زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

زهراء عبق الرسالة و عبیر محمد (ص) - نسخه متنی

ام الحسنین البغدادی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


على ذلك ابقاءاً على تراث الامة المحمدية التي أخذ افق مجدها يلوح في الرحاب.هذا هو علي يا مولاتي بعدما تأكد ان الخطر محدق بدين محمد و مهدد بالخلافات التي سيدفع ثمنها الاسلام وحده، ليروي مصير الاسلام الذي زرعه الرسول من فيش روحه و قلبه، و انه ليعلم ان هذا و ذاك انما هي خطة أحبك العدو قصتهما و رسم روايتها ليطبعها، آثمة في وجه الدهر الذي ستتحمله اجلاجيال لاسقاط اعظم نظام و اكمله ألا و هو الاسلام...

فنظر الامام بسخريته المعهودة الى زمام عقولهم و قرأ فحواها و ازال تنكرها و دفعها إليهم خاوية على عروشها فغاظتهم و صبر هو على محنته اطاعة لأمر السماء.

الثعلب الناصح


وها هو شيخ بني اُميّة جالس حيال اميرالمؤمنين حاملاً معه آماله التي آنَ اَوانها، و اوشك حلمه (في ظنه) ان يتحقق في العودة الى ماضيه و عزته المفقودة في الاسلام اذ يقول:

- (يا اباالحسن اما واللَّه لئن شئت لاملائها على ابي فضيل خيلاً و رجلاً و لاسدنها عليه من اقطارها..).

فنظر اليه الوصي بعينيه الحزينتين، و بصوت صارم اجاب:

- (يا اباسفيان.. هذا ماء آجن، و لقمة يغص بها آكلها).

فبان العجب بوجه الشيخ و هو يكرر:- (ماء آجن!!.. اتراث ابن عمك يا اباالحسن تدعه نهباً).

فأجاب اميرالمؤمنين على الفور:

- (مجتنى الثمرة لغير وقت ايناعها كالزارع بغير ارضه).

فراح الشيخ يشدد و يوالي التحريض و قد احمرت عيناه و هو يقول:

- (يا عجباً! اَرضيتم يا بني عبدمناف ان يغلبكم عليها اذل بيت في قريش؟).

- (ما رضيت بل صبرت و في العين قذى، و في الحلق شجا).

فملئت الدهشة نفس الرجل و اخذ يقول متلكئاً باحرف كلماته:

- (اذن يتحدث الناس) فما ان سمع علي هذه الكلمات و ان الرجل قد اشرك الناس و شماتتهم لم يطق صبراً. (لأن علياً ما يرى في الخلافة الا وسيلة لغاية يرتجيها و انه مؤمن انها حقه و هو اولى الناس بها فاذا هم خرجوا بالحق الى غير اهله فهذا خطأ منهم عليهم وزره، حسابهم عنه اللَّه.

اجل فهم الوصي ما يرمي اليه شيخ بني اميّة، فأنّه تلميذ محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم و باب علمه الذي طالما افسد على اعداء الاسلام خططهم و مؤامراتهم، فكيف تنطلي عليه مثل هذه المؤامرة التي تريد ان تحط بالاسلام في هوة، و ترفع بالجاهلية الى حيث ما كانت عليه قبلاً، فأرتسمت صورة غضب فائرة على جبين اباالحسن و تصرم صوته و كأنه زلزل وطأة الرجل من تحته حينما قال:

- (ويح الناس!.. ان اقل ما يقولون حرص على الملك، و ان أسكت يقولوا جزع من الموت؟.. اما واللَّه لان ابى طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أمه)!!

ثم صمت برهة و قد رفع برأسه نحو السماء ثم عاد يتم بصوت هادئ النبرات حازم التوكيد:

- (يا اباحنظلة اني اسدلت دونها ثوباً و طويت عنها كشحاً، و رايت الصبر على هذا احجى..) ثم زجره و قال:- (انك واللَّه ما اردت بهذا إلا الفتنة و انك واللَّه طالما بغيت الاسلام شراً، لا حاجة لنا في نصيحتك).

و لم يكن شيخ بني اُمية الاول في التحريض بل كان آخرون من الاصحاب قد حرضوا الوصي على النصرة والبيعة..

