کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) جلد 5

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) - جلد 5

سید محمد باقر موسوی؛ مصحح: محمدحسین رحیمیان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بكاؤها و شدّة حزنها بعد رسول اللَّه


3412/ 1- من بعض كتب المناقب: عن سعد بن عبداللَّه الهمدانيّ، عن سليمان بن إبراهيم، عن أحمد بن موسى بن مردويه، عن جعفر بن محمّد بن مروان، عن أبيه، عن سعيد بن محمّد الجرميّ، عن عمرو بن ثابت، عن أبيه، عن حبّة، عن عليّ عليه السلام، قال:

غسّلت النبيّ صلى اللَّه عليه و آله في قميصه، فكانت فاطمة عليهاالسلام تقول: أرني القميص، فإذا شمّته غشي عليها، فلمّا رأيت ذلك غيّبته.

[ البحار: 43/ 157 ح 6.

3413/ 2- روي (أنّه): لمّا قبض النبيّ صلى اللَّه عليه و آله امتنع بلال من الأذان، قال: لا اُؤذّن لأحد بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله.

و أنّ فاطمة عليهاالسلام قالت ذات يوم: إنّي أشتهي أن أسمع صوت مؤذّن أبي صلى اللَّه عليه و آله بالأذان.

فبلغ ذلك بلالاً، فأخذ في الأذان، فلمّا قال: «اللَّه أكبر، اللَّه أكبر» ذكرت أباها و أيّامه، فلم تتمالك من البكاء.

فلمّا بلغ إلى قوله: «أشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه» شهقت فاطمة عليهاالسلام، و سقطت لوجهها و غشي عليها.

فقال الناس لبلال: أمسك يا بلال! فقد فارقت ابنة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله الدنيا، و ظنّوا أنّها قد ماتت، فقطع أذانه و لم يتمّه.

فأفاقت فاطمة عليهاالسلام و سألته أن يتمّ الأذان.

فلم يفعل، و قال لها: يا سيّدة النسوان! إنّي أخشى عليك ممّا تنزلينه بنفسك إذا سمعت صوتي بالأذان، فأعفته عن ذلك.

[ البحار: 43/ 157 ح 7، عن الفقيه.

3414/ 3- ابن الوليد، عن الصفّار، عن العبّاس بن معروف، عن محمّد بن سهل البحراني- يرفعه- إلى أبي عبداللَّه عليه السلام، قال:

البكّاؤون خمسة: آدم، و يعقوب، و يوسف، و فاطمة عليهاالسلام بنت محمّد صلى اللَّه عليه و آله، و عليّ بن الحسين عليهماالسلام.

فأمّا آدم؛ فبكى على الجنّة حتّى صار في خدّيه أمثال الأودية.

و أمّا يعقوب؛ فبكى على يوسف حتّى ذهب بصره، و حتّى قيل له: (تَاللَّهِ تَفْتَؤُ تَذْكُر يُوسُفَ حَتّى تَكُونَ حَرضاً أوْ تَكُونَ مِنَ الهالِكِينَ)

[ يوسف: 85.

و أمّا يوسف؛ فبكى على يعقوب حتّى تأذّى به أهل السجن، فقالوا: إمّا أن تبكي الليل و تسكت بالنهار، و إمّا أن تبكي النهار و تسكت بالليل، فصالحهم على واحد منهما.

و أمّا فاطمة عليهاالسلام؛ فبكت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله حتّى تأذّى بها أهل المدينة، فقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك.

و كانت تخرج إلى المقابر؛ مقابر الشهداء، فتبكي حتّى تقضي حاجتها، ثمّ تنصرف.

و أمّا عليّ بن الحسين عليهماالسلام؛ فبكى على الحسين عليه السلام عشرين سنة- أو أربعين سنة- ما وضع بين يديه طعام إلّا بكى حتّى قال له مولى له: إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين.

