زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) - نسخه متنی

ام الحسنین البغدادی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


الاوصياء (علي).

.. و كللتها أنوار الرحمن.

فبدت رائعة الجمال.. في نورها الأزهر، الذي أخذ يتسرب إلى مدينة الرسول.. فتشرق البيوت به مستبشرة.

فترة و حياء


.. و لا يسعني سيدتي ان أكتب عن تلك اللحظات والساعات.

و انى لي أن اشرح عن ذلك الموضوع.

و انني لأود سيدتي أن اتطرق الى اجمل الوقائع في يوم زفافك إلى سيد الاوصياء.

.. فلقد مرت الايام ثم الشهور، و ازداد هم علي بسبب بُعد زوجته عنه.

فها هو موزع الفكر مهموم.

لانه دائم الاشتياق إلى رؤية زكيته الزهراء، لذا عندما صادفه عقيل و هو خارج من المسجد لمس ذلك الهم مرسوماً على ملامحه.. و عقيل هو اخو أميرالمؤمنين، رجل شهم طويل القامة متين الجثة، ذو خلق و شكل حسن، كلامه مسموع بين أهله و عشيرته.

.. فما رأى بعض الالم قد بان على هيئة أخيه، أحس بما يدور بخاطره...

فحثه على أن يقوم بمقدمات الزفاف من ابنة عمه.. لكنه رأى الحياء على ملامح علي ظاهرة، حينما طأطى ء رأسه.. ثم رفعه نحو السماء، و هو يبدي لأخيه عقيل من انه سيفعل ذلك بعون اللَّه و ارادته.

.. انطلق الأخوان متجهين نحو بيت الرسول لغرض المذاكرة حول هذا الموضوع، فصادفا في طريقيهما خيالاً اسوداً يعسى نحوهما.

و وئيداً وئيداً، يفصح صاحب الخيال عن هويته:

- السلام عليكما و رحمة من اللَّه و بركات.

- و عليك السلام (يا أُم أيمن)...

و أُم أيمن هي من المهاجرات والمجاهدات امرأة فظنه على غاية من الذكاء و الجمال، مؤمنة طيبة خلوقة، ذات قلب و روح صافية.

.. تأملت أُم أيمن علياً، فشعرت بمكنونه من ظاهر هيئته..

فقالت و هي تخص علياً ملتفتة نحوه.

- ما الخبر يا بن أبي طالب..؟

لم ينبس الشاب ببنت شفة حياءاً، لكن أُم أيمن قد حفته بالسؤال؛ ليفصح عما يخالجه.

و لكن لا فائدة فقالت له بنبرات خافتة اذ تهمس إليه:

- لا عليك، دعك من هذا الهم، الذي اختلجك، فأنا أعلم علتك.

.. دهش عقيل من قولها لشدة ذكائها، و فطنتها في درك الموضوع الذي كانا يودان ان يبحثاه مع الرسول فقال:

- ان علياً يود لو تزف إليه ابنة عمه.

فأومأت بيدها قائلة: اتركوا هذا الأمر لي، و كن مطمئناً يا بن أبي طالب.

.. سارا معاً.. فأفترق علي عن أخيه و أُم أيمن.

و انزوى بنفسه بجانب من جوانب زقاق سكونة بيت النبي.

و تحت لهيب الشمس الحارقة، جلس على تله رميلة قريبة من المنزل منتظراً الجواب، في حين اتجهت المرأة الصالحة إلى بيت الرسول.

.. فاستقبلتها (أُم سلمة) الصحابية الجليلة.. و هي إحدى زوجات النبي المجاهدات، اذ ما كانت تقل خلقاً و إيماناً أو فطنة عن (أُم أيمن).

فأخبرتها عن الموضوع الذي اتت من أجله.. فما رأت من أُم سلمة إلّا اقبالاً

شديداً على ان تتعاون و نساء النبي على اتمام هذا الموضوع بأسرع ما يمكن.

إذ اجتمعن نساءه صلى اللَّه عليه و آله و سلم في بيته بسرعة عجيبة عند بيت أُم سلمة.. فاحطنّ بالرسول من كل جانب.

و قد علت وجوههن فرحة مكظومة. ففتحن نافذة الحديث.

فبرقت عيونهنّ بوهج حيوي عندما قلنّ:

- (فديناك اباءنا و امهاتنا يا رسول اللَّه اننا اليوم تركنا اشغالنا و توجهنا إليك كي تفرح قلب وصيك).

