ولید الکعبة نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

ولید الکعبة - نسخه متنی

السیّد محمدرضا الحسینی الجلالی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


حديث الولادة والنسّابون


عرف الباحثون أنّ في أمثال هذه المسألة من أظهر ما تنتهي إلى النسّابة أخباره، وأ نّها من الحقائق التي لا تعزب عنها حيطتهم، فهم ذوو خبرة في هذا الباب، ونصوصهم فيها إحدى الحجج القويمة على إثباتها، ونحن إذا رفعنا إليهم الأمر وجدناهم حكماً عدلاً، ولهم فيه قضاءٌ فصل.

لقد مرّ عليك قول النسّابة العمريّ في "المَجدي": 'وولدت- يعني فاطمة بنت أسد- علياً عليه السلام في الكعبة، وما وُلِدَ قبلَهُ أحدٌ فيها'

[المجدي: 11. ونقله بنصّه في معالم الطالبيين في شرح كتاب "سرّ الأنساب العلوية" لأبي نصر البخاري: 69، شرح الدكتور عبد الجواد الكليدار آل طعمة "ت 1379 ه"، طبع المكتبة المرعشية- قم، 1422 ه.]

وفي "عمدة الطالب" تأليف جمال الدين، أحمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن مهنا بن عِنَبَة الأصغر الداوديّ الحسني النسّابة، المتوفّى سنة "828 ه" ذكر محل الولادة، وهي: الكعبة، ويومها وهو: الجمعة، وشهرها وهو: الثالث عشر من رجب، وعامها وهي: سنة ثلاثين من عام الفيل.

ونفى أن يكون أحدٌ ولد في البيت سواه قبله وبعده إكراماً له من اللَّه عزّ وجل

[عمدة الطالب: 58.]

وقال العلّامة السيّد محمد بن أحمد بن عميد الدين عليّ الحسيني النجفي النسّابة في "المشجّر الكشّاف لاُصول السادة الأشراف": وُلِدَ عليه السلام بمكّة في البيت الحرام، وذكر اليوم والشهر والعام، كما عرفته عن الداوديّ، قال: 'ولم يولد قبله ولا بعده مولودٌ في بيت اللَّه الحرام سواه'

[المشجر الكشاف: 230.]

وفي "مناهل الضرب في أنساب العرب" تأليف النّسابة أبي عبد اللَّه، جعفر بن محمد بن جعفر بن الراضي، أخي المحقّق الأوحد السيّد محسن بن المرتضى الحسينيّ الأعرجيّ الكاظميّ، شِروى ما نصّ به النسّابة العميدي، عدا اختلاف في اللفظ يسير

[مناهل الضرب "للأعرجي": 84، "1274-1332 ه"، طبعة مكتبة السيد المرعشي- قم، 1419 ه. ولاحظ نصّ كلامه في "مسك الختام في ولادة الإمام علي عليه السلام" في هذه المجموعة.]

وفي "اُرجوزة في مواليد الأئمة عليهم السلام ووفياتهم" للعلّامة أبي صالح، محمد المهديّ بن بهاء الدين محمّد الملقّب بالصالح بن الشيخ معتوق بن عبد الحميد، الفتونيّ العامليّ النباطيّ النجفيّ النسّابة، المتوفّى سنة "183 ه" صاحب "حديقة النسب" قال:

مولدُه الجمعةُ يومَ السابعِ++

في شهر شَعبان ببيت الصانعِ

وقد خلت منه ثلاثون سنه++

من مولد النبيّ فاعلم سُنَنَه

حديث الولادة والمؤرّخون


والسابر زُبُر التاريخ يجد هذا الحديث من أثبت ما تعرّض له مولّفوها، وقد أثبتوه مخبتين به، مُذعنين بحقيقته، ومنهم من نصّ بصحّته عندهم جميعاً.

ففي "روضة الصفا" للمؤرّخ الضليع الشهير، محمّد خاوند شاه: 'كانت ولادته عليه السلام- في رواية- يوم الجمعة، في الثالث عشر من رجب، سنة ثلاثين من عام الفيل.

وقيل: إنّها سنة ثمان وعشرون من العام المذكور.

وكان ميلاده عليه السلام في جوف الكعبة، فإنّ اُمّه كانت تطوف بالبيت، أو أنّ المشيئة الإلهية أجاءتها إلى فنائه، وكانت في أوان الطلق، فكانت ولادته فيها، ولم تتح هذه السعادة لأيّ أحدٍ منذ بدء الخليقة إلى الغاية.

