ولید الکعبة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ولید الکعبة - نسخه متنی

السیّد محمدرضا الحسینی الجلالی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


حديث ام حكيم المزعوم


بعد هذه المقدمة لابدّ من خوض غمار حديث ولادة حكيم في الكعبة، هذه المزعمة الزائفة، والرواية المجعولة، وإخضاعها لشي ء من البحث والتحقيق والتمحيص، لكشف زيفها وبيان وضعها، إذ فيها الكثير ممّا يوجب الشكّ والريب في سلامتها وصحّتها، وبراءة ساحة رواتها.

وأوّل من نُسبت إليه وحكيت عنه، وأقدمهم:

هشام بن محمد بن السائب الكلبي، النسّابة المعروف، صاحب التآليف التي نيّفت على المائة والخمسين، والمتوفّى سنة أربع أو ستّ ومائتين، وقيل: الأول أصحّ.

والكلبي ممّن تكالب بعض علماء الجرح والتعديل من العامّة على تضعيفه وترك ما رواه، وعدم الاحتجاج به.

قال الدار قطني وغيره: متروك الحديث

[سير أعلام النبلاء 101:10، ولسان الميزان 196:6.]

وقال يحيى بن معين: غير ثقة

[سير أعلام النبلاء 101:10، ولسان الميزان 196:6.]

وقال السمعاني: 'يروي العجائب والأخبار التي لا اُصول لها... أخباره في الاُغلوطات أشهر من أن يحتاج إلى الإغراق في وصفها'

[الأنساب 86:5.]

وهذه الاتهامات ضدّ الكلبي ليس لها وزن عندنا، لأ نّها ناشئة عن تعصّب طائفي، ومنقوضة بما يخالفها من آراء حسنة في الرجل تدلُّ على خبرته وأمانته.

إلّا أ نّا نشكّك في صحّة نسبة ذلك القول هليه، وفي صدق الحكاية عنه.

والمتّهم في التقوّل عليه هو روايته السكّري، فقد نسب إلى الكلبي أ نّه قال في 'جمهرة النسب':

'وحكيم بن حزام بن خويلد عاش عشرين ومائة سنة، وكانت اُمّه ولدته في الكعبة'

[جمهرة النسب 353:1.]

وكتاب الجمهرة من أشهر كتبه، عدّه كبار المؤرّخين من مصنّفاته، وذكروا أنّ محمّد بن سعد كاتب الواقدي ومصنّف كتاب 'الطبقات' الكبير وراه عنه مع سائر مصنّفاته.

ولكنّ النسخة التي بأيدينا من كتاب الجمهرة هي برواية أبي سعيد الحسن بن الحسين السكري "212-275 ه" عن أبي جعفر محمّد بن حبيب بن اُميّة البغدادي "ت 245 ه" عن الكلبي.

وهذا خلاف ما أثبته المؤرّخون كالنديم والحموي وغيرهما

[الفهرست: 143، ومعجم الاُدباء 291:19 ظ.]

وكان لهذا الاختلاف أثرٌ كبير، ودور مؤثّر في متن الكتاب الأصلي.

فقد عمد السكّري إلى دسّ بعض آرائه وأقواله ومرويّاته في متن الجمهرة، مصدرّاً بعضها ب 'قال أبو سعيد'، هاملاً البعض الآخر، كما قام بتحريف بعض الجمل والكلمات، أو تبديلها بما يتلاءم وآراءه الفكرية والمذهبيّة.

وكان هذا ديدن السكّري في ما يرويه من مصنّفات غيره، وهكذا صنع بكتاب 'المحبّر' لاُستاذه وشيخه أبي جعفر محمّد بن حبيب.

وقد تنبّه لهذا الأمر محقّقاً كتابي الجمهرة والمحبّر.

قال الدكتور ناجي حسن محقّق الجمهرة في مقدّمة التحقيق:

'لقد وصلتنا جمهرة النسب لابن الكلبي برواية أبي سعيد السكّري، عن محمد بن حبيب، عن ابن الكلبي، ومع ذلك ظهرت فيها إضافات واضحة، وزيادات، وتعليقات بيّنة، لم ترد في أصل الجمهرة، بل أضافها الرواة والنسّاخ.

ولا يستبعد أن يكون أبو سعيد السكّري هو نفسه الذي قام بهذا العمل، حين وجد لديه فيضاً من الأخبار ذات الصلة بالأنساب'

[جمهرة النسب: 10.]

بعد هذا كلّه فليس من المستبعد، ولا المستحيل، أن تكون جملة 'وكانت اُمّه ولدته في جوف الكعبة' في ذيل كلمة الكلبي المتقدّمة من تلك الإضافات، والزيادات، والتعليقات البيّنة، المحسوبة 'فيضاً من الأخبار ذات الصلة بالأنساب'.

