کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) جلد 1

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

کوثر فی احوال فاطمة بنت النبی الطهر (ص) - جلد 1

سید محمد باقر موسوی؛ مصحح: محمدحسین رحیمیان

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


إنّ آية المباهلة نزلت في شأن فاطمة


509/ 1- قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: لو علم اللَّه تعالى أنّ في الأرض عباداً أكرم من عليّ و فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام لأمرني أن اُباهل بهم، ولكن أمرني بالمباهلة مع هؤلاء، وهم أفضل الخلق، فغلبت بهم النصارى.

[فاطمه الزهراء عليهاالسلام بهجه قلب المصطفى: 54.]

510/ 2- قال الشيخ المفيد رحمه الله في (كتاب الفصول): قال المأمون يوماً للرضا عليه السلام: أخبرني بأكبر فضيلة لأميرالمؤمنين عليه السلام يدلّ عليها القرآن.

قال: فقال الرضا عليه السلام: فضيلة في المباهلة، قال اللَّه جلّ جلاله: (فَمَنْ حاجَّكَ فيه مِنْ بَعْدِ ما جائَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا َدْعُ أَبْنائَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعَْنةَ اللَّهِ عَلَى الكاذِبينَ).

[آل عمران: 61، اقول: و لا نكرر موضعها بتكرارها فى هذا العنوان.]

فدعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم الحسن والحسين عليهماالسلام فكانا ابنيه، و دعا فاطمة عليهاالسلام فكانت في هذا الموضع نساءه، و دعا أميرالمؤمنين عليه السلام فكان نفسه بحكم اللَّه عزّ و جلّ، و قد ثبت أنّه ليس أحد من خلق اللَّه تعالى أجلّ من رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و أفضل، فواجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بحكم اللَّه جلّ و عزّ.

قال: فقال له المأمون: أليس قد ذكر اللَّه الأبناء بلفظ الجمع، و إنّما دعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم ابنيه خاصّة؟ و ذكر النساء بلفظ الجمع، و إنّما دعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم

ابنته وحدها؟ فإلّا جاز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه و يكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره فلا يكون لأميرالمؤمنين عليه السلام ما ذكرت من الفضل؟

قال: فقال له الرّضا عليه السلام: ليس يصحّ ما ذكرت- يا أميرالمؤمنين!!- و ذلك أنّ الدّاعي إنّما يكون داعياً لغيره، كما أنّ الأمير أمر لغيره، و لا يصحّ أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة، كما لا يكون آمراً لها في الحقيقة، و إذا لم يدع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم في المباهلة رجلاً إلّا أميرالمؤمنين عليه السلام فقد ثبت أنّه نفسه الّتي عناها اللَّه سبحانه في كتابه، و جعل حكمه ذلك في تنزيله.

قال: فقال المأمون: إذا ورد الجواب سقط السؤال.

[البحار: 10/ 350 ح 10، 35/ 257 و 258.]

511/ 3- قال الزمخشري في كتاب «الكشّاف»: روي: أنّه لمّا دعاهم إلى المباهلة قالوا: حتّى نرجع و ننظر فنأتيك غداً، فلمّا تخالوا قالوا للعاقب- و كان ذا رأيهم-: يا عبدالمسيح! ما ترى؟

فقال: واللَّه؛ لقد عرفتم يا معشر النصارى! إنّ محمّداً نبي مرسل، و لقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، واللَّه؛ ما باهل قوم نبيّاً قطّ فعاش كبيرهم و لانبت صغيرهم، ولئن فعلتم لتهلكنّ، فإن أبيتم إلاّ إلف دينكم و الإقامة على ما أنتم عليه، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم.

فأتوا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: و قد غدا محتضناً الحسين عليه السلام آخذاً بيد الحسن عليه السلام، و فاطمة عليهاالسلام تمشي خلفه، و علي عليه السلام خلفها و هو يقول: إذا أنا دعوت فأمّنوا.

فقال اُسقف نجران: يا معشر النصارى! إنّي لأرى وجوهاً لو شاء اللَّه أن يزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، فلم يبق على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة.