وإنّ لصحّة هذا الخبر بين المؤرخين المتحفّظين عن الفضائل صيتٌ لا تشوبه شبهةٌ، وتجاوز عن أن يصحبه الشكّ والترديد'

[روضة الصفا، الجزء الثاني.]

انتهى مترجماً من الفارسي وملخّصاً.

والممعن في كلمة هذا المؤرخ البارع في فنّه، الواقف على المختلف فيه والمتّفق عليه، يرى حقيقة ما نحن بصدده من ثبوت هذه الفضيلة عند نقلة السير، وتلقيهم إياها بالقبول حيث يقول بمل ء فمه: 'إنّ صيت صحّتها قد تجاوز عن أن يشك فيه أو تحوم حولها الشبهات'.

وقد عرفت في غضون هذه الرسالة كثيراً ممّا يشبهه، أو يربو عليه، أو يقاربه.

والرجل مع ذلك يصافق من تقدّمه على أ نّها ممّا اختصّ بها أمير المؤمنين عليه السلام ولا يشاركه فيها أيّ أحدٍ.

ولا ريب في ذلك، غير أنّ أعداء آل البيت النبويّ افتعلوا حديث حكيم بن حزام فتّاً في عَضُد هذه الفضيلة.

لكن المنقّبين من الفريقين لم يأبهوا به، وبذلك تعرف قيمة ما هملج به القاضي روزبهان

[تقدّمت ترجمته: 39.] من أنّ ذلك مشهور بين الشيعة ولم يصحّحه علماء التاريخ، بل عند أهل التواريخ أنّ حكيم بن حزام ولد في الكعبة ولم يولد فيه غيره... إلى آخره.

وستجد نصوص التاريخ بذلك، وعرفت ردّ الحاكم النّيسابوري من حصر ولادة البيت بحكيم، وذكر تواتر النقل بولادة أمير المؤمنين عليه السلام فيه.

ومرّ أيضاً رواية أساطين أهل السنّة، ولذلك ما يتلوه.

وإنّك تجد شيخ المؤرّخين الثبت الحجّة عند الفريقين أبا الحسن، عليّ بن الحسين بن عليّ، الهُذلي المسعوديّ، المتوفى سنة "333 ه" أو سنة "345 ه" في "مروج الذهب" عند ذكر خلافة أمير المؤمنين عليه السلام، مثبتاً هذه الحقيقة، جازماً بها من غير ترديد، قال: 'وكان مولده في الكعبة'

[مروج الذهب 349:2.]

وهذا الكتاب من أوثق المصادر التاريخية رضىً، واحتجّ به الموافق والمخالف، وقد راعى فيه جانب التقيّة بما يسعه، بتأليفه على نسق كتب أهل السنّة وما يرتضونه من رواياتهم، حتّى حسبه بعض- من لم يرد من كتبه غيره، ولم يستكنه حياته الطيّبة، ولم يلفت نظره إلى غير يسير من الإشارات بل النصوص في نفس هذا الكتاب- أ نّه منهم.

فهل من السائغ إذن: أن يذكر في كتاب هذا شأنه غيرَ الثابت المتسالم عليه عند الاُمّة جمعاء، لا سيّما في مثل المقام الذي يكثر فيه بطبع الحال وَرَطات القالة؟

وفي كتاب "إثبات الوصية" للمسعوديّ أيضاً:

'وروي أنّ فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت، فجاءها المخاض وهي في الطواف، فلمّا اشتد بها دخلت الكعبة، فولدته في جوف البيت على مثال ولادة آمنة النبيّ صلى الله عليه و آله، وما ولد في الكعبة قبله ولا بعده غيره'

[إثبات الوصية: 111، وقد مضى نصّ ما أثبته من الحديث في الصفحة:... من هذه المجموعة.]

و "إثبات الوصيّة" من أنفس كتب الإمامية.

وليس من الجائز أن يحتجّ ويتبجّح فيه بما لا يقرّ به الخصم، ولا تذعن به اُمّته، ثمّ يقول بكل صراحة: 'وما ولد...' وبمشهد منه ومسمع ما تحذلقوا

[حذلق: ادعى أكثر ممّا عنده. تاج العروس- حذلق- 311:6.] به من أمر حكيم بن حزام، غير أنّ المؤرخ لا يقيم له وزناً.

