زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) - نسخه متنی

ام الحسنین البغدادی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


من بسمة مُرة و هو يسمع فضة تجيبهم:

- (ان أميرالمؤمنين علياً مشغول).

.. فندّ صوت قاس: (خلي عنك هذا و قولي له يخرج و إلّا دخلنا عليه و اخرجناه ي كرها).

[هذا ما ذكره: الشافعئ في تاريخه (الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام) كذا في تأريخ، عبدالفتاح عبدالمقصود.]

.. ثم يعلو جو المكان غوغاء و كلمات من هنا و هناك، حتى ان صارت لحظة، سكتت فهيا الافواه، و ارهفت فيه الاسماع، و كأن هاتفاً من السماء قد برز صوته، و بان له نور جعل العيون تسجد له اكباراً و تبجيلاً، و تعظيماً، فأن هدا الهاتف هو أقرب في ان يذكرهم بنبيهم الراحل..

و كأن شبح محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم صار يطالعهم من وراء الباب.

فجمدت العيون و هي تتابعه بخطواته الثكلى.. و ما لبث هذا الطيف ان كلمهم بنبرات متقطعة بالعبرات و قد بان عليها الوهن و الحزن:

- (أيها الضالون المكذبون ماذا تقولون، و أي شي ء تريدون).

فالتفت الرجل إلى حيث الصوت، و هو ينظر إلى قومه مرة و إلى الباب اُخرى.

فصاح:- (ما بال ابن عمك قد اوردك للجواب، و جلس من وراء حجاب).. فتحسرت سيدة النساء، وارتجفت شفتاها، و ما كادت لتكمل حتى انهمرت دموعها بغزارة، فكظمت حسرتها ثم قالت:

- (طغيانك يا هذا أخرجني، و الزمك الحجة و كل ضال غوى).

فأرتسمت على شفتي الرجل ابتسامة ضعف، كأنما هو يسخر بها من عجزه، يبحث عن كلماته الضائعات قائلاً:

- (خلي عنك الاباطيل و اساطير النساء و قولي لعلي يخرج).

مراعاة السماء لشعور الزهراء


يا للفضاعة.. فاطمة التي ما كانت تسمع إلّا كلمات الحب والود و من أظهر لسان (سيد المرسلين) اليوم يمطر عليها القدر بسخريته فيجعلها متهمة بمثل هذه الكلمات التي نسي قائلها من تكون.

فهي بضعة محمد و عزيزته و روحه التي بين جنبيه و هي الصديقة على لسان نبيه صلى اللَّه عليه و آله و سلم «و إنها أصدق لهجة بعد أبيها و بعلها». و هذا على لسان عائشة.

[هذا ما ذكره صاحب الرياض النضرة ج 2 ص 202، و بحديث آخر عن عائشة رواه حلية الاولياء ج 2 ص 42، الاستيعاب ج 2 ص 751، ذخائر العقبى ص 44، تقريب الاسانيد و شرحه ج 1 ص 150، مجمع الزوايد ج 9 ص 201 و قال رجاله رجال الصحيح.]

و أني لعاجزة سيدتي عن ذكر مناقبك التي لا تسعها هذه الوريقات.

فهذا هو رب الجلال و الاكرام و العظمة يراعي شعور البتول المرهف، و لا يخدش أحساسها الرقيق..

و هذا متجل في سورة (هل أتى). عندما ذكر جزاء أهل البيت، و مقامهم المحمود عنداللَّه بقوله تعالى: (و جزاهم بما صبروا جنة و حريراً.. إلى قوله تعالى.. و كان سعيكم مشكوراً).

[آية 12- 13- 14- 22-15.]

.. فذكر اللَّه عز و جل كل نعيم الجنة، و لذاتها كالاشجار، والانهار، والولدان، والطعام، والقصور و جميع ما يتعلق بهذا الباب.

لكنه سبحانه، لم يذكر كالمعتاد (الحور العين) و انما ذكر (الولدان المخلدون)

[قال صاحب تذكرة الخواص: (حتى عجب العلماء من شرح هذه الاجور، واستطرفوا عدم ذكر (الحور) مع النعيم المذكور (فقيل): لهم ما ذاك إلّا غيرة على زهراء الانس من ذكر الضراير، لأن الحور مملوكات، والمملوكة لا يذكرون مع الحراير.]

(رعاية لحرمة البتول، و قرة عين الرسول)

[والطريف في الأمر هنا، هو ما قد ذكره بعض المفسرين من أهل السنة، كالآلوسي البغدادي في تفسيره المعاني ج 10 جزء 29 ص 199: و إنما ذكر (الولدان المخلدون) رعاية لحرمة البتول و قرة عين الرسول لئلا تثور غيرتها الطبيعية اذا أحست بضرة، و هي في افواه تخيلات الطباع البشرية في الجنة مرة.]

أجل سيدتي تغاضى الرجل عن هذه الحقيقة الجلية.. التي يعرفها كل مسلم، انك سلام اللَّه عليك معصومة زكية طاهرة عن تلك التهم.

لكن الزهراء الرفيعة الصابرة المتحملة لكل المصائب، ما عبأت بكلامه، لانها تعرف من تكون هي و من هو.. فتركته و اجابته و هي تنتزع كلماتها انتزاعاً، و و كأنها اُجبرت على أن تجيبه:-

(لا حباً و لا كرامة، أبحزب الشيطان تخوفني يا هذا، و كان حزب الشيطان ضعيفاً).

.. فعلت رنات صوت الرجل، و كأن الكلمات كانت متبعثرة في فيه، فلا يعلم بماذا يجيب، غير هواجس نفسه، فطاوعها مستسلما لها و قال:

- (ان لم يخرج جئت بالحطب الجزل، واضرمتها ناراً على أهل هذا البيت و احرق من فيه أو يقاد علي إلى البيعة).

[هذا المعنى اخرجه جمع من المؤرخين فمنهم الامام ابن قتيبة الدينوري في الامامة و السياسة ج 1 ص 24- 30 و اضاف: (قال عمر والذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل يا أباحفص ان فيها فاطمة فقال و ان) و محمد بن جرير الطبري في تاريخه ج 3 ص 202، و شهاب الدين بن عبد ربه المالكي في العقد الفريد ج 5 ص 13، و ابوالفداء في تاريخه ج 1 ص 164 أو 156، أعلام النساء ج 4 ص 114، تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 105، تاريخ ابن شحنة بهامش الكامل ج 7 ص 164، أنساب الأشراف للبلاذري ج 1 ص 586 ط دارالمعارف و جاء فيه: (فتلقته فاطمة على الباب فقالت فاطمة يابن الخطاب اتراك محرقاً عليَ بابي قال نعم و ذلك اقوى مما جاء به أبوك) و عبدالفتاح عبدالمقصود في تاريخ علي ابن أبي طالب ص 225.

راجع حادثة التحريف والهجوم على بيت فاطمة عليهاالسلام تاريخ الطبري 2/ 443، تاريخ ابي الفداء 2/ 64، العقد الفريد 4/ 254، الامامة و السياسة 1/ 12، أعلام النساء 4/ 114، تاريخ اليعقوبي 2/ 11، الفتوح ابن أعثم 1/ 13، شرح النهج ابن ابي الحديد 2/ 65.]

.. فانفجرت روح الزهراء بفورة، و صاحت بحرقة:

-(يا هذا أما تتقي اللَّه عز و جل تدخل عليّ بيتي، و تهجم عليّ داري).

[ابن حجر العسقلاني في لسان الميزان ج 4 ص 189، المسعودي في مروج الذهب ج 2 ص 308، و اخرج ذلك ابن جرير الطبري في تاريخ الامم و الملوك ج 3 ص 148، و أيضاً ابن عبدربه في العقد الفريد ج 5 ص 12 ط الرياض الحديثة، و أيضاً الشهرستاني في الملل والنحل ج 1 ص 56، و كنزالعمال للهندي ج 5 ص 651، و شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي ج 1 ص 134.]

فاشاح الرجل بوجهه و اذا بمناد يعلمه من في الدار؟

فرشقه الرجل بعينيه القاسيتين، ينظر بهما نظرة شزراء و هو يجب:

- (فاطمة، و بعلها، و بنيها).

ثم اردف مبتسماً، و قد فتح عينيه أكثر:- (اضرمها، و ان كانوا).

الباب بين الامس و اليوم


.. آو بهذه السهولة سيدتي تضرم النار على باب دارك.

و أي باب، و أي دار؟!

اَو لم تكن فاطمة بنت نبيه، داخل هذا البيت؟!

اليست هي أشبه الخلق بنبيه الراحل؟!

[صحيح الترمذي ج 2 ص 209، ابن جرير الطبري في تفسيره ج 22 ص 5، الحاكم في مستدرك الصحيحين ج 3 ص 158، أحمد بن حنبل في مسنده ج 3 ص 252، ابن الاثير في اسدالغابة ج 5 ص 521. المتقي في كنزالعمال ج 7 ص 103. و ذكره أيضاً السيوطي في الدر المنثور في تفسير آية التطهير في سورة الاحزاب، (و قال) أخرجه (ابن المنذر والطبراني و ابن مردويه).]والذين معها هم علي و سبطا رسول اللَّه و سيدا شباب أهل الجنة.

اوَ ليس علي وصيه؟!

اَما خاطبه سيد الورى قائلاً له:

«أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنه لا نبي بعدي»..

اجل سوف يضرم النار على تلك الباب و ان كانوا.

(نعم) الباب التي طالما وقف بقربها المصطفى يدق حلقتها، و هو يستأذن على أهل البيت في فجر صباح كل يوم، حينما كان يرفع صوته بالدعاء قائلاً:

الصلاة يا أهل البيت: (إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا)

[المائدة آية 33.]

هذا ما قد سمعه جل المسلمين من لسان نبيهم.

فيا للعجب..

انه لم يعتبر بهذا، و حتى لو انه قد سهى عنه فكيف له ان ينسى نبرات أُم سلمة زوجة رسول اللَّه التي ما زالت تحدّث بهذا الحديث نفسه، والذي جعل منها كتلة من الحب المتوهج المكنون لآهل بيت محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم.

.. فما فتر لسانها ابداً و هو يردد هذا الحديث و ينقله في كل مجلس، و مجمع، إذ انها تفتخر أن آية التطهير قد نزلت في بيتها، فهي تذكر (ان النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم كان في بيتها فأتت فاطمة 3 ببرمة فيها حريرة فدخلت بها عليه فقال لها:

- ادعي زوجك و ابنيك- قالت:

فجاء علي و الحسن و الحسين 8 فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الحريرة، و هو على منامة له، و كان تحته كساء له خيبرى قالت:

و انا اصلي في الحجرة فأنزل اللَّه هذه الآية (إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا) (قالت):

فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال:

- («اللهم هؤلاء أهل بيتي و خاصتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا».

[الواحدي في أسباب النزول ص 267، الطحاوي في مشكل الآثار ج 1 و بطريقين في ج 1 ص 322 و ص 334، صحيح الترمذي ج 2 ص 209، الطحاوي في مشكل الاثار أيضاً ج 1 ص 335، ابن الاثير الجوزي في أسدالغابة ج 2 ص 12، ابن جرير الطبري في تفسيره ج 22 ص 6 و في ص 7، صحيح الترمذي ايضاً ج 2 ص 319، أحمد بن حنبل في مسنده ج 6 ص 306، اسدالغابة أيضاً ج 4 ص 29، تهذيب التهذيب ج 2 ص 297، محب الدين الطبري ص 21، مستدرك الصحيحين ج 2 ص 416، السيوطي في الدر المنثور في تفسير آية التطهير في سورة الاحزاب ج 5 ص 198 و ص 199، تاريخ بغداد ج 9 ص 126، أيضاً أسدالغابة ج 5 ص 521، و أخرجه أيضاً (البخاري) و (الطبراني)، و (ابن مردويه).]«انا حرب لمن حاربهم، سلم لمن سالمهم، عدو لمن عاداهم»).

[و قد زاد محب الدين الطبري في آخر حديثه هذا في ص 23.. (قال) اخرجه (ابن القباني في مجمعه، و السيوطي في الدر المنثور، و ابن جرير، و ابن المنذر و ابن حاتم والطبراني و ابن مردويه عن أُم سلمة).]

فاذا كان حديث أُمّ سلمة لم يكن وافياً بنظر الرجل، فكيف هو بعائشة ابنة الخليفة الاول..

و التي يحدثنا الرواة الكثيرون، بحديثها الذي قالت فيه:

خرج رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم غداة و عليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء عليّ فأدخله ثم قال:

(إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيرا).

[صحيح مسلم في كتاب فضائل الصحابة، الحاكم في مستدركه ج 3 ص 147، البيهقي في سننه ج 2 ص 149، ابن جرير في تفسيره ج 22 ص 5، الدر المنثور للسيوطي، الزمخشري والكشاف في تفسير آية المباهلة، و هكذا رواها الفخر الرازي و قال: (واعلم أن هذه الرواية كالمتفق على صحتها بين أهل التفسير والحديث.]

و ما كنَّ اُمهات المؤمنين يحدثن بهذا فقط، بل قد حدث به (عمرو بن ابي سلمة ربيب النبي، و واثلة بن الاسقع، و سعد بن أبي وقاص، و جعفر بن أبي طالب، و أبي الحمراء،

و ابن عباس، و سعيد الخدري و عطية).

[صحيح الترمذي ج 2 ص 209، اسدالغابة ج 2 ص 12، مستدرك الصحيحين ج 3 ص 108 و ص 147، السيوطي ج 5 ص 198- 199، مسند أحمد ج 1 ص 330 و ج 4 ص 107، المتقي في كنزالعمال ج 7 ص 92، صحيح مسلم ج 3 ص 147، الطحاوي ج 1 ص 336، خصائص النسائي ص 4، تاريخ بغداد ج 10 ص 278، ابن جرير الطبري ج 32 ص 5، اسدالغابة ج 3 ص 413.]

.. اجل سدتي يا مظلومة محمد، المغصوب حقها، والمستخف بحرمتها، هذه هي الحقيقة التي حفظها و وعاها كل المسلمين... بل لشدة ما كانوا يتفاخرون بها متبجحين مع أهل الكتاب يهوداً و نصارى من ان اللَّه قد كرم نبيهم، و أهل بيته على سائر الانبياء و الرسل.

و لم يقف عند هذا الحد فحسب بل تعدى حتى دخل اسواق الادباء (نظماً و نثراً).

و من هؤلاء ما نقله (المغازلي الشافعي):


















بأبي خمسة هم جنبوا الرجس كراماً و طُهرَوا تطهيرا
أحمد المصطفى و فاطمة أعني و علياً و شبراً و شبيرا
من تولاهم تولاه ذوالعرش و لقاه نضرة و سرورا

و على مبغضيهم لعنة اللَّه

و اصلاهم المليك سعيرا

[نقلها المغازلي في مناقب بن أبي طالب ص 306 رقم الحديث 351، عن الشاعر (يعقوب بن حميد).

.




.. و هل بعد هذا و ذاك من حجة، لمن كان له سمع و هو بصير.. و لكن يا سيدتي (الملك عقيم).

.. اجل الملك الذي جعل من الرجل يصيح منادياً:- (انني مضرمها).

.. فصاح صوت الزكية برهبة:

.. فسرت رعشة في جثة الرجل عندما تراءى من وراء الباب وجه كوجه

رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم، رسمت عليه خطوط من الحزن و الألم.. و عيون تلمع بالدموع.. و في جبينه المزدهر بالنور، عبسه فائرة.

فتوقفت عضلات الرجل، و اخذت يداه ترتجف، و كأن شيئاً اخافه فترك مكانه.. و مشى بعدة خطوات مترنحاً، و هو يرى قومه قد مسهم ما مسه من الرُعب.. فترجعوا ادراجهم.. و هم يرون حيالهم صورة المصطفى.. اذ يطالعهم بنظراته في وجه ابنته المثكولة البتول.

.. فغضوا الابصار.. و لا اعلم.. ان كانت من خزي أو عار.. و لربما من استحياء.. فولت اذ ذاك عنهم عزمات الهوى في القلوب.. و هم يشهدون الزهراء تتحرك بخطواتها الثكلى.. كالخيال.. ثم تقترب من ناحية قبر أبيها رسول اللَّه، و كأنها تفضي له بعبراتها.. و ما تني ترفع بصوتها المتكسر النبرات برقة و حزن و دموعها تنحدر من مآقيها:

(يا ابت يا رسول اللَّه).

.. فكأنما الارض زلزلت من تحتهم رهبة للنداء.. و اي نداء.. نداء فاطمة فلذة محمد و نور عينيه.. و هي تكابد الحسرات تستنجد أباها:

(يا ابت يا رسول اللَّه، ماذا لقينا من بعدك من ابن الخطاب و ابن قحافة)؟!!

[الامامة والسياسة ج 1 ص 13، أعلام النساء ج 3 ص 1206، الامام علي لعبد الفتاح عبدالمقصود ج 1 ص 225.]

فاستشاط الرجل، رغم ما كانت عليه نفسه من الرعب والخوف، فهو يشاهد دموع أصحابه المتجمعين حوله تجري على خدودهم.. بل لربما تمنوا ان تنشق مواطى ء اقدامهم.. ليذهبوا في طوايا الثرى مغيبين.

ففتح الرجل عينيه بقسوة، و رشق قومه بنظرة شزراء يطويها خوف و ريب.

خوف من كلمات الزهراء «بل: «هي محمد» التي جعلت من امره منوطاً

بالتهديد و عدم الارتكاز، فها هم بشجاعتهم و جرأتهم يذبلون حيال ما رأوه و سمعوه، لكن نفس الرجل لم يقع فيها تأثر إلّا بهذا القدر الضئيل، الذي ما لبث ان تركه فعاد.. الى ما أتى من أجله.. غير عابى ء و لا معتني.

الشجنة تئن، و بطل مكبل


تعصبت الابدان.. و حجبت كل المرئيات عن الاعين سوى هدف عيّنوه هم لها. الهدف الذي دفع بهم للمجى ء إلى هنا.

فركض الرجل نحو الباب و ركلها بقوة و قسوة فانتفضت الزهراء من مكانها، هرعت لتختفي، فلاذت وراء الباب فما كان عليها من خمار أو حجاب.

و هكذا سيطر القوم على فناء دار فاطمة.. فتُضرب شجنة المصطفى و يسقط جنينها المسمى محسناً

[أخرج ذلك: المعارف لابن قتيبة «ان محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي»، الوافي بالوفيات «ان عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتى القت المحسن من بطنها» ج 5 ص 347، الملل و النحل «ان عمر ضرب بطن، فاطمة يوم البيعة حتى القت الجنين من بطنها» ج 1 ص 57، اثبات الوصية «وضغطوا سيدة النساء بالباب حتى أسقطت محسناً» ص 143، ابن شهر آشوب «و عند البعض أولادها الحسن والحسين والمحسن سقط»، و في معارف القتيبي ان محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي، المناقب ج 3 ص 407 ط دار الاضواء، غاية المرام ص 48، مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 407، تلخيص الشافي ج 3 ص 156.

«ضرب الزهراء و كسر ضلعها» المناقب لابن شهر آشوب ج 2 ص 209، المختصر 48، حلية الابرار ج 2 ص 652، نوائب الدهور ص 194، المغني للقاضي عبدالجبار ج 20 ق 1 ص 335، الفرق بين الفرق ص 148، الخطط للمقريزي ج 2 ص 364، شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 2 ص 60 و ج 16 ص 235 و 271 عن شيخه أبي جعفر النقيب، اعلام النساء ج 4 ص 124. ملاحظة: من أصل 65 مصدراً ذكرت هذه فقط.]عند ذاك تصرخ الفلذة من اعماقها صرخة حسبها انها قد جعلت اعلى المدينة اسفلها.

فزفرت زفرة خرجت من خوالجها.

فكأنما الأرض اهتزت متزلزلة من تحت هذا الجمع الباغي.

.. و هي ما تزال تصرخ مستنجدة باللَّه.

.. انهد كيان علي، و هو يسمع صوت حبيبة رسول اللَّه يستنجد صائحاً:

- (إليك يا فضة خذيني و إلى صدرك سنديني فواللَّه قد قتلوا جنيني).

.. فترقرقت الدموع في عيني علي.. و هو يشهد هذا المنظر المريع المؤلم، ثم لم يلبث حتى ان رأى امامه القوم، و هم يتوعدونه و يتهددونه بالقتل.. ان لم يمد يده لبيعتهم الظاهرية.

فوضع يده على سيفه، لكنه تذكر على الحال، وصية مقتداه، و حبيبه رسول اللَّه، الذي أمره بتأليف و كتابة القرآن بعد رحيله، و ان لا يشهر سيفاً إذا حل به هذا المصاب، و يصبر.

و تكاثفت الدموع في محاجر عينا علي و هو يصارعها بتجلده، يتذكر حديث حبيبه محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم «يا علي انك لاق بعدي كذا... و كذا» حينها قال و عيناه يغرقهما الأسى:

(يا رسول اللَّه انّ السيف لذو شفرتين و ما انا بعتل و لا ذليل)،

فقال النبي و هو يحتضن علي بكيانه و دقائق روحه يطيب من خاطره:

- (فاصبر يا علي).

فنظر الامام بحب و رضا و إيمان عميق باللَّه و رسوله:

- (أصبر يا رسول اللَّه).

[مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 250.]

أجل سيدتي صبر علي لا من خوف و لا من قلة ناصر، بل قدم عليه أكثر من رئيس قبيلة ليعرضوا عليه بيعتهم والنصرة على من يقف حياله، لكنه سيدتي صبر

/ 27