همزيّة التميميّ
غايَةُ المَدْحِ فِي عُلاكَ ابْتِداءُ++
لَيْتَ شِعْرِيْ ما تَصْنَعُ الشُعَراءُ؟
يا أَخَاالمُصْطَفَى وَخَيْرَ ابْنِ عَمٍّ++
وَأمِيْرٍ إِنْ عُدَّتِ الاُمَراءُ
ما نَرَى ما اسْتَطالَ إلّا تَناهَى++
وَمَعالِيْكَ مالَهُنَّ انْتِهاءُ
فَلَكٌ دائِرٌ إذا غَابَ جُزْءٌ++
مِنْ نواحِيْهِ أَشْرَقَتْ أَجْزاءُ
أَوْ كَبَدْرٍ ما يَعْتِرَيْهِ خَفاءٌ++
مِنْ غَمامٍ إِلّا عَراهُ انْجِلاءُ
يَحْذَرُ البَحْرُ صَوْلَةَ الجَزْرِ لكِنْ++
غَارَةُ المَدِّ غارَةٌ شَعْوَاءُ
رُبّما رَمْلُ عالِجٍ يَوْمَ يُحْصَى [في الأعيان والمعادن والأنوار: ربّما عالجٌ من الرمْل يُحْصى.]++
لَمْ يَضِقْ فِي رِمالِهِ الإحْصاءُ
وَتَضِيْقُ الأَرْقامُ عَنْ مُعْجِزاتٍ [في طبعة بغداد والأنوار: خارِقاتٍ.]++
لَكَ يامَنْ إِلَيْهِ رُدّتْ ذُكاءُ [هذا البيت لم يرد في الأعيان.]
يا صِراطَاًإِلى الهُدَىمُسْتَقِيماً++
وَبِهِ جاءَ لِلِصُدُوْرِ الشِفاءُ [في طبعة بغداد: شفاءُ.]
بُنِيَ الدِيْنُ فَاسْتَقامَ وَلَوْلا++
ضَرْبُ ماضِيْكَ مَا اسْتقامَ الِبناءُ
أَنْتَ لِلْحَقِّ سُلَّمٌ مالِراقٍ++
يَتَأَتَّى بِغَيْرِهِ الإِرْتِقاءُ
أَنْتَ هارُوْنُ وَالكَلِيْمُ مَحَلّاً++
مِنْ نَبِيٍّ سَمَتْ بِهِ الأَنْبِياءُ [الأبيات "12-20" لم ترد في الأعيان.]
أَنْتَ ثانِي ذَوِي الكِسا وَلَعَمْرِيْ++
أَشْرَفُ الخَلْقِ مَنْ حَواهُ الكِساءُ
وَلَقَدْ كُنْتَ وَالسَماءُ دُخَانٌ++
مابِها فَرْقَدٌ وَلا جَوْزاءُ
فِي دُجَى بَحْرِ قُدْرَةٍ بَيْنَ بُرْدَيْ++
صَدَفٍ فِيْهِ لِلْوُجُوْدِ الضِياءُ
لَا الخَلا يَوْمَذاكَ فِيْهِ [في غير المطبوعة ببغداد: فيها.] خَلاءٌ++
فَيُسَمَّى وَلَا المَلاءُ مَلاءُ
قالَ زُوْرَاً مَنْ قالَ: ذلِكَ زُوْرٌ++
وَافْتَرَى مَنْ يَقُوْلُ: ذَاكَ افْتِراءُ
آيَةٌ فِي القَدِيْمِ صُنْعُ قَدِيْمٍ++
قَاهِرٍ قَادِرٍ عَلَى ما [في طبع بغداد والأنوار: من.] يَشاءُ
نَبَأٌ- وَالعَظِيْمُ قالَ- عَظِيْمٌ++
وَيْلَ قَوْمٍ لَمْ تُغْنِها الأَنْباءُ [المطبوع في الباقيات: الأنبياءُ.]
لَمْ تَكُنْ فِي العُمْوْمِ مِنْ عالَمِ الذَرْ++
رِ وَتَنْهَى عن العُمُوْمِ النُهاءُ
مَعْدِنُ الناسِ كُلِّها الأَرْضُ لكِنْ++
أَنْتَ مِنْ جَوْهَرٍ وَهُمْ حَصْباءُ
شَبَهُ الشِكْلِ لَيْسَ يَقْضِي التَساوِي++
إِنَّما فِي الحَقائِقِ الإِسْتَواءُ
لَا تُفِيْدُ الثَرَى حُرُوْفُ الثُرَيَّا++
رِفْعَةً أَوْ يَعُمُّهُ اسْتِعْلاءُ [الأبيات "23-29" ليست في الأعيان.]
شَمِلَ الرُوْحَ مِنْ نَسِيْمِكَ رَوْحٌ++
حِيْنَ مِنْ رَبِّهِ أَتاهُ النِداءُ
قائِلاً: 'مَنْ أَنا' فَرَوَّى قَلِيْلاً++
وَهُوَ لَوْلاكَ فاتَهُ الإِهْتِداءُ
لَكَ إِسْمٌ رَآهُ خَيْرُ البَرايا++
مُذْ تَدَلَّى وَضَمَّهُ الإِسْراءُ
خُطَّ مَعْ إِسْمِهِ عَلَى العَرْشِ قِدْمَاً++
فِي زَمانٍ لَمْ تُعْرَضِ الأَسْماءُ
ثُمَّ لاحَ الصَباحُ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ++
وَبَدا سِرُّها وَبانَ الخَفاءُ
وَبَرَا اللَّهُ آدَمَاً مِنْ تُرابٍ++
ثُمَّ كانَتْ مِنْ آدَمٍ حَوَّاءُ [إلى هُنا ينتهي المطبوع في بغداد والأنوار وكذا المخمّس في عمل الشاعر عبدالباقي العمري والغزوات، وباقي القصيدة منقول من الأعيان فقط.]
