موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

موسوعة الامام علی بن ابی طالب فی الکتاب و السنة و التاریخ - جلد 1

محمد محمدی ری شهری

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


العظيمة، وثبت للأجيال والأعصار المختلفة سلفاً أنّه من النبيّ صلى الله عليه و آله، وأنّه نفسه.

[راجع الغدير: 338:6 تا 350 فقد جمع المؤلّف الطرق المختلفة لهذا الحديث، وذهب إلى تواترها المعنوي.]

243- الإمام عليّ عليه السلام: لمّا نزلت عشر آيات من براءة على النبيّ صلى الله عليه و آله، دعا النبيّ صلى الله عليه و آله أبا بكر فبعثه بها ليقرأها على أهل مكّة، ثمّ دعاني النبيّ صلى الله عليه و آله فقال لي: أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخُذ الكتاب منه، فاذهب به إلى أهل مكّة فاقرأه عليهم. فلحقته بالجحفة، فأخذت الكتاب منه، ورجع أبوبكر إلى النبيّ صلى الله عليه و آله فقال: يا رسول اللَّه، نزل فيَّ شي ء؟! قال: لا، ولكنّ جبريل جاءني فقال: لن يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك.

[مسند ابن حنبل: 1296:318:1، فضائل الصحابة لابن حنبل: 1203:703:2، تاريخ دمشق: 8929:348:42 كلّها عن حنش، الطبقات الكبرى: 168:2، تاريخ الطبري: 122:3 و ص 123، الكامل في التاريخ: 644:1، المغازي: 1077:3، السيرة النبويّة لابن هشام: 190:4 والخمسة الأخيرة نحوه وراجع الأمالي للمفيد: 2:56 وشرح الأخبار: 284:304:1 والمناقب للكوفي: 376:473:1.]

244- مسند ابن حنبل عن أنس بن مالك: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعث ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكّة- قال:- ثمّ دعاه فبعث بها عليّاً، قال: لايبلّغها إلّا رجل من أهلي.

[مسند ابن حنبل: 14021:564:4، المصنّف لابن أبي شيبة: 72:506:7 وفيه 'أهل بيتي' بدل 'أهلي'، تاريخ دمشق: 8917:344:42 و ح 8918.]

245- فضائل الصحابة عن أنس بن مالك: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعث ببراءة مع أبي بكر إلى أهل مكّة، فلمّا بلغ ذا الحليفة بعث إليه فردّه، وقال: لايذهب بها

إلّا رجل من أهل بيتي؛ فبعث عليّاً.

[فضائل الصحابة لابن حنبل: 946:562:2، مسند ابن حنبل: 13213:423:4 نحوه وراجع السيرة النبويّة لابن هشام: 190:4.]

246- خصائص أميرالمؤمنين عن زيد بن يثيع عن الإمام عليّ عليه السلام: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعث ببراءة إلى أهل مكّة مع أبي بكر، ثمّ أتبعه بعليّ، فقال له: خذ الكتاب فامضِ به إلى أهل مكّة. قال: فلحقته وأخذت الكتاب منه، فانصرف أبوبكر وهو كئيب، فقال: يا رسول اللَّه: أنزل فيَّ شي ء؟! قال: لا، إلّا أنّي اُمرت أن اُبلّغه أنا أو رجل من أهل بيتي.

[خصائص أميرالمؤمنين للنسائي: 76:147، أنساب الأشراف: 384:2 عن يزيد بن يثيع، تفسير الطبري: 6:الجزء 64:10، تفسير ابن كثير: 49:4 كلاهما عن زيد بن يشيع وكلّها نحوه من دون إسناد إليه عليه السلام وراجع تاريخ اليعقوبي: 76:2.]

247- مسند ابن حنبل عن زيد بن يثيع عن أبي بكر: إنّ النبيّ صلى الله عليه و آله بعثه ببراءة لأهل مكّة: لا يحجّ بعد العام مشركٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ، ولا يدخل الجنّة إلّا نفسٌ مسلمةٌ، من كان بينه وبين رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مدّة فأجله إلى مدّته، واللَّه بري ء من المشركين ورسوله. قال: فسار بها ثلاثاً، ثمّ قال لعليّ رضى الله عنه: الحقه فرُدّ عليَّ أبا بكر وبلّغها أنت. قال: ففعل، قال: فلمّا قدم على النبيّ صلى الله عليه و آله أبوبكر بكى، قال: يا رسول اللَّه، حدث فيَّ شي ءٌ؟! قال: ما حدث فيك إلّا خير، ولكن اُمرت أن لا يبلّغه إلّا أنا أو رجل منّي.

