حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


خصائص فاطمة


عصمة فاطمة بنت رسول الله


و من المسائل المفروغ عنها، الثابتة بالنصّ القرآني هي عصمة الزهراء فاطمة صلوات الله عليها. و أنّها أحد الخمسة الطيّبين من أصحاب الكساء الذين أذهب اللهه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً، فقد أنزل الله تعالى على نبيّه في سورة الأحزاب. (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيراً).

[الأحزاب، الآية 33.]

فمعنى الرجس في الآية حسب ما قاله حبر الأمّة عبدالله بن العباس: «هو عمل الشيطان و ما ليس لله فيه رضى».

[مجمع البيان، ج 8، ص 558.]

والمراد بأهل البيت- باتّفاق الأئمة بأجمعها- أهل بيت نبينا.

[نفس المصدر، ص 559.]

والمراد من أهل بيت النبي هو عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام لا غير كما أشار به أبوسعيد الخدري و أنس بن مالك و واثلة بن الأسقع و عائشة و أمّ سلمة.

[نفس المصدر، ص 559.]

و قد أورد الإمام جلال الدين السيوطى في تفسير هذه الآية عشرين رواية من طرق مختلفة في أن المراد من أهل البيت هنا إنمّا هم الخمسة لا غير، و ذكر ابن جرير في تفسيره خمس عشرة رواية بأسانيد مختلفة في قصر الآية عليهم بالخصوص.

[الكلمة الغرّاء في تفضيل الزهراء، ص 12.]

قال الطبرسي: و استدلّت الشيعة على اختصاص الآية بهؤلاء الخمسة عليهم السلام بأن قالوا: إنّ لفظة «إنّما» محقّقة لما أثبت بعدها، نافية لما لم يثبت، فإنّ قول القائل: إنّما لك عندي درهم و إنّما في الدار زيد يقتضي، أنّه ليس عنده سوى الدرهم، و ليس في الدار سوى زيد، و إذا تقرّر هذا فلا تخلو الإرادة في الآية أن تكون هي الإرادة المحضة أو الإرادة التي يتبعها التطهير و إذهاب الرجس، و لا يجوز الأول؛ لأنّ الله تعالى قد أراد من كلّ مكلّف هذه الإرادة المطلقة فلا اختصاص لها بأهل البيت دون سائر الخلق، و لأنّ هذا القول يقتضي المدح و التعظيم لهم بغير شكّ و شبهة، و لا مدح في الإرادة المجرّدة، فثبت الوجه الثاني، و في ثبوته عصمة المعنيّين بالآية من جميع القبائح، و قد علمنا أنّ من عدا مَن ذكرناه من أهل البيت غير مقطوع على عصمته، فثبت أنّ الآية مختصّة بهم؛ لبطلان تعلّقها بغيرهم.

و متى قيل: إنّ صدر الآية و ما بعدها في الأزواج فالقول فيه: إنّ هذا لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم، فإنّهم يذهبون من خطاب إلى غيره و يعودون إليه، و القرآن من ذلك مملوء، و كذلك كلام العرب و أشعارهم.

[مجمع البيان، ج 8، ص 560.]

فلا شكّ و لا ريب من أنّ فاطمة من أهل البيت و من أهل النبيّ و من أصحاب الكساء و ممّن شملتها هذه الآية الشريفة، و أنّها معصومة بشهادة الآية الشريفة، و أنّه كان يأتيها النبيّ كلّ يوم عند صلاة الفجر فيقول: الصلاة يا أهل بيت النبوّة (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً) تسعة أشهر بعد ما نزلت (و أمر أهلك بالصلاة و اصطبر عليها) و روي هذا الخبر عن ثلاثمائة من الصحابة أيضاً.

[ينابيع الموّدة، ص 174؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 53.]

قال السيد شرف الدين: إنّ الآية دلّت على عصمة الخمسة؛ لأنّ الرجس فيها عبارة عن الذنوب كما في الكشّاف و غيره، و قد تصدّرت بأداة الحصر و هي إنّما، فأفادت أنّ إرادة الله تعالى في أمرهم مقصورة على إذهاب الذنوب عنهم و تطهيرهم منها، و هذا كنه العصمة و حقيقتها.

[الكلمة الغراء، في تفصيل الزهراء، ص 24.]