فإن كانت هذه الزيادة مبهمة بعض الشي ء أو مشكّك في أ نّها من الجمهرة، فهي واضحة، مكشوفة، جليّة في المحبّر.

ففي فصل الندماء من قريش:

'وكان الحارث بن هشام بن المغيرة نديماً لحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد- وحكيم هذا ولد في الكعبة، وذلك أنّ اُمّه دخلت الكعبة وهي حاملٌ به، فضربها المخاض فيها، فولدته هناك- أسلما جميعاً'

[المحبّر: 176.]

فالعبارة التي بين شارحتين قد أحدثت فاصلة بين صدر الكلام وذيله، إذ المراد بقوله 'أسلما جميعاً': الحارث وحكيم، كما يدلُّ عليه قوله المتقدّم في أول الفصل المذكور: 'وكان حمزة بن عبد المطلب نديماً لعبد اللَّه بن السائب المخزومي، أسلما جميعاً'

[المصدر نفسه: 174.]

على أنّ هذا الفصل هو في الندماء من قريش، وليس في ذكر أحوالهم وأحوال اُمّهاتهم وتاريخ ولاداتهم وكيفيّتها.

أضف إلى هذا أنّ عناوين الفصول والأبواب في المحبر انتخبت بدقة لتتلاءم مع محتوياتها، كما يلاحظ بشكل جليّ أ نّها خالية من الحشو وذكر الاُمور الرعية، اللهم إلّا في بعض الموارد التي هي من إضافات السكري.

ففي فصل أسلاف رسول اللَّه صلى الله عليه و آله:

'وسالفه صلى الله عليه و آله: سعيد بن الأخنس- قال أبو سعيد السكّري: سعيد هذا هو الذي قال النبي صلى الله عليه و آله: أبعده اللَّه، فإنّه كان يبغض قريشاً- بن شريق ابن وهب...'

[المصدر نفسه: 105.]

وما أشبه قوله 'سعيد هذا' بقوله 'حكيم هذا'.

وما أشبه الفاصلة بين 'بن الأخنس... بن شريق' بالفاصلة الحاديثة في الفقرة موضع البحث، وكلّ ما في الأمر تصديرها ب 'قال أبو سعيد السكّري' هنا، وتركها سائبة مهملة هناك.

لم يكتفِ السكّري بهذا، بل أضاف في بعض الموارد جملاً وروايات تتماشى مع اعتقاداته المذهبيّة.

أذكر منها ما في أواسط فصل 'ذكر سرايا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وجيوشه'.

'وفيها غزوة عمرو بن العاص السهمي على ذات السلاسل، ومعه أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجرّاح في جيشه، وكان استمدّ، فأمدّه النبي صلى الله عليه و آله بجيش فيهم أبو بكر وعمر، ورئيس الجيش أبو عبيد بن الجراح.

قال أبو سعيد: فشكا أبو بكر وعمر- رحمهما اللَّه- إلى النبي صلى الله عليه و آله عمرو ابن العاص، فقال لهما: لا يتأمّر عليكما أحدٌ بعدي. وهذا توكيد لخلافة أبي بكر وعمر- رحمهما اللَّه-'

[المصدر نفسه: 122- 121.]

ولست في صدد الخوض في بحوث الخلافة والإمامة، ومن هو أحقُّ بها من غيره، أو الولوج في مدى صحّة حديث 'لا يتأمر عليكما أحد بعدي' وعدمه، فهذا أمر أشبعه علماؤنا بحثاً وتفصيلاً، ولكن أوردت هذا المثال لبيان تلاعب السكّري في متون الكتب، وهدفه من ذلك وغايته.

يقول محقّق كتاب المحبّر في كلمة الختام:

'وأظنّ أ نّه- أي ابن حبيب- كان يميل إلى الشيعية، فإنّه لا يذكر أبداً اُمّ المؤمنين عائشة، وسيّدنا أبا بكر الصدّيق، وسيّدنا عمر إلّا بكلمة "عليهم السلام" مع أ نّه دائماً يذكر أُم المؤمنين خديجة وسيّدنا عليّاً بكلمة "قدس سره" رضي اللَّه عنهم أجمعين.

وأيضاً قد أثبت جميع ما يعاب به الرجل في سيّدنا عمر، مثل أ نّه كان أحول

[اُنظر المحبّر: 303.]

أو كان قد ضرب، قبل أن يسلم، جاريته ضرباً مبرّحاً على قبولها الإسلام، ربّنا لا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا!

