غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 11

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 11

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


قال الاميني: هذا الصحابي العظيم "عمرو بن الحمق" الذي أخلقت وأبلت وجهه العبادة

___________________________________

كذا وصفه الامام السبط الحسين عليه السلام فيما مر من كتاب له إلى معاوية. محكوم عليه عند القوم وغيرهم بالعدالة وكون أقواله وأفعاله حجة لولا أن عدالة الصحابة تمطط إلى اناس معلومين بالخلاعة والمجون كمغيرة بن شعبة، والحكم بن أبي العاص، والوليد بن عقبة، وعبدالله بن أبي سرح، وزياد بن أبيه، واغيلمة قريش من الشباب الزائف ممن جرت المخازي إليهم الويلات، وتتقلص عن آخرين أنهكتهم العبادة، وحنكتهم الشريعة، وأبلتهم الطاعة كعمرو بن الحمق، وحجر بن عدي، وعدي بن حاتم، وزيد وصعصعة ابنى صوحان، ولداتهم.

أنا لا أدري ما كان المبرر للنيل من عمرو وقتله؟ وأي جريمة أوجبت أن يطعن بالطعنات التسع اللاتي أجهزت عليه اولاهن أو ثانيتها؟ أما واقعة عثمان فكانت الصحابة مجمعين عليها بين سبب ومباشر كما قدمناه لك في الجزء التاسع ص 69 تا 169 فلم لم يؤاخذوا عليها واختصت المقاصة اناسا انقطعوا إلى ولاء مولانا أميرالمؤمنين ولاء الله وولاء رسوله صلى الله عليه وآله؟ ولم يجهز معاوية الجيوش ولا بعث البعوث على طلحة والزبير وهما أشد الناس في أمر عثمان وأوغلهم في دمه؟! ومن ذا الذي أودي بعثمان غير معاوية نفسه في تثبطه عن نصره وتربصه به حتى بلغ السيف منه المحز؟

___________________________________

راجع الجزء التاسع ص 150 تا 153. ولماذا كان يندد ويهدد ويؤاخذ أهل المدينة وغيرهم بأنهم تخاذلوا عن نصرته ولا يفعل شيئا عن ذلك بنفسه المتهاونة عن أمر الرجل؟ نعم: كانت تلكم الافاعيل على من يوالي عليا صلوات الله عليه، فهي منكمشة عمن يعاديه ويقدمهم إبن آكلة الاكباد.

هل لمعاوية أن يثبت ان هلاك عثمان كان بطعنات عمرو؟ وهؤلاء المؤرخون ينصون على أن المهجز عليه هو كنانة بن بشر التجيبي، وقد جاء في شعر الوليد بن عقبة:

ألا إن خير الناس بعد ثلاثة++

قتيل التجيبي الذي جاء من مصر

وقال هو أو غيره:

علاه بالعمود أخو تجيب++

فأوهى الرأس منه والجبينا

___________________________________

الانساب للبلاذرى 98:5، تاريخ الطبرى 132:5.

وأخرج الحاكم في المستدرك 106:3 باسناده عن كنانة العدوي قال: كنت فيمن حاصر عثمان قال: قلت: محمد بن أبي بكر قتله؟ قال: لا، قتله جبلة بن الايهم رجل من أهل مصر. قال: وقيل: قتله كبيرة السكوني فقتل في الوقت. وقيل: قتله كنانة بن بشر التجيبي، ولعلهم اشتركوا في قتله لعنهم الله، وقال الوليد بن عقبة:

ألا إن خير الناس بعد نبيهم++

قتيل التجيبي الذي جاء من مصر

وفي الاستيعاب 478 و 477 :2: كان أول من دخل الدار عليه محمد بن أبي بكر فأخذ بلحيته فقال: دعها يابن أخي والله لقد كان أبوك يكرمها. فاستحى وخرج، ثم دخل رومان به سرحان رجل أزرق قصير محدود عداده في مراد وهو من ذي أصبح معه خنجر فاستقبله به وقال: على أى دين أنت يا نعثل؟! فقال عثمان: لست بنعثل ولكنى عثمان ابن عفان وأنا على ملة إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين قال: كذبت وضربه على صدغه الايسر فقتله فخر.