.. ثم تحسرنّ و ضربن على ايديهن و قلن:

- (و لو ان خديجة كانت من الأحياء لقرت بذلك عينيها).

.. فحينما سمع النبي اسم زوجته الوفية المخلصة بكى.

.. فلم يتحمل نساءه، و هنّ يرينّ دموعه متلألئة على خديه و كريمته، في حين افصحت نبرات صوته الذي تهدّج به الحزن تهدجاً:

- (أين مثل خديجة، صدقتني حين كذبني الناس، و آزرتني على دين اللَّه و اعانتني بما لديها، فلقد امرني ربي، أن اُبشر خديجة ببيت في الجنة، بني من قصب الزمرد، لاضخب فيه و لا نصب).

.. ثم انقطعت باقي كلماته.. و تحول جو المكان إلى حزن و كآبة.

لكن أُم سلمة بحذاقتها قطعت عليه هذه العبرات والدموع، حينما قالت بكل جرأة:

- يا رسول الرحمة فدتك نفسي، انك لم تذكر هذه المرأة الصالحة إلّا و قد تفاقم امرك، غير انها قضت إلى ربها، بين نعيمه.. فهنئها اللَّه بذلك و جمع اللَّه بيننا و بينها في درجات جنته و رضوانه و رحمته.. فهذا اخوك علي في الدنيا و ابن عمك في النسب، و اول من آمن و أول من دافع عنك، و هو فوق ذلك زوج ابنتك يحب ان تدخل عليه فاطمة و تلم شمله، فقلبه مكروب لبعد زوجته عنه.

فانتفض النبي متعجباً.. و أدار برأسه نحو (أُم سلمة) و قد احاطته هالة من نور فقال بصوت نبراته فيها تساؤل:

- (فما بال علي لا يسألني ذلك).

فأجابته (أُم أيمن) على الفور:

- الحياء الحياء يا رسول الرحمن.. و أنت لأعلم بأخلاق هذا الرجل.

.. فحرك المصطفى يده بأناقة نحو المرأة و قال لها و قد طبعت على شفتيه ابتسامة عذبة:

- (اُدعي لي علياً).

.. هرعت المرأة مسرعة، تفضفض منها البهجة و قد امتلأت نفسها سروراً عظيماً، حتى انها لكادت تزلق قدماها.. متعثرة بحفيف ثوبها.. و هي تجر ذيله سعيدة بشوشة.

ثم أخذت تسوي من خمارها حتى اخرجت رأسها من باب البيت تريد من تبعثه في طلب أميرالمؤمنين.. لكنها دُهشت و صاحت متعجبة:

- اُواه او ما تزال هنا.؟!

فقام الشاب ينفض ما بين ساقيه من تراب، و يمسح قطرات عرقه عن جبينه الذي طعنته الشمس بأشعتها.

(فكأنه) ازداد نوراً على نوره، و جمالاً متألقاً و سَمته بها ملائكة العرش العظيم.

و ما لبث حتى تقدم متأدباً بعدما أبلغته أُمّ المؤمنين.

.. فدخل بيت الرسول بطيى ء الخطى، و قلبه شديد الخفقان.. و قد علته حمرة الحياء.

في عين الوقت كان النبي يُصغى إلى وقع خطواته بأشتياق.

إذ التمعت عيناه ببريق رائع من نور، فما ان رفع النبي رأسه حتى وقعت عيناه

على علي.

.. فرآه مهموماً مكروب الخاطر.. فأشفق المصطفى عليه و قال:

- (أتحب أن تدخل عليك زوجتك).

و بصوت متقطع النبرات اجابه علي:

- (نعم فدتك نفسي يا نبي الورى).

فتهلل وجه النبي و انشرحت اسارير نفسه اذ يجيبه:

- (حباً و كرامة في ليلتك هذه أو ليلة غد انشاء اللَّه).

.. ففغر علي شفتيه بابتسامة تفيض بالفرح.

وانقشعت عن روحه همومه و اشرقت اساريره.

بيت بنت المصطفى


.. اجل في تلك اللحظات السعيدة سمع فيها زقزقة العصافير المحلقة في اجواء الفضاء.

وانجلت عن الشمس غبرتها الباهتة، و صارت من جديد تشرق و كأنها وسط الربيع الاخضر، ترسل اشعتها دافئة جميلة.

.. فتلتقي انوار المصطفى بعيني علي، فيخاطبه الرسول و قد علته الفرحة والسعادة.

- (يا علي هيى ء منزلاً حتى تحول إليه فاطمة).

