زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) - نسخه متنی

ام الحسنین البغدادی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و قد ألف المنصفون منهم كتباً علمية عديدة و نشروا بحوثاً مستفيضة المتازت بآرائها الصريحة، و معلوماتها الدقيقة التي اشادوا فيها بحضاره العرب الزاهرة، و ما اسداه الاسلام من خدمات جليلة للعالم. و بحثوا في الحيوية الكامنة في عناصر الحضارة العربية والاسلامية، و ذكروا مزاياها المختلفة، و درجة الابتكار و الابداع التي وصلت اليها في كل ناحية من نواحي الحياة أمثال المستشرق الدكتور گوستاف لوبون الفرنسي Gustave Le Bon في كتابه «حضارة العرب»، والمستشرقة الالمانية الدكتورة زيگريد هونكه Zigrid Hunke في كتابها «شمس العرب تسطع على الغرب»، و المستشرق الالماني الدكتور فون گرونباوم Grunebaum في كتابه «الواحدة والتنوع في الحضارة الاسلامية» الذي كتب فصوله عدد من العلماء. والمستشرق الانكليزي هاملتون جب Hamilton Gibb في كتابه «دراسات في حضارة الاسلام». والمستشرق الهولندي دوزي Dozy في كتابه «تاريخ المسلمين في اسبانية» واميل درمنكهام Emile Dermenghem في كتابه «حياة محمد»...

[اصالة الحضارة العربية ص 21.]

.. هؤلاء العلماء والمفكرون الغربيون يؤكدون:

بإن المسلمين سبقوا أقرانهم في عصرهم في كثير من العلوم و بذلك حيروا العالم و أدهشوهُ، و ان الاثار العلمية والادبية للمسلمين أنهم كانوا لعدة قرون اساتذة اوروبا، و بواسطتهم فقط شاعت العلوم والفنون في اوروبا، و حينما دخل المسلمون اوروبا لم يكن العالم الاوروبي اكتشف مكروب الوباء (الكواليرا) و كان الناس في اسبانيا يقولون إن الوباء بلاء سماوي لتنبيه الناس. واثبت الاطباء المسلمون ان وباء الطاعون ليس إلّا مرضاً معدياً.

.. و ترجم النصارى كتب (ابن سينا) و (ابن رشد) في ايطاليا الى الايطالية، و كانت هذه الكتب تدرس في جامعات ايطاليا و فرنسا و مختلف كليات الطب.

و لا مراء أن محمد بن موسى الخوارزمي يعد واضع علم الجبر و قد ترجم كتابه في الجبر الى لغات عدة يقول المؤرخ «جوتيه» عن الشريف الإدريسي: (ان الشريف الادريسي الجغرافي كان استاذ الجغرافيا و هو الذي علم اوروبا هذا العلم و بقي معلماً لها ثلاثة قرون، و لم يكن لاوروبا مصور للعالم إلّا ما رسمه الادريسي، و كتب الدكتور «ميرهوف» بشأن كتاب «القانون» لابن سينا يقول: «انه إحدى الاعمال العجيبة الطبية في العالم الإسلامي»، و قد طبع هذا الكتاب و نشر في اوروبا في اواخر القرن الخامس عشر ستة عشر مرة إحداهما بالعبرية و خمسة عشر مرة باللاتينية و طبع في القرن السادس عشر اكثر من عشرين مرة.

[وضع ابن سينا نظريات في تكوين الصخور والجبال اتخذت أساساً لعلم طبقات الارض في الوقت الحاضر. كما أنهم اخترعوا بندول الساعة و الآلات الدقيقة واستعملوا «البوصلة» و وضعوا قوانين الصوت والضوء و نظريات في كلا الموضوعين ما زالت تدرس حتى الآن، و يقال إن الغربيين اندهشوا عندما شاهدوا ساعة أُهديت الى «شارلمان» ملك فرنسا و قالوا فيها جنياً يحركها. و قد ألف ابن الهيثم «47» كتاباً في الرياضيات والطبيعيات و «58» كتاباً في الهندسة، و كتباً اخرى في مواضيع شتى و هي مما مهد الطريق للمكتشفات الحديثة في الغرب.]

قال الكاتب الشهير الأمريكي «ويل ديورانت» في كتابه قصة الحضارة

أن التقدم العلمي في العمليات الجراحية بدأ من العلماء الإسلاميين، و كانت المدارس الطبية في أوروبا إلى العهود الأخيرة تدور على رحى تصانيفهم، و حتى إن عقار البنج (الإغماء الطبي) الذي يعد من المكتشفات الحديثة، لم يكن يخفى

على الجراحين المسلمين فإنهم كانوا يفعلون ذلك بالمرضى بما كانوا يسمونه ببذر البنج..