وقال: اختلف فيمن باشر قتله بنفسه فقيل: محمد بن أبي بكر ضربه بمشقص. وقيل بل حبسه محمد بن أبي بكر وأسعده غيره، وكان الذي قتله سودان بن حمران وقيل: بل ولي قتله رومان اليمامي. وقيل: بل رومان رجل من بني أسد بن خزيمة. وقيل: بل ان محمد بن أبي بكر أخذ بلحيته فهزها وقال: ما أغنى عنك معاوية، وما أغنى عنك ابن أبي سرح، وما أغنى عنك ابن عامر فقال له: يا ابن أخي! أرسل لحيتي فوالله انك لتجبذ لحية كانت تعز على أبيك وما كان أبوك يرضى مجلسك هذا مني. فيقال: انه حينئذ تركه وخرج عنه. ويقال: إنه حينئذ أشار إلى من كان معه فطعنه أحدهم وقتلوه. والله أعلم.

وأخرج أيضا ما رويناه عن المستدرك بلفظ: فقال محمد بن طلحة فقلت لكنانة: هل ندى محمد بن أبي بكر بشئ من دمه؟ قال: معاذ الله دخل عليه فقال له عثمان: يا ابن اخي لست بصاحبي وكلمه بكلام فخرج ولم يند بشئ من دمه. قال: فقلت لكنانة: من قتله؟ قال: قتله رجل من أهل مصر يقال له: جبلة بن الايهم ثم طاف بالمدينة ثلاثا يقول: أنا قاتل نعثل.

وذكر المحب الطبري في رياضه 130:2 ما أخرجه أبوعمر في "الاستيعاب" من استحياء محمد بن أبي بكر وخروجه من الدار ودخول رومان بن سرحان وقتله عثمان. فقال: وقيل: قتله جبلة بن الايهم. وقيل: الاسود التجيبي وقيل: يسار بن غلياض. وأخرج ابن عساكر في حديث ذكره ابن كثير في تاريخه 175:7: وجاء رجل من كندة من أهل مصر يلقب حمارا ويكنى بأبي رومان. وقال قتادة: اسمه رومان. وقال غيره: كان أزرق أشقر. وقيل: كان إسمه سودان بن رومان المرادي. وعن ابن عمر قال: كان اسم الذي قتل عثمان أسود بن حمران ضربه بحربة وبيده السيف صلتا. إلخ.

وقال ابن كثير في تاريخه 198:7: أما ما يذكره بعض الناس من أن بعض الصحابة أسلمه ورضي بقتله فهذا لا يصح

___________________________________

راجع ما أسلفناه في الجزء التاسع فتعرف الصحيح من السقيم وتقف على جلية الحال في القضية. عن أحد من الصحابة انه رضي بقتل عثمان رضي الله عنه بل كلهم كرهه ومقته وسب من فعله لكن بعضهم كان يود لو خلع نفسه من الامر كعمار بن ياسر، ومحمد بن أبي بكر، وعمرو بن الحمق وغيرهم.

ثم أي مبرر لابن هند في أمره باتمام الطعنات التسع بعد الطعنة المودية به؟ وهل في الشريعة تعبد بأن يفعل بالمقتص منه مثل ما فعله بمن يقتص له؟ أو يكتفى بما هو المقصود من القصاص من إعدام القاتل؟ ولعل عند فقيه بني امية مسوغا لا نعرفه أضف إلى ذلك حمل رأسه من بلد إلى بلد، وهو أول رأس مطاف به في الاسلام

___________________________________

معارف ابن قتيبة 127، الاستيعاب 404:2، الاصابة 533:2 وقال: ذكره ابن حبان بسند جيد، تاريخ ابن كثير 48:8.

قال النسابة أبوجعفر محمد بن حبيب في كتاب "المحبر" ص 490: ونصب معاوية رأس عمرو بن الحمق الخزاعي وكان شيعيا ودير به في السوق. وكان عبدالرحمن بن ام الحكم أخذه بالجزيرة. وقال ابن كثير: فطيف به في الشام وغيرها، فكان أول رأس طيف به ثم بعث معاوية برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشريد- وكانت في سجنه- فالقي في حجرها. فوضعت كفها على جبينه ولثمت فمه وقالت: غيبتموه عني طويلا ثم أهديتموه إلى قتيلا، فأهلا بها من هدية غير قالية ولا مقلية.