[مسند ابن حنبل: 4:18:1، تاريخ دمشق: 8928:347:42.]

248- المستدرك على الصحيحين عن جميع بن عمير الليثي: أتيت عبداللَّه بن عمر فسألته عن عليّ رضى الله عنه فانتهرني، ثمّ قال: ألا اُحدّثك عن عليّ؟ هذا بيت

رسول اللَّه صلى الله عليه و آله في المسجد، وهذا بيت عليّ رضى الله عنه. إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بعث أبا بكر وعمر ببراءة إلى أهل مكّة، فانطلقا، فإذا هما براكب، فقالا: من هذا؟ قال: أنا عليّ، يا أبا بكر هاتِ الكتاب الذي معك. قال: وما لي!! قال: واللَّه ما علمت إلّا خيراً، فأخذ عليّ الكتاب فذهب به، ورجع أبوبكر وعمر إلى المدينة، فقالا: ما لنا يا رسول اللَّه؟! قال: ما لكما إلّا خير، ولكن قيل لي: إنّه لا يبلّغ عنك إلّا أنت أو رجل منك.

[المستدرك على الصحيحين: 4374:53:3.]

249- الإرشاد: جاء في قصّة البراءة وقد دفعها النبيّ صلى الله عليه و آله إلى أبي بكر لينبذ بها عهد المشركين، فلمّا سار غير بعيد نزل جبرئيل عليه السلام على النبيّ صلى الله عليه و آله فقال له: إنّ اللَّه يُقرئك السلام ويقول لك: لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك. فاستدعى رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عليّاً عليه السلام وقال له: اركب ناقتي العضباء والحَق أبا بكر، فخُذ براءة من يده وامضِ بها إلى مكّة، فانبذ عهد المشركين إليهم، وخيّر أبا بكر بين أن يسير مع ركابك أو يرجع إليّ.

فركب أميرالمؤمنين عليه السلام ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه و آله العضباء، وسار حتى لحق أبا بكر، فلمّا رآه فزع من لحوقه به، واستقبله وقال: فيمَ جئت يا أبا الحسن، أسائر معي أنت أم لغير ذلك؟! فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أمرني أن ألحقك فأقبض منك الآيات من براءة وأنبذ بها عهد المشركين إليهم، وأمرني أن اُخيّرك بين أن تسير معي أو ترجع إليه. فقال: بل أرجع إليه.

وعاد إلى النبيّ صلى الله عليه و آله، فلمّا دخل عليه قال: يا رسول اللَّه، إنّك أهّلتني لأمرٍ طالت الأعناق فيه إليّ، فلمّا توجّهت له رددتني عنه، ما لي، أنزل فيَّ قرآن؟! فقال

النبيّ صلى الله عليه و آله: لا، ولكنّ الأمين هبط إليّ عن اللَّه جلّ جلاله بأنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك، وعليّ منّي، ولا يؤدّي عنّي إلّا عليّ.

[الإرشاد: 65:1، المناقب لابن شهر آشوب: 126:2 عن ابن عبّاس نحوه وراجع الخصال: 1578 وتفسير القمّي: 282:1 وتفسير العيّاشي: 4:73:2 والمناقب للكوفي: 371:469:1.]

250- تاريخ دمشق عن ابن عبّاس: بينا أنا مع عمر بن الخطّاب في بعض طرق المدينة- يده في يدي- إذ قال لي: يابن عبّاس، ما أحسب صاحبك إلّا مظلوماً! فقلت: فردّ إليه ظلامته يا أميرالمؤمنين!! قال: فانتزع يده من يدي، ونفر منّي يهمهم، ثمّ وقف حتى لحقته، فقال لي: يابن عبّاس، ما أحسب القوم إلّا استصغروا صاحبك. قلت: واللَّه ما استصغره رسول اللَّه صلى الله عليه و آله حين أرسله وأمره أن يأخذ براءة من أبي بكر فيقرأها على الناس!! فسكت.

[تاريخ دمشق: 349:42، شرح نهج البلاغة: 45:6 وفيه 'ما استصغره اللَّه' و ج 46:12 وفيه 'ما استصغره اللَّه ورسوله'، كنز العمّال: 36357:109:13؛ الدرجات الرفيعة: 105 كلّها نحوه وراجع فرائد السمطين: 258:334:1.]

راجع: القسم التاسع /عليٌّ عن لسان أصحاب النبيّ/عمر بن الخطّاب.