وذكر حمد اللَّه المستوفي في "تاريخ گزيده": 'أنّ مولده عليه السلام كان سنة ثلاثين من عام الفيل، الموافقة لسنة اثنتا عشرة بعد اتسع مائة الإسكندرية، لثمان سنين مضين من ملوكية أبرويز

[كسرى أبرويز بن هرمز بن انوشروان، بُعث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لعشرين سنة مضت من ملكه. انظر الكامل في التاريخ 491:1-496 و 46:2.]، وكان في الكعبة حيث كانت اُمّه في الطواف، فبان عليها أثر الطلق، فأشارت إلى البيت ووضعته في جوفه'

[تاريخ گزيده "فارسي": 192.]

انتهى مترجماً من الفارسيّة وملخّصاً.

وفي التاريخ الإسكندري اختلاف بين ما يقوله هذا المؤرّخ، وبين محمّد بن طلحة الشافعيّ في "مطالب السؤول"، قال: 'إنّه عليه السلام ولد ليلة الأحد الثالث والعشرين من رجب، سنة تسعمائة وعشر من التاريخ الفارسيّ المضاف إلى إسكندر.

وكان ملك الفرس يومئذ مستمراً، وكان ملكهم أبرويز بن هرمز.

وقيل: ولد في الكعبة، البيت الحرام'

[مطالب السؤول: 11.]

ومخالفات الرجل للمشهور غير محصورة بهذا كما تراه في قوله: 'ليلة الأحد' وقوله: 'الثالث والعشرين'.

إذن فلا نأبه بخلافه هذا، كما لم نأبه بغيره.

ولا نكترث بإسناد ولادة البيت إلى القيل، بعد ما عرفناه عن الحاكم من تواترها، وعن الآلوسي من اشتهارها في الدنيا والنصوص المتعاضدة بما يشبه ذلك.

وجزم من جزم به من أئمّة الفن وحَمَلة الآثار.

والرجل صاحب رياضة وتصوّف، وليس تضلعه في العلم والحديث كغيرهما ممّا نسب إليه.

وعلى أيّ، فلا يقلّ ما ذكره عن أن يكون إحدى الروايات في الباب ومن مؤكّداته.

وفي "مرآة الكائنات" تأليف المؤرخ البّحاثة نشانجيّ زاده، محمّد بن أحمد بن محمد بن رمضان: 'أ نّه عليه السلام ولد، ولرسول اللَّه صلى الله عليه و آله ثلاثون سنة، كانت اُمّه فاطمة زائرة البيت، فولدته فيه لحكمة اللَّه سبحانه فيه، ولم يرزق هذا غيره، وغير حكيم بن حزام'

[مرآة الكائنات 383:1.]

انتهى مترجماً من التركية.

ولقد عرفت أنّ مولد حكيم فيه من الصدف الاتفاقية لا عن قصد، فليست فيه فضيلة تعدّ، وإنّما الفضيلة في مولد سيّدنا أمير المؤمنين عليه السلام على التفصيل الذي أسلفناه، وهو الذي عرفه هذا المؤرّخ نفسه حيث عدّ ذلك من حكم اللَّه سبحانه.

وفي "سِيَر الخلفاء" للمعاصر عبد الحميد خان الدهلوي، عن غير واحد من المؤرخين، أ نّه 'ولد في مكّة المكرّمة يوم الجمعة في الثالث عشر من رجب، سنة ثلاثين من عام الفيل، ولم يتولّد أحدٌ قبله في حصار البيت'.

قال: 'وإنّه وإن كان رابع الخلفاء، ولكنّه صاحب أثر واقتداد على عهد كلّ من الخلفاء، وكان يمدّ أبا بكر بآرائه، وكان من أكبر أنصار عمر بن الخطاب، وكذلك بعده مع عثمان'

[سير الخلفاء 2: 8.]

انتهى مترجماً من الهندية، وملخّصاً.

وفي "تاريخ قم" تأليف العالم المؤرّخ، الحسن بن محمّد بن الحسن القمي، الذي أ لّفه للصاحب بن عباد سنة "378 ه" وفي ترجمته إلى الفارسية للفاضل الجليل، الحسن بن عليّ بن الحسن بن عبد الملك القمي، الذي ترجمه بأمر الوزير فخر الدين بن شمس الدين سنة "865 ه" وطبع في طهران سنة "1313 ش" المطابقة لسنة "1353 ه" القمرية.

