غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب جلد 11

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غدیر فی الکتاب و السنة و الأدب - جلد 11

عبدالحسین احمد الامینی النجفی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


على ما حكاه ابن سعد ليستعرض الناس فيقتل من كان في طاعة علي بن أبي طالب فأقام في المدينة شهرا فما قيل له في أحد: إن هذا ممن أعان على عثمان إلا قتله، وقتل قوما من بني كعب على مائهم فيما بين مكة والمدينة وألقاهم في البئر ومضى إلى اليمن. وقتل من همدان بالجرف من كان مع علي بصفين فقتل أكثر من مأتين، وقتل من الابناء كثيرا وهذا كله بعد قتل علي بن أبي طالب.

قال ابن يونس: كان عبيدالله بن العباس قد جعل ابنيه عبدالرحمن وقثم عند رجل من بني كنانة وكانا صغيرين فلما انتهى بسر إلى بني كنانة بعث إليهما ليقتلهما، فلما رأى ذلك الكناني دخل بيته فأخذ السيف واشتد عليهم بسيفه حاسرا وهو يقول:

ألليث من يمنع حافات الدار++

ولا يزال مصلتا دون الدار

___________________________________

والصحيح: ولا يزال مصلتا دون الجار.

إلا فتى أروع غير غدار

فقال له بسر: ثكلتك امك والله ما أردنا قتلك فلم عرضت نفسك للقتل؟ فقال: اقتل دون جاري فعسى اعذر عند الله وعند الناس. فضرب بسيفه حتى قتل، وقدم بسر الغلامين فذبحهما ذبحا، فخرج نسوة من بني كنانة فقالت قائلة منهن: يا هذا هؤلاء الرجال قتلت فعلام تقتل الولدان؟ والله ما كانوا يقتلون في الجاهلية ولا إسلام والله ان سلطانا لا يقوم إلا بقتل الرضع الصغيرة والمدره الكبير، وبرفع الرحمة وعقوق الارحام لسلطان سوء فقال لها بسر والله لقد هممت أن أضع فيكن السيف. فقالت: تالله انها لاخت التي صنعت، وما أنا بها منك بآمنة. ثم قالت للنساء اللواتي حولها: ويحكن تفرقن.

وفي الاصابة 9:3: عمرو بن عميس قتله بسر بن ارطاة لما أرسله معاوية للغارة على عمال علي فقتل كثيرا من عماله من أهل الحجاز واليمن.

صورة مفصلة

كان بسر بن أرطاة

___________________________________

ويقال؟: ابن ابى ارطاة. قاسي القلب، فظا سفاكا للدماء، لا رأفة عنده ولا رحمة،

فأمره معاوية أن يأخذ طريق الحجاز والمدينة ومكة حتى ينتهي إلى اليمن، وقال له: لا تنزل على بلد أهله على طاعة علي إلا بسطت عليهم لسانك حتى يروا أنهم لانجاء لهم، وانك خيط بهم، ثم اكفف عنهم وادعهم إلى البيعة لي، فمن أبى فاقتله، واقتل شيعة علي حيث كانوا.

وفي راوية إبراهيم الثقفي في "الغارات" في حوادث سنة اربعين: بعث معاوية بسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف وقال: سر حتى تمر بالمدينة فاطرد الناس، واخف به من مررت به، وانهب اموال كل من أصبت له مالا ممن لم يكن له دخل في طاعتنا، فاذا دخلت المدينة فأرهم إنك تريد أنفسهم، وأخبرهم إنه لا براءة لهم عندك ولا عذر حتى إذا ظنوا انك موقع بهم فاكفف عنهم، ثم سر حتى تدخل مكة ولا تعرض فيها لاحد، وأرحب الناس عنك فيما بين المدينة ومكة، واجعلها شرودات حتى تأتي صنعاء والجند، فإن لنا بها شيعة وقد جاء في كتابهم.

