غایة المرام و حجة الخصام فی تعیین الإمام جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غایة المرام و حجة الخصام فی تعیین الإمام - جلد 3

سید هاشم بن سلیمان بحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

انّ رسول اللَّه وعليّاً أبَوا هذه الاُمّة


1601/الحديث: الشيخ الفقيه أبو الحسَن محمّد بن أحمَد بن شاذان في "المناقب المائة" من طريق العامّة، بحَذفِ الإسناد، عن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن أمير المؤمنين عليهم السلام، قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إنّ اللَّه قد فَرَض عليكُم طاعتي، ونَهاكُم عن مَعْصِيَتي، وأوجَب عليكمُ اتِّباعَ أمري، وفرَض من طاعةِ عليّ بن أبي طالب بعدي كما فَرَض عليكم من طاعَتي، ونَهاكُم عن مَعصِيَتهِ كما نَهاكُم عن مَعصِيَتي، وجعَله أخي، ووَزيري، ووصيّي، ووارثي، وهو منّي وأنا منه، حبُّه إيمانٌ وبُغْضُه كُفْر، مُحِبّه مُحِبيّ، ومُبغِضُه مُبغضي، وهو مَولى مَن أنا مَولاه، وأنا مَولى كلّ مُسلمٍ ومُسلمة، وأنا وهو أبَوا هذه الاُمّة.

[مائة منقبة: 22/42، طبعة دار البلاغة.]

انّ صاحِب الأمرِ بعد رسول اللَّه هو عليّ بن أبي طالب


1602/الأوّل: ابن أبي الحديد في "شرح نهج البلاغة"، وهو من أعيان علماء العامّة، من المعتزلة، قال: روى الزُبَير بن بَكّار، قال |روى| محمّد بن إسحاق، أنّ أبا بكر لمّا بويع، افتخَرت تيم بن مرّة، قال: وكان عامّة المُهاجرين وجُلُّ الأنصارِ لايشكّونَ في أنّ عليّاً عليه السلام هو صاحب الأمر بعد رسولِ اللَّه صلى الله عليه و آله، فقال الفَضْل بن العَبّاس: يامَعشَر قُرَيش، وخصوصاً بني تيم، إنّكم إنّما أخذتُم الخلافة بالنبوّةِ، ونَحن أهلُها دونَكُم، ولو طَلَبنا هذا الأمر الذي نحن أهلُه، لكانت كراهية

[في المصدر: كراهة.] النّاس لنا أعظَم من كراهيتهم

[في المصدر: كراهتهم.] لغَيرِنا، حسَداً منهم لَنا وحِقداً علينا، وإنّا لَنَعلم أنّ عند صاحِبنا عهداً، هو ينتهي إليه.

وقال بعض ولد بني

[في المصدر: ولد أبي لهب بن، وقد نسبت القصيدة إلى ربيعة بن الحارث بن عبدالمطلب، كما في الفصول المختارة: 216، وإلى عبداللَّه بن أبي سفيان بن الحارث ابن عبدالمطلب، كما في الجمل للشيخ المفيد: 118، وإلى العباس بن عبدالمطلب كما في كتاب سليم: 28، وإلى الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب، كما في اُسد الغابة 40:4، وإلى عتبة بن أبي لهب كما في تاريخ اليعقوبي 83:2.] عبدالمُطَّلب بن هاشم:




  • ما كنتُ أحسَب أنّ الأمرَ مُنْصَرِفٌ
    ألَيس أوّل مَن صلّى لقِبلتِكُم
    وأقرَب النّاس عهداً بالنبيّ ومَن
    ما فيه ما فِيهمُ لا يَمْتَرون به
    ماذا الذي ردّهم عنه فنَعلَمه
    ها إنّ ذَا غَبْنُنَا من أعظَم الغَبَنِ



  • عن هاشمٍ ثمّ مِنها عن أبي حسَنِ
    وأعلَم النّاسِ بالقرآن والسُّنَنِ
    جِبْريلُ عَونُ له في الغُسْلِ والكفنِ
    وليس في القومِ ما فيه من الحسَنِ
    ها إنّ ذَا غَبْنُنَا من أعظَم الغَبَنِ
    ها إنّ ذَا غَبْنُنَا من أعظَم الغَبَنِ



قال الزُبَير: فبعَث إليه عليّ عليه السلام فنَهاهُ وأمَره أن لا يعودَ، وقال: سَلامةُ الدِّين أحَبّ إلَينا من غيرها.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 21:6، الأخبار الموفقيات: 380/580.]

