غایة المرام و حجة الخصام فی تعیین الإمام جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غایة المرام و حجة الخصام فی تعیین الإمام - جلد 3

سید هاشم بن سلیمان بحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

جيش اُسامة و فيه أبوبكر، و عمر، و عثمان


1824/الأوّل: ابن أبي الحديد: في "شرح نهج البلاغة" وهو من أعيان علماء العامة من المعتزلة، قال ابن أبي الحديد: قال أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري - وقد أثنى ابن أبي الحديد على هذا الرجل عند أهل الحديث بقبول الحديث وثقته، وهو صاحب كتاب "السقيفة" - قال: حدّثنا أحمد بن إسحاق بن صالح، عن أحمد بن سيّار، عن سعيد بن كثير الأنصاري، عن رجاله، عن عبداللَّه ابن عبد الرحمن: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أمّر في مرض موته اُسامة بن زيد بن حارثة على جيش فيه جِلّة

[الجِلَّة: العظام السادة ذوو الأخطار، والمسانّ من النّاس.] المهاجرين والأنصار، منهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة بن الجرّاح، وعبد الرحمن بن عَوف، وطلحة، والزبير، وأمره ان يغير على مُؤتة

[مُؤتة: قرية من قُرى البَلْقاء في حدود الشام، وقيل: من مشارف الشام، وبها كانت تُطْبَع السيوف.] حيث قُتِل أبوه زيد، وأن يغزو وادي فلسطين، فتثاقل اُسامة، وتثاقل الجيش، وجعل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في مرضه يَثْقُل ويَخِفّ، ويُؤكّد القول على تنفيذ ذلك البعث، حتّى قال له اُسامة: بأبي أنت واُمّي، أتاذن لي أن أمْكُث أيّاماً حتّى يشفيك اللَّه تعالى؟ فقال: اخرُج و سِر على بركة اللَّه.

فقال: يا رسول اللَّه، إن |أنا| خرجتُ وأنت على هذه الحال، خرجتُ وفي قلبي قُرحة منك. فقال: سِر على النصر والعافية. فقال: يا رسول اللَّه، إنّي أكره أن أسأل عنك الرُّكبان. فقال: أنفذ لما أمرتك به.

ثمّ اُغمي على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وقام اُسامة فتجهّز للخروج، فلمّا أفاق رسول اللَّه صلى الله عليه و آله سأل عن اُسامة والبعث، فاُخبِر أ نّهم يتجهّزون، فجعل يقول: أنفِذوا بعث اُسامة، لعن اللَّه من تخلّف عنه. وكرّر ذلك.

فخرج اُسامة واللواء على رأسه، والصحابة بين يديه، حتّى إذا كان بالجُرف

[الجُرف: موضع على ثلاثة أميال من المدينة نحو الشام.] نزل ومعه أبو بكر وعمر وأكثر المهاجرين، ومن الأنصار اُسَيد بن خُضير وبشير بن سعد وغيرهما من الوجوه، فجاءه رسول اُمّ أيمن يقول له: ادخُل فانّ رسول اللَّه يموت. فقام من فوره فدخل المدينة واللواء على رأسه،

[في المصدر: واللواء معه.] فجاء به حتّى رَكَزه في باب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وقد مات في تلك الساعة، قال: فما كان أبو بكرو عمر يُخاطبان اُسامة إلى أن ماتا إلّا بالأمير.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 52:6.]

1825/الثاني: ابن أبي الحديد في "الشرح"، قال: لمّا مَرِض رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مَرَض الموت دعا اُسامة بن زيد بن حارثة، فقال: سِر إلى مقتل أبيك، فأوطئهم الخيل، فقد ولّيتك على هذا الجيش، فان أظفرك اللَّه بالعدوّ فاقلل اللّبث، وبُثّ العيون، وقدّم الطلائع. فلم يبق أحدٌ من وجوه المهاجرين والأنصار إلّا كان في ذلك الجيش، منهم أبو بكر وعمر، فتكلّم قومٌ فقالوا: يستعمل هذا الغلام على جِلّة المهاجرين والأنصار!

فغَضِب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لمّا سَمِع |ذلك|، وخرج عاصباً رأسه، فَصَعِد المِنْبَر وعليه قَطيفةٌ، وقال: أيّها الناس، ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري اُسامة، لأن طعنتم في تأميري اُسامة فقد طعنتم |في| تأميري أباه من قبله، وايم اللَّه إنّه كان لخليقاً بالامارة، وإنّ ابنه من بعده لخليقٌ بها، وإنّهما لمِن أحبّ الناس إليّ، فاستوصوا به خيراً، فانّه من خِياركم، ثمّ نزل فدخل بيته.