شَرَّفَ اللَّهُ فِيْكَ صُلْبَاً فَصُلْبَاً++
أَزْكياءً نَمَتْهمُ أَزْكِياءُ
فَكَأَنَّ الأَصْلابَ كانَتْ بُرُوْجَاً++
وَمِنَ الشَمْسِ عَمَّهُنَّ البَهاءُ
لَمْ تَلِدْ هاشِمِيَّةٌ هاشِمِيَّاً++
كَعَلِيٍّ وَكُلُّهُمْ نُجَباءُ
وَضَعَتْهُ بِبَطْنِ أَوَّلِ بَيْتٍ++
ذاكَ بَيْتٌ بِفَخْرِهِ الإِكْتِفاءُ
أُمِرَ الناسُ بِالمَوَدَّةَ لكِنْ++
مِنْهُمُ أَحَسَنُوا وَمِنْهُمْ أَساءُوا
يَابْنِ عَمِّ النَبِيِّ لَيْسَ وِدادِيْ++
بِوِدادٍ يَكُونُ فِيْهِ الرِياءُ
فَالوَرَى فِيْكَ بَيْنَ غالٍ وَقالٍ++
وَمُوالٍ وَذُو الصَوابِ الوِلاءُ
وَوِلائِي إِنْ بُحْتُ فِيْهِ بِشَيْ ءٍ++
فِبِنَفْسِيْ تَخَلَّفَتْ أَشْياءُ
أَتَّقِي مُلْحِدَاً وَأَخْشَى عَدُوَّاً++
يَتمارَى وَمَذْهَبِي الإِتِّقاءُ
وَفِرارَاً لِنِسْبَةٍ لِغُلُوٍّ++
إِنَّمَا الكُفْرُ وَالغُلُوُّ سَواءُ
ذا مَبِيْتِ الفِراشِ يَوْمَ قُرَيْشٌ++
كَفَراشٍ وَأَنْتَ فِيْهِ ضِياءُ
فَكَأَنِّي أَرَى الصَنادِيْدَ مِنْهُمْ++
وَبِأَيْدِيْهِمُ سُيُوْفٌ ظِماءُ
صادِياتٌ إِلى دَمٍ هُوَ لِلْمَا++
ءِ طَهُوْرٌ لَوْ غَيَّرَتْهُ الدِماءُ
دَمِ مَنْ سَادَ فِي الأَنامِ جَمِيْعَاً++
وَلَدَيْهِ أَحْرارُها أَدْعِياءُ
قَصُرَتْ مُذْ رَأَوْكَ مَنِهُمْ خُطاهُمْ++
وَلَدَيْهِمْ قَد اسْتَبانَ الخَطاءُ
شَكَرَ اللَّهُ مِنْكَ سَعْيَاً عَظِيَْماً++
قَصُرَتْ عَنْ بُلُوْغِهِ الأَتْقِياءُ
عَمِيَتْ أَعْيُنٌ عَنِ الرُشْدِ مِنْهُمْ++
وَبِذاتِ الفِقارِ زالَ العَماءُ
يَسْتَغِيْثُوْنَ فِي يَغُوْثٍ إِلى أَنْ++
مِنْكَ قَدْ حَلَّ فِي يَغُوْثَ القَضاءُ
لَكَ طَوْلٌ عَلَى قُرَيْشٍ بِيَوْمٍ++
فِيْهِ طُوْلٌ وَرِيْحُهُ نَكْباءُ
كَمْ رِجالٍ أطْلَقْتَهُمْ بَعْدَ أَسْرٍ++
أشْنَعَ الأَسْرِ إِنَّهُمْ طُلَقاءُ
يَرْدَعُ الخَصْمَ شاهِدانِ: حُنَيْنٌ++
بَعْدَ بَدْرٍ، لَوْ قالَ: هَذا ادِّعاءُ
إِنَّ يَوْمَ النَفِيْرِ والعِيْرِ يَوْمٌ++
هَوَ فِي الدَهْرِ رايَةٌ وَلِواءُ
سَلْ وَلِيْدَاً وَعُتْبَةً ما دَعاهُمْ++
لِفِناءٍ عَدا عَلَيْهِ الفَناءُ
لا تَسَلْ شَيْبَةً فَقَدْ أَسْكَرَتْهُ++
نَشْوَةٌ كَرْمُها القَنا وَالظُباءُ
قَدْ دَعَوا لِلنِزالِ أَنْصارَ صِدْقٍ++
زانَ فِيْهِمْ عِفافُهُمْ وَالحَياءُ
بَرَزَ الأَوْسُ فِيْهِمُ فَأَجابُوا++
- لا حَياءً-: لِتَبْرُزِ الأَكْفاءُ
ثُمَّ أَسْكَنْتَهُمْ بِقَعْرِ قَلِيْبٍ++
بَعْدَما عَنْهُمُ يَضِيْقُ الفَضاءُ
وَحُنَيْنٌ وَقَدْ شَكَتْ ثِقْلَ حَمْلٍ++
مُذْ وَطاها حُسامُكَ الغَيْراءُ
حَلَّ فِي بَطْنِها مِنَ الشِرْكِ رَهْطٌ++
حارَبُوا المُصْطَفَى وَبِالإِثْمِ باءُوا