كلام المفيد في إثبات عصمة الزهراء


قال المفيد في الفصول المختارة: و من كلام الشيخ أدام الله عزّه في إثبات الحكم بقول فاطمة عليهاالسلام قال الشيخ أيّده الله: قد ثبت عصمة فاطمة عليهاالسلام بإجماع الأمة على ذلك فتياً مطلقة و إجماعهم على أنّه لو شهد عليها شهود بما يوجب إقامة الحدّ من الفعل المنافي للعصمة لكان الشهود مبطلين في شهادتهم و وجب على الأمّة تكذيبهم و على السلطان عقوبتهم؛ فإنّ الله تعالى قد دلّ على ذلك بقوله: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهركم تطهيراً) و لا خلاف بين نقله الآثار أنّ فاطمة عليهاالسلام كانت من أهل هذه الآية، و قد بيّنا- فيما سلف- أنّ ذهاب الرجس عن أهل البيت الذين عنوا بالخطاب يوجب عصمتهم، و لإجماع الأمّة أيضاً على قول النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: «من آذى فاطمة فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله عزّ و جلّ». فلولا أنّ فاطمة عليهاالسلام كانت معصومة عن الخطأ مبرّأة من الزلل لجازمنها وقوع ما يجب آذاها به بالأدب و العقوبة، و لو وجب ذلك لوجب أذاها، و لو جاز وجوب أذاها لجاز أذى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و الأذى لله عزّ و جلّ، فلمّا بطل ذلك دلّ على أنّها عليهاالسلام كانت معصومة حسبما ذكرناه.

[الفصول المختارة، ص 56.]

بيان الطبرسي في إعلام الورى


قال: إنّ فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله كانت من أحد المعصومين، و ممّا يدل على عصمتها قوله سبحانه: (إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيراً) و وجه الدلالة أنّ الأمّة اتّفقت أنّ المراد بأهل البيت في الآية هم أهل بيت رسول الله، و وردت الرواية من طريق الخاص و العام أنّها مختصّة بعليّ و فاطمة و الحسن و الحسين، و أنّ النبيّ جلّلهم بعباء خيبرية ثمّ قال: «اللّهم إنّ هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً»، فقالت أمّ سلمة: و أنا يا رسول الله من أهل بيتك؟ فقال لها: «إنّك على خير...».

و ممّا يدّل أيضاً على عصمتها قول النبيّ فيها: «إنّها بضعة منّي يؤذيني ما آذاها». و قوله: «من آذى فاطمة فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله عزّ و جلّ». و قوله: «إنّ الله ليغضب

لغضب فاطمة و يرضى لرضاها». و لو كانت ممّن يفارق الذنوب لم يكن من مؤذيها مؤذياً له على كلّ حال، بل يكون متى فعل المستحقّ من ذمّها و من آذاها و إقامته الحدّ أنّ الفعل يقتضيه سارّاً له عليه السلام.

[إعلام الورى، ص 156.]

كلام المحقّق الطوسي في ذيل الآية


قال: و استدلّ أصحابنا بهذه الآية على أنّ في جملة أهل البيت معصوماً لا يجوز عليه الغلط، و أنّ إجماعهم لا يكون إلّا صواباً بأنّ قالوا: ليس تخلو إرادة الله لإذهاب الرجس عن أهل البيت من أن تكون هو ما أراد منهم من فعل الطاعات و اجتناب المعاصي أو يكون عبارة عن أنّه أذهب عنهم الرجس بأن فعل لهم لطفاً اختاروا عنده الامتناع من القبائح، و الأولّ لا يجوز أن يكون مراداً؛ لأنّ هذه الإرادة حاصلة مع جميع المكلّفين، فلا اختصاص لأهل البيت في ذلك، و لا خلاف أنّ الله تعالى خصّ بهذه الآية أهل البيت بأمر لم يشركهم فيه غيرهم، فكيف يحمل على ما يبطل هذا التخصيص و يخرج الآية من أن تكون لهم فيها فضيلة و مزيّة على غيرهم، على أنّ لفظة إنّما تجري مجرى ليس، و قد دللنا على ذلك في ما تقدم، و حكيناه عن جماعة من أهل اللغه كالزجّاج و غيره، فيكون تلخيص الكلام: ليس يريد الله إلّا إذهاب الرجس على هذا الحدّ عن أهل البيت، فدلّ ذلك على أنّ إذهاب الرجس قد حصل فيهم، و ذلك يدلّ على عصمتهم، و اذا ثبت عصمتهم ثبت ما أردناه.

