زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) نسخه متنی

This is a Digital Library

With over 100,000 free electronic resource in Persian, Arabic and English

زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) - نسخه متنی

ام الحسنین البغدادی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ركوع الام لا يغير عقيدة


اجل سيدتي يا زهراء هكذا كان جل الاباء بهذه الوحشية البشعة.

.. و من مرفأ اخر، و محطة اخرى.. ترى الام راكعة فوق قدمي زوجها تقبلهما، بل هي جاثم ء امامه تعرض عليه ان تجعل اناملها شموعاً تضي ء ليله شرط أن يبقي لها ابنتها.

و امام كل هذا السيل العاطفي من الدمع و الحزن، ترى الوالد المحتار قد تحركت فيه نسمة عطف و هو يقول:

- سأبقيها لاجلك، غير انني سأقبع في داري لئلا يراني قومي فيسألونني البشرى، فاُطأطى ء رأسي ارضاً.

.. ثم يدفعها عنه بقدميه الفولاذيتين و هو يقول:

- و الآن دعيني و شأني اُغربي عن وجهي، فما أنا بعد الآن إلّا مخلوق تعس يحيا بذلة على وجه هذه الارض، لانني لا اقوى على ان ادفن طفلة. في حينها يتسرب الى مسمعي من انني جبان اخرق أعير سمعي لامرأة.

هكذا كان المجتمع سيدتي (ايدسها في التراب أم يصبر على ضيم)

[سورة النحل آية 58- 59.]

اجل مولاتي يا زهراء، يا ناصرة المظلومة ما كان لأحد ان يفخر ببنت؛ له لا بل لا يقدم لها هدية لمولدها، سوى سيف منقع بالسم ينهال عليها فيصرعها، و يملأ قماطها دماً عبيطاً ينحدر في حجرامها.

.. و ما كان للام إلّا ان تلطم خدها على هذا الحظ العاثر... و يا ليتها لو تستطيع ان تقتلع قلبها لتقدمه الى ابنتها علّه يرجعها لقيد الحياة فتهرب بها بعيداً عن كيد ابيها.

فلمَ هذا الظلم والتعسف و الاعتزاز بالثورة على الجمال؟ اَلأنها لا تحمل سيفاً تدافع فيه عن شرف قومها؟!!

ام لأنها تسبى دوماً بين يدي اعداء قبيلتها.

و أذن. فلقد جنت على نفسها برقتها و رهافة روحها.

عيون دامعة تنتظرك


يا زهراء، كل هذا الذي ذكرته، ما هو إلّا جزء ضئيل من مأساتهنّ... قد ارتفع؛ إذ بان اشراق شمس نورك الذي اسدل بركتُه على حياتهن القفراء الوجلة العقيم.

فلقد اقتضت حكمة الخالق سيدتي ان الا يلمس بدنك الشريف إلّا انامل من ترفعت عن دنس الدنيا و زينتها:

«كمريم العذراء» و «آسيا المؤمنة امرأة فرعون».

تلك التي نبذت التاج والعرش و ركوع الاشراف الى قدميها بعد فرعون، والتي عرّضت نفسها الى اشد وانكل انواع العذاب برمضاء مصر، مشدودة بين صخورها، تلسعها حرارة الشمس اللاهبة.. و تنهال عليها اقسى انواع العذاب من سوط فرعون اللئيم.

فبشرها اللَّه إذ ذاك بنوركم والقرب منكم.

فصارت ترى نفسها نائمة بنعيم جنة من جنات عدن.. فرفع اللَّه منزلتها و قربها اليه.

فهي اذن من اقرب الناس لشخص اُمك الرفيع، التي نبذت دنياها المتنعمة، فبشرها اللَّه بقرب مليك مقتدر، لصبرها و تحمل ما لاقته من قومها حينما هجروها... و الى هذه اللحظة هي متحملة مسؤولية عظيمة اُلقيت على عاتقها لانها

حقاً اهل لذلك.

فحمل نور بنت الرسالة المحمدية «فاطمة الزهراء البتول» لهو عين الجهاد الحقيقي.