فقالوا: يا أباالقاسم! رأينا أن لا نباهلك، و أن نقرّك على دينك و نثبت على ديننا.

قال صلى الله عليه و آله و سلم: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين و عليكم ما عليهم، فأبوا.

قال: فإنّي اُناجزكم.

فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا و لا تخيفنا و لا تردّنا عن ديننا على أن نؤدّي إليك كلّ عام ألفي حلّة: ألفاً في صفر و ألفاً في رجب و ثلاثين درعاً عادية من حديد.

فصالحهم النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم على ذلك، و قال: والّذي نفسي بيده؛ إنّ الهلاك قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير، و لاضطرم عليهما الوادي ناراً، ولاستأصل اللَّه نجران و أهله حتّى الطير على رؤوس الشجر، و لما حال الحول على النصارى كلّهم حتّى يهلكوا.

و عن عائشة: أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم خرج و عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن عليه السلام فأدخله، ثمّ جاء الحسين عليه السلام فأدخله، ثمّ جاء فاطمة عليهاالسلام، ثمّ عليّ عليه السلام، ثمّ قال: (إِنّما يُريدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُم الرِجْسَ أَهْل البَيْت وَ يُطَهِّركُم تَطْهيراً)

[الاحزاب: 33.]

فإن قلت: ما كان دعاؤه إلى المباهلة إلاّ ليتبيّن الكاذب منه و من خصمه، و ذلك أمر يختصّ به و بمن يكاذبه، فما معنى ضمّ الأبناء والنساء؟

قلت: كان ذلك آكد للدلالة على ثقته بحاله واستيقانه بصدقه حيث استجرأ على تعريض أعزّته و أفلاذ كبده و أحبّ النّاس إليه لذلك، و لم يقتصر على تعريض نفسه له؛

و على ثقته أيضاً بكذب خصمه حتّى يهلك مع أحبّته و أعزّته هلاك الاستئصال إن تمّت المباهلة.

و خصّ الأبناء والنساء، لأنّهم أعزّ الأهل وألصقهم بالقلوب، و ربّما فداهم الرجل بنفسه و حارب دونهم حتّى يقتل، و من ثمّ كانوا يسوقون مع أنفسهم الظعاين في الحروب، لتمنعهم من الهرب، و يسمّون الذّادة عنها حماة الحقائق.

و قدّمهم في الذكر على الأنفس لينبّه على لطف مكانهم و قرب منزلتهم، و ليؤذن بأنّهم مقدّمون على الأنفس مفدون بها، و فيه دليل لا شي ء أقوى منه على فضل أصحاب الكساء عليهم السلام.

و فيه برهان واضح على صحّة نبوّة النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم، لأنّه لم يرو أحد من موافق و لا مخالف أنّهم أجابوا إلى ذلك، انتهى كلام الزمخشري.

[البحار: 35/ 258- 260.]

أقول: لقد أحسن القول و أجاد الزمخشري، و هذا برهان قاطع، فمن شكّ فيه كمن يشكّ في إنارة الشمس في اُفق السّماء السحاب يسترها، فهم أولى النّاس وأليق بعد رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم بالخلافة والولاية والإمارة على المسلمين، فغيرهم لا يليق بها، و لا ينال عهد اللَّه الظالمين.

512/ 4- قال السيّد بن طاووس رحمه الله في (الطرائف): ذكر النقّاش في تفسره (شفاء الصدور) ما هذا لفظه: قوله عزّ و جلّ: (قُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءكُمْ) قال أبوبكر: جائت الأخبار بأنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم أخذ بيد الحسن و حمل الحسين عليهماالسلام على صدره- و يقال: بيده الاُخرى- و عليّ عليه السلام معه، و فاطمة عليهاالسلام من ورائهم.