ففي الفصل الأوّل من الباب الثالث: 'إنّ ولادة أمير المؤمنين في الكعبة يوم الخميس ثامن ربيع الأول، سنة ثلاثين من عام الفيل.

وفي رواية: سنة ثمان وعشرين منه'

[تاريخ قم: 191.]

وما ذكره من تاريخ الاسبوع والشهر غريب، وإنّما قصدنا في نقله ما يوافق غيره من المؤرّخين من النصّ بولادة الكعبة.

والرجل من عظماء المؤرّخين والمحدّثين القدماء، يحتجّ بقوله ويعوّل عليه وعلى كتابه.

ولا ينافيه ترجيحنا رواية غيره من العظماء فيما وقعت المخالفة بينهما لمرجّحات خارجية، لكنّ موضوع رسالتنا هذه ممّا لم يختلف فيه الأوّل والآخر.

فقال البحاثة السيّد عليّ جلال الدين الحسيني الكاتب المؤرّخ المعاصر المصريّ في كتابه "الحسين عليه السلام": 'أ نّه عليه السلام ولد بمكّة في البيت الحرام، يوم الجمعة الثالث عشر من رجب، سنة ثلاثين من عام الفيل.

قال الشيخ المفيد: ولم يولد قبله ولا بعده مولودٌ في بيت اللَّه تعالى سواه.

وقال عبد الباقي أفندي الموصليّ العمريّ:

أنتَ العليُّ الذي فوقَ العُلا رُفعا++

ببطنِ مكّةَ عندَ البيتِ إذ وُضِعا'

[كتاب الحسين عليه السلام 16:1، وإرشاد المفيد: 9، وشرح عينية عبد الباقي "للألوسي": 15.]

وفي "تاريخ نگارستان" لأحمد بن محمد بن عبد الغفار الغفاريّ القزويني من مؤرّخي القرن العاشر.

وموضوع الكتاب تأريخ ملوك الإسلام إلى سنة "949 ه" وهو مذكور في "كشف الظنون" للچلبي، و "الذريعة" لشيخنا البحاثة الحجة الشيخ آقا بزرك الرازي، وطبع سنة "1245 ه".

ففيه: أ نّه ولد في جوف الكعبة

[تاريخ نگارستان: 10. وانظر بشأنه كشف الظنون 1976:2، والذريعة 308:24.]

وذكر التاريخ موافقاً للسيد علي جلال الدين في السنة والشهر والاسبوع.

وفي "روضة الصفا ناصري" للبحاثة المؤرّخ الشهير رضا قلي خان هدايت: 'أنّ من المحقَّق: لمّا عادت فاطمة بنت أسد صدفاً لذلك الجوهر الملوكي، ظهرت لها من إمارات السّعود ما أخبتت بعظمة الحمل الذي كان في بطنها.

ولقد بشّر به أبا طالب مثرم بن دعيب بن سقيام، من رُهبان المسيحيين الإلهيين، وكان يسكن جبل لكام من جبال الشام، الذي كان معبداً للمرتاضين، ولقد عمّر مائة وتسعين عاماً.

ولمّا انتهت أيام حملها قصدت الكعبة يوماً، فانشقّ لها الجدار، ودخلته فالتأمت الفتحة.

وتعجّب العباس بن عبد المطلب، ويزيد بن قَعنب، وبقية الحضور، وتعذّر عليهم فتحُ الباب والدخول عليها.

حتّى خرجت هي في اليوم الرابع وابنها على يَدها، وهي مباهيةٌ به.

فوافى أبو طالب ودخل معها البيت، ووجدَ لوحاً فيه هذان البيتان:

خُصِصتما بالولد الزكيِّ++

والطاهر المطهّر المنتجبِ المرضيِّ

إنّ اسمه من شامخٍ عليِّ++

عليٌّ اشتقَ من العليِّ

يقال: إنّ هذا اللوح كان معلّقاً بمكّة، حتّى أخذه عبد الملك.

وكانت الولادة الميمونة يوم الجمعة، لثالث عشر من رجب، قبل البعثة بعشرة أعوام، وقبل الهجرة بثماني وعشرين سنة

[الظاهر بثلاث وعشرين سنة.]