فمن أجل ذلك، فيما أحسب، أنّ راويه أبا سعيد السكّري يضيف أحياناً إلى متن الكتاب ما يؤيّد رأي أهل السنة والجماعة في أمر الخلافة'

[المصدر نفسه: 509.]

وقد تحامل كثيراً على ابن حبيب لوصفه عمر بأ نّه أحول، وهو أمرٌ خلقي وليس عيباً كما ادعى.

أو إثباته لبعض الحقائق التاريخية الثابتة المرويّة في جلِّ كتب السيرة والتاريخ كضرب عمر جاريته لأ نّها سلكت طريق الحقّ وأسلمت.

حتّى أ نّه عدّها من الغِل جهلاً وتعصّباً!

ويا ليته أمعن في مسألة تلاعب السكّري المكشوف بمتن المحبّر، وإضافاته الواضحة إليه، حتّى يراها عين اليقين، لكنّه تساهل كثيراً وقال 'فيما أحسب' فكان من الذين ارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يتردّدون.

فإن قيل: لا يهمّ عدم ذكر الكلبي وابن حبيب لخبر ولادة حكيم بن حزام في الكعبة، في أصل كتابيهما، وأ نّها مما أضافه السكّري فيما بعد باعتباره الراوي الأول لهما، وثبوت نسبة هذه الزيادات إليه؛ لأ نّنا نروي عن أئمة الجرح والتعديل عندنا توثيقه.

فقد قال فيه الخطيب البغدادي: كان ثقة ديّناً صادقاً

[تاريخ بغداد 296:7.]

وقال ياقوت الحموي: الرواية الثقة المكثر

[معجم الاُدباء 94:8.]

فما زاده السكّري في متن الكتابين نعدّه صحيحاً مقبولاً.

قيل لهم: إنّ ما أثبتناه من التلاعب السافر للسكّري في نصوص الكتب ومتونها، ينافي إطلاقكم صفة 'ثقة' عليه، لأنّ الوثاقة هي الأمانة، والثقة: الأمين، يقال: وثقتُ بفلان أثقُ ثقةً إذا ائتمنته

[اُنظر الصحاح 1562:4، ولسان العرب 371:10.]

وقد بيّنا أ نّه لم يكن أميناً في رواية الكتابين، لخيانته للأمانة العلمية المتّبعة في الاحتفاظ بالنصوص على ما هي عليه ونقضه قواعد الرواية، ففتح بذلك باباً للتلاعب المعلن بالكتب والآثار، لم يغلق إلى عصرنا هذا.

على أ نّا لو سلّمنا أ نّه كان ثقة كما تدّعون، فروايته هذه مردودة لأكثر من سبب.

منها: الإرسال:

والذي عليه جلّ العلماء وأجلّتهم أ نّه ضعيف، مردود، لا يحتجّ به.

قال النووي في التقريب: 'ثمّ المرسل حديث ضعيف عند جماهير المحدّثين، وكثير من الفقهاء وأصحاب الاُصول'

[التقريب: 66.] ظ

وقال مسلم في مقدّمة صحيحه: 'والمرسل من الروايات في أصل قونا وقول أهل العلم بالأخبار ليس بحجّة'

[صحيح مسلم 30:1.]

وقال ابن الصلاح في مقدمته: 'ثمّ اعلم أنّ حكم المرسل حكم الحديث الضعيف، إلّا أن يصحّ مخرجه بمجيئه من وجه آخر'

[مقدمة ابن الصلاح: 136.]

وقال النووي: 'ودليلنا في ردّ العمل به أ نّه إذا كانت رواية المجهول المسمّى لا تقبل لجهالة حاله، فرواية المرسل أولى، لأنّ المرويّ عنه محذوف، مجهول العين والحال'.

وقال ابن أبي حاتم في كتاب المراسيل: 'سمعتُ أبي وأبا زرعة يقولان: لا يُحتجَّ بالمراسيل، ولا تقوم الحجّة إلّا بالأسانيد الصحاح المتّصلة'

[المراسيل: 15.]

أمّا معنى المرسل فهو أن يكون في طريق الخبر راوٍ ملتبس العين، إمّا بأن لا يذكر، أو أن يذكر على نحو الإبهام

[جامع التحصيل في أحكام المراسيل: 26.]

وعرّفه أبو العباس القرطبي، من ائمة المالكية قائلاً: 'المرسل عند الاُصوليين والفقهاء عبارة عن الخبر الذي يكون في سنده انقطاع، بأن يُحدِّث واحد منهم عمّن لم يلقه، ولا أخذ عنه'

[المصدر نفسه.]