[التبيان، ج 8، ص 340.]

بيان العلّامة المجلسي


و لقد أطنب العلّامة المجلسي رحمه اللَّه في هذا المجال في مرآة العقول- في ذيل الحديث المروي عن أبي الحسن عليه السلام أنّ فاطمة صديقة شهيدة- قال: و لا ريب في عصمتها صلوات الله عليها؛ لدخولها في الذين نزلت فيهم آية التطهير بإجماع الخاصّة و العامّة و الروايات المتواترة من الجانبين، و أمّا دلالة الآية على العصمة فلأنّ المراد بالإرادة في الآية إمّا الإرادة المستتبعة للفعل، أعني إذهاب الرجس حتّى يكون في قوّة أن يقال: إنّما أذهب الله

عنكم الرجس أو الإرادة المحضة حتّى يكون المراد أمركم الله يا أهل البيت باجتناب المعاصي.

فعلى الأوّل ثبت المدّعى، و أمّا الثاني فباطل من وجوه:

الأول: أنّ كلمة إنّما تدلّ على التخصيص، و الإرادة المذكورة تعمّ سائر المكلّفين حتّى الكفّار لاشتراك الجميع في التكليف، و قد قال سبحانه: «و ما خلقت الجنّ و الإنس إلّا ليعبدون) فلا وجه للتخصيص بهم.

الثاني: أنّ المقام يقتضي المدح و التشريف لمن نزلت الآية فيه، حيث جلّلهم بالكساء و لم يدخل فيه غيرهم، و خصّصهم بدعائه فقال: «اللهّم هؤلاء أهل بيتي و حامّتي». و كذا التأكيد في الآية حيث أعاد التطهير بعد ذكر إذهاب الرجس و المصدر بعد الفعل منوّناً بتنوين التعظيم.

[مرآة العقول، ج 5، ص 315.]

أقول: و ممّا يزيد بياناً على ما استدل به الطبرسى في إعلام الورى على عصمة فاطمة الزهراء بروايات من النبي صلى اللَّه عليه و آله «مَن آذى فاطمة فقد آذانى» و قوله صلى اللَّه عليه و آله: «إنّ الله ليغضب لغضب فاطمة...».

فإنّ الرواية الثانية من الأدلّة على عصمتها، فإنّه لا يمكن أن يجتمع غضب الله لغضب فاطمة و غضب الله على فاطمة، فالله سبحانه لمّا يغضب لغضب فاطمة معناه أنّه لا تعصي الله طرفة عين أبداً، فلذلك إن غضبت على أحد فغضبها يكون غضب الله تعالى فيغضب لغضبها، و أمّا إذا عصت فأين غضب الله لغضبها، بل يكون هنا غضب الله عليها لأجل المعصية.

و ممّا يؤيّد أيضاً ماورد عنه صلى اللَّه عليه و آله لما عوتب في أمر فاطمة فقال: «لو لم يخلق الله عليّ بن أبي طالب لما كان لفاطمة كفؤ».

و في خبر: «لولاك لما كان لها كفؤ على وجه الأرض».

و عن المفضّل عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «لولا أنّ الله تعالى خلق أميرالمؤمنين لم يكن لفاطمة كفؤ في وجه الأرض آدم فمن دونه».

[مناقب آل أبي طالب، ج 2، ص 181؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 97 و 107؛ ينابيع المودة، ص 177؛ دلائل الإمامة، ص 10؛ عيون أخبار الرضا، ج 1، ص 177؛ أمالي الطوسي، ص 43.]

فنقول: إنّ هذه المزيّة الكبيرة و المنقبة العظيمة لم ترد حتّى في خديجة زوجة النبيّ، فكيف بسائر أزواج النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و كيف بسائر أمّهات الأئمّة عليهم السلام فعجيب أمر فاطمة من حيث إنّه لم يرد هذا المقال في شأن أيّ امرأة في الخلق أجمعين.