1603/الثاني: ابن أبي الحَديد في "الشرح" قال: روى أبو بكر أحمَد بن عبدالعزيز |الجوهري| في كتاب "السقيفة" قال: أخبَرني أحمَد بن إسحاق، قال: حدّثنا أحمَد بن سَيّار، قال: حدّثنا سَعيد بن كَثِير بن عُفَيْر الأنصاري، قال: ذهَب عُمَر ومعه عصابةٌ إلى بيتِ فاطمة عليهاالسلام منهم اُسَيد بن خَضير، وسَلَمة بن أسلَم، فقال لهم: انطَلِقوا فبايِعوا، فأبَوا - يعني مَن كان في بيت فاطمة عليهاالسلام - وخرَج إليهم الزُبَير بسَيفهِ، فقال عمر: علَيكُم الكَلْب. فوثَب |عليه| سَلَمة بن أسلَم فأخذ السَّيف من يَدِه وضرب به الجِدار، ثمّ انطَلقوا به وبعليّ عليه السلام، ومعَهُما بنو هاشم، وعليّ عليه السلام يقول: أنا عبدُ اللَّه وأخو رَسولِه، حتّى انتَهوا به إلى أبي بكر، فقيل له: بايع. فقال: أنا أحَقّ بهذا الأمر منكم، لا اُبايعكم وأنتُم أولى بالبَيْعةِ لي، أخَذتُم هذا الأمرَ مِن الأنصارِ، واحتَجَجْتُم |عليهم| بالقَرابةِ من رسولِ اللَّه صلى الله عليه و آله، فأعطوكُم المَقادةَ، وسلَّموا إليكم الإمارة، وأنا أحتَجّ عليكُم بمِثْلِ ما احتَجَجْتُم به على الأنصارِ، فأنصِفونا إن كنتُم تَخافون اللَّه من أنفُسِكم، واعرِفوا لنا من الأمرِ مثل ما عرَفتِ الأنصارُ لكم، وإلّا فَبُوءوا بالظُلمِ وأنتم تعلمون.

فقال عمر: إنّك لستَ متروكاً حتّى تُبايِع. فقال له عليّ عليه السلام: احلِبْ يا عُمَر حَلْباً لك شَطْرُه، اشدُد له اليومَ أمرَه، لِيَرُدَّهُ عليك غَداً، ألا واللَّه لا أقبَل قولَك ولا اُبايعه. فقال له أبو بكر: فإن لم تُبايْعني لم اُكرِهْكَ. فقال أبو عُبَيْدَة: يا أبا الحسَن، إنّك حَديثُ السِّنِّ، وهؤلاء مَشْيَخة قُرَيشٍ، قومك، ليس لك مثل تَجرِبتهم ومَعرِفتهم بالاُمور، ولا أرى أبا بكر إلّا أقوى على هذا الأمر منك، وأشدّ احتمالاً له، واضطِلاعاً به، فسَلِّم له هذا وارضَ به، فإنّك إن تَعِش ويَطُلْ عُمرُك فأنت لهذا الأمرِ خَليقٌ وبه حَقيقٌ، في فَضْلِك وقَرابتِك |وسابقتك| وجِهادك.

فقال |عليّ|: يامعشر المهاجرين، اللَّه |اللَّه| لا تُخرِجوا سلطان محمّدٍ صلى الله عليه و آله من بيته وداره إلى بُيوتِكم ودُورِكم، ولا تدفعوها عن مَقامه في النّاس وحقّه، فواللَّه - يا معشر المهاجرين - لنَحنُ أهلُ البَيتِ أحقُّ بهذا الأمرِ منكم، أما كان منّا القارئ لكتابِ اللَّه، الفقيه في دين اللَّه، العالِم بالسُّنَّةِ، المُضْطَلِع بأمور

[في المصدر: بأمر.] الرّعيّة؟ واللَّه إنّه لَفينا، فلا تتَّبِعوا الهَوى فتَزدادوا مِن الحّقّ بُعداً.

فقال بشير بن سَعْد: لو كان هذا الكلام سَمِعَتْهُ مِنك الأنصارُ يا عليّ قبل بَيْعَتِهم لأبي بكر ما اختَلف عليك اثنان، ولكنّهم قد بايَعوا. وانصَرف عليّ عليه السلام إلى مَنزِله، ولم يُبايِع، ولَزِم بيتَه حتّى ماتَت فاطمة عليهاالسلام، فلمّا ماتت فاطمة عليهاالسلام خرَج فبايَع.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11:6.]

1604/الثالث: ابن أبي الحديد، قال أبو بكر أحمَد بن عبدالعزيز، وحدّثنا أحمَد، قال: حدّثني سعيد بن كثير، قال: حدّثني ابن لَهِيعة أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مات وأبو ذرّ غائِب، فقَدِم وقد ولي أبو بكر فقال: أصَبتُم قناعة وترَكتُم قرابة،

[في المصدر: أصبتم قناعه وتركتم قرابه.] لو جعَلتُم هذا الأمرَ في أهل بيت نبيّكم ما أختلَف عليكم اثنان.

قال أبو بكر: وأخبَرنا أبو زَيد عمر بن شَبّة، قال: حدّثنا أبو قَبيصة محمّد بن حَرْب، قال: لمّا توفّي النبيّ صلى الله عليه و آله وجَرى في السّقيفة ما جَرى، تمثّل عليّ عليه السلام:




  • وأصبح أقوامٌ يقولون ما اشتَهَوا
    ويَطْغَون لمّا غالَ زَيدٌ غَوائلَه



  • ويَطْغَون لمّا غالَ زَيدٌ غَوائلَه
    ويَطْغَون لمّا غالَ زَيدٌ غَوائلَه



[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13:6.]

