غایة المرام و حجة الخصام فی تعیین الإمام جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

غایة المرام و حجة الخصام فی تعیین الإمام - جلد 3

سید هاشم بن سلیمان بحرانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

الرسالة الثانية


رساله اُخرى لأبي عثمان عَمرو بن بَحْر هذا، نقلها عليّ بن عيسى في كتاب "كشف الغُمّة" قال: رسالة وقعت إليّ من كلام أبي عثمان عَمْرو بن بَحْر الجاحظ، أذكُرها مختصراً لها:

قال: اعلم - حفظك اللَّه - أ نّ اُصولَ الخُصومات معروفة |بيّنة| وأبوابها مشهورة، كالخُصومة بين الشّعوبيّة

[يقال: هو ولد رَِشدَة، ولرَشْدة: صحيح النسب، أو من نكاحٍ صحيحٍ. ولغير رَِشْدة: ضدّه، أي ابن زَنية.] والعرَب، والكوفيّ والبَصريّ، والعدنانيّ والقَحْطانيّ، وهذه الأبواب الثّلاثة أنْقَضُ للعقول السليمة، وأفسدُ للأخلاق الحَسَنة مِن المُنازعة في القَدَر والتَّشبيه، وفي الوَعْد والوعيد، و |في| الأسماء والأحكام، وفي الآثار وتصحيح الأخبار، وأنقض من هذه للعقول تَمييز الرّجال، وترتيب الطّبَقات، وذِكر تقديم عليّ عليه السلام وأبي بكر، فأولى الأشياء بك القَصْد وتَرْك الهَوى.

فإنّ اليهود نازعَت النَّصارى في المسيح، فلَجّ بهما القَول حتّى قالت اليَهود: إنّه ابن يوسُف النّجّار، وإنّه لغير رِشْدَة،

[النِّيْرَنج: اُخَذٌ تُشبه السّحر وليست بحقيقته، ولا كالسحر، إنّما هو تشبيه وتلبيس.] وإنّه صاحب نِيَرنْج

[الشِّصّ: حديدةٌ معقوفةٌ يُصادُ بها السَّمك.] وخُدَع ومَخاريق، وناصِب شَرَك، وَصيّاد سَمَك، وصاحِب شِصّ

[الشعراء 214:26.] وشَبَك، فما يبلُغ من عَقل صيّادٍ ورَبيبٍ نَجّار؟

وزَعمتِ النَّصارى أ نّه ربّ العالَمين، وخالِق السماوات والأرضَين، وإله الأوّلين والآخِرين، فلو وجَدَتِ اليهود أسوَأ من ذلك القول لقالته فيه، ولو وجَدتِ النَّصارى أرَفع من ذلك القَول لقالته فيه.

وعلى هذا قال عليّ عليه السلام: "يَهلِك فيّ رَجُلانِ مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، ومُبغِض مُفْرِط" والرّأي كلّ الرّأي أن لايدعوك حبّ الصحابةِ إلى بَخْسِ عِتْرَةِ الرَّسول صلى الله عليه و آله حقوقَهم وحُظوظَهُم، فإنّ عمر لمّا كَتَبوا الدَّواوين، وقدّموا ذِكرَه، أنكَر ذلك |وقال|: ابدءوا بطَرَفي رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وضَعوا آلَ الخَطّاب حيث وضَعهم اللَّه. قالوا: فأنت أمير المؤمنين! فأبى إلّا تقديم بني هاشِم وتأخير نفسِه، فلم يُنكِر عليه مُنكِر، وصوَّبوا رأيه، وعَدّوا ذلك من مَناقِبه.

واعْلَم أ نّ اللَّه لوأراد أن يُسوّي بين بني هاشِم وبين النّاس، لَما أبانَهُم بسَهمِ ذوي القُربى، ولَما قال: 'وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِين'،

[الزخرف 44:43.] وقال تعالى: 'وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ'،

[زاد في المصدر: على اللَّه.] وإذا كان لقَومِه في ذلك ما ليس لغَيرِهم، فكلُّ مَن كان أقرَب كان أرفَع.

ولو سوّاهم بالنّاس لَما حرّم عليهم الصّدقة، وما هذا التّحريم إلّا لإكرامِهم،

[في المصدر: قدره واستقصاء.] ولذلك قال للعباس حيث طَلب ولاية الصَّدقات: 'لا أولّيك غُسالات خَطايا النّاس وأوزارهم، بل اُولّيك سِقاية الحاجّ، والإنفاق على زُوّار اللَّه'.

