علی فی القرآن جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

علی فی القرآن - جلد 2

سید صادق حسینی شیرازی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

سوره احزاب


"وفيها خمس عشرة آية"

1 ـ وَأُولُو الأرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ / 6.

2 ـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ / 9.

3 ـ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ / 23.

4 ـ وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْراً / 25.

5 ـ إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ / 33.

6 ـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً / 41.

7 ـ هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ / 43.

8 ـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ / 49.

9 ـ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ / 53.

10 ـ إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ / 56.

11 ـ إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا / 57.

12 ـ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا / 58.

13 ـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى / 69.

14 ـ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى / 70.

15 ـ إِنَّا عَرَضْنَا الأمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْجِبَالِ / 72.

'... وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ...'.

الأحزاب/ 6

روى الحافظ القندوزي "الحنفي" عن الحافظ أبي بكر بن مردويه في كتاب "المناقب" في قوله تعالى:

'وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ'.

أنّه قيل: ذلك علي، لأنّه كان مؤمناً، مهاجراً، ذا رحم

[ينابيع المودّة/ ص325.]

"أقول": معنى ذلك: إمّا أنّ نزول الآية كان في علي بن أبي طالب "عليه السلام"، وإمّا كونه أظهر مصاديقها، لا انحصار حكم الآية فيه بحيث لا تشمل غيره ـ كما مرّ غير مرة ـ فيكون هذا من النزول، أو التأويل، أو ما شابه ذلك.

"مضافاً" إلى ما ذكره العلاّمة المظفر "قده" قال:

"لا نسلم شمول الأوصاف المذكورة لغيره، فإنّ العباس ليس من المهاجرين، إذ لا هجرة بعد الفتح فلا يستحق من النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" ميراثاً لأنه تعالى قيّد في الآية أولى الأرحام بكونهم من المؤمنين والمهاجرين"

[دلائل الصدق/ ج2/ ص190.]

فيكون الانطباق منحصراً في علي بن أبي طالب "عليه السلام".

وذكر ذلك جمع من المؤرخين القدامى والمحدّثين:

"منهم" أبو محمد أحمد بن أعثم الكوفي في كتاب الفتوح

[كتاب الفتوح/ ج2/ ص961.]

"ومنهم" شهاب الدين النويري في كتابه الكبير "نهاية الأرب"

[نهاية الأرب/ ج7/ ص233.]

"ومنهم" أبو العباس القلقشندي في موسوعة "صبح الأعشى"

[صبح الأعشى/ ج1/ ص229.]

كل هؤلاء نقلوا ذلك ضمن رسالة مطولة جوابية من الإمام أمير المؤمنين "عليه السلام" إلى معاوية بن أبي سفيان جاء فيها:

"وكتاب الله يجمع لنا ما شذّ عنّا وهو قوله سبحانه وتعالى:

'وَأُولُوا الأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ'.

وقوله تعالى:

'إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ'.

"فنحن مرة أولى بالقرابة، وتارة أولى بالطاعة".

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً وَجُنُوداً لَمْ تَرَوْها وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً'

الأحزاب/ 9

روى العلاّمة البحراني عن أبي نعيم الأصفهاني "فيما نزل من القرآن في علي" بالإسناد عن سفيان الثوري، عن رجل، عن مُرّة، عن عبد الله قال: وقال جماعة من المفسّرين في قوله تعالى:

'اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جاءَتْكُمْ جُنُودٌ'.

إنّها نزلت في علي يوم الأحزاب

[غاية المرام/ ص420.]

"أقول": الظاهر أنّ المقصود بنزول الآية في أمير المؤمنين "عليه السلام"، هو أنّ المراد بكلمة "نعمة الله عليكم" هو علي بن أبي طالب، حيث قتل عمرو بن ود العامري، وبقتل علي إيّاه قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم":

"لم يبقَ بيتٌ من المشركين، إلاّ ودخله وهنٌ، ولا بيتٌ من المسلمين، إلاّ ودخل عليهم عزّ ولمّا قتل عمرو، خذل الأحزاب"

[غاية المرام/ ص421.]

وقد روى العلاّمة البحراني أيضاً عن الحافظ منصور بن شهريار بن شيرويه بإسناده إلى ابن عباس قال:

لمّا قتل عليُّ عَمْراً، ودخل على رسول الله، وسيفه يقطر دماً، فلمّا كبّر وكبّر المسلمون، وقال النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم": ألم أُعطِ علياً فضيلةَ لم يُعطَها أحدٌ قبله، ولم يعطَها أحدٌ بعده؟

قال "ابن عباس": فهبط جبرائيل ومعه من الجنّة "أترجة" فقال لرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": إنّ الله عزّ وجلّ يقرأ عليك السلام، ويقول لك: حيي بهذه علي بن أبي طالب "قال": فدفعها إلى علي، فانفلقت في يده فلقتين، فإذا فيها حريرة خضراء فيها مكتوب سطران بخضرة:

"تُحفة من الطالب الغالب".

"إلى علي بن أبي طالب"

[غاية المرام/ ص420.]

'مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً'

الأحزاب/ 23

روى ابن حجر "الفقيه الشافعي" في الصواعق المحرقة، أنّه سئل علي "كرّم الله وجهه" وهو على منبر الكوفة عن قوله تعالى:

'مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً'.

فقال "كرّم الله وجهه": اللّهم أغفر، هذه الآية نزلت فيّ، وفي عمّي حمزة، وفي ابن عمّي عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب، فأمّا عبيدة، فقضى نحبه شهيداً يوم بدر، وأمّا حمزة، فقضى نحبه شهيداً يوم أحد، وأمّا أنا، فأنتظر أشقاها، يخضب هذه من هذا ـ وأشار إلى لحيته ورأسه ـ عهدٌ عهده إليّ حبيبي أبو القاسم "صلى الله عليه وآله وسلّم"

[الصواعق المحرقة/ ص80.]

"أقول": قوله عليه السلام: "اللّهم اِغفر" لعله حيث أراد بيان فضيلة نفسه وكانت تزكية المرء نفسه قبيحة ـ كما في حديث النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" ـ لذا قال ذلك لبيان أنّ ذكر الفضيلة إنّما هذا بداعي مرضاة الله، لا بداعٍ نفساني.

