حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


لكزها بنعل السيف بأمره، فأسقطت محسناً و مرضت من ذلك مرضاً شديداً».

[دلائل الإمامة، ص 44، بحارالأنوار، ج 43، ص 170؛ نوادر الأخبار، ص 183؛ الاحتجاج، ج 1، ص 108.]

إنّ المغيرة بن شعبة ضرب فاطمة


و نسب الإمام الحسن المجتبى عليه السلام في احتجاج له مع معاوية و جلسائه هذه الجريمة إلى مغيرة بن شعبة و قال: «و أنت ضربت فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله حتّى أدميتها و ألقت ما في بطنها؛ استذلالاً منك لرسول الله، و مخالفة منك لأمره، و انتهاكاً لحرمته، و قد قال لها رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: أنت سيّدة نساء أهل الجنّة، و الله مُصيّرك إلى النار...».

[بحارالأنوار، ج 44، ص 83.]

إنّ عمر ضرب بطن فاطمة حتّى أسقطت


و منهم من قال: إن الخليفة الثاني ضرب بطن فاطمة صلوات الله عليها حينما هجموا دارها يوم البيعة كالنظّام على ما رواه الشهرستاني، و كان يعتقد بأنّ عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتّى ألقت الجنين من بطنها، و كان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها، و ما كان في الدار غير عليّ و فاطمة و الحسن و الحسين.

[الملل و النحل، ص 59؛ الوافي بالوفيات، ج 6، ص 17.]

و قال الشيخ الطوسي قدس سره: والمشهور الذي لاخلاف فيه بين الشيعة أنّ عمر ضرب على بطنها حتّى أسقطت فسمّى السقط محسناً، و الرواية بذلك مشهورة عندهم.

[تلخيص الشافي، ج 3، ص 156.]

و روى الديلمي بسنده عن فاطمة صلوات الله عليها قالت: «فأخذ عمر السوط من يد قنفذ مولى أبي بكر فضرب به عضدي... و ركل الباب برجله فردّه عليّ و أنا حامل فسقطت لوجهي... و جاءني المخاض فأسقطت محسناً قتيلاً بغير جرم».

[بحارالأنوار، ج 8، ص 231، الطبعة الحجرية.]

و وصف عمر تلك اللحظة المأساوية قائلاً: قلت لخالد بن الوليد: أنت و رجالنا هلمّوا في جمع الحطب فقلت: إنّي مضرمها، فقالت: «يا عدوّ الله، و عدوّ رسوله و عدوّ أميرالمؤمنين»، فضربت فاطمة يدها من الباب تمنعني من فتحه، فرمته فتصعب عليّ فضربت كفّيها

بالسوط فآلمها، فسمعت لها زفيراً و بكاءاً، فكدت أن ألين و أنقلب عن الباب، فذكرت أحقاد عليّ و ولوغه في دماء صناديد العرب و كيد محمد و سحره، فركلت الباب و قد التصقت أحشاؤها بالباب تترسه، و سمعتها و قد صرخت صرخة قد جعلت أعلى المدينة أسفلها و قالت: «يا أبتاه يا رسول الله هكذا يفعل بحبيبتك و ابنتك، آه يا فضّة إليك خذيني فقد والله قتل ما في أحشائي من حمل»، و سمعتها تمخض و هي مستندة إلى الجدار، فدفعت الباب و دخلت فأقبلت إليّ بوجه أغشى بصري، فصفقت صفقة على خدّيها من ظاهر الخمار، فانقطع قرطها و تناثرت إلى الأرض و خرج عليّ، فلمّا أحسست به أسرعت إلى خارج الدار و قلت لخالد و قنفذ و مَن معهما: نجوت من أمر عظيم.

[بحارالأنوار، ج 8، ص 222؛ الطبعة الحجرية.]

