غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 11

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 11

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


كان ممن لا يخاف وهنه ولا سقطته، ولا بطؤه عما الاسراع إليه أحزم، ولا إسراعه إلى ما البطء عنه أمثل، كان يجمع بين اللين والعنف، فيسطو في موضع السطوة، ويرفق في موضع الرفق، كان فارسا شديد البأس شجاعا رئيسا حليما جوادا فصيحا شاعرا

___________________________________

راجع في بيان هذه الجمل كلها إلى ما اسلفناه في الجزء التاسع ص 41 تا 37 ط 1.

كتب علي عليه السلام إلى مالك وهو يومئذ بنصيبين: أما بعد: فإنك ممن استظهرته على إقامة الدين، وأقمع به نخوة الاثيم، وأشد الثغر المخوف، وكنت وليت محمد بن أبي بكر مصر فخرجت عليه بها خوارج وهو غلام حدث ليس بذي تجربة للحرب ولا بمجرب للاشياء، فأقدم علي لننظر في ذلك فيما ينبغي، واستخلف على عملك أهل الثقة والنصيحة من أصحابك. والسلام.

فأقبل مالك إلى علي حتى دخل عليه فحدثه حديث أهل مصر وخبره خبر أهلها وقال: ليس لها غيرك، اخرج رحمك الله، فإني لم اوصك، اكتفيت برأيك، واستعن بالله على ما أهمك، فاخلط الشدة باللين، وارفق ما كان الرفق أبلغ، واعتزم بالشدة حين لا يغني عنك إلا الشدة. فخرج الاشتر من عند علي فأتى رحله فتهيأ للخروج إلى مصر وأتت معاوية عيونه فاخبروه بولاية علي الاشتر، فعظم ذلك عليه وقد كان طمع في مصر فعلم أن الاشتر إن قدمها كان أشد عليه من محمد بن أبي بكر، فبعث معاوية إلى المقدم على أهل الخراج بالقلزم وقال له: إن الاشتر قد ولي مصر فإن كفيتنيه لم آخذ منك خراجا ما بقيت وبقيت فاحتل له بما قدرت عليه. فخرج الرجل حتى أتى القلزم وأقام به، وخرج الاشتر من العراق إلى مصر فلما انتهى إلى القلزم إستقبله ذلك الرجل فعرض عليه النزول فقال: هذا منزل وهذا طعام وعلف وأنا رجل من أهل الخراج. فتزل عنده فأتاه بطعام فلما أكل أتاه بشربة من عسل قد جعل فيها سما فسقاه إياها، فلما شربها مات، وأقبل معاوية يقول لاهل الشام: إن عليا وجه الاشتر إلى مصر فادعوا الله أن يكفيكموه فكانوا كل يوم يدعون الله على الاشتر، وأقبل الذي سقاه إلى معاوية فأخبره بمهلك الاشتر فقام معاوية خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وقال: أما بعد: فإنه كانت لعلي يمينان قطعت إحداهما يوم صفين يعني عمار بن ياسر، وقطعت

الاخرى اليوم يعني الاشتر

___________________________________

تاريخ الطبرى 54:6، كامل ابن الاثير:152:3.

وفي لفظ ابن قتيبة في العيون 201:1: فقال معاوية لما بلغه الخبر: يا بردها على الكبد! إن لله جنودا منها العسل. وقال علي: لليدين وللفم.

وفي لفظ المسعودي في المروج 39:2: ولى علي الاشتر مصر وأنفذه إليها في جيش فلما بلغ ذلك معاوية دس إلى دهقان وكان بالعريش

___________________________________

هى مدينة كانت أول عمل مصر من ناحية الشام على ساحل بحر الروم. فأرغبه وقال: أترك خراجك عشرين سنة فاحتل للاشتر بالسم في طعامه. فلما نزل الاشتر العريش سأل الدهقان: أي الطعام والشراب أحب إليه؟ قيل: ألعسل. فأهدى له عسلا وقال: إن من أمره وشأنه كذا وكذا، ووصفه للاشتر وكان الاشتر صائما فتناول منه شربة فما استقرت في جوفه حتى تلف، وأتى من كان معه على الدهقان ومن كان معه. وقيل: كان ذلك بالقلزم والاول أثبت. فبلغ ذلك عليا فقال: لليدين وللفم. وبلغ ذلك معاوية فقال: إن لله جندا من العسل.