وكان عمرُ النبيّ صلى الله عليه و آله ثمانية وعشرين عاماً.

فوُلِدَ وَليُّ اللَّه سلام اللَّه عليه في البيت على الرّخامة الحمراء.

وذكر الفنّيون بالفلكيات والنجوم أنّ ساعة الميلاد كانت في طالع العقرب، والزُّهرة والقمر في بيت الطالع، وكان المرّيخ وزحل في الحوت، وعطارد والشمس والمشتري في السُّنبلة.

وبما أنّ المرخى وزحل في الخامس والعشرين الذي هو منسوب للأولاد، كان ولده سلام اللَّه عليهم بين مقتول بالسيف الذي منسوبٌ إلى المريخ، وآخر مستشهد بالسُّم الذي هو منسوب إلى زحل.

ويوجد نظير هذه الأحكام في كتاب "جاماسب" الحكيم الفارسيّ'

[روضة الصفا، الجزء العاشر، وكتاب جاماسب: 51.]

مترجماً من الفارسيّة وملخّصاً.

وفي "بستان السياحة" للمؤرّخ المنقّب الحاج، زين العابدين بن إسكندر الشرواني، بعد ذكر ولادته عليه السلام من غير ترديد في العام الثلاثين من واقعة الفيل في جوف الكعبة، وعن بعضهم أ نّه في الثالث عشر من رجب:

'إنّ من المتّفق عليه: أنّ غيره- صلوات اللَّه عليه- لم يُولد هناك'

[بستان السياحة: 540، ط. 2.]

وذكر بيتاً فارسياً، هذا نصّه:

شد او درّ و بيت الحرامش صَدَف++

كسى را ميسّر نشد اين شَرَف

وفي "روضة الشهداء" للمولى حسين الكاشفي عن "بشارة المصطفى" وذكر حديث يزيد بن قَعنب مختصراً، كما مرّ.

ثمّ نقل عن الإمام أبي داود البناكتي أ نّه 'لم يولد أحدٌ قبلَه ولا بعدَه في البيت'

[روضة الشهداء: 146.]

والعلويّة المباركة، تلك القصيدة التاريخية المُربيَة على الخمسة آلاف بيت في حياة أمير المؤمنين عليّ عليه السلام للصحافي الشهير عبد المسيح الأنطاكي صاحب مجلّة "العمران" المصريّة

[مجلّة العمران: 62- 61.]