فخرج بسر في ذلك البعث مع جيشه وكانوا إذا وردوا ماء أخذوا إبل أهل ذلك الماء فركبوها، وقادوا خيولهم حتى يردوا الماء الآخر، فيردون تلك الابل ويركبون إبل هؤلاء، فلم يزل يصنع ذلك حتى قرب إلى المدينة، فاستقبلتهم قضاعة ينحرون لهم الجزر حتى دخلوا المدينة، وعامل على عليه السلام عليها أبوأيوب الانصاري صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج عنها هاربا ودخل بسر المدينة، فخطب الناس وشتمهم وتهددهم يومئذ وتوعدهم وقال: شاهت الوجوه إن الله تعالى ضرب مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا. وقد أوقع الله تعالى ذلك المثل بكم وجعلكم أهله كان بلدكم مهاجر النبي صلى الله عليه وآله ومنزله وفيه قبره ومنازل الخلفاء من بعده، فلم تشكروا نعمة ربكم ولم ترعوا حق نبيكم، وقتل خليفة الله بين أظهركم، فكنتم بين قاتل وخاذل ومتربص وشامت، إن كانت للمؤمنين قلتم: ألم نكن معكم؟ وإن كان للكافرين نصيب، قلتم: ألم نستحوذ عليكم ونمنعكم من المؤمنين؟ ثم شتم الانصار، فقال: يا معشر اليهود وأبناء العبيد بني زريق وبني النجار وبني سالم وبني عبدالاشهل! أما والله لاوقعن بكم وقعة تشفى غليل صدور المؤمنين وآل عثمان، أما والله لادعنكم

أحاديث كالامم السالفة، فتهددهم حتى خاف الناس أن يوقع بهم، ففزعوا إلى حويطب بن عبدالعزى، ويقال: انه زوج امه فصعد إليه المنبر فناشده وقال: عترتك وأنصار رسول الله وليست بقتلة عثمان، فلم يزل به حتى سكن ودعا الناس إلى بيعة معاوية فبايعوه ونزل فأحرق دورا كثيرة منها: دار زرارة بن حرون أحد بني عمرو بن عوف، ودار رفاعة بن رافع الزرقي، ودار أبي أيوب الانصاري، وفقد جابر بن عبدالله الانصاري، فقال: مالي لا أرى جابرا يا بني سلمة؟ لا أمان لكم عندي أو تأتوني بجابر. فعاذ جابر بام سلمة رضي الله عنها، فأرسلت إلى بسرب ن أرطاة فقال: لا أومنه حتى يبايع فقالت له ام سلمة: اذهب فبايع، وقالت لابنها عمر: اذهب فبايع، فذهبا فبايعاه.

وروى من طريق وهب بن كيسان قال: سمعت جابر بن عبدالله الانصاري يقول: لما خفت بسرا وتواريت عنه قال لقومي: لا أمان لكم عندي حتى يحضر جابر فأتوني وقالوا: ننشدك الله لما انطلقت معنا فبايعت فحقنت دمك ودماء قومك فانك إن لم تفعل قتلت مقاتلينا وسبيت ذرارينا، فاستنظرتهم الليل فلما أمسيت دخلت على ام سلمة فاخبرتها الخبر فقالت: يا بني انطلق فبايع احقن دمك ودماء قومك، فاني قد أمرت ابن أخي أن يذهب فيبايع، وإني لاعلم انها بيعة ضلالة.

قال إبراهيم: فأقام بسر بالمدينة أياما ثم قال لهم: إني قد عفوت عنكم وإن لم تكونوا لذلك بأهل، ما قوم قتل امامهم بين ظهرانيهم بأهل أن يكف عنهم العذاب، ولئن نالكم العفو مني في الدنيا اني لارجو أن لا تنالكم رحمة الله عزوجل في الآخرة، وقد استخلفت عليكم أبا هريرة فإياكم وخلافه. ثم خرج إلى مكة.

وروى الوليد بن هشام قال: أقبل بسر فدخل المدينه فصعد منبر الرسول صلى الله عليه وآله ثم قال: يا أهل المدينة خضبتم لحاكم وقتلتم عثمان مخضوبا، والله لا أدع في المسجد مخضوبا إلا قتلته. ثم قال لاصحابه: خذوا بأبواب المسجد وهو يريد أن يستعرضهم فقام إليه عبدالله بن الزبير وأبوقيس أحد بني عامر بن لوي فطلبا إليه حتى كف عنهم وخرج إلى مكة فلما قرب منها هرب قثم بن العباس وكان عامل علي عليه السلام

ودخلها بسر فشتم أهل مكة وأنبهم ثم خرج عنها واستعمل عليها شيبة بن عثمان.