ولهذا كان رباه أوّل رباً وضع، ودم ربيعة بن الحارث أوّل دم اُهْدِر، لأ نّهما القُدوة في النفس والمال.

ولهذا قال عليّ عليه السلام على مِنْبَر الجَماعة: 'نحن أهل بيتٍ لايُقاس بنا أحد' وصدق عليه السلام، كيف يُقاسُ بقومٍ منهم رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، والأطْيَبان: عليّ وفاطمة و|السبطان|: الحسن والحسين، والشهيدان: أسَد اللَّه حَمْزَة، وذوالجَناحَين جعفر، وسيّد الوادي عبدالمُطّلب، وساقي الحَجيج العبّاس، وحَليم البَطْحاء والنّجْدَة والخَير فيهم، والأنصار أنصارُهم، والمُهاجِر مَن هاجِر إليهم ومعَهم، والصِّدِّيق من صدّقهم، والفاروق من فرّق بين الحَقّ والباطِل فيهم، والحَواريّ حَوارِيُّهم، وذو الشّهادتين لأ نّه شَهِد لهم، ولاخَير إلّا فيهم ولَهُم ومِنهُم ومعَهُم.

وقال عليه السلام فيما أبان به أهلَ بيته: 'إنّي تارك فيكم الخَليفَتَين، أحدُهما أكبَر من الآخر: كتاب اللَّه حَبْلٌ ممدودٌ من السّماء إلى الأرض، وعِتْرَتي أهل بَيتي، نبّأني اللَّطيف الخَبير أ نّهما لن يفتَرِقا حتّى يَرِدا عليّ الحَوض' ولو كانوا كغيرِهم لَما قال عُمَر حِين طلَب مُصاهرة عليّ: إنّي سَمِعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يقول: كلّ سَببٍ ونَسَبٍ مُنقَطعٍ يوم القيامة إلّا سَببي ونَسَبي.

واعلم أ نّ الرّجل قد يُنازِع في تَفضيل ماء دجلة على ماء الفُرات، فإن لم يتحفّظ وجَد في قلبه على شارِب ماء دِجْلَة رِقّة لم يكن يَجِدها، ووجَد في قَلبِه غِلْظَة على شارِب ماء الفُرات لم يكن يَجِدها، والحمدُ للَّه الذي جعَلنا لا نفرّق بين أبناء نبيّنا ورَسولِنا، فنحكم لجَميع المُرْسَلين بالتّصديق، ولجَميع السَّلَف بالولاية، ونخصّ بني هاشم بالمحبّة، ونُعطي كلّ أمرئ قِسْطَه من المَنزِلة.

فأمّا عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فلو أفرَدنا لأيّامه الشّريفة ومقاماته الكريمة ومناقبه السنيّة، |كلاًماً| لأفنَيْنا في ذلك الطَّوامير الطّوال، العِرقُ صحيحٌ، والمَنْشَأ كريمٌ، والشّأنُ عظيمٌ، والعَملُ جَسيمٌ، والعِلمُ كثيرٌ، والبَيان عَجيبٌ، واللّسانُ خَطيبٌ، والصَّدر رَحيبٌ، فأخلاقه وِفقَ أعراقِه، وحَديثُه يشهَد بقَدِيمه، وليس التّدبير في وَصفِ مِثْلهِ إلّا ذِكر جُملِ قَدرهِ لاستقصاء

[زاد في كشف الغمة: الشاملة.] جميع حقّه، وإذا كان كتابُنا لايحتمِل تفسير جَميع أمرِه، ففي هذه الجُمْلَةُ بَلاغٌ لِمَن أراد معرفة فَضْلِه.

