حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و بنت عدوّ الله مكاناً واحداً أبداً».

[ذخائر العقبى، ص 37؛ السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية، ج 2، ص 10.] فكيف الجمع و التوفيق بين القولين، إلّا أن نقول بكذب الرواية من أصلها.

7. كيف يعبّر النبيّ عن بنت أبي جهل ب «بنت عدو الله» على المنبر، و هو الذي منع الناس عن أن يقولوا لعكرمة أخيها ابن عدوّ اللّه؟ و قال كلمته الخالدة: «يأتيكم عكرمة مهاجراً فلا تسبّوا أباه فإن سبّ الميّت يؤذي الحيّ».

[رسالة الثقلين، العدد التاسع و العشرون، ص 182.]

8. أنّ المسور بن مخرمة- الراوي للحديث- قد ولد في السنة الثانية للهجرة، فكيف يقول: إنّه سمع النبيّ يخطب على المنبر؟ و كان وقت سماعه للحديث محتلماً كما جاء في الحديث

[رسالة الثقلين، العدد التاسع و العشرون، ص 182.] عن مسلم.

قال في الجرح و التعديل ما يؤيد صغره: له رؤية للنبيّ صلى اللَّه عليه و آله كان صغيراً في عهد النبيّ.

[الجرح و التعديل، ج 8، ص 297.]

9. أنّ هذه المسألة لم تكن بجديدة في حقّ الإمام عليّ عليه السلام حيث إنّهم كانوا يتربّصون به الدوائر حتّى في جبهات القتال فيتّهموه بشي ء حتّى يغضب النبيّ عليه.

قال المفيد في الإرشاد: «و كان أميرالمؤمنين قد اصطفى من السبي جارية، فبعث خالد بن الوليد بريدة الأسلمي إلى النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و قال له: تقدّم الجيش إليه فأعلمه بما فعل عليّ من اصطفاء الجارية من الخمس لنفسه و وقع فيه، فسار بريدة حتّى انتهى إلى باب رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فلقيه عمر بن الخطاب فسأله عن حال غزوتهم و عن الذي أقدمه، فأخبره إنّما جاء ليقع في عليّ بن أبي طالب، و ذكر له اصطفاء الجارية من الخمس لنفسه، فقال له عمر: امض لما جئت له، فإنّه سيغضب لابنته ممّا صنع عليّ، فدخل بريدة على النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و معه كتاب من خالد بما أرسل به بريدة، فجعل يقرأه و وجه رسول الله صلى اللَّه عليه و آله يتغير فقال بريدة: يا رسول الله إنّك إن رخّصت للناس في مثل هذا ذهب فيئهم، فقال له النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: و يحك يا بريدة أحدثت نفاقاً، إنّ عليّ بن أبي طالب يحلّ له من الفي ء ما يحلّ لي، إنّ عليّ بن أبي طالب خير الناس لك و لقومك و خير من أخلف بعدي لكافة أمّتي، يا بريدة أحذر أن تبغض عليّاً فيبغضك الله. قال بريدة: فتمنّيت أنّ الأرض انشقّت لي فسخت فيها

و قلت: أعوذ بالله من سخط الله و سخط رسول الله. يا رسول الله استغفر لي فلن أبغضن عليّاً أبداً، و لا أقول فيه إلّا خيراً، فاستغفر له النبيّ صلى اللَّه عليه و آله».

[الإرشاد، ص 74 و 75.]

هل كان النكاح على عليّ محرّماً بوجود فاطمة


بقي شي ء و لابدّ أن نشير إليه، و هو هل كان النكاح على عليّ حراماً في حياة فاطمة عليهاالسلام متعة و دواماً و تسرّياً أم لا؟ و هل كان ذلك بمنع من النبيّ فيه خاصّة أم لا؟ أو لمّا كان النكاح على فاطمة أو التسرّى عليها ممّا يوجب بغضها، و من أبغضها فقد أبغض رسول الله، فكان محرماً عليه لئلّا يثير غضب فاطمة عليهاالسلام؟

فنقول: لقد ورد في أحاديث السنّة و الشيعة ما يستفاد منه أنّ النكاح كان عليه محرّماً مادامت فاطمة بنت رسول الله حيّة، و علّل أبوداود من تلقاء نفسه الحرمة لقول الله عزّ و جلّ: (ما آتاكم الرسول فخذوه و مانهاكم عنه فانتهوا) إلّا أن يأذن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله.

