ناداني يومك للقريض
للشاعر أبو أمل الربيعيّ [قلائد الانشاد: 167- 154، جمع وإعداد معين الخياط النجفي، ط. المكتبة الحيدرية- قم، 1416 ه.] بعنوان:
يا مَن بهِ تتفاخرُ العلياءُ++
وبنورهِ تتبدّدُ الظلماءُ
وبنشرهِ تتعطّرُ الأرجاءُ++
وبذكرهِ تستدفَعُ الضرّاءُ
يا مَن به تستأنسُ الحوباءُ++
وبحبه لذوي السقام شفاءُ
وبيوم مولدهِ السعيدِ استبشرتْ++
شوقاً لهُ الحوراءُ والعيناءُ
بدرٌ بطلعتهِ الجميلةِ قد جلا++
ما خلّفتهُ الليلةُ الليلاءُ
يومٌ لأهل الأرضِ فيهِ مباهجٌ++
وبهِ لسكّانِ السماءِ هناءُ
فالمؤمنونَ قد اهتدوا بأميرهمْ++
وبيومهِ قدْ بشّرَ العظماءُ
ما أنجبتْ مثلَ الأميرِ كريمةٌ++
أو شئتَ قلْ: ما أنجبتْ حوّاءُ
ولدتهُ في بيت ٍيحجُّ لهُ الملا++
وبهِ لداعٍ لا يردُّ دعاءُ
ورثَ الشجاعةَ والفضيلةَ والإبا++
ممّن تدينُ لبأْسِهِ البطحاءُ
شبلٌ تقلّدَ ذا الفِقار مبكّراً++
ولهُ إذا حَمِيَ الوطيسُ بلاءُ
حتّى إذا بلغَ الأشدَّ فإنّما++
ذلّتْ لهُ الفُرسانُ والهيجاءُ
وعلى الحقيقة إنْ أردتَ دليلَها++
والقولُ من دونِ الدليلِ هباءُ
صِفِّينَ سَلْها فالحقيقةُ عندها++
لا من "جهينة" تؤخذ الأنباءُ
ما كان صارمُهُ يسلُّ بجحفلٍ++
إلّا علتْ وجهَ الثرى أشلاءُ
وسَل الخوارجَ فالإجابةُ عندهمْ++
"والفضلُ ما شهدتْ بهِ الأعداءُ"
فالنهروانُ كغيرها انتَكَستْ بها++
للمارقينَ الرايةُ السوداءُ
وسَلِ التي جاءَتْ لحربِ وليّها++
وبجيشِها قد غصّتِ البيداءُ
حتّى إذا ندحرتْ كتائبُ جيشِها++
وتفرّقَ القرباءُ والبعداءُ
ندمتْ ولكنْ لا يزالُ يلومُها++
لفعالِها الآباءُ والأبناءُ
ناهيكَ عن بدرٍ ومصطلقٍ وخي++
-برَ والنضيرِ وكمْ لها أصداءُ
هذا أميرُالمؤمنينَ فإنّهُ++
ليثُ الشرى إنْ هاجتِ الهيجاءُ
مَنْ مثلُهُ فادى الرسولَ بروحِهِ++
إذْ طاردتهُ عصابةٌ رعناءُ
لمّا دعاهُ لكي يحلّ فراشَهُ++
فبغيرِهِ لا تدفعُ البرحاءُ
فاجابَ يا ابن العمِّ دونَكَ مهجةٌ++
ما رابَها فيما طلبتَ مراءُ
إذْ ذاكَ في جوفِ الظلامِ وقد دَهتْ++
بيتَ النبيّ مصيبةٌ دهياءُ
وتجمّعَ الأعداءُ حولَ رواقهِ++
وسيوفُهُمْ لدمِ النبيّ ظِماءُ
حتّى إذا ما الليلُ أطبقَ صمتُهُ++