قال الاميني: هاهنا تجد معاوية كيف لا يتحوب من ذلك الحوب الكبير قتل العبد الصالح الممدوح بلسان رسول الله وخليفته مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام.

___________________________________

راجع ما أسلفناه في الجزء التاسع ص 37 تا 41.وإنه واهل الشام فرحوا فرحا شديدا، بموت ذلك البطل المجاهد

___________________________________

تاريخ ابن كثير: 312:7. لمحض انه كان يناصر إمام وقته المنصوص عليه والمجمع على خلافته، ولا غرو فإنه كان يسر ابن هند كل ما ساء ملة الحق وأئمة الهدى وأولياء الصلاح، وما كان يسعه أن يأتي بطامة أكبر من هذه لو لم يكن في الاسلام للنفوس القادسة أي حرمة، وللائمة عليهم السلام ومناصريهم أي مكانة، حتى لو كان معاوية مستمرا على ما دؤب عليه إلى أخريات عهد النبوة من الكفر المخزي فلم يحده الفرق من بارقة الاسلام إلى الاستسلام، فما جاء زبانيته الكفرة يومئذ بأفظع من هذه وأمثالها يوم قتلوا خيار أصحاب محمد صلى الله عليه وآله لمناصرتهم إياه، وحبهم ذوي قرباه، ودفاعهم عن ناموس أهل بيته الاكرمين.

مقتل محمد بن أبى بكر


ومن صخايا ملك معاوية العضوض، وذبايح حكومته الغاشمة، وليد حرم أمن الله، وربيب بيت العصمة والقداسة: محمد بن أبي بكر.

بعث معاوية عمرو بن العاص إلى مصر في ستة آلاف رجل، ومحمد بن أبي بكر عامل أمير المؤمنين عليها، فخرج عمرو وسار حتى نزل أداني أرض مصر فاجتمعت العثمانية إليه فأقام بهم وكتب إلى محمد بن أبي بكر:

أما بعد: فتنح عني بدمك يا ابن أبي بكر فإني لا احب أن يصيبك منى ظفر إن الناس بهذه البلاد قد اجتمعوا على خلافك ورفض أمرك، وندموا على اتباعك، فهم مسلموك لو قد إلتقت حلقتا البطان، فاخرج منها فإني لك من الناصحين، والسلام. وبعث إليه عمرو بكتاب كتبه معاوية إليه ايضا وفيه:

أما بعد: فإن غب البغي والظلم عظيم الوبال، وإن سفك الدم الحرام لا يسلم صاحبه من النقمة في الدنيا ومن التبعة الموبقة في الآخرة، وإنا لا نعلم أحدا كان أعظم على عثمان بغيا، ولا أسوأ له عيبا، ولا أشد عليه خلافا منك، سعيت عليه في الساعين، وسفكت دمه في السافكين، ثم أنت تظن اني عنك نائم أو ناس لك، حتى تأتي فتأمر على بلاد أنت فيها جاري، وجل أهلها أنصاري، يرون رأيى، ويرقبون قولي، ويستصرخوني عليك، وقد بعثت إليك قوما حناقا عليك تستسقون دمك، ويتقربون إلى الله بجهادك، وقد أعطوا الله عهدا ليمثلن بك، ولو لم يكن منهم إليك ما عدا قتلك ما حذرتك ولا أنذرتك، ولاحببت أن يقتلوك بظلمك وقطيعتك وعدوك على عثمان يوم يطعن بمشاقصك بين خششائه وأوداجه، ولكن أكره أن امثل بقرشي، ولن يسلمك الله من القصاص أبدا أينما كنت والسلام.