وقال: وروى الزبير بن بَكّار في "المُوَفقِيّات" |قال|: لمّا بايَع بشير بن سعد أبا بكر وازدَحم النّاس على أبي بكر فَبايعوه، مرّ أبو سفيان بن حَرْب بالبيتِ الذي فيه عليّ بن أبي طالب عليه السلام فوقَف وأنشَد:




  • بني هاشمٍ لا تَطْمَع النّاسُ فيكُم
    فَما الأمرُ إلّا فيكم وإليكمُ
    أبا حسنٍ فاشدُد بها كفَّ حازمٍ
    وأي امرئ يَرمي قصيّاً ورأيها
    مَنيع الحِمى والنّاس من غالبٍ قصي



  • ولا سيَّما تَيم بن مرّة أو عَدي
    وليس لها إلّا أبو حسَنٍ علي
    فإنّك بالأمرِ الذي يُرتَجى مَلي
    مَنيع الحِمى والنّاس من غالبٍ قصي
    مَنيع الحِمى والنّاس من غالبٍ قصي



[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 17:6، الأخبار الموفقيات: 577.]

1605/الرابع: ابن أبي الحديد، قال الزُبَير |بن بكار|: لمّا بويع أبو بكر، أقبَلت الجماعة التي بايعَته تَزُفّه زَفّاً إلى مسجِد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فلمّا كان آخِر النّهار، افتَرَقوا إلى مَنازلِهم، واجتمع قومٌ مِن الأنصارِ، وقومٌ مِن المُهاجِرين فتَعاتَبوا فيما بينَهم، وقال عبدالرّحمن بن عَوْف: يا معشَر الأنصار، إنّكم وإن كُنتُم اُولي فَضْلٍ ونَصْرٍ وسابقةٍ، ولكن ليس فيكم مِثل أبي بكر، ولا عُمَر، ولا عليّ، ولا أبي عُبَيْدَة. فقال زَيد بن أرقَم: إنّا لا نُنكِر فَضْلَ مَن ذكَرتَ يا عبدالرّحمن، وإنّ منّا لسيّد الأنصار سعد بن عُبادة، ومَن أمر اللَّهُ رسولَه صلى الله عليه و آله أن يقرئه السلام وأن يُؤخذ عنه القرآن اُبَيّ بن كَعْب، ومَن يجي ء يوم القيامةِ إمام العُلَماء مُعاذ بن جَبَل، ومَن أمضى رسولُ اللَّه صلى الله عليه و آله شهادَته بشهادةِ رجُلَين خُزَيمَة بن ثابت، وإنا لنَعْلَم أنّ |ممّن| سمَّيْتَ مِن قُرَيش مَن لو طلَب هذا الأمر لم يُنازِعْه فيه أحَد عليّ بن أبي طالب.

قال الزُبَير: فلمّا كان من الغَد، قام أبو بكر وخطب النّاسَ فقال: أيّها النّاس، إنّي وليت أمركم ولستُ بخَيّركم، فإن أحسَنت فأعِينوني، وإن أسأتُ فَقوِّموني، فإنّ لي شيطاناً يعتَريني، فإيّاكم وإيّاي إذا غَضِبتُ، لا أؤثِر في أشعارِكم وأبشاركم، الصِّدق أمانة والكَذِب خيانة، والضّعيف منكُم قويٌّ حتّى أرُدّ إليه حقّه، والقويّ ضَعيفٌ حتّى آخُذ الحقّ منه، إنّه لا يَدَع قومٌ الجهادَ إلّا ضَرَبهم اللَّه بالذُلّ، ولا تَشيعُ في قومٍ الفاحشةُ إلّا عَمَّهُم البَلاء، أطيعوني ما أطَعتُ اللَّه، فإذا عَصَيتُه فلا طاعة لي علَيكُم، قوموا إلى صَلَواتِكم يَرحَمكم اللَّه.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 19:6، الأخبار الموفقيات: 578.]

1606/الخامس: ابن أبي الحديد، قال الزُبَير: وحدّثنا محمّد بن موسى الأنصاري المعروف بابن مخرمة، قال: حدّثني إبراهيم بن سَعْد بن إبراهيم بن عبدالرّحمن بن عَوْف الزُّهْرِي، قال: لمّا بويع أبو بكر واستقَرّ أمرهُ، نَدِم قومٌ كثيرٌ مِن الأنصارِ على بيعته، ولامَ بعضُهم بعضاً، وذكَروا عليّ بن أبي طالب، ونوّهوا

[في المصدر: وهتفوا.] باسمهِ، وإنّه لفي بَيتهِ

[في المصدر: وإنّه في داره.] لم يَخرُج إليهم، وجَزِع لذلك المهاجرون، وكَثُر في ذلك الكلام.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 23:6.]

1607/السادس: ابن أبي الحديد، قال: قال الزُبَير: وحضَر أبو سُفيان بن حَرْب، فقال: يا مَعْشَر قُرَيش، إنّه ليس للأنصار أن يتفَضّلوا على النّاس حتّى يُقِرّوا بفَضْلِنا عليهم، فإن تَفضّلوا

[في النسخة: يفعلوا.] فحَسبُنا حيث انتهى بها، وإلّا فحَسْبهُم حيث انتهى بهم، وايمُ اللَّه لئن بَطِروا المَعيشة، وكفَروا النِعمةَ، لنَضْرِبنَّهم على الإسلام كما ضربونا

[في المصدر: ضربوا.] عليه، فأمّا عليّ بن أبي طالب، فأهلٌ واللَّهِ أن تُسَوّده

[في المصدر: أن يُسوَّد على.] قُرَيش وتُطيعه الأنصار.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 24:6.]