فلمّا كانت معصومة لزم أن يتزوّجها كفؤ مثلها في العصمة؛ فإنّ النبيّ لو كان يقول لفاطمة: «لو لم يخلقك لما كان لعليّ كفؤ» بطل الاحتمال، لكنه قال بعكس ذلك.

و ممّا يؤيّد أيضاً ما نقوله: إنّه عليه السلام تولّى و باشر غسل الزهراء فاطمة عليهاالسلام و علّل ذلك بأنها كانت صدّيقة، و لا يجوز أن يغسّل الصدّيق إلّا الصدّيق، و هذا مما يشبه تولّي غسل النبيّ وصيّه عليّ بن أبي طالب، و غسل كلّ إمام الإمام الذي بعده، فلو لم تكن معصومة و جاز أن يغسّلها غيره، فلما ذا لم تغسّلها أسماء بنت عميس في حين أنّها كانت حاضرة و كانت تُعين عليّاً بالماء.

روى ابن شهر آشوب في المناقب عن أبي الحسن الخزّاز القمّي في الأحكام الشرعية:

سئل أبوعبدالله عن فاطمة مَن غسّلها؟ فقال: «غسّلها أميرالمؤمنين؛ لأنّها كانت صدّيقة لم يكن ليغسّلها إلّا صدّيق».

[مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 364؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 206؛ علل الشرائع، ص 219.]

قال الطريحى- بعد ذكر هذه الرواية-: الصدّيق فعّيل للمبالغة في الصدق، و يكون الذي يصدق قوله بالعمل، و أراد بالصدّيق هاهنا عليّاً.

[مجمع البحرين، ص 404.]

ألم تكن فاطمة صادقة طيلة عمرها، ألم تكن من عادتها الصدق دائماً، ألم يطابق قولها عملها و عملها قولها، فمن كان مثل الزهراء عليهاالسلام على هذا الحدّ من الصدق في القول و الاعتقاد و العمل حتّى لا تكون صدّيقة معصومة، و هل تكون العصمة غير هذا؟!

و ممّا يؤيّد قولنا ما قاله العلّامة المجلسي قدس سره- في ذيل الحديث الثاني المرويّ عن أبي الحسن قال: «إن فاطمة صدّيقة شهيدة»، قال-: الحديث الثاني صحيح، و الصدّيقة فعّيلة للمبالغة في الصدق و التصديق، أي كانت كثيرة التصديق لما جاء به أبوها، و كانت صادقة في جميع أقوالها مصدّقة أقوالها بأفعالها، و هي معنى العصمة، و لا ريب في عصمتها صلوات الله عليها؛ لدخولها في الذين نزلت فيهم آية التطهير بإجماع الخاصّة و العامّة

و الروايات المتواترات من الجانبين.

[مرآة العقول، ج 5، ص 331.]

و قال أيضاً: فإنها صدّيقة أي معصومة كما مرّ، و لا يغسّل المعصوم رجلاً كان أو امرأة إلّا المعصوم.

[نفس المصدر، ص 342.]

و ممّا يدّل أيضاً على عصمتها صلوات الله عليها أنّها كانت حجّة الله على خلقه، كما صرّح به النبيّ صلى اللَّه عليه و آله على ما رواه الطبري بسنده عن عليّ بن الحسين، عن أبيه عن أميرالمؤمنين- في حديث طويل- عن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قال فيه: «أنا و عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين و تسعة من ولد الحسين حجج الله على خلقه، أعدؤنا أعداء الله و أولياؤنا أولياء الله».

[بشارة المصطفى، ص 24.]

ففاطمة عليهاالسلام حجّة، والحجّة معصوم، و ذلك ثابت بالأدلّة القطعية. و ثانياً أنّ قول الحجة غير المعصوم لا اعبتار به فكيف يكون حجّة على الخلق؟

و قال العلّامة المجلسي: و نحتجّ أيضاً في عصمتها صلوات الله عليها بالأخبار الدالّة على وجوب المتسّك بأهل البيت عليهم السلام و عدم جواز التخلّف عنهم و ما يقرب من هذا المعنى، و لا ريب أن لا يكون ثابتاً لأحد إلّا إذا كان معصوماً؛ إذ لو كان ممّن تصدر عنه الذنوب لما جاز اتّباعه عند ارتكابها، بل يجب ردعه و منعه و ايذاؤه و إقامة الحدّ عليه و إنكاره بالقلب و اللسان، و كل ذلك ينافي ما حثّ عليه الرسول صلى اللَّه عليه و آله و أوصى به الأمّة في شأنهم.