في رَحبة الكعبة الزهرا قد انبثقت++

أنوارُ طفلٍ وضاءت في مَغانيها

واستبشرَ الناسُ في زاهي ولادته++

قالوا: السُّعودُ له لابدَّ لاقيها

قالوا ابنُ مَن؟ فأُجيبوا: إنّه ولدٌ++

من نسل هاشمِ من أسمى ذَراريها

هنّوا أبا طالبِ الجّواد والدَهُ++

والأُمَّ فاطمة هُبُّوا نُهنّيها

إنّ الرضيعَ الذي شام

[شام: تطلع. انظر لسان العرب- شيم- 329:12.] الضياء ببي++

-تِ اللَّه عزّتُهُ لا عزَّ يَحكيها

أ مّا الوليدُ فلاقى الأرض مُبتسماً++

فما رغا رَهَباً ما كان خاشيها

إلى النساءَ التي حولَيه قد نظرت++

عيناهُ نظرةَ مُستجلٍ خوافيها

وهنَّ أعجبنَ بالمولُود شِمْنَ بهِ++

شِبلاً ببنيَتِهِ سُبحان بانيها

وقلنَ فاطمُ قد جاءت بِحَيدرةٍ++

يذبُّ عن قومه العُدوى ويَحميها

فَراقَ فاطمةٌ والطفلُ بينَ يَدي++

-ها قولةٌ سمعتها من جواريها

واستبشرت ثمّ قالت: ولدي أسدٌ++

فباسمه صِرتُ أُسْميهِ بخافيها

ثمّ أبو طالبٍ وافى حليلته++

وطفلها وانثنى صَفواً يحاليها

وهمَّ بالطفل يستجلي ملامحَه الز++

هرا فالفى المعالي كُوّنت فيها

وقالت الأُمُّ: يا بشرى بِحَيدرةٍ++

بُشرى أبا طالبٍ وافيتُ أُسديها

أجابَها: بل عليٌّ إنّني لأرا++

هُ بالغاً ذِروة العَليا وراقيها

اللَّهُ أكبرُ من تلك الفَراسة بال++

-مولود والوالد المفضالِ رائيها

قد حقّقتها الليالي بالوليدِ فأمر++

-سى بينَ أهل العُلا والمجد عاليها

وعام مولده العام الذي بدأت++

بشائرُ الوحي تأتي من أعالهيا

فيه الحجارةُ والأشجار قد هتفت++

للمُصطفى وهو رائيها وصاغيها

وإذ درى المصطفى فيه ولادةَ مو++

لانا العَليّ غدا بالبُشر يُطريها

وباتَ مُستبشراً بالطفلِ قال به++

لنا من النِعَمِ الزَهراء ضافيها

علّق الناظم المؤرّخ على هذا المورد من قصيدته بقوله:

'كانت ولادة سيّدنا ومولانا أمير المؤمنين في العام الثلاثين لولادة المصطفى- عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام على ما حقّق المحقّقون، فتكون ولادته الشريفة حول سنة ستة مائة وواحد مسيحيّة، ومن بشائر سعده- عليه صلوات اللَّه- أ نّه وُلِدَ في الكعبة كرّمها اللَّه، ولدته اُمّه فيها، فاستبشر بذلك أبوه وعمومته.

وعند ولادته الشريفة دعته اُمّه: 'حيدرة' ومعنى هذه الكلمة: 'الأسد' فكأ نّها أرادت أن تسمّيه باسم أبيها، فلمّا وقعَ نظرُ أبيه أبي طالب عليه توسّم بملامحه العلاء، ودعاه 'علياً'.

وقد صدّقت الأيام فراسته، فكان عليه صلوات اللَّه 'عليّاً' في الدنيا والآخرة.

وعام ولد سيّدنا أمير المؤمنين- عليه صلوات اللَّه- هو العام المبارك الذي بدى ء فيه برسول اللَّه صلى الله عليه و آله فأخذ يسمعُ الهُتاف من الأحجار والأشجار، ومن السماء، وكشف عن بصره فشاهد أنواراً وأشخاصاً.

وفي هذا العام ابتدأ بالتبتّل والانقطاع والعزلة في جبل حِراء.

وكان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله يتيمّنُ بذلك العام، وبولادة سيّدنا عليّ- عليهما وعلى آلهما الصلاة والسلام- وكان يسمّيه: 'سنة الخير، وسنة البركة'.

وقال المصطفى صلى الله عليه و آله لأهله عندما بلغته بشرى ولادة المرتضى: 'لقد وُلِدَ لنا الليلة مولودٌ، يفتحُ اللَّه علينا به أبواباً كثيرةً من النعمة والرحمة'.

وكان قوله هذا أوّل نُبوّته، فإنّ المرتضى- عليه صلوات اللَّه- كان ناصره، والحامي عنه، وكاشف الغمّاء عن وجهه، وبسيفه ثبت الإسلامُ، ورسخت دعائمُه وتمهّدت قواعدُه'

[القصيدة العلوية: 61، وهذه القصيدة تشتمل على 5595 بيتاً، انظر الذريعة 120:17، والأعلام "للزركلي" 297:4.]

وفي الرسالة الموضوعة لتأريخ مواليد أئمّة الدين عليهم السلام ووفياتهم، تأليف العلّامة الأوحد السيد محمّد الطباطبائي، جدّ آية اللَّه بحر العلوم: أ نّه عليه السلام 'وُلِدَ بمكّة في جوف الكعبة، ولم يولد قبله ولا بعده أحدٌ فيه سواه، إكراماً له من اللَّه جلّ اسمه بذلك، في يوم الجمعة الثالث عشر من شهر بجب الأصم، على ما نقله جلّ أهل التاريخ بل كلّهم...'.

وفي الجدول الذي عمله السيّد الأجلّ أبو جعفر، محمّد بن أمير الحاج الحسينيّ في شرح قصيدة الأمير أبي فراس الحمداني، تعيين يوم ولادته بالجمعة، وشهرها بالثالث عشر من رجب، وعامها بالثلاثين من واقعة الفيل، ومحلّها بالكعبة

[شرح الشافية: 15.]