و أضاف أيضاً بقوله: و قد اكتشف الرازي أساليب علاج طيبة جديدة من قبيل استعمال الماء البارد في الحمى الدائمة، واستعمال المنفخة في السكتة، و استعمال الخيوط المصنوعة من أمعاء الحيوانات في خياطه الجروح.. و ذكر من قبيل هذا كثيراً.

يقول العلامة «دوسن» إن أجمل بناء من أبنية جامعة «برنستون» الأمريكية يحمل اسم طبيب مسلم هو محمد بن زكريا الرازي، و إنه أول من أسس الطب التجريبي، و ذلك بإجراء تجاربه الطبية العلاجية على الحيوان قبل تجربتها على الإنسان.

كتب الدكتور «ميرهوف» بشأن تقدم المسلمين في الطب يقول: «في الحروب الصليبية كان الأطباء (المسلمون) يضحكون من الأطباء الأوربيين لأنهم كانوا يرون معلوماتهم بدائية حقيرة جداً!.

قال العلامة (سديو) أحد وزراء فرنسا في كتابه (تاريخ العرب):

«كان المسلمون في القرون الوسطى منفردين في العلم والفلسفة والفنون، و قد نشروها أينما حلت أقدامهم، و تسربت عنهم إلى أوربا.. فكانوا هم سببا لنهضتها و ارتقائها.

[مقومات الحضارة ص 211.]

.. و لم يكتف المسلمون بأن يكونوا معلمين للاوربيين و ملقنين لهم النهوض و المدنية.. و لكنهم أسسوا في بلادهم جامعات واقاموا مراصد، باعتبار انها كانت تحت سلطانهم، فبقيت لاهلها بعد جلائهم، واثمرت ثمراتها اليانعة لهم.

.. قال العلامة (درابر) المدرس بجامعة نيويورك في كتابه (المنازعة بين العلم والدين):

[و ذكر ذلك الدكتور و جدي في كتابه الاسلام دين الهداية والاصلاح ص 81.]

«سلك علم العرب إلى أوربا المسلك نفسه الذي سلكته أدبياتهم إليها.. و ذلك أنه انهمر عليها من طريقين: جنوب فرنسا من جهة الأندلس، و طريق جزيرة «صقلية». و مما ساعد على انتشاره في أوربا اعتزال البابوات في مدينة «افينيون»، والتفرق العظيم الذي كانت تعانيه المسيحية اذ ذاك.. لهذا تمكن علم العرب من ترسيخ قدميه في جنوب ايطاليا».

ثم قال: «و برسوخ قدمي العلم في جنوب ايطاليا، امتد رواق سلطانه على جميع البلاد الإيطالية. و ساعد على انتشاره و تكثير أنصاره هنالك زيادة عدد الجمعيات العلمية. و كان ذلك على مثال ما وجد في غرناطة و قرطبة تحت سلطان العرب»

و لم تزل مكتشفات المسلمون تدخل الى اوربا حتى القرن الثامن عشر و تصادف مقاومة عنيفة قال العلامة «درابر» في كتابه الآنف الذكر «ان عمل التطعيم (في النباتات) الذي اكتشفه المسلمون، حمل إلى أوربا سنة 1721 من طريق استانبول.. فصادف في انجلترا مقاومة عنيفة من رجال الدين لولا تدخل الأسرة المالكة

و قال أيضا في كتابه عند ذكر المدارس الطبية عند العرب:

«و أول مدرسة انشئت للطب في أوربا (أوربا من أقصاها إلى أقصاها) هي المدرسة التي أسسها العرب في بالرم من ايطاليا، و أول مرصد أقيم فيها هو ما أقامه المسلمون في أشبلية بأسبانيا. ولو أردنا أن نستقصي كل نتائج هذه الحركة العظمى لخرجنا عن حدود هذا الكتاب، فانهم قد رقوا العلوم القديمة و نهضوا بها

و أوجدوا علوماً أخرى لم تكن موجودة من قبلهم»

[فهل تعلم مثلاً ان اعظم جسر أسس على نهر التيمس واسمه جسر هيشم (Heyeham)- و لا ندري اذا كان هذا الجسر العظيم لم يزل يحتفظ باسمه هذا الى اليوم- نقول هل تعلم ان الذين بنوا هذا الجسر هم ابرع مهندسي العرب و انه سمي بهذا الاسم من قبل ملك الانكليز تعظيماً و تكريماً للخليفة الأندلسي هشام الثاني، اعترافاً منه بما اسبغ المهندسون العرب على اهل لندن من نعمة التجميل لمدينتهم و تقريب الأبعاد بين اطرافها المترامية؟