و أمّا المفيد في كتابه الاختصاص و إن نسب هذه الرفسة إلى عمر، ولكن يرى أنّ هذه القضية اتّفقت في الطريق و أنّها لمّا أخذت الكتاب من أبي بكر بردّ فدك إليها قال: فخرجت فاطمة و الكتاب معها فلقيها عمر فقال: يا بنت محمد ما هذا الكتاب الذي معك؟ فقالت: «كتاب كتب لي أبوبكر بردّ فدك» فقال: هلميّة إليّ، فأبت أن تدفعه إليه فرفسها برجله و كانت حاملة بابن اسمه المحسن فأسقطت المحسن من بطنها...

[الاختصاص، ص 180؛ مسار الشيعة ، ص 100.]

فتلخّص مما قلنا أنّ فاطمة أسقطت جنينها من أثر الضربة التي وردت عليها إمّا من الخليفة الثاني أو بأمره، و هذا ممّا لا شكّ فيه.

هل كان في البيت غير أهل البيت؟


يظنّ بعض الموّرخين أنّه لمّا هجموا على آل بيت الرسول دارهم كان في ذلك الحين عدد من الصحابة في بيت فاطمة و لمّا يبايعوا الخليفة بعدُ فكانت عملية الهجوم لأجل إخراج هؤلاء لأخذ البيعة منهم.

قلنا: و هذا الظنّ لا يغني من الحقّ شيئاً و إن ذكره اليعقوبي و ابن عبدربّه و غيرهما. من أنّه بلغ أبابكر و عمر أنّ جماعة من المهاجرين و الأنصار قد اجتمعوا مع عليّ بن أبي طالب في منزل فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله.

[تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 126.]

و يشير في العقد الفريد إلى أسماء منهم: العباس و زبير و سعد بن عبادة

[العقد الفريد، ج 5، ص 13.] بأنّهم كانوا في البيت مع عليّ معترضين على الخليفة و لم يبايعوا آنذاك.

فالذي يبدو في النظر أنّه لم يكن في البيت أحد غير أهل البيت، فلذلك لم يستهدفوا إلّا أهل البيت خاصة، فنظرية وجود أحد في البيت غيرهم غير صحيحة ومردودة عليهم، لأنّه: أولاً: نرى الكثير من المؤرّخين لم يتعرّضوا لذكر وجود أيّ شخص أو أشخاص داخل البيت حين الهجوم، بل صرّحوا بعدم وجود أحد سوى أهل البيت، و هذا قول النظّام الذي مرّ عليك قريباً من أنه: ما كان في الدار غير علي و فاطمة و الحسن و الحسين.

[الملل و النحل، ص 59.]

و ثانياً: فلماذا لم يقولوا حينما هجموا على الدار، نحن نستهدف العباس و الزبير و سعد بنُ عبادة مثلاً و كونوا بمعزل من هؤلاء حتّى نلقي القبض عليهم، بل كانوا يقولون، أحرقوا الدار بمن فيها...

و ثالثاً: و لم نسمع لحدّ الآن من أيّ مورّخ بأنه كتب أو قال: بأنّهم أخرجوا غير عليّ من بيت فاطمة حين الهجوم لأخذ البيعة منه، فلو كانوا لأخرجوهم أيضاً مع عليّ إلى المسجد.

و رابعاً: فلو كانوا في البيت فلماذا لم يغيّروا بفعل و لا بقول على المهاجمين و كان فيهم الشجعان، و لماذا لم يدافعوا عن أهل البيت و لم يقفوا بوجه الحاقدين و المهاجمين بعد أن شاهدوا تلك الوقائع المشجية و المدهشة؟

و خامساً: فلو كان المقصود إخراج الزبير و العباس و غيرهما للبيعة، فلماذا ضربوا الزهراء و لطموا، خدّها و كسروا ضلعها و أسقطوا جنيها؟ و قد أشرنا كل ذلك فيما مضى.

و سادساً: فلو كان الهدف غير أهل البيت، فلماذا أحاطوا بعليّ و أخذوه سحباً إلى المسجد؟

إذن فكلّ ذلك ممّا يدلّ بوضوح على أنّه لم يكن في البيت أحد غيرهم، و إنّما كان أهل البيت هم المقصودون بالذات لا غيرهم كما أشار به النظّام و غيره.