نعم: هذه الافاعيل إلى أمثالها من نماذج فقه امه آكلة الاكباد الذي سوغ لها ما فعلت بعم النبي الاعظم سيد الشهداء حمزة سلام الله عليه، واقتص أثر أبيه يزيد بن معاوية فيما ارتكبه من سيد شباب أهل الجنة الحسين السبط صلوات الله عليه، فقتله و آله وصحبه الاكرمين أشنع قتلة وطيف برؤسهم الكريمة في الامصار على سمر القنا فأعقبهما خزاية لا يغسلها مر الدهور، وشية قورن ذكرها بالخلود.

على انه لو كان هناك قصاص فهو لاولياء الدم وهم ولد عثمان، وإن لم يكن هناك ولي أو انه عجز عن تنفيذ الحكم فيقوم به خليفة الوقت فإنه ولي الدم وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو يومئذ وقبله مولانا أميرالمؤمنين علي عليه السلام فهو موكول إليه، وكان عمرو ابن الحمق في كنفه يراه ويبصر موقفه وخضوعه له، فلو كان عليه قصاص أجراه عليه و هو الذي لم تأخذه في الله لومة لائم، وساوى عدله القريب والبعيد، وكانت يده مبسوطة عند ذاك، وعمرو أخضع له من الظل لذيه، ومعاوية عندئذ أحد أفراد الامة- إن صدق انه أحد أفرادها- لا يحويه عير ولا نفير، ولا يناط به حكم من أحكام الشريعة، غير أنه قحمه في الورطات حب الوقيعة في محبي علي أميرالمؤمنين عليه السلام والله من ورائه حسيب.

موقف صيفى بن فسيل المشكور


وجد زياد في طلب أصحاب حجر وهم يهربون منه ويأخذ من قدر عليه منهم فجاء قيس بن عباد الشيباني إلى زياد فقال له: إن امرءا منا يقال له: صيفي بن فسيل من رؤس أصحاب حجر وهو أشد الناس عليه فبعث إليه فأتى به فقال له زياد: يا عدو الله! ما تقول في أبي تراب؟ فقال: ما أعرف أبا تراب. قال: ما أعرفك به؟ أما تعرف علي بن أبي طالب؟ قال: بلى. قال: فذلك أبوتراب. قال: كلا ذاك أبوالحسن والحسين. فقال له صاحب الشرطة: أيقول لك الامير: هو أبوتراب، وتقول أنت: لا؟ قال: أفإن كذب الامير أردت أن أكذب، وأشهد له بالباطل كما شهد؟ قال له زياد: وهذا أيضا مع ذنبك، علي بالعصا فاتي بها فقال: ما قولك في علي؟ قال: أحسن قول أنا قائله في عبد من عبيدالله أقوله في أميرالمؤمنين. قال: إضربوا عاتقه بالعصا حتى يلصق بالارض. فضرب حتى لصق بالارض ثم قال: أقلعوا عنه، ايه ما قولك في علي؟! قال: والله لو شرحتني

بالمواسى والمدى ما قلت إلا ما سمعت مني. قال: لتلعننه أو لاضربن عنقك. قال: إذا والله تضربها قبل ذلك، فأسعد وتشقى. قال: ادفعوا في رقبته. ثم قال: أوقروه حديدا واطرحوه في السجن، ثم قتل مع من قتل من حجر وأصحابه.

قال الاميني: ما أكبرها من جناية على رجل يقول: ربي الله ويدين بالرسالة ويوالي إمام الحق، وليس عليه ما يجلب التنكيل به كما فعله ابن سمية بايعاز من ابن آكلة الاكباد إلا الخضوع لولاية أمر الكتاب بها والرضوخ لها، وقد أكدته السنة في نصوصها المتواترة.