وأخرج هذا المعنى عالم الأحناف الحافظ القندوزي في ينابيع المودّة:

[ينابيع المودّة/ ص96.]

وأخرجه أيضاً السيد المؤمن الشبلنجي "الشافعي"

[نور الأبصار/ ص97.]

وكذلك أخرجه علاّمة المالكية، "ابن الصباغ" في فصوله

[الفصول المهمة،/ ص149.]

وهكذا علاّمة الحنفية، الموفّق بن أحمد الخوارزمي في مناقبه

[المناقب للخوارزمي/ ص197 وص130.]

وعلاّمة الهند، عبد الله بسمل أمر تسري في كتابه الكبير في المناقب

[أرجح المطالب/ ص60 ـ 61.]

وآخرون ذكروه أيضاً.

'وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنالُوا خَيْراً وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ وَكانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزاً'

الأحزاب/ 25

روى الحافظ الحسكاني "الحنفي" عن فرات الكوفي في التفسير العتيق "بإسناده المذكور" عن ابن عباس في قوله "تعالى":

'وَكَفَى اللهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ'.

قال: كفاهم الله القتال يوم الخندق بعلي بن أبي طالب حين قتل عمرو بن عبد ودّ:

وشرح هذه القصة فيما أخبرنا الحاكم الوالد "بإسناده" عن حذيفة قال: لمّا كان يوم الخندق، عبر عمرو بن عبد ود حتى جاء، فوقع على عسكر النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم"، فنادى: البراز.

فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم"، أيُّكم يقوم إلى عمرو؟

فلم يقم أحد إلاّ علي بن أبي طالب.

فإنه قام، فقال له النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم": اجلس.

ثم قال النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم": أيُّكم يقوم إلى عمرو؟

فلم يقم أحد، فقام إليه علي فقال: أنا له.

فقال النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم": اجلس.

ثم قال النبي لأصحابه: أيُّكم يقوم إلى عمرو؟

فلم يقم أحد، فقام علي فقال: أنا له.

فدعاه النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" فقال: إنّه عمرو بن عبد ودّ.

قال: وأنا علي بن أبي طالب.

فألبسه "صلى الله عليه وآله وسلّم" درعه ذات الفضول، وأعطاه سيفه ذا الفقار، وعمّمه بعمامته السحاب على رأسه تسعة أكوار ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم" له: تقدم.

فقال النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" لمّا ولّى: اللّهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوق رأسه ومن تحت قدميه، فجاء حتى وقف على عمرو فقال: من أنت؟

فقال عمرو: ما ظننت أنّي أقف موقفاً أُجهل فيه، أنا عمرو بن عبد ود، فمن أنت؟

قال: أنا علي بن أبي طالب.

فقال: الغلام الذي كنت أراك في حجر أبي طالب؟

قال: نعم.

قال: إنّ أباك كان لي صديقاً، وأنا أكره أنْ أقتلك.

فقال له علي: لكنّي لا أكره أنْ أقتلك، بلغني أنّك تعلقت بأستار الكعبة، وعاهدت الله عزّ وجلّ أنْ لا يخيرك رجل بين ثلاث خلال إلاّ اخترت فيها خلة؟

قال: صدقوا.

قال: إمّا أنْ ترجع من حيث جئت.

قال: لا. تحدث بها قريش.

قال: أو تدخل في ديننا فيكون لك ما لنا وعليك ما علينا؟

قال: ولا هذه!

فقال له علي: فأنت فارس وأنا راجل.

فنزل عن فرسه وقال: ما لقيت من أحد ما لقيت من هذا الغلام!.

ثم ضرب وجه فرسه فأدبرت، ثم أقبل إلى علي ـ وكان رجلاً طويلاً يداوي دبر البعير وهو قائم ـ وكان علي في تراب دق ولا يثبت قدماه عليه فجعل علي ينكص إلى ورائه يطلب جلداً من الأرض يثبت قدميه ويعلوه عمرو بالسيف فكان في درع عمرو قصر، فلمّا تشاك بالضربة تلقّاها علي بالترس، فلحق ذباب السيف في رأس علي، حتى قطعت تسعة أكوار حتى خط السيف في رأس علي، وتسيّف علي رجليه بالسيف من أسفل فوقع على قفاه، فثارت بينهما عجاجة فسُمع عليٌّ يكبر، فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": قتله، والذي نفسي بيده.

فكان أول من ابتدر العجاج علي يمسح سيفه بدرع عمرو فكبر عمر بن الخطاب فقال: يا رسول الله، قتله.

فجزّ علي رأسه، ثم أقبل يخطر في مشيته.

فقال له رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": يا علي، إنّ هذه مشية يكرهها الله عزّ وجلّ إلاّ في هذا الموضع.

فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" لعلي: ما منعك من سلبه وكان ذا سلب؟ فقال يا رسول الله، إنّه تلقاني بعورته.

فقال النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم": أبشر يا علي، فلو وزن اليوم عملك بعمل أُمّة محمد، لرجح عملك بعملهم، وذلك أنّه لم يبقَ بيت من بيوت المسلمين، إلاّ وقد دخله عزٌّ بقتل عمرو

[شواهد التنزيل/ ج2/ ص5 ـ 7.]

وأخرج الكنجي الشافعي في "كفاية الطالب" نزول هذه الآية في شأن علي بن أبي طالب، وقال: ذكر ذلك غير واحد من أصحاب التفاسير

[كفاية الطالب/ ص110.]

وأخرج فقيه الشوافع جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السّيوطي في تفسيره، وقال: أخرجه ابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر عن ابن مسعود أنّه كان يقرأ "وكفى الله المؤمنين القتال" بعلي بن أبي طالب

[الدر المنثور/ ج5/ ص192.]

'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً'

الأحزاب/ 33

الروايات الواردة في نزول هذه الآية بحقّ "علي، وفاطمة، والحسن، والحسين" هي من أعلى حدود التواتر بمراتب، فإنّك لا تكاد تجد كتاباً في التفسير، أو الحديث، أو التاريخ، إلاّ وفيه من هذه الروايات.

ويكفيك أنْ تعلم:

أنّ الحافظ الحسكاني في كتابه "شواهد التنزيل"، جمع عند نقله لهذه الآية، مئة وثمانية وثلاثين حديثاً.