و هل تعلم ان قباب معظم الكنائس الشهيرة في بافاريا هي من صنع العرب، و انه يوجد الى اليوم سبيل ماء في بلدة (ستوتغارد) الألمانية اسمه حوض احمد (Amedeo) و هو من صنع مهندس مائي عربي اسمه (احمد) ما برحت النقوش والخطوط العربية النفيسة بارزة في هيكله الخلاب و كل ناحية من نواحيه؟

و هل تعلم ان الاسطول البحري الهولاندي العظيم الذي قهر العمارة الانكليزية على الشواطي ء الاسبانية في معركة (ليزبونه) عام 1512 اي بعد رحيل العرب عن تلك الديار هو من صنع العرب و ان قائد هذا الاسطول كان يدعى (اميرال البحر طارق) (و من هنا اتخذت اوربا لقب Amiral اي امير البحر نعتاً و مرتبة لقواد اساطيلها).

و هل تعلم ان صناعة القمصان في اوربا هي خلعة عربية يوم كان الفرنج لا يعرفون ما هو (القميص) و لم يروا له وجهاً و لذلك سمي باسمه العربي (ehemise) اي (القميص) كما ان النسيج النسائي المزركش المعرّق و المخرّم و ما الى هذا كله من مفاتن صناعة النسج الطريف هي كلها من صنع العرب؟.]

.. يقول الفيلسوف الفرنسي (ارنست رنان) في كتابه (تعليقاتي على تواريخ الاديان)

[بين الديانات والحضارات ص 73.]

.. و مع العلم بان رنان لم يكن يعترف بصحة دين من الاديان يقول في الصفحة 271 و 272 من كتابه الآنف الذكر: (ان القرآن هو اساس الاسلام. و قد احتفظ بكينونته القديمة بدون ان يعتريه أقل تبديل او تحريف. و عندما نستمع الى آياته و ما فيها من فصاحة و سحر تأخذك رجفة الوله والوجد. و بعد ان تتوغل في دراسة روح التشريع المنطوية عليه بعض تلك الآيات الالهية لا يسعك إلّا ان

تعظم هذا الكتاب العلوي و تقدسه

[كان (ارنست رنان) من المع المفكرين الذين انجبتهم القرون المتأخرة واعرقهم ظرفاً وكياسة و علماً، و هو من تلاميذ الحكيم (استراؤوس). ضليع بمعظم اللغات الشرقية و خاصة العبرانية والعربية. واشهر مؤلفاته الكثيرة (حياة يسوع) المعروف و هو ينهج فيه على طريقة بعض الفلاسفة ك (بلؤر) الذي اركز فلسفته على الانتاج العقلي. و كان في اول نشأته راهباً ثم خلع ثوب الرهبنة على اثر حملاته على المسيحية وراح يتعمق في دراسة الاديان فمربنا عن كتابه «تعليقاتي على تواريخ الاديان» الكلمات التي اتينا على ذكرها في مقدمة هذا الكتاب، و الحق انه لمن الغريب جداً ان يتكلم (رنان) عن الاسلام بمثل هذه العاطفة المشبعة بروح النبل والانصاف، بينما نراه قد اوسع دينه نقداً و تعريضاً و تزييفاً كما يعلم ذلك كل من طالع آثاره العديدة. و كلنا يعلم بأن الكرسي البابوي قد كفر هذا الفيلسوف و حرمه من الانتماء الى المسيحية و ليس من الصعب ان تعرف بأن سبب هذا كله حملاته القوية على قضية التثليث و تنكره لها.]و قد دلتني تحرياتي العلمية و التاريخية على انه لا صحة مطلقاً لما أريد إلصاقه بالنبي محمد من كذب و افتراء مصدرها بعض المباينات العرفية والعادات القومية التي اراد بعض المتحاملين ك (فولتر) ان يتوجهوا بها الى الناحية التي تشفي سقام ذهنيتهم الوقحة و تعصبهم الذميم، كقولهم انه كان يميل الى التسيد والسيطرة. مع ان محمداً كما أثبتت الوثائق التاريخية و شهادات أكابر علماء التاريخ كان على العلكس من ذلك بريئاً من روح الكبرياء متواضعاً صادقاً اميناً لا يحمل الحقد لأحد. و كانت طباعه نبيلة و قبله طاهراً رقيق الشعور).