وقال الكفعميّ في جنّته المعروف ب "المصباح" الذي أ لّفه سنة "895 ه" عند ذكر شهر رجب: 'وفي ثالث عَشَر، يوم الجمعة، وُلِدَ عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكعبة، قبل النبوّة باثنتي عشرة سنة، وللنبيّ صلى الله عليه و آله ثمانٍ وعشرون سنة'

[مصباح الكفعمي: 512.]

وفي الجدول الذي عقده شيخ الإسلام، ميرزا حسن الزنوزيّ نزيل "خُوي" على العهد الدنيلي، لمواليد الأئمة عليهم السلام ووفياتهم في كتابه "بحر العلوم": 'أنّ ولادته عليه السلام الكعبة'.

وعرفت في باب إثبات شهرة الحديث نقله عن كتاب "الدر المسلوك في أحوال الأنبياء والأوصياء والملوك" للشيخ أحمد بن الحسن الحرّ العاملي، فراجع

[تقدّم في الصفحة:...]

ووجدناه مرسلاً إرسال المسلّم في كتاب "حياة عليّ بن أبي طالب عليه السلام" لبعض خريجي كلية باريس.

وفي "تجارب السلف في تواريخ الخلفاء ووزرائهم" تأليف هندو شاه بن عبد اللَّه الصاحبيّ النخجواني، الذي فرغ منه سنة "724 ه": 'أنّ علياً عليه السلام ولد في الكعبة، وكان المصطفى صلى الله عليه و آله ابن ثلاثين، ولمّا ولد عليّ عليه السلام سمّته اُمّه "حيدرة" وحيدرة اسم الأسد، وسمّاه النبيّ صلى الله عليه و آله عليّاً، وكنّاه بأبي تراب'

[تجارب السلف: 37، ط. طهران، سنة "1313 ش".]

مترجماً عن الفارسية.

وقال الحلبيّ في سيرته "إنسان العيون": 'إنّه عليه السلام وُلِدَ في الكعبة، وعمره- يعني عمر النبيّ صلى الله عليه و آله- ثلاثون سنة'.

ثمّ قال: 'وقيل: الذي وُلِدَ في الكعبة حكيم بن حزام، قال بعضهم: لا مانع من ولادة كلهيما في الكعبة.

لكن في "النور" حكيم بن حزام ولد في الكعبة، ولا يعرف ذلك لغيره، وأ مّا ما روي أنّ علياً عليه السلام ولد فيها، فضعيف عند العلماء'

[إنسان العيون 165:1.]

وأنت تجد من سياق العبارة أنّ المعتمد عند الرجل هو ولادة الإمام عليه السلام في الكعبة، ولذل ذكرها أوّلاً مرسلاً إيّاها إرسال المسلّم، ثمّ عزا ولادة حكيم بن حزام فيها إلى القيل إيعازاً إلى وهنه.

ولذلك أردفه بجواب البعض عنه.

لكنّه وجد لصاحب "النور" كلمةً لم يرقه الإغضاء عنها بما هو مؤرّخ أخذ على عاتقه إثبات المقول في كلّ باب، وإذ لم يجد جواباً عنها لغيره لم يشفعها به.

واكتفى هو بما ذكرناه من اعتماده على حديث الولادة عن أن يردّ كلمة الرجل، لأ نّه مؤرّخ لا مُنقّب.

وأمّا صاحب "النور" فيكفيك في تفنيد مزعمته ما تقف عليه في هذه الرسالة من نصوص علماء أهل السنة في ذلك، ورواياتهم.

وقد عرفت نصّ الحاكم والمحدّث الدهلويّ بتواتر حديثه، وقول الآلوسيّ: 'إنّه أمرٌ مشهورٌ في الدنيا'.

وأيّ عالم يردّ المتواتر، أو يعدوه أمرٌ مشهورٌ ثبوتُه في الدنيا فيضعّفه حتّى يقول الرجل بمل ء فيه: 'إنّه ضعيف عند العلماء'.

وإن تعجب فعجبٌ إثباته ولادة حكيم التي لم يستقم إسنادها، ولا اعترف بها مخالفوه وأُمم من موافقيه.

وعلى فرض وقوعها فقد ذكرنا في غير مورد من هذه الرسالة وذكر الصفوريّ الشافعيّ: أ نّها من الصدف التي تثبت فضيلةً ولا تخرق عادةً.