فحصلت هذه الفضيلة للحسن والحسين عليهماالسلام من بين جميع أبناء أهل بيت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و أبناء اُمّته، و حصلت هذه الفضيلة لفاطمة عليهاالسلام بنت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم من بين بنات النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم و بنات أهل بيته و بنات اُمّته، و حصلت هذه الفضيلة لأميرالمؤمنين عليّ عليه السلام من بين أقارب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و من أهل

بيته و اُمّته بأن جعله رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كنفسه يقول: (وَ اَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ).

[البحار :35/ 260.]

أقول لأبي بكر: ما جعله الرسول صلى الله عليه و آله و سلم كنفسه، بل جعله اللَّه كنفس رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم. و إن كان جعل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كجعل اللَّه تعالى، لأنّه ما ينطق عن الهوى.

[البحار: 35/ 260 و 261.]

513/ 5- جرير، عن الأعمش قال: كانت المباهلة ليلة إحدى و عشرين من ذي الحجّة، و كان تزويج فاطمة لعليّ بن أبي طالب عليهماالسلام يوم خمسة و عشرين من ذي الحجّة، و كان يوم غدير خمّ يوم ثمانية عشر من ذي الحجّة.

هذا آخر كلام النقّاش، و قد ذكر الخطيب في (تاريخ بغداد) فضل أبي بكر محمّد بن الحسن بن زياد النقّاش و كثرة رجاله، و أنّ الدارقطنيّ و غيره رووا عنه و ذكر أنّه قال عند موته: (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ العامِلونَ)

[الصافات: 61.] ثمّ مات في الحال.

[البحار: 35/ 260 و 261.]

514/ 6- و من ذلك ما رواه مسلم في صحيحه من طرق:

فمنها؛ في الجزء الرابع في باب فضائل أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في ثالث كرّاس من أوّله من الكتاب الّذي نقل الحديث منه في تفسير قوله تعالى: (فَمَنْ حاجَّكَ فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جائَكَ مِنَ العِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ وَ نِساءَنا وَ نِساءَكُمْ وَ أَنْفُسَنا وَ أَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَة اللَّهِ عَلى الكاذِبينَ)

[البحار: 35/ 260 و 261.]

فرفع مسلم الحديث إلى النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم و هو طويل يتضمّن عدّة فضائل لعليّ بن أبي طالب عليه السلام خاصّة يقول في آخره: و لمّا نزلت هذه الآية دعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم عليّاً و فاطمة و حسناً و حسيناً عليهم السلام و قال: اللهمّ هؤلاء أهل بيتي.

و رواه أيضاً مسلم في أواخر الجزء المذكور على حدّ كرّاسين من النسخة المنقول منها؛

و رواه أيضاً الحميدي في (الجمع بين الصحيحين) في مسند سعد بن أبي وقّاص في الحديث السادس من أفراد مسلم؛

و رواه الثعلبي في تفسير هذه الآية عن مقاتل والكلبيّ.

[البحار: 35/ 260 و 261.]

قال العلّامة المجلسي رحمه الله: ثمّ ساق الحديث مثل ما مرّ في الرواية الاُولى للزمخشريّ، ثمّ قال السيّد رحمه الله: و رواه أيضاً أبوبكر بن مردويه بأجمل من هذه الألفاظ، و هذه المعاني عن ابن عبّاس والحسن والشعبيّ والسدّي،

و في رواية الثعلبيّ زيادة في آخر حديثه و هي: قال: والّذي نفسي بيده؛ إنّ العذاب قد تدلّى على أهل نجران، ولو لاعنوا لمسخوا قردة و خنازير، و لاضطرم عليهم الوادي ناراً، و لاستأصل اللَّه نجران و أهله حتّى الطير على الشجر، و لما حال الحول على النصارى كلّهم حتّى هلكوا، فأنزل اللَّه تعالى: (إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الحَقُّ وَ ما مِنْ إِله إِلَّا اللَّه وَ إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْعَزيزُ الْحَكيمُ- فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَليمٌ بِالْمُفْسِدينَ)

[آل عمران: 62 و 63.]

[البحار: 35/ 261.]