وأمّا الحسَن والحُسَين عليهماالسلام فَمَثلُهما مَثَل الشَّمس والقَمَر، فمَن اُعطي ما في الشمس والقمر من المنافع العامّة والنّعم

[في كشف الغمة: من دهمك.] التّامة، ولو لم يكونا ابنَي عليّ عليه السلام من فاطمة عليهاالسلام ورفَعت من وهمك

[في كشف الغمة: بالحلم.] كلّ رواية وكلّ سبَب توجبه القرابة، لكنت لا تقرِن بهما أحداً من أجلّه أولاد المهاجرين والصّحابة إلّا أراك فيهما الإنصاف من تصديق قول النبي صلى الله عليه و آله: 'إنّهما سيّدا شباب أهل الجنّة' وجميع من هما سادَتُه |سادة|، والجنّة لاتُدخَل إلّا بالصّدق والصَّبر، وإلّا بالحكم

[الأثرة: الفضل والمنزلة.] والعِلم، وإلّا بالطَّهارة والزُّهد، وإلّا |بالعبادة| والطاعة الكثيرة، والأعمال الشريفة، والاجتهاد، والأثَرَة،

[خام: جَبُن.] والإخلاص في النيّة، فدلّ على أنّ حظَّهما في الأعمال المَرضيّة والمَذاهب الزكيّة فوقَ كلِّ حظّ.

وأمّا محمّد بن الحَنفيّة، فقد أقَرّ الصادِر والوارِد، والحاضِر والبادي، أ نّه كان واحِدَ دَهرِه ورَجُلَ عَصرِه، وكان أتَمّ النّاس تماماً وكمالاً.

وأمّا عليّ بن الحُسَين عليه السلام، فالنّاس على اختِلاف مذاهِبهم مُجمِعون عليه، لايمتري أحدٌ في تَدبيره، ولا يشكّ |أحد| في تقديمه، وكان أهل الحِجاز يقولون: لم نَرَ ثلاثة في دهرٍ يَرجِعون إلى أبٍ قريبٍ، كلّهم يسمّى عليّاً وكلّهم يَصْلُح للخِلافة، لتَكامُل خِصال الخير فيهم. يعنون عليّ بن الحسين بن عليّ عليهم السلام، وعليّ ابن عبداللَّه بن جعفر، وعليّ بن عبداللَّه بن العَبّاس رضي اللَّه عنهم، ولو عَزَونا لكتابنا هذا ترتيبهم لَذَكرنا رجال أولاد عليّ لصُلبه، وولد الحُسَين، وعليّ بن الحسين، ومحمّد بن عبداللَّه بن جعفر، ومحمّد بن عليّ بن عبداللَّه بن العبّاس، إلّا أ نّا ذَكَرنا جملةً من القَول فيهم، فاقْتَصرنا من الكثير على القليل.

فأمّا النَّجْدة، فقد عَلِم أصحابُ الأخبار وحُمّال الآثار أ نّهم لم يَسْمَعوا بمِثل نَجْدَة عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وحمزة رضى الله عنه، ولا بصَبْرِ جعفر الطّيّار رضوان اللَّه عليه، وليس في الأرض قومٌ أثبت جَناناً ولا أكثَر مَقتولاً تحت ظِلال السّيوف، ولا أجَدر أن يُقاتِلُوا، وقد فرّت الأخيار، وذهَبت الصّنايع، وخام

[خار: ضَعُف وجَبُن.] ذوالبَصيرة، وخار

[الكَميّ: الشُّجاع.] أهل النَّجدةِ من رجالات بني هاشم، وهم كما قيل:

وخامَ الكميّ

[هو دَغْفَل بن حنظلة الشيباني، نسّابة العرب من بني عمرو بن شيبان، أدرك النبيّ صلى الله عليه و آله وروى عنه. أُسد الغابة 132:2.] وطاح اللِّواء

ولا تأكُل الحَربُ إلّا سَمينا

وكذلك قالَ دَغْفَل

[دَمُث الرجلُ: سهلُ خُلُقُه.] حين وصفهم: أنجادٌ، أمجادٌ، ذَوو ألسِنَةٍ حِداد، وكذلك قال عليّ عليه السلام حين سُئِل عن بني هاشِم وبني اُميّة: 'نحن أنجَد وأمجَد وأجوَد، وهم أنكَر وأمكَر وأغدَر'. وقال أيضاً: 'نحن أطعَم للطّعام وأضرب لِلهام'.

وقد عرفت جفاء المَكّيّين وطَيْش المَدَنييّن، وأعراق بني هاشم مكّيّة، ومَناسبهم مدنيّة، ثمّ ليس في الأرض أحسن أخلاقاً، ولا أطهَر بشراً، ولا أدوَم دَمَاثة

[في النسخة: تغترّ بهم، والظاهر أنّ في هذا الموضع سقطاً أو تحريفاً في العبارة.] ولا أليَن عريكة، ولا أطيَب عَشيرة، ولا أبعَد من كِبْرٍ منهم.

