زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) - نسخه متنی

ام الحسنین البغدادی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


لكن قلبه كان ينزف بالدماء.. و شعور كان يتحدر من فؤاده شعور الحب، الذي يكنه لفاطمة الودود.. فصار لسانه يقول:

- (بمن العزاء يا بنت محمد، كنت بك اتعزى ففيم العزاء من بعدك).

.. و ما لبث.. حتى وصل البيت.. فدخل إليه هائماً على وجهه.. حتى ان فتح باب حجرتها.. فرأى النور يسطع منها. و رأى هيكل زهرائه الوديع، الذي فاحت منه عطور الفغم والرياحين، فملأت سماء الحجرة.

و كأنني سيدي يا أميرالمؤمنين كنت بقربك، اسمع الصرخات وارى الدموع التي تسكبها و ولديك.. فما استطعت ان اعبر عن ذلك الموقف الممتلى ء بالعبرات والآهات.

فالتعبير سيدي لمثل هذه المواقف يستوجب العلم بحقيقة الشعور الرابض في اعماق النفس.

فتهدلت اكتاف على.. و اخذت قدماه ترتعش و هو يعد خطواته كالذاهل المشدوه.

«فقد انهد الركن الثاني، الذي أخبره به حبيبه رسول اللَّه».

[و قد رواه في حلية الاولياء لابي نعيم ج 3 ص 301، و سنده عن جابر (ان رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم قال لعلي بن أبي طالب صلى اللَّه عليه و آله و سلم: يا ابا الريحانتين أُوصيك بريحانتي من الدنيا.. الخ)، و رواه أيضاً أحمد في الفضائل.]

.. فأغمض عينيه.. حتى ان وقع بقربها.. فكشف عن وجهها الشريف!

آه يا للمنظر الحزين.. كيف لعلي والذي طوته رقة القلب ورهافة الحس حتى على عدوه ان يرى بأم عينيه بتوله بنت حبيبه محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم سابحة ببحر من الدموع.

كانت عينا الزهراء المغمضتان، والتي انتشرت حول اجفانها دموع لؤلؤية أشد ما تكون، و هي تخاطب اشجانها.. حتى اللحظات الاخيرات، و قدّاها كانتا متوردتان يشع منهما نوراً ابهراً.

و كأن شفتيها ما زالتا ترددان لحنهما القديم:

- (انني أتيت إليك يا ابتاه)-

ان الزهراء كانت في تلكم الساعات تبدو كالعروس.. بل هي اينع بشرة واجمل بسمة.. و كأنها ستزف تواً.

.. فأخذ الزوج المنهدّ الركنين، يمسح بيديه على وجهها ما علق به من الدموع، ثم يقربه إلى فمه فيقلبه.. و يكرر ذلك مراراً فيمسح به تارة وجهه و تارة عينيه.

.. و ظلت مقلتاه ترقبان الشهيدة.. و هما ما تزالان جامدتين برقرقة الدموع.. و ترتلان همساً دقيقاً غير مسموع.

همساً ما لبث حتى اقترب من اُذنيها يعاتب منها الفراق.

لكنه انتفض من حزنه إلى شي ء لفت نظره عثر عليه قرب رأس الزوجة الطاهرة، فسارع و تناولها (انها برقعة).. ففضها الامام.. و اخذ ينظر فيها فاذا هي:

(بسم اللَّه الرحمن الرحيم: هذا ما اوصت به فاطمة بنت رسول اللَّه، اوصت و هي تشهد ان لا إله إلّا اللَّه و ان محمداً عبده و رسوله، و ان الجنة حق و النار حق و ان الساعة آتية لا ريب فيها، و ان اللَّه يبعث من في القبور، يا علي انا فاطمة بنت محمد زوجني اللَّه منك لاكون ذلك في الدنيا و الآخرة انت أولى بي من غيري، حنطني و غسلني، و كفني بالليل وصل عليَّ وادفني بالليل و لا تعلم أحداً و استودعك اللَّه واقرء على ولدي السلام إلى يوم القيامة).