وهل الامتناع عن لعن من أمر الله باتباعه وطهره وقدسه يسوغ الضرب والحبس والقتل؟ أنا لا أدري. وإن إبن الزانية ومن ركزه على ولاية الامصار لعليمان بما ارتئاه، لكن احتدام بغضهما لصاحب الولاية الكبرى حداهما إلى أن يلغا دم من أسلم وجهه لله وهو محسن. وإلى الله المنتهى.

قبيصة بن ضبيعة من أصحاب حجر


بعث زياد إلى قبيصة بن ضبيعة بن حرملة العبسي صاحب شرطته شداد بن الهيثم فدعا قبيصة في قومه وأخذ سيفه فأتاه ربعي بن حراش بن جحش العبسي ورجال من قومه ليسوا بالكثير فأراد أن يقاتل فقال صاحب الشرطة: أنت آمن على دمك و مالك، فلم تقتل نفسك؟ فقال له أصحابه: قد اومنت فعلام تقتل نفسك وتقتلنا معك؟ قال: ويحكم إن هذا الدعي ابن العاهرة والله لئن وقعت في يده لا أفلت منه أبدا أو يقتلني. قالوا: كلا فوضع يده في أيديهم فأقبلوا به إلى زياد فلما دخلوا عليه قال زياد: وحي عسى تعزون على الدين، أما والله لاجعلن لك شاغلا عن تلقيح الفتن والتوثب على الامراء. قال: إني لم آتك إلا على الامان. قال: فانطلقوا به إلى السجن وقتل مع من قتل من أصحاب حجر.

عبدالله بن خليفة من أصحاب حجر


بعث زياد بكير بن حمران الاحمري إلي عبدالله بن خليفة الطائي وكان شهد مع حجر فبعثه في اناس من أصحابه فأقبلوا في طلبه فوجدوه في مسجد عدي بن حاتم

أخرجوه فلما أرادوا أن يذهبوا به وكان عزيز النفس إمتنع منهم فحاربهم وقاتلهم فشجوه ورموه بالحجارة حتى سقط فنادت ميثاء اخته: يا معشر طئ! أتسلمون إبن خليفة لسانكم وسنانكم؟ فلما سمع الاحمري نداءها خشي أن تجتمع طئ فيهلك فهرب فخرج نسوة من طئ فأدخلنه دارا وانطلق الاحمري حتى أتى زيادا فقال: إن طيئا إجتمعت إلي فلم أطقهم فأتيتك، فبعث زياد إلى عدي وكان في المسجد فحبسه وقال: جئني به وقد اخبر عدي بخبر عبدالله، فقال عدي: كيف آتيك برجل قد قتله القوم؟ قال: جئني حتى أن قد قتلوه، فاعتل له وقال: لا أدري أين هو ولا مافعل فحبسه فلم يبق رجل من أهل المصر من أهل اليمن وربيعة ومضر إلا فزع لعدي فأتوا زيادا فكلموه فيه وأخرج عبدالله فتغيب في بحتر فأرسل إلى عدي إن شئت أن أخرج حتى أضع يدي في يدك فعلت، فبعث إليه عدي: والله لو كنت تحت قدمي ما رفعتهما عنك. فدعا زياد عديا فقال له: إني اخلي سبيلك على أن تجعل لي لتنفيه من الكوفة ولتسير به إلى جبلي طئ قال: نعم فرجع وأرسل إلى عبدالله بن خليفة: اخرج فلو قد سكن غضبه لكلمته فيك حتى ترجع إن شاء الله. فخرج إلى الجبلين ومات بهما قبل موت زياد

الشهادة المزورة على حجر


جمع زياد من أصحاب حجر بن عدي أثنى عشر رجلا في السجن ثم دعا رؤساء الارباع وهم: عمرو بن حريث على ربع أهل المدينة. وخالد بن عرفطة على ربع تميم وهمدان. وقيس بن الوليد على ربع ربيعة وكندة. وأبوبردة بن أبي موسى على ربع مذحج وأسد، فشهد هؤلاء ان حجرا جمع إليه الجموع وأظهر شتم الخليفة ودعا إلى حرب أميرالمؤمنين، وزعم ان هذا الامر لا يصلح إلا في آل أبي طالب، وأظهر عذر أبي تراب والترحم عليه والبراءة من عدوه وأهل حربه، وان هؤلاء الذين معه هم رؤس أصحابه وعلى مثل رأيه. ونظر زياد في شهادة الشهود وقال: ما أظن هذه شهادة قاطعة وأحب أن يكون الشهود أكثر من أربعة فدعا الناس ليشهدوا عليه وقال زياد:

على مثل هذه الشهادة فاشهدوا، أما والله لاجهدن على قطع خيط عنق الخائن الاحمق فقام عثمان بن شرحبيل التيمي أول الناس فقال: اكتبوا اسمي فقال زياد: ابدؤا بقريش ثم اكتبوا إسم من نعرفه ويعرفه أميرالمؤمنين بالصحة والاستقامة

___________________________________

يعنى المعروفين بالاستقامة في عداء أميرالمؤمنين على عليه السلام واهل بيته. فشهد عليه سبعون رجلا فقال زياد: ألقوهم إلا من عرف بحسب وصلاح في دينه فألقوا حتى صيروا إلى هذه العدة وهم أربع وأربعون فيهم: عمر بن سعد بن أبي وقاص. شمر بن ذي الجوشن شبث بن ربعي. زجر بن قيس.

وممن شهد شداد بن المنذر أخو الحضين وكان يدعى: إبن بزيعة. فكتب: شهادة إبن بزيعة. فقال زياد: أما لهذا أب ينسب إليه؟ ألغوا من الشهود فقيل له: انه أخو الحضين بن المنذر؟ فقال: أنسبوه إلى أبيه فنسب، فبلغ ذلك شدادا فقال: والهفاه على إبن الزانية أو ليست امه أعرف من أبيه؟ فوالله ما ينسب إلا إلى امه سمية.

وكتب في الشهود شريح بن الحرث، وشريح بن هانئ. فأما شريح بن الحرث فقال: سألني عنه فقلت: أما انه كان صواما قواما. وأما شريح بن هانئ فقال: بلغني ان شهادتي كتبت فأكذبته ولمته، وكتب كتابا إلى معاوية وبعثه اليه بيد وائل بن حجر وفي الكتاب: بلغني ان زيادا كتب شهادتي، وان شهادتي على حجر انه ممن يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، ويديم الحج والعمرة، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، حرام الدم والمال، فإن شئت فاقتله، وإن شئت فدعه. فلما قرأ معاوية الكتاب قال: ما أرى هذا إلا قد أخرج نفسه من شهادتكم.

وكتب شهادة السري بن وقاص الحارثي وهو غائب في عمله.

قال الاميني: هذه شهادة زور لفقها إبن أبيه أو ابن امه على أصناف من الناس منهم الصلحاء والاخيار الذين أكذبوا ذلك العز والمختلق كشريح بن الحرث وشريح بن هانئ ومن حذا حذوهما، وشهدوا بخلاف ما كتب عنهما ومنهم من كانوا غائبين عن ساعة الشهادة وساحتها، لكن يد الافك أثبتتها عليهم كابن وقاص الحارثي ومن يشاكله. ومنهم رجرجة من الناس يستسهلون شهادة الزور ويستسوغون من جرائها إراقة

الدماء ليس لهم من الدين موضع قدم ولا قدم كعمر بن سعد، وشمر بن ذي الجوشن، وشبث بن ربعي، وزجر بن قيس، فتناعقوا بشهادة باطلة لاجلها وصفهم الدعي بانهم خيار أهل المصر وأشرافهم، وذوو النهى والدين. وإن معاوية جد عليم بحقيقة الحال لكن شهوة الوقيعة في كل ترابي حبذت له قبول الشهادة المزورة والتنكيل بحجر وأصحابه الصلحاء الاخيار، فصرم بهم اصول الصلاح وقطع أواصرهم يوم أودى بهم، ولم يكترث لمغبة ما ناء به من عمل غير مبرور فإلى الله المشتكى.