"كما" أنّ العلاّمة البحراني في كتابه "غاية المرام" جمع عند نقله لهذه الآية واحداً وأربعين حديثاً كلها من طرق العامة ومسانيدهم وصحاحهم وكتبهم "بَلْهِ" ما نقله عن طرق الشيعة وكتبهم.

"وعلى هذه فَقِسْ ما سواها".

ونحن سوف نذكر في المقام عدة أحاديث للاهتمام بالموضوع.

روي في مسند الإمام أحمد بن حنبل "بإسناده المذكور" إلى أُم سلمة:

[هي رملة، أو هند بنت أبي أمية سهل بن المغيرة المخزومية، القرشية أم المؤمنين، من خيرة أزواج النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" نبتت على طريقة رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" وأمره وطاعته في حياة النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" وبعد وفاته، وصفها المؤرخون، بالعقل البالغ، والرأي الصائب، حفظت وصايا النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" في ذريته وأهل بيته من بعده، لها الكثير من الأحاديث، روتها عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" وعن علي، وآخرين من الصحابة، روى عنها العديد من الصحابة والتابعين، نقلت أحاديث عديدة في فضائل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب خاصة، وفضائل البيت عامة، ماتت عام "62" للهجرة. ذكرها وترجم لها المعظم من المؤرخين، وأصحاب الرجال والسيرة، نذكر جماعة منهم ـ من العامة ـ للمراجعة وهم: ـ

محمد بن سعد ـ كاتب الواقدي ـ في "الطبقات الكبرى" ج8 ص60.

ومحمد بن إسماعيل البخاري في "التاريخ الصغير" ص53. وفي "الكنى" ص92.

وعبد الله بن مسلم بن قتيبة في "المعارف" ص60.

وابن العماد الحنبلي في "شذرات الذهب" ج1 ص69.

وخير الدين الزركلي في "الأعلام" ج9 ص104.

ومحمد بن أحمد الدولابي في "الكنى والأسماء" ج2 ص763.

ومحمد بن جرير الطبري في "الذيل والمذيل" ص71.

وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ج4/ ق2/ ص464.

المطهر بن طاهر المقدسي في "البدء والتاريخ" ج5 ص13.

وابن عبد البر في "الاستيعاب" ج2 ص780.

وابن الجوزي في "صفة الصفوة" ج1 ص56. وفي "تلقيح فهوم أهل الأثر" ص10.

وآخرون أيضاً....] أنّ رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" كان في بيتها، فأتته فاطمة ببرمة فيها خزيرة

[البُرمة ـ بضم الباء ـ القدر من الحجر، والخزيرة "شبه عصيدة بلحم، وبلا لحم عصيدة، وقيل: مرقة من بلالة النخالة "أقرب الموارد".]

فدخلت بها عليه، فقال "صلى الله عليه وآله وسلّم": اُدعي لي زوجك وابنيك، فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا وجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة، وهو وهم على مقام له على دكان تحته، معه كساء خيبري.

قالت "أم سلمة": وأنا في الحجرة أُصلي، فأنزل الله تعالى هذه الآية:

'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ً'.

قالت: فأخذ فضل الكساء وكساهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء وقال "صلى الله عليه وآله وسلّم":

"اللّهم، هؤلاء أهل بيتي وخاصتي، فأذهب عنهم الرِّجس، وطهّرهم تطهيراً".

قالت: فأدخلتُ رأسي البيت، وقلت: أنا معكم يا رسول الله؟

قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": إنّك إلى خير، إنّك إلى خير

[مسند أحمد بن حنبل/ ج6/ ص292.]

وروى ابن الصباغ "المالكي" في "الفصول المهمة" أنّه قال:

ذكر "الترمذي" في جامعة "يعني: في صحيح الترمذي":

أنّ رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" كان من وقت نزول هذه الآية إلى قرب ستة أشهر إذا خرج إلى الصلاة يمرُّ بباب فاطمة، ثم يقول:

'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً'

[غاية المرام/ ص291 ـ 292.]

"أقول": إنّما كان يفعل ذلك رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" للتأكيد على أنّ المقصود بكلمة "أهل البيت" في القرآن هم علي، وأهل بيت علي، لا زوجات الرسول "صلى الله عليه وآله وسلّم" نفسه ـ وقد مرّ ذلك سابقاً منّا ـ.

وفي "المستدرك على الصحيحين" بإسناده عن عامر بن سعد عن سعد بن أبي وقاص يقول: لا أسبُّه "يعني: علي بن أبي طالب" ما ذكرت حين نزل عليه "يعني: النبي" الوحي، فأخذ علياً وابنيه وفاطمة، فأدخلهم تحت ثوبه، ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": "ربِّ، إنّ هؤلاء أهل بيتي"

[مستدرك الصحيحين/ ج3/ ص117.]

وأخرج أبو داود الحافظ سليمان بن داود الطيالسي في "مسنده" بإسناده عن أنس عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" أنّه كان يمر على باب فاطمة شهراً قبل صلاة الصبح فيقول "صلى الله عليه وآله وسلّم": "الصلاة يا أهل البيت، إنّما يريد الله ليُذهب عنكم الرّجس أهل البيت"

[مسند الطيالسي/ ج8/ ص274.]

وأخرج الطحاوي "الحنفي" في "مشكل الآثار" بسنده عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" وعلي وفاطمة وحسن وحسين 'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً'

[مشكل الآثار/ ج1/ ص333.]

وروى "الفقيه الشافعي" جلال الدين بن أبي بكر السّيوطي في "الدر المنثور" بإسناده عن سعد قال: نزل على رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" الوحي، فأدخل علياً وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه، ثم قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": "اللّهم، هؤلاء أهلي وأهل بيتي".

وروى الهيثمي في "مجمع الزوائد" عن وائلة بن الأسقع قال: خرجت وأنا أريد علياً فقيل لي: هو عند رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فأمّمت إليهم فأجدهم في حظيرة من قصب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" وعلي وفاطمة وحسن وحسين قد جعلهم تحت ثوب وقال "صلى الله عليه وآله وسلّم": "اللّهم، إنك جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك عليّ وعليهم".