والحِدّة لايكاد يَعْدَمُها الحِجازيّ والتِّهامي، إلّا أ نّ حليمهم لا يُشَقّ غُباره، وذلك في الخاصّ، والجُمهور على خلاف ذلك، حتّى تصير إلى بني هاشم، فالحِلم في جُمهورِهم، وذلك يوجد في النّاس كافّة، ولكّنا نَضْمن أ نّهم أتَمّ النّاسِ فَضْلاً، وأقلّهم نَقْصاً، وحُسن الخُلق في البَخيل أسرع، وفي الذليل أوجَد، وفيهم مع فَرْط جودهم وظهور عِزّهم مِن البِشْر الحسن والاحتِمال وكَرم التَّفاضُل ما لا يوجد مع البَخيل الموسِر والذليل المُكثِر اللذين يجَعلان الِبشْرَ وقايةً دون المال.

وليس في الأرض خَصْلَةٌ تَدعو إلى الطُّغيانِ والتَّهاونِ بالاُمورِ، وتُفسِد العُقول وتُورِث السّكر، إلّا وهي تعتريهم

[في كشف الغمة: إذاً.] وتِعرض لهم دون غَيرِهم، إذ

[الغرير: الشاب لاتجربة له.] قد جَمَعوا مع الشرف العالي والمَغْرِس الكريم العزّ والمنَعَة مع إبقاء الناس عليهم والهيبة لهم، وهم في كلّ أوقاتِهم وجميع أعصارِهم فوق مَن هم على مثل ميلادهم في الهيئة الحَسَنة، والمُروّة الظاهرة، والأخلاقِ المَرضيّة.

وقد عرفت الحَدَث الغرير

[العَرَامة: الشراسة.] من فِتيانهم وذوي العرامة

[في كشف الغمة: المحن خبراً.] من شبانهم أ نّه إن افتَرى لم يُفْتَر عليه، وإن ضرَب لم يُضرَب، ثمّ لاتَجِده إلّا قويّ الشّهوة، بعيد الهِمّة، كثير المَعرِفَة، مع خفّة ذاتِ اليَد وتعذّر الاُمور.

ثم لا تَجِد عند أفسَدِهم شيئاً مِن المنكر إلّا رأيت في غيره من النّاس أكثَر منه من مشايخ القَبائِل وجُمهور العَشائِر.

وإذا كان أفاضِلُهم فوق كلّ فاضِلٍ، وناقِصُهم أنقَص نُقصاناً من كلّ ناقِص، فأيّ دليلٍ أدَلّ، وأيّ برهانٍ أوضَح ممّا قلته؟ وقد عَلِمت أ نّ الرجل منهم يُنعَت بالتَّعظيم والرّواية في دخول الجنّة بغيرِ حِساب، ويتأوّل القرآن له، ويزاد في طمعِه في بكلّ حيلة، وينقص مِن خَوفِه، ويحتجّ له بأ نّ النّار لاتمسّه، وأ نّه لَيشْفَع في مثل ربيعة ومُضَر، وأنتَ تجِد لهم مع ذلك العددَ الكثير من الصُّوّام والمُصَلّين والتّالِين الذين لايجاريهم أحدٌ، ولايُقاربهم.

كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المُطّلب يُصلّي في كلّ ليلة ألف رَكْعَة، وكذا عليّ بن الحُسَين بن عليّ، وعليّ بن عبد اللَّه بن جعفر، وعليّ بن عبد اللَّه بن العبّاس، مع العلم، والحِلم، وكَظْم الغَيْظ، والصَّفْح الجَميل، والاجتِهاد المُبرّز، فلو أ نّ خَصلَةً من |هذه| الخصال أو داعية مِن هذه الدَّواعي عرَضت لغيرِهم لهلك وأهلك.

واعلم أ نّهم لم يُمتَحنوا بهذه المِحَن، ولم يُحَمّلوا هذه البَلوى، إلّا لما قدّموا من العزائِم التامّة والأدوات المُمكِنَة، ولم يكن اللَّه ليَزيدَهم في المحنة إلّا وهم يَزدادون على شِدّة المِحَن خيراً،

[زاد في كشف الغمة: ولد أبي طالب.] وعلى التكشّف تهذيباً.