كتاب 'تاريخ دمشق': 344:42 تا 349.

تحقيق و تحليل


قال العلّامة الطباطبائي: قد عرفت أنّ الذي وقع في الروايات على كثرتها في قصّة بعث عليّ وعزل أبي بكر- من كلمة الوحي الذي نزل به جبرئيل على النبيّ صلى الله عليه و آله- هو قوله: 'لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك'. وكذا ما ذكره النبيّ صلى الله عليه و آله حين أجاب أبا بكر- لمّا سأله عن سبب عزله- إنّما هو متن ما أوحى إليه اللَّه سبحانه، أو قوله- وهو في معناه: 'لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي'. وكيفما كان فهو كلام مطلق؛ يشمل تأدية براءة وكلّ حكم إلهي احتاج النبيّ صلى الله عليه و آله إلى أن يؤدّيه عنه مؤدٍّ غيره، ولا دليل- لا من متون الروايات ولا غيرها- يدلّ على اختصاص ذلك ببراءة.

وقد اتّضح أنّ المنع عن طواف البيت عرياناً، والمنع عن حجّ المشركين بعد ذلك العام |الفتح|، وكذا تأجيل مَن له عهد إلى مدّة أو من غير مدّة، كلّ ذلك أحكام إلهيّة نزل بها القرآن، فما معنى إرجاع أمرها إلى أبي بكر، أو نداء أبي هريرة بها وحده، أو نداؤه ببراءة وسائر الأحكام المذكورة في الجمع إذا بحّ عليّ عليه السلام حتى يصحل صوته من كثرة النداء؟! ولو جاز لأبي هريرة أن يقوم بها والحال هذه فلِم لم يجُز لأبي بكر ذلك؟!

نعم أبدع بعض المفسّرين- كابن كثير وأترابه- هنا وجهاً؛ وجّهوا به ما تتضمّنه هذه الروايات انتصاراً لها، وهو أنّ قوله: 'لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي' مخصوص بتأدية براءة فقط، من غير أن يشمل سائر الأحكام التي كان ينادي بها عليّ عليه السلام، وأنّ تعيينه صلى الله عليه و آله عليّاً بتبليغ آيات براءة أهلَ الجمع إنّما هو لما كان من عادة العرب أن لا ينقض العهد إلّا عاقده أو رجل من أهل بيته، ومراعاة هذه العادة الجارية هي التي دعت النبيّ صلى الله عليه و آله أن يأخذ براءة- وفيها نقض ما للمشركين من عهد- من أبي بكر ويسلّمها إلى عليّ؛ ليستحفظ بذلك السنّة العربيّة فيؤدّيها عنه بعض أهل بيته. قالوا: وهذا معنى قوله صلى الله عليه و آله لمّا سأله أبوبكر قائلاً: يا رسول اللَّه هل نزل فيَّ شي ء؟! قال: 'لا ولكن لا يؤدّي عني إلّا أنا أو رجل منّي'، ومعناه أنّي إنّما عزلتك ونصبت عليّاً لذلك لئلّا أنقض هذه السنّة العربيّة الجارية....

فليت شعري من أين تسلّموا أنّ هذه الجملة التي نزل بها جبرئيل؛ 'إنّه لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك'- مقيّدة بنقض العهد لا يدلّ على أزيد من ذلك، ولا دليل عليه من نقل أو عقل!! فالجملة ظاهرة أتمّ ظهور في أنّ ما كان على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أن يؤدّيه لا يجوز أن يؤدّيه إلّا هو أو رجل منه، سواء

[في المصدر 'سواه' وهو تصحيف.] كان نقض عهد من جانب اللَّه- كما في مورد براءة- أو حكماً آخر إلهيّاً على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله أن يؤدّيه ويبلّغه.

وهذا غير ما كان من أقسام الرسالة منه صلى الله عليه و آله ممّا ليس عليه أن يؤدّيه بنفسه الشريفة كالكتب التي أرسل بها إلى الملوك والاُمم والأقوام في الدعوة إلى الإسلام، وكذا سائر الرسالات التي كان يبعث بها رجالاً من المؤمنين إلى الناس

في اُمور ترجع إلى دينهم والإمارات والولايات ونحو ذلك.