.. فابتلت الرقعة بدموع الوصي بعدما انفجر بالبكاء في أول وهلة فض بها وصية الزهراء.

[«شكوى علي في وفاة فاطمة إلى رسول اللَّه» اعلام النساء ج 3 ص 1221 ط دمشق- لعمر رضا كحالة.]

فصحن نساء أهل المدينة صيحة واحدة،.. و هن يندبن فاطمة.

- (وا سيدتاه، يا بنت رسول اللَّه)-.

ثم اخذن يطفقن التراب على رؤوسهن.. و يدرن حول جثمانها الشريف الذي جللته طائفة من النوازك والانوار،.. و زينب بقربها تناديها بدموع عينيها، و تقبلها، اينما وقعت شفتاها لتمتص اخر حس، و شعور، و حنان، و عطف تلتمسه طفلة صغيرة من أُمها حينما يحين بينهما الوداع.

.. فأن زينب هي خير من جسدت شبح الزهراء خلقاً و خُلقاً رغم صغر سنها. و كانت الذكرى المتكاملة و الفائضة بمشاعر الحب التي ورثتها عن اُمها البتول. و هي صبية ترى امامها ما قد حل من المصاب على قلب اُمها.

فقطعت عهداً معها بمواصلة طريقها، الذي تبنته اُمها اذ ذاك، يوم وداع خديجة لفاطمة.. فتركت الزهراء زينب امام كل هذه الهموم كما تركت خديجة الام ابنتها فاطمة.

وها هي ابنة الزهراء بعمرها الحدث تجدد الميثاق.. و هي ترى زهرة حياة اُمها تذبل و تموت، فتحمل على عاتقها ما قد حملته امها، و تشق درباً آخر ينهل من نفس المنهل، الذي كانت الزهراء تسير عليه.. و ذلك في سبيل اسلامهم الحق.

..ضج الناس بالبكاء والعويل و هم ينتظرون خروج جنازة بنت محمد المصطفى ليقوموا عليها فيصلوا.

لكن اباذر الصحابي الجليل والعالم بوصية بنت نبيه و مدى حزنها و المها.. على من نقضوا عهد ابيها و وصية فقام وصاح في الناس:

- (انصرفوا انصرفوا فأن ابنة رسول اللَّه قد أُخر اخراجها في هذه العشية)-

فقام الناس و هم يمسحون مدامعهم و ينصرفون من الدار.

تجلد علي ينهد بغسل الزهراء


.. حل الليل في المدينة

.. كان ليلاً يوحي بأحزانه و اكتأبه.

.. يطويه هدود ساكن يصغى لنشيج المحبين، الذين أخذت لوعتهم تهمس في اسماع الشهيدة.

كان ليلاً احمرت سماؤه كالدم.. و غارت انجمه.. واخذت تتصاعد بعيداً كي تترك رقاد الناس، و تنزوي بين عويلها و نشيجها.

فاُسدل الستار في دار علي.. كي يغسل بدن الزهراء.

البدن الذي ما نسى ذكر ربه اناء ليله و اطراف نهاره.. و لتطبق السُنة.. و الوصية التي اوصت بها سيدة النساء، ان لا يغسلها اذا مات (إلّا أسماء و علي).

فقامت اسماء لتعين سيدها علي على غسل الطاهرة الميمونة.

[رواه أحمد في الفضائل، الشعبي، بيت الاحزان.. واختلفوا في غسلها عليهاالسلام و روى ان الملائكة غسلتها (والاصح) علي و كانت اسماء تصب الماء.]

و ماذا اقول يا سيدتي الشهيدة، فلقد عظم المصاب و الرزء الجلل بعد رحيل أبيك.. وها انت الآن تجددينه برحيلك.

.. فها هو لسان أميرالمؤمنين المفجوع.. يردد هذه الكلمات و دموعه لا تنقطع.

- (اللهم انها امتك و ابنة رسولك و صفيك و خيرتك من خلقك، اللهم لقنها حجتها و اعظم برهانها.. واعل درجتها، واجمع بينها و بين أبيها محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم)..

.. ثم بدأ بصب الماء على الجسد المسجى.. الذي سبقه بنفس المكان جسد حبيبه محمد.