فطوى محمد كتابيهما وبعث بهما إلى علي، وكتب إلى معاوية جواب كتابه:

أما بعد: فقد أتاني كتابك تذكرني من أمر عثمان أمرا لا اعتذر إليك منه، وتأمرنى بالتنحي عنك كأنك لي ناصح، وتخوفني المثلة كأنك شفيق، وأنا أرجو أن تكون لي الدائرة عليكم فأجتاحكم في الوقيعة، وإن تؤتوا النصر ويكن لكم الامر في

الدنيا فكم لعمري من ظالم قد نصرتم، ومن مؤمن قد قتلتم ومثلتم به؟ وإلى الله مصيركم ومصيرهم، وإلى الله مرد الامور وهو أرحم الراحمين، والله المستعان على ما تصفون، والسلام.

وكتب إلى عمرو بن العاص:

أما بعد: فقد فهمت ما ذكرت في كتابك يا ابن العاص! زعمت انك تكره أن يصيبني منك طفر وأشهد أنك من المبطلين، وتزعم انك لي نصيح واقسم انك عندي ظنين، وتزعم أن أهل البلد قد رفضوا رأيي وأمري وندموا على اتباعي فاولئك لك وللشيطان الرجيم أولياء، فحسبنا الله رب العالمين، وتوكلنا على الله رب العرش العظيم والسلام.

فأقبل عمرو بن العاص حتى قصد مصر فقام محمد بن أبي بكر في الناس فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله ثم قال:

أما بعد: معاشر المسلمين والمؤمنين! فإن القوم الذين كانوا ينتهكون الحرمة، وينعشون الضلالة، ويشبون نار الفتنة، ويتسلطون بالجبرية قد نصبوا لكم العداوة وساروا إليكم بالجنود، عباد الله! فمن أراد الجنة والمغفرة فليخرج إلى هؤلاء القوم فليجاهدهم في الله، انتدبوا إلى هؤلاء رحمكم الله مع كنانة بن بشر.

فانتدب مع كنانة نحو من ألفي رجل وخرج محمد في ألفي رجل، واستقبل عمرو ابن العاص كنانة وهو على مقدمة محمد، فأقبل عمرو نحو كنانة، فلما دنا من كنانة شرح الكتائب كتيبة بعد كتيبة، فجعل كنانة لا تأتيه كتيبة من كتائب أهل الشام إلا شد عليها بمن معه فيضربها حتى يقر بها بعمرو بن العاص، ففعل ذلك مرارا فلما رأى ذلك عمرو بعث إلى معاوية بن حديج السكوني فأتاه في مثل الدهم

___________________________________

الدهم: العدد الكثير. وجيش دهم. اى: كثير. فأحاط بكنانة وأصحابه، واجتمع أهل الشام عليهم من كل جانب، فلما رأى ذلك كنانة بن بشر نزل عن فرسه ونزل أصحابه وكنانة يقول: وما كان لنفس أن تموت إلا باذن الله كتابا مؤجلا ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها، ومن يرد ثواب الآخرة نؤته منها، وسنجزي الشاكرين، فضاربهم بسيفه حتى استشهد رحمه الله.