اجل مولاتي يا زهراء صبر علي و خابت اماني الساعين الذين ارادوا النيل من

الاسلام.. فهنياً لهذا الدين الذي راى فيكم اُمنيته، و هنيئاً للسائرين على دربكم في التضحية و الايثار.. فقد حار المؤرخون عن اي موقف يصفون فيخلدون، و حقاً للتاريخ ان يملأ صفحاته بعبقكم و ان ينير اسطره بمناقبكم.. و سجلته اقلام الكتّاب المخلصون و من ايّ مذهب كانوا

[فهذا الاستاذ (عبدالفتاح) و هو من علماء السنة، يصف في تاريخه هذا الموقف العظيم اذ يقول: بالحرف:

(انف علي بهد هدا ان يعاود الكلام في شأن البيعة التي سبقه اليها شيخ بني تيم او يختل في امرها الى الناس. وانطوى ثانية على نفسه في داره، رفيقه فيها كتاب اللَّه يعمل ما وسعه في جمع شتاته ان يغيب عنه. و قد وجد في القرآن خبر مسلاة له عما هو فيه، فأقبل عليه بكل ذهنه يجمعه و يضم آياته الكريمة وادتها الى الاخرى. ولكن بيته لم يزل الكعبة التي يؤمها الذين آثروا الانحياز اليه و أبوا ان تميل قلوبهم عنه الى ابي بكر، فلم يخل يوماً من الزبير او ابي ذر او المقداد و من تابعهم من صحابهم على الرأي، يجتمعون ثم ينفضون فلا يدفعه اجتماعهم الى الامام خطوة و لا يرده انفضاضهم خطوة، بل ظل مقيماً على ما اخذ به نفسه من اعتزال الناس و اعتزال الامر كله بعد ما اصبح لأبي بكر و بعد ما شاهد من حيرة النفوس بين حقه و بين ما سلف منها الى غريمه من الادلاء بالسلطان. و لقد كانت الانباء تأتيه تترى من الخارج عما اخذ يفور بصدور الانصار من الندم فكان لا يحرك لها ساكنا و لا يلقي اليها بالاً، و لا يعني بأن يتقصاها او يعمل على اذكاء الندم لينقلب فتنة او ينقلب ثورة يفيد من ورائها مافاته. و لقد مشى اليه اناس يحاولون حمله على المطالبة بحقه المسلوب و يعرضون ان يؤازروه في الدعوة اليه او في نصره فما كانوا يصيبون منه تلبية النداء..) بلاغات النساء 19- 20، و فدك للجوهري- شرح النهج ص 210 ج 12 و غيرها.]

شجاعة علي بالامس و صبره اليوم


اجل انها لحظات حساسة حيث ان علياً غارق بفكره الذي زاد من همه، فها هو في المسجد و الزهراء ما تزال على الارض بين اغماء و صحوة، و حولها الحسنان يبكيان و فضة ترش عليها الماء لتتأكد من سلامة سيدتها، من انها لم تفارق الحياة.

كانت عيونها غائرة بفيش من الدموع و هي تردد بكلمات:-

(

اَبتي يا رسول اللَّه) و بين- (خلوا عن ابن عمي).

لكن الغريب والعجيب (سيدي يا اباالحسن) ان زوجتك اخذت ترسم تلك الصورة الواضحة المعالم النابضة بالاخلاص والوفاء حيث انها في اوج الآلام و الاحزان استفاقت من غشيتها على امل وحيد... رغم اوجاعها و هي تردد متساءلة:

- (اين علي) فالعجب انها نسيت الضرب و اسقاط جنينها، بل انها ما اشتكت و لو بكلمة آه، بل لفظت باسم زوجها و وصي ابيها.

ان الزهراء اليوم ستغادر دارها لانها ترى تراث المصطفى في علي، فصار لزام عليها ان تدعوا و تكافح صف لصف زوجها، وها هي بنت محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم جاءت لتنضح عن الحق بلسانها الطاهر الذي اشبه ان يكون لسان سيد المرسلين فكأنني بسيدة النساء فاطمة قد ارتدت شبحين احدهما شبح ابيها الراحل في هيبته و وقاره الذي كان يرعب الاعداء و الآخر شبح امها خديجة الطهر والعفاف حينما ظلت بجنب محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم الى اخر نفس في حياتها، و هي تدافع عنه و تكافح غير وانية.

فيا لقلبك الكبير العظيم و روحك، التي كانت تتنسم دوماً بمحمد الطهر.

فيا ايتها الملائكة تنزّلي، و سبحي من اجل هذه القديسة التي امتزج حب اللَّه في دمها و لحمها.. فصار متجلياً، عندما وقفت بجنب الحق الذي تجلى في روح و نفس علي.