وروايد السكّري، حتّى لو فرضنا أ نّها رواية الكلبي وابن حبيب، هي من المراسيل، وليست من المسند الذي هو عند أهل الحديث ما اتّصل إسناده من راويه إلى منتهاه

[مقدمة ابن الصلاح: 119.]

والمعروف أنّ الكلبي وابن حبيب والسكّري وغيرهم ممّن سيأتي ذكرهم قد عاشوا ونبغوا في القرن الثالث للهجرة وما بعده، فَمن الذي حدّثهم بولادة حكيم في الكعبة، مع أ نّها كانت قبل الإسلام بستّين سنة، كما أرّخ ذلك بعض المؤرّخين؟

[تاريخ البخاري الكبير 11:3، رقم 42.]

ومنها: الشذوذ ومخالفة المشهور.

والحديث الشاذّ هو الحديث الذي يتفرّد به ثقة من الثقات وليس للحديث أصلٌ متابع لذلك الثقة

[معرفة علوم الحديث: 119.]

روى احلاكم أبو عبد اللَّه النيسابوري وغيره بإسنادهم إلى يونس بن عبد الأعلى قال: قال لي الشافعي: ليس الشاذّ من الحديث أن يروي الثقة ما لا يرويه غيره، هذا ليس بشاذّ؛ إنّما الشاذّ أن يروي الثقة حديثاً يخالف فيه الناس، هذا الشاذّ من الحديث

[المصدر السابق، ومقدّمة ابن الصلاح: 173.]

زاد ابن الصلاح في مقدّمته: 'فخرج من ذلك أنّ الشاذّ المردود قسمان:

أحدهما: الحديث المنفرد المخالف.

والثاني: الفرد الذي ليس في راويه من الثقة والضبط ما وقع جابراً لما يوجبه التفرّد والشذوذ من النكارة والضعف'

[مقدّمة ابن الصلاح: 179.]

ونحو هذا التقسيم قسّم ابن الصلاح الحديث المنكر

[مقدمة ابن الصلاح: 874.]

وقد أمر أحمد بن حنبل ابنه أن يحذف حديث 'يهلك اُمّتي هذا الحيّ من قريش' لمخالفته المشهور.

قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: 'قال أبي في مرضه الذي مات فيه: اضرب على هذا الحديث، فإنّه خلاف الأحاديث عن النبيّ صلى الله عليه و آله'.

تعقّبه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب 'خصائص المسند' قائلاً: 'وهذا مع ثقة رجال إسناده، حين شذّ لفظه عن الأحاديث المشاهير أمر بالضرب عليه'

[مسند أحمد 301:2، وفتح الملك العليّ: 126.]

ونقل ابن الجوزي عن بعضهم أ نّه قال: 'إذا رأيت الحديث يباين المعقول، أو يخالف المنقول، أو يناقض الاُصول، فاعلم أ نّه موضوع'

[فتح الملك العليّ: 122.]

ولا شبهة في أنّ ما تفرّدت به هذه الآحاد من زعمهم أنّ ولادة حكيم كانت في الكعبة هو خبر شاذّ، منكر، موضوع، خالفوا فيه المنقول، وناقضوا الاُصول، إذ لم يتتوفّر فيهم وفي خبرهم ما يدفع شذوذه ونكارته ووضعه.

وقد مرّ عليك قول شهاب الدين الآلوسي وغيره من الأعلام أنّ حديث ولادة عليّ عليه السلام في الكعبة 'أمرٌ مشهور في الدنيا، ولم يشتهر وضع غيره- كرّم اللَّه وجهه- كما اشتهر وضعه، بل لم تتّفق الكلمة عليه'.

والتأكيد عليه في مصادر الحديث المعتبرة، وكلمات مَهرة الفنّ، وحملة العلم، وأهل السير، وأصحاب التاريخ، وصاغة الشعر، لا يدع مجالاً لشي ء إلّا الإذعان بأ نّه الصحيح الشائع الذائع المستفيض، السائر ذكره مع الركبان، الدائر بين الناس، المقبول عند الاُمّة، المشهور بين القاصي والداني، شهرة لازمها تواتر الأسانيد التي لم يخل سند منها من محدّث ثقة، وناقد خبير، وعالم باحث، ومؤرّخ ثبت، وإمام من أئمّة الفريقين وأساطينهم، لا يستهان بعددهم، لا يطعن في روايتهم، ولا يغمز في شي ء من أمانتهم، كابن إسحاق المطّلبي، وابن زكرة الأزدي، والقفّال الشاشي، والشيخ ابن بابويه الصدوق، والشيخ المفيد، والحاكم النيسابوري، والشريف الرضي، والسيد المرتضى علم الهدى، والكراجكي، وشيخ الطائفة الطوسي، وابن أبي الغنائم العمري النسّابة، وابن أبي الفوارس، وابن المغازلي، وعماد الدين الطبري، وسبط ابن الجوزي، والحافظ الكنجي، والسيد ابن طاوس، وشيخ الإسلام الجويني، وابن الصبّاغ المالكي، و... و....