ثمّ تضعيفه ولادة أمير المؤمنين التي أخبت بها أئمّةُ الحديث، وأثبتها نَقَلَةُ التاريخ، وطفحت بها كتبُ الأنساب، ونظّمتها الشعراءُ، وقال بها العلماءُ، وفيهم مَن ينفي أن يكون لغيره- صلوات اللَّه عليه- مولد في البيت؟

فقد مرّ عن الحاكم قوله: 'ولم يولَد قبله ولا بعده مولودٌ في بيت اللَّه الحرام سواه'، هذا مع روايته حديث حكيم بن حزام.

لكنّه بما هو محدّث أخذ على عاتقه إثبات المرويّات.

والإخبات بمفاده أمرٌ آخر تكشف عن عدمه كلمته هذه.

ويأتي عن البدخشيّ قوله: 'ولم يولَد في البيت أحدٌ سواه، قبله ولا بعده، وهي فضيلةٌ خصّه اللَّه بها'.

ثمّ ذكر عن بعضهم رواية قصّة حكيم، فقال: 'واللَّه أعلم' مُشعراً بوهنه.

وعرفت عن أبي داود البناكتي أنه: 'لم يحظَ أحدٌ قبلَ الإمام عليه السلام ولا بعده بشرف الولادة في البيت'

[تقدم في الصفحة:....]

ويشبه هذه كلّها كلمة ابن الصبّاغ المالكيّ السابقة: 'ولم يولَد في البيت الحرام قبله أحدٌ سواه، وهي فضيلةٌ خصّه اللَّهُ تعالى بها إجلالاً له، وإعلاءً لمرتبته، وإظهار لتكرمُتَه'.

وبمطلع الأكمة منك قول الدهلوي في "سِيَر الخلفاء" أ نّه: 'لم يتولّد أحدٌ قبله في حصار البيت'.

ولعلّ قيد ذاكرتك كلمة أبي الثناء الآلوسيّ في أوليات هذه الرسالة: 'ولم يشتهر وضعُ غيره كرّم اللَّه وجهه، كما اشتهر وضعه'.

يوعز إلى وهن ذلك الحديث، وانحياز الشهرة عنه.

وقبيله قول المحدّث الدهلويّ في "إزالة الخفاء": 'ولم يولد فيها أحدٌ سواه قبله ولا بعده'.

إلى غير هؤلاء من مهرة الفنّ، وأئمّة النقل، وأصفقَ معهم علماء الشيعة كافّة.

وقد أوقفناكَ على كلمات زُرافات منهم.

فلو كان يقام لولادة حكيم في البيت وزنٌ عندَ هؤلاء لما أطلقوا القول بمل ء الأفواه أنّ تلك خاصّة لأمير المؤمنين عليه السلام لا يشاركه فيها أحدٌ، مع وقوفهم على أمر حكيم، وفيهم من أورده في كتابه لكنّه غير آبِهٍ به.

ويقربُ من هذه الهملجة ما جاء به الديار بكري في "تاريخ الخميس" قال: 'وُلِدَ بمكّة بعدَ عام الفيل بسبع سنين، ويقال: كانت ولادته في داخل الكعبة، ولم يثبت'

[تاريخ الخميس 307:2.]

وليت شعري، بماذا تثبت الحقائقُ التاريخية؟

أبالوحي؟ أم بأخبار الأنبياء؟ وهتاف الكتب السماوية؟

أم أنّ المرجع فيها الرجل والرجلان من النَقَلة والرواة؟

وهل التزم الديار بكريّ في كتابه بأكثر من هذا؟

فما بال هذه الحقيقة التي هَتَفَت بها المئاتُ والأُلوفُ، وأثبتتها طبقاتُ الناس جيلاً بعد جيل، لم تثبت عنده؟

وثبتت لديه هَفوات التاريخ، التي لو أحصيتها لخرجت عن وضع الرسالة؟

ثمّ ما بال الديار بكري يعتمد على شواهد النبوّة كلّما نقل عنه، ولا يرتضيه في خصوص المقام؟

ثمّ ما باله يغضّ الطرفَ عن غلطه الشائن من أنّ ولادته عليه السلام كانت بعدَ عام الفيل بسبع سنين، لكنّه يردّ حديث ولادة البيت بعدم الثبوت؟

أنا أدري لماذا؟

وأنت تدري.

وقبلنا الديار بكريّ يدري.

/ 48