لَيْسَ إلّا مَخاضُها يَوْمَ حَشْرٍ++
يَوْمَ لَمْ تَعْرِفِ المخاضَ النِساءُ
أُحُدٌ قَدْ أَرَتْكَ أَثْبَتَ مِنْهُمْ++
يَوْمَ ضاقَتْ مِنَ القَنَا البَيْداءُ
يَوْمَ حاصَتْ لُيُوْثُ قَحْطانَ رُعْبَاً++
وَبَلاءُ الأصْحابِ ذاكَ البَلاءُ
وَخَبَتْ جَمْرَةٌ لِعَبْدِ مُنافٍ++
صَحَّ مِنْ حَرِّها الهُدَى وَالسَناءُ
لَسْتُ أَنْسَى إِذا نَسِيْتُ الرَزايا++
كَبِدَاً فَلْذُهُ لِهِنْدٍ غِذاءُ
كَمْ شَرَقْتُمْ لاِلِ حرْبٍ بِحَرْبٍ++
وَإِلى اللَّهِ تَرْجِعُ الخُصَماءُ
لَيْسَ خَطْبَاً بَلْ كانَ أَعْظَمَ خَطْبٍ++
كَسْرُ سِنٍّ لَها النُفُوْسُ فِداءُ
فَرَّ مَنْ فَرَّ وَالمُنادِي يُنادِي++
إثْرَ مَنْ لا بِسَمْعِهِمْ إِصْغاءُ
كُلُّ هذا وَأَنْتَ تَبْرِي نُفُوسَاً++
هُمْ لِمَنْ حَلَّ فِي الصَفا رُؤَساءُ
وَلِصَبْرٍ صَبَرْتَهُ وَلِعِبْ ءٍ++
قَدْ تَحَمَّلْتَهُ أَتاكَ النِداءُ
لا فَتَى فِي الأَنامِ إلّا عَلِيٌّ++
وَكَذا السَيْفُ عَمَّهُ اسْتِثْناءُ
ثُمَّ فِي فَتْحِ خَيْبَرٍ نِلْتَ فَخْرَاً++
شاهِدُ الفَخْرِ رايَةٌ بَيْضاءُ
أُعْطِيَتْ ذا بَسالَةٍ قَدْ حَباهُ ال++
-لهُ يَمِيْنَاً ما فَوْقَ هذا العَطاءُ
فَسَقَى مَرْحَبَاً بِكَأْسِ ابْنِ وُدٍّ++
مُسْكِرَاً عَنْهُ تَقْصُرُ الصَهْباءُ
وَدَحا بابَ خَيْبَرٍ بِيَمِيْنٍ++
هِيَ لِلدِيْنِ عِصْمَةٌ وَوِقاءُ
قالَ لَمَّا شَكَتْ مَواضِيْهِ سُغْبَاً++
تِلْكَ أُمُّ القُرَى وَفِيْهَا القِراءُ
جاءَ نَصْرُ الإِلهِ فِي ذلِكَ اليَوْمِ++
وَبِالفَتْحِ تَمَّتِ النَعْماءُ
وَحَدِيْثُ الغَدِيْرِ فِيْهِ بَلاغٌ++
فِي مَعانِيْهِ حارَتِ الآراءُ
هَبَطَ الرُوْحُ مُسْتَقِلّاً بِأَمْرٍ++
مِنْ مَلِيْكٍ آلآؤُهُ الآلاءُ
بِهَجِيْرٍ مِنَ الفَلا وَهَجِيْرٍ++
مُحْرِقٍ مِنْهُ تَفْزَعُ الحَرْباءُ
قالَ: 'بَلِّغْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ فِي مَنْ++
تَشْكُرُ الأَرْضُ فَضْلَهُ وَالسَماءُ'
فَأَناخَ الرِكابَ بَيْنَ بِطاحٍ [في الأعيان: البطاح.]++
لَمْ يَحُمْ حَوْلَها الكَلا وَالماءُ
ثُمَّ نادَى أَكْرِمْ بِهِ مِنْ مُنادٍ++
حانَ فَرْضٌ وَلِلْفُرُوْضِ أَداءُ
فَاسْتَدارُوا مِنْ حَوْلِهِ كَنُجُوْمٍ++
حَوْلَ بَدْرٍ تُجْلَى بِهِ الظَلْماءُ
فَبَدا مِنْهُ ما بَدا فِيْكَ مَدْحٌ++
فُتِحَتْ مِنْهُ فِتْنَةٌ صَمَّاءُ
هُوَ حُكْمٌ لكِنَّهُ غَيْرُ ماضٍ++
رُبَّ حُكْمٍ قَدْ خانَهُ الإمْضاءُ
إِنّما المُصْطَفَى مَدِيْنَةُ عِلْمٍ++
بابُها أَنْتَ وَالوَرَى شُهَداءُ
أَنَتْ فَصْلُ الخِطابِ حِيْنَ القَضايا++
عَلَمٌ فِيْكَ تَقْتَدِي العُلماءُ
وَفَصِيْحٌ كُلُّ الأَنامِ لَدَيْهِ++
بَعْدَ طه فَصِيْحُهمُ فَأْفاءُ