فلا شكّ إذن في أ نّه من الأحاديث 'المشهورة التي يعرفها أهل العلم، وقلّما يخفى ذلك عليهم، وهو المشهور الذي يستوي في معرفتها الخاصّ والعام'

[معرفد علوم الحديث: 93.]

و روى ولادة حكيم في الكعبة


الزبير بن بكّار "172-256 ه" في كتابه 'جمهرة نسب قريش'، قال: 'حدّثني مصعب بن عثمان، قال: دخلت اُمّ حكيم بن حزام الكعبة مع نسوة من قريش، وهي حامل متمٌّ بحكيم بن حزام، فضربها المخاض في الكعبة، فأُتيت بنطع حيث أعجلها الولاد، فولدت حكيم بن حزام في الكعبة على النطع'

[جمهرة نسب قريش 353:1.]

وليست هذه الرواية بأحسن حالاً من سابقتيها، ففيها:

أولاً: الزبير، وهو ضعيف عند بعضهم، قال عنه الحافظ أحمد بن علي السليماني في كتاب الضعفاء: منكر الحديث

[سير أعلام النبلاء 314:12، وتهذيب التهذيب 313:3.]

وذكره في عِداد من يضع الحديث، وقال مرّة: منكر الحديث

[ميزان الاعتدال 66:2.]

واعتذر عنه ابن حجر العسقلاني بأنّ السليماني 'لعلّه استنكر إكثاره عن الضعفاء، مثل محمّد بن الحسن بن زبالة، وعمر بن أبي بكر المؤملي، وعامر بن صالح الزبيري وغيرهم، فإنّ في كتاب النسب عن هؤلاء أشياء كثيرة منكرة'

[تهذيب التهذيب 313:3.]

وثانياً: رغم البحث الجادّ فيما وقع بيدي من معاجم رجالية لم أعثر على مدح أو توثيق لمصعب بن عثمان، هذا الذي روى هذه الحادثة، سوى نسبه وهو: مصعب بن عثمان بن عروة بن الزبير بن العوام

[التبيين في أنساب القرشيّين: 266.]، فلا أقلّ من أنّ حاله مجهول، إن لم يكن من اُولئك الضعفاء الّذين أكثر ابن بكّار في الروايد عنهم في الجمهرة أشياء منكرة كثيرة، خاصّة أ نّه كان الواسطة بين عامر بن صالح وبينه.

وشيخه هذا- عامر- كان كذّاباً، ليس بثقة، عامة حديثه مسروع، يروي الموضوعات، لا يحلُّ كتبُ حديثه إلّا على التعجّب، ولعلّه ورّث تلميذه شيئاً من ذلك

[اُنظر تهذيب الكمال 46:14، وسير أعلام النبلاء 429:4.]

ثالثاً: أنّ مصعب بن عثمان هذا لم يذكر سنداً لهذه الرواية، ولا صرّح باسم من حكاها له، ولا أشار إلى المصدر الذي استقاها منه، وأقلُّ ما يمكننا القول إنّها كسابقيتها مرسلة، منكرة، شاذّة، ضعيفة.

ومن العجب أنّ بعض المولّفين أوردوا رواية الزبير هذه في مؤلّفاتهم يرسلونها إرسال المسلّمات، ويوردونها مستدلّين بها محتجّين، وكأ نّها من الأحاديث المسندة الصحيحة المتواترة الثابتة التي لا تقبل الجدل، ولا تخضع للنقاش!

فقد أخرجها عن الزبير:

جمال الدين أبو الفرج ابن الجوزي "510-597 ه" في كتابه 'صفة الصفوة'

[ج 725:1.]

جمال الدين أبو الحجّاج يوسف المزّي "654-742 ه" في كتابه 'تهذيب الكمال'

[ج 173:7.]

شمس الدين محمّد بن أحمد الذهبي "673-748 ه" في كتابه 'سير أعلام النبلاء'

[ج 46:3.]

شهاب الدين ابن حجر العسقلاني "773-852 ه" في كتابه 'الإصابة'

[ج 32:2.]

وقد تعوّدنا من إولاء الأربعة- خصوصاً- محاولاتهم الدائبة للتستّر على فضائل عليّ وأهل بيته عليهم السلام وكتمانها، وتضعيفها مهما كثرت طرقها وتواتر أسانيدها، وأفرطوا في ذلك حتّى اشتهروا به.