وجملة اُخرى ممّا لعليّ بن أبي طالب عليه السلام خاصّة، الأب أبو طالب بن عبدالطلب، والجَدّ عبد المُطّلِب بن هاشم، والاُمّ فاطِمَة بنت أسَد بن هاشم، والزَّوجَة فاطِمَة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله سيّدة نساء |أهل الجنّة|، والوُلد الحسَن والحُسَين سيَّدا شباب أهل الجنّة، والأخ جعفر الطّيّار في الجنّة، والعَمّ العَبّاس وحمزة سيّد الشُهَداء في الجنّة، والعَمّة صفيّة بنت عبدالمُطَّلب، وابن العَمّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، وأوّل هاشمي بين هاشِمِيَّين كان في الأرض.

[في النسخة وكشف الغمة: أسد بن رقيم، تصحيف، انظر أسد الغابة 20:4.]

والأعمال التي يُستَحَقّ بها الخَير أربعَة: التقدّم في الإسلام، والذّبّ عن رسولِ اللَّه صلى الله عليه و آله وعن الدِّين، والفِقه في الحلال والحَرام، والزهد في الدُّنيا، وهي مجتمةٌ في عليّ بن أبي طالب عليه السلام، متفرّقةٌ في الصَّحابة.

وفي عليّ يقول أُسيد بن أبي إياس بن زنيم

[الجَذَع: الشابّ الحَدَث، والمَذَاكّي: المُسِنّ، والقُرَّح: جمع قارح من ذي الحافر ما استتمَّ الخامسة وسقطت سنّة التي تلي الرُباعية، ونَبَتَ مكانّها نابُه.] يُحرّض عليه قُرَيشاً، وأ نّه قد بلَغ منهم على حَدَاثة سِنّه ما لم يَبلُغه ذووالأسنان:




  • في كُلِّ مجمعِ غايةٍ أخزاكُم
    جَذَعٌ أبَرّ على المَذاكي القُرَّحِ



  • جَذَعٌ أبَرّ على المَذاكي القُرَّحِ
    جَذَعٌ أبَرّ على المَذاكي القُرَّحِ



[في كشف الغمة: ويمشي.]




  • للَّه درّكم ألمّا تُنكِروا
    هذا ابنُ فاطمة الذي أفناكُم
    ذَبْحاً ويُمسي



  • قديُنكِر الضَّيمَ الكريمْ ويَسْتَحي
    ذَبْحاً ويُمسي
    ذَبْحاً ويُمسي



[دِعامة القوم: سيدهم.] آمِناً لم يُجْرَحِ

أين الكهول وأين كلّ دِعامةٍ

[الغِرار: حَدّ الرمح والسيف والسّهم.]
[أسد الغابة 20:4، مناقب ابن شهر آشوب 131:3.] لم يُصفحِ

[هو المغيرة بن الحارث بن عبدالمطلب، أبو سفيان الهاشمي القرشي، أحد الأبطال الشعراء في الجاهلية والإسلام، وهو أخو رسول اللَّه صلى الله عليه و آله من الرَّضاع، شَهِد معه فتح مكّة، ثمّ وقعة حُنين وأبلى بلاءً حسناً. الأعلام للزركلي 276:7.]

وأمّا الجود فليس على ظهر الأرض جَواد جاهليّ ولا إسلامي ولا عربيّ ولا عجَميّ إلّا وجودُه يكاد يصيرُ بُخلاً إذا ذُكِر جُودُ عليّ بن أبي طالب، وعبداللَّه ابن جعفر، وعبداللَّه بن العبّاس، والمذكورون بالجُود منهم كثيرٌ، لكنّا اقتصَرنا.

ثمّ ليس في الأرض قومٌ أنطَق خَطيباً، ولا أكثَر بليغاً من غير تكلّف ولاتكسُّب من بني هاشم.

قال أبو سُفيان بن الحارث:

[في كشف الغمة: وأثبتهم.]




  • لَقد عَلِمت قريشٌ غَير فَخر
    وأكثرهم دروعاً سابغاتٍ
    وأمضاهم إذا طعَنوا سِنانا



  • بأ نّا نَحنُ أجوَدَهُم حِصانا
    وأمضاهم إذا طعَنوا سِنانا
    وأمضاهم إذا طعَنوا سِنانا



وأبينُهم

[الخِيمُ: السجيّة، والطبيعة، والأصل.] إذا نطَقوا لِسانا

وممّا يُضمّ إلى جملة القَول في فَضل عليّ بن أبي طالب عليه السلام أ نّه أطاع اللَّه قبلَهم ومَعهم وبعدَهم، وامتُحِن بما لم يُمْتَحَن به ذو عزمٍ، وابتُلي بما لم يُبْتَل به ذو صَبرٍ.