وجاء المسلمون يودّعون رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ويمضون إلى عسكر اُسامة بالجُرف، وثَقُل

[أي اشتدّ مرضه.] رسول اللَّه صلى الله عليه و آله واشتدّ ما يجده، فأرسل بعض نسائه إلى اُسامة وبعض من كان معه، يعلمونهم ذلك، فدخل اُسامة من عسكره

[في المصدر: معسكره.] والنبيّ صلى الله عليه و آله مغمورٌ،

[أي مغمىً عليه.] وهو اليوم الذي لدّوه

[لدّ فلاناً اللَّدُود: صبّه في أحد شِقّي فمه، واللَّدود: ما يُصَبّ بالمِسْعَط من الدواء.] فيه، فطأطأ اُسامة عليه وقبّله، ورسول اللَّه صلى الله عليه و آله، قد أسكت فهو لا يتكلّم، فجعل يرفع يديه إلى السماء ثمّ يضعهما على اُسامة كالداعي له، ثمّ أشار إليه بالرجوع إلى عسكره، والتوجّه لما بعثه فيه، ورجع اُسامة إلى عسكره، ثمّ أرسل نساء رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إلى اُسامة يأمُرنه بالدُّخُول، ويَقُلن: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قد أصبح بارئاً، فدخل اُسامة من عسكره يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأوّل، فوجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مُفيقاً، فأمره بالخُروج وتعجيل النفوذ، وقال: اغْدُ على بركة اللَّه، وجعل يقول: أنفذوا بعث اُسامة، ويكرّر ذلك، فودّع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وخرج ومعه أبو بكر وعمر، فلمّا ركب جاءه رسول اُمّ أيمن، فقال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يموت.

فأقبل ومعه أبو بكر |وعمر| وأبو عبيدة، فانتهوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حين زالت الشمس من هذا اليوم، وهو يوم الاثنين، وقد مات، واللواء مع بُرَيدة بن الحُصَيب، فدخل باللواء فَرَكَزَهُ عند باب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وهو مُغْلَق، وعليّ عليه السلام وبعض بني هاشم مشتغلون باعداد جهازه وغُسله، فقال العباس لعليّ عليه السلام وهما في الدار: امْدُد يدك اُبايعك، فيقول الناس: عمّ رسول اللَّه بايع ابن عمّ رسول اللَّه، فلا يختلف عليك اثنان. فقال له: أو يَطْمَع فيها يا عمّ طامع غيري؟ قال: ستعلم، فلم يلبثا أن جاءتهما الأخبار بأنّ الأنصار أقعدت سعداً لتبايعه، وأنّ عمر جاء بأبي بكر فبايعه، وسبق الأنصار بالبيعة. فندم عليّ عليه السلام على تفريطه في أمر البيعة، وتقاعده عنها، وأنشده العباس قول دُريد:




  • أمَرْتُهُم أمري بمنعرجِ اللِّوى
    فَلَم يَسْتَبِينُوا النُّصحَ إلّا ضُحى الغَد



  • فَلَم يَسْتَبِينُوا النُّصحَ إلّا ضُحى الغَد
    فَلَم يَسْتَبِينُوا النُّصحَ إلّا ضُحى الغَد



[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 159:1.]

1826/الثالث: ابن أبي الحديد، قال: تزعُم الشيعة أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله كان يعلم موته، وأ نّه سيّر أبا بكر وعمر في بعث اُسامة لتخلو دار الهجرة منهما، فيصفو الأمر لعلي عليه السلام، ويبايعه من تَخَلّف من المسلمين بالمدينة على سُكون وطُمأنينة، فإذا جاءهما الخبر بموت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وبيعة الناس لعليّ عليه السلام بعده كانا عن المنازعة والخِلاف أبعد، لأنّ العرب كانت تلتزم بإتمام تلك البيعة وتحتاج في نقضها إلى حروبٍ شديدةٍ، فلم يَتِمّ له ما قَدّر، وتثاقل اُسامة بالجيش أيّاماً مع شدّة حثّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على نفوذه وخروجه بالجيش حتّى مات صلى الله عليه و آله وهما بالمدينة، فسبقا عليّ عليه السلام إلى البيعة، وجرى ما جرى.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 161:1.]

1827/الرابع: عبد الجبار قاضي القضاة في كتاب "المغني"، وهو من المتعصّبين من العامة، روى في السبب في كون عمر من جملة جيش اُسامة: أنّ عبداللَّه بن |أبي| ربيعة المخزومي قال عند ولاية اُسامة: يُولّى

[في المصدر: تولّي.] علينا شابّ حدثٌ ونحن مَشِيخة قُريش! فقال عمر: يا رسول اللَّه، مُرني حتّى أضرِب عُنُقه، فقد طَعَن في إمارته،

[في المصدر: في تأميرك إيّاه.] ثمّ قال عمر: أنا أخْرُج في جيش اُسامة.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 177:17.]

1828/الخامس: روى البَلاذُري في تاريخه، وهو معروف بالثقة والضبط، وبري ء من مُمالاة

[المُمالاة: المساعدة والمعاونة.] الشيعة: أنّ أبا بكر وعمر كانا معاً في جيش اُسامة.

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 177:17.]

1829/السادس: ابن أبي الحديد، بعد أن ذكر أحاديث في "الشرح" تدُلّ على النصّ على أمير المؤمنين عليه السلام بالخلافة والامامة، قال: إنّي سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبي زيد، وقد قرأت عليه هذه الأخبار، فقلت له: ما أراها إلّا تكاد تكون دالّة على النصّ، ولكنّي أستبعد أن يجتمع الصحابة على دفع نصّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على شخصٍ بعينه، كما استبعدنا من الصحابة على ردّ نصّه على الكعبة وشهر رمضان وغيرهما من معالم الدين.