لان هذا النور هو الذي سينجب اعظم السلالات البشرية، الا و هي سلالة الأئمة المهديين الهادين، اعلام الهدى، و اخرهم المنتظر الذي سيملأ الارض قسطاً و عدلاً كما مُلئت ظلماً و جوراً.

فالدنيا تغبط خديجة التي اكتنفت هذه المعصومة بين خلجات روحها... و هي تصب عليها الاطمئنان والحب و الايمان.

ضيوف الرحمن في بيت خديجة


... ترقبت السماء و ملائكتها و حورها (ظهور) ذلك النور، ليأذن لها ربها كي تتشرف بأعظم كرامة عرفها الملكوت ألا و هي:

التمسح بذلك النور، فترآى كوكب درّي بازغ في كبد السماء اذ رنت نحوه العيون، رأته محياً رائعاً خلف نقاب من السحاب، تكاد غُرّته النورية تسفر و تهب الدنيا ببشير نورها... ثم لا يكاد حتى يهبط الارض حاملاً معه بين طياته فرحة عظيمة لخديجة... و هي تنثر زنابق الجنان على رأس اُم الزهراء.

فتحت خديجة جفنيها المتعبتين و قد حوطتها هالة من الحزن.

ففزعت لما رأت تلك الانوار، و شمت تلك العطور و احست بقلبها يغوص في جوفها، والدماء تنجمد فيه.

فأغمضت عينيها لتّمكنها من تفهم ما رأته، انه حقيقة لا رؤيا.

لكن صوتاً مهيباً ناعماً حازماً يوقض سمعها، و هو يناديها:

(السلام عليك يا اُم المؤمنين).. ففتحت الام جفهينا كتفتح ازهار القداح... و اخذت تحدق بمن حولها، و طرفها تملئه قطرات من دموع... فما تلك الانوار إلّا

لتذكرها بأنوار الملكوت حين نزول الوحي، فاطمئن منها الحال.

فردت سلامهن، و قد خالجتها مشاعر و احاسيس، فلربما كنّ من نساء قريش الشريفات، لكنهن انظر و اجمل ما رأت في حياتها، فما لباسهن إلّا حرير تفوح منه عطور، ما شمتها من قبل و عيونهن اشبه بأن تكون لألى ء، يكاد بريقها يتسلق السحاب.

فقلن لها:- (لا تحزني اننا رُسل ربك جئنا نلي منك ما تلي النساء من النساء)

[اخرجه محب الدين الطبري في ذخائره ص 44 قال: فلما ارادت خديجة ان تضع بعثت الى نساء قريش لتأتينها فيلين منها ما تلي النساء من النساء ممن تلد، فلم يفعلن و قلن: (لا نأتيك و قد صرت زوجة محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم) فبينما هي كذلك إذ دخل عليها اربع نسوة عليهن من الجمال والنور ما لا يوصف فقالت لها احداهن: (انا اُمك حواء) و قالت الاُخرى (انا آسية بنت مزاحم) و قالت الاُخرى: (انا كلثم اُخت موسى) و قالت الاخرى (انا مريم بنت عمران ام عيسى) جئنا لنلي من امرك ما تلي النساء.]

.. فدرنّ الشريفات حول خديجة، و هنّ يغمرنها بأفصح واجمل الكلمات التي تطمئنها.

فأسترخت اعظائها.. ثم مدت ببصرها نحو السماء فرأتها في غاية الجمال و الفتنة.. و قد انتشر فيها حمام أبيض يرفرف، و يصدر هديلاً جميلاً.. و يحوم حول الحمام المئات من العصافير و البلابل، و هي تغرد بأعذب الالحان و اجملها.. فتغيب اصوات الغربان، و يحل محلها اناشيد بين هديل و تغريد، فتجعل من الاصيل صافي الزرقة، حاملاً معه عطراً يجود به على العالمين.

فالتفتت نحوهنّ و نظراتها تحمل حناناً فائقاً.

ان خديجة ترثي على اللائي لم ينلنّ التشرف بمولد ابنتها.