وأقبل عمرو بن العاص نحو محمد بن أبي بكر وقد تفرق عنه أصحابه لما بلغهم قتل

كنانة حتى بقي وما معه أحد من أصحابه، فلما رأى ذلك محمد خرج يمشى في الطريق حتى انتهى إلى خربة في ناحية الطريق فأوى إليها، وجاء عمرو بن العاص حتى دخل الفسطاط، وخرج معاوية بن حديج في طلب محمد حتى انتهي إلى علوج في قارعة الطريق فسألهم هل مر بكم أحد تنكرونه؟ فقال أحدهم: لا والله إلا اني دخلت تلك الخربة فإذا أنا برجل فيها جالس. فقال إبن حديج: هو هو ورب الكعبة. فانطلقوا يركضون حتى دخلوا عليه فاستخرجوه وقد كاد يموت عطشا فأقبلوا به نحو فسطاط مصر، ووثب أخوه عبدالرحمن بن أبي بكر إلى عمرو بن العاص وكان في جنده فقال: أتقتل أخي صبرا؟ ابعث إلى معاوية بن حديج فانهه. فبعث إليه عمرو بن العاص يأمره أن يأتيه بمحمد بن أبي بكر، فقال معاوية: أكذاك قتلتم كنانة بن بشروا خلي أنا عن محمد بن أبي بكر؟ هيهات أكفاركم خير من اولئكم أم لكم براءة في الزبر؟ فقال لهم محمد: اسقوني من الماء؟ قال له معاوية بن حديج: لا سقاه الله إن سقاك قطرة أبدا، انكم منعتم عثمان أن يشرب الماء حتى قتلتموه صائما محرما فتلقاه الله بالرحيق المختوم، والله لاقتلنك ياابن أبي بكر فيسقيك الله الحميم والغساق. قال له محمد: يا ابن اليهودية النساجة ليس ذلك إليك وإلى من ذكرت إنما ذلك إلى الله عزوجل يسقي أولياءه ويظمئ أعداءه أنت وضرباؤك ومن تولاه، أما والله لو كان سيفي في يدي ما بلغتم مني هذا، قال له معاوية: أتدري ما أصنع بك؟ أدخلك في جوف حمار ثم أحرقه عليك بالنار. فقال له محمد: إن فعلتم بي ذلك فطال ما فعل ذلك بأولياء الله، وإني لارجو هذه النار التي تحرقني بها أن يجعلها الله علي بردا وسلاما كما جعلها على خليله إبراهيم، وأن يجعلها عليك وعلى أوليائك كما جعلها على نمرود وأوليائه، إن الله يحرقك ومن ذكرته قبل وإمامك يعني معاوية وهذا- وأشار إلى عمرو بن العاص- بنار تلظى عليكم كلما خبت زادها الله سعيرا.

قال له معاوية: إني إنما أقتلك بعثمان. قال له محمد: وما أنت وعثمان؟ إن عثمان عمل بالجور ونبذ حكم القرآن وقد قال الله تعالى: ومن لم يحكم بما أنزل الله فاولئك هم الفاسقون. فنقمنا ذلك عليه فقتلناه وحسنت أنت له ذلك ونظراؤك، فقد برأنا الله إن شاء الله من ذنبه وأنت شريكه في إثمه وعظم ذنبه وجاعلك على مثاله. قال: فغضب

معاوية فقدمه فقتله ثم ألقاه في جيفة حمار ثم أحرقه بالنار. فلما بلغ ذلك عائشة جزعت عليه جزعا شديدا وقنتت عليه في دبر الصلاة تدعو على معاوية وعمرو.

___________________________________

تاريخ الطبرى 58:6 تا 61، الكامل لابن الاثير 154:3، تاريخ ابن كثير 314 و 313 :7، النجوم الزاهرة 110:1.

وفي النجوم الزاهرة 110:1: وقيل: إنه قطع رأسه وأرسله إلى معاوية بن أبي سفيان بدمشق وطيف به وهو اول رأس طيف به في الاسلام.

صورة اخرى

وجه معاوية عمرو بن العاص في سنة ثمان وثلاثين إلى مصر في أربعة آلاف، ومعه معاوية بن حديج، وأبوالاعور السلمي، واستعمل عمرا عليها حياته فالتقوا هم ومحمد بن أبي بكر وكان عامل علي عليها بالموضع المعروف بالمسناة فاقتتلوا حتى قتل كنانة بن بشر، وهرب عند ذلك محمد لاسلام أصحابه إياه وتركهم له، فاختبأ عند رجل يقال له: جبلة بن مسروق، فدل عليه، فجاء معاوية بن حديج وأصحابه فأحاطوا به، فخرج إليهم محمد بن أبي بكر فقاتل حتى قتل، فأخذه معاوية بن حديج وعمرو بن العاص فجعلوه في جلد حمار وأضرموه بالنار، وذلك بموضع في مصر يقال له: كوم شريك. وقيل: انه فعل به ذلك وبه شيئ من الحياة، وبلغ معاوية قتل محمد وأصحابه فأظهر الفرح والسرور. وبلغ عليا قتل محمد وسرور معاوية فقال: جزعنا عليه على قدر سرورهم، فما جزعت على هالك منذ دخلت هذه الحرب جزعي عليه، كان لي ربيبا وكنت أعده ولدا، كان بي برا، وكان إبن أخي

___________________________________

كان محمد بن ابى بكر اخا عبدالله بن جعفر بن أبى طالب لامته. فعلى مثل هذا نحزن وعند الله نحتسبه.