والمرءُ كحّلَ جفنهُ الإغفاءُ
شدّوا عليهِ تسوقُهمْ أحقادُهمْ++
إنّ الحقودَ مصيرُهُ الإفناءُ
فتراجعوا إذْ لم ينالوا المصطفى++
وقد اعترتْهُمْ ذِلّةٌ وشِقاءُ
قالوا اقصدوهُ فهذهِ آثارُهُ++
فوقَ النقا لم تُمحها الغبراءُ
حتّى إذا بلغوا ب "ثورَ" مغارةً++
رأوا الحمامةَ حيثُ خاب رجاءُ
أمّا خيوطُ العنكبوت فإنّها++
دلّتْ على أنّ الوصيدَ خلاءُ
كادوا وكيدُ اللَّهِ خيّبَ سعيَهُمْ++
كيما تسودُ الشرعةُ الغرّاءُ
هذا أميرُالمؤمنينَ وقلبُهُ++
لجميعِ آياتِ الكتابِ وعاءُ
هُوَ صاحبُ الخصلِ التي لم يستطعْ++
في أنْ يقومَ بِعدِّها الشُعراءُ
هُوَ صاحبُ النهجِ الذي لم يستطعْ++
في أنْ يجي ءَ بِمثلهِ الفُصحاءُ
ما قامَ دينُ اللَّهِ لولا سيفُهُ++
ولَما ارتقى للمسلمينَ بِناءُ
لولاهُ مِن هولِ المصيبةِ ما نجا++
ذُو النونِ أو بقيتْ لهُ أشلاءُ
ذا النون خُذْ أهلَ الكساءِ وسيلةً++
فبحبّهِمْ تستدفعُ البلواءُ
لولا أميرُالمؤمنينَ لما شُفِي++
أيّوبُ حينَ بِهِ استطالَ الداءُ
ولَما رَسا نوحُ النبيّ وقومُهُ++
والفلكُ إذْ غمرَ الجبالَ الماءُ
هذا عليٌّ كالنجومِ خصالُهُ++
لمْ يحوِها مِن دونِهِ الخُلفاءُ
ومِن الغرابةِ ما سمعتُ لبعضهمْ++
أنّ الصحابةَ كلَّهمْ لَسَواءُ
أيصيرُ مَنْ ردّتْ إليه ذُكاء [ذكاء: من اسماء الشمس.]++
مثلَ الذي آباؤهُ طُلقاءُ
هذا أميرُالمؤمنينَ ومَنْ لَهُ++
ولنورِهِ تتصاغرُ الجوزاءُ
أوصى بهِ كلّ الأنام محمّدٌ++
يومَ الغديرِ لتكملَ الآلاءُ
إذْ صاحَ بالجمعِ الغفيرِ مُنادياً++
"هذا عليٌّ دونَهُ العَلياءُ"
هذا إمامُ المسلمينَ خليفتي++
وبنوهُ فيكمْ بعدَهُ خُلفاءُ
يا ربّ والِ مَنْ يُوالي حيدراً++
وابغضْ إلهي مَن لهُ أعداءُ
مولايَ حبُّكَ للنفوسِ سعادةٌ++
ولكلّ داءٍ حيثُ كانَ دواءُ
إذْ أنّ حبّكَ للسعادةِ مصدرٌ++
ومنَ المصادرِ تؤخذُ الأشياءُ
ناداني يومُكَ للقريضِ كشاعرٍ++
في شعره التمجيد والإطراءُ
فأتيتُ أغترفُ القصائدَ ثرّةً++
وقد اعترتني دهشةٌ وحياءُ
فمتى صفاتُكَ عدّها الشعراءُ؟++
ومتى أحاطَ ببعضها الخطباءُ؟
في مدح أميرالمؤمنين عليّ
[نظمت بقم المقدسة في مناسبة مولده الشريف.]