وها هي رحمة الخالق تسع قلب خديجة بهدية السماء لها

[وسيلة المآل ص 77 المكتبة الظاهرية- دمشق، ذخائر العقبى ص 44 مكتبة القدس بمصر، نزهة المجالس ج 2 ص 227، ينابيع المودة ص 198 ط اسلامبول.]

بزوغ نور البضعة


.. و اخيراً أحسست بتعب شديد ينتابها فأغمضت عينيها، و صارت لا ترى شيئاً، إلّا ونج نور ساطع ألق.. فأحست انها وسط شمس تملأ الفضاء الرحيب بنورها.

فكللتها هالة من الانوار غطت بدنها و اضاءت بيتها، ثم لم تلبث حتى انتشر في الجو عبق لم تعهده الطبيعة من قبل فاختلط بنقاب تلك الشمس الساطعة، حجب نورها الكون، الذي امتلئت اجوازه بفراشات رائعة، و هي تنثر من اجنحتها ورد المياسم و عطر الجنان.

.. عند ذلك سقط من بين حنايا الام جسم ناعم مضي ء ازهر نوره الدنيا.

فلم يبق في شرق الارض و غربها موضعاً إلّا اشرق فيه ضوءهُ.

.. فتنادت الكريمات نداءاً واحداً:

- ياللَّه ياللَّه لهذا النور.. قطعة دُرية انفلق نورها الازهر وسط هذه الدنيا المترقبة للهدى.

وافصحت سماء الملكوت عن فرحتها فنادت:

- يا بشرى

- يا بشرى لبنت المصطفى.

فالتفتن كريمات الجنة حول المولود الازهر، المتقد هيكله بأجمل نور.

اجل سيدتي، كنت ساجدة على الأرض

[ذكر الخبر صاحب نزهة المجالس. و اضاف الطبري: (فوقعت على الارض ساجدة رافعة أصبعها) كما و ذكره جمع من علماء الشيعة.، حينما ولدتك اُمك و انت تسبحين المولى تعالى.

فلقد اُنيرت دنيانا باشراق نوركم الابهر فسميت «بالزهراء».

بلى سيدتي، فلقد رفعنك الكريمات بأناملهنّ الرقيقة

[«حضور آسية و حواء و كلثوم و مريم عند ولادة فاطمة» و ذكر إنها كانت تحدثها و هي في بطنها (أي بطن خديجة).]و قد علت ملامحهنّ مسحة من نورك البهي الجميل... فبدينّ ابهى و اسعد مما كنّ عليه من نور الجنان.

فداعبنها بأبتساماتهنّ... يمسحنّ بأكفهن فوق بدن المولدة الطاهرة ليتبركنّ من نورها.

.. فهبط الى الارض من كان يرتقب شمسك.

انهنّ الحور العين أجل: فلقد هبطت افواجهن تحمل معها الفرح والبهجة و هنّ يحتضننّ ابريقاً ذهبياً مصاغاً بأعلى الفردوس، قد ملى ء بماء الكوثر، الذي اُهدي حوضه الى رسول اللَّه، فكان لك يوم ولدتِ، و سيورده شيعتك و محبيك يوم يردون الودره المورود.

... ثم نزل موكب من الملائكة و الحور العين يحملون طستاً هائلاً عظيماً يشع بأنواره البهية.

اجل مولاتي فلقد تناولتك الحور، و وضعتك وسط الطست الذي غطى نورك نوره و تألقه.

ثم صُب الماء على بنت العصمة والطهارة، إن ماءه ابيض كالثلج حينما يلمع تحت اشعة الاصيل.

.. انحدرت ذرات المياه من بدنك الازهر، و كأنه جبل شامخ انحدرت من شاخصاته ينابيع العيون...

اما نورك فهو اشبه شي ء بتلك القمة العالية، التي لا تصل لها الايدي و لا ترمقها العيون، و هي تقذف تلك الاشعة المتمثلة بشخصك على كل بقاع الارض.. و هو يتهالك يجلي بأشعتك القلوب المحزونة.