تأمل فقد جاءت شهادته هذه عن الاسلام و نبي الاسلام ذات قيمة كبرى في نظر القسم الأوفر من المستشرقين الذين كانوا لا يقلون عنه دراسة و تمحيصاً للدين الاسلامي يقول رنان في كتابه المنوه به ص 285:

(إن بعض الأديان قد أسستها أيدي النساء.. و لكن الاسلام الذي قام على سواعد رجال اولي عزم ك (محمد) يعرف فيه كل منصف انه قدسي الأهداف، بل

هو دين الحزم والجد، دين البساطة والمساواة والحرية والعدالة.)

الى أن قال: (لم ينصف المؤرخون الغريبون الاسلام باتهامهم إياه بقساوة الجهاد والفتوحات. مع ان هذا الجهاد كان ضرورياً لنشر العدالة التي تزدان بها التعاليم الاسلامية المشرفة. و نضرب مثلاً على ذلك بإيراد السؤال التالي لعلمائنا المؤرخين ك (الكونت كرادوف) الذي اتهم الاسلام بالتعصب وحب الجهاد و حجب المرأة)

.. و قال ايضاً في كتابه المذكور آنفاً رداً على فلسفة (قانت):

(ليس في الاسلام اساطير و خرافات. فالمجهود العلمي والمنطقي بارزان في معظم التقاليد الاسلامية. فاذا درست مذاهب الاسلام: لا تجد غير دساتير اخلاقية متينةٍ و شواعر روحية سامية، و قواعد تعبدية منسجمة ترمي بالنتيجة إلى تحرير الحق من كل باطل. و ما البر و تستانتيه التي نشر الاصلاحيون (لوثر و انصاره)المجددون لواءها في اواخر القرون الوسطى باوروبا إلّا صورة لتقليد البساطة الاسلامية سواء في طقوس العبادة او في استئصال عادات الزخرفة المقتبسة من أساطير الاغريق...)

.. و عندما ينتهي رنان من نضاله الشريف و فلسفته البريئة عن الاسلام يختم مطالعاته بالجملة اللامعة التالية:

(لا يحق لأوربا ان تلجأ الى طبع الاديان الغير المسيحية بطابع حضارتها و ان توسعها طعناً و تزييفاً. إن محمداً العظيم أتى بديانة انبثقت عنها مدنية عالية لا يصح بجانبا اتهام أتباعها المتأخرين بالجمود، ففترات الازدهار والانحطاط مرّت على رأس جميع الامم بما فيها اوربا المتعجرفة. و ما يدرينا بأن يعود العقل الاسلامي الولود والكثير المواهب الى إبداع مدنية أرقى من زميلتها المندثرة؟ بل و ما يدرينا ما عساه ان يصبح بعد قليل مصير المدنية الاوربية الحالية التي هي

وليدة التمدن الاسلامي القديم؟) انتهى كلامه.

[كتب الامام الشيخ محمد عبده الشهير مقالاً في مجلة (العروة الوثقى) علق فيه على كلمات (أرنست رنان) التي عربناها في اعلا هذا التعليق تاللَّه لو انبريت انا بنفسي للدفاع عن الاسلام و نبيه لما استطعت ان اجيده كما اجاده هذا العبقري الفرنسي. يزاد على ذلك ان مما يعطي هذا التعليق والدفاع، رونقاً لامعاً براقاً حشوهما الانصاف و شعارهما الوجدان الطاهر كونهما يصدران عن لسان اجنبي غريب عن الاسلام و يتنكر في نفس الوقت لدينه نفسه!!.]

أوروبا والمستنقعات


و هنا قد يستغرب بعض القراء هذا الأمر و يقولون: اذا كان العرب أول من اسسوا المدارس الطبية، و اقاموا المراصد في اوربا اذاً اين كان أهل اوربا، و كيف كانوا بهذا التخلف و نحن نراهم اليوم بهذا التطور والرفاهية..

نقول: نعم اننا نحدثك عن كتابهم و مفكريهم و منهم العلامة (درابر) المدارس بجامعه نيويورك في كتابه (المنازعة بين العلم والدين) يقول:

«ان أوربا في ذلك العهد كانت غاصة بالغابات الكثيفة من اهمال الناس للزراعة و كانت المستنقعات قد كثرت حول المدن.. فكانت تنشر منها روائح قتالة اجتاحت الناس و أكلتهم، و لا مغيث لهم. و كانت البيوت في باريز، و لو ندرة، تبنى بالخشب والطين المعجون بالقش والقصب، و لم يكن فيها نوافذ و لا أرضيات خشبية. أما الأبسطة فكانت مجهولة لديهم، و كان يقوم مقامها القش ينشرونه على الأرض. و لم يكونوا يعرفون المداخن، فكان الدخان يطوف البيت ثم يتسرب من ثقب صنعوه له في السقف.. فكان الناس في هذه البيوت معرضين لكل أنواع الأمراض والاصابات الخطيرة. و كان الناس لا يعرفون معنى

النظافة فيلقون باحشاء الحيوانات، و أقذار المطابخ، أمام بيوتهم أكواما تتصاعد منها روائح قاتلة و لا رقيب و لا حسيب. و كانت الأسرة تنام في حجرة واحدة من رجال و نساء و أطفال، و كثيراً ما كانوا يؤوون معهم الحيوانات المنزلية.

«و كان السرير عندهم عبارة عن كيس من القش، فوقه كيس من الصوف كمخذة. و كانت النظافة معدومة لديهم لا يعرفون لها رسما».

«و كان الغنى منهم لا يأكل اللحم إلّا كل أسبوع مرة، و لم يكن الشوارع مجار و لا بلاط و لا مصابيح».

«و هذه الجهالة كانت من أثرها على أوربا أن عمتها الخرافات والأوهام، فانحصر التداوى في زيارة الأماكن المقدسة، و مات الطب و كثرت أحاييل الدجالين و قد كان إذادهم البلاد و باء فزع رجال الدين إلى الصلاة و لم يلتفتوا لامر النظافة.

فكانت تفتك بهم الأوبئة فتكا ذريعا، حتى أنها انتشرت في أوربا عدة مرات، فاجتاحت الملايين من أهلها في أيام معدودة. و قد كان الموت في أوربا في هذه العصور بنسبة واحد إلى ثلاثة و عشرين، فصار اليوم واحد إلى أربعين».

.. و لكي يدرك القارى ء الفرق بين هذه الحياة الاجتماعية و بين حياة العرب والمسلمين في بلادهم، نأتيك بطرف مما ذكره العلامة (درابر) نفسه في كتابه المذكور آنفاً قال:

لم تكن اوربا العصرية بأعلى ذوقاً و لا أرق مدينة و لا ألطف رونقاً، من عواصم الاندلس على عهد العرب. فقد كانت شوارعهم مضاءة بالانوار، و مبلطة أجمل تبليط، والبيوت مفروشة بالبسط، و كانت تدفأ شتاءا بالمواقد، و تهوى صيفاً بالمنسمات المعطرة عن طريق إمرار الهواء تحت الارض من خلال اوعية مملوءة زهراً.

تتميز مآدبهم بالقناعة فكانت الخمر محرمة عليهم، و كانت غاية لذاتهم البدنية تنحصر في تمشيهم حول اشجار البرتقال يسمعون قصة مسلية، أو يتجادلون في موضوع فلسفي متعزين عن مصائب الدنيا و آلامها بقولهم: انها لو كانت بلا آلام و متاعب لنسوا حياتهم الاخرة.

و كانوا يوفقون بين جهادهم فى هذه الحياة و بين آمالهم في النعيم المقيم في الاخرة)

[هكذا يعترف «درابر» المدرس بجامعة نيويورك الامريكية (و من فمك أُدينك).. و نصارى الاندلس انفسهم اى (الاسبانيون) يملأون اجواء اوربا بالمديح والاعجاب باعمال المسلمين و شرائعهم و معاهدهم و حضاراتهم و انظمتهم والعمران الذي ادخلوه على البلاد الاسبانية و بما يقوم به المسلمين من اعمال جليلية و مآثر خالدة ادت الى تحويل البلاد الاسبانية الى جنات قطوفها دانية، و شرائع وانظمة ملأت الاقطار عدالة وامناً و هذا ما جعل الافئدة والاسماع والابصار في ديار الافرنج تتجه الى الاندلس.]

و لذلك تقول المستشرقة الالمانية الدكتورة (زيكريد هونكه) في كتابها (شمس العرب تسطع على الغرب)

[شمس العرب تسطع على الغرب: زيغريد هونكه، ترجمة فاروق بيضون و كمال دسوقى ص 393.]تحت عنوان: (شعب يذهب الى المدرسة).

تقول: «لو اردنا دليلاً آخر على مدى الهوّة العميقة التي كانت تفصل الشرق عن الغرب، لكفانا أن نعرف انّ نسبة 95% على الأقل من سكان الغرب في القرون: التاسع والعاشر والحادي عشر والثاني عشر، كانوا لا يستطيعون القراءة والكتابة. و بينما كان شارل الأكبر يجهد نفسه في شيخوخته لتعلّم القراءة، و في الأديرة يندر بين الكهنة من يستطيع مسك القلم، لدرجة انه عام 1291 م لم يكن في دير القديس جالينوس Si.Gallen من الكهنة والرهبان من يستطيع حلّ الخط،

/ 27