طيف محمد يُبكي القوم


.. بلى تركت البتول ألم الضرب، واوجاعه، و لحقت بالوصي الى حيث ما سحبوه.

و تقدمت بخطواتها التي هي اشبه بأن تكون خطوات المصطفى ابيها.

فدخلت المسجد امام حشود المسلمين (كاللبوة) آخذه بأيدي شبليها (الحسن و الحسين)، ثم نظرت الى العلاء، و من عينيها تستدر الدموع.. تريد ان تفصح عما اتت من اجله، فقاطعتها اللوعة، و قالت:

- (اناشدكم بحق و حرمة هذا البيت، الذي نزلت فيه آية التطهير من الدنس، إلّا خليتم عن ابن عمي).

فانهد كيان الرجل، و هو يرى امامه محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم حينما كان يحاجج مشركي قريش.

وها هي فاطمة شجنته، و وريثة العصمة والطهارة، و عقيلة الحكمة، و حوراء الرسالة المحمدية، تقف من جديد، لتجعل الاعناق مشرأبة؛ لتلتقط من بحر علاها.وها هي تخطب امام هذا الجمع بخطبتها المعروفة، و التي انتهل من منهلها البلغاء، والفصحاء، و استذوقوا ما تطويه من شاعريه في مضمونها... و احفها من سر في مغزاها.

فكأن السماء كانت تردد صدى صوتها فأمطرت جوهراً، اضاء للقلوب دربها.. فوقعت صرعى بين الحقيقة والحب.. و بين الندم والخيانة.

فلاذت بالدموع لتنتشلها من هذا العار.. و ترقرقت العيون، وارتعشت الاذهان، اذ تسمع صوت محيهم بعذوبته يخاطبهم في طيف زهرائه.

.. (فكأنني) بك سيدتي قد تمثلت على سلسلة ربوة تعمها الازهار.. و كأن صدى نبراتك يتسلق آفاق السماء.

فانطلقت منه ملايين الحناجر، و هي تنادي و تناشد:

- (خلوا عن ابن عمي، يا ابابكر ما اسرع ما اغرتم على اهل بيت رسول اللَّه، و اللَّه لا اكلمه حتى القى اللَّه).

ثم تحسرت و شجونها تكابدها و هي تقول:

- (وا اسفاه عليك يا ابتاه وا أثكل حبيبك ابوالحسن المؤتمن، و ابو سبطيك.. و من ربيته صغيراً و آخيته كبيراً، و اجلّ احبائك لديك، و احب اصحابك اليك، او لهم سبقاً الى الاسلام، و مهاجرة اليك، يا خيرة الانام فها هو يساق في الاسر كما يقاد البعير).

.. فانحدرت الدموع من مآقي المسلمين، و سيطر عليهم شعور غريب شعور ينبع من القلوب و حسها.

فنظر اليهم الرجل بعينيه الملتمعتين بالغضب.. و هو يفتش عن كلمات تقلل من هيبة المسلمين، لوقع خطبة بنت نبيهم.

لكنه خذل و هو يرى السكينة، قد استولت على قلوبهم و هم يبكون بقوة و حرقة.

عند ذلك التفتت الزهراء الى ناحية قبر ابيها، فبدت عيناها و كأنهما تشرقان اذ تريان ما لا تراه الا عيونها.

فكأنها رأت قبراً تحفه اعشاب خضراء و زنابق عطرية.. و قد جعلت الطيور لها هناك مرفئاً فتحلق فوقه ثم تهوي اليه بين مغردة ولاعبة.

منظراً كأنه قطعة من جنة الخلد.

فأشرقت عيناها والتمعت الدموع وسط مقلتيها، حينما انعكس نور القبر على وجهها، فبكت و تنهدت.. ثم قالت:










نفسي على زفراتها محبوسة يا ليتها خرجت مع الزفرات
لا خير بعدك في الحياة و انما ابكي مخافة ان تطول حياتي




كرامة البتول تتجلى في دعائها


.. فحفنّها النسوة الهاشميات.. و هنّ يبكين معها.. حتى ان رفعت رأسها ملتفتة الى حيث الخليفة، و بصوت متصرم قالت و هي تجفف مدامعها:

- (يا ابابكر تريد ان ترملني من زوجي، فوالذي بعث محمداً بالحق لئن لم تخلوا عنه، لانشرن شعري و لاشقن جيبي و لا اضعن قميص رسول اللَّه على رأسي، ولاتي قبر ابي و لاصحن الى ربي، فما ناقة صالح بأكرم على اللَّه من ولدي)

[هذا ما نقله الشيخ القمي في كتابه بيت الاحزان.]