1608/السابع: ابن أبي الحديد، قال: قال أبو بكر: وأخبرَنا أبو زيد عمر بن شَبّة، عن رجاله، عن الشّعبي، قال: قام الحسَن بن عليّ عليهماالسلام إلى أبي بكر وهو يَخْطُب على المِنبَر، فقال |له|: انزِل عن مِنْبَر أبي، فقال أبو بكر: صدَقْتَ واللَّه، إنّه لمِنْبَر أبيك لا مِنْبَر أبي، فبعَث عليّ عليه السلام إلى أبي بكر: إنّه غُلامٌ حَدَث، وإنّا لم نأمُره. فقال أبو |بكر|: صدَقْتَ، إنّا لم نَتَّهِمك.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 42:6.]

1609/الثامن: ابن أبي الحديد، قال أبو بكر: وأخبَرنا |أبو| زيد، قال: حدّثنا محمّد بن يحيى، قال حدّثنا غَسّان بن عبدالحميد، |قال|: لمّا أكثَروا

[في المصدر: أكثر.] في تخلّف عليّ عليه السلام عن البيعة، واشتدّ أمر أبي

[في المصدر: واشتدّ أبو.] بكر وعمر في ذلك، خرَجت اُمّ مِسْطَح بن اُثاثة، فوقفَت عند قبر النبي صلى الله عليه و آله ونادَته: يا رسول اللَّه:

قد كان بعدَك أنباءٌ وهَنْبَثة

[الهَنْبَثة: الداهية، والأمر الشديد والأختلاط في القول، وفي المصدر: وهينمة، وهي الكلام الخفيّ الذي لا يُفْهَم.]

لو كنت شاهِدَها لم تَكثُرِ الخُطَب




  • إنّا فقَدناكَ فَقْدَ الأرضِ وابِلَها
    فاختلّ قومُك فاشهَدهم ولا تَغِب



  • فاختلّ قومُك فاشهَدهم ولا تَغِب
    فاختلّ قومُك فاشهَدهم ولا تَغِب



[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 43:6.]

1610/التاسع: ابن أبي الحديد، قال: قال أبو بكر أحمَد بن عبدالعزيز: وسَمِعت أبا زَيد عمر بن شَبّة يُحدّث رجلاً بحديثٍ لم أحفَظ إسناده، قال: مَرّ المُغِيرة بن شُعْبةَ بأبي بكر وعمر وهما جالسان على باب النبيّ صلى الله عليه و آله حين قُبِض، |فقال|: ما يُقعِدُكما؟ قالا: ننتَظِر هذا الرّجل يَخْرُج فنُبايعه - يعنِيان عليّاً عليه السلام - فقال: أتُريدون أن تنظروا حَبَل |الحَبَلَة|

[أي أولاد الأولاد.] من أهل هذا البيت! وَسِّعوها في قُرَيش تتَّسِع. قال: فقاما إلى سَقيفة بني ساعِدة، أو كلاماً هذا معناه.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 43:6.]

اُنظُر كيف رجَع أبو بكر وعمر عن الحقّ، ورجَعا إلى المُغيرةِ بن شُعبَة الذي شَهِد عليه المُعتَزِلة بالكُفْرِ، كمّا صرّح به ابن أبي الحديد، وإنّه زانٍ فاسِق كما ذَكره ابن أبي الحديد، وذكر فيه الرّوايات الكثيرة في "الشرح"

[راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 69:4 و80 و8:20 و15 و23.] والعجب أيضاً من ابن أبي الحديد ومَن قال بمَقالتِه كيف يعتَقِد إمامة من هذه صِفَتُه!

1611/العاشر: ابن أبي الحديد في "الشرح"، قال: قال نَصْر - يعني ابن مُزاحم -: وكتَب محمّد بن أبي بكر |إلى معاوية:

من محمّد بن أبي بكر، إلى| الغاوي معاوية بن صَخْر، سَلامٌ على أهلِ طاعة اللَّه ممّن هو سِلمٌ لأهل ولايته.

[في المصدر: لأهل ولاية اللَّه.]

أمّا بعد، فإنّ اللَّه بجَلاله وعظَمتهِ وسُلطانهِ، وقُدرَتهِ، خَلقَ خلقاً بلا عَبَثٍ ولا ضَعْفٍ في قوّته، ولا حاجة به إلى خَلقِهم، ولكنّه خلَقهم عبيداً، وجعَل منهم شقيّاً وسعيداً، وغَويّاً ورَشيداً، ثمّ اختارَهم على علمه، فاصطَفى وانتجب منهم محمّداً صلى الله عليه و آله، فاختَصّه برسالته، واختارَه لِوَحْيهِ، وائتَمنه على أمِره، وبَعَثه رسولاً مُصدّقاً لما بين يَدَيه مِن الكُتُب، ودليلاً على الشرائع، فدَعا إلى سَبيلِ ربّه بالحِكمةِ والمَوعِظَةِ الحَسَنةِ، فكان أوّلُ مَن أجابَ وأنابَ، وصَدّق وأسلَم وسَلّم، أخوه وابنُ عمِّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فصدّقهُ بالغيب المكتوم، وآثَره على كلّ حَميمٍ، ووَقاهُ كلَّ هَولٍ، وَواساه بنَفسهِ في كُلّ خَوف، فحارَب حَرْبَه، وسالَم سِلْمَه، فلم يزل

[في المصدر: يبرح.] مُبتَذِلاً لِنَفسِه في ساعاتِ الأزْلِ

[الأزل: الشدّة والضيق.] ومَقامات الرَّوع، حتّى برّز سابقاً لا نَظير له في جهاده، ولا مُقارِب له في فِعْلِه، وقد رأيتُك تُسامِيه وأنتَ أنت وهُوَ هُوَ، السّابق المُبرّز في كلّ خَير، أوّل النّاسِ إسلاماً، وأصدَق النّاس نيّةً، وأطيَب النّاس ذرّيّةً، وأفضَل النّاسِ زوجةً، وخَير النّاس ابنَ عمٍّ.