كما تعوّدنا منهم الإخبات بصحّة الفضائل الموضوعة، والكرامات المختلقة، والأحاديث الضعيفة الواهية المرويّة في من كان على رأيهم، ويذهب مذهبهم، ويوافق هواهم وزيغ قلوبهم 'أَفَرَأَيْتَ مَنْ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهَُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ'.

ورواها الحاكم أبو عبد اللَّه النيسابوري "321-405 ه" في 'المستدرك' بطريقين:

الأول: 'سمعتُ أبا الفضل الحسن بن يعقوب، يقول: سمعت أبا أحمد محمّد ابن عبد الوهاب، يقول: سمعت عليّ بن عثّام العامري، يقول:

ولد حكيم بن حزام في جوف الكعبة، دخلت اُمّه الكعبة فمخضت فيها، فولدت في البيت'

[ج 482:3.]

وابن عثّام هذا هو أبو الحسن الكلابي الكوفي، توفّي سنة "228 ه"، وتحرّف اسمه في مطبوعة المستدرك إلى: غنام.

قال عنه الحاكم في تاريخه: 'أديب فقيه... أكثر ما اُخذ عنه الحكايات، والزهديّات، والتفسير، والجرح والتعديل'

[انظر سير أعلام النبلاء 570:10.]

وروايته المتقدّمة التي لا تقوم بها الحجّة عند أهل العلم بالحديث، تدخل في باب الحكايات، وهو أنسب باب لها ولمثيلاتها من المرسلات الواهية والأحاديث المختلقة.

ولعلّ الذهبي قد تنبّه إلى ما فيها من الوهن والضعف فحذفها من مختصره ولم ينبس عنها ببنت شَفَةٍ، ولو صحّت بوجهٍ من الوجوه لم يحذفها، إذ استنفد ما لديه من حقد وعلم مقلوب في تجريح وتضعيف وتقبيح وسبّ لوراة مناقب عليّ وأهل بيته عليه السلام.

الثاني: 'أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا إبراهيم بن إسحاق الحربي، ثنا مصعب بن عبد اللَّه، فذكر نسب حكيم بن حزام وزاد فيه:

واُمّه فاختة بنت زهير بن أسد بن عبد العزّى، وكانت وَلَدت حكيماً في الكعبة، وهي حامل، فضربها المخاض وهي في جوف الكعبة، فولدت فيها، فحملت في نطع وغسل ما كان تحتها من الثياب عند حوض زمزم، ولم يولد قبله ولا بعده في الكعبة أحد!

قال الحاكم: وَهَمَ مصعب في الحرف الأخير، فقد تواتر الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب كرّم اللَّه وجهه في جوف الكعبة'

[المستدرك 483:3.]

ويا ليت شعري هل أصاب في الحرف الأول، كي ينبّه الحاكم إلى وهمه في الأخير؟!

أم حسب أنّ هذه المزعمة المرسلة والمقطوعة السند قد وصلت إليه ب 'الأسانيد المنقولة إلينا بنقل العدل عن العدل، وهي كارمة من اللَّه لهذه الأُمّة خصّهم بها دون سائر الاُمم'؟

[المستدرك 2:1.]

ومَن هولاء العدول الّذين أهمل الزبيري ذكرهم؟

ونقل الذهبي هذه السفسطة في تلخيصه، مؤيّداً- على غير عادته- رأي الحاكم في وهم مصعب الزبيري.

وقد تكلّم الحجّة الاُوردبادي على رواية مصعب هذه في عدّة موارد، ونبّه إلى بعض ما فيها من نقاط الضعف، فراجع

[عليّ وليد الكعبة: 3- 1 و 125.]

ورواها أبو الوليد محمّد بن عبد اللَّه بن أحمد الأزرقي في 'أخبار مكة وما جاء فيها من الآثار' قال:

حدّثني محمد بن يحيى، حدّثنا عبد العزيز بن عمران، عن عبد اللَّه بن أبي سليمان، عن أبيه أنّ فاختة ابنة زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزّى- وهي اُمّ حكيم بن حزام- دخلت الكعبة وهي حامل، فأدركها المخاض فيها، فولدت حكيماً في الكعبة، فحملت في نطعٍ واُخذ ما تحت مثبرها

[المثبرُ: الموضع الذي تلد فيه المرأة من الأرض. الصحاح 604:2 "ثبر".]، فغُسل عند حوض زمزم، واُخذت ثيابها التي ولدت فيها فجُعلت لقىً

[اللقى، بالفتح: الشي ء الملقى لهوانه. الصحاح 2484:6 "لقى".]

[أخبار مكّة 174:1.]