وروى "البلاذري" قال: حدثني أبو صالح الفراء بإسناده المذكور عن أنس بن مالك: أنّ النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" كان يمرُّ ببيت فاطمة ستة أشهر، وهو منطلق إلى صلاة الصبح فيقول: الصلاة أهل البيت 'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً'

[أنساب الأشراف/ ج2/ ص104.]

وأخرج ذلك ـ بتعبيرات مختلفة وعبارات عديدة ـ كثيرون من أعلام المذاهب.

"مثل" العلاّمة محمد بن السائب، الكلبي، في تفسيره المسمّى "بالتسهيل في علوم التنزيل" في المجلد الثالث منه الصفحة التاسعة والتسعين والمئتين:

"ومثل" محبّ الدين الطبري، الشافعي، في "ذخائر العقبى" في الصفحة الثالثة والعشرين.

"ومثل" علاّمة السودان عبد الله بن محمد بن عثمان بن صالح المعروف "بغودي" في تفسيره "كفاية الضعفاء السودان" قال: ـ تفسير هذه الآية ـ:

"هذا نصٌ على أنّ نساءه أهل بيته، وكذا فاطمة ابنته، وعلي زوجها، وابناهما الحسن والحسين لقوله "صلى الله عليه وآله وسلّم" فيهم وقد لف عليهم كساء: "اللّهم، هؤلاء أهل بيتي"

[كفاية الضعفاء السودان/ ص131.]

"ومثل" العلاّمة أحمد مصطفى المراغي "أستاذ الشريعة الإسلامية واللغة العربية بكلية دار العلوم ـ بمصر" في تفسيره، قال: "عن ابن عباس قال: شهدنا رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب عند وقت كل صلاة فيقول "السلام عليكم ورحمة الله، إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويطهرّكم تطهيراً" الصلاة يرحمكم الله كلّ يوم خمس مرات"

[تفسير المراغي/ ج22/ ص7.]

وأخرج الفقيه الحنفي موفّق بن أحمد المكي، الخوارزمي في مقتله

[مقتل الحسين للخوارزمي/ ج1/ ص94.] بإسناده عن سعد بن بشير عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم":

"أنا واردكم على الحوض، وأنت يا علي الساقي، والحسن الذائد، والحسين الآمر، وعلي بن الحسين الفارط، ومحمد بن علي الناشر، وجعفر بن محمد السابق، وموسى بن جعفر، محصي المحبّين، والمبغضين، وقامع المنافقين، وعلي بن موسى، زين المؤمنين، ومحمد بن علي، منزل أهل الجنة في درجاتهم، وعلي بن محمد، خطيب شيعته، ومزوّجهم الحور العين، والحسن بن علي، سراج أهل الجنة، يستضيئون به، والمهدي، شفيعهم يوم القيامة، حيث لا يؤذن إلا لمن يشاء ويرضى".

وأخرج الخوارزمي هذا نفسه في مقتله أيضاً

[مقتل الحسين للخوارزمي/ ج1/ ص94.] بإسناده عن سلمان الفارسي قال: دخلت على النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" وإذا الحسين على فخذه، وهو يقبل عينيه ويلثم فاه، وهو يقول "صلى الله عليه وآله وسلّم": أنت سيد، ابن سيد، أخو سيد، أبو سادة، أنت إمام، ابن إمام، أخو إمام، أبو الأئمّة، أنت حجة، ابن حجة، أخو حجة، أبو حجج تسعة من صلبك، تاسعهم قائمهم.

وأخرج المفسّر "محمد عزة دروزة" في تفسيره الذي أسماه "التفسير الحديث" ورتّب سوره على ترتيب نزولها لا على الترتيب المعروف قال: "منها حديث رواه مسلم والترمذي عن أم سلمة أم المؤمنين جاء فيه: "نزلت الآية: 'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً' في بيتي، فدعا النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً، فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره، ثم قال اللّهم، هؤلاء أهل بيتي فاذهبْ عنهم الرِّجس وطهِّرهم تطهيراً، "فقلت" وأنا معهم يا رسول الله؟

قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": أنتِ على مكانكِ، وأنت إلى خير"

[التفسير الحديث/ ج8/ ص261.]

وأخرج العلاّمة محمد الصبّان "الحنفي" في إسعافه، عند ذكر هذه الآية 'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً'. قال: وأخرج أحمد بن حنبل والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم":

أنزلت هذه الآية في خمسة في، وفي علي، وحسن، وحسين، وفاطمة

[إسعاف الراغبين/ ص107 "بهامش نور الأبصار".]

وأخرج ابن الأثير في كامله خطبة، للحسن بن علي، في أيام خلافته، بعد مقتل أبيه أمير المؤمنين "عليهما السلام" وفيها:

"أيُّها الناس، إنّما نحن أمراؤكم، وضيفانكم، ونحن أهل بيت نبيكم، الذين أذهبْ الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً"

[الكامل في التاريخ لابن الأثير/ ج3/ ص204.]

وأخرج الشيخ الإمام الخطيب الشربيني "الشافعي" في تفسيره "السراج المنير" قال:

وعن أُم سلمة "رضي الله تعالى عنها" قالت: في بيتي أنزل:

'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ' قالت: فأرسل رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" إلى فاطمة وعلي والحسن والحسين فقال "صلى الله عليه وآله وسلّم": هؤلاء أهل بيتي

[تفسير السراج المنير/ ج3/ ص245.]

وأخرج الشيخ محمد بن محمد الحسني في تفسيره المخطوط، عند ذكر آية التطهير ما يلي:

"عائشة أم المؤمنين قالت: خرج رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم"، ذات غداة، وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجلس، فأتت فاطمة، فأدخلها فيه ثم جاء علي فأدخله فيه ثم جاء الحسن فأدخله فيه، ثم جاء الحسين فأدخله فيه ثم قال: 'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً'

[تفسير "التبيان في معاني القرآن" / ج2/ الصفحة الأولى من الورقة المرقمة "125".]

وأخرج المفسّر النيسابوري، الشيخ أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد الواحدي في تفسيره "المخطوط" بسنده المذكور، عن أبي سعيد الخدري قال: "نزلت في خمسة: في النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" وعلي، وفاطمة والحسن، والحسين"

[تفسير "الوسيط بين المقبوض والبسيط" المخطوط/ عن تفسير سورة الأحزاب.]