___________________________________

مروج الذهب 39:2، تاريخ ابن كثير 314:7.

قدم عبدالرحمن الفزاري على علي عليه السلام من الشام وكان عينه بها وحدثه: انه لم يخرج من الشام حتى قدمت البشراء من قبل عمرو بن العاص تترى يتبع بعضها بعضا بفتح مصر وقتل محمد وحتى أذن بقتله على المنبر، وقال: يا أميرالمؤمنين! قلما رأيت

قوما قط أسر، ولا سرورا قط أظهر من سرور رأيته بالشام حين أتاهم هلاك محمد بن أبي بكر فقال علي: أما إن حزننا عليه قدر سرورهم به بل يزيد أضعافا، وحزن علي على محمد بن أبي بكر حتى رؤي ذلك في وجهه وتبين فيه، وقام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله صلى الله عليه وسلم وقال: ألا إن مصر قد افتتحها الفجرة اولو الجور والظلم الذين صدوا عن سبيل الله وبغوا الاسلام عوجا، ألا وإن محمد بن أبي بكر قد استشهد رحمه الله فعند الله نحتسبه، أما والله إن كان ما علمت لممن ينتظر القضاء، ويعمل للجزاء، ويبغض شكل الفاجر، ويحب هدى المؤمن. الخطبة.

___________________________________

تاريخ الطبرى 62:6، كامل ابن الاثير 155:3.

وقال أبوعمر: يقال: إن محمد بن أبي بكر أتي به عمرو بن العاص فقتله صبرا. وروى شعبة وابن عيينة عن عمرو بن دينار قال: اتي عمرو بن العاص بمحمد بن أبي بكر أسيرا فقال: هل معك عهد؟! هل معك عقد من أحد؟! قال: لا فأمر به فقتل، وكان علي بن ابي طالب يثني على محمد بن أبي بكر ويفضله لانه كانت له عبادة واجتهاد.

___________________________________

الاستيعاب 235:2، تهذيب التهذيب 81:9.

وقال ابن حجر: قيل: انه اختفي في بيت امرأة من غافق آواه فيه أخوها، وكان الذي يطلبه معاوية بن حديج، فلقيتهم أخت الرجل الذي كان آواه وكانت ناقصة العقل فظنت انهم يطلبون أخاها فقالت: أدلكم على محمد بن أبي بكر على أن لا تقتلوا أخي؟ قالوا: نعم. فدلتهم عليه، فقال: احفظوني لابي بكر. فقال معاوية: قتلت ثمانين من قومي في دم عثمان وأتركك وأنت صاحبه؟! تهذيب التهذيب 80:9.

قال الاميني: إن أمثال هذه الفظايع والفجايع لبمقربة من مغازي إبن العاصي وأذنابه، ومن مرضات إبن آكلة الاكباد الذين لم يبالوا بإراقة الدماء الزاكية منذ بلغوا أشدهم، ولا سيما من لدن مباشرتهم الحرب في صفين إلى أن إصطلوا نار الحطمة فلم يفتأوا والغين في دماء الاخيار الابرار دون شهواتهم المخزية.

وهب أن محمدا نال من عثمان ما حسبوه، فعجيب أن ينهض بثاره مثل معاوية

المتثبط عنه يوم استنهضه عثمان حتى قتل، وعمرو بن العاصي القائل المبتهج بقتله بقوله: أنا أبوعبدالله قتلته وأنا بوادي السباع. وقوله: أنا أبوعبدالله إذا حككت قرحة نكأتها. وقوله: أنا أبوعبدالله قد يضرط العير والمكواة في النار.