ففرقٌ جليّ بين هذه الاُمور وبين براءة ونظائرها؛ فإنّ ما تتضمّنه آيات براءة وأمثال النهي عن الطواف عرياناً والنهي عن حجّ المشركين بعد العام أحكامٌ إلهيّة ابتدائيّة لم تبلّغ بعدُ ولم تؤدَّ إلى مَن يجب أن تبلغه؛ وهم المشركون بمكّة والحجّاج منهم، ولا رسالة من اللَّه في ذلك إلّا لرسوله. وأمّا سائر الموارد التي كان يكتفي النبيّ صلى الله عليه و آله ببعث الرسل للتبليغ فقد كانت ممّا فرغ صلى الله عليه و آله فيها من أصل التبليغ، والتأدية بتبليغه من وسعه تبليغُه ممّن حضر؛ كالدعوة إلى الإسلام وسائر شرائع الدين، وكان يقول: 'ليبلّغ الشاهد منكم الغائب'.

ثمّ إذا مسّت الحاجة إلى تبليغه بعضَ من لا وثوق عادة ببلوغ الحكم إليه أو لا أثر لمجرّد البلوغ إلّا أن يعتني لشأنه بكتاب أو رسول

[في المصدر 'أو توسّل' وهو تصحيف.] توسّل عند ذلك إلى رسالة أو كتاب؛ كما في دعوة الملوك.

وليتأمّل الباحث المنصف قوله: 'لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك'، فقد قيل: 'لا يؤدّي عنك إلّا أنت' ولم يُقَل: 'لا يؤدّي إلّا أنت أو رجل منك' حتى يفيد اشتراك الرسالة، ولم يُقَل: 'لا يؤدّي منك إلّا رجل منك' حتى يشمل سائر الرسالات التي كان صلى الله عليه و آله يقلّدها كلّ من كان من صالحي المؤمنين. فإنّما مفاد قوله: 'لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك' أنّ الاُمور الرساليّة التي يجب عليك نفسك أن تقوم بها لا يقوم بها غيرك عوضاً منك، إلّا رجل منك؛ أي لا يخلفك فيما عليك كالتأدية الابتدائيّة إلّا رجل منك.

ثمّ ليت شعري ما الذي دعاهم إلى أن أهملوا كلمة الوحي التي هي قول اللَّه

نزل به جبرئيل على النبيّ صلى الله عليه و آله: 'لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك'، وذكروا مكانها أنّه 'كانت السنّة الجارية عند العرب أن لا ينقض العهد إلّا عاقده أو رجل من أهل بيته'!! تلك السنّة العربيّة التي لا خبر عنها- في أيّامهم ومغازيهم- ولا أثر، إلّا ما ذكره ابن كثير ونسبه إلى العلماء عند البحث عن آيات براءة.

ثمّ لو كانت سنّة عربيّة جاهليّة على هذا النعت فما وزنها في الإسلام!! وما هي قيمتها عند النبيّ صلى الله عليه و آله وقد كان ينسخ كلّ يوم سنّة جاهليّة، وينقض كلّ حين عادة قوميّة، ولم تكن من جملة الأخلاق الكريمة أو السنن والعادات النافعة، بل سليقة قبائليّة تشبه سلائق الأشراف!! وقد قال صلى الله عليه و آله يوم فتح مكّة عند الكعبة- على ما رواه أصحاب السير: 'ألا كلّ مأثرة أو دم أو مال يدّعى فهو تحت قدميّ هاتين، إلّا سدانة البيت، وسقاية الحاج'.

ثمّ لو كانت سنّة عربيّة غير مذمومة، فهل كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله ذهل عنها ونسيها حين أسلم الآيات إلى أبي بكر وأرسله، وخرج هو إلى مكّة حتى إذا كان في بعض الطريق ذكر صلى الله عليه و آله ما نسيه أو ذكّره بعض من عنده بما أهمله وذهل عنه من أمرٍ كان من الواجب مراعاته، وهو صلى الله عليه و آله المثل الأعلى في مكارم الأخلاق واعتبار ما يجب أن يعتبر من الحزم وحسن التدبير؟! وكيف جاز لهؤلاء المذكّرين أن يغفلوا عن ذلك وليس من الاُمور التي يُغفل عنها وتخفى عادة، فإنّما الذهول عنه كغفلة المقاتل عن سلاحه.

وهل كان ذلك بوحي من اللَّه إليه؛ أنّه يجب له أن لا يلغي هذه السنّة العربيّة الكريمة، وأنّ ذلك أحد الأحكام الشرعيّة في الباب، وأنّه يحرم على وليّ أمر المسلمين أن ينقض عهداً إلّا بنفسه أو بيد أحد من أهل بيته؟ وما معنى هذا الحكم؟ أو أنّه حكم أخلاقي أضطرّ إلى اعتباره؛ لما أنّ المشركين ما كانوا يقبلون

هذا النقض إلّا بأن يسمعوه من النبيّ صلى الله عليه و آله نفسه، أو من أحد من أهل بيته؟! وقد كانت السيطرة يومئذٍ له صلى الله عليه و آله عليهم، والزمام بيده دونه، والإبلاغ إبلاغ.