وأخرج نحوه النسائي أحمد بن شعيب بن سنان في خصائصه

[خصائص أمير المؤمنين علي بن أبي طالب/ ص4.]

وذكر النيسابوري الحسن بن محمد بن الحسين في قصة المباهلة: روى عن عائشة أنه "صلى الله عليه وآله وسلّم" لمّا خرج من المرط الأسود جاء حسن فأدخله، ثم جاء حسينٌ فأدخله ثم فاطمة ثم علي قال: 'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً'

[غرائب القرآن ورغائب الفرقان مخطوط/ ج3/ ص213.]

وأخرج نحوه أبو بكر عتيق السور آبادي، في تفسيره باللغة الفارسية أيضاً

[تفسير السور آبادي مخطوط/ ص327.]

وأخرج الكلبي، الحافظ، محمد بن أحمد بن جزي في تفسيره، عند ذكر آية التطهير:

روي أنّ النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" قال: نزلت هذه الآية في خمسة: فيّ، وفي علي، وفاطمة، والحسن، والحسين

[تفسير "التسهيل لعلوم التنزيل" مخطوط/ ج3/ ص137.]

"أقول": حيث إنّ علياً وفاطمة ـ "عليهما السلام" ـ قد طهّرهما الله من كل دنس أمر الله تعالى بفتح باب دارهم إلى المسجد النبوي الشريف، بعد أنْ أمر سبحانه رسوله بسدِّ كلِّ الأبواب.

وقد ورد في ذلك متواتر الروايات، نذكر واحدةً منها:

أخرج علاّمة الشافعية، الكنجي، القرشي، في كفايته، عن أبي الحسن علي بن أبي عبد الله البغدادي "بسنده المذكور"، عن زيد بن أرقم قال:

كان لنفر من أصحاب رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" أبواب شارعة في المسجد فقال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": سوّوا هذه الأبواب إلاّ باب علي، فتكلّم في ذلك الناس، فقام رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم"، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال:

"أمّا بعد، فإنّي أمرت بسدّ هذه الأبواب غير باب علي، فقال فيه قائلكم، والله، ما سددته ولا فتحته، ولكن أُمرت بشيء فاتبعته"

[كفاية الطالب/ ص200 ـ 204.]

وقد نقل هذا الحديث بألفاظ مختلفة ومعنى واحد، وبأسانيد عديدة في مختلف الصحاح والمسانيد وكتب التفسير والتاريخ، نذكر نماذج منها:

صحيح الترمذي/ ج2/ ص301.

خصائص النسائي/ ص72 ـ 76.

مسند أحمد بن حنبل/ ج4/ ص369.

المستدرك على الصحيحين/ ج3/ ص125.

نظم درر السمطين/ ص18.

إرشاد الساري في شرح صحيح البخاري/ ج6/ ص81.

السيرة الحلبية/ ج3/ ص373.

الرياض النضرة/ ج2/ ص192.

عمدة القارئ/ ج7/ ص592.

فتح الباري/ ج7/ ص12.

القول المسدد/ ص17.

تذكرة الخواص/ ص41.

وآخرون...

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً'

الأحزاب/ 41.

أخرج الشيخ المحمودي في تعليقاته على شواهد التنزيل للحافظ "الحنفي"، الحاكم الحسكاني عن "القطيعي"، بسنده المذكور في كتاب الفضائل عن عكرمة، وعن ابن عباس "رضي الله عنهما" قال سمعته يقول:

"ليس من آية في القرآن 'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا' إلاّ وعليٌّ رأسها وأميرها وشريفها، ولقد عاتب الله أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله وسلّم" في القرآن وما ذكر علياً إلاّ بخير"

[التعليق على شواهد التنزيل/ ج1/ ص19.]

'هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ...'

الأحزاب/ 43

أخرج العالم الحنفي موفّق بن أحمد الخوارزمي "أخطب الخطباء في "مناقبه" عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم":

"صلّت الملائكة عليّ وعلى علي سبع سنين".

قيل: ولم ذلك يا رسول الله؟

قال: "لأنّه لم ترفع شهادة أنْ لا إله إلا الله إلى السماء إلاّ مني ومن علي"

[مناقب الخوارزمي/ ص31 ـ 32.] وفي رواية، عن ابن عباس عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم"، أنّه قال: لأنّه لم يكن معي من الرجال غيره.

وأخرج ذلك عالم الشافعية محمد بن إبراهيم الحمويني في فرائده، لكنّه أسنده إلى أبي أيوب الأنصاري، عن رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم"

[فرائد السمطين/ ج1/ ص47.]

وأخرجه أيضاً عن أبي أيوب الأنصاري الحافظ ابن الأثير "الشافعي" في أسد الغابة

[أسد الغابة/ ج4/ ص18.]

والحافظ محبُّ الدين الطبري، "الشافعي" في "ذخائره"

[ذخائر العقبى/ ص64.]

وأخرج العلاّمة البحراني "قُدِّس سرُّه"، في كتاب له صغير، في نبذة من مناقب أمير المؤمنين عن كل من:

1 ـ السيد محمود بن محمد بن محمود الدركرلي، المطلبي، القرشي، المتوفى سنة "911"، في كتابه "نزل السائرين في أحاديث سيد المرسلين".

رواه عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم":

2 ـ عمر بن محمد خضر الأردبيلي، في كتابه "وسيلة المتعبدين" رواه عن أبي ذر الغفاري، عن رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم"

[الكتاب المذكور/ ص15.]

"أقول": فالمقصود الأول، والأولى بـ "عليكم" في الآية الكريمة هو النبي وعلي "عليهما الصلاة والسلام".

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِناتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ'

الأحزاب/ 49

اخرج حافظ المشرق محمد بن إدريس الحنظلي المعرف بـ "ابن أبي حاتم" في كتابه "الجرح والتعديل" بسنده عن عكرمة، عن ابن عباس "رضي الله عنهما" قال:

ما نزلت آيه فيها: 'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا' إلاّ وعليٌّ أولها ورأسها وأميرها وشريفها.