و سابعاً: فلو كان في البيت غيرهم فلماذا جاءت فاطمة من دون ستر خلف الباب؟ فهل كان لاختفائها وراء الباب غرض إلّا رعاية للستر، كي لا يراها الهاجمون؟ فإذا كان في

البيت غير أهل البيت فلماذا جاءت خلف الباب من دون ستر و حجاب؟؟ فتأمّل جيداً.

ما هو رأي المحكمة العليا؟


و يهم الباحث أيضاً أن يستطلع الرأي و القرار الذي تصدره المحكمة العليا حول هذه المأساة، و قد مرّ عليه شرح ما جرى بكامله، فالمهمّ أن يعرف أنّه لو أقيمت محكمة إسلامية للقضاء في هذه المسألة فما هو القرار الصادر، فهل يجوز للحاكم الإسلامي أن يأمر بالحرق وكسر الباب و الدخول قهراً بدون استئذان و ضرب المرأة الضعيفة و كسر ضلعها و إسقاط جنينها و لطم وجهها من دون أيّ علّة و سبب.

و نسأل أيضاً- أنّه لمّا كانت المرأة (إن لم تكن مقاتلة) مصونة في الحرب أَفَهل يحلّ ضربها و إرعابها و إسقاط جنينها في داخل البيت؟ فكيف و هي بنت سيّد المرسلين و خاتم النبيّين الذي أوصى النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بحفظها و رعاية حقوقها و عدم إيذائها.

فلو كان النبيّ حيّاً و شاهداً و رأى ما جرى أَفهل تراه كان يسكت و لا يتّخذ أيّ موقف؟! أو لم يفرض هذا الإجرام بحقّ ابنته كأنّه أسي ء إليه؟ أَو لم يهدر دم هؤلاء الذين أرعبوا ابنته و دخلوا بيتها قهراً و ضربوها و كسروا ضلعها و أسقطوا جنينها؟ كما أباح دم هبار بن الأسود الذي روّع زينب ابنته فألقت ما في بطنها.

نقل المجلسي عن ابن أبي الحديد قال: قرأت هذا الخبر على النقيب أبي جعفر فقال: إذا كان رسول الله صلى اللَّه عليه و آله أباح دم هبّار لأنّه روّع زينب فألقت ذا بطنها، فظاهر الحال أنّه لو كان حيّاً لأباح دم من روّع فاطمة حتّى ألقت ذا بطنها، فقلت: أروي عنك ما يقوله قوم: إنّ فاطمة عليهاالسلام روّعت فألقت المحسن فقال: لا تروه عنّي و لا ترو عنّي بطلانه، فإنّي متوقّف في هذا الموضع؛ لتعارض الأخبار عندي....

[بحارالأنوار، ج 8، ص 62؛ الطبعة القديمة الحجرية.]

قلت: والقضية أوضح من أن تخفى على ابن أبي الحديد و على أبي النقيب و هكذا على كلّ خبير لكن نراه قد تخلّص من هذه القضية خوفاً على نفسه بأن قال: فإنّي متوقّف فى هذا الموضوع لتعارض الأخبار عندي تلخّص من ذلك كلّه أن مسألة الاعتداء على بضعة الرسول و إحراق باب بيتها و دخول بيتها و ضربها و إدمائها و كسر ضلعها و إسقاط

جنينها ليست من المسائل المستحدثة، بحيث لم يتعرّض المؤرّخون إلى جوانب هذه القضية، فجاء ذكر الاعتداء قديماً و حديثاً بنحو الإجمال و التفصيل في الكتب التاريخية و الحديثة و غير ذلك كالاختصاص، و الإمامة و السياسة، و الاحتجاج، و تاريخ اليعقوبي، و نوادر الأخبار، و البحار، و أمالي الصدوق، و مناقب آل أبي طالب، و بشارة المصطفى، و العقد الفريد و تاريخ الطبري، و الإيضاح، و الدرّ الثمين، و الملل و النحل، و إثبات الوصية، و كتاب سليم بن قيس و إرشاد القلوب، و الكوكب الدرّي، و فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى، و نوائب الدهر، و خصائص الأئمّة و تفسير العياشي، و دلائل الإمامة، و تثبيت الإمامة، و معاني الأخبار، و فرائد السمطين، و الفصول المهمّة، و كامل البهائي، و المستجاد، و الصراط المستقيم، و الوافي بالوفيات، و تلخيص الشافي و مسارّ الشيعة، و شرح نهج البلاغة، و غير ذلك من مئات الكتب المخصّصة لهذا الموضوع.