قال: (إِنَّما أَشْكُو بَثّي وَ حُزْني إِلَى اللَّهِ وَ أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ)

[ يوسف: 86.، إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة عليهاالسلام إلّا خنقتني لذلك عبرة.

أمالي الصدوق: الحسين بن أحمد بن إدريس، عن أبيه، عن ابن عيسى، عن ابن معروف (مثله).

[ البحار: 12/ 264 ح 27 و 43/ 155، عن الخصال.

تفسير العيّاشي: محمّد بن سهل البحراني، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال:

البكّاؤون خمسة: آدم، و يعقوب، و يوسف، و فاطمة بنت محمّد، و عليّ بن الحسين صلوات اللَّه عليهم، الحديث.

[ البحار: 12/ 311 ح 126.

3415/ 4- و رأس البكّائين ثمانية: آدم، و نوح، و يعقوب، و يوسف، و شعيب، و داود، و فاطمة، و زين العابدين عليهم السلام، قال الصادق عليه السلام:

أمّا فاطمة عليهاالسلام؛ فبكت على رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله حتّى تأذّى بها أهل المدينة.

فقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك، إمّا أن تبكي بالليل، و إمّا أن تبكي بالنهار، فكانت تخرج إلى مقابر الشهداء، فتبكي.

[ البحار: 43/ 35.

3416/ 5- قال العلّامة المجلسي رحمه اللَّه: وجدت في بعض الكتب خبراً في وفاتها عليهاالسلام، فأحببت إيراده و إن لم آخذه من أصل يعوّل عليه:

روى ورقة بن عبداللَّه الأزديّ، قال: خرجت حاجّاً إلى بيت اللَّه الحرام راجياً لثواب اللَّه ربّ العالمين، فبينما أنا أطوف و إذا أنا بجارية سمراء، و مليحة الوجه عذبة الكلام، و هي تنادي بفصاحة منطقها، و هي تقول:

اللهمّ ربّ الكعبة الحرام، و الحفظة الكرام، و زمزم و المقام، و المشاعر

العظام، و ربّ محمّد خير الأنام صلّى اللَّه عليه و آله البررة الكرام، (أسألك) أن تحشرني مع ساداتي الطّاهرين، و أبنائهم الغُرّ المحجّلين الميامين.

ألا فاشهدوا يا جماعة الحجّاج و المعتمرين! أنّ مواليّ خيرة الأخيار، و صفوة الأبرار، والّذين علا قدرهم على الأقدار، وارتفع ذكرهم في سائر الأمصار، المرتدين بالفخار.

قال ورقة بن عبداللَّه: فقلت: يا جارية! إنّي لأظنّك من موالي أهل البيت عليهم السلام.

فقالت: أجل.

قلت لها: و من أنت من مواليهم؟

قالت: أنا فضّة أمة فاطمة الزهراء ابنة محمّد المصطفى صلّى اللَّه عليها و على أبيها و بعلها و بنيها.

فقلت لها: مرحباً بك و أهلاً و سهلاً، فلقد كنت مشتاقاً إلى كلامك و منطقك، فاُريد منك السّاعة أن تجيبني من مسألة أسألك، فإذا أنت فرغت من الطواف قفي لي عند سوق الطّعام حتّى آتيك و أنت مثابة مأجورة، فافترقنا.

فلمّا فرغت من الطواف، و أردت الرجوع إلى منزلي جعلت طريقي على سوق الطعام، و إذا أنا بها جالسة في معزل عن الناس، فأقبلت عليها واعتزلت بها و أهديت إليها هدية، و لم أعتقد أنّها صدقة.

ثمّ قلت لها: يا فضّة! أخبريني عن مولاتك فاطمة الزهراء عليهاالسلام و ما الّذي رأيت منها عند وفاتها بعد موت أبيها محمّد صلى اللَّه عليه و آله.