وأ مّا جملة القَول في وُلدِ عليّ عليه وعليهم السلام فإنّ النّاسَ لايُعظّمون النّاس إلّا بعد أن يُصيبوا منهم ويَنالوا من فَضلِهم، وإلّا بعد أن تظهَر قُدرَتُهم، وهم معظّمون قبل الاختبار، وهم بذلك واثِقون، وبه موقِنون، فلولا أ نّ هناك سِرّاً كريماً، وخِيماً

[في كشف الغمة: عند التفكير والتحبير.] عجيباً، وفضلاً مُبيناً، وعِرقاً نامياً، لاكتفَوا بذلك التعظيم، ولم يُعانوا تلك التكاليف الشِّداد، والمِحَن الغِلاظ.

فأ مّا المَنطِق والخُطَب، فقد عَلِم النّاس كيف كان عليّ بن أبي طالب عليه السلام عند التكثير والتخيير،

[أي البديهة.] وعند الارتجال والبديّة،

[الشِّنْشِنَة: الطبيعة والعادة، وهو مثل يُضْرَب في قُرب الشَّبه. مجمع الأمثال 361:1.] وعند الإطناب والإيجاز في وقتَيهما، وكيف كان كلامه قاعداً وقائماً، وفي الجماعات ومنفَرِداً، مع الخِبْرةِ بالأحكام والعِلم بالحَلال والحَرام.

وكيف كان عبداللَّه بن عباس رضى الله عنه الذي كان يُقال له الحَبْر والبَحْر، ومثل عمر بن الخَطّاب يقول له: غُصْ يا غَوّاص، وشِنْشِنَة أعرِفها من أخزَم،

[كشف الغمة 29:1.] قلبٌ عَقولٌ، ولِسانٌ قؤول.

ولو لم يكن لجَماعتِهم إلّا لسان زَيد بن عليّ بن الحسين، وعبداللَّه بن معاوية بن |عبداللَّه بن| جعفر، لقَرَعوا بهما جميع البُلَغاء، وعَلَوا بهما على جميع الخُطباء، ولذلك قالوا: أجوادٌ أمجادٌ وألسِنةٌ حِداد.

ولقد ألقَيتُ إليك جملةً مِن ذكر آل الرّسول، يُستَدلّ بالقَليل |منها| على الكثير، وبالبعض على الكُلّ، والبُغيةُ في ذِكرهم أ نّك متى عَرَفت مَنازِلهم ومنازل طاعاتِهم، ومَراتِب أعمالِهم، وأقدار أفعالِهم، وشِدّة مِحنَتِهم، وأضَفتَ ذلك إلى حقّ القَرابة، كان أدنى ما يجب علينا وعليك الاحتِجاج لَهُم، وجعلتُ بَدَل التوقّف في أمرِهم الرَّدّ على مَن أضافَ إليهم ما لا يَليقُ بهم، وقد تقدّم من قَولِنا فيهم مُتفرّقا ومُجْمَلاً ما أغنى عن الاستِقصاء في هذا الكتاب.

تمّت الرّسالة، وهي بخطّ عبداللَّه بن الحسن الطّبَرى.

[الذُّبالة: الفَتيلة التي تُسْرَج.]

قال عليّ بن عيسى عَقيب ذِكره هاتَين الرّسالتين:

أقول: إنّ أبا عُثمان مِن رجال الإسلام وأفراد الزَّمان في الفَضْلِ والِعلْمِ وصِحّة الذّهن، وحُسن الفَهْم، والاطّلاع على حقائق العُلوم والمَعرفة بكلّ جليلٍ ودقيق، ولم يكن شيعيّاً فيُتَّهم، وكان عُثمانياً مَرْوانيّاً، وله في ذلك كُتبٌ مُصَنَّفةٌ، وقد شَهِد في هاتين الرّسالتين مِن فَضْلِ بني هاشِم وتقديمهم، وفَضْل علي عليه السلام وتقديمه بما لاشكّ فيه ولاشُبهة، وهو أشهَر من فَلَق الصّباح، وهذا إن كان مذهَبه فذاك - ولم يكُن مذهبه - وإلّا فقد أنطقه اللَّه تعالى بالحقّ، وأجرى لسانه بالصّدق، وقال ما يكون حجّة عليه في الدُّنيا والآخِرة، ونَطَق بما لو اعْتَقَد غيره لكان خَصْمه في مَحْشَرِه، فإنّ اللَّه عند لسانِ كُلّ قائلٍ، فَلْيَنْظُر قائلٌ ما يقول، وأصعَب الاُمورِ وأشَقّها أن يَذكُر الإنسانُ شيئاً يستحقّ به الجنّة، ثمّ يكون |ذلك| موجباً لدُخولِه النّار، نعوذ باللَّه |من ذلك|.