لشيخ محمّد جواد الجنابي النجفي،
أمامَ وصفِ عليٍّ يخرسُ الأدبُ++
ومِن محيط عليٍّ تنهلُ السُحُبُ
يُفيض في الأرض للأجيالِ منهلُهُ++
فما المهارقُ؟ ماالأوراق؟ ماالكتبُ؟
لهُ عباقرةُ التاريخِ مرجعهمْ++
والتابعونَ إلى التدوينِ قد وثبوا
فلم يلمّوا بشي ءٍ من خصائصِهِ++
ولازموا الصمتَ مذْ أضناهُمُ التعبُ
لم يفهموا غيرَ أنّ المرتضى بطلٌ++
وهُوَ الذي بحلول الضيقِ يُنتدبُ
للدينِ والحكمِ بِالقرآنِ مصدرُهُ++
وكلّ علمٍ لَهُ قد راح ينتسبُ
والحقُّ والصدقُ والأقدامُ شهرتُهُ++
وهُوَ ابنُ آدم لكن للجميعِ أبُ
وحكمُهُ فيهِ للحكّامِ تربيةٌ++
وسيفُهُ فيهِ دوماً تكشفُ الكُربُ
قلْ لي بربّكَ هلْ نقوى لمدحِ فتىً++
على السماء سمتْ مِن قبرِهِ الرُتَبُ
يا فرحةَ الليلةِ الليلاءِ من رَجَبٍ++
في كلّ عامٍ يوافينا بها رَجَبُ
على ضريحكَ مذْ نذري مدامعَنا++
ويضحكُ الدرُّ والياقوتُ والذَهَبُ
أرض الغريّ علتْ هامُ الضراحِ عُلىً++
بل استطالتْ وأمستْ دونَها الشُهُبُ
قبرٌ بِهِ تسألُ الأملاكُ خالقَها++
ماالمالُ،ماالجاهُ، ماالأبناءُ،ماالتربُ؟
تهوي الملوكُ على أبوابِ حضرتِهِ++
ومن تباعَدَ عنها نالَهُ العطبُ
وقد فدى بحسينٍ بيتَ بارئِهِ++
كما بذا راحَ إبراهيم يقتربُ
قد أصبحَ البيتُ مهداً لابنِ فاطمةٍ++
ولم ينلْ شأوهُ آباءُهُ النُجُبُ
أدنى إلى البيتِ مَنْ بِالبيتِ مولِدُهُ++
وإنْ علاهُ بيومِ الفتحِ لا عجبُ
لقد علا متنَ طه شبلُ فاطمةٍ++
لنيل أجرٍ من الرحمن مرتقبُ
يا مَنْ شربتَ بكأسِ الطين مكتفياً++
ودّ المُلوكُ بهِ لو أنّهم شربوا
يا قالعَ البابِ يا مردي أشاوِسِهِمْ++
مَن ناوأوكَ أهلْ يدرون مَن غصبوا؟
وأنّ مَن آزَرَ الهادي بدعوتِهِ++
غيرُ الذين لِمَنْ عاداه قد صحبوا
حرّاسُكَ اللَّهُ والأملاكُ كلُّهُمُ++
يا مَن بِهِ تفخرُ الأجيالُ والحقبُ
كمْ حاوَلَ العِلْجُ نيلَ الانتساب لكمْ++
وقد أبى اللَّهُ والتأريخُ والنَسَبُ
يا نعمةً لم يؤدّى شكر منعمها++
وفت بها فارس مذ خانها العربُ
هذا ضريحُكَ يهفو المؤمنون لهُ++
فأينَ آل أبي سفيانَ قد ذهبوا؟
أمثل قبرك نارُ الحقد تقصفُهُ++
وفوقَ بابِكَ جهراً يشعلُ الحطبُ؟
تاللَّهِ ما ازدادَ مَن في الذلِّ أرهقنا++
وإنْ تعاظَمَ ما مِنّا قد ارتكبوا
على الذي أسقطَ الزهراءَ محسنَها++
لمّا على منبر الكرّار قد وثبوا
وكفُّ بغيٍ بها الزهراءُ قد ضربتْ++
بها لقبركَ يا كرّار قد ضربوا
تلوحُ لي فاطمٌ والعبدُ يضربُها++
وإرثُها بيدِ الأعداء منتهَبُ
يا قلبَ فاطمةٍ مذْ بتَّ ملتهِباً++
لَكَ القلوبُ بنارِ الوجدِ تلتهِبُ
وإنّ ناراً على باب الهدى استعرتْ++
أضْحَتْ لها اليومَ كفّ البَعْثِ تحتطِبُ
إنْ نسكب الدمعَ مِن أجفانِنا عَلَقاً++
ولمْ نجدْ مَن لِحَربِ البعثِ ينتدِبُ
ولمْ نفُزْ بقتال البعثِ ثانيةً++
وللشهادة لمْ يسرعْ بِنا القتبُ
فلنرفعنّ إلى المهديِّ صرخَتَنا++
هذا أوانُ تقاضي الثار يا غَضَبُ