قال ورقة: فلمّا سمعت كلامي تغر غرت عيناها بالدموع، ثمّ انتحبت نادبة و قالت: يا ورقة بن عبداللَّه! هيّجت عَلَيّ حزناً ساكناً، و أشجاناً في فؤادي كانت كامنة، فاسمع الآن ما شاهدت منها عليهاالسلام.

اعلم! أنّه لمّا قبض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله افتجع له الصغير و الكبير، و كثر عليه

البكاء، و قلّ العزاء، و عظم رزؤه على الأقرباء و الأصحاب، و الأولياء و الأحباب، و الغرباء و الأنساب، و لم تلق إلّا كلّ باك و باكية، و نادب و نادبة؛

و لم يكن في أهل الأرض و الأصحاب، و الأقرباء و الأحباب، أشدّ حزناً و أعظم بكاءً وانتحاباً من مولاتي فاطمة الزهراء عليهاالسلام، و كان حزنها يتجدّد و يزيد، و بكاؤها يشتدّ.

فجلست سبعة أيّام لا يهدأ لها أنين، و لا يسكن منها الحنين، كلّ يوم جاء كان بكاؤها أكثر من اليوم الأوّل، فلمّا كان في اليوم الثّامن أبدت ما كتمت من الحزن، فلم تطق صبراً، إذ خرجت و صرخت، فكأنّها من فم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله تنطق.

فتبادرت النسوان، و خرجت الولائد و الولدان، وضجّ الناس بالبكاء و النحيب، و جاء الناس من كلّ مكان، و اُطفئت المصابيح لكيلا تتبيّن صفحات النساء، و خيّل إلى النسوان؛ أنّ رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله قد قام من قبره، و صارت الناس في دهشة و حيرة لما قد رهقهم، و هي عليهاالسلام تنادي و تندب أباه:

وا أبتاه! وا صفيّاه! وا محمّداه! وا أباالقاسماه!

وا ربيع الأرامل و اليتامى!

من للقبلة و المصلّى؟

و من لابنتك الوالهة الثّكلى؟

ثمّ أقبلت تعثر في أذيالها، و هي لا تبصر شيئاً من عبرتها و من تواتر دمعتها حتّى دنت من قبر أبيها محمّد صلى اللَّه عليه و آله.

فلمّا نظرت إلى الحجرة وقع طرفها على المأذنة، فقصرت خطاها، ودام نحيبها و بكاها، إلى أن اُغمي عليها.

فتبادرت النّسوان إليها، فنضحن الماء عليها و على صدرها و جبينها حتّى أفاقت، فلمّا أفاقت من غشيتها قامت، و هي تقول:

رفعت قوّتي، و خانني جلدي، و شمت بي عدوّي، و الكمد قاتلي.

يا أبتاه! بقيت والهة وحيدة، و حيرانة فريدة، فقد انخمد صوتي، و انقطع ظهري، و تنغّص عيشي، و تكدّر دهري.

فما أجد يا أبتاه! بعدك أنيساً لوحشتي، و لا رادّاً لدمعتي، و لا معيناً لضعفي، فقد فني بعدك محكم التنزيل، و مهبط جبرئيل، و محلّ ميكائيل.

انقلبت بعدك يا أبتاه! الأسباب، و تغلّقت دوني الأبواب، فأنا للدنيا بعدك قالية، و عليك ما تردّدت أنفاسي باكية، لا ينفد شوقي إليك، و لا حزني عليك.

ثمّ نادت: يا أبتاه! وا لبّاه! ثمّ قالت:


















إنّ حزني عليك حزن جديد و فؤادي واللَّه صبٌّ عنيد
كلّ يوم يزيد فيه شجوني واكتيابي عليك ليس يبيد
جلّ خطبي فبان عنّي عزائي فبكائي كلّ وقت جديد
إنّ قلباً عليك يألف صبراً أو عزاءً فإنّه لجليد

ثمّ نادت: يا أبتاه! انقطعت بك الدنيا بأنوارها، و زوت زهرتها، و كانت ببهجتك زاهرة، فقد اسودّ نهارها، فصار يحكي حنادسها رطبها و يابسها.