الدفاع عن الوصي و الوصاية


و وقفت فاطمة عليهاالسلام بوجوه الغاصبين بأشدّ ما يكون، بعد ما تحمّلت أشدّ الظلم و الخيانة و من أعداء آل البيت عليهم السلام من الدعاء عليهم و الدفاع عن وليّ الله و الولاية.

صرخة الزهراء على المعتدين و الغاصبين


و لذلك صرخت لمّا رأت تواثب القوم على عليّ عليه السلام و إحاطتهم بأميرالمؤمنين و كأنّها نسيت ممّا حلّ بها من الضرب و اللطم على وجهها و هتك حرمتها، فقالت: «والله لتخرجنّ أو لأكشفنّ شعري و لأعجّنّ إلى الله...».

[تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 126.]

و لمّا رأت أنّهم يجرّون عليّاً لإخراجه إلى البيعة صاحت: «والله لا أدعكم تجرّون ابن عمّي، ويلكم ما أسرع ما خفتم الله و رسوله فينا أهل البيت و قد أوصاكم رسول الله صلى اللَّه عليه و آله باتّباعنا و مودّتنا و التمسّك بنا، فقال الله تعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلّا المودّة فى القربى)».

[نوادر الأخبار، ص 183.]

و لمّا أخرجوا الإمام سحباً من داره خرجت وراءهم و هي تنادي: خلّوا عن ابن عمّي، فوالله الذي بعث محمداً أبي بالحقّ إن لم تخلّوا عنه لأنشرنّ شعري، و لأضعنّ قميص رسول الله صلى اللَّه عليه و آله على رأسي، و لأصرخنّ إلى الله تبارك و تعالى، فما صالح بأكرم على الله من

أبي و لا الناقة بأكرم منّي و لا الفصيل بأكرم على الله من ولدي...».

[الاحتجاج، ج 1، ص 113.]

الدعاء عليهم


و أضاف المفيد قوله: فخرجت فاطمة فقالت: «يا أبابكر و عمر تريدان أن ترمّلاني من زوجي، والله لئن لم تكفّا عنه لأنشرنّ شعري، و لأشقنّ جيبي، و لآتينّ قبر أبي، و لأصيحنّ إلى ربّي»، فخرجت و أخذت بيد الحسن و الحسين متوجّهة إلى القبر فقال عليّ، لسلمان: «أدرك ابنة محمد صلى اللَّه عليه و آله فإنّي أرى جنبتي المدينة تكفئان، فوالله لئن فعلت لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها و بمن فيها»، قال: فلحقها سلمان فقال: يا بنت محمد إنّ الله تبارك و تعالى إنّما بعث أباك رحمة فانصرفي، فقالت: «يا سلمان ما عليّ صبر فدعني حتى اتي قبر أبي فأصيح إلى ربّي». قال سلمان: فإنّ عليّاً بعثني إليك و أمرك بالرجوع فقالت: «أسمع له و أطيع» فرجعت....

[الاختصاص، ص 181.]

دفاعها عن الولاية و سكوتها بأمر المولى


و نرى الصدّيقة فاطمة تجعل ثوب النبيّ على رأسها و تريد الدعاء عليهم ليتركوا عليّاً، بحيث لو لم يتارك الإمام عليّ الموقف آنذاك لساخت المدينة بأهلها إثر دعاء المظلومة فاطمة عليهاالسلام.