بلى: ملئ الطست المرصع بذرات النور الذهبية، فأنبثقت منه شمس جمالك ممتزجة برائحة بدنك الشريف.

.. فرفرفت الملائكة عالياً مبتهجة مسرورة، تنثر زهور البنفسج والقداح على

البيت النبوي.

عند ذلك هبطن حور عين اُخريات يحملن لباس المولودة، انه من الجنة من سندس و استبرق.

فتشعشعت انوار تغشى العيون، فانجلت عن ذلك (خرقتين بيضاويتين). بل إنهما اشد بياضاً من الدر و اطيب ريحاً من المسك و العنبر.

فجففتِ سيدتي بتلك الاقمشة، وقنعتِ.

ثم تلقفنك ايادي المباركات مستبشرات فرحات، بما كرمهنّ اللَّه به... وانطقنها باذن اللَّه، فنطقت حبيبة رسول رب العالمين:

(اشهد ان لا اله إلّا اللَّه و ان أبي رسول اللَّه، سيد الانبياء و ان بعلي سيد الأوصياء، و ولدي سادة الاسباط).

ثم سلمت عليهنّ باجمل و اكمل و افصح سلام، و سمتهنّ باسمائهنّ.. ففاضت قلوبهن فرحاً و بشراً بولادة الزكية الزهراء.

[«اللَّه يسلم على فاطمة» ميزان الاعتدال ج 2 ص 26 ط القاهرة.

«لما ولدت فاطمة سماها النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم المنصورة فنزل جبرائيل فقال اللَّه يقرؤك السلام و يقرء مولودك السلام» لسان الميزان للعسقلاني ج 3 ص 267.]

و ظهر في السماء نوراً لم ترهُ الملائكة من قبل.

أجل سيدتي استحال للشاعر الاديب البليغ ان يصف بيت شعري يرمز به الى جمالك، الذي هو اشبه شي ء بجمال نبي الاسلام، و هو يرتل كلمات القرآن.

.. و انى له أن يصف سيدة العرفان و الرفعة في هذا الوجود.

فهو لمنسجم و حروف الفرقان، التي رتلتها محبوبة خديجة و محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم.

.. ثم دفعنها الى حجر العفة، بعد أن وضعنها في مهدٍ من النور، واقبلنّ يتضاحكن قائلات:

- (خذيها انها طاهرة مطهرة زكية بورك فيها و في نسلها).

.. وها هي خديجة تملؤها سعادة كبرى، و هي تلقم ريحانتها لبنها الطاهر،

فيدر في فم الجمال.

فقد تغير كل شي ء اليوم.

.. و ها هو عطر الزهور يجتاح الوجود، أرضاً و سماءاً.

وها هي الكواكب تدور حول فلك تلك الشمس المضيئة.. فغردت البلابل.

و جرى الماء الرقراق نحو بيادره الضمأى، فألتمعت السواقي التماعاً و كأنها لجين ناصع.

.. ثم تعالت شجرة الحور كعروس جميلة يلاعب النسيم اثوابها.

.. و هزت شجرة الصفصاف اغصانها القوية ابتهاجاً لترافق ذلك العبق الفواح، الذي يتصاعد من بين حنايا الزهراء، لتبعث به نحو السواحل حيث الامواج تحمله معها، الى البحار و المحيطات لتبشر بمولد الخير و الرحمة مولد فاطمة عبق الرسالة.

.. فتصغي لذلك النداء و لتلك البشرى الحيتان و الاسماك، التي راحت تطفو على الماء فرحة بشوشة.

و من هناك و من بعيد تشمر الغزلان و الريم الجميلة عن ساقيها الرشيقتين نحو الرياض و السفوح المكتظة بالحسار الخضراء اليانعة.. انها اليوم لا تخاف الوحوش.

.. و وئيداً وئيداً ترسل زهرة الاقاح البيضاء عبقها المتهاوي من على المروج و الوديان، و شاركتها وردة الآس

[يقال: (ان رائحة الآس رائحة الملائكة و الحور العين.]ليبعثا بعطريهما لبنت سيد الورى، تبريكاً لها بمولودها الخير.