يا أبتاه! لا زلت آسفة عليك إلى التّلاق.

يا أبتاه! زال غمضي منذ حقّ الفراق.

يا أبتاه! من للأرامل والمساكين؟ و من للاُمّة إلى يوم الدّين؟

يا أبتاه! أمسينا بعدك من المستضعفين.

يا أبتاه! أصبحت الناس عنّا معرضين، و لقد كنّا بك معظّمين في الناس غير مستضعفين.

فأيّ دمعة لفراقك لا تنهمل؟

و أيُّ حزن بعدك عليك لا يتّصل؟

و أيُّ جفن بعدك بالنوح يكتحل؟




و أنت ربيع الدين، و نور النبيّين، فكيف للجبال لا تمور، و للبحار بعدك لا تغور؟ و الأرض كيف لم تتزلزل؟

رُميتُ يا أبتاه! بالخطب الجليل، و لم تكن الرزيّة بالقليل.

و طرقت يا أبتاه! بالمصاب العظيم، و بالفادح المهول.

بكتك يا أبتاه! الأملاك، و وقفت الأفلاك.

فمنبرك بعدك مستوحش، و محرابك خال من مناجاتك، و قبرك فرح بمواراتك، و الجنّة مشتاقة إليك و إلى دعائك و صلاتك.

يا أبتاه! ما أعظم ظلمة مجالسك، فوا أسفاه عليك إلى أن أقدم عاجلاً عليك.

و اُثكل أبوالحسن المؤتمن أبوولديك: الحسن والحسين، و أخوك و وليّك و حبيبك، و من ربّيته صغيراً، و واخيته كبيراً، و أحلى أحبابك و أصحابك إليك، من كان منهم سابقاً و مهاجراً و ناصراً، و الثّكل شاملنا، و البكاء قاتلنا، والأسى لازمنا.

ثمّ زفرت زفرة، و أنّت أنّة كادت روحها أن تخرج، ثمّ قالت:






































قلّ صبري و بان عنّي عزائي بعد فقدي لخاتم الأنبياء
عين يا عين! اسكبي الدمع سحّا ويك لا تبخلي بفيض الدماء
يا رسول الإله! يا خيرة اللَّه! و كهف الأيتام و الضعفاء
قد بكتك الجبال و الوحش جمعاً و الطير و الأرض بعد يبكي السماء
و بكاك الحجون و الركن و المشعر يا سيّدي! مع البطحاء
و بكاك المحراب و الدّرس للقرآن في الصبح معلناً و المساء
و بكاك الإسلام إذ صار في النّس غريباً من سائر الغرباء
لو ترى المنبر الّذي كنت تعلوه علاه الظلام بعد الضياء
يا إلهي! عجّل وفاتي سريعاً فلقد تنغّصت الحياة يا مولائي!




قالت: ثمّ رجعت إلى منزلها، و أخذت بالبكاء و العويل ليلها و نهارها، و هي لا ترقأ دمعتها، و لا تهدأ زفرتها.

و اجتمع شيوخ أهل المدينة، و أقبلوا إلى أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام، فقالوا له: يا أباالحسن! إنّ فاطمة عليهاالسلام تبكي الليل و النهار، فلا أحد منّا يتهنّأ بالنوم في الليل على فُرشنا، و لا بالنهار لنا قرار على أشغالنا و طلب معايشنا، و إنّا نخبّرك أن تسألها إمّا أن تبكي ليلاً أو نهاراً.

فقال عليه السلام: حبّاً و كرامة.

فأقبل أميرالمؤمنين عليه السلام حتّى دخل على فاطمة عليهاالسلام، و هي لا تفيق من البكاء، و لا ينفع فيها العزاء.