وأنتَ اللعين ابن اللعين، لم تَزَل أنتَ وأبوكَ تَبْغِيان لدينِ اللَّه الغَوائل، وتجتهدان على إطفاء نورِ اللَّه، وتجمعان على ذلك الجُموع، وتَبذُلان فيه المال، وتُحالِفان في ذلك القبائل، على هذا مات أبوكَ وعلى ذلك خلفته، والشاهِد عليك بذلك مَن يأوي ويَلْجَأ إليك من بقيّة الأحزاب، ورؤوس النِّفاق والشِّقاق لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله، والشاهِد لعليّ مع فَضْلِه وسابِقَته القديمة أنصارُه الذين ذكَرهم اللَّه تعالى في القرآن، ففضّلهم وأثنى عليهم، من المُهاجرين والأنصار، فهم معه كتائب وعَصائب، يُجالِدون حَوْلَه بأسيافِهم ويُهريقون دماءهم دونَه، يَرَون الفَضْلَ في اتّباعِه، والشِّقاق والعِصْيانَ في خِلافِه، فكيف يالك الوَيْلُ أتَعدِل نفسَك بعليٍّ؟! وهو وارِثُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه و آله ووصيُّه، وأبو وُلدِه، وأوّل النّاسِ له اتّباعاً، وآخِرهم به عهداً، يُخبِره بسِرّه ويُشرِكه في أمرِه!

وأنت عدوّه وابنُ عدوِّه، فتَمتّع

["فتمتع" ليس في المصدر.] ما استطَعْتَ بباطِلك، وليمددك ابن العاص في غِوَايَتِك، فكأنّ أجلَك قد انقَضى، وكَيْدَك قد وهى، وسوف تَستَبين لِمَن تكونُ العاقِبةُ العُلْيا، واعلَم أ نّك إنّما تُكايد ربَّك الذي |قد| أمِنْتَ كَيْدَه، وأيِسْتَ من رَوْحِه، وهو لك بالمِرْصاد، وأنت منه في غرور، باللَّه وبأهلِ بيت رَسوله عنك الغَناء، والسّلام على مَنِ اتّبع الهُدى.

فكتَب إليه معاوية:

من معاوية بن أبي سُفيان، إلى الزّاري

[زرى: عاب وعاتب.] على أبيه محمّد بن أبي بكر، سلام اللَّه على أهلِ طاعةِ اللَّه.

أمّا بعد، فقد أتاني كتابُك، تَذكُر فيه ما اللَّه أهلُه في قُدرَتهِ وسُلطانهِ، وما اصطفى

[في المصدر: اصفى.] به نبيّه، مع كلامٍ ألّفتَه ووضَعتَه، لرأيك فيه تضعيف، ولأبيك فيه تعنيف، ذكرتَ حقّ ابن أبي طالب، وقديم سابقَتهِ، وقَرابتهِ من نبيّ اللَّه، ونُصرَته |له| ومواساته إيّاه في كلّ هول وخوف، واحتِجاجك عليَّ، وفَخْرك بفَضْلِ غَيرِك لا بِفَضلِك، فأحمَدُ إلهاً صرَف ذلك الفَضْل عنك، وجعَله لِغَيرِك.

فقد كنّا وأبوك معنا في حياة نبيّنا نَرى حقّ ابن أبي طالب لازماً لنا، و|فضله| مُبَرّز علينا، فلمّا اختارَ اللَّه لنبيّه ما عنده، وأتمّ له ما وَعَده، وأظهَر دعوتَه وأفلَج حجَّته، قبَضه اللَّه إليه، فكان أبوك وفاروقُه أوّل من أبتزّه وخالَفه على ذلك، اتّفقا واتّسقا، ثمّ دَعَواه إلى أنفُسِهما، فأبطأ عنهما وتلكّأ عليهما، فَهَمّا به الهُمومَ، وأرادا به العظيم، فبايَعهُما وسلّم لهما، لا يُشرِكانه في أمرِهما، ولا يُطْلِعانه على سِرّهما، حتّى قُبِضا وانقَضى أمرُهما.

ثمّ قام بعدَهما ثالِثهُما عُثمان بن عفّان يَهتدي بهديهما، ويَسير بسيرَتِهما، فَعِبتَهُ أنت وصاحِبُك حتّى طَمِع فيه الأقاصي من أهل المَعاصي، وبطنتُما |له| وظهرتما، وكشَفتُما له عداوتَكُما وغِلّكما، حتّى بلَغتُما منه مُناكُما.