لَيْسَ إِلّاكَ لِلْبَلاغَةِ نَهْجٌ [كان في الأعيان: للفصاحة.]++
وَعَلَى النَهْجِ تَسْلُكُ البُلَغاءُ
ثُمَّ لَمَّا هُنالِكَ انْقَطَعَ الوَحْ++
-يُ وَ فِي الخافِقَيْنِ قامَ العَزاءُ
وَبَكَتْ فاطِمٌ [المطبوع في الأعيان: فاطمة.] لِفَقْدِ أَبِي الكُلْ++
-لِ فَأَشْجَى القُلُوْبَ ذاكَ البُكاءُ
مُذْ تَرَدَّيْتَ لِلخِلافَةِ أَوْرَى++
نارَهُمْ فِي القُلُوبِ ذاكَ الرَداءُ
يَوْمَ غُصَّتْ فَيْحاؤُهُمْ بِخَمِيْسٍ++
زالَ فِيْهِ عَنِ القُلُوْبِ الصَداءُ
أَصْبَحَتْ ضُبَّةٌ كَأَصْحابِ نَخْلٍ++
حانَ فِيْها عِنْدَ اللِقَاءِ البَقاءُ
وَأُبِيْحَتْ أَرْواحُهُمْ ودِماهُمْ++
وَأُصِيْبَتْ أَمْوالُهُمْ وَالنِساءُ
وَبِصِفِّيْنَ وَقْعَةٌ ما عَلِمْنا++
أَنْتَجَ الحَرْبُ مِثْلَها وَالوَغَاءُ
يَوْمَ وافَتْ كَتائِبُ الشامِ تَتْرَى++
حِمْيَرٌ وَالسَكاسِكُ السُفَهاءُ
قادَهُمْ ذُو الكِلاعِ فِي يَوْمِ بَدْرٍ++
مِثْلَما قادَ ذَا الكِلاعِ البِغَاءُ
لِخَمِيْسٍ فِي قَلْبِهِ أَسَدُ اللّ++
-هِ وخَيْلٍ مِنْ فَوْقِها أصْفِياءُ
رُكَّعٌ سُجَّدٌ إِذا جَنَّ لَيْلٌ++
حُلَفاءٌ مَعَ الوَغَى أَصْدِقَاءُ
عالَجُوا الشام بِالقَنا لِسَقامٍ++
حَلَّ فِيْهِ وَالداءُ ذاكَ الداءُ
إِنْ تَسَلْ عَنْ مَصاحِفٍ رَفَعُوْها++
هُوَ مَكْرٌ عَنِ الكِفاحِ وِقاءُ
شُبُهاتٌ كَفَى بِها قَتْلُ عَمّا++
رَ بَيانَاً، لَوْ أَنَّهُمْ عُقَلاءُ
قَدْ تَجَرَّعْتَ صابَها لا لِشَوْقٍ++
حَرَّكَتْهُ البَيْضاءُ وَالصَفْراءُ
يَوْمَ طَلَّقْتَها فَسامَتْكَ لَدْغَاً++
وَهِيَ أَفْعَى يَعِزُّ فِيْها الرُقاءُ
قَلَّدَتْ كَلْبَ مُلْجِمٍ سَيْفَ غَدْرٍ++
قَدْ سَقَتْهُ زُعافَها الرَقْشاءُ
ما عَرَا الدِيْنَ مِثْلَ يَوْمِكَ خَطْبٌ++
مُدْلَهِمٌّ وَنَكْبَةٌ دَهْياءُ
ثُمَّ كَرَّ البَلا وَأَيُّ بَلاءٍ++
مُسْتَطِيْلٍ أَتَتْ بِهِ كَرْبَلاءُ
يَوْمَ باتَ [في الأعيان: باتت.] السَماءُ تَبْكِي عَلَيْهِمْ++
بِدِماءٍ وَهَلْ يُفِيْدُ البُكاءُ
أَيُّهَا الراكِبُ المُهَجَّرُ يَحْدُوْ++
يَعْمُلاتٍ مامَسَّهَا الإِنْضاءُ
يَمِّمِ الرَكْبَ لِلْغَرِيِّ فَِفِيْهِ++
بَحْرُ جُوْدٍ وَروْضَةٌ غَنَّاءُ
ثُمَّ قُمْ فِي مَقامِ مَنْ مَسَّهُ الضُرْ++
رُ وَغاداهُ كُلَّ يَوْمٍ عَناءُ
وَأَزِلْ عَبْرةً كَصَوْبِ سَحابٍ++
هَطَلَتْ عَنْهُ دَيْمَةٌ وَطْفاءُ
وَالْتَثِمْ تَرْبَهُ وَقُلْ: يا غِياثِي++
وَرَجائِي إِنْ خابَ مِنِّي الرَجاءُ
إِنْ أَتَتْكُمْ هَدِيَّةٌ مِثْلُ قَدْرِي++
فَبِمِقْدارِكُمْ سَيَأْتِي الجَزاءُ [طبعت هذه الهمزيّة بإعداد السيّد محمد رضا الحسيني الجلالي، في مجلّة 'علوم الحديث' العدد الثامن.]