ولقد عاتب الله عزّ وجلّ أصحاب محمد "صلى الله عليه وآله وسلّم" في غير آيٍ من القرآن، وما ذكر علياً إلاّ بخير"

[الجرح والتعديل/ ج3/ القسم الأول/ ص275.]

'وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ'

الأحزاب/ 53

روى الحافظ الحاكم الحسكاني "الحنفي" قال: أخبرنا أبو بكر التميمي "بإسناده المذكور" عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: سمعت رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" يقول لعلي "كرّم الله وجهه":

"من آذاك، فقد آذاني"

[شواهد التنزيل/ ج2/ ص98.]

ونقل الشيخ المحمودي ـ في حاشية شواهد التنزيل ـ عن "صحيح بن حيان" في فضائل علي "عليه السلام" "بالإسناد المذكور فيه"، عن عمرو بن شامي، قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم":

قد آذيتني.

قلت: يا رسول الله، ما أحبُّ أنْ أؤذيك.

قال: من آذى علياً، فقد آذاني

[حاشية شواهد التنزيل/ ج2/ ص97.]

"أقول": فتشمل هذه الآية كل من آذى علياً "عليه السلام" أيضاً.

'إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً'

الأحزاب/ 56

روى البخاري في "صحيحه" أنّه لمّا نزلت هذه الآية قيل لرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": يا رسول الله، أمّا السلام عليك، فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟ قال "صلى الله عليه وآله وسلّم"، قولوا: "اللّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد"

[صحيح البخاري/ ج3/ كتاب تفسير القرآن/ باب إن الله وملائكته يصلون على النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم".]

"أقول": قد تواترت الروايات عن رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" في النهي عن الصلاة البتراء، وهي أنْ يُصلّى على النبي وحده ولا يذكر آله، فإنّك لا تجد كتاباً في التفسير، أو الحديث، أو التاريخ خالياً عن بعض هذه الأحاديث، "وقد" نقل لي بعض الثقات، عن العلاّمة الكبير الحجّة، الشيخ عبد الحسين الأميني "قدّس الله سرّه"، أنّه أخرج حديث نهي النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" عن الصلاة البتراء، عن ستين طريقاً كلّها من طرق العامّة.

"والغريب" جداً مع هذا كلِّه، وغيره، التزام معظم العامة بترك ذكر الآل في الكتب والخطب فإنّهم يقولون: كلّما جاء ذكر النبي "ص"، "صلى الله عليه وسلّم" ولا يقولون: "صلى الله عليه وآله وسلّم".

"فإنّه" لو لم يكن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" يذكر الآل، لكان المفضّل ذكر الآل، فكيف تواتر عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" الأمر بذكر آله مع ذكره. والنهي عن ترك ذكرهم.

ونحن ـ خلافاً لما اعتدناه ـ نذكر عدة أحاديث في الباب ـ من غير الاستقصاء ـ فإنّ الأحاديث في الباب، تبلغ المئات، لمن أراد جمعها في كتاب مستقل، وإنّما أذكر بعضها.

روى العلاّمة البحراني عن "الثعلبي" في تفسيره، في تفسير هذه الآية "بإسناده المذكور" عن كعب بن عجرة قال: لمّا نزلت:

'إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ' الآية.

قلنا: يا رسول الله، قد علمنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟

قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": قولوا "اللّهم، صلِّ على محمد وآل محمد، كما صلّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد"

[غاية المرام/ ص311.]

وأخرج "عبد الرؤوف المناوي" في كتابه "فيض القدير" قال: روى الطبراني في "الأوسط" عن علي موقوفاً قال:

كلُّ دعاءٍ محجوبٌ حتى يُصلّى على محمد وآل محمد

[فيض القدير في شرح الجامع الصغير/ ج5/ ص19.]

وأخرج "البخاري" في "الأدب المفرد" بسنده عن رسول الله:

"من قال: اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، وترحم على محمد وآل محمد، كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، شهدت له يوم القيامة بالشهادة، وشفعت له"

[الأدب المفرد/ ص93.]

ومن صحيح البخاري، بإسناده المذكور عن كعب بن عجرة، قال: سألنا رسول الله فقلنا: يا رسول الله، كيف الصلاة عليكم أهل البيت، فإنّ الله علّمنا كيف نسلم؟

قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": قولوا "اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد"

[كتاب الدعوات/ باب الصلاة على النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم".] "ونقله" بنصّه العلاّمة المراغي في تفسيره أيضاً

[تفسير المراغي/ ج22/ ص34.]

ومن صحيح "مسلم" بإسناده المذكور قال: قلنا يا رسول الله، أمّا السلام عليك، فقد عرفناه، فكيف الصلاة عليك؟

فقال "صلى الله عليه وآله وسلّم": قولوا "اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم"

[كتاب الصلاة/ باب الصلاة على النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم".]

ومن كتاب "الفردوس" بالإسناد عن أمير المؤمنين، قال: ما من دعاء إلاّ بينه وبين السماء حجاب، حتى يُصلّى على النبي وعلى آل محمد، فإذا فعل ذلك انخرق ذلك الحجاب، ودخل الدعاء، فإذا لم يفعل ذلك، رجع الدعاء

[غاية المرام/ ص211 نقلاً عن "الفردوس".]

ومن كتاب "مناقب الصحابة" للسمعاني، بالإسناد عن علي، قال: كلّ دعاءٍ عن السماء محجوب، حتى يصلّى على محمد وآل محمد

[غاية المرام/ ص211 نقلاً عن السمعاني.]

وعن "سنن الدار قطني" لأبي الحسن علي بن عمر الحافظ بإسناده عن رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" أنّه قال: من صلّى صلاة، لم يصلّ فيها علي، ولا على أهل بيتي، لم تقبل منه

[سنن الدار قطني/ ص136.]

وفي "الصواعق المحرقة" قال: الشافعي "رضي الله عنه":




  • يا آل بيت رسول الله حبكم
    كفاكم من عظيم القدر أنكم
    من لم يصلِ عليكم لا صلاة له



  • فرض من الله في القرآن أنزله
    من لم يصلِ عليكم لا صلاة له
    من لم يصلِ عليكم لا صلاة له



[الصواعق المحرقة/ ص88.]