فلمّا رأته سكنت هنيئة له، فقال لها: يا بنت رسول اللَّه! إنّ شيوخ المدينة يسألوني أن أسألك إمّا أن تبكين أباك ليلاً و إمّا نهاراً.

فقالت: يا أباالحسن! ما أقلّ مكثي بينهم، و ما أقرب مغيبي من بين أظهرهم، فواللَّه؛ لا أسكنت ليلاً و لا نهاراً أو ألحق بأبي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله.

فقال لها عليّ عليه السلام: افعلي يا بنت رسول اللَّه! ما بدا لك.

ثمّ إنّه بنى لها بيتاً في البقيع نازحاً عن المدينة يسمّى بيت الأحزان، و كانت إذا أصبحت قدّمت الحسن والحسين عليهماالسلام أمامها، و خرجت إلى البقيع باكية.

فلا تزال بين القبور باكية، فإذا جاء الليل أقبل أميرالمؤمنين عليه السلام إليها و ساقها بين يديه إلى منزلها.

و لم تزل على ذلك إلى أن مضى لها بعد موت أبيها سبعة و عشرون يوماً، و اعتلّت العلّة الّتي توفّيت فيها.

فبقيت إلى يوم الأربعين، و قد صلّى أميرالمؤمنين عليه السلام صلاة الظهر، و أقبل يريد المنزل إذ استقبلته الجواري باكيات حزينات.

فقال لهنّ: ما الخبر؟ و ما لي أراكنّ متغيّرات الوجوه و الصور؟

فقلن: يا أميرالمؤمنين! أدرك ابنة عمّك الزهراء عليهاالسلام، و ما نظنّك تدركها.

فأقبل أميرالمؤمنين عليه السلام مسرعاً حتّى دخل عليها، و إذا بها ملقاة على فراشها- و هو من قباطيّ مصر- و هي تقبض يميناً و تمدّ شمالاً.

فألقى الرداء عن عاتقه، و العمامة عن رأسه، و حلّ إزاره، و أقبل حتّى أخذ رأسها و تركه في حجره، و ناداها: يا زهراء!

فلم تكلّمه.

فناداها: يا بنت محمّد المصطفى!

فلم تكلّمه.

فناداها: يا بنت من حمل الزكاة في طرف ردائه و بذلها على الفقراء!

فلم تكلّمه.

فناداها: يا ابنة من صلّى بالملائكة في السماء مثنى مثنى!

فلم تكلّمه.

فنادها: يا فاطمة! كلّميني، فأنا ابن عمّك عليّ بن أبي طالب.

قالت: ففتحت عينيها في وجهه، و نظرت إليه، و بكت و بكى.

و قال: ما الّذي تجدينه، فأنا ابن عمّك عليّ بن أبي طالب.

فقالت: يابن العمّ! إنّي أجد الموت الّذي لابدّ منه و لا محيص عنه، و أنا أعلم أنّك بعدي لا تصبر على قلّة التزويج، فإن أنت تزوّجت امرأة اجعل لها يوماً و ليلة، واجعل لأولادي يوماً و ليلة.

يا أباالحسن! و لا تَصحْ في وجوههما، فيصبحان يتيمين غريبين منكسرين، فإنّهما بالأمس فقدا جدّهما، و اليوم يفقدان اُمّهما، فالويل لاُمّة تقتلهما و تبغضهما.

ثمّ أنشأت تقول:






أبكني إن بكيت يا خير هادي و اسبل الدّمع فهو يوم الفراق














يا قرين البتول! اُوصيك بالنسل فقد أصبحا حليف اشتياق
أبكني وابك لليتامى و لا تنس قتيل العدى بطفّ العراق
فارقوا فأصبحوا يتامى حيارى يحلف اللَّه فهو يوم الفراق

قالت: فقال لها عليّ عليهماالسلام: من أين لك يا بنت رسول اللَّه هذا الخبر، و الوحي قد انقطع عنّا؟

فقالت: يا أباالحسن! رقدت الساعة، فرأيت حبيبي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله في قصر من الدرّ الأبيض، فلمّا رآني، قال: هلمّي إليّ يا بنيّة! فإنّي إليك مشتاق.