للعلّامة المرحوم السيّد مهدي نجل العلّامة السيّد هادي الحسينيّ الشهير بالقزويني المتوفّى سنة "1366 ه" [مما ألحقه محقق 'مقتل أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام': 112- 110، تأليف السيّد الميرزا صالح الحسيني القزويني "ت 1304 ه" تحقيق جودت كاظم القزويني، وعلّق عليه بقوله: نقلاً عن كتابنا الكبير 'دليل الرجال- في ترجمات العلماء والاُدباء'، المخطوط.]
يا لائميَّ تجنّبا التفنيدا++
فلقد تجنّبت الحسان الخُودا
وصحوتُ من سُكر الشباب ولهوه++
لمّا رأيتُ صفاءه تنكيدا
ما شفّ قلبي حبّ هيفاء الدُمى++
شغفاً ولا رمتُ المِلاح الغِيدا
أبداً ولا أوقفتُ صحبي باكياً++
من رسم ربعٍ بالياً وجديدا
كلا ولا أصغيتُ سمعي مطرباً++
لحنين قمريّ شدا تغريدا
لكنّني أصبحتُ مشغوف الحشا++
في حبّ آل محمّدٍ معمودا
المطعمين إذا الشمال تناوحت++
في بردها والهاشمين ثريدا
والمانعين لما وراء ظهورهم++
والطيّبين سُلالة وجدودا
قومٌ أتى نصّ الكتاب بحبّهم++
فولاهم قد قارن التوحيدا
فلقد عقدتُ ولاي فيهم معلناً++
بولاء حيدرةٍ فكنتُ سعيدا
صنوُ النبيّ وصهرُه ووصيُّهُ++
نصّاً بفرض ولائه مشهودا
هو علّة الإيجاد لولا شخصُه++
وعُلاهُ ما كان الوجود وُجودا
قد كان للروح الأمين معلمّاً++
لمّا تردّد حائراً ترديدا
هو ذلك الشيخُ الذي في صف++
-حة العرش استبانَ لآدمٍ مرصودا
هو جوهرُ النور الذي قد شاقه++
موسى بِسِينا فانثنى رعديدا
ومذ انجلى بصرُ الخليل وشاهد ال++
-ملكوتَ كان بحزبه معدودا
كم سرّ قدسٍ غامضٍ فيه انطوى++
فلذاك فيه استيقنوا المعبودا
هو واجبٌ هو ممكنٌ هو اوّلٌ++
هو آخرٌ قد حيّر الموجودا
يا جامع الأضداد في أوصافِهِ++
جلّت صفاتُك مبدءاً ومعيدا
ما لُمْتُ من يدعوك أوّل صادرٍ++
عنه صدور الكائنات وجودا
لم يفرض اللَّهُ الحجيجَ لبيتِهِ++
لولم تكن في بيتِهِ مولودا
للأنبيا في السرّ كنتَ معاضِداً++
ومع النبيّ محمّدٍ مشهودا
فلقتلِ جالوت وهتك جنودِهِ++
طالوتُ باسمك قد دعا داودا
ولكم نصرتَ محمّداً بمواطنٍ++
فيها يعاف الوالد المولودا
من قَدَّ "عُتبةَ" و "ابنَ ودّ" و "مَرْحباً"++
و "العبدرين" و "شيبة" و "وليدا"
ومن استهان قريش في بطحائها++
وملكتهم وهم الملوك عبيدا
من ذلّل العرب التي لولاه ما++
ذلّت وما ألوت لملكٍ جيدا
من أبهر الأملاك في حملاته++
ولمن تمدّح جبرئيل نشيدا
"لا سيفَ إلّا ذو الفِقار ولا فتى++
إلّا عليٌّ" حيث صاد الصيدا
ومن اغتدى في فتح خيبر مقدِما++
وسواه كان الناكص الرعديدا
ولكم كفى اللَّه القتالَ بسيفه اس++
إسلام يوم "الخندق" المشهودا
أردى بها عمروَ بن ودّ بضربةٍ++
قد شيّدت دين الهدى تشييدا
أسنى من القمرين كان وإنّما++
عميت عيون معانديه جحودا
نفسي الفداء له إماماً صابراً++
فقضى جميع حياته مجهودا
في طاعة الرحمن أفنى عمره++
بلْ لم يزلْ في ذاته مكدودا
لم يلقَ من بعد النبيّ محمّدٍ++
إلّا الأذى والظلم والتنكيدا
حتّى إذا انبعث الشقيّ وقد حكى++
بعظيم جرأته شقيّ ثمودا
وافاهُ في المحراب صبحاً ساجداً++
ولكم أطال إلى الإله سجودا
فاستلّ مرهفه وهدَّ بحدّهِ++
حِصناً على دين الهدى محدودا
فأصاب طلعتَه الشريفةَ خاضِبا++
منها كريمتَه دماً خنديدا
فهوى صريعاً في المصلّى قائلاً++
قد فُزْتُ واللَّهِ العظيمِ سعيدا
أرداه والإيمان في محرابِهِ++
وأصاب من دين النبيّ وريدا
في ليلة القدرِ التي قد شرّفتْ++
أخبى بها مصباحَها الموقودا
تتنزّل الأملاكُ فيها كلُّهم++
وعليهِ كان سلامُها تعديدا
جاءتْ تشيّعُ جسمه وتعودُ في++
النفس الزكيّة للإله صعودا
يا ليلةً نادى الأمين بفجرها++
قُتِلَ الوصيّ أخُ النبيّ شهيدا
قد هدّمتْ واللَّهِ أركانُ الهُدى++
والعلم أمسى بابُهُ مسدودا
والصومُ من حزنٍ عليه وجوبُه++
من حيث كان بشهرِهِ مفقودا
وأمضّ ما يشجى النبيّ وقوعُه++
وله المدامعُ خدّدت أخدودا
فرحُ ابنِ آكلة الكُبود بِقتلِه++
بشراً وأعلن في دمشق العيدا
ذهب الذي أمسى شجىً في حلقِهِ++
وقذىً بعينيهِ فبات رغيدا
لهفي لآل محمّدٍ من بعدِهِ++
مدّوا إلى سيف الضلال الجيدا
"فأبو محمّد" بعدَه في دفنِهِ++
نحّوهُ عن قبر النبيّ طريدا
عافوهُ وهو إمامُهم واستبدلوا++
حنقاً معاويةً به ويزيدا
دسّوا له السُمّ النقيع بزادِهِ++
غدراً فغادرَ قلبه مقدودا
وقضى الحسينُ لُقىً بعرصة كربلا++
ونساؤُهُ حسرى تجوبُ البيدا
يتلُو على رأس المثقّف رأسُه++
القرآنَ والتهليلَ والتمجيدا
ما هكذا أوصى النبيُّ بِآلِهِ++
يا أُمّةً لا تعرفُ التسديدا
في مدح أميرالمؤمنين
وقال الحجّة السيّد محمّد عليّ خير الدين الهندي الحائري [من ديوانه "ديَم النَيسان" من نسخة المرحوم السيّد محمّد علي الطبسي.]