وعن مسند أحمد بن حنبل، بإسناده عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" أنّه قال: قولوا "اللّهم اجعل صلواتك وبركاتك على محمد وآل محمد كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد"

[مسند أحمد بن حنبل/ ج5/ ص353.]

وفي صحيح النسائي مثله

[صحيح النسائي/ ج1/ ص109.]

وعن صحيح "ابن ماجة" بإسناده عن ابن مسعود أنّه قال: قولوا "اللّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، اللّهم بارك على محمد وعلى آل محمد... الخ"

[صحيح ابن ماجة/ كتاب الصلاة/ ص65.]

وعن سنن "البيهقي": أنّ رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" كان يقول في الصلاة: "اللّهم، صلِّ على محمد وآل محمد" ... الخ

[سنن البيهقي/ ج2/ 174.]

وعن مسند الإمام الشافعي، عن أبي هريرة أنّه قال: يا رسول الله، كيف نصلي عليك ـ يعني: في الصلاة ـ فقال "صلى الله عليه وآله وسلّم": تقولون "اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم"

[مسند الإمام الشافعي/ ص23.]

وفي تاريخ بغداد ـ للخطيب البغدادي ـ بإسناده عن علي قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم": قولوا "اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم"

[تاريخ بغداد/ ج14/ ص303.]

وفي "كنز العمال" للمتقي الحنفي عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم": أنّ جبرئيل قال: هكذا أنزلت من عند ربِّ العزّة "اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد" .... الخ

[كنز العمال/ ج1/ ص124.]

قال الإمام فخر الدين الرازي:

"جعل الله أهل بيت نبيه محمد "صلى الله عليه وآله وسلّم" مساوياً له في خمسة أشياء:

"في المحبة" قال الله تعالى: 'فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ' وقال لأهل بيته "قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاَّ المودّة فِي الْقُرْبى".

"والثاني" في تحريم الصدقة، قال "صلى الله عليه وآله وسلّم": "حرمت الصدقة علي وعلى أهل بيتي".

"والثالث" في الطهارة، قال الله تعالى: 'طه * ما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقى * إِلاَّ تَذْكِرَةً' وقال لأهل بيته: 'ويطهّركم تطهيراً'.

"والرابع" في السلام، قال: السلام عليك أيها النبي، وقال في أهل بيته 'سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ'. "والخامس" في الصلاة على الرسول، وعلى الآل كما في آخر التشهد:

[الصواعق المحرقة/ ص89 نقلاً عن الفخر الرازي.]

وروى ابن حجر العسقلاني "الشافعي" في شرحه على صحيح البخاري "بسنده المذكور" عن أبي هريرة رفعه قال: من قال "اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وترحم على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، شهدت له يوم القيامة، وشفعت له"

[فتح الباري في شرح الصحيح البخاري/ ج13/ ص411.]

وأخرج الحاكم النيسابوري في مستدركه على الصحيحين بسنده عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" أنّه قال: "إذا تشهد أحدكم في الصلاة فليقل: "اللّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمداً وآل محمد كما صليت، وباركت، وترحمت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد"

[المستدرك على الصحيحين/ ج1/ ص269.]

وأخرجه بنصه "البيهقي" في سننه أيضاً

[سنن البيهقي/ ج2/ ص279.]

وأخرج المفسّر المعاصر "محمد عزة دروزة" في تفسيره قال: "ومنها حديث عن عبد الله بن مسعود قال. إذا صلّيتم على النبي، فأحسنوا الصلاة عليه، قالوا له: علّمنا، فقال: قولوا... "اللّهم، صلِّ على محمد وآل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنّك حميد مجيد"

[التفسير الحديث/ ج8/ ص286.]

وأخرج الواحدي النيسابوري في تفسيره المخطوط قال: "أخبرنا الأستاذ أبو طاهر الزيادي، أخبرنا أبو النصر محمد بن محمد بن يوسف الفقيه، حدثنا الفضل بن عبد الله بن مسعود، حدثنا ملك بن سليمان، أخبرنا ابن شعبة، عن الحكم، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، قال: قلنا يا رسول الله، قد عرفنا التسليم عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: "اللّهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد" رواه البخاري عن آدم بن أبي إيّاس، ورواه مسلم عن بندار، عن غندر كلاهما عن شعبة، ومعنى قوله: علّمنا كيف نسلّم عليك: ما نقوله في التشهد "سلامٌ عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته"

[تفسير "الوسيط بين المقبوض والبسيط" المخطوط، عند تفسير سورة الأحزاب، ولا أرقام لصفحاته.]

وذكر ابن جزي الكلبي الحافظ في تفسيره.

"وصفتها ـ أي الصلاة على النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" ـ ما ورد في الحديث الصحيح.

"اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد"

[تفسير "التسهيل لعلوم التنزيل" / ج3/ ص143.]

وقال المفسّر الهندي، عثمان بن حسن بن أحمد "الخوبوي" في تفسيره قال:

"وفي حديث أبي جعفر عن ابن مسعود عن النبي "عليه السلام": من صلّى صلاة لم يصلّ فيها علي وعلى أهل بيتي، لم تُقبل منه"

[تفسير "درة الناصحين" ج1/ ص109.]

وقد ذكر الحفّاظ والمحدّثون والمفسّرون والمؤرخون ذلك بتفصيل أو إجمال على اختلافهم في التعبيرات واتفاقهم في أصل المعنى وذلك: في حديث المناشدة التي ناشد فيها علي "عليه السلام" يوم الشورى الخمسة الذين كانوا معه هناك، وجاء في بعض فقراتها:

"... فأنشدكم بالله: هل فيكم أحد أنزل الله فيه آية التطهير حيث يقول:

'إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً' غيري؟

قالوا: اللّهم لا".

"وممّن" ذكر هذه المناشدة ابن المغازلي، في مناقب علي بن أبي طالب

[المناقب لابن المغازلي/ ص118.]

وذكرها أيضاً: أبو حجر "الشافعي" في الصواعق المحرقة

[الصواعق المحرقة/ صفحتا75 و93.]

والحافظ الذهبي "الشافعي" في ميزان الاعتدال

[ميزان الاعتدال للذهبي/ ج1/ ص205.]

وابن عبد البرّ في الاستيعاب

[الاستيعاب "بهامش الإصابة" ج3/ ص35.]