وروى عوانة عن الكلبي: ان بسرا لما خرج من المدينة إلى مكة قتل في طريقه رجالا، وأخذ أموالا، وبلغ أهل مكة خبره فتنحى عنها عامة أهلها، وتراضى الناس بشيبة بن عثمان أميرا لما خرج قثم بن العباس عنها، وخرج إلى بسر قوم من قريش فتلقوه فشتمهم ثم قال: أما والله لو تركت ورأيي فيكم لتركتكم وما فيها روح تمشي على الارض. فقالوا: ننشدك الله في أهلك وعترتك. فسكت ثم دخل وطاف بالبيت وصلى ركعتين ثم خطبهم فقال: الحمد لله الذي أعز دعوتنا، وجمع الفتنا، وأذل عدونا بالقتل والتشريد، هذا ابن ابي طالب بناحية العراق في ضنك وضيق قد ابتلاه الله بخطيئته، وأسلمه بجريرته، فتفرق عنه أصحابه ناقمين عليه، وولي الامر معاوية الطالب بدم عثمان، فبايعوا، ولا تجعلوا على أنفسكم سبيلا. فبايعوا وفقد سعيد بن العاص فطلبه فلم يجده وأقام أياما ثم خطبهم فقال: يا أهل مكة! اني قد صفحت عنكم فإياكم والخلاف، فوالله إن فعلتم لاقصدن منكم إلى التي تبير الاصل، وتحرب المال، وتخرب الديار، ثم خرج إلى الطائف.

قال "إبراهيم الثقفي": ووجه رجلا من قريش إلى نبالة وبها قوم من شيعة علي عليه السلام وأمره بقتلهم فأخذهم وكلم فيهم وقيل له: هؤلاء قومك فكف عنهم حتى نأتيك بكتاب من بسر بأمانهم فحبسهم وخرج منيع الباهلي من عندهم إلى بسر وهو بالطائف يستشفع إليه فيهم، فتحمل عليه بقوم من الطائف فكلموه فيهم وسألوه الكتاب بإطلاقهم فوعدهم ومطلهم بالكتاب حتى ظن انه قد قتلهم القرشي المبعوث لقتلهم، وان كتابه لا يصل إليهم حتى يقتلوا، ثم كتب لهم فأتى منيع منزله وكان قد نزل على امرأة بالطائف ورحله عندها فلم يجدها في منزلها فوطئ على ناقته بردائه وركب فسار يوم الجمعة وليلة السبت لم ينزل عن راحلته قط فأتاهم ضحوة وقد اخرج القوم ليقتلوا واستبطئ كتاب بسر فيهم فقدم رجل منهم فضربه رجل من أهل الشام فانقطع سيفه فقال الشاميون بعضهم لبعض: شمسوا سيوفكم حتى تلين فهزوها وتبصر منيع الباهلي بريق السيوف، فألمع بثوبه فقال القوم: هذا راكب عنده خبر

فكفوا وقام به بعيره، فنزل عنه وجاء على رجليه يشد فدفع الكتاب اليهم فاطلقوا، وكان الرجل المقدم الذي ضرب بالسيف فانكسر السيف أخاه.

قال ابراهيم: وروى علي بن مجاهد عن ابن اسحاق: ان اهل مكة لما بلغهم ما صنع بسر خافوه وهربوا، فخرج ابنا عبيدالله بن العباس وهما: سليمان. وداود. وامهما حورية ابنة خالد بن فارط الكنانية وتكنى ام حكيم، وهم حلفاء بني زهرة وهما غلامان مع أهل مكة فأضلوهما عند بئر ميمون بن الحضرمي، وميمون هذا أخو العلاء بن الحضرمي، وهجم عليهما بسر فأخذهما وذبحهما فقالت امهما:

هامن أحس بابني اللذين هما++

كالدرتين تشظى عنهما الصدف

___________________________________

إلى اخر الابيات التى مرت في صفحة 17 و 18.

وقد روي ان اسمهما: قثم وعبدالرحمن، وروي: انهما ضلا في أخوالهما من بني كنانة، وروي: ان بسرا انهما قتلهما باليمن وانهما ذبحا على درج صنعاء وروى عبدالملك بن نوفل عن أبيه: ان بسرا لما دخل الطائف وقد كلمه المغيرة قال له: لقد صدقتني ونصحتني فبات بها وخرج منها وشيعه المغيرة ساعة ثم ودعه وانصرف عنه فخرج حتى مر ببني كنانة وفيهم ابنا عبيدالله بن العباس وامهما فلما انتهى بسر إليهم طلبهما، فدخل رجل من بني كنانة، وكان أبوهما أوصاه بهما، فأخذ السيف من بيته وخرج فقال له بسر: ثكلتك امك والله ما كنا أردنا قتلك فلم عرضت نفسك للقتل؟ قال: اقتل دون جاري أعذر لي عند الله والناس. ثم شد على اصحاب بسر بالسيف حاسرا وهو يرتجز:

آليت لا يمنع حافات الدار++

ولا يموت مصلتا دون الجار

إلا فتى أروع غير غدار

فضارب بسيفه حتى قتل، ثم قدم الغلامان فقتلا، فخرج نسوة من بني كنانة فقالت امرأة منهن: هذه الرجال يقتلها فما بال الولدان؟ والله ما كانوا يقتلون في جاهلية ولا اسلام، والله إن سلطانا لا يشتد إلا بقتل الرضع الضعيف، والشيخ الكبير ورفع الرحمة، وقطع الارحام، لسلطان سوء، فقال بسر: والله لهممت أن أضع فيكن

السيف، قالت: والله إنه لاحب إلى إن فعلت.

قال إبراهيم: وخرج بسر من الطائف فأتى نجران فقتل عبدالله بن عبدالمدان وابنه مالكا وكان عبدالله هذا صهرا لعبيدالله بن العباس ثم جمعهم وقام فيهم، وقال: يا أهل نجران! يا معشر النصارى وإخوان القرود! أما والله إن بلغني عنكم ما أكره لاعودن عليكم بالتي تقطع النسل، وتهلك الحرث، وتخرب الديار، وتهددهم طويلا ثم سار حتى دخل أرحب فقتل أبا كرب وكان يتشيع ويقال: إنه سيد من كان بالبادية من همدان فقدمه فقتله، وأتى صنعاء قد خرج عنها عبيدالله بن العباس وسعيد بن نمران، وقد استخلف عبيدالله عليها عمرو بن اراكة الثقفي، فمنع بسرا من دخولها وقاتله فقتله بسر ودخل صنعاء فقتل منها قوما، وأتاه وفد مأرب فقتلهم فلم ينج منهم إلا رجل واحد ورجع إلى قومه فقال لهم: أنعي قتلانا، شيوخاوشبانا.

قال إبراهيم: وهذه الابيات المشهورة لعبد بن اراكة الثقفى يرثي بها ابنه عمرا:

لعمري لقد أردى ابن أرطاة فارسا++

بصنعاء كالليث الهزبر أبي الاجر

تعز فإن كان البكارد هالكا++

على أحد فاجهد بكاك على عمرو

ولا تبك ميتا بعد ميت أحبة++

علي وعباس وآل أبي بكر

قال: ثم خرج بسر من صنعاء فأتى أهل حبسان وهم شيعة لعلي عليه السلام فقاتلهم وقاتلوه فهزمهم وقتلهم قتلا ذريعا، ثم رجع إلى صنعاء فقتل بها مائة شيخ من أبناء فارس لان ابني عبيدالله بن العباس كانا مستترين في بيت امرأة من أبنائهم تعرف بابنة بزرج وكان الذي قتل بسر في وجهه ذلك ثلاثين ألفا، وحرق قوما بالنار، فقال يزيد بن مفرغ:

تعلق من أسماء ما قد تعلقا++

ومثل الذي لاقى من الشوق أرقا

سقى منفخ الاكناف منبعج الكلى++

منازلها من مشرقات فشرقا

إلى الشرف الاعلى إلى رامهرمز++

إلى قربات الشيخ من نهر اربقا

إلى دست مارين إلى الشط كله++

إلى مجمع السلان من بطن دورقا

إلى حيث يرقى من دجيل سفينه++

إلى مجمع النهرين حيث تفرقا

إلى حيث سار المرء بسر بجيشه++

فقتل بسر ما استطاع وحرقا

قال: ودعا علي عليه السلام على بسر فقال: أللهم ان بسرا باع دينه بالدنيا، وانتهك محارمك، وكانت طاعة مخلوق فاجر، آثر عنده مما عندك، أللهم فلا تمته حتى تسلبه عقله، ولا توجب له رحمتك، ولا ساعة من نهار، أللهم العن بسرا وعمرا ومعاوية، وليحل عليهم غضبك، ولتنزل بهم نقمتك، وليصبهم بأسك وزجرك الذي لا ترده عن القوم المجرمين. فلم يلبث بسر بعد ذلك إلا يسيرا حتى وسوس وذهب عقله، فكان يهذي بالسيف ويقول: اعطوني سيفا أقتل به. لا يزال يردد ذلك حتى اتخذ له سيف من خشب، وكانوا يدنون منه المرفقة فلا يزال يضربها حتى يغشى عليه فلبث كذلك إلى أن مات. شرح ابى الحديد 116:1 تا 121