أو أنّ المؤمنين المخاطبين بقوله: 'عَهَدتُّم'،

[التوبة: 1.] وقوله: 'وَأَذَ نٌ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ى إِلَى النَّاسِ'،

[التوبة: 3.] وقوله: 'فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ'

[التوبة: 5.] ما كانوا يعتبرون هذا النقض نقضاً دون أن يسمعوه منه صلى الله عليه و آله، أو من واحد من أهل بيته، وإن علموا بالنقض إذا سمعوا الآيات من أبي بكر؟....

ليس التوغّل في مسألة الإمارة ممّا يهمّنا في تفهّم معنى قوله: 'لا يؤدّي عنك إلّا أنت أو رجل منك'؛ فإمارة الحاجّ سواء صحّت لأبي بكر أو لعليّ، دلّت على فضلٍ أو لم تدلّ، إنّما هي من شعب الولاية الإسلاميّة العامّة التي شأنها التصرّف في اُمور المجتمع الإسلامي الحيويّة، وإجراء الأحكام والشرائع الدينيّة، ولا حكومة لها على المعارف الإلهيّة، ومواد الوحي النازلة من السماء في أمر الدين.

إنّما هي ولاية رسول اللَّه صلى الله عليه و آله؛ ينصب يوماً أبا بكر أو عليّاً لإمارة الحاجّ، ويؤمّر يوماً اُسامة على أبي بكر وعامّة الصحابة في جيشه، ويولّي يوماً ابن اُمّ مكتوم على المدينة وفيها من هو أفضل منه، ويولّي هذا مكّة بعد فتحها، وذاك اليمن، وذلك أمر الصدقات. وقد استعمل صلى الله عليه و آله أبا دجانة الساعدي أو سباع بن عرفطة الغفاري- على ما في سيرة ابن هشام- على المدينة عام حجّة الوداع، وفيها أبوبكر لم يخرج إلى الحجّ على ما رواه البخاري ومسلم وأبوداود والنسائي

وغيرهم وإنّما تدلّ على إذعانه صلى الله عليه و آله بصلاحيّة من نصبه لأمرٍ لتصدّيه وإدارة رحاه.

وأمّا الوحي السماوي بما يشتمل عليه من المعارف والشرائع فليس للنبي صلى الله عليه و آله ولا لمن دونه صنعٌ فيه، ولا تأثير فيه ممّا له من الولاية العامّة على اُمور المجتمع الإسلامي بإطلاق أو تقييد أو إمضاء أو نسخ أو غير ذلك، ولا تحكم عليه سنّة قوميّة أو عادة جارية حتى توجب تطبيقه على ما يوافقها، أو قيام العصبة مقام الإنسان فيما يهمّه من أمر.

والخلط بين البابين يوجب نزول المعارف الإلهيّة من أوج علوّها وكرامتها إلى حضيض الأفكار الاجتماعيّة التي لا حكومة فيها إلّا للرسوم والعادات والاصطلاحات، فيعود الإنسان يفسّر حقائق المعارف بما يسعه الأفكار العامّيّة، ويستعظم ما استعظمه المجتمع دون ما عظّمه اللَّه، ويستصغر ما استصغره الناس، حتى يقول القائل في معنى كلمة الوحي: إنّه عادة عربيّة محترمة!

[الميزان في تفسير القرآن: 168:9 تا 174.]

البعث إلى اليمن


لمّا فتح رسول اللَّه صلى الله عليه و آله مكّة، وانتصر على القبائل المستقرّة حولها في غزوة حنين، أراد توسيع نطاق دعوته؛ فأرسل إلى اليمن معاذ بن جبل، وهناك استعصت مسائل على معاذ فرجع، وبعث بعده خالد بن الوليد، فلم يحقّق نجاحاً، وأخفق في مهمّته بعد ستّة أشهر من المكوث في اليمن. فانتدب عليّاً عليه السلام، فوجّهه إليها مع كتاب. ولمّا وصل قرأه على أهلها ببيان بليغ وكلام مؤثِّر، ودعاهم إلى التوحيد، فأسلمت قبيلة 'همدان'. وأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله بذلك، فسرَّ

/ 30