"1313-1394 ه":
ما عنَّ لي بارقٌ إلّا وذكّرني++
عهدَ الغريِّ بذاك المُلتقى الحَسَنِ
فَبنيتُ أنشدُ والأشواقُ تقلقني++
مَن لي بعاصفِ شملالٍ يبلّغني
أرض الغريّ فيلقيني وينساني++
ذاك الغريُّ الذي قد حلّ ساحَته++
أخو النبيّ الذي نرجو شفاعتهُ
واللَّهِ ما خابَ راجٍ ساقَ حاجَته++
إلى الذي فرضَ الرحمانُ طاعَتهُ
على البريّة من جنٍّ وإنسان++
مولىً إليه العُلا ألقى مفاتِحَهُ [كتب الشاعر هذا البيت "لمّا أفاض على الدنيا منائحه" ثم شطب عليه.]++
حتّى حوى المجدَ غاديهِ ورائحهُ
فهل يُبالي بِرِجْسٍ كان قادِحَهُ++
عليٌّ المرتضى الحاوي مدائحه
أسفارُ توراة بل آيات قرآنِ++
عليَّ للَّهِ نذرٌ من أخي ذممِ++
إن يُنجني اللَّهُ من كربي ومن سَقَمي
أسعى على الرأسِ حتّى ذلك الحرمِ++
لا أستعين بشملالٍ ولا قدمِ
من تُربِ ساحته طوبى لأجفاني++
قد كلّ في وصفه الزاكي تفكّرُنا++
وحارَ في شأنه السامي تصوّرُنا
وازداد في قدره العالي تحيّرُنا++
تنزّه الربُّ عن مثلٍ يخبّرُنا
بأ نّه ورسولُ اللَّه سيّانِ++
أقامهُ اللَّهُ تأييداً لدعوتهِ++
نوراً تنوّرتِ الدُنيا بجلوتهِ
قال المحبُّ مثالاً عن مروّتهِ++
كأنّ رحمته في طيّ سطوتهِ
آرام وجرة في استاد خفّانِ++
قد خاره اللَّهُ بعد المصطفى كرما++
على العباد لكي يهدي به اُمما
أكرمْ بهِ هادياً أنعمْ بهِ عَلما++
عمّ الورى كَرماً فاقَ الذُرى شَمما
روّى الثرى عَنَماً من نَحرِ فرسانِ++
لولاهُ ما أسلمتْ عربٌ ولا عجمُ++
ولا تطهّرَ من أصنامه الحَرَمُ
أمست على سيفه تثنى الظبا الخذمُ++
فالدينُ منتظِمٌ والشملُ ملتئِمُ
والكفرُ منهدِمٌ من سيفه القاني++
سيفٌ بهِ أعينُ الكفّارِ لم تَنَمِ++
وشِرعةُ المصطفى لولاهُ لم تُقمِ
تراهُ عندَ حلولِ البأسِ والنقَمِ++
كالبرق في بَسَمٍ والنارِ في ضَرَمِ
والماء في سَجَمٍ من نحر أفنانِ++
للَّهِ صمصامةٌ جبريلُ أنزلها++
وقبلَ ذلك عزرائيل أصقلها
كأ نّما وهيَ نارُ اللَّه عجّلها++
فقارها وهي في غمدٍ تجلّلها
آيُ الوعيد حواها جلدُ قرآنِ++
مولىً لهُ الأمرُ في الإيجاد والعدمِ++
وحكمُهُ نافذٌ في اللوحِ والقلمِ
إمامُ صدقٍ فَمَن والاهُ لم يُضَمِ++
قد اقتدى برسولِ اللَّه في ظُلَمِ
والناسُ طرّاً عكوفٌ عند أوثانِ++
تَعساً لأمّة سوءٍ اُمّة ضجرتْ++
ذاك الإمام وفي إنكاره ابتدرتْ
ضلّت نَعَم عن طريق الحقّ إذْ كفرتْ++
تعساً لها كيفَ ضلّتْ بعد ما ظهرتْ
لها بوارق آياتٍ وبرهانِ++
ألم يكنْ والدُ السبطينِ أفضلَهُمْ++
شأناً وأعدلهمْ حُكماً وأَفصَلهُمْ
إذْ خالفوا ربّهم فيه ومرسلَهُمْ++
وهلْ اُريدَ سواهُ حينَ قالَ لَهُمْ
هذا عليٌّ فَمن والاهُ والاني++
كمْ آيةٍ في كتاب اللَّه محكمةِ++
في فضلهِ ونصوص غير مبهمةِ
فهلْ أتى واحدٌ منهم بمكرُمةِ++
هلْ ردّت الشمسُ يوماً لابن حنتمةِ
أمْ هلْ هوى كوكبٌ في بيت عثمانِ++