وفي شرح ابن أبي الحديد 15:3: روى أبوالحسن علي بن محمد بن أبي سيف المدايني من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرءون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ اهل الكوفة لكثرة من بها من شيعة علي عليه السلام فاستعمل عليهم زياد بن سمية وضم إليه البصرة فكان يتتبع الشيعة وهو بهم عارف لانه كان منهم أيام علي عليه السلام فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم، وقطع الايدي والارجل، وسمل العيون، وصلبهم على جذوع النخل، وطردهم وشردهم عن العراق، فلم يبق بها معروف منهم وكتب معاوية إلى عماله في جميع الآفاق: أن لا يجيروا لاحد من شيعة علي وأهل بيته شهادة. وكتب إليهم: أن انظروا من قبلكم من شيعة عثمان ومحبيه وأهل ولايته والذين يروون فضائله ومناقبه فادنوا مجالسهم وقربوهم وأكرموهم واكتبوا لي بكل ما يروي كل رجل منهم واسمه واسم ابيه وعشيرته ففعلوا ذلك حتى أكثروا في فضائل عثمان ومناقبه لما كان يبعثه إليهم معاوية من الصلات والكساء والحباء والقطائع، ويفيضه في العرب منهم والموالي، فكثر ذلك في كل مصر وتنافسوا في المنازل والدنيا، فليس يجئ أحد

مردود من الناس عاملا من عمال معاوية فيروي في عثمان فضيلة أو منقبة إلا كتب اسمه وقربه وشفعه فلبثوا بذلك حينا، ثم كتب إلى عماله: ان الحديث في عثمان قد كثر وفشا في كل مصر وفي كل وجه وناحية فإذا جائكم كتابي هذا فادعوا الناس إلى الرواية في فضائل الصحابة والخلفاء الاولين ولا تتركوا خبرا يرويه أحد من المسلمين في أبي تراب إلا وأتوني بمناقض له في الصحابة مفتعلة، فإن هذا أحب إلي، وأقر لعيني، وأدحض لحجة أبي تراب وشيعته، وأشد إليهم من مناقب عثمان وفضله.

ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان: انظروا إلى من أقامت عليه البينة انه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان واسقطوا عطائه ورزقه، وشفع ذلك بنسخة اخرى: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به واهدموا داره. فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة حتى أن الرجل من شيعة علي عليه السلام ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سره ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الايمان الغليظة ليكتمن عليه، فظهر حديث كثير موضوع وبهتان منتشر إلخ.

استخلف زياد على البصرة سمرة بن جندب لما كتب معاوية إلى زياد بعهده على الكوفة والبصرة فكان زياد يقيم ستة أشهر بالكوفة وستة أشهر بالبصرة، وسمرة من الذين أسرفوا في القتل على علم من معاوية بل بأمر منه، أخرج الطبري من طريق محمد بن سليم قال: سألت أنس بن سيرين: هل كان سمرة قتل أحدا؟ قال: وهل يحصى من قتل سمرة بن جندب؟ استخلفه زياد على البصرة وأتى الكوفة فجاء وقد قتل ثمانية آلاف من الناس، فقال له معاوية: هل تخاف أن تكون قد قتلت أحدا بريئا؟ قال: لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت، أو كما قال. قال أبوسوار العدوي: قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلا قد جمع القرآن.

وروى باسناده عن عوف قال: أقبل سمرة من المدينة فلما كان عند دور بني أسد خرج رجل من أزقتهم ففجأ أوائل الخيل فحمل عليه رجل من القوم فأوجره الحربة قال: ثم مضت الخيل فأتى عليه سمرة بن جندب وهو متشحط في دمه فقال: ما هذا؟

قيل: أصابته أوائل خيل الامير. قال: إذا سمعتم بنا قد ركبنا فاتقوا أسنتنا

___________________________________

تاريخ الطبرى 132:6.

أعطى معاوية سمرة بن جندب من بيت المال أربعمائة الف درهم على أن يخطب في أهل الشام بأن قوله تعالى: ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد انها نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام. وان قوله تعالى: ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله. نزل في ابن ملجم أشقى مراد.

___________________________________

شرح ابن ابى الحديد 361:1.