ثم اخذت بيد الحسن و الحسين نحو القبر.. لتفضي له بحزنها و همها ولوعتها.

فكأن الارض.. صارت تشق لها.. و هي تمشي بخطواتها الثكلى.

- (فما بقيت بالمدينة هاشمية الا تبعتها، تلبية لندائها)

[هذا ما نقله القمي في بيت الاحزان.]

.. كانت عيون علي تتابع بحزن فاطمة.

لكنها غامت بنظرة غريبة.. فانتفض و قد تعرق جبينه و هو يكلم سلمان الذي كان بقربه قائلاً:- (ادرك ابنة محمد فأني أرى جنبي المدينة تكفئان تخسفان)

[القمي في بيت الاحزان.]

فعلى الذعر قسمات اميرالمؤمنين و هو يقول:

- (واللَّه ان نشرت شعرها، وشقت جيبها، واتت قبر ابيها، وصاحت الى ربها لا يناظر بالمدينة ان يخسف بها و نحن فيها).

فارتعش بدن سلمان، و هرع يركض، ليدرك سيدة النساء، و ما ان وصل و وجهه يعلوه اصفرار و خوف حتى امتثل امام بنت نبيه، محني الظهر اذ قال و انفاسه تتصاعد و تتقطع و شفتاه ترتجفان:

- (سيدتي و مولاتي، يا ابنة رسول رب العالمين ان مولاي اميرالمؤمنين يأمرك ان ترجعي،

فأنه يخاف ان يخسف بالمدينة و نحن فيها).

فأجابته على الفور و زفراتها متوالية.. و هي ترمي بطرفها نحو قبر ابيها:

- (يا سلمان يريدون قتل علي و ما عليّ من صبر).

فسكتت برهة ريثما تسترد قواها التي هدها المصاب بعد سماعها لكلام اميرالمؤمنين.

و اي كلام من لسان فم معصوم.. و وصي سيد الرسل و الانبياء، و باب علمه.

فلو انها لم تكن فاطمة التي ترعرعت بحضن العصمة والطهارة، والنبوة لأبت الا لتفعل، لانها ترى الدنيا خاضعة لها بسمائها، و ارضها.. وانها لمظلومة، و اي مظلمة.. و قد أضطهد زوجها، و ضربت بلا ذنب.. و قتل جنين بين احشائها بغير جرم.

اَوما آن الاوان أذن لتأخذ بثأرها.. فتجعل السماء سافلها.. و الارض عاليها. اَوما آن لها ان تكشو شجونها كأي عبد صالح مؤمن يشكو حزنه و اشجانه الى ربه و خالقه.

«لكن حاشا و حاشا» للزهراء الا ان تصبر كما صبر ابوها من قبل على الاذى، الذي ما كابده احد في الخلق مثله.

و هذه فاطمة تلميذته و فلذته كبده فتأست به لانها منه، واستجابت لامر مولاها اميرالمؤمنين (علي) على الرغم من عصمتها و حكمتها و علمها.. فقالت لسلمان:

- (اصبر- واسمع له و اُطيع).

.. فسدرت لناحية القبر و نادت بصوت تملئه العبرات والحسرات و تغرقه الدموع.. و كأنها ودت لو تنام بقرب القبر.. فتضمها اركانه بوسد ثراه، فصاحت بألم واسى:

-(وا محمداه وا حبيباه وا اباه وا ابالقاسماه، وا احمداه وا قلة ناصراه، وا غوثاه، وا اطول

كربتاه وا حزناه، وا مصيبتاه وا اسوء صباحاه)..

فكأن السماء رددت هذا النداء.

.. فضج الناس بالبكاء والنحيب و صار المسجد لا يسمع فيه سوى العويل (فواللَّه قد تقلعت اساس حيطان المسجد من اسفلها، حتى لو ان رجل ينفذ من تحتها نفذ)

[عن انس في نورالابصار، ص 40، القمي: في بيت الاحزان.]

.. ففغرت شفتا سلمان وارتعبت خوالجه ذعراً.. و ما تزال اسنانه مصطكة و هو يقول:- (ان اللَّه تبارك و تعالى بعث اباك رحمة فلا تكوني نقمة).

.. عند ذلك ادبر نور الزهراء.. (حتى ان الارض سمع لها صدعاً هائلاً).. فجمدت العيون من شدة الرعب (فقد رجعت حيطان المسجد الى خياشميها بعدما سطعت منها غبرة التراب، التي كادت تعمي الابصار).