وكان يألب عليه حتى الراعي في غنمه في رأس الجبل

___________________________________

راجع ما اسلفناه في الجزء التاسع ص 136 تا 140. وهلا ساق معاوية ذلك الحشد اللهام إلى عائشة الرافعة عقيرتها بين جماهير الصحابة: اقتلوا نعثلا قتله الله فقد كفر. وأمثالها من الكلم القارصة

___________________________________

راجع ما مر في الجزء التاسع ص 78 تا 86. وإلى طلحة والزبير وكانا أشد الناس عليه، وطلحة هو الذي منع عنه الماء في حصاره، ومنع الناس عن تجهيزه، ومنعه أن يدفن إلا في حش كوكب جبانة اليهود. إلى فظايع مر تفصيلها في الجزء التاسع 92 تا 111، وقال الشهرستاني في الملل والنحل ص 25: كان امراء جنوده: معاوية عامل الشام، وسعد بن أبي وقاص عامل الكوفة، وبعده الوليد بن عقبة، وعبدالله بن عامر عامل البصرة، وعبدالله بن أبي سرح عامل مصر، وكلهم خذلوه ورفضوه حتى أتى قدره عليه.

نعم: هؤلاء قتلوه لكن معاوية لا يريد المقاصة إلا من أولياء علي عليه السلام فيستأصل شأفتهم تحت كل حجر ومدر، ويستسهل فيهم كل شقوة وقسوة، وليس له مع أضداد علي عليه السلام أى مقصد صحيح، وإلا فأي حرمة لدم أجمعت الصحابة على سفكه؟ واحتجت عليه بآي الذكر الحكيم كما مر تفصيله في الجزء التاسع ص 164 تا 205 و 168 لو لم يكن اتباع القوم بالصحابة والاحتجاج بما قالوا وعملوا واعتبارهم فيهم العدالة جميعا تسري مع الميول والشهوات، فيحتجون بدعوى إجماعهم على خلافة أبي بكر "ولم يكن هنالك إجماع" ولا يحتجون به في قتل عثمان "وقد ثبت فيه الاجماع".

وهب أن محمد بن أبي بكر هو قاتل عثمان الوحيد من دون أي حجة ولا مبرر له وهو المحكوم عليه بالقصاص، وفي القصاص حياة، فهل جاء في شريعة الاسلام قصاص

كهذا بأن يلقى المقتص به في جيفة حمار ثم يحرق بالنار، ويطاف برأسه في البلاد؟ هل هذا دين الله الذي كان يدين به محمد بن أبي بكر؟ أو دين هبل إله معاوية وإله آباءه الشجرة المنعوتة في القرآن؟

نحن نقص عليك نبأهم بالحق، فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون، إن الحكم إلا لله يقص الحق وهو خير الفاصلين.

نظرة في مناقب ابن هند


لعلك إلى هاهنا عرفت معاوية، وأنه أي رجل هو، وانه كيف كانت نفسياته وملكاته، وان رجلا كمثله لا يتبوأ مقعده إلا حيث تنيخ شية العار، وفي مستوى السوءة والبوائق، وان أي فضيلة تلصقه به رواة السوء وتخط عنه الاقلام المستأجرة فهو حديث إفك نمقتة الاهواء والشهوات، ولا يقام له في سوق الاعتبار وزن، ولا في مبوأ الحق مقيل، فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر.

أليس معاوية هو صاحب تلكم الموبقات والجرءة على الله وعلى الاسلام ونبيه و كتابه وسنته. سنة الله التي لا تبديل لها؟!

أليس هو الهاتك حرمات الله والمصغر قدر أوليائه، والمريق دمائهم الزكية، و الدؤوب على الظلم والجور بإزهاق النفوس البريئة من غير جرم؟ ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما.

___________________________________

سورة النساء: 96.

أليس هو من آذى الله ورسوله في الصالحين من رجالات الامة وعدول الصحابة الاولين والتابعين لهم باحسان، المحرمة دماؤهم وأقدارهم وحرماتهم بزجهم إلى أعماق السجون، وإبعادهم عن عقر دورهم وإخافتهم؟ إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا، والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا.

___________________________________

سورة الاحزاب: 59 و 58.

أليس هو من آذى رسول الله في أهل بيته بإثارة الحرب على صنوه ونفسه وخليفته حقا؟ وكان من واجبه أن يخضع له ويتحرى مرضاته، والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم.

___________________________________

سورة التوبة: 63.

/ 41