وأخرج الطبري من طريق عمر بن شبه قال: مات زياد وعلى البصرة سمرة بن جندب خليفة له، فأقر سمرة على البصرة ثمانية عشر شهرا. قال عمر: وبلغني عن جعفر الضبعي قال: أقر معاوية سمرة بعد زياد ستة أشهر ثم عزله فقال سمرة: لعن الله معاوية والله لو أطعت الله كما أطعت معاوية ما عذبني أبدا.

وروى من طريق سليمان بن مسلم العجلي قال: سمعت أبي يقول: مررت بالمسجد فجاء رجل إلى سمرة فأدى زكاة ماله ثم دخل فجعل يصلى في المسجد فجاء رجل فضرب عنقه فإذا رأسه في المسجد وبدنه ناحية، فمر أبوبكرة فقال: يقول الله سبحانه: قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى. قال أبي: فشهدت ذلك فما مات سمرة حتى أخذه الزمهرير فمات شر ميتة. قال: وشهدته واتي بناس كثير واناس بين يديه فيقول للرجل: ما دينك؟ فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وان محمدا عبده ورسوله، وإني بري من الحرورية. فيقدم فيضرب عنقه حتى مر بضعة وعشرون. تاريخ الطبري 164:6.

وفي مقدم عمال معاوية الحاملين عداء سيد العترة، المهاجمين على شيعة آل الله بكل قوى متيسرة زياد بن سمية، ومن الزائد جدا بحثنا عن جرائمه الوبيلة التي حفظها له التاريخ، وأسودت بها صفحات تاريخه، ولا بدع وهو وليد البغاء من الادعياء المشهورين، ربيب حجر سمية البغي، والاناء إنما يترشح بما فيه، والشوك

لا يثمر العنب، وقد صدق النبي الكريم في قوله صلى الله عليه وآله في السبطين ووالديهما: لا يحبهم إلا سعيد الجد طيب المولد، ولا يبغضهم إلا شقي الجد ردي المولد. وكان السلف يبور أولادهم بحب علي عليه السلام فمن كان لا يحبه علموا انه لغير رشدة.

___________________________________

مرت تلكم الاحاديث وستأتى في مسند المناقب ومرسلها. فلا تعجب من الدعي ومن كتابه القارص إلى الامام السبط الحسن الزكي عليه السلام قد شفع إليه في رجل من شيعته. قال ابن عساكر: كان سعد بن سرح مولى حبيب بن عبد شمس من شيعة علي بن أبي طالب، فلما قدم زياد الكوفة واليا عليها أخافه وطلبه زياد فأتي الحسن بن علي فوثب زياد على أخيه وولده وامرأته وحبسهم وأخذ ماله وهدم داره، فكتب الحسن إلى زياد: من الحسن بن علي إلى زياد. أما بعد: فإنك عمدت إلى رجل من المسلمين له مالهم وعليه ما عليهم، فهدمت داره، وأخذت ماله وعياله فحبستهم، فإذا أتاك كتابي هذا فابن له داره، واردد عليه عياله وماله، فإني قد أجرته فشفعني فيه. فكتب اليه زياد:

من زياد بن أبي سفيان إلى الحسن بن فاطمة: أما بعد: فقد أتاني كتابك تبدأ فيه بنفسك قبلي وأنت طالب حاجة وأنا سلطان وأنت سوقة كتبت إلي في فاسق لا يؤبه به، وشر من ذلك توليه أباك وإياك، وقد علمت أنك أدنيته إقامة منك على سوء الرأي ورضي منك بذلك، وأيم الله لا تسبقني به، ولو كان بين جلدك ولحمك، وإن نلت بعضك فغير رفيق بك ولا مرع عليك، فإن أحب لحم إلي أن آكل منه أللحم الذي أنت منه، فسلمه بجريرته إلى من هو أولى به منك، فإن عفوت عنه لم أكن شفعتك فيه، وإن قتلته لم أقتله إلا لحبه أباك الفاسق، والسلام،

___________________________________

تاريخ ابن عساكر 418:5، شرح ابن الحديد 72 و 7 :4. ولما بلغ موته ابن عمر قال: يا ابن سمية! لا الآخرة أدركت ولا الدنيا بقيت عليك.

كان زياد جمع الناس بالكوفة بباب قصره يحرضهم على لعن علي عليه السلام- وفي لفظ البيهقي: يحرضهم على البرائة من علي كرم الله وجهه، فملا منهم المسجد و

/ 41