زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) - نسخه متنی

ام الحسنین البغدادی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


جيشه بتدمير مجتمعها و حضارتها

[الولايات المتحدة طليعة الانحطاط ص 41.]

و هكذا، و بفعل القتل المباشر، والوسائل الكيميائيه والجرثومية البدائية، تقلّص عدد الهنود الحمر بشكل مريع و مذهل، فكان عددهم الأساسي، في مطلع القرن السادس عشر، عند اكتشاف قارتهم، زهاء خمس عشر مليوناً. فإذا به اليوم، في نهاية القرن العشرين، و في الولايات المتحدة الأمريكية، يتدنّى إلى ما لا يتعدى المليون الواحد. بينما كان من المفترض طبيعياً، خلال الخمسمائة سنة المنصرمة، أن يتضاعف عددهم أضعاف أضعاف ما كان عليه سابقاً

[جرائم الحروب الكيميائية ص 21 و 26.]

و هكذا، تارة بالحرب وطوراً بالمخادعة، قضى الغزاة الأوروبيون، مدّعو اعتناق المسيحية، على ملايين المساكين. والهدف احتلال الأرض، والاستئثار بالخيرات، دونما حساب لِقِيَم و مُثُل و مبادئ.

يقول الكاتب الفرنسي روجيه غارودي:.. اما في أمريكا «قبائل الانكا مثلاً»، والذين فقدوا 80% من عددهم بسبب التصفية العرقية، ثم هُمِّشَ من بقي منهم، وزُجَّ في مخيمات

[الولايات المتحدة طليعة الانحطاط ص 41.]

جاء في كتاب ماذا يريد العم السام للباحث الامريكي (نعوم تشومسكي):

اختلفت تقديرات المؤرخين عن عدد الهنود الحمر عند قدوم «كولومبس» لأمريكا، و تراوحت بين عشرة، إلى عشرين مليونا، و عددهم اليوم أقل من 3 ملايين. كيف حدث هذا؟ يرجع الفضل في ذلك لعمليات الإبادة المنظمة، ثم

الأحوال المعيشية بالغة السوء في كل المجالات

[ماذا يريد العم سام ص 93 و 94.

كان النمط المتكرر في تطور علاقة المستوطنين بالهنود الحمر كالتالي:

1- إبداء حسن النية للعيش بسلام و حفظ حقوق الهنود، و لا مانع ألبتة من إجراء بعض المعاهدات و الاتفاقيات.

2- بعد استقرار المستوطنين و استتباب أحوالهم، يتم إقناع الهنود- بالترغيب والترهيب- بأن الأفضل لهم أن يتجهوا غرباً، فالأراضي واسعة هناك، بينما ضاقت هنا.

3- يتحرك الهنود للغرب بعد قليل من الهدايا والمكافآت و كثير من التهديدات. فإذا لم يرضخوا لذلك. فلا مفر من افتعال المشكلات والمعارك، حتى يتحركوا أو يبادوا.

4- تكررت الدورة حتى وصل المستوطنون للساحل الغربى.

اقرأ في مختارات في الفكر الأمريكي- دارالفارس صفحة 225، 228 التماس «واكر»: إننا الملونين الفئة الأكثر انحطاطا بين من عاش من الناس منذ بدء الخليفة، والأشد تعاسة و مذلة. إن وعاظ أمريكا يغضون النظر عنا و يرسلون البعثات التبشيرية! إن هلاككم آت لا محالة ما لم تتوبوا و ترجعوا عن غيكم. كان هذا الالتماس عام 1829.

هكذا كانت السياسة الامريكية الثابتة، منذ ذاك الحين، انطلاقاً من «الخطيئة الأولى» بحق الهنود.]

جلود بشرية تباع في المزاد


... واود ان انقل لك اخي القارى ء صورة ناطقة عن ابشع ممارسات بحق الهنود الحمر، و التي يقشر منها البدن حينما يسمع، فكيف لو يرى امامه في سوق المزاد جلداً مسلوخاً غطته خُصلات شعر سوداء جميلة قد اعتنى فيها جلادها، و هو يلاعبها بين يديه التي ارتكبت سلخ فروة الرأس من على الرأس الذي يحمل صورة امرأة هندية وسيمة الطلعة و قد خرقها الالم و اغمي عليها حينما اقتنصها الصياد الامريكي، و اخذ يجثت و يمزق جلدة رأسها ثم يوقعها صريعة و نزيف الدم يغطي بدنها.