[ذخائر العقبى، ص 38؛ السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية، ج 2 ص 11.]

و علّل الحرمة أيضاً عمر بن داود على قول رسول الله: «فاطمة بضعة منّي يربيني مارابها و يؤذيني ما يؤذيها».

[ذخائر العقبى، ص 38، السيرة النبوية لزين دحلان بهامش السيرة الحلبية، ج 2 ص 11.]

و علل الحرمة على لسان الصادق عليه السلام: «لأنّها كانت طاهرة لا تحيض».

[أمالي الطوسي، ص 43؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 153؛ التهذيب، ج 7، ص 475، ص 1908.] و قيل: إنّ هذا التحريم من خصائص فاطمة كما ادّعاه مفتي الشافعية السيد أحمد زيني دحلان و السيرة النبوية بهامش السيرة الحلبية، ج 2، ص 11.

فأمّا ما روى عن عمر بن داود أو عبدالله بن داود الحريثي أو أبوداود فلا اعتبار لا بقوله و لا بتعليله هذا أولاً. و ثانياً أنّه لم يكن خبر منقول عن النبيّ، بل استظهار من الآية الشريفة و قول النبيّ: «فاطمة بضعة منّي».

و أمّا ما روى عن أمالي الصدوق- بسنده عن عليّ بن أبي حمزة عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «حرّم الله عزّ و جلّ النساء على عليّ عليه السلام ما دامت فاطمة حيّة» قلت: فكيف قال: «لأنّها طاهرة لا تحيض».

[أمالي الطوسي، ص 43 «و حدثنى جماعة عن أبي غالب، عن خالد،عن الأشعري، عن أبي عبدالله، عن منصور بن العباس، عن إسماعيل بن سهل الكاتب، عن أبي طالب الغنوى، عن على بن أبي حمزة...».] فخبر واحد، و لا تعارض بينه و بين الحكم الثابت

لجميع المسلمين، كما أشار إليه الطبري بقوله: «هذا من جملة خبر الآحاد، و قد قال الله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى و ثلاث و رباع) و لا يجوز تحريم ذلك في حق أحد إلّا بسنة قاطعة أو آية محكمة

[بشارة المصطفى، ص 248.]، فلو احتج بصحّة الخبر، نقول: الرواية ضعيفة بعليّ بن أبي حمزة؛ حيث كان واقفياً، بل كان أحد عمد الواقفة

[معجم رجال الحديث، ج 11، ص 229.] و لعنه ابن الغضائري بقوله: «عليّ بن أبي حمزة، لعنه الله، أصل الوقف و أشدّ الخلق عداوة للوليّ من بعد أبي إبراهيم عليهاالسلام».

[معجم رجال الحديث، ج 11، ص 229.] و شبّه الإمام علي بن موسى عليه السلام هو و أصحابه بالحمير قائلاً: «يا عليّ أنت و أصحابك شبه الحمير».

[رجال الكشّي، ص 403.]

و ضعيفة أيضاً ب «إسماعيل بن سهل الكاتب» قال النجاشي: «إسماعيل بن سهل الدهقان ضعّفه أصحابنا».

[رجال النجاشي، ص 21.]

هذا لكن الصدوق رحمه اللَّه ذكر هذه الرواية إضافة عمّا في أماليه، في تهذيب الأحكام في باب زايدات فقه النكاح و لم يتعرض إلى فقه الحديث، لا نفياً و لا إثباتاً.

و يستشمّ من لحن كلام العلّامة المجلسي رحمه الله و من بيان احتمال التعليل بعد ذكره نفس الرواية أنّه لا ينفي الحرمة، قال: «بيان: هذا التعليل يحتمل وجهين:

الأول: أن يكون المراد أنّها لمّا كانت لا تحيض حتّى يكون له عليه السلام عذر في مباشرة غيرها، فلذا حرّم الله عليه غيرها رعاية لحرمتها.

الثانى: أن يكون المعنى أنّ جلالتها منعت من ذلك، و عبّر عن ذلك ببعض ما يلزمه من الصفات التي اختصّت بها».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 152.] .

و نزيد بياناً إلى بيان المجلسي رحمه الله إنّنا و إن لم نستدلّ بهذه الرواية على الحرمة، ولكن نقول: إنّه لم يكن الإمام محتاجاً إلى غيرها، حيث كانت دائماً طاهرة مطهرة تقيه نقية و حوراء إنسيّة، و قد جمع الله فيها صفات لم يجمعها لأحد من النساء من الأولين و الآخرين، فأي امرأة كانت تشبه فاطمة بهذه الصفات و الملكات حتّى يرغب الإمام

على عليه السلام إليها نعم، لم يتزوج الإمام ما دامت فاطمة حيّة إكراماً و احتراماً و تعظيماً لها صلوات الله عليها، كما لم يتزوّج رسول الله صلى اللَّه عليه و آله على خديجة مادات حيّة.

و يدلّ على الجواز،- أيضاً- اصطفاؤه عليه السلام الجارية لنفسه، و جواب النبيّ لبريدة: «يا بريدة أحدثت نفاقاً، إنّ عليّ بن أبي طالب يحلّ له من الفي ء ما يحلّ لي». إن لم نقل هذا لاصطفاء لم يكن لنفسه، بل كان للنبي صلى اللَّه عليه و آله و تخيل خالد بن الوليد أنّه يريدها لنفسه.

و ما قيل: إنّ هذه الجارية كانت خولة بنت جعفر أمّ محمد بن الحنفية، قلنا: إنّ قضية سبي خولة كانت في أيّام أبي بكر

[تنزيه الأنبياء، ص 140.] لا ما رواه المدائني من أنّه بعث رسول الله صلى اللَّه عليه و آله عليّاً إلى اليمن فأصاب خولة... و صارت في سهمه و ذلك على عهد رسول الله صلى اللَّه عليه و آله؛ لضعف المدائنى و مرويّاته، و صحّة ما جاء من أنّها سُبيت في عهد أبي بكر و بيعت من عليّ بن أبي طالب فأعتقها و مهرها و تزوّجها.

[تنزيه الأنبياء، ص 140.]

نسبة التشاحّ بين عليّ و فاطمة


و من المسائل التي توسوس في صدور بعض الناس، و قد لا يجدون لها جواباً صحيحاً، هو وجود التنازع و التخاصم و التشاحّ بين عليّ و فاطمة، فإنّه لا يمكن عادة أن يعيش الإنسان مدّة تسع سنين مع زوجته و لا يكون بينهما تنازع و تشاحّ في المسائل الجزئية؟

قلنا: لو كان عليّ و فاطمة غير معصومين لأمكن التشاحّ بينهما كما قد يتّفق لكثير من الأزواج، و هكذا لو كان أحدهما غير مصعوم لأمكن أيضاً أن يكون الاختلاف و التنازع من قبل غير المعصوم، و أمّا بالنسبة إلى عليّ و الزهراء عليهاالسلام الذي سبق أن أثبتنا عصمتهما فلا يتصوّر حتّى الشكل الضعيف من التخاصم بينهما، فكيف بالشكل الحادّ الذي يحتاج أن يتدخّل النبيّ في الصلح بينهما.

و ممّا يكذب بعض الروايات التي سنتعرّض إليها أن أغلبية الناس قد يتّفق فيهم التشاحّ، و لكن لا يخرج ذلك من أطار البيت، بل إمّا أن يعفو الرجل عن زوجته و إمّا أن تعفو المرأة عن زوجها و تنتهي بلا تدخّل الآخرين و إن كان المصلح من ينتسب إليهما، فكيف بعليّ بن أبي طالب عليه السلام الذي نشأ في حجر رسول الله، و تربّى تربيته، و أخذ من أخلاقه

و علومه، و هكذا بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله، فكيف يتصوّر هذا التخاصم إلى هذا الحدّ حتّى يتدخّل الرسول بينهما