.. فمال حاجبا علي تاسفاً على شي ء ما و قال:

- (يا رسول اللَّه ما هنا منزل إلّا منزل حارثة بن النعمان).

.. فزفرَ النبي متحسراً و قال:

- (لقد استحيينا من هذا الرجل، و قد اخذنا عامة منازله).

.. انتشر خبر زفاف عروس علي في كل المدينة، فأقبل المسلمون يهنئون علياً و الرسول.. في حين كان المرتضى يفكر في أمر البيت الذي سيحول إليه ابنة عمه.. فقدم الحارثة بنفسه يلهث و هو يقول متوسلاً ملتمساً:

- يا رسول اللَّه أنا واللَّه مالي للَّه و لرسوله.. ما شي ء أحب إليّ مما تأخذه، والذي تأخذه أحب إليّ مما تتركه

[طبقات ابن سعد ج 3- تاريخ الصحابي حارثة بن النعمان.]

.. فأشرق وجه النبي و اخذ لسانه يتدفق بشكر صنيعه داعياً له اللَّه بالموفقية.

.. فقام علي من ابن عمه متأهباً للتوجه مع حارثة إلى احد منازله، التي وضعها تحت تصرفه.

فملئت السعادة نفس الوصي، و حفته بطوق من نور اذ هو الآن ذاهب ليجهز و يرتب بيتاً لزوجته.

.. وها هو يدخل فناء الدار الصغيرة البسيطة التصميم. فأخذت عيناه الرائعتان تتأملان المكان، و ترسم كيفية وضع الاثاث و ترتيبه (و كأنه يكلم نفسه):

(هل يا ترى سيعجب فاطمة البيت، سأجعله لها جنينة صغيرة سأنظمه كي تسعد نفس الزهراء و تنقشع اشجانها و تتبدد كآبتها).

.. فقام الشاب إلى الدار ليهيأها.. ففرش ارضها كثيباً طاهراً من الرمل، تفوح منه رائحة رطبة تنعش الصدور، ثم ما لبث أن نصب عموداً وسط الحجرة، وازلق جلده ليتسنى له وضع القربة عليه و من تحت العمود وضع جرة و كوزة.

[رواه صاحب المناقب.]

.. ثم التفت إلى زاوية الحجرة فوجدها خالية الحواشي.. فنصب على الفور فيها خشبة رطبة نظيفة من حائط إلى حائط لوضع الثياب عليها.

و اتى بجلد كبش نظيف و بسطه وسط الحجرة

[كما في ذخائر العقبى، تذكرة الخواص في ص 307، بحارالانوار، المناقب، الطبقات الكبرى ج 8 ص 11- 14- 60، كما و رواه الشعيبي، صحيح ابن ماجة ص 139، الطبري ج 2 ص 182، الصحاح.]

.. و قبل أن يتمم عمله رفع الوسادة، التي حشت من الليف و اركنها الى احدى جوانب الحجرة التي بدت حقاً كما اراد هو (جنينه صغيرة).

.. عند ذلك دخل نور المصطفى، لتضاء حجرة العروسين بأشرف نور و لتنطلق أول كلمات التبريك من لسانه العذب.

اذ اشرقت عينا النبي بوميض ساطع ملأ الرحاب، و هو يتأمل الحجرة معجباً بالذوق الفائق، و السليقة الروحية الشاعرية التي يمتلكها صهره.. برغم ما اتصف به الاثاث من قلة، و بساطة و تواضع كامل.

بركة وليمة الزهراء


.. التفت النبي الأكرم مبتسماً و نادى علياً قائلاً له:

- (يا بن العم اصنع طعاماً فاضلاً، لأن اللَّه يحب اطعام الطعام، والوليمة فيها خير كثير).

.. امتثل علي لأمر نبيه و برقت عيناه ببريق ملائكي مكلل بالرضا والحب والطاعة والاجلال لما يمليه عليه الرسول.

.. و ما هي سوى لحظات، حتى انهالت الهدايا على الوصي، و كأن خبر الوليمة اذاعه الوحي في آذان المسلمين.

فلقد كفى اللَّه وليمة الزهراء.

فأمر النبي بطحن البر و خبزه.

و قام علي بأمر الرسول يذبح الغنم، و يفصلها المصطفى.. (فو اللَّه لم يُر على يده آثر دم»

[كما في البحار ج 43 ص 114.]

.. طبخ اللحم و حضر الخبز والتمر والسمن، فأقبل رسول الاسلام و حسر عن ذراعيه الشريفتين اللتين بدتا ككوكب دري أزهر.. و أخذ يشدح بهما في السمن.