فقال |لي| رحمه الله: أبيت إلّا ميلاً إلى المعتزلة: ثمّ قال: إنّ القوم لم يكونوا يذهبون |في الخلافة| إلى أ نّها من معالم الدين، وأ نّها جارية مجرى العبادات الشرعية كالصلاة والصوم، ولكنّهم كانوا يُجرونها مجرى الاُمور الدنيوية، ويذهبون لهذا، مثل تأمير الاُمراء، وتدبير الحروب، وسياسة الرعية وما كانوا يبالون في أمثال هذا من مخالفة نصوصه صلى الله عليه و آله إذا رأوا المصلحة في غيرها، ألا تراه كيف نصّ على إخراج أبي بكر وعمر في جيش اُسامة ولم يَخْرُجا لمّا رأيا |أنّ في| مقامهما مصلحةً للدولة والملّة، وحفظاً للبيضة ودفعاً للفتنة؟ وقد كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يُخَالَف وهو حيّ في أمثال ذلك، فلا يُنكره ولا يرى به بأساً!

[شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 83:12.]

قال مؤلّف هذا الكتاب: إنّ قوله: إنّ أبا بكر وعمر خالفا نصّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فلا شكّ ولا ريب فيه، وأمّا اعتذاره عنهما 'ولم يخرجا لمّا رأيا... إلى آخره' فاعتذار باطل، لأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أنصح للمِلّة، وأحفظ للبيضة، فكيف يريان المصلحة للاسلام دونه عليه السلام! وحفظاً للبيضة بقعودهما! ورسول اللَّه صلى الله عليه و آله يأمرهما بالخروج والحثّ عليه، لأنّ اللَّه تعالى ورسوله أعلم بمصالح الاسلام والعباد، لا أبو بكر ولا عمر ولا غيرهما من الطَّغَام والجُهّال ممّن يُقدّم بين يدي اللَّه ورسوله صلى الله عليه و آله.

1830/السابع: صاحب كتاب "سير الصحابة"، قال: أوّل خلفٍ وجد فيما قاله رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فيما أخبرني به أبو عمر محمد بن أبي عمر، قال: حدّثني سفيان ابن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن عِكرمة، عن ابن عباس رضى الله عنه، قال: بعثَ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، اُسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي إلى مُؤتة، وهي الأرض التي قُتِل فيها جعفر الطيّار بن أبي طالب رضى الله عنه، وتقدّم إلى اُسامة بالقتل والتحريق، - والخبر طويل - فيما وصّاه به وأمّره على أهل السوابق من المهاجرين وغيرهم من الوجوه، وعقد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله الراية بكفّه، وأمر أبا بكر وعمر وعثمان أن يسيروا معه، ولا أمر لهما، فلمّا علما أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله قد ثَقُل في مرضه فارقا اُسامة، وتخلّفا عنه، ورجعا إلى المدينة، وسار اُسامة ولم يتبعاه، فصَعُب ذلك على المسلمين، وقالوا: هذا وهو حيّ ناطق قد خالفاه في أمره دون الصحابة، فكيف يكون الحال إذا مات!

1831/الثامن: صاحب "سير الصحابة"، بالاسناد عن أبي سعيد الخُدري، قال: لمّا دخل عمر على أبي بكر قال له: اكتُب الآن إلى المواضع، وابدأ بأرض مُؤتة إلى اُسامة بن زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبي، وكان النبي صلى الله عليه و آله أمّره في مرضه على أهل السوابق من وجوه الصحابة، وخرج معه أبو بكر وعمر، وكانا من جملة أتباعه، وهو المؤمن عليهما، وأمره أن يسير إلى مُؤتة، وهي الأرض التي قُتِل فيها جعفر بن أبي طالب رضى الله عنه، وتقدّم إليه بالقتل والتحريق - في خبر طويل - رواه عمر ابن شيبة، وقد سَمِعنا هذا الحديث والرسالة أيضاً من طرق شتّى، أ نّهم قالوا: لمّا عَلِم أبو بكر وعمر بن الخطاب أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في صورة الموت، تشاورا في التخلّف عن اُسامة، فاستأذنا اُسامة أن يقضِيا في المدينة أشغالاً يوماً، وقيل: ثلاثة أيّام، ويَلْحَقانه، فأذِن لهما، ثمّ رحَل ممتثلاً لأمر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وهذا أول خُلفٍ منهما، فلمّا خرج عليّ من عند أبي بكر، كتب أبو بكر إلى اُسامة: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من خليفة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أبي بكر.