فَخُذ حِذْرَك يا بن أبي بكر، فسترى وبَالَ أمرِك، وقِسْ شِبرَك بفِتْرِك تَقْصُر عن أن تساوي أو توازي من يَزِن الجبالَ حِلمُه، ولا تلين على قَسْرٍ قَناتُه، ولا يُدرِك ذو مدىً أناتَه، أبوك مهّد له مِهادَة، وبَنى مُلكَه وشادَه، فإن يكن ما نَحنُ فيه صواباً فأبوك أوّله، وإن يَكُن جَوراً فأبوك اُسُّه ونَحنُ شُركاؤه، فَبهَديه أخَذنا، وبفِعله اقتَدَيْنا، رأينا أباك فعَل ما فعَل فاحتَذَينا مِثالَه واقتَدَيْنا بفِعاله، فعِبْ أباكَ بما بَدا لك أوْ دَعْ، والسّلام على مَن أناب ورجَع عن غِوايَتهِ وناب.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 188:3، وقعة صفين: 118.]

1612/الحادي عشر: روى عامِر الشَّعبي، وهو من النَّواصب المُنْحَرِفين عن أمير المؤمنين عليه السلام، رواه عن عُروة بن الزُّبَير بن العَوّام، قال: لمّا قال المنافقون: إنّ أبا بكر تقدّم عليّاً وهو يقول: أنا أولى بالمَكانِ منه؛ قام أبو بكر خطيباً، فقال: صَبْراً على مَن ليس يؤول إلى دين، ولا يحتَجِب برعاية، ولا يَرعوي لولاية، أظهَر الإيمان ذِلّةً، وأسَرّ النِّفاقَ غلّةً، هؤلاء عُصْبَة الشَّيطان وجَمْع الطُّغْيان، يَزعُمون أ نّي أقول: إنّي أفضَل مِن عليّ، وكيف أقول ذلك ومالي سابقَته ولا قَرابتَه ولا خُصوصيّته؟! عَبدَاللَّه وأنا مُلحِده، وعَبَده قبل أن أعبُدَه، ووالى الرّسولَ وأنا عدوّه، وسَبَقني بساعاتٍ لو انْقَطَعتُ لم ألحق شأوه، ولم أقطَع غُبارَهُ.

إنّ ابن أبي طالب فازَ من اللَّه بمَحبّة، ومن الرّسول بقُربه، ومن الإيمان برُتْبَةٍ، لو جهد الأوّلون والآخِرون لم يَبلُغوا درجَته، ولم يَسْلُكوا مَنْهَجه، بذَل للَّه مُهجتَه، ولابن عمّه موّدته، كاشِف الكَرْب، ودافع الرَّيْب، وقاطِع السّبب إلى سَبَب الرَّشاد، وقامِع الشِّرْك، ومُظهِر ما تحت سُوَيداء حبّة النِفاق، مِحنة لهذا العالم، لَحِق قبل أن يُلاحَق، وبرّز قبل أن يُسابَق، جمَع العِلمَ والفَهْم، فكان جميع الخَيْرات لقَلبهِ كُنوزاً، لا يدَّخِر منها مِثقال ذرّة إلّا أنفقَه في بابه، فمَن ذا يؤمّل أن يَنَالَ دَرَجَته وقد جَعَله اللَّه ورَسولُه للمؤمنين وليّاً، وللنبيّ صلى الله عليه و آله وصيّاً، وللخِلافة واعياً، وللإمامة قائماً؟ أفَيَغْتَرّ |الجاهل| بمَقامٍ قُمْتُه إذ أقامَني، وأطَعتُه إذ أمرَني، سَمِعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: الحقّ مع عليّ وعليٌّ مع الحَقّ، مَن أطاع عليّاً رشد، ومَن عَصى عليّاً فسد، ومَن أحبّه سعد، ومَن أبغضَه شقي.

واللَّه لو لم يُحَبّ ابن أبي طالب، إلّا لأجل أ نّه لم يواقع للَّه مُحَرّماً، ولا عبَد مِن دونه صَنَماً، ولحاجة النّاسِ إليه بعد نبيّهم لكان في ذلك مايَجِب، فكيف لأسبابٍ اقّلّها وأهَوَنُها مُرغّب، للرَّحِم الماسّة بالرَّسول، والعِلم بالدّقيق والجَليل، والرّضا بالصَّبْر الجَميل، والمُواساة في الكثير والقليل، ولخِلالٍ لا يُبلَغ عَدُّها، ولا يُدرَك مَجْدُها؟ ودَّ المُتَمنّون أن لو كانوا تُراب |أقدام| ابن أبي طالب، أليس هو صاحب لواء الحَمْد، والسّاقي يوم الورُود، وجامِع كلّ كَرم، وعالم كلّ علم، والوَسيلة إلى اللَّه وإلى الرَّسول.

[الاحتجاج: 88.]

1613/الثاني عشر: ابن أبي الحديد في "الشرح" عن ابن عبّاس، - في حديثٍ طويل يشكو |فيه| عُثمان عليّاً عليه السلام - وفي الحديث: قال عُثمان: يا بن عبّاس، اللَّه إنّك |ما| تعلَم من عليٍّ ما شَكوتُ منه؟ قال: اللهمّ لا، إلّا أن يقول كما يقول النّاس، ويَنقِم كما يَنقِمون، فمَن أغراك به وأولَعك بذِكره دونهم؟

فقال عُثمان: إنّما آفتي مَن أعظَم الدّاء الذي يَنْصِب نَفْسَه لرأس الأمر، وهو عليّ بن أبي طالب ابن عمّك، وهذا واللَّه |كلّه| مِن نَكدِه وشُؤمِه!