وللباحث أن يتساءل عن الأزرقيّ هذا:

- مَن هو؟

- ما قيمة أخباره وأحاديثه عند علماء الحديث وأئمة الجرح والتعديل؟

- مَن هؤلاء الرجال الذين روى عنهم هذا الحديث؟

الأزرقيّ، هو محمّد بن عبد اللَّه بن أحمد بن محمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق الغسّاني المكّي، عرّفه ابن النديم بأ نّه 'أحد الاخبارييّن وأصحاب السّير، وله من الكتب كتاب مكّة وأخبارها وجبالها وأوديتها، كتابٌ كبيرٌ'

[الفهرست: 162.]

هذا هو كلُّ ما ذكر عنه، وليس فيه تصريح يستفاد منه حسن الرجل أو وثاقته، ويبدو أنّ ابن النديم قد تفرّد بترجمته، حيث أهملها علماء الرجال والمتخصّصون الأقدمون، وإنّما ذكروه ضمناً في ترجمة جدّه أحمد- المتوفى سنة "212 ه" أو "217 ه" أو "222 ه" المعدود في مشايخ البخاري، وأبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمّد بن سعد كاتب الواقدي.

فقال المزّي في تهذيب الكمال: أحمد بن محمّد... جدُّ أبي الوليد محمّد بن عبد اللَّه الأزرقي صاحب تاريخ مكّة

[تهذيب الكمال 480:1.]

ثمّ عدّ الرواة عنه ومنهم: ابن ابنه أبو الوليد محمّد بن عبد اللَّه الأزراقي

[تهذيب الكمال 481:1.]

وذكره وكتابه هذا شمس الدين السخاوي "المتوفّى سنة 902 ه" في 'الإعلان بالتوبيخ لمن ذمّ التاريخ' وقال: كان في المائة الثالثة

[الإعلان بالتوبيخ: 132.]

ولعلّه استنتج ذلك من كتاب الأزرقي نفسه، حيث أرّخ فيه لحادثة وقعت في سنة عشرين ومائتين

[أخبار مكّة 103:2.

وانظر بشأنه كشف الظنون 306:1 و 1684:2، وهدية العارفين 11:2، ومعجم المؤلفين 198:10، والأعلام للزركلي 222:6، وفيها اختلاف كثير في تحديد عصره.]، أو من معرفته بطبقة جدّه وعصره.

في النتيجة يتبيّن لناأنّه ليس في المصادر التي ترجمت للأزرقي، أو ذكرته، ما يشجّع، أو يساعد، على قبول أخباره عموماً، وحديثه الشاذّ هذا خصوصاً.

أمّا شيخه الحافظ أبو عبد اللَّه محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني، فقد ذكره عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتابه 'الجرح والتعديل' وقال:

سألت أبي عنه فقال: كان رجلاً صالحاً، وكانت به غفلة، رأيت عنده حديثاً موضوعاً

[الجرح والتعديل 124:8، وتذكرة الحفّاظ 501:2، وسير أعلام النبلاء 96:12.]

وقال البخاري: مات بمكّة لإحدى عشرة بقيت من ذي الحجّة سنة ثلاث وأربعين ومائتين

[التاريخ الكبير 265:1، والتاريخ الصغير 348:2.]

والملاحظ أنّ جلّ روايته في 'أخبار مكة' عن شيخيه:

محمد بن عمر الواقدي المتّفق على ضعفه وترك حديثه

[أُنظر أخبار مكّة "موارد كثيرة"، والجرح والتعديل 454:9، وسير أعلام النبلاء 20:8.]

وعبد العزيز بن عمران.

وهو: عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني الأعرج، المعروف بابن أبي ثابت.

قال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن عبد العزيز بن عمران فقال: ما كتبُ عنه شيئاً.

وقال البخاري: لا يكتب حديثه، منكر الحديث.

وقال النسائي: متروك الحديث.

وقال يحيى بن معين: ليس بثقة، إنّما كان صاحب شعر.

وقال عليّ بن الحسين بن حبّان: وجدتُ في كتاب أخي بخطِّ يده: أبو زكريا ابن أبي ثابت الأعرج المديني قد رأيته هاهنا ببغداد، كان يشتم الناس ويطعن في أحسابهم، ليس حديثه بشي ء.

وقال أبوحاتم الرازي: متروك الحديث، ضعيف الحديث، منكرالحديث جدّاً.

وقال محمّد بن يحيى الذهلي النيسابوري: عليّ بدنة إن حدّثتُ عن عبد العزيز ابن عمران حديثاً.

وقال ابن حبّان: يروي المناكير عن المشاهير.