يا اُسامة، فإنّ المسلمين اجتمعوا عليَّ، وفوَّضوا أمرهم إليّ، فاختاروني للامامة عليهم، والنظر في اُمورهم، وحراسة نظامهم، لما عرفوه عندي من الرأفة بهم، وإيثار الحسنى فيهم، وإنّ المسلمين لن يَعْدَمُوا ذلك منّي بالاحسان إليهم، والتسوية في الحقّ من ضعيفهم وقويّهم، وقد عُرِف ما كان من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فيما أمرك به، المسير إلى مَؤتة وما يجاورها من البلاد، وما أوعز إليك من النهب والتحريق والقتل، ولولا أ نّه أمرك به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وندبك إليه، لأحببتُ أن أرُدّك عن هذا الوجه الذي سَلّطك عليه، لتكون أنت ومن تَبِعك من المسلمين في جُملة مَن عندي مِن المهاجرين والأنصار، فانّ العرب قد ارتدّ أكثرها، ورجعت عمّا عاهدت اللَّه عليه ورسوله، فادْخُل فيما دخل فيه المسلمون، واكتب إليّ به، وامضِ إلى ما أمرك به رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ولبئس الشي ء التشنّع على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عند فراقه ممّا يخالف أمره ونهيه، وبئس الرأي ما بعد يُستأثر به دونه، إنّ رأيه صلى الله عليه و آله يُعان بالتوفيق، ورأينا مشوبٌ بالظنّ، معقود على الوَهْم، ومع ذلك اُريدك أن تأذن لعمر في مقامه عندي، وأستظهر به على أمري، وما أحتاج إلى قيامه فيه، فلا يعترضك معترضٌ فيُخرِجك عمّا فيه المسلمون، أو يزيّن لك الشيطان بعض الغرور، فتقول كما قال أهل الغفلة:

لقد حَنّ قِدحٌ ليس منها

[قوله: لقد حنّ قدح ليس منها، مثل يُضرَب للرجل يفتخر بقبيلةٍ ليس هو منها، أو يتمدّح بما لا يُوْجَد فيه. والقِدْح: أحد قِداح الميسر، وإذا كان أحد القِداح من غير جوهر إخوته ثمّ أجاله المُفيض خرج له صوتٌ يخالف أصواتها، فيُعْرَف به أ نّه ليس من جُملة القِداح.]

والظنّ دأبٌ للبعيد عنها

وأجرِ الأُمور على ظاهرها، ولا تجاهرنا بما في نفسك، فإنّ اللَّجاجة تَجْلُب الغَلبة، ورأيي لك خيرٌ من ظنّك، واللَّه وليّ كلّ خير، ثمّ امضِ على بركة اللَّه تعالى، واكتُب إليّ بما تستمدّه من جهتي في رأيٍ ومؤونة، فإنّي متشوّقٌ إلى ما يَصِلني من خبرك، حفظك اللَّه ونصرك، وأحسن العون لمن معك.

فأجابه: بسم اللَّه الرحمن الرحيم، من اُسامة بن زيد مولى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إلى أبي بكر بن أبي قُحافة.

أمّا بعد، فانّ كتابك جاءني بما ينقُضُ فيه الأخير الأوّل، ويخالف القول فيه الفعال، فتصفّحته تصفّح معجبٍ مسلّماً إلى مشيئة اللَّه تعالى في سائر الاُمور، فسبحان اللَّه من عجيب الغيب! ولا عجب من أمر اللَّه تعالى، يا عجباً لك، أتَكتُب في صدر كتابك من خليفة رسول اللَّه، وتشهد أنّ المسلمين استَخلفوك، وما كان لك أن تُسْتَخْلَف بأمر المسلمين، فانّ الخلافة ليست بمردودةٍ إلى المسلمين ليستخلفوا عليهم من يُريدون، إنّما ذلك بالنصّ وبرضا الشورى، فاذا اجتمعوا على واحدٍ منهم كان للَّه فيه رضاً، وإذا وقع النصّ سقَطت الشورى، فإن كنت قد نَسِيت نصّ النبيّ صلى الله عليه و آله على غيرك، فقد كان يجب عليك أن تجتمع مع إخوانك المشاركين لك في هذا الأمر وتشاورهم حتّى يستقرّ لك على ما تُريد منهم ومنك، فان لم تكن فعلت ذلك فقد غششت نفسك، وخنت أمانتك ودينك، فكيف يستخلفك رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وهو قد أنفذك معي في البعث إلى مُؤتة، ويُؤمّرني عليك، ويأمُرك بالسمع لي والطاعة! تُرى ألم يعلم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أ نّه يموت، وقد قال: أكتبُ لكم ما لا تختلفون بعدي، وقد نصّها في عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وهو الآمر عليك، لا يَحِلّ لك أن تتطاول لها، فكيف وأنت تحت أمري، وكتابك يشهد عليك؟! وقد سألتني في أن اذن لعمر في القعود عندك!

ويا سبحان اللَّه تعالى! ما أعجب قولك، إنّك لا تُحبّ أن تفتح نظرك فيما يخالف رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وأنت في كلّ الاُمور على خلاف رسول اللَّه صلى الله عليه و آله! ألم يأمُرك بالخروج معي؟! ألم يبعثك إلى المسير في حملتي؟! ألم تدخُل أنت وعمر لعيادته، فلمّا رآكما أنكر تخلّفكما عن الخروج إلى معسكري حتّى اعتذرتما بالاستعداد، وسألتماني النَّظِرة يومين أو ثلاثة، ثمّ أنفذتُ إليكما من يُزْعِجكما فأجبتما بمثل ذلك، ودخلتما إلى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وهو يقول: انْفِذُوا جيش اُسامة، يُكرّر ذلك في الساعة الواحدة دُفُعات، حتّى خرج أحدكما في بعض ذلك وهو يقول: إنّ محمداً ليَهْجُر! فكيف تدّعي أ نّك لا تُخالف أمر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وأنت تُخالف أوامره صلى الله عليه و آله لك؟!