قال ابن عبّاس: مَهْلاً، استَثْنِ يا أمير المؤمنين، قل إن شاء اللَّه. فقال: إن شاء اللَّه. |ثمّ قال|: إنّي أنشُدك يا ابن عبّاس الإسلام والرَّحِم، فقد واللَّه غُلِبتُ وابتُليتُ بكم، واللَّه لَوَدَدتُ أنّ هذا الأمر صار إليكم دوني، فحمَلتُموه عنّي، وكنتُ أحَد أعوانِكم عليه، إذن واللَّه لوجَدتمُوني لَكُم خيراً ممّا وجدَتُكم لي، ولقد عَلِمتُ أنّ الأمر لكم، ولكنّ قومكم دَفعوكم عنه واختزلوه

[أي اقتطعوه وانفردوا به.] دونكم، فواللَّه ما أدري أدَفعوه عنكم، أم دَفَعوكم عنه!

قال ابن عبّاس: مَهْلاً يا أمير المؤمنين، فإنّا نَنشُدك اللَّه والإسلام والرَّحِم مثل ما نَشَدتَنا أن تُطمِع فينا وفِيكَ عدوّاً، وتُشمِت بنا وبك حسوداً، إنّ أمرَك إليَك ما كان قولاً، فاذا صار فعلاً فليس إليك ولا في يَدَيك، وإنّا واللَّه لنُخالفنّ إنْ خولفنا، ولننازعنّ إن نُوزِعنا، وما تمنّيك أن يكونَ الأمرُ صارَ إلينا دونك، إلّا أن يقول قائلٌ مِنّا ما يقول النّاس ويعيب كما عابوا.

فأمّا صَرْفُ قَومِنا عنّاالأمرَ، فعنَ حسدٍ قد واللَّه عَرَفْتُه، وبَغْي قد واللَّه عَلِمته، فاللَّه بينَنا وبين قَومِنا.

وأمّا قولك إنّك لا تَدري أدفَعوه عنّا أم دَفعونا عنه؛ فلعمري إنّك لتعرِف أ نّه لو صار إلينَا هذا الأمر ما ازددنا به فَضْلاً |إلى فضلنا|، ولا قَدْراً إلى قَدْرنا، وإنا لأهل الفَضْل وأهل القدر، وما فَضُل فاضلٌ إلّا بفَضْلِنا، ولا سبَق سابقٌ إلّا بسَبقِنا، ولولا هَدْينا ما اهتدَى أحَدٌ، ولا أبصر مِن عَمى، ولا قصد مِن جورٍ.

فقال عُثمان: حتّى متى يا بنَ عبّاس يأتيني عنكم ما يأتيني، هَبوني كنتُ بعيداً، أما كان لي من الحقّ عليكم أن اُراقب وأن أُناظر؟ بلى وربّ الكعبة، ولكنّ الفُرصة سَهّلَت لكن القَول فيّ، وتقدّمت لكم إلى الأسراع إليّ واللَّه المُسْتَعان.

قال ابن عبّاس: مَهلاً حتّى ألقى عليّاً، ثمّ أحمِل إليك على قَدْرِ ما رأى.

قال |عُثمان|: افعَل فقد فعَلت، وطال ما طلَبتُ فلا أُطلَب، ولا أجاب ولا أُعتب.

قال ابن عبّاس: فخرَجت فلقيتُ عليّاً، وإذا به من الغضَب والتّلظّي أضعاف ما بعُثمان، فأردتُ تَسكينَه، فامتَنَع، فأتيتُ مَنزلي وأغلقتُ بابي واعتزلتُهما.

فبلَغ ذلك عُثمان، فأرسل إليّ فأتَيتُه وقد هدأ غضَبه، فنظَر إليّ ثمّ ضَحِك فقال: يا بن عبّاس، ما أبطأ بك عنّا؟ إنّ تَرْكَك العَود إلينا لدَليلٌ على ما رأيت عند صاحِبك وعرَفت من حالِه، فاللَّه بينَنا وبَيْنَه، حدّثنا

[في المصدر: خُذ بنا.] في غير ذلِك.

|قال ابن عبّاس|: فكان عثمان إذا أتاه بعد ذلك عن عليّ عليه السلام شي ءٌ، فأردتُ التكذيبَ عنه يقول: ولا يوم الجمعة حينَ أبطأتَ عنّا، وترَكتَ العَوْدَ إلينا؛ فلا أدري كيف أرُدّ عليه.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 9:9.]