تسيير حجر واصحابه إلى معاوية ومقتلهم


دفع زياد حجر بن عدي وأصحابه إلى وائل بن حجر الحضرمي وكثير بن شهاب وأمرهما أى يسيرا بهم إلى الشام فخرجوا عشية وسار معهم صاحب الشرطة حتى أخرجهم من الكوفة فلما انتهوا إلى جبانة عرزم نظر قبيصة بن ضبيعة العبسي إلى داره وهي في جبانة عرزم فإذا بناته مشرفات فقال لوائل وكثير: ائذنا لي فاوصي أهلي. فأذنا له، فلما دنا منهن وهن يبكين سكت عنهن ساعة ثم قال: اسكن فسكتن. فقال: اتقين الله عزوجل واصبرن فاني أرجو من ربي في وجهي هذا إحدى الحسنيين: إما الشهادة وهي السعادة، وإما الانصراف إليكن في عافية، وإن الذي يرزقكن ويكفيني مؤنتكن هو الله تعالى وهو حي لا يموت، أرجو أن لا يضيعكن وأن يحفظني فيكن. ثم انصرف فمر بقومه فجعل القوم يدعون الله له بالعافية.

فساروا حتى انتهوا بهم إلى مرج عذراء عند دمشق وهم اثنى عشر رجلا:

حجر بن عدي، الارقم بن عبدالله، شريك بن شداد، صيفي بن فسيل، قبيصة بن ضبيعة، كريم بن عفيف، عاصم بن عوف، ورقاء بن سمي، كدام بن حيان، عبدالرحمن بن حسان، محرز بن شهاب، عبدالله بن حوية. وأتبعهم زياد برجلين مع عامر بن الاسود فتموا أربعة عشر رجلا فحبسوا بمرج عذراء فبعث معاوية إلى وائل بن حجر وكثير بن شهاب فأدخلهما وأخذ كتابهما فقرأه على أهل الشام فإذا فيه:

بسم الله الرحمن الرحيم لعبدالله معاوية بن أبي سفيان أميرالمؤمنين من زياد بن أبي سفيان أما بعد: فإن الله قد أحسن عند أميرالمؤمنين البلاء، فأدا له من عدوه وكفاه مؤنة من بغى عليه،

إن طواغيت الترابية الصبائية رأسهم حجر بن عدي خالفوا أميرالمؤمنين، وفارقوا جماعة المسلمين، ونصبوا لنا الحرب، فأظهرنا الله عليهم وأمكننا منهم وقد دعوت خيار أهل المصر وأشرافهم وذوي النهى والدين فشهدوا عليهم بما رأوا وعلموا، وقد بعثت بهم إلى أميرالمؤمنين وكتبت شهادة صلحاء أهل المصر وخيارهم في أسفل كتابي هذا.

فلما قرأ معاوية الكتاب وشهادة الشهود عليهم قال: ماذا ترون في هؤلاء النفر الذين شهد عليهم قومهم بما تسمعون؟ فقال له يزيد بن أسد البجلي: أرى أن تفرقهم في قرى الشام فيكفيكهم طواغيتها وكتب معاوية إلى زياد: أما بعد: فقد فهمت ما اقتصصت به من أمر حجر وأصحابه وشهادة من قبلك عليهم فنظرت في ذلك فأحيانا أرى قتلهم أفضل من تركهم، وأحيانا أرى العفو عنهم أفضل من قتلهم، والسلام.

فكتب إليه زياد مع يزيد بن حجية التميمي: أما بعد: فقد قرأت كتابك وفهمت رأيك في حجر وأصحابه فعجبت لاشتباه الامر عليك فيهم وقد شهد عليهم بما قد سمعت من هو أعلم بهم، فإن كانت لك حاجة في هذا المصر فلا تردن حجرا وأصحابه إلي.

فأقبل يزيد بن حجية حتى مر بهم بعذراء، فقال: يا هؤلاء! أما والله ما أرى براءتكم ولقد جئت بكتاب فيه الذبح فمروني بما أحببتم مما ترون انه لكم نافع أعمل به لكم وأنطق به. فقال حجر أبلغ معاوية: أنا على بيعتنا لا نستقيلها ولا نقيلها، وإنما شهد علينا الاعداء والاظناء فقدم يزيد بالكتاب إلى معاوية وأخبره بقول حجر فقال معاوية. زياد أصدق عندنا من حجر. فقال عبدالرحمن بن ام الحكم الثقفي. ويقال: عثمان بن عمير الثقفي: جذاذها جذاذها. فقال له معاوية: لا تعن أبرا. فخرج أهل الشام ولا يدرون ما قال معاوية وعبدالرحمن فأتوا النعمان بن بشير فقالوا له مقالة ابن ام الحكم فقال النعمان: قتل القوم.