  • أحرّم منكم بما أقول وقد
    نال به العُشّاق مَن عَشِقوا



  • نال به العُشّاق مَن عَشِقوا
    نال به العُشّاق مَن عَشِقوا



صِرت كأ نّي ذُبالةٌ

[كشف الغمة: 29:1.] نُصِبت

تُضي ء للنّاس وهي تحتَرِقُ

[إعلام الورى: 386 - 381.]

انتهى كلام عليّ بن عيسى رحمه الله.

وقال الشيخ الإمام السّعيد العلّامة أمير الرؤساء أمين الدِّين أبو عليّ الفَضْل ابن الحسَن بن الفَضْل الطَّبَرْسيّ، في "إعلام الورى" بعد أن ذكر أحاديث كثيرة مُسنَدة عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بأ نّ الأئمّةبعده اثنا عشَر، وهم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، ووُلده الأحد عشَر الذين آخِرهم القائم، ولمّا كانت الرّوايات والأحاديث بذلك من طريق العامّة.

[في المصدر: عن المعتاد.]

قال أبو عليّ الطَّبَرْسيّ عَقيب ذِكره هذه الأحاديث: هذا بعض ما جاء من الأخبار من طريق المُخالفين ورواياتهم في النّصّ على عدد الأئمّة الاثني عشَر عليهم السلام، وإذا كانت الفرقةُ المُخالفة قد نَقَلت ذلك كما نَقَلته الشّيعةُ الإماميّة، ولم تُنكِر ما تضَمّنه الخَبَر، فهو أدلّ دليل على أ نّ اللَّه تعالى هو الذي سَخَّرهم لروايته إقامةً لحُجَّتِه وإعلاءً لكلِمتِه، وما هذا الأمرُ إلّا كالخارق للعادة، والخارج عن الأمُور المُعْتادة،

[إعلام الورى: 386.] ولا يقدِر عليه إلّا اللَّه تعالى الذي يذلّل الصَّعْب، ويقلِّب القَلْب، ويُسهّل العسير، وهو على كلّ شي ء قدير.

انتَهى كلامُ أبي عليّ الطَّبَرْسيّ، ذَكَره في الكتاب المُشار إليه، وعلى هذا انقطَع الكلامُ، ونشكُر المَلك العَلّام، قائلين الحمدُ للَّه الذي هَدانا لهذا وما كنّالنهتديَ لولا أن هَدانا اللَّه، والحمدُللَّه ربِّ العالَمين أوّلاً وآخِراً.

وكان الفراغ من تَصنيف هذا الكتاب الجَليل الموسوم ب "غاية المَرام وحجّة الخِصام في تعيين الإمام" على يد مصنّفه السيّد الجليل النَّبيل، السيّد هاشم بن السيّد سليمان بن السيّد إسماعيل بن السيّد عبد الجَواد البَحراني باليوم الرابع والعشرين من شَهْر رَمضان للسّنة الثالثة والمائة والألف، وصلّى اللَّه على محمّد وآله الطاهرين وسلّم تسليماً كثيراً.

وفرَغ من كتابته المُحتاج إلى ربّه الغنيّ، أقل السادات، تُراب أقدام الطُّلاّب، ابن محمّد الرّضَوي، محمّد علي الخوانساري، في يوم الأحَد عشر من شهر ذي قعدة الحَرام، من السّنةِ الواحدة والسبعين والمائتين بعد الألف، وصلّى اللَّه على محمّد وآله الطيّبين الطّاهرين المعصومين ورحمة اللَّه وبركاته.

وفرغ من تحقيقه بفضل اللَّه ومَنّه قسم الدراسات الإسلامية - مؤسسة البعثة -

في السابع والعشرين من رجب سنة 1419 ه، يوم البعثة النبوية

المشرّفة، واللَّه وليُّ التوفيق، وهو حَسْبُنا ونِعْم الوكيل

/ 31