أو ما تستحيي مِن تَقدُّمِك على أهل بيته، وهو يقدّمهم ويؤخّرك، بفضلهم وتقصيرك، ويُؤمّرهم عليك ولا يُؤمّرك عليهم؟! ألم يَسُدّ بابك إلى المسجد ولم يَسُدّ بابهم؟ ألم يَخْطُب: لا اُحِلّ المسجد لجُنبٍ ولا حائض إلّا لمحمدٍ وأزواجه وعليّ وفاطمة والحسن والحسين؟ ألم يَخْرُج إليكم وأنتم نِيام في المسجد، فيضْرِبكم بقضيبٍ كان في يده؟ وقال: لا تناموا في مسجدي؟ فهل جعل علياً معكم؟

أليس قال له: يا علي، إنّك لست منهم، إنّك يَحِلّ لك في المسجد ما يَحِلّ لي؟ ألم يُؤاخِ بينكم وبين الأنصار واحداً بعد واحدٍ، وقال لعليّ: أنت أخي في الدنيا والآخرة، ولم يُؤاخِ أحداً منكم غير عليٍّ؟ أو لم يقل وهو يَخْطُب وقال وهو غير خاطبٍ: من كنتُ مولاه فعليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانْصُر من نصره، واخْذُل من خذله؟ وفي أسباب اُخرى أفرَده بفضائل لم يكن له فيها مشارك؟

وكيف استجرأت أن تخالف اللَّه ورسوله في هذا التخلّف عن المسير معي! واللَّه ما رجعتما عن المسير معي إلّا لهذا، ولا شي ء أعجب من إكرامك أهل السوابق والفضل من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله على ما لا يؤثرون، وهجومك على بيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وهتك ستر بيته، مستخرجاً من لجأ إليها ممّن لا قوة لك بأمره، وانتهاكك حُرمة ذلك البيت المبارك، وحُرمة ابنته، وحُرمة سِبْطَيه، كأ نّك لا تعلم أنّ ذلك المنزل مَهْبِط الوحي والروح الأمين، ومنزل الكتاب ومرسى النبيّ وقواعد الرسالة! وكأ نّك تَطْلُب ثأراً لك، أو تعاند وصيّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، أو ما تَذْكُر ما كنت مجتهداً فيه من طاعة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وصحبتك إيّاه؟

فَتَنَتْكَ نفسُك، وصدَّك الشيطانُ عمّا رَغِبته فيه من طلب الرئاسة التي أرهقتك، أما تعلم أ نّك في ذلك بمنزلة من كان يرصُد بفعله فُرصةً يَنْتَهِزها، حتّى اُخْبِر عن أ نّه قال لابنة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: ألا إن بلغني أ نّك آويتِ أحداً من هؤلاء لاُحرقنّ عليك البيت وعليهم. فقالت: أنت مُحْرِقٌ عليّ بيتي يا عمر! فقال لها: نعم، أليس كان ذلك كلّه يا أبا بكر؟ خديعة منك على الدنيا؟

وشرّ من ذلك تقدّمك على من هو خير منك، وهل في ذلك إلّا مقام تقوم فيه وأنت كثير الأعداء كثر التعب في مطعمك ومشربك ومرقدك، غير مُشْكَر من جميع المسلمين في سائر أعمالك، كثير التعب بعد الراحة، شديد الخوف، قليل النوم، وأعظم من ذلك خاتمة أمرك التي تَقْصُر بك عن معاينة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في يومٍ لا يُقْبَل عُذرك، ولا تُرْحَم عبرتك، وقد كنت عن ذلك غنيّاً، ومنه بريّاً، فاذهب بها شنيعة المنتظر، قبيحة المَخْبَر، عند من تعلم غداً، فأنت واللَّه الناكث لعهد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مرّة بغَصْبك ما كان لعليّ بن أبي طالب، وهو مولىً عليك، ومرّة عصيانك أمر النبيّ صلى الله عليه و آله لتأميري عليك.

واُقسم باللَّه، لاتمُت إلّا وأنت نادمٌ على ذلك، متأسّفٌ على ما صنعته، حزينٌ لما فرّطت فيه، وما أقول بهذا اُريد عطفك، ولا أبغي صرفك، ولكنّه حقٌّ للمسلمين في تقويمك إذا زللت، وإرشادك إذا ضللت، وأمّا ما ضربت مثل اللّقاح والناقة الضَّجُور،

[الناقة الضَّجُور: التي ترغو عند الحلب.] فكن في ذلك برداً وسلاماً، غلّست

[الغَلَس: ظُلمة آخر الليل.] بالنبيّ تَضْرِب المسلمين بعضهم من بعضٍ، ولكنّي إذا رجعت اجتمعت مع إخواني المسلمين، فأُحدِث ما أحدثوا، وأترك ما تركوا، ولا يضحك إليك سنّي، ولا تَخْلُص إليك طويّتي، وعلى يقينٍ أقول لك، لقد أسقطتَ بعمَلك هذا ما سَبق من عملِك، ولولا خبابة

[خَبّ: خَدَع وغَشّ.] ما كنت عصيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في حياته، ونكثت عهده بعد وفاته صلى الله عليه و آله.