قُلْ نبّؤنيَ مَنْ مِنهم بصارمِهِ++
قدْ هَدَّم الشركَ ضرْباً من دعائمِهِ
وأ يّهُمْ مَنْ غُمرنا في مراحمِهِ++
هلْ جادَ يوماً أبو بكرٍ بخاتَمِهِ
مُناجياً بين تحريمٍ وأركانِ++
ويلٌ على عصبةٍ للغيِّ لازمةٍ++
وفي مراعي الشقا والجهل سائمةٍ
عادوه من أجل دنياً غير دائمِةٍ++
لولاهُ لم يجدوا كُفواً لفاطمةٍ
لولاهُ لم يفهموا أسرارَ قرآنِ++
لولاهُ كان جميعُ الناسِ في ظُلَمِ++
لولاهُ لمْ يأتِ موجودٌ من العدمِ
لولاهُ ما شاعَ دينُ اللَّه في الاُمَمِ++
لولاهُ كان رسولُ اللَّهِ ذا عُقُمِ
لولاهُ ما اتّقدت مشكاةُ إيمانِ++
في ذاتِهِ [كتب هنا أيضاً: ظلّت الآراء.] تاهت الأفهامُ والفِكَرُ++
ما بينَ من كفروا غالِين [كتب هنا أيضاً: فيه ومن.] أو سَتَروا
قالوا: إلهٌ وقالوا:إنّه بَشرُ++
لولاهُ ما خُلِقَتْ شمسٌ ولا قَمَرُ
لولاهُ لم يقترنْ بالأوّل الثاني++
فاقَ الورى كلّهم شأناً ومرتبةً++
وكَم حوى فوقَهم فضلاً ومنقبةً
فهاكُموها من الآلاف واحدةً++
هلْ في فراشِ رسولِ اللَّه باتَ فَتىً
سواهُ إذْ حُفّ من نصلٍ بِنيرانِ++
مديحُهُ جاءَ مل ءَ الصُحفِ والزُبرِ++
وفضلُهُ شاعَ في الآياتِ والسُورِ
فجلّ معناهُ عن إدراك ذي نَظَرِ++
ما كان ربّاً ولكنْ ليس من بَشَرِ
وليسَ يُشغلُه شأنٌ عن الشانِ++
هو العليُّ الذي لو جئت [كتب هنا أيضاً: زرت.] مشهدَهُ++
رأيتَ أعلى من الأفلاك مرقَدَهُ
هو الذي ربُّه بالرُوح أيّدهُ++
هو الذي كان بيتُ اللَّه مولِدهُ
فطهَّرَ البيتَ من أرجاس أوثانِ++
هو الإمامُ الذي ذُو العرش فَضَّلَهُ++
وبالمعاجز والآيات خَوَّلهُ
هو الذي خَدَمَ الأملاكُ منزلَهُ++
هو الذي من رسول اللَّه كانَ لَهُ
مقامُ هارونَ من موسى بن عمرانِ++
سادُ النبيّين من تالٍ ومن سَلَفِ++
فلم يُدانُوه في عِزٍّ وفي شَرَفِ
هو الذي حُبّهُ من أعظم الترفِ++
هو الذي صارَ عرشُ اللَّه ذا شَنَفِ
إذْ صار قُرطَيهِ إبناهُ الكريمانِ++
أكفّهُ سمحتْ ناهيك [وكتب أيضاً: في الجود.] ما سمحتْ++
آلاء فاضتْ بها الأكوانُ ما برحتْ
فالبحرُ لم يكُ إلّا بعض ما رشحتْ++
أقدامهُ مسحتْ ظهراً به مسحتْ
يدُ الإله بتبريدٍ وإحسانِ++
يا مَنْ لرفعتهِ الأملاكُ قد خضعتْ++
ومَن إلى بابه الحاجاتُ قد رُفِعَتْ
يا جامعاً لمزايا قطُّ ما اجتمعتْ++
يا واضعاً قدميه حيثُما وُضِعَتْ
يدُ الإله عليهِ عزَّ من شانِ++
ذُو ساعدٍ قدْ تولّى النفعَ والضَررا++
لو شاءَ لم يُبقِ من أعدائه أَثَرا
وراحةٍ بنداها أخجلَ المَطَرا++
عمَّت شآبِيبُهُ الآفاق إن شَجَرا
سقتهُ فهو مَعَ الطوبى بصنوانِ++
ما البحرُ إذْ يقذفُ الأمواجَ هائلةً++
وما الغمامةُ إذ تنهلّ هاطلةً
كسيّدٍ يُسبِلُ الآلاءَ واصلةً++
تفيضُ راحتُه للناس معجلةً
عقد اللّالي بلا مهلٍ كنيسانِ++
مُنوّلٌ لم يخبْ بالردّ آملُهُ++
كلّا ولم تنقطعْ يوماً نوائلُهُ