و تقدمت الزكية البتول.. الى قبر ابيها.. فأرتمت عليه، تنتشل بيدها من ترب ثراه، تمررها على خديها الغارقة بالدموع ثم تبكي بشهيق و هي تقبل القبر.. و تقول:










ماذا علىَّ من شم تربة احمد ان لا يشم مدى الزمان غواليا

صُبت عليّ مصائب لو انها

صُبت على الايام عُدن لياليا

[ذكره الشيخ القمي في بيت الاحزان.

.




من الخواطر


.. واترك باقي الاسطر سيدتي كي تملئها عبراتك المنسكبة من مقلتيك المتجمرة الاوصال، واصمت متفكرة بشخصك الذي ملئه دفوق الرقة والحب واكتنفته اعباقه المنتشرة.. ذلك الحب الذي نسمعه متكلماً عندما تخرس ألسنة الحياة، و نراه دوماً ساطعاً مشرقاً منيراً كعمود يمتد من السماء يضي الكون بعدما حجبته الطلسماء.

اجل ضاعت ابتسامة الزهراء العذبة على هضاب المدينة، و صار الوجه الجميل مناحة للدموع، حتى جعلته ذابلاً خابئاً، واصبح البحر كأنه ينوء مستفيقاً للعبرات والغصص، فأسم محمد صلى اللَّه عليه و آله و سلم هاتف يهتف به كيان فاطمة.. هاتفاً تسمعه الزهراء يتحدر من علياء السماء.. و هو يخاطبها كل يوم: (اقترب اللقاء يا ابنتي).

.. و ظل ديدن الزهراء هو البكاء عند قبر ابيها، و قبور الشهداء.

وها هي الارض تشهد امامها حزنك سيدتي، فكأنها زلزلت جزعاً مما صنعوه، بلى: شهدت تلك الدموع التي سقطت من اجل الحق.. و كما تشهدك الان و انت طريحة الفراش من بعدما وقع عليك من الضرب والقهر (ولكن) المأساة لم تنته الى هنا.

فدك في التاريخ


فبالايام المنصرمات غصب حق علي.. و ما اكتفوا بذلك، بل عادوا ليغصبوا حقاً آخر.. من حقوق هذا البيت الطاهر..

حق من:

حق فاطمة.. البتول، الذي تركه ابوها الرسول إرثاً لها.

فأرض فدك هي الذكرى، التي ابقاها الرسول لابنته من هده الدنيا، بعد ما نزل قوله تعالى (و آت ذاالقربى حقه)، فدعا الرسول فاطمة فأعطاها فدكاً و العوالي، و قال:- «هذا قسم قسمه اللَّه لك (أو) لعقبك»

[كذا نقلها علماء السنة و بصور مختلفة من آية القربى نزلت في حق فاطمة: و من الذين نقلوا هذا الخبر: التفسير الكبير ج 29 ص 284، الملل و النحل ج 1 ص 23، شواهد التنزيل ج 1 ص 340، كنزالعمال و بهامشه مسند احمد ج 1 ص 228، فتوح البلدان ص 46، في كتاب المأمون لعامله على المدينة. و فدك هي قرية في.. الحجاز، بينها و بين المدينة يومان، (و قيل) ثلاثة و هي أرض يهودية في مطلع تأريخها المأثور. و كان يكسنها طائفة من اليهود، و لم يزالوا على ذلك حتى السنة السابعة حيث قذف اللَّه بالرعب في قلوب أهليها فصالحوا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم على النصف من فدك، (وروي) انه صالحهم عليها كلها، و ابتدأ لذلك تاريخها الاسلامي، فكانت ملكاً لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه و آله و سلم لانها فيما لم يوجف عليها بخيل، و لا ركاب، ثم قدمها لابنته (الزهراء)، و بقيت عندها حتى توفى ابوها صلى اللَّه عليه و آله و سلم فأنتزعها الخليفة الاول، على حد تعبير صاحب (الصواعق المحرقة). (كما في تأريخ فدك).]

وها هو المرض قد أخذ مأخذه من جسم الزهراء.. لكنها و من جديد تركت آلامها.. و قامت من فراش مرضها.. تجفف دموع عينيها، و قد لاحت عليها معاني الوهن و الحزن.

.. فمدت بيديها المرتجفتين و تناولت خمارها، ولاثته على رأسها الشريف.

واشتملت جلبابها.

ثم اخذت بيدي شبليها.. واقبلت تشق الارض بخطواتها الثكلى، في حين

/ 27