1614/الثالث عشر: ابن أبي الحديد، قال: روى الواقدي في كتاب "الشورى" عن ابن عبّاس رحمه الله، قال: شَهِدتُ عِتابَ عُثمان لعلي عليه السلام يوماً، فقال له في بعض ما قاله: نشَدتُك اللَّه أن تفتَح للفُرقةِ باباً، فلعَهدي بك وأنتَ تُطيع عَتيقاً وابن الخَطّاب كطاعتك لرسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ولستَ بدون واحدٍ منهما، وأنا أمَسّ بك رَحِماً، وأقرَب إليك صهراً، فإن كنت تَزْعُم أنّ هذا الأمرَ جَعَله رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لك، فقد رأيناك حين توفّي نازَعتَ ثمّ أقرَرْتَ، فإن كانا لم يَرْكَبا من الأمرِ جَدَداً، فكيف أذْعَنْتَ لهما بالبَيعةِ وبخَعْتَ

[بَخَع: انقاد، وأقرّ.] بالطاعة؟ وإن كانا أحسَنا فيما وَلِيا ولم أُقصّر عنهما في ديني وحسبي وقَرابتي، فكن لي كما كنتَ لهما.

فقال عليّ عليه السلام: أما الفُرقة، فمَعاذ اللَّه أن افْتَح لها باباً، واُسهّل إليها سبيلاً، ولكنّي أنهاك عمّا يَنْهاك اللَّه ورَسولَه عنه، |وأهديك إلى رُشدك|، وأمّا عتيق وابن الخَطّاب، فإن كانا أخَذا ما جَعَله رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لي، فأنتَ أعلَم بذلك والمُسلمون، ومالي ولهذا الأمر، وقد تركتُه منذ حين! فأمّا أن لا يكون حقّي بل المسلمون فيه شَرعٌ، فقد أصاب السَهم الثُّغرة،

[الثُغْرَة: النُّقرة في النحر.] وأمّا أن يكون حقّي دونَهُم فقد تَركتُه لهم، طِبتُ به نفساً، ونفَضتُ يَدي منه استِصلاحاً، وأمّا التَّسوية بينَك وبينَهُما فلستَ كأحدِهما، إنّهما وَلِياً هذا الأمر فظَلَفا

[أي كفّا.] أهلَهُما وأنْفُسَهما عنه، وعُمْتَ فيه وقومك عَوْمَ السابح في اللُّجَّةِ، فارجِع إلى اللَّه أبا عَمرو، وانظُر هل بقي مِن عُمرِك إلّا كظِمْ ءِ الحِمار،

[الظِّم ءُ: ما بين الشُرْبَيْنِ، وفي المثل: لم يبق منه إلّا قدر ظِمْ ء الحمار، أي لم يبق من عمره إلّا اليسير، لأنّ الحمار قليل الصبر على الظَّمأ.] فحتّى مَتى وإلى مَتى؟ ألا تنهى سُفهاء بني اُميّة عن أعراضِ المُسْلِمين وأبشارِهم وأموالهِم؟ واللَّه لو ظلَم عاملٌ من عمّالك حيث تَغرُب الشَّمس لكان إثمُه مشتَرَكاً بينه وبينَك.

قال ابن عبّاس: فقال عثمان: لك العُتْبى، وافعل واعزِل من عمّالي كلّ مَن تكرَهه ويكرَهه المُسلمون. ثمّ افترَقا، فصَدّه مَروان بن الحَكَم عن ذلك، وقال: يَجْتَرِى ءُ عليك النّاسُ؛ فلم يعزِل

[في المصدر: فلا تعزل.] أحداً منهم.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15:9.]

1615/الرابع عشر: ابن أبي الحديد في "الشرح"، |عن أبي جعفر محمّد بن جرير الطبري| قال عثمان: أنا أُخبركم - مخاطباً لعليّ وطلحة والزبير، وكان معاوية حاضراً - عنّي وعمّا ولّيت، إنّ صاحبيّ اللذين كانا قبلي ظلما أنفسهما ومن كان منهما بسبيل احتساباً، وإن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يُعطي قرابته، وأنا في رهطٍ أهل عَيْلة

[العَيْلَة: الفَقْر والحاجة.] وقِلّة معاش، فبسطتُ |يدي| في شي ءٍ من ذلك لما أقومُ به فيه، فان رأيتم ذلك خطأً فردّوه، فأمري لأمركم تَبَعٌ.

فقالوا: أصبتَ وأحسنتَ، إنّك أعطيتَ عبداللَّه بن خالد بن أسِيد خمسين ألفاً، وأعطيتَ مَروان خمسة عشر ألفاً، فاستَعِدها منهما. فاستعادها، فخرجوا راضين.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 138:2.]

1616/الخامس عشر: محمّد بن عليّ الحكيم الترمِذي، وهو من أكابر العامّة، في كتابه، في كلامٍ له في فضائل أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، قال: إذا تحقّقتَ هذا فقد تحقّقت أنّ له الخِلافة الحقيقيّة اليقينيّة الأصليّة المُعَنْوَنَة، ولهذا جُعل رِضاه بعد مضيّ أيّام إجماعاً على خلافة أبي بكر يقيناً، وكان يأتيه في الحقيقة، ولهذا قال أبو بكر: أقيلوني، فإنّ عليّاً أحَقّ منّي بهذا الأمر.

قال: وفي رواية: كان الصِّدِّيق يقول ثلاث مرّات: أقيلوني أقيلوني، فإنّي لستُ بخَيرٍ مِنكُم وعليٌّ فيكم. وإنّما قال ذلك لعِلمِه بحالِ عليّ كرّم اللَّه وجهه ومَرتَبَتهِ في الخِلافة في الحقيّة الحقيقيّة الأصليّة اليقينيّة تخلّقاً وتحقّقاً وتعقّلاً وتعلّقاً.

/ 31