وأمّا ما التمَسته منّي من الإذن لعمر، فقد أذن هو لنفسه، وغداً اُحاجِجُك - يا أبا بكر - عند مَلِكٍ حكيمٍ، تأمُر عمر بالجلوس عن المسير معي بغير إذني، ولا عقل لك مَنعك عن السؤال لي في حقّه، فكيف يرضى المسلمون هذا؟ لِمَ لَمْ تحكم على عمر، وهو مثلك عبد مأمور، فكيف يحكم على مولاه، وأنا اليوم مولاك الأصغر باستئذانك لي، لأ نّه لا يستأذن العبد إلّا مولاه، وقد استأذنتني لعمر، وما أنت وذلك، وأمير المؤمنين عليه السلام مولاي ومولاكما الأكبر بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، 'وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَىَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ'

[الشعراء 227:26.] مع الاجتماع سَتَرون ما يكون، فلعَن اللَّه عبداً عقّ مَولاه وصلّى اللَّه على سيّدنا محمّد النبيّ وعلى عليّ بن أبي طالب وآلهما أجمعين.

وختم الكتاب وأنفَذه إلى أبي بكر وعمر، وقالا: لندبّرنّ في غيره حتّى يراه ومكانه.

قال صاحب الحديث: فلمّا تمّ لأبي بكر وعمر، وسَمِعا من اُسامة ما سَمِعا شرع أبو بكر في أخذ فَدَك والعَوَالي، وهما حديقتان أخذتهما فاطمة عليهاالسلام بحقّها من الغنائم قبل وفاة النبيّ صلى الله عليه و آله لعامين وأربعة أشهر، فأبرز أبو بكر سيّدة نساء العالمين عن خِدرها، وساق الحديث بذكر فَدَك والعَوالي، والحديث طويل.

فصل: في قول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'إذا بُويع لخليفتين فاقْتُلوا الأخير منهما'، وروي ذلك في أبي بكر.

1832/التاسع: من الجزء الرابع من "صحيح مسلم" في ثاني كُرّاسة بإسناده عن أبي سعيد |الخُدري|، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: إذا بُويع لخليفتين، فاقْتُلوا الأخير

[في المصدر: الآخر.] منهما.

[صحيح مسلم 61/1480:3.]

1833/العاشر: قال صاحب كتاب "سير الصحابة": الخُلف الخامس: في التقدّم والإمامة، فأظهر اللَّه الضغائن الخفيّة في بواطنهم عند الموت، وتركوا وصيّة نبيّهم صلى الله عليه و آله في يوم الغدير وغيره، منها في تبوك قوله عليه السلام: هذا عليٌّ خير البشر، من شكّ فيه فقد كفر. ومنها في يوم الأحزاب، وفي يوم خيبر، قوله صلى الله عليه و آله: لاُعطينّ الراية غداً رجلاً كرّاراً غير فرّارٍ، يُحِبّ اللَّه ورسوله، ويُحبّه اللَّه ورسوله. وفي يوم الأبطح، وسلام الشمس عليه، ومخاطبته بإمرة المؤمنين، وتأميره على العساكر التي نفذت إلى اليمن، ويوم المباهلة، ويوم بئر ذات العلم، وفي يوم الوادي إلى الجنّ، وقد بعث أبا بكر فعاد ناكصاً، وعمر وعثمان وخمسة عشر نفراً من الصحابة، وكلّهم رجعوا ناكصين إلّا علياً عليه السلام.

وفي ويوم البِساط، وهو قَطيف الاُرجُوان، وأبو بكر وعمر والجماعة معه، ويوم بيت أبي بكر، ويو م البُرمة،

[البُرْمة: القِدر من الحجارة.] والقول لأبي بكر وعائشة خاصّة، لأنّ الكلام كان في بيتهم، وفي يوم سلام الجنّ، وفي ليلة خالد بن الوليد، وخِطاب عليّ عليه السلام النخلة اليابسة فأينعت الجَنَى

[الجَنَى: كلّ ما يُجنى من الشجر، والجَنِيّ: التمر الذي يُجنى من ساعته.] من الرُّطَب، وفي كلام اللَّه تعالى ممّا حذفوه وما بقي، وفي يوم التزويج، والآيات التي ظهرت يوم فاطمة عليهاالسلام في مواضع أعجز عن إحصائها، مثل قوله عليه السلام: ظالمو أهل بيتي في النار، وبالصدقة في مناجاة الرسول صلى الله عليه و آله، ولم يوفّق لها أحدٌ إلّا عليّ عليه السلام، وصدقة الخاتم، وتولّيه الحكومة.