515/ 7- و رواه الشافعي ابن المغازليّ في كتاب (المناقب) عن الشعبي، عن جابر بن عبداللَّه قال: قدم وفد النجران على النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم العاقب والطيّب، فدعاهما إلى الإسلام.

فقالا: أسلمنا يا محمّد! قبلك.

قال: كذبتما إن شئتما أخبرتكما ما يمنعكما من الإسلام؟

قالا: هات.

قال: حبّ الصليب، و شرب الخمر، و أكل الخنزير، فدعاهما إلى الملاعنة، فواعداه أن يغادياه بالغدوة.

فغدا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و أخذ بيد عليّ و فاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، ثمّ أرسل إليهما: فأبيا أن يجيبا فأقرّا بالخراج.

فقال النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً؛ لو فعلا لأمطر اللَّه عليهما الوادي ناراً.

قال جابر: فيهم نزلت هذه الآية: (نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ) الآية.

قال الشعبيّ: (أَبْناءَنا): الحسن والحسين عليهماالسلام؛ (وَ نِساءَنا): فاطمة عليهاالسلام، (وَ أَنْفُسَنا): عليّ بن أبي طالب عليه السلام.

[البحار: 35/ 262.]

و قال السيوطي في «الدرّ المنثور»: أخرج الحاكم و صحّحه و ابن مردويه و أبونعيم في «الدلائل» عن جابر قال: قدم على النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم العاقب والسيّد، فدعاهما إلى الإسلام، و ذكر نحو ما مرّ و قال: في آخره: قال جابر: (أَنْفُسَنا و أَنْفُسَكُمْ): رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و علي عليه السلام، (أَبْنائَنا): الحسن والحسين عليهماالسلام، (وَ نِساءَنا): فاطمة عليهاالسلام.

516/ 8- قال: و أخرج البيهقيّ في «الدلائل» من طريق سلمة بن عبد يشوع، عن أبيه، عن جدّه: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه (طس) سليمان:

بسم إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب، من محمّد رسول اللَّه إلى اُسقف نجران و أهل نجران، إن أسلمتم فإنّي أحمد إليكم إله إبراهيم و إسحاق و يعقوب.

أمّا بعد؛ فإنّي أدعوكم إلى عبادة اللَّه من عبادة العباد، و أدعوكم إلى ولاية اللَّه من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، و إن أبيتم فقد اُوذنتم بحرب، والسلام.

فلمّا قرء الاُسقف الكتاب فظع به و ذعر ذعراً شديداً، فبعث إلى رجل من أهل نجران- يقال له: شرحبيل بن وادعة- فدفع إليه كتاب رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، فقرءه فقال له الاُسقف: ما رأيك؟

فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد اللَّه إبراهيم في ذرّيّته إسماعيل من النبوّة، فما يؤمن من أن يكون ذلك الرجل ليس لي في النبوّة رأي، لو كان أمر من أمر الدنيا أشرت عليك فيه وجهدت لك.

فبعث الاُسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران، فكلّهم قال مثل قول شرحبيل، فاجتمع رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وادعة و عبداللَّه بن شرحبيل و جبّار بن فيض فيأتونهم بخبر رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم.

فانطلق الوفد حتّى أتوا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم، فسألهم و سألوه، فلم تنزل به و بهم المسألة حتّى قالوا له: ما تقول في عيسى بن مريم؟

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: ما عندي فيه شي ء يومي هذا، فأقيموا حتّى أخبركم بما يقال لي في عيسى مسيح الغداة، فأنزل اللَّه: (إِنَّ مَثَلَ عيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) إلى قوله: (فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الكاذِبينَ).

فأبوا أن يقرّوا بذلك، فلمّا أصبح رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملاً على الحسن والحسين عليهماالسلام في خميلة له، و فاطمة عليهاالسلام تمشي عند ظهره للملاعنة، و له يومئذ عدّة نسوة.

فقال شرحبيل لصاحبيه: إنّي رآى أمراً مقبلاً، إن كان هذا الرجل نبيّاً مرسلاً فنلا عنه لا يبقى على وجه الأرض منّا شعر و لا ظفر إلاّ هلك.