فقلت: واللَّه؛ إنّي لأشدّ شوقاً منك إلى لقائك.

فقال: أنت الليلة عندي.

و هو الصادق لما وعد، و الموفي لما عاهد، فإذا أنت قرأت (يس) فاعلم أنّي قد قضيت نحبي، فغسّلني و لا تكشف عنّي، فإنّي طاهرة مطهّرة.

وليصلّ عَلَيّ معك من أهلي الأدنى فالأدنى، و من رزق أجري، و ادفنّي ليلاً في قبري، بهذا أخبرني حبيبي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله.

فقال عليّ عليه السلام: واللَّه؛ لقد أخذت في أمرها، و غسّلتها في قميصها، و لم أكشفه عنها، فواللَّه، لقد كانت ميمونة طاهرة مطهّرة.

ثمّ حنّطتها من فضلة حنوط رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله، و كفّنتها و أدرجتها في أكفانها، فلمّا هممت أن أعقد الرداء ناديت: يا اُمّ كلثوم! يا زينب! يا سكينة! يا فضّة! يا حسن! يا حسين! هلمّوا تزوّدوا من اُمّكم، فهذا الفراق، واللقاء في الجنّة.

فأقبل الحسن والحسين عليهماالسلام و هما يناديان: وا حسرتا! لا تنطفى ء أبداً من فقد جدّنا محمّد المصطفى، و اُمّنا فاطمة الزهراء.

يا اُمّ الحسن! يا اُمّ الحسين! إذا لقيت جدّنا محمّد المصطفى فأقرئيه منّا السلام، و قولي له: إنّا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا.




فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: إنّي اُشهد اللَّه؛ أنّها قد حنّت و أنّت و مدّت يديها و ضمّتهما إلى صدرها مليّاً.

و إذا بهاتف من السماء ينادي: يا أباالحسن! ارفعهما عنها، فلقد أبكيا واللَّه؛ ملائكة السماوات، فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب.

قال: فرفعتهما عن صدرها، و جعلت أعقد الرداء، و أنا اُنشد بهذه الأبيات:














فراقك أعظم الأشياء عندي و فقدك فاطم أدهى الثكول
سأبكي حسرة و أنوح شجواً على خلّ مضى أسنى سبيل
ألا يا عين جودي واسعديني فحزني دائم أبكي خليلي

ثمّ حملها على يده، و أقبل بها إلى قبر أبيها، و نادى: السلام عليك يا رسول اللَّه، السلام عليك يا حبيب اللَّه، السلام عليك يا نوراللَّه، السلام عليك يا صفوةاللَّه منّي، السلام عليك، والتحيّة واصلة منّي إليك ولديك، و من ابنتك النازلة عليك بفنائك.

و إنّ الوديعة قد استردّت، و الرهينة قد اُخذت، فوا حزناه! على الرسول، ثمّ من بعده على البتول، و لقد اسودّت عَلَيّ الغبراء، و بعدت عنّي الخضراء، فوا حزناه! ثمّ وا أسفاه!

ثمّ عدل بها على الرّوضة، فصلّى عليه في أهله و أصحابه و مواليه و أحبّائه و طائفة من المهاجرين و الأنصار.

فلمّا واراها و ألحدها في لحدها أنشأ بهذه الأبيات، يقول:















أرى علل الدنيا عَلَيّ كثيرة و صاحبها حتّى الممات عليل
لكلّ اجتماع من خليلين فرقة و إنّ بقائي عندكم لقليل

و إنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد

دليل على أن لا يدوم خليل

[ البحار: 43/ 174

180 ح 15، فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى صلى الله عليه و آله و سلم: 532- 539/.
.