.. فصار الطقس جميلاً رقيقاً.. و شمس الربيع ساطعة، والمطر رذاذ ينعش القلوب.

ان التاريخ لن ينسى هذا اليوم، و تلكم الساعات انه عاهد ان لا يسجلها، إلّا

بأحرف من نور مصقولة بالذهب.

المهد، والمستقبل


.. وها هو كوكب الشمس يتناهض مطلعه، و هو يرسل بأشعته الياقوتية الحمراء الى كل الكائنات، فتنير ظلامها.. و تجلو صفحتها، فتترقرق على السنابل الباسقة، و الزنابق الملونة، فتثير من حولها عبقاً ذكياً، يتهدر على الوجود.

ذلك العبق الذي اشتاقت اليه أنسم الفضاء، لتبرقع به المهد المنور، الذي رُتلت بجنبه آيات الكتاب.

و يا ليتني سيدتي ان اشرح عن تلك العيون التي كانت بقربك، و هي تقلبك بين ناظريها، فتتأمل عينيك، و هما ترسلان فيضاً من نور دافى ء، و هي غارقة حالمة ببحر من الصفاء والسكون، اذ انها ترى بقربها الارواح التي احبت، اللَّه فأحبهم ثم ترسل بمعصميها الصغيرين نحو الأب الذي غمرته الفرحة والسرور، فتراقبه عن كثب، و هي تنظر الى عذوبة ابتسامته التي يرسلها اليها.

في حين ترى بجنبه ذلك القلب النابض بالحب و الايثار، اوّل قلب خفقت دقاته في سبيل الدين، ففداه بماله و نفسه.

القلب الذي هجر الدنيا، و وسد خديه بتراب الاسلام.

فقلب خديجة هو ما يزال ينبض بكامل قواه، كي يمد الرسالة بالحب والخير و هو دوماً يجاهد من أجل اللَّه و رسوله الكريم.

.. ثم تتطلع عيناً الزهراء مرة اُخرى، فتلمس روحاً لم تنل منها الايام العسيرة،إلّا لتزيدها قوة و اباء.

تلك الروح التي يبدو صاحبها شيخاً هرماً، لكنه في الحقيقة روح طلقة اعظم شأنها هو ان تحمي الرسالة، و تبني لها سوراً فولاذيا، لا تهزه الريح و لا الاعاصير.

تلك هي روح أبوطالب، الذي حوط الرسول بقلبه ليحميه من شر الأعداء.. والذي وقف بصف خديجة، ليعلن للنبي بأن الكفار سوف لا ينالون منه بقيد انملة، ما دام هو و خديجة يترعان بجنبه فيصدان الشر عنه.

مثلما لم تبخل خديجة بثروتها، لم يبخل هو بروحه، أو بروح ولده علي الذي كان كالظل لمحمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم.

فغفت اجفان فاطمة، و هي ما تزال تغبطها تلك الطمأنينة، التي لازمت قلبها حين خروجها لنور الحياة.

فأبوها الرسول هو دوماً في اَمان ما دام هؤلاء بقربه، فلا بشوبك سيدتي ريب و لا آلم و أنت تعيشين في حضن الايثار، الحضن الدافى ء الذي أوسعه الزمان بحزنه و آلامه، فكبدته حزماً من نور و نقاء كان زاده من التقوى.

ذلك هو حضن الام الرؤوم.

فخديجة و أبوطالب يحومان حول محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم كمثل حومان أُم حول طفل وديع.

فيالسعادة العظيمة سيدتي التي جعلتك تنامين مخلفة ورائك عيوناً و ارواحاً تود لو طال عليها الوقت لتتمعن بزهوك فتطبع على جبينك و خديك قبلات الميلاد، و تسم عليك بكلمات الرحمن.

.. فأودعوك مهدك، و غطوك بزهور و زنابق الربيع فاغرين افواهم يمتعون انظارهم بسحر جمالك، و ما صنعته ايدي الجبار في نحت صورتك، داعين لك بكل خير جنب ابوين طاهرين مثالاً للعالمين (خديجة و محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم).

/ 27