والحمويني في فرائد السمطين

[فرائد السمطين/ ص58.]

والحافظ الكنجي في كفاية الطالب

[كفاية الطالب/ ص242.]

وأخطب خطباء خوارزم في مناقبه

[مناقب علي بن أبي طالب/ ص246.]

وغيرهم.. وغيرهم أيضاً.

'إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً'

الأحزاب/ 57.

روى الحافظ القندوزي الحنفي، عن الفقيه الشافعي ابن حجر الهيثمي، قال: وأخرج أحمد "يعني: إمام الحنابلة" عن عمرو الأسلمي، وكان من أصحاب الحديبية، خرج مع علي إلى اليمن، فرأى منه جفوة، فلمّا قدم المدينة أذاع شكايته، فقال له النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم":

"والله، لقد آذيتني".

فقال: أعوذ بالله أن أؤذيك يا رسول الله.

فقال "صلى الله عليه وآله وسلّم": "من آذى علياً، فقد آذاني"

[ينابيع المودّة/ ص303، وممّن أخرج هذا النص عن النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" عالم الحنفية محمد الصبان في إسعاف الراغبين/ ص157، وغيره.]

وأخرج بعينه لفظاً، متناً وسنداً علاّمة خوارزم موفّق بن أحمد المكي "الحنفي" في مناقبه

[المناقب للخوارزمي/ ص93.]

وآخرون أيضاً.

"أقول": الأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً.

"ولا يخفى" أنّ قوله: "فرأى منه جفوة" غير صحيح، وأنّه لم تصدر جفوة منه، وإلاّ لِمَ ينهر النبي "صلى الله عليه وآله وسلّم" عمرو الأسلمي.

'وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً'

الأحزاب/ 58

أخرج الواحدي في أسباب النزول قال ـ في نزول هذه الآية الكريمة ـ:

قال مقاتل: نزلت في علي بن أبي طالب، وذلك أنّ أناساً من المنافقين كانوا يؤذونه ويسمعونه

[أسباب النزول/ ص273.]

وأخرج نحواً منه الزمخشري في تفسيره

[الكشاف/ سورة الأحزاب.] أيضاً.

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قالُوا...'

الأحزاب/ 69

أخرج العلاّمة موفّق بن أحمد "الحنفي" الخوارزمي في مناقبه عن ابن عباس قال:

ما ذكر في القرآن "يا أيُّها الذين آمنوا" إلاّ وعليٌّ شريفها وأميرها

[المناقب للخوارزمي/ ص189.]

"أقول": ذكرنا وجه الجمع بين كون مثل هذه الآية فضيلة لعلي بن أبي طالب "وبين" عدم كون النهي متوجهاً حقيقة إلى مثله "عليه السلام" ذكرنا ذلك فيما سبق ويأتي مكرّراً فراجع.

'يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً'

الأحزاب/ 70

روى العلاّمة "الشافعي" محمد بن يوسف بن محمد "الكنجي" في كتابه "كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب" بسنده عن ابن عباس قال: قال رسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم":

"ما في القرآن آية فيها "يا أيها الذين آمنوا" إلاّ وعليٌّ رأسها وأميرها"

[كفاية الطالب/ ص54.]

'إِنَّا عَرَضْنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً'

الأحزاب/ 72

روى الحافظ سليمان القندوزي "الحنفي" عن الشيخ الكبير أبي بكر مؤمن الشيرازي في كتاب "نزول القرآن في علي" في قوله تعالى:

'إِنَّا عَرَضْنَا الأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً'

أنّ المراد من الأمانة ولايته

[ينابيع المودّة/ ص239.]

سوره سبأ


وفيها آيتان

1 ـ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ / 4.

2 ـ قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ / 47.

'لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ'

سبأ/ 4

روى الحافظ الحسكاني "الحنفي" قال: حدثني علي بن موسى بن إسحاق "بإسناده المذكور" عن عكرمة عن ابن عباس قال:

ما في القرآن آية 'الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ' إلاّ وعليٌّ أميرها وشريفها، وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله، وما ذكر علياً إلاّ بخير

[شواهد التنزيل/ ج1/ ص21.]

"أقول": قد مرّ هذا الحديث ونحوه في أمثال هذه الآية ممّا فيها 'الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ'؛ لأنّ الحديث وما هو نظيره، يدلّ على أنّ كل آية هكذا واردة في علي، قبل غيره من المؤمنين، وقد ذكرناه في آيات عديدة لأنّ العام يشمل أفراده كلها.

قوله: "وما من أصحاب محمد رجل، إلاّ وقد عاتبه الله" كلام غير مستغرق، وإنّما هو تغليبي، إذ لا شكّ في وجود أصحاب لرسول الله "صلى الله عليه وآله وسلّم" ممّن لم يعاتبهم الله، ولم يكن فيهم محل عتاب كسلمان "منّا أهل البيت"، وأبي ذر "منّا أهل البيت"، والمقداد "إيمانه كزُبُر الحديد"، وعمار "مُلىء إيماناً من قرنه إلى مشاش رجله" ونحوهم... وهذا الكلام ينظر العام التغليبي في قوله تعالى: 'أفإن َ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ' آل عمران/ 144. حيث نسب الانقلاب إلى جميع المسلمين، باعتبار انقلاب أغلبهم، أو غالبهم وهذا واضح معلوم لمن كانت له دراية بأساليب الكلام، وأنواع البلاغة فيه.

'قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ...'

سبأ/ 47.

روى الحافظ سليمان "القندوزي الحنفي" بإسناده المذكور عن محمد بن علي الباقر "رضي الله عنه" في قوله تعالى: 'قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ'.

قال: من توالى الأوصياء من آل محمد "صلى الله عليه وعليهم" واتبع آثارهم، فذاك يُزيده ولاية من مضى من المؤمنين الأولين، حتى تصل ولايتهم إلى "آدم" "عليه السلام" "إلى أنْ قال": وهو قول الله عزّ وجلّ: 'قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ' "يعني": يقول:

أجر المودّة التي لم أسألكم غيرها، فهو لكم، تهتدون بها، وتسعدون بها، وتنجون من عذاب يوم القيامة

[ينابيع المودّة/ ص98.]

/ 42