وقال الرازي: امتنع أبو زرعة من قراءة حديثه؛ وتَرَكَ الرواية عنه

[راجع التاريخ الكبير 29:6، والتاريخ الصغير 234:2، والجرح والتعديل 390:5-391، وتاريخ بغداد 441:10، وتهذيب التهذيب 351:6، وميزان الاعتدال 632:2، وغيرها.]

إنّ اتّفاق هؤلاء الأعلام على ضعف عبد العزيز بن عمران وترك حديثه، واشتهاره بالكذب، ورواية المناكير، وسوء الخلق و...، أغناني عن اللجوء إلى التدقيق والبحث في بقيّة السند.

إنّ مصنّفاً مجهول الحال كالأزرقي وراوٍ كالأعرج، لا يصحّة الاعتماد عليهما في إثبات حادثة شاذّة كهذه، وسندٌ هذا مبدؤه ومنتهاه محكوم عليه بالإهمال والإعراض التامّين، ولا يصحّ للباحث الجادّ أن يستند إليه بأيّ وجه، وفق ما قرّره علماء الدراية.

قال الحافظ يحيى بن سعيد القطّان- الذي وصفه الذهبي بأمير المؤمنين في الحديث

[سير أعلام النبلاء 175:9.]-: 'لا تنظروا إلى الحديث، ولكن اُنظروا إلى الإسناد، فإن صحّ الإسنادُ، وإلّا فلا تغترّوا بالحديث إذا لم يصحّ الإسناد'

[تهذيب الكمال 165:1، وسير أعلام النبلاء 188:9.]

وقال الحافظ عبد اللَّه بن المبارك: 'ليس جَودَةُ الحديث قرب الإسناد، جَودَةُ الحديث صحَّةُ الرجال'

[تهذيب الكمال 166:1.]

وقد عرفت فيما تقدّم أنّ رواية الأزرقي هذه لم تصحّ إسناداً ولا رجالاً على أقلّ تقدير.

تشكّل الروايات والنصوص المتقدّمة المصدر الرئيسي والمرجع الأساسي المهمّ لهذه المزعمة الواهية.

والقاسم المشترك بينها جميعاً هوالإرسال والشذوذ ومخالفة ماهو مشهور، والنكارة والتحريف، والتلاعب في بعض مصادرهاوضعف بعض رواتها.

وعلّة واحدة من هذه العلل يسقط الاعتماد عليها، ويوجب نبذها جانباً، فكيفى بها مجتمعة؟

وتبيّن من خلال البحث في تواريخ رواتها: أنّهاظهرت في القرن الثالث الهجري، وأنّهاممّا تعمّد وضعه وتدرّج نحته في الأزمنة المتأخّرة، وما أكثرها.

يقول يحيى بن معين مشرياً إلى كثرتها: 'كتبنا عن الكذّابين، وسجّرنا به التنور، وأخرجنا به خبزاً نضيجاً'

[تاريخ بغداد 184:14، وسير أعلام النبلاء 83:11 عن تاريخ الابّار.]

والعجب أنّ أكثر هذه الأحاديث وجلّها قد وضعها 'أهل الخير والزهد'!

قال يحيى بن سعيد القطّان: 'لم نرَ الصالحين في شي ء أكذبَ منهم في الحديث'

[صحيح مسلم 17:1، وتاريخ بغداد 98:2.]

وقال: 'لم نزر أهل الخير في شي ء أكذب منهم في الحديث'

[صحيح مسلم 18:1.]

وقال: 'ما رأيت الكذب في أحدٍ أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد'

[اللآلى ء المصنوعة..وفتح الملك العلي: 92.]

من أجل هذا- وغيره- ينبغي لنا ألّا نمنح هذا التاريخ ثقتنا واعتمادنا، بل يجب غربلته وأزالة شوائبه بإخضاع نصوصه وأخباره لدراسة علميد، حيادية، مستوعبة وشاملة لجميع جوانبه، مع الاهتمام بكلّ صغيرة وكبيرة، فلا فائدة من تصنيف الأخبار إلى تافهٍ وقيّم، إلّا بعد البحث والدراسة، فالتافهُ ما أثبت التحقيق تفاهته وزيفه وضعف قواعده وتضعضع دعائمه، والقيّمُ ما أثبت التمحيص أصالته، وظهرت بارهينه، ولاحت دلائله، وصمد عند النقد.

وفي الختام احمدُ اللَّه سبحانه لما خصّني به من لطف القيام بهذا العمل المتواضع، آملاً أن يروق أهل الفضل والتحقيق، متوكّلاً على الفرد الصمد، متوسّلاً بحجزة وليد الكعبة، مستمدّاً العون من ساحة قدسه.

'الْحَمْدُ للَّهَِِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِىَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ'، 'وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى'، 'أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَ أُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ'.

/ 48