[عن اسماء قالت: لقد اولم علي على فاطمة فما كان وليمة هي في ذلك الزمان أفضل من وليمته (كما عن جابر) قال: (حضرنا عرس علي و فاطمة فما رأيت عرساً كان أطيب منه حشونا البيت طيبا و اتينا بتمر وزيت فأكلنا). هذا ما قد رواه صاحب الذخائر ص 28- 33. و حاشية الجامع الصغير، ص 24.]

.. (ثم أمر النبي أن ينادى علي: «اجيبوا رسول اللَّه.. ان يحضروا وليمته»).

فأقبل علي الى المسجد و هو غاص بالمسلمين، و هناك أهل الصفا و هم المهاجرون الذين ما كانوا يملكون يومذاك شيئاً، و هناك أهل المدينة من الأنصار و غيرهم فما يصنع علي بهذا العدد الكثير مع الطعام القليل و نفسه الطاهرة الشريفة لا تسمح له أن يدعو قوماً و لا يدعو آخرين، فالكل يحبون ان يأكلوا من وليمة بنت رسولهم، والجميع يرغبون

إلى الحضور في تلك المأدبة المباركة، لكن ايمانه باللَّه تعالى دفع قلقه لانه مؤمن ببركات اللَّه و رسوله و هذا ما هون عليه.

.. عند ذلك استقل مرتفعاً و صاح بأعلى صوته، و نادى بنبراته التي ارتجت معها الأرض رجاً.

بلى اَذان لكنه (لا للصلاة)

[البحار ج 43 ص 114.]

فاخترق صوت علي بساتين المدينة و مزارعها.

فأجابوا من بين النخلات والزروع، و بسطوا النطوع في المسجد، و صدر الناس لا يحصى عددهم، يأكلون، و يشربون، و يحملون معهم من ذلك الطعام.

فهي المعجزة والله!!

ظهرت بركة الرسول الحليم، بل لم ينفد من ذلك الطعام، و كأنه لم ينقص.. و قيل: (انهم عادوا في اليوم الثاني واكلوا حتى اليوم الثالث).

[حاشية الجامع الصغير، بحارالانوار ج 43، الطبقات الكبرى ج 8 ص 12، الطبري في ذخائره ص 33، الدولابي، النسائي و ابن الاثير في (اسدالغابة ج 5 ص 521)، الصواعق ص 140.]

قميص العرس يهدى لسائل


واكتفي بهذا القدر من الحديث بشأن وليمة سيدة نساء العالمين.. و رويداً رويداً اتسلل إلى قلب سيدتي الزهراء.. لارى روحها الشفافة بماذا تفكر.

فبصباح هذا اليوم و من بعد صلاة الفجر كانت الريحانة البتول قد التزمت مهام عملها في البيت كعادتها.. تكنس الارض، و تسوي من أمور بيت أبيها الرسول.

كانت ملابسها مرقوعة، و قد ارتدت خماراً بالياً اميل ان يكون إلى الصفرة، و حيث ذرات الدخان الاسود المتناثرة من الموقد كحلت ما بين عينيها، و اللتان بدتا اشبه بان تكونا اشد لمعاناً من الماس بتلألئه في الظلام.

اذ كانت الزهراء تعيش في بيت ابيها يجللها الرضا و القناعة.

ففي ذلك اليوم طرقت الباب، فسمعت الزهراء صوتاً أجش تترواح نبراته ببحة سعال في صدره اذ يردد قائلاً:

- (انني مسكين، عريان) فرمت فاطمة ما في يديها.. و توجهت صوب حجرتها علها تجحد ما يكسو فقيرها أو يشبعه.

فتأملت اطراف زوايا الغرفة، و بدتا عيناها ترسلان نوراً من امل في أن تجد شيئاً ما، حتى ان وقع بصرها على قميصيها اللذان رُتبا بجنب احدى الرفوف، احدهما القديم، والآخر هو قميص عُرسها الجميل الذي اهداه علي لها بمناسبة زواجه منها.

فتناولت قميصها القديم و خرجت تعدو نحو الباب لتقدمه إلى الفقير.. فما ان اجتازت حجرتها صادفت امامها، الكتاب الصغير (القرآن) الذي تحفظه في محرابها.

فتوقفت هنيئة.

.. وابتلعت ريقها و احست برعشة تسري بين عروقها.

فاضطربت، فوقع القميص من بين يديها فكّرت إلى حجرتها و اصداء الآية التي تقول:

/ 27