نعم، كانت تدنو من قبر أبيها لتصيح إلى ربّها و تشكو إلى رسول الله من ظلم القوم، و لكنّها تركت الدعاء، و كأنّها لم ترد قبر رسول الله و رجعت إلى البيت، فلماذا؟ هل تركوا عليّاً؟! كلّا، أو هل اعتذروا منها حتّى ترجع؟! أو هل فوّضوا عليّاً الخلافة و قلّدوه كي تسكت؟؟

قلنا: كلّا و لن يتركوا عليّاً بعد، و لم يعتذروا من اعتدائهم، و لم يقلّدوه الخلافة... إذن لماذا سكتت و رجعت؟ نعم، رجعت و هي كاظمة غيظها، صابرة ممّا أصابها... رجعت لأمر المولى لها بالرجوع، خرجت خلف الوصيّ للدفاع عن الولاية، و رجعت بأمر المولى

لتعطي للآخرين درساً بأنّهم كيف يدافعون عن كيان الإسلام و عن قائده، و كيف يقفوا بوجه الطغاة و من أراد كيداً بالإسلام و بوليّ الأمر (صلوات الله عليه).

و طبيعيّ أنّها لم تسكت على الرغم من الاستهانة بها و شتمها و ضربها و ما زالت تدافع عنه إلى أن سكتت بأمره عليه السلام.

مع عليّ على أبواب المهاجرين و الأنصار


واصلت فاطمة صلوات الله عليها دفاعها عن وصيّ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام بشتّى طرق الدفاع و مختلف أساليبه، فكانت تخرج مع إمامها و تأتي أبواب المهاجرين و الأنصار لتذكرهم حقوق الإمام على الأمّة و دعوتهم إلى نصرته بعد أن ابتزّوا حقّه وغصبوا خلافته.

قال سلمان: فلمّا كان الليل حمل عليّ فاطمة على حمار، و أخذ بيد ابنيه الحسن و الحسين، فلم يدع أحداً من أهل بدر المهاجرين و لامن الأنصار إلّا أتى منزله و ذكر حقّه و دعاه إلى نصرته، فما استجاب له من جميعهم إلّا أربعة و أربعون، رجلاً، فأمرهم أن يصبحوا بكرة محلّقين رؤوسهم معهم سلاحهم و قد بايعوه على الموت، فأصبح و لم يوافه منهم أحد غير أربعة.

قلت لسلمان: من الأربعة؟ قال: أنا و أبوذرّ و المقداد و الزبير بن العوّام، ثمّ أتاهم من الليلة الثانية فنا شدهم الله، فقالوا: نصحبك بكرة، فما منهم أحد و في غيرنا، ثمّ الليلة الثالثة فما و في أحد غيرنا، فلما رأى عليّ عليه السلام، غدرهم و قلّة وفائهم لزم بيته....

[الاحتجاج، ج 1، ص 107.]

و قال ابن قتيبة: و خرج عليّ كرم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله على دابّة ليلاً في مجالس الأنصار تسألهم النصرة، فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو أنّ زوجك و ابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به، فيقول عليّ كرم الله وجهه: أَفَكُنت أَدَع رسول الله صلى اللَّه عليه و آله في بيته لم أدفنه و أخرج أنازع الناس سلطانه؟

فقالت فاطمة: «ما صنع أبوالحسن إلّا ما كان ينبغي له، و لقد صنعوا ما الله حسيبهم و طالبهم».

[الإمامة و السياسة، ص 19.]

عدم رضائها عن الشيخين


و من المسائل المطروحة أيضاً، و إن كان يسعى بعض بالتخلّص عنها و توجيهها بما لا يرضى صاحبها هو الدفاع عن الشيخين بأنهما و لو أخطآ و آذيا ابنة المصطفى، ولكن استرضيا بعد ذلك من فاطمة و رضيت هي عنهما و اعتذرا منها و قبلت عذرهما.

قلنا: الأدلّة و الشواهد التاريخية ترشدنا إلى بطلان ما اعتذرا عنه و أنّها لم تكن راضية عنهما، بل أوصت أن لا يحضرا جنازتها و لا يصلّيا عليها، بل و لا يحضرا دفنها.