[بحارالأنوار، ج 8، ص 125، الطبعة الحجرية.]

علم فاطمة


و من نعم الله تبارك و تعالى على أوليائه أنّه فضلّهم على سائر خلقه و أعطاهم ما لم يعط أحداً، فمّما أنعم الله على بنت نبيّه و خاتم رسله العلم، فكانت صلوات الله عليها عالمة بكلّ شي ء، و لا يعلم مبلغ علمها إلّا الذي منحها.

و قد ورد في تاريخها ما يشهد أنّها لم تكن فقط عالمة بما قد يحصل للأوحديّ من الناس، بل كانت عالمة بالقضايا و بما سبق و ما كان و بما يكون و ما هو كائن إلى يوم القيامة، فكانت في العلم قرينة لعليّ و لسائر المعصوين عليهم السلام، و كيف لا تكون كذلك

و قد اختارها الله لمّا اطّلع على خلقه بعد ما اختار أولاً سيّد ولد آدم، أعني محمد بن عبدالله ثمّ عليّاً ثمّ الأئمة من ولدها ثمّ اختارها. في المرة الرابعة فلم يكن هذا الاختيار إلّا لما عرف الله سبحانه من فضلها و علمها و تقدّمها على سائر نساء العالمين.

روى المجلسي عن الصدوق: فيما أوصى به النبيّ إلى عليّ: «يا عليّ إنّ الله أشرف على الدنيا فاختارني منها على رجال العالمين، ثمّ اطّلع الثانية فاختارك على رجال العالمين بعدي، ثمّ اطلع الثالثة، فاختار الأئمّة من ولدك على رجال العالمين بعدك، ثمّ اطّلع الرابعة فاختار فاطمة على نساء العالمين».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 26.]

و ممّا يشهد بذلك أيضاً أنّ الله أعطى عشرة أشياء لعشرة من النساء: التوبة لحوّاء زوجة آدم، و الجمال لسارة زوجة إبراهيم، و الحفاظ لرحيمة زوجة أيوب، و الحرمة لآسية زوجة فرعون، و الحكمة لزليخا زوجة يوسف، و العقل لبلقيس زوجة سليمان، و الصبر لبرحانة أمّ موسى، و الصفوة لمريم أمّ عيسى، و الرضى لخديجه زوجة المصطفى، و العلم لفاطمة زوجة المرتضى.

[مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 321.]

و أعطى الله أكملهنّ إلى أعلاهنّ و أفضلهنّ، يعنى العلم إلى فاطمة بنت رسول صلى اللَّه عليه و آله.

دلائل علم فاطمة


و لعلم فاطمة عليهاالسلام دلائل و شواهد كثيرة، و لقد كانت في عهد صباها متفوّقة على أقرانها، بل على نساء زمانها بشهادة أمّ سلمة أمّ المؤمنين، فلقد كانت تصرّح أنّها أعرف بالأشياء من غيرها.

كانت فاطمة أعرف بالأشياء منّي


قال ابن عباس: هاجرت فاطمة مع أميرالمؤمنين و نساء المهاجرين، و كانت عائشة فيمن هاجر معها فأنزلها النبيّ على أمّ أيوب الأنصاري، و خطب رسول الله النساء و تزوّج سودة أول دخول المدينة، فنقل فاطمة إليها، ثمّ تزوج أمّ سلمة بنت أبي أميّة فقالت أمّ سلمة:

تزوّجني رسول الله و فوّض أمر ابنته إلى فكنت أؤدّبها و أدلّها، و كانت و الله أدأب منّي و أعرف بالأشياء كلّها، و كيف لا تكون كذلك و هي سلالة الأنبياء صلوات الله عليها و على أبيها و بعلها و بنيها.

[دلائل الإمامة، ص 12.]