.. و هذا المنظر تراه حياً و انت تقرأ حول هذه الواقعة في كتاب (الجريمة على

الطريقة الامريكية للكاتبين الغربيين فران براوننغ و جون جيراسي).

.. و كانت تجارة جلدة الرأس و هي المشروع الاكثر مدعاة للاشمئزاز. ففي مدينة دنفر كانت جلدة رأس الهندي تساوى عشرة دولارات في عام 1870. و في مدينة سنترال سيتي وصل هذا المبلغ الى خمسة و عشرين دولاراً، بينما في مدينة ديدوود في داكوتا الجنوبية، وصل الثمن الى مئتي دولار. و كان القتلة فخورين جداً بهذه الغنائم الدامية.

و فجأة و في فجر يوم من أيام شهر تشرين الثاني 1864، و بينما كان مخيم قبيلة سندكريك لا يزال يغط في النوم، هاجم متطوعو ولاية كولورادو بأمرة الكولونيل جون سيفينغتون، هاجموا المخيم دون سابق إنذار وقتلوا أربعمئة و خمسين رجلاً و امرأة و طفلاً. و قام رجال شفينغتون باغتصاب الفتيات قبل سلخ جلدة رؤوسهن. و قطعوا خصي الشجعان، و عند عودتهم الى مدينة دنفر عرضوا هذه الغنائم كلها.

و في يوم «عيد الشكر» من عام 1868 قام الجنرال جورج كوستر الذي كان يغار علنا من شيفينغتون مسبب مذبحة ساند كريك، قام بحشد جنوده على ضفاف نهر واشيتا في ولاية اوكلاهوما، وانتظر الى أن هجعت القرية الهندية المقامة بالقرب من أحد منعطفات النهر، ثم أطلق إشارة الهجوم. فقتل كل من كان في القرية- مئة و ثلاثة رجال و عدد مجهول من النساء و الاطفال، رأى كوستر أنه غير جدير بأن يحصى. و في كمب غرانت في الاريزونام عام 1871 هاجمت مفرزة آتية من مدينة توكسون ثلاثمئة امرأة و طفلاً و شيخاً، كانوا يعملون في الحقول تحت حراسة مشددة من جيش الولايات المتحدة، و قتلت 118 امرأة و 8 رجال و أخذت ثلاثين طفلاً لتبيعهم كأرقا في المكسيك.

و هنا يغضب الرئيس غرانت غضباً شديداً فطالب بمحاكمة القتلة و كان له ما اراد. غير ان القاضي قال للمحلفين المؤلفين من البيض فقط ان قتل (الهنود ليس بجريمة واطلق سراح المتهمين).

مأساة الزنوج في أمريكا و من لسان المعذبين السود


قلنا سابقاً- ان الامة الامريكية كلها أُمة مؤلفة من مهاجرين و كلهم قد هاجروا اليها بمحض رغبتهم وارادتهم الإفئة واحدة جاءت الى امريكا قسراً و غصباً اولئك هم (الزنوج).

كان يجلبهم تجار الرقيق.. و يخطفونهم من أمهاتهم و آبائهم و هم اطفال و صبيان و يقذفون بهم كقطعان الاغنام في سفن رهيبة تتقاذفها أمواج المحيط.. بينما صرخاتهم تتعالى كما تتعالى فوق أجسادهم أصوات السياط، يلهبهم بها تجار الرقيق من البحارة الانجليز.. حتى اذا وصلوا الى شاطى ء أمريكا عرضوا في سوق الرقيق فيشتريهم أصحاب المزارع التي تنتج القطن و الطباق فيعملون فيها رقيقاً مسخراً يعاني اكثر مما عانى الرقيق في عهود الجاهلية في أمبراطوريات الفراعنة أو القياصرة، او في جزيرة العرب أو في أوربا في العصور الوسطى أو في شتى بلاد العالم قديماً و حديثاً..

اكبر تجارة رقيق عرفها التاريخ كانت بين افريقيا و أمريكا. فقد بلغ حجم هذه التجارة ملايين و ملايين من الصبية والبنات، و من الرجال و النساء، نقلتهم السفن من قرى أفريقيا و ادغالها، الى شواطئ أمريكا و مزارعها، على مدى ثلاثة أو ما يقرب من أربعة قرون.

و اكثر المؤرخين تحفظا قدروا عدد الرقيق الذين استجلبتهم امريكا من افريقيا بخمسة ملايين، و منهم من قدروهم بعشرة ملايين، و منهم من قالوا انهم لا يقلون عن خمسة عشر مليونا من البشر.. هذا ما وصل الى الشواطئ الامريكية، و يضاف اليهم أعداد ضخمة هلكت في الطريق، والقيت جثثهم في المحيط.

.. فكانوا يعاملون الرقيق أسوأ كثيراً مما يعاملون الحيوانات البهيم بالسياط، وكياً بالنار، وبتراً لقدم أو ساق.

يقول الاستاذ (جون هوب فرانكلين)، رئيس قسم التاريخ في جامعة شيكاغو و مؤلف كتاب «من العبودية الى الحرية». يقول: ان تجارة امريكا اضعفت افريقيا وانهكت قواها الى أقصى حد، أولاً: لان التجار الاوربيين اخذوا منها اعداداً هائلة من الشبان والصبيان، و اخذوا منها اقوى عناصرها بدنا، واقدرها على العمل والانتاج والواقع ان الاوربيين اقتطفوا زهرة شباب افريقيا و تركوا فيها الشيوخ والعجائز.

اصطياد السود من قراهم


.. وصفت دائرة المعارف البريطانية الوحشية المبالغ في استعمالها لأقتناص السود و أخذهم الى دول اوربية حيث تقول:

اصطياد الرقيق من قراهم المحاطة بالادغال كان يتم بايقاد النار في الهشيم الذي كان مادة الخام التي كانت تصنع منها البيوت هناك.

فاذا احترق الهشيم نفر أهل القرية الى الخلاء هرباً من النار ثم يتصيدهم الانكليز بأقل جهد بما أعدوا لهم من وسائل لا توضع للحيوانات المتوحشة. فكيف بالانسان و قد كان يموت من هؤلاء عدداً كبيراً اثناء الشحن، و ذلك بسبب العنف البالغ في الوحشية، و ذلك عدا من يموت منهم في الرحلة الى الشاطئ الذي ترسوا عليها السفن الانگليزية.

.. و كان يموت في المستعمرات فلا حصر لهم فان مستعمرة «جاميكا» البريطانية وحدها قد دخلها سنة 1820 م ما لا يقل عن ثمانمائة ألف رقيق و لم

يبق منهم في تلك السنة سوى ثلاثمائة و أربعين ألفاً

[دائرة المعارف البريطانية والتفرقة العنصرية ص 150.]

قصة مؤلمة لكينتا الاسود


... واقتصر لك ايها القارئ الكريم مأساة الزنوج و عذابهم في أمريكا بقصة واحد منهم اسمه (كينتا) (جد مؤلف كتاب جذور زنوج اميركا) اليكس هيلى «و هو الذي يروي لنا ذلك» و هذه القصة تمثل عذاب الملايين من الزنوج الذين جي بهم قهراً من اوطانهم و مسقط رؤوسهم.

.. هؤلاء السود الذين وهبهم اللَّه الحياة احراراً كما وهب غيرهم متساويين ما بينهم، و جعل لهم حقوقاً غير قابلة للتنازل عنها:حق الحياة و حق الحرية، و حق البحث عن السعادة؛ لكن ظلم الانسان لاخيه الانسان و حياة الغاب صيرهم عبيداً رقيقاً.

يقول الكاتب الامريكي اليكس هيلى عن جده:

.. ان اكثر من اربعة ملايين منهم قد حدث لهم ما حدث للشاب كينتا الذي تدور حوله قصة جذور.

لقد تلقى كينتا تدريباً قوياً على المصارعة والقنص والقتال و كان قوي البنية فارع القوام و سافر و هو صبي صغير مع والده الى قرية عمه على مسيرة اربعة أيام في أرجاء افريقيا، ثم سافر مرة أخرى عندما وصلت سنة الى السادسة عشرة واصطحب معه أخاه الامين في رحلة بعيدة للبحث عن الذهب ثم وضع خططا

لزيارة مالي القديمة والحج الى بيت اللَّه في مكة المكرمة الا ان خططه هذه لم تحقق لانه ذهب ذات يوم عندما بلغت سنه السابعة عشرة الى غابة قريبة من قريته «جوفيور» ليقطع جذع شجرة لاستخدامه في صنع طبلة خاصة به.. و كانت هذه الغابة آمنة و هو كثيراً ما ذهب اليها منفرداً او مع رفاقه فقلما تقترب الوحوش من الاماكن المطروقة بجوار القرى ولكنه في هذه المرة كان ينتظره في تلك الغابة من هو أشرس من الوحوش الكاسرة.. كان يتربص به أربعة من الرجال: اثنان من السود و اثنان من البيض. و دخل في معركة غير متكافئة مع الرجال الاربعة و استطاع ان يفقأ عين أحدهم و لكنهم في النهاية تغلبوا عليه بعد أن ضربوه بعصا غليظة فوق رأسه الى أن غاب عن الوعي فأوثقوه و نقلوه في قارب صغير سرى بهم في النهر الى حيث تنتظر السفينة الكبيرة عند شاطئ المحيط.

و عندما أفاق وجد نفسه مكبلا بالاغلال و وجدهم يدفعونه الى مبنى يسمى «قلعة جيمس» التي كانت مرفأ لتلقي و تصديرهم لامريكا. و في داخل هذه القلعة كان هناك عدد كبير من الشبان والصبية والفتيات.. حيث كان يتم فحص اجسادهم ثم يقوم رجل اسود بكى ظهور هؤلاء الاولاد والبنات و يرمس على كل ظهر هذه العلامة الغريبة: «ما. ما».

انها العلامة التي ترمز الى السفينة التي ستحملهم و اسمها «لورد لونجييه» و تحرق أسياخ الحديد أجسادهم و يتعالى صراخهم الجنوني و يزداد جنونهم عند صب الماء المالح على جروحهم. ثم حملوا هذا القطيع من الناس إلى السفينه والقوا بهم في عنبر في أسفلها.. الشبان في مكان والنبات والاطفال في مكان آخر.

و يمضي مؤلف «جذور» صفحات تلو صفحات يصف الرحلة و أهوالها

و يصف هؤلاء البحارة و هم يلهبون ظهور و أجساد هؤلاء الأسرى السود بالسياط بلا سبب معروف.

.. واقتربت السفينة من الشاطئ، و كانت تحمل مائة و اربعين عبداً.. و قد هلك من هؤلاء العبيد اثنان و اربعين خلال الرحلة الطويلة الشاقة، و بقي ثمانية و تسعون وقد قدر انه سيبيع الواحد منهم بستمائة دولار..

و كان امام السفينة يومان آخران قبل أن ترسو على الشاطئ، فأخذ بحارتها الانجليز، يعدون «البضائع» للعرض على الزبائن الذين توافدوا، هم و زوجاتهم، الى الشاطئ لشراء ما يلزم للحقول من العبيد، و للبيوت من الجواري.

واطلقت المياه على هؤلاء الرقيق تغسلهم غسلاً جيداً، ثم اخذوا يدهنونهم بأنواع من الزيوت تجعل جلودهم السوداء تلمع مثل الابنوس.. صحيح ان اجسامهم قد هزلت خلال رحلة استغرقت اكثر من أربعة شهور، قضوها في عنابر لا تدخلها الشمس و لا يتجدد فيها الهواء، و صحيح ان الطعام طوال الرحلة كان سخيفاً و رديئاً. و صحيح ان السياط الهبت اجسام الاولاد والبنات و أسالت منها دما كثيراً.. و لكنهم اذا خرجوا الى ظهر السفينة و أمضوا النهار تحت الشمس الساطعة في هذه الايام الحارة من أيام الخريف، فسوف تجرى الدماء في عروقهم مرة أخرى، و سوف تنبض أجسامهم بالقوة والحيوية، و سوف يقبل عليهم المشترون.

و نزل العبيد الى الشاطئ في احدى موانئ الجنوب في أمريكا، و سيق الشبان والفتيات في صف طويل تربطهم بعاض ببعض حبال و سلاسل حول أيديهم و أجسادهم العارية.. و عرضوا واحداً واحداً على الزبائن... فأخذوا يفحصون اجسامهم فحصاً جيداً.

و بدأ بيع العبيد بالمزاد.

و عرض سمسار المزاد «كينتا».. و طلب من المشترين ان يتقدموا للمزاد، فهذه «قطعة افريقية ممتازة».. فأخذوا يفحصون جسمه، و يفحصون اسنانه ليتأكدوا انه صبي مقدم على سن الفتوة!.. و كان هناك اثنان من أعيان الريف و أصحاب المزارع، قد أعجبهما هذا الشاب الفارع القوي، فجرى بينهما المزاد حتى وصل الى ثمانمائة و خمسين دولارا.. ثمن لم يسمع به من قبل!

و رسا المزاد على مستر جون وولر المزارع الثري في ولاية فرجينيا، فتسلم البضاعة راجيا الا يكون قد اندفع في المزايدة و دفع هذا الثمن الباهظ. و لكن الولد الرنجي يبدو قيوا متينا و يساوي الثمن الذي دفع في شرائه.. و شراء العبد استثمار طويل المدى على كل حال، فسوف يكون له نسل كثير من العبيد و من الجواري، و سوف يكونون مثله قوة و متانة، و قدرة على العمل الشاق، و على الصبر الطويل.

و بدأ كينتا مرحلة جديدة من حياته في بلاد عرف فيما بعد ان اسمها أمريكا.

و كان القانون ينظم هذا الاسترقاق و يحميه و كان قانونا دستوريا استندت نصوصه الى الدستور الامريكى الذى قرر اقامة دولة حرة ديموقراطية.. ولكنها كانت حرة و يدموقراطية فيما يتعلق بالجنس الابيض فقط.. أما فيما يتعلق بالزنوج العبيد فكانت أبعد شى ء من الحرية والديموقراطية.. فقد نص على انه لا يجوز الغاء الرق قبل عام 1808 اى بعد حوالى ربع قرن من الاستقلال.. و هي الفترة التي قدروا انه من الضروري أن يستمر الرق قائماً خلالها حتى تبني أمريكا اقتصادها الناشئ بسواعد الرقيق.. ولكنهم وجدوا انه كلما اتسع نطاق الاقتصاد الامريكي ازدادت حاجتهم الى استمرار الرق و الى استيراد المزيد من الرقيق.. حتى بلغ عددهم اربعة ملايين نسمة.. بينما كان عدد السكان البيض في ولايات

الجنوب التي يمارس فيها الرق ثمانية ملايين.. أي كان العبيد نصف عدد السكان و هي نسبة لم يبلغه الرقيق في أي عصر أو في أي مجتمع.

ولنعد الى كينتا..

لقد صمم كينتا منذ البداية على الهروب من مزرعة جون وولر الذي اشتراه و دفع فيه ثمنا سخيا.. و لكن لماذا يهرب و الى اين يهرب؟ انه يعرف انه لن يعود الى اهله و قريته و قبيلته ابداً. فكثيرا ما سمع و هو في افريقيا انه توجد هناك بلاد بعيدة جدا يملكها اناس بيض.. و هم يخطفون الاولاد والبنات من افريقيا.. و يحملونهم في السفن الى تلك البلاد.. و ما ان تتحرك بهم السفينة بعيدا عن الشاطئ حتى يتحدث عنهم الناس مثلما يتحدثون عن الموتى.. بل ان الموتى يعرفون قبورهم.. اما الذين ذهبوا الى بلاد البيض فلن يعرف احد هل هم احياء أو اموات.. و لن يسمع الناس عنهم اي شي ء أبداً.

ولكنه مع هذا يريد أن يهرب.. يريد أن يجري بعيداً في أي اتجاه.. و أن يذهب الى أي مكان حتى و ان لم يجد أحد يتكلم معه، فكل من فيها من الناس يتكلم لغة غير لغته، سواء كان أبيض أو أسود.. حتى هذا الاسود الذي يأتيه بالطعام قال له، و هو يشير بيديه و أصابعه: أنا أسمي شمشون.. و أنت اسمك توبي! و عندما بدأ يفهم انه اسمه صار توبي. غضب وثار وهاج.. انه اسمه كينتا.. و سيظل اسمه كينتا. و لن يستطيع أحد أن يغير اسمه الذي اطلقه عليه ابوه، والذى نادته به أمه و اخوته.. و مهما فعلوا فلن يغير اسمه، و لن يقبل هذا الاسم الغريب: توبي!

و قد فعلوا به كثيراً.. فكانوا يجلدونه.. ليقول ان اسمي توبي.. فيحتمل

/ 27