و إليك بعض الشواهد كما يلى:

حوّلت وجهها إلى الحائط لئلّا ترى وجههما


و من شدّة غضبها عليهما أنهما لمّا طلبا من الإمام أميرالمؤمنين بأن يدخلهما على فاطمة ليتعذرا و أصرّا على ذلك، و اقترح الإمام عليها قولهما فلم تردّ الإمام، ولكن لما دخلا عليها حوّلت وجهها.

قال ابن قتيبة في ذلك: فقال عمر لأبي بكر: انطلق بنا إلى فاطمة، فإنّا قد أغضبناها، فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة، فلم تأذن لهما، فأتيا عليّاً فكلّما فأدخلهما عليها فلما قعدا عندها، حوّلت وجهها إلى الحائط فسلّما عليها فلم تردّ عليهماالسلام، فتكلّم أبوبكر فقال: يا حبيبة رسول الله، والله إنّ قرابة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله أحبّ إليّ من قرابتي، و إنّكِ أحبّ إليّ من عائشة ابنتي، ولوددت يوم مات أبوك أنّي مِتّ و لا أبقى بعده، أفتراني أعرف و أعرف فضلك و شرفك، و أمنعك حقّك و ميراثك من رسول الله، إلّا أنّي سمعت أباك رسول الله صلى اللَّه عليه و آله يقول: «ما تركناه فهو صدقة»، فقالت: «أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله تعرفانه و تفعلان به-؟ قالا: نعم: فقالت:- نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: رضا فاطمة من رضاي و سخط فاطمة من سخطي، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني، و من أرضى فاطمة فقد أرضاني، و من أسخط فاطمة فقد أسخطني؟

- قالا: نعم، سمعناه من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: قالت:- فإنّي أشهد الله و ملائكته أنّكما

أسخطتماني و ما أرضيتماني و لئن لقيت النبيّ صلى اللَّه عليه و آله لأشكونّكما إليه- فقال أبوبكر: أنا عائذ بالله تعالى من سخطه و سخطك يا فاطمة، ثمّ انتحب أبوبكر يبكي حتّى كادت نفسه أن تزهق، و هي تقول:- والله لأدعونّ الله عليك في كلّ صلاة أُصلّيها...»

[الإمامة و السياسة، ص 20.] و أضاف الطبري: فخرجا من عندها و هي ساخطة عليهما».

[دلائل الإمامة، ص 45.]

قلت: فإن كان هذا العمل من فاطمة لا يدلّ على سخطها عنهما فأيّ دليل يدلّ على ذلك؟

و ثانياً: فهل جواب السلام واجب في الشريعة الإسلامية أم لا؟ فإن كان واجباً فلم لا تجب السيّدة فاطمة حينما دخلا عليها و سلّما، في حين أنّ جواب السلام واجب و إن كان المسلّم فمن أهل الذمة فجوابه واجب احتياطاً كما قال السيّد الطباطبائي في العروة.

[العروة الوثقى، ص 249.]

و في الواقع أنّه لم يحضرني جواب هذا السؤال، و الأفضل أن نسأل الشيخين أنّه لماذا لم تُجِب سلامكما و لِمَ حوّلت وجهها عنكما.

و ثالثاً: أليس اتّخاذ هذا الموقف الشديد يدلّ بوضوح على أنها لم تكن راضية عنهما.

أوصت بعدم حضورهما جنازتها


و من الشواهد أيضاً أنّها أوصت إلى عليّ عليه السلام أن لا يشهد جنازتها من هؤلاء الذين ظلموها.

قال ابن فتّال: ثمّ قالت: «أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني و أخذوا حقّي فإنّهم أعدائي و أعداء رسول الله صلى اللَّه عليه و آله...».

[روضة الواعظين، ص 151.]

أوصت فاطمة أن لا يصلّيا عليها


و من الشواهد أيضاً أنّها أوصت عليّاً أن لا يصلّيا عليها، فعمل عليّ بوصيّتها كما رواه المجلسي عن الواقدي قال: إنّ فاطمة لمّا حضرتها الوفاة أوصت عليّاً أن لا يصلّي أبوبكر

/ 28