فاطمة بحر من العلم


2. شهد الإمام الصادق عليه السلام: بأنّ فاطمة بحر عميق من العلم و الكمال كما رواه الخركوشي عن سلمان و الشيرازى، عن أبي صالح، و أبوإسحاق الثعلبي و عليّ بن أحمد الطائي و أبومحمد بن الحسن القطان عن سعيد بن جبير و سفيان الثورى، و أبونعيم الأصفهاني عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس و عن ابن مالك عن ابن عباس، و القاضي النطنزي عن سفيان بن عيينة، عن جعفر الصادق في قوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان) قال: «عليّ و فاطمة بحران لا يبغي أحدهما على صاحبه».

[مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 318؛ تذكرة الخواصّ، ص 212.]

3. و عنه عليه السلام عن النبيّ صلى اللَّه عليه و آله في قوله تعالى: (مرج البحرين يلتقيان بينهما برزخ لا يبغيان) قال: «عليّ و فاطمة بحران من العلم عميقان لا يبغي أحدهما على صاحبه (يخرج منهما اللؤلؤ و المرجان) الحسن و الحسين».

[روضة الواعظين، ص 148.]

فاطمة بحر النبوّة


3. عن أبي معاوية الضرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن ابن عباس في تفسير آية (مرج البحرين يلتقيان) يقول: أنا الله أرسلت البحرين عليّ بن أبي طالب بحر العلم و فاطمة بحر النبوّة (يلتقيان) يتصلان أنا الله أوقعت الوصلة بينهما.

[مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 319.]

الإجابة على سؤال غامض


4. و لقد مرّ عليك ما عن عليّ عليه السلام أنّه قال: «كنّا جلوساً عند رسول الله فقال: «أخبروني

أيّ شي ء خير للنساء؟ فعيينا بذلك كلّنا حتّى تفرّقنا فرجعت إلى فاطمة عليهاالسلام فأخبرتها الذي قال لنا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و ليس أحد منّا علمه و لا عرفه، فقالت: و لكنّى أعرفه، خير للنساء أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال، فرجعت إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقلت: يا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله سألتنا أيّ شي ء خير للنساء؟ و خير لهنّ أن لا يرين الرجال و لا يراهنّ الرجال قال: من أخبرك فلم تعلمه و أنت عندي؟ قلت: فاطمة، فأعجب ذلك رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و قال: إنّ فاطمة بضعة منّي».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 54؛ مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 341 و فيه: فضمّها إليه و قال: «ذرّية بعضها من بعض».]

5. و روى ابن المغازلي بسنده عن جعفر بن محمد، عن أبيه «أن فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله دخل عليها عليّ عليه السلام و به كآبة شديدة فقالت: ما هذه الكآبة؟ فقال: سألنا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله عن مسألة لم يكن عندنا لها جواب فقالت: و ما المسألة؟ قال: سألنا عن المرأة ما هي؟ قلنا: عورة، قال: فمتى تكون أدنى من ربّها فلم ندر ما نقول، قالت: ارجع إليه فأعلمه أنّ أدنى ما تكون من ربّها أن تلزم قعر بيتها، فانطلق فأخبر النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فقال: هذا من تلقاء نفسك يا عليّ؟ فأخبره أنّ فاطمة أخبرته فقال: صدقت إنّ فاطمة بضعة منّي».

[مناقب ابن المغازلي الشافعي، ص 381.]

فاطمة عالمة بما كان و بما هو كائن


و عن عيون المعجزات: روي عن حارثة بن قدامة قال: حدّثني سلمان، قال: حدثني عمار و قال: أخبرك عجباً؟ قلت: حدّثني يا عمار قال: نعم، شهدت عليّ بن أبي طالب و قد ولج على فاطمة، فلما أبصرت به نادت: «ادْنُ منّي لأحدّثك بما كان و بما هو كائن و بما لم يكن إلى يوم القيامة حين تقوم الساعة».

قال عمار: فرأيت أميرالمؤمنين عليه السلام يرجع إلى القهقرى، فرجعت برجوعه إذ دخل على النبيّ، فقال له: «ادن يا أباالحسن» فدنا، فلما اطمأنّ به المجلس قال له: «تحدّثني أم أحدّثك»؟

قال: «الحديث منك أحسن يا رسول الله»، فقال: «كأنّي بك و قد دخلت على فاطمة و قالت لك: كيت و كيت، فرجعتَ، فقال عليّ عليه السلام: نور فاطمة من نورنا، فقال عليه السلام أولا تعلم»؟

/ 28