فقالا له: ما رأيك؟

فقال: رأيي أن اُحكّمه، فإنّي أرى رجلاً مقبلاً لا يحكم شططاً أبداً.

فقال له: أنت و ذاك، فتلقّى شرحبيل رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم فقال: إنّي قد رأيت خيراً من ملاعنتك.

قال: و ما هو؟

قال: اُحكمّك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح، فمهما حكمت فينا فهو جائز.

فرجع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و لم يلاعنهم، و صالحهم على الجزية.

[البحار: 35/ 262- 264.]

517/ 9- و أخرج أبونعيم في (الدلائل) من طريق الكلبيّ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاس: إنّ و فد نجران من النصارى قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم و هم أربعة عشر رجلاً من أشرافهم، منهم السيّد، و هو الكبير، والعاقب؛ و هو الّذي يكون بعده صاحب رأيهم.

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: أسلما.

قالا: أسلمنا.

قال: ما أسلمتما؟

قالا: بلى، قد أسلمنا قبلك.

قال: كذبتما يمنعكما من الإسلام ثلاث فيكما: عبادتكما الصليب، و اُكلكما الخنزير، و زعمكما إنّ للَّه ولداً، فنزل (إِنَّ مَثَلَ عيسى) الآية.

فلمّا قرأها عليهم قالوا: ما نعرف ما تقول؟

فنزل (فَمَن حاجّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ العِلْمِ)؛

يقول: من جاء لك في أمر عيسى من بعد ما جاءك من القرآن (فَقُلْ تَعالَوا) إلى قوله: (ثُمَّ نَبْتَهِلْ)؛

يقول: نجتهد في الدعاء أنّ الّذي جاء به محمّد صلى الله عليه و آله و سلم هو الحقّ، و أنّ الّذي يقولون هو الباطل.

فقال لهم: إنّ اللَّه قد أمرني إن لم تقبلوا هذا أن اُباهلكم.

فقالوا: يا أباالقاسم! بل نرجع فننظر في أمرنا ثمّ نأتيك، فخلا بعضهم ببعض ليصادقوا فيما بينهم؛

قال السيّد للعاقب: قد واللَّه؛ علمتم أنّ الرجل نبيّ فلو لاعنتموه لاستؤصلتم، و ما لاعن قوم قط نبيّاً فعاش كبيرهم و نبت صغيرهم، فإن أنتم لم تتبعوه و أبيتم إلّا إلف دينكم، فوادعوه وارجعوا إلى بلادكم.

و قد كان رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم خرج و معه عليّ والحسن والحسين و فاطمة عليهم السلام، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم: إن أنا دعوت فأمّنوا أنتم.

فأبوا أن يلاعنوه، و صالحوه على الجزية.

و أخرج ابن أبي شيبة و سعيد بن منصور و عبد بن حميد و ابن جرير و أبونعيم عن الشعبي، و ساق الحديث إلى قوله: فواعدوه لغد.

فغدا النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم و معه الحسن والحسين و فاطمة عليهم السلام، فأبوا أن يلاعنوه و صالحوه على الجزية. فقال النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم: لقد أتاني البشر بهلكة أهل نجران حتّى الطير على الشجر لو تمّوا على الملاعنة.

[البحار: 35/ 264 و 265.]

518/ 10- و أخرج مسلم؛ والترمذيّ؛ و ابن المنذر؛ والحاكم؛ والبيهقي في سننه عن سعد ابن أبي وقّاص قال: لمّا نزلت هذه الآية: (قُلْ تَعالَوا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُم) دعا رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم عليّاً و فاطمة و حسناً و حسيناً عليهم السلام فقال: اللهمّ هؤلاء أهلي.

[البحار : 35/ 265.]

519/ 11- و أخرج ابن جرير، عن علباء بن أحمر اليشكري قال:

لمّا نزلت هذه الآية (قُلْ تَعالَوا نَدْعُ أَبْناءَنا وَ أَبْناءَكُمْ) الآية، أرسل

/ 47