما قلت فيه، و قد سألني الجمهور منهم كيف قلت من فضله ما قلت، ما الّذي سمعته من رسول اللَّه في أبي بكر؟
فقلت لهم: قد قلت من فضله على لسان رسول اللَّه: ما لو وددت أنّي شعرة في صدره ولي حكاية، فقلت: قل، و إلّا فأنزل.
... واللَّه في وجهي و علم أنّه لو نزل لرقيت، و قلت ما لا يهتدي إلى قوله، فقال بصوت ضعيف عليل: وليتكم و لست بخيركم و عليٌّ فيكم، واعلموا أنّ لي شيطاناً يعتريني- و ما أراد به سواي- فإذا زللت فقوّموني، لا أقع في شعوركم و أبشاركم، وأستغفر اللَّه لي و لكم، و نزل.
فأخذت بيده- و أعين الناس ترمقه- و غمزت يده غمزاً، ثمّ أجلسته، و قدمت الناس إلى بيعته و صحبته لاُرهبه و كلّ من ينكر بيعته و يقول: ما فعل عليّ بن أبي طالب؟
فأقول: خلعها من عنقه و جعلها طاعة المسلمين قلّة خلاف عليهم في اختيارهم، فصار جليس بيته، فبايعوا و هم كارهون.
فلمّا فشت بيعته علمنا أنّ عليّاً يحمل فاطمة والحسن والحسين إلى دور المهاجرين و الأنصار يذكّرهم بيعته علينا في أربع مواطن، و يستنفرهم، فيعدونه النصرة ليلاً، و يقعدون عنه نهاراً.
فأتيت داره مستشيراً لإخراجه منها.
فقالت الأمة فضّة و قد قلت لها: قولي لعليّ يخرج إلى بيعة أبي بكر فقد اجتمع عليه المسلمون.
فقالت: إنّ أميرالمؤمنين عليّاً مشغول.
فقلت: خلّي عنك هذا و قولي له يخرج و إلّا دخلنا عليه و أخرجناه كرهاً.
فخرجت فاطمة، فوقفت من وراء الباب، فقالت: أيّها الضالّون المكذّبون! ماذا تقولون؟ و أيّ شي ء تريدون؟
فقلت: يا فاطمة! فقالت فاطمة: ما تشاء يا عمر؟
فقلت: ما بال ابن عمّك قد أوردك للجواب، و جلس من وراء الحجاب؟
فقالت لي: طغيانك يا شقيُّ! أخرجني، و ألزمك الحجّة و كلّ ضالّ غويّ.
فقلت: دعي عنك الأباطيل و أساطير النساء، و قولي لعليّ يخرج لا حبّ و لا كرامة.
فقالت: أبحزب الشيطان تخوّفني يا عمر؟ و كان حزب الشيطان ضعيفاً.
فقلت: إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل! و أضرمتها ناراً على أهل هذا البيت، و اُحرق من فيه، أو يقاد عليٌّ إلى البيعة.
و أخذت سوط قنفذ فضربتها، و قلت لخالد بن الوليد: أنت و رجالنا، هلمّوا في جمع الحطب، فقلت: إنّي مضرمها.
فقالت: يا عدو اللَّه و عدوّ رسوله و عدوّ أميرالمؤمنين!
فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه، فرمته، فتصعّب عليّ، فضربت كفّيها بالسوط، فآلمها.
فسمعت لها زفيراً و بكاءً، فكدت أن ألين و أنقلب عن الباب، فذكرت أحقاد عليّ و ولوعه في دماء صناديد العرب، و كيد محمّد و سحره، فركلت الباب، و قد ألصقت أحشاءها بالباب تترسه.
و سمعتها وقد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها.
و قالت: يا أبتاه! يا رسول اللَّه! هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك؛
آه! يا فضّة! إليك فخذيني، فقد واللَّه؛ قتل ما في أحشائي من حمل.
و سمعتها تمخض و هي مستندة إلى الجدار، فدفعت الباب و دخلت، فأقبلت إليّ بوجه أغشى بصري، فصفقت صفقة على خدّيها من ظاهر الخمار، فانقطع قرطها و تناثرت إلى الأرض. [ قال العلامه الامينى رحمه الله عند نقل خبر ضرب عمر النساء عند بكائهن على الميت من آل رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم :... غير انى لا اعلم ان الصديقه الفاطمه عليهاالسلام التى كانت من الباكيات فى ذلك اليوم هل كانت بين تلكم النسوه المضروبات ام لا؟ و على اى فقد جلست الى ابيها و هى باكيه. (الغدير: 6/ 160) (فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم: 560)
و خرج عليّ، فلمّا أحسست به أسرعت إلى خارج الدار، و قلت لخالد و قنفذ و من معهما: نجوت من أمر عظيم.
- و في رواية اُخرى: قد جنيت جناية عظيمة لا آمن على نفسي، و هذا عليٌّ قد برز من البيت و ما لي ولكم جميعاً به طاقة-.
فخرج عليٌّ، و قد ضربت يديها إلى ناصيتها لتكشف عنها و تستغيث باللَّه العظيم ما نزل بها.
فأسبل عليٌّ عليها ملاءَتها، و قال لها: يا بنت رسول اللَّه! إنّ اللَّه بعث أباك رحمةً للعالمين، و أيم اللَّه لئن كشفت عن ناصيتك سائلةً إلى ربّك ليهلك هذا الخلق لأجابك، حتّى لا يُبقي على الأرض منهم بشراً، لأنّك و أباك أعظم عند اللَّه من نوح الّذي غرق من أجله بالطوفان جميع من على وجه الأرض و تحت السماء إلّا من كان في السفينة.
و أهلك قوم هود بتكذيبهم له، و أهلك عاداً بريح صرصر، و أنت و أبوك أعظم قدراً من هود؛