أقبل عامر بن الاسود العجلي وهو بعذراء يريد معاوية ليعلمه بالرجلين اللذين بعث بهما زياد ولحقا بحجر وأصحابه فلما ولى ليمضي قام إليه حجر بن عدي يرسف في القيود فقال: يا عامر! اسمع مني أبلغ معاوية: إن دماءنا عليه حرام. وأخبره أنا قد اومنا وصالحناه فليتق الله ولينظر في أمرنا. فقال له نحوا من هذا الكلام فأعاد عليه حجر مرارا. فدخل عامر على معاوية فأخبره بأمر الرجلين فقام يزيد بن أسد البجلي فاستوهب

الرجلين وكان جرير بن عبدالله كتب في أمر الرجلين انهما من قومي من أهل الجماعة و الرأى الحسن سعى بهما ساع ظنين إلى زياد وهما ممن لا يحدث حدثا في الاسلام ولا بغيا على الخليفة فلينفعهما ذلك عند اميرالمؤمنين. فوهبهما له وليزيد بن اسد.

وطلب وائل بن حجر في الارقم الكندي فتركه.

وطلب أبوالاعور في عتبة بن الاخنس فوهبه له.

وطلب حمزة بن مالك الهمداني في سعيد بن نمران فوهبه له.

وطلب حبيب بن مسلمة في عبدالله بن حوية التميمي فخلى سبيله.

فقام مالك بن هبيرة فسأله في حجر فلم يشفعه فغضب وجلس في بيته، فبعث معاوية هدبة بن فياض القضاعي من بني سلامان بن سعد والتحصين بن عبدالله الكلابي وأبا شريف البدي- في الاغاني: أبا حريف البدري- فأتوهم عند المساء فقال الخثعمي حين رأى الاعور مقبلا: يقتل نصفنا وينجو نصفنا. فقال سعيد بن نمران: أللهم اجعلني ممن ينجو وأنت عني راض. فقال عبدالرحمن بن حسان العنزي: أللهم اجعلني ممن تكرم بهوانهم وأنت عني راض فطالما عرضت نفسي للقتل فأبى الله إلا ما أراد. فجاء رسول معاوية إليهم بتخلية ستة وبقتل ثمانية، فقال لهم رسل معاوية: إنا قد امرنا أن نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له فإن فعلتم هذا تركناكم وإن أبيتم قتلناكم، وان أميرالمؤمنين يزعم ان دماءكم قد حلت له بشهادة أهل مصركم عليكم غير انه قد عفا عن ذلك فابرؤا من هذا الرجل نخل سبيلكم قالوا: لسنا فاعلين فامروا بقيودهم فحلت، وبقبورهم فحفرت، وادنيت أكفانهم، فقاموا الليل كله يصلون فلما أصبحوا قال أصحاب معاوية: يا هؤلاء! قد رأيناكم البارحة أطلتم الصلاة وأحسنتم الدعاء فأخبرونا ما قولكم في عثمان؟ قالوا: هو أول من جار في الحكم، وعمل بغير الحق. فقال: أصحاب معاوية أميرالمؤمنين كان أعلم بكم، ثم قاموا إليهم وقالوا: تبرؤن من هذا الرجل؟ قالوا: بل نتولاه فأخذ كل رجل منهم رجلا ليقتله فوقع قبيصة بن ضبيعة في يدي أبي شريف البدي فقال له قبيصة: إن الشر بين قومي وقومك أمن - أي: آمن- فليقتلني غيرك فقال له: برتك رحم فأخذ الحضرمي فقتله. وقتل القضاعي صاحبه.

قال لهم حجر: دعوني اصلي ركعتين، فأيمن الله ما توضات قط إلا صليت ركعتين.

/ 41