وها هي فاطمة فلذة نبيه و بضعته، تنام عليه.

فكانت عبرات علي لا تنتهي و لسانه لا يفتر عن ذكر اللَّه و آيات القرآن.

حتى ان اصابته رعشة بكامل اعظائه.. فتوقف عن الغسل.. و دهشت اسماء.. لهذا التوقف.. و سمعت صوت سيدها قد علا في نشيجه و عويله.

فجلس و ترك الغسل، واشتغل بالبكاء الشديد، فضج من كان في الدار معه بالبكاء، و لا احد يعلم لماذا ترك الامير الغسل..؟!!

انا التي سوف تقول سيدتي الراحلة.. لماذا توقف أميرالمؤمنين عن الغسل.

اجل وقعت يداه على ضلعك.. الذي كسر.. حينما اسقطوا جنينك،.. اَو ما تتذكرين كيف ضربوك على متنيك.. فها هو الضلع المكسور والاكتاف السوداء التي اصبحت كالدملج.. و اخذت من بدنك مأخذاً فسربلتك بالفراش.. فراش المرض.. والموت.. و كل هذا سيدتي لم تخبري به أباالحسن.. لئلا يحزن أكثر أو يكتئب، حتى ان غادرتِ هذه الدنيا لم تشتكي من المها ابداً.

لهذا لم يستطع الامام ان يكمل تغسيله للزهراء.. و هو يراها هكذا قد قاومت هذا المرض والالم.

فيالعظمة روحكِ و يالقلبكِ الكبير، الذي ورثته عن أبيك.. فآثار سياط قنفذ على بدنك، هي التي كانت تزيد في بكاء أميرالمؤمنين.

..ثم وضع الجسد الطاهر على سرير المصطفى.. فتراءى لعيني علي تلك العيون الدامعة التي ذرفت آخر قطرات دموعها.. و رحلت عنه سريعاً.. مخلفة وراءها البضعة الكوثرية فاطمة الزهراء.

وها هي الآن امام عينيه مسجاة.

..فتناول الكفن.. و عيناه تهيمان في خيال من الدموع ينجلي تارة و يعود اُخرى الى فيضه.. ثم همَ ان يعقد الرداء فتوقف و نادى:

العجب: في الوداع


- (يا زينب، يا فضة، يا حسن، يا حسين هلموا تزودوا من اُمكم فهذا الفراق، واللقاء في الجنة).

فهرع الجميع هائمين على وجوههم مذعورين، و هم يبكون، بشدة حتى ان أقبل الحسنان و هما يناديان:

-(واحسرتاه لا تنطفى ء ابداً، لفقد جدنا محمد المصطفى، و أمنا فاطمة الزهراء، يا أُم الحسن يا أُم الحسين، اذا لقيت جدنا محمد المصطفى فاقرئيه منا السلام و قولي له: انا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا).

فاختنق والدهما بعبراته.. و زفر زفرة، ثم اَن انيناً و قال:

(اني أشهد اللَّه انها قد حنت و أنت).

لكن شيئاً عجيباً قد حصل، فأن يدا الزهراء قد تحركتا من موضعهما و اخذتا تشق طريقهما لتمس اولادها.. و لم يكن عجباً و غريباً.. بل ان العيون كانت تترقب هذه الايدي.

و وئيداً وئيداً تنتشل ولدها و تحتضنهم إلى قلبها.. فازداد صراخهم و عويلهم و من كان بقربهم.. و اذا بهاتف من السماء يدّوي منادياً:

- (يا أباالحسن ارفعهم عنها فلقد أبكوا واللَّه ملائكة السموات.. فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب).

فرفعهم الأب.. و قد وهن بدنه.. لرغم ما عُرف عنه من قوة جأش.. عند ذلك تلألأت مصابيح الجنان، و تزينت الجنة المكتوب عليها اسم محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم.

موارات البضعة في الليل الادهم


.. و تحت جنح الليل البهيم، حيث العيون تتربص بوحشة إرتعاشاتها المهولة ببيت الراحلة الشهيدة.