نَعَمْ هو البحرُ والإحسانُ ساحِلُهُ++
رَحْبُ الأكُفِّ إذا فاضتْ أنامِلُهُ
لو لم يقلْ حسبُ، ثنّى يومَ طوفانِ++
إذا أتاهُ منيبٌ عن جرائمهِ++
أجدى عليهِ وأغضى عن مآثمهِ
لكنّه إنْ تجلّى في ملاحمهِ++
ما تستقرُّ الرواسي تحتَ صارِمهِ
كالطورِ تندكّ من أسٍّ وبنيانِ++
وصيّةٌ من رسول اللَّه متبَعةٌ++
في ضمنها حِكَمُ للَّهِ مودَعَةٌ
قد قيّدتْهُ فكانتْ لِلعِدى سَعَةٌ++
لولا الوصيّةُ فالشيخانِ أربعَةٌ
يومَ السقيفةِ بل عثمانُ إثنانِ++
نَعَمْ تقلّبت الدُنيا بسادَتِها++
لِعُصبةِ قد أقامتْ في عنادَتِها
باعتْ هُداها وغابتْ عن سعادَتِها++
فيا عجيباً من الدُنيا وعادَتِها
أن لا تساعد غيرَ الوغدِ والدانِي++
مَن ربّهُ قبلَ خلقِ الناسِ عَيَّنَهُ++
ومن رِقابِ رُؤُوسِ الكُفرِ مَكَّنَهُ
وفَضلَهُ في جميع الكُتبِ بَيَّنةُ++
مَن كان نَصُّ رسول اللَّه عَيَّنَهُ
لإمْرةِ الشرعِ تَبليغاً بِإِعلانِ++
أوحى الجليلُ إليهِ بَلّغِ الاُمَمَا++
إنّي نَصَبتُ عليّاً بينَهمْ عَلَما
فقالَ: يا ربِّ أخشى منهم بَرَما++
فقال: بلّغْ وإلّا فادْرِ أ نّكَ ما
بَلَّغْتَ حَقَّ رِسالاتي وتِبياني++
رأى الأوامرَ مِن باريهِ قد غَلُظَتْ++
فقامَ مِن فوقِ أحداجٍ لَهُ نُصِبَتْ
وبلّغَ الوحيَّ والأملاكُ قدْ شهدتْ++
بينَ الجماهيرِ في بَيداءَ قد مُلئَتْ
بكلّ مَن كانَ من أعقابِ عدنانِ++
أَمْسَتْ ولايتهُ إذْ ذاكَ واجِبَةً++
وحيثُ كانتْ على الأعْداءِ نائِبَةً
أَخْفَتْ من المَكْرِ في الأحشاءِ شائِبةً++
وقال صحبُ رسولِ اللَّه قاطبةً:
بَخٍ لِذاكَ وكان الأوّلُ الثانِي++
مَن أظهرَ اللَّهُ في معناهُ قدرَتَهُ++
فاعجبْ إذا أمِنَ الأعداءُ سَوْرَتَهُ
لمّا أضاعُوهُ أُفديهِ وعترتَهُ++
مِن بعدِ ما شدَّدَ الرحمنُ إمرَتَهُ
على الرسول بإحكامٍ وإتقانِ++
كان الرسولُ ولمْ يبرحْ ملقّنَهُمْ++
ولايةَ المرتضى كيما يوطِّنهُمْ
حتّى قضى والقضا أفضى ليفْتِنَهُمْ++
تقدّمتْهُ أُناسٌ ليس عيَّنَهُمْ
نصُّ الإلهِ ولا منطوقُ بُرهانِ++
كَمْ شيّدوا هيكلاً وانهدّ هيكلُهُمْ++
ومثّلوا فَهْلَلاً وانبثّ فهللهُمْ
فقدّموا نَعْثَلاً إذْ ماتَ نَهْشَلُهُمْ++
حتّى إذا جدّثَ الأجداثَ نَعْثَلُهُمْ
بينَ اليهودِ بتحقيرٍ وخِذلانِ++
وحينَ عادَ إليهَ الأمرُ مُنتَهِيا++
وقرّ فوقَ سريرِ الملكِ مُستَوِيا
قامتْ حُميراءُ بالأجنادِ وهيَ هِيا++
من بعد ذاكَ ابنُ هندٍ قامَ مدّعِيا
مُمَوِّهاً أمرهُ من ثارِ عُثمانِ++
مَن في ولايتهِ كَمْ آيةٍ نزلَتْ++
ومن صنائعِهِ في الناس كمْ جملتْ
بنصرِهِ غِيَرُ الأيّام قد بخلتْ++
مَن اُمّهُ جهلتْ ممّن بِهِ حملتْ
أهل الخلافة بين الإنسان والجان++
يا دهرَ شؤمٍ مضى ما كان أبخلَهُ!++
على الأكارم بَلْ ما كان أجهلَهُ!
ما أقبحَ الدهرَ إنْ شخصٌ تأمّلَهُ++
لا أضحك اللَّه سنّ الدهرِ إنّ لهُ
قواعداً عدلت عن كلّ ميزانِ++