وقوله صلى الله عليه و آله: من سبّ علياً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ اللَّه، ومن سبّ اللَّه أكبّه اللَّه على مَنْخِريه في النار. وقوله عليه السلام: عليّ سيّد الأوصياء، وأنا سيّد الأنبياء. فأهملوا اللَّه ورسوله، ورَكِبوا الهوى، وتنازَعوا في التقديم حتّى قالت الأنصار: منّا أمير، ومنكم أمير. فلمّا قال الجماعة لسعد بن عبادة ذلك بعث إلى أمير المؤمنين عليه السلام وقال له: واللَّه رُمتها، ولا يكون أحدٌ أحقّ منك بها. فبعث إليه الامام عليه السلام وقال: إنّي لفي شُغلٍ عنها، فشأنك والقوم، سيقضي اللَّه أمراً كان مفعولاً.

وأراد الامام أن يُعلِمهم بما يريد، فتساهمت المهاجرون والأنصار مع الأوس والخَزرج، فوقعت ثلاث مرّات على الأوس والخَزْرَج، فخرج أبو بكر إلى سعد وتساهموا ثلاث مرّات، فتقع على سعد، فأول من بايع لسعد أبو بكر وعمر وعثمان والمهاجرون والأنصار، وصلّى بالناس سَعدٌ ثلاثَ صلواتٍ: الفَجْر، والظُهْر، والعصر، وتفرّق عنه أصحابه، فكان قد كتب سبعين كتاباً إلى المواضع التي كان قد ولّاها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول لكلّ واحدٍ منهم: إنّك على ما ولّاك عليه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله فإنّه مات ووُلِّيتُ الأمر.

وأحضر سعد ما كان في بيت مال المسلمين، فعزل الخُمس منه، وأنفذه إلى عليّ عليه السلام وقال: بذلك أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ثمّ قسّم الباقي على المسلمين، كما كان يقسّمه رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ثمّ أحضر من ماله مائتي ألف دينار ثِياباً وغَنَماً، وأنفذ الخمس منه إلى عليّ عليه السلام، ثمّ قسّم الباقي على سائر الصحابة، كما كان يفعل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فشقّ ذلك على أقوامٍ، ودخلوا عليه المسجد، وقد تفرّقت عنه أصحابه وبنو عمّه، وسبّوه وثاروا عليه وداسوه بأرجُلِهم حتّى اختنق.

وفي حديث آخر: أ نّه بقي أياماً، ولكزوا عليه

[كذا، والظاهر: ارسلا إليه.] رجلين، فكمنا له في ظاهر المدينة، ثمّ رميا بسهمين فقتلاه، وذكروا بزعمهم أنّ الجنّ قتلوه، وأنشدوا هذا الشعر:




  • قد قتلنا مَلِك الخَزْ
    وَرَمَيناهُ بسَهْمَي
    نِ فلم نُخطئ فؤادَهُ



  • رَج سَعْد بن عُبَادَه
    نِ فلم نُخطئ فؤادَهُ
    نِ فلم نُخطئ فؤادَهُ



والحديث الأوّل أصحّ عندي، وعند أهل التواريخ.

وماج الناس من أصحاب السقيفة، وتحالفوا نوبةً ثانيةً على أنّ كلّ من خالف أبا بكر قتلوه، ثمّ خرج أبو بكر طالباً المسجد، خاطباً لنفسه، في اليوم الذي بايع فيه لسعد بن عُبادة، واجتمع الناس لها من كلّ مكانٍ، وأكثروا القال والقيل، وأنكر عليه اثنا عشر رجلاً، ستّة من المهاجرين، وستّة من الأنصار.

1834/الحادي عشر: صاحب "سير الصحابة"، بالاسناد عن أبان بن تغلِب، قال: قلت لسيدي جعفر الصادق عليه السلام، جعلت فداك، هل في أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من أنكر عليه؟

قال: نعم يا أبان، الذي أنكر على الأوّل اثنا عشر رجلاً: ستّة من المهاجرين، وستّة من الأنصار، فمنهم: خالد بن سعيد بن العاص الاُموي، وسلمان الفارسي، وأبو ذرّ الغِفاري، وعمّار بن ياسر، والمِقداد بن الأسود الكندي، وبُريدة الأسلمي، ومن الأنصار: قيس بن سعد بن عُبادة، وخُزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، وسهل بن حُنيف، وأبو الهيثم بن التَّيّهان، واُبي بن كعب، وأبو أيّوب الأنصاري.

هؤلاء اجتمعوا وتشاوروا، وعزموا أ نّهم إن صَعِد أبو بكر مِنبَر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أن يُحطّونه، والحديث طويل، ليس هنا موضع ذكره، لأنّ كلّ من هؤلاء الاثني عشر احتجّ على أبي بكر ممّا لا يُنكره من النصوص عن النبيّ صلى الله عليه و آله على عليّ عليه السلام بالامامة والخلافة، احتجّوا على أبي بكر بها.

1835/الثاني عشر: صاحب كتاب "سير الصحابة"، وأمّا شرح أحوال محمّد ابن أبي بكر وعبداللَّه بن عمر، فإنّهما كانا يتحابّان في اللَّه، وكان عبداللَّه بن عمر فقيهاً عارفاً بالشرع من لفظ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، فلمّا ساعد أبا بكر وعمر أكثرُ الناس على ما فعلا، تأخّراً عن أبويهما، فبعث أبو بكر وعمر إلى محمد وعبداللَّه، فمّا أتيا قال لهما عمر: لماذا تأخّرتما؟ فقال عبداللَّه لمحمّد: كُن أنت على ما أنت عليه قابضاً على حُسامك، فأيّهما اعتدى عليّ في الكلام فأنا له، وأيّهما اعتدى علينا في الفعال فكن أنت له. فقال محمّد: سمعاً وطاعة. ثمّ التفت عبداللَّه بن عمر وقال: ما تُريد منّا؟ قال: لم لا تصلّيان خلف أبي بكر؟

قال عبداللَّه: قد سألتكما على شرط أن لا تكتما في خلوتكما حقّاً. قالا: لا. فاسأل عمّا بدا لك، فقال عبداللَّه: يا عمر، هلّا سمعتك وأنت تقول لعليّ عليه السلام، بخٍ بخٍ يابن أبي طالب، أصبحت اليوم مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ؟

قال له عمر: يا عبداللَّه، أما تخاف اللَّه في أبيك؟ أنا أقول لك يا بنيّ، وأنت تقول: يا عمر! فقال عبداللَّه: السؤال فأجبني، واسأل بعد ذلك. فقال عمر: بلى، أنا القائل لعليّ: بخ بخ لك يابن أبي طالب، أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ. فقال: يا عمر، هل أنت وأبو بكر مؤمنان أم لا؟ قال: بلى.

قال عبداللَّه: فما جزاء عبدٍ عقّ موّلاه، وخالف أمره، وعاق عليه، أتخوّفني بالعقُوق والعقوبة يا عمر، إذا عقّ العبد مولاه عقّ الولد أباه، والحُجّة معي، ولي في كتاب اللَّه تعالى قوله: 'إِن جَهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا'.

[لقمان 15:31.]

يا عمر، أما سَمِعتَ قول النبيّ صلى الله عليه و آله: على عبدٍ عقّ مولاه لعنة اللَّه، قولوا: آمين. فقال الصحابة: آمين. فقال عمر: يا بني، أما سَمِعت النبيّ صلى الله عليه و آله يلعن عاقّ والديه؟

فقال عبداللَّه: أيّنا أسبق إلى العقوق، نحن أم أنتما؟ دَع العُقوق حتّى نَدَع العُقوق. يا عمر إنّك تعلم بعينيك أنت إذا آذيت واحدةً هاجت الاُخرى عليك، لا تسم ذلك إلينا. ثمّ سم ذلك إليك، لا تُعلّمني عقوقاً ولا تحرمني عليك.

[لقمان 15:31.]

يا عمر، إذا مِلت إلى شهوتك طرقت غير دينك. يا عمر، قال اللَّه تعالى: 'فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ'

[المؤمنون 101:23.] الآية.

يا عمر، كما برّأ اللَّه نوحاً من ولده برّأني منك. يا عمر، هذا أبو بكر إيمانه أوفى من إيمانك أم لا؟ قال عمر: بلى. قال عبداللَّه: أفتُريد طاعته، ولعليّ أكثر من طاعتك؟ إن زعمت أ نّه أرادكما فقد اتَّفقوا على الباطل، وأثمتما على خَلْق كثير، فإنّ علياً مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومؤمنةٍ.

وأنت - يا أبا بكر - أما سَمِعتَ قول رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: 'إذا بويع خليفتان في يومٍ واحدٍ فاقتلوا الأخير منهما؟' قال: بلى، يا عبداللَّه. فلِمَ بايعتم سعد بن عبادة ونقَضتُم بيعته، وبايعتم أبا بكر، فهل تجوز الصلاة خلف إمام وجب قتله شرعاً؟!

يا أبا بكر، ويا عمر، إنّنا لا نحضر معكما بعدها مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله إلى أيّ صلاة كانت، فلا يبتدعنا منكم أحد قبل الصلاة خوفاً أن نخرُج من المسجد عند وجوب الصلاة. فقال محمد بن أبي بكر: لقد صدَقكما عبداللَّه، ثمّ خرجا من عندهما، وأقاما على ذلك إلى أن مات أبواهما، واستشهد محمد بن أبي بكر في طاعة اللَّه ورضوانه ورضا أمير المؤمنين عليّ عليه السلام، قتله معاوية بمصر، وأمّر مكانه عمرو بن العاص.

عقاب من شكّ في أميرالمؤمنين


1836/الحديث: موفّق بن أحمد، يرفعه إلى ابن عباس رضى الله عنه، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله: يُحْشَر الشاكَ في عليّ من قبره وفي عُنُقه طوقٌ من نارٍ فيه ثلاثمائة شُعلة، على

[في المصدر: في.] كلّ شُعلة شيطانٌ يُلطّخ وجهه حتّى يُوقفه

[في المصدر: يؤتيه.] للحساب.

وفي رواية: يَكْلَح

[كَلَح في وجهه: عبس وزاد عُبُوسه.] في وجهه.

[مناقب الخوارزمي: 236.]

/ 31