3417/ 6- عن عليّ بن أحمد العاصميّ بإسناده عن موسى بن جعفر، عن آبائه عليهم السلام، عن عليّ عليه السلام:

أنّ فاطمة لمّا توفّي رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله كانت تقول:

وا أبتاه من ربّه ما أدناه!

وا أبتاه جنان الخلد مثواه!

وا أبتاه يكرمه ربّه إذا أتاه!

يا أبتاه الربّ و الرسل تسلّم عليه حين تلقاه!

فلمّا ماتت فاطمة عليهاالسلام قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام يرثيها:

لكلّ اجتماع من خليلين فرقة، الأبيات.

و ذكر الحاكم: أنّ فاطمة عليهاالسلام لمّا ماتت أنشأ عليّ عليه السلام:










نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات

لا خير بعدك في الحياة و إنّما

أبكي مخافة أن تطول حياتي

[ البحار: 43/ 213 ح 44.

.




3418/ 7- عمرو بن دينار، عن الباقر عليه السلام، قال: ما رؤيت فاطمة عليهاالسلام ضاحكة قطّ منذ قبض رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله حتّى قبضت.

[ البحار: 196/43، عن المناقب لابن شهراشوب.

إنّ الملائكة والنبيّين والشهداء... يساعدون فاطمة على البكاء


3419/ 1- محمّد الحميريّ، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، (عن محمّد بن خالد)، عن عبداللَّه بن حمّاد البصريّ، عن عبداللَّه الأصمّ، قال: و حدّثنا الهيثم بن واقد، عن عبداللَّه بن حمّاد البصريّ، عن عبدالملك بن مقرن، عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال:

إذا زرتم أباعبداللَّه عليه السلام فالزموا الصمت إلّا من خير... إلى أن قال:

قلت: جعلت فداك؛ و ما الّذي يسألونهم عنه؟ و أيّهم يسأل صاحبه: الحفظة أو أهل الحائر؟

قال: أهل الحائر يسألون الحفظة، لأنّ أهل الحائر من الملائكة لا يبرحون والحفظة تنزل و تصعد.

قلت: فما ترى يسألونهم عنه؟

قال: إنّهم يمرّون إذا عرجوا بإسماعيل صاحب الهواء، فربّما وافقوا النبيّ صلى اللَّه عليه و آله عنده و فاطمة والحسن والحسين والأئمّة من مضى منهم عليهم السلام، فيسألونهم عن أشياء و عمّن حضر منكم الحائر، و يقولون: بشّروهم بدعائكم.

فتقول الحفظة: كيف نبشّرهم و هم لا يسمعون كلامنا؟

فيقولون لهم: باركوا عليهم، و ادعوا لهم عنّا، فهي البشارة منّا، و إذا انصرفوا فحفّوهم بأجنحتكم حتّى يحسّوا مكانكم، و إنّا نستودعهم الّذي لا تضيع ودائعه.

ولو يعلموا ما في زيارته من الخير، و يعلم ذلك الناس لاقتتلوا على زيارته

بالسيوف، و لباعوا أموالهم في إتيانه.

و أنّ فاطمة عليهاالسلام إذا نظرت إليهم و معها ألف نبيّ و ألف صدّيق و ألف شهيد و من الكرّوبيّين ألف ألف يسعدونها على البكاء و أنّها تشهق شهقة، فلا تبقى في السماوات ملك إلّا بكى رحمة لصوتها، و ما تسكن حتّى يأتيها النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فيقول:

يا بنيّة! قد أبكيت أهل السماوات، و شغلتهم عن التقديس والتسبيح، فكفّي حتّى يقدّسوا، فإنّ اللَّه بالغ أمره.

و أنّها لتنظر إلى من حضر منكم، فتسأل اللَّه لهم من كلّ خير، و لا تزهدوا في إتيانه، فإنّ الخير في إتيانه أكثر من أن يحصى.

[ البحار: 45/ 224 ح 17، عن كامل الزيارات.

/ 50