و بعد ما غادر الكرى ابصار المسلمين، و استولى عليهم حزن دفين سربل ارواحهم المضطربة التي مازجتها كارثة المصاب، الذي صدع قلوبهم بوفاة البضعة النبوية، والشجنة المحمدية، التي كانت لهم أسوة، يتسلون بنورها بعد فقدهم نبيهم الراحل.

.. و كيف لا تجزع نفوسهم و هم يشعرون بأعمق التقصير واشده أمام وديعة نبيهم... اذ لا يملكون الآن سوى هذه الفرصة الاخيرة التي تحمل لهم ضئيل الامل- الا و هو تشيع جثمانها الطاهر، والاعتذار لها عما صدر منهم تجاهها، و هي راحلة عن دنياهم، بعد ما قصروا عنها، يوم كانت ماكثة بينهم.

و وجمت عيون علي تنظر بأسى إلى زهرائه المسجاة في حلة الجنان الأبدية، و قد ارتسمت على شفتيها ابتسامة رائعة تلونها سخرية الدهر.

.. و تكاثفت الآلام عليها تحتضنها بين أضلعها الملتهبة بالاحزان و العبرات.

فلعبت الدموع بين عيني الزوج، و خنقته عبراته، و خفايا نفسه تتعالى تجلداً و صبراً لاجل فقيدته الشهيدة.

.. فلقد ذهبت اشبه الناس برسول اللَّه خلقاً و خُلقاً، و التي شاطرت محمد قسماته، و معانيه و روحه.

فكانت العبير، والربيع الدائم لعلي.

لانه كان يرى في فاطمة نوراً يطى ء الثرى حاملاً معه أكمل واروع الصفات والمناقب.

فكيف لا يتصدع قلبه و قد رحلت عنه السلالة المحمدية التي تتحدر منها انوار الاثنى عشر إماماً، يحفظون الدين إلى قيام الساعة.

.. و انى لعلي ان يفارق جذوة الكمال التي أودعها اللَّه في الزهراء و كل الآء و جمال، و صفاء روح و رشادة فكر، و طليعة الحكمة و العقل.

فسميت فاطمة و زهراء، و بتول، لانها كانت المثال الاعلى، والنموذج السام، والكفوء لخير الأوصياء.. التي يشم من اردانها عبق محمد النبي الحبيب.

انها الانس الذي لا يفتر وهجه، و لا يمل النظر إليه.

.. وليت شعرى سيدي يا أباالحسن.. فلقد كانت فاطمة رائدة الكمالات اليقينية، والمحدثة المصطفوية، ربيبة الوحي والرسالة، أُم أبيها، والسيدة المعصومة، و ناصرة المظلوم والصابرة على البلاء.

العذر والسماح سيدي؟!! الزهراء دفينة دارها


.. و لكن سيدي يا أميرالمؤمنين هناك مسألة لم يقنتع بها العقل البشري، و هو دفن الزهراء عليهاالسلام كما يقولون في البقيع، فهذا استاذي و شريك حياتي والمنظّر على ما أُدونه في هذا الكتاب يصرح لي بيقين تام لف قلبه، حينما زار المدينة النبوية.. فحدثني عن زيارته لحجرة السيدة فاطمة عليهاالسلام قائلاً:

حينما دخلت المكان شعرت بهزة عنيفة تكتنف بدني لم اشعر بها من قبل مدى حياتي، فاقتربت من باب حجرة البتول عليهاالسلام المؤدية اليها باب جبريل، فرأيت نفسي أقف بين سلطان عظيم بيده حياتي، و انا أشعر بخشوع، وهيبة تشملني و هذا المكان.

فحاولت ان اقترب من الحائل الفلزي لالصق ظهري به تبركاً فرأيت نفسي لا

أستطيع مهما حاولت لجلالة و قدسّية هذه البقعة بالذات، فصيلت و انا خاشع الابصار و ابتهلت الى اللَّه بالدعاء، و كأن أوصالي و حواسي، كانت تتقرب إلى اللَّه بجاه هذا المكان، و اذا بقوة خارجة عن إرادتي تدعني لسجود في هذه البقعة المقدسة فسجدت طوعاً، و اذا بي أشم من ارض هذا المكان رائحة فواحة احسست من انهها اغرقت تمام بدني.. لقد كان عطراً لم اشمه من قبل، و كأنه ليس من عطور الدنيا لاهل هذا الفن الأصيل فانتبهت إلى نفسي و انا أُعفر خداي في ذرات ثرى صاحبة هذا المشهد و المقام الشريف.

ولم أُفسر كل هذا إلّا بوجود الجثمان الطاهر للزهراء عليهاالسلام.

و ان لمسات مولاي الأمير يصدح بها فضاء هذا المكان الملكوتي، لما يمتاز به من هيبة و جلالة و نورانية في قلب كل زائر أحب أهل هذا البيت.

و ظلت هذه الرؤيا الحقيقة و الواقعية تراود ذهن زوجي و ذهني حتى انني احببتُ أن أزور الديار المقدسة للاستطاع على هذا المكان المقدس و التزود منه و صاحبته الجليلة، واتحسس نورها والمس ذرات ثراها الطاهر.

حبيب لا يفارق حبيبه


أجل سيدي، و ان الحسنى جلباب روحك، و أنت المحب الذي يرأف و يرق قلبك دوماً للزهراء، فيكف اذن تخرجها من جوار أبيها الحبيب المصطفى، و هي بضعته، و شجنته، و روحه التي بين جنبيه الذي قال عنها سيد الورى: «من آذاها فقد آذاني و من أغضبها فقد أغضبني، و من أدخل السرور إلى نفسها كمن أدخله إلى نفسي».

لقد كانت الزهراء أُم أبيها، التي تربت في حجر الوحي و القرآن، فقرأُها اللَّه منه السلام.

.. ألم يكن جبريل أول معزي لها في هذا البيت بعد رحيل أبيها الرسول؟!

- ألم تكن الزوجة التي احتضنت علياً بكل فكرها و احاسيسها، فكانت المؤنس، والسلوى له في كل المحن.

.. فكيف لمولاي أميرالمؤمنين صاحب الفكر الفذ والقلب المرهف الذي ما عرف امرأة قبل فاطمة، و لم يشرِك معها أياً تكون، والذي كان يرى في فاطمة نوراً من الأعماق الالهية، أن يخرج جثمان هذه الطاهرة الزكية من بيتها و يفصلها عن رؤياها التي لم تفارقها، و هي اللقاء بأبيها الرسول و القرب منه عند مثواه المبارك..

كيف لمثلك سيدي، و أنت أنت تبدد خواطر فاطمة البضعة في بيتها الذي ترعرعت فيه ورأت اقدام الملائكة تطبع اثرها في كل زاوية منه.

البيت الذي طالما تبرّك بجلوس النبي صلى اللَّه عليه و آله و سلم فيه الممتدة نور غمامته إلى عنان السماء.

و لم لا يحبه محمد سيد الأنبياء و قد احتوى اطهر الخلق و أقربهم إلى اللَّه..

و هل تنسى فاطمة جلوس أبيها الرسول في أركانه و هو يداعب ولداها الحسنين، محتضناً لابنتها زينب الحوراء. و أي بيت اطهر من هذا البيت الذي طالما شهدت حلقة بابه طارقها المصطفى و هو يديرها عند كل صباح و مساء رافعاً صوته بالدعاء لأهل هذا البيت: (الصلاة الصلاة إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس اهل البيت و يطهركم تطهيرا).

و هو ديدنه صلى اللَّه عليه و آله و سلم، فلا يخرج من المدينة لعمل أو يدخلها إلّا و كان هذا البيت أول من يدخله و آخر مَن يخرج منه، لما يكنّه من حب و شوق و وجدٍ دائم لفاطمة و علي و اولادهما.

.. و كم من مائدة فردوسية نزلت في ربوع هذا البيت الطاهر، البيت الذي ذكره اللَّه في قرآنه في آية التطهير.

(إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً).

.. أجل سيدي علي.. ان لهذا البيت الذي جاور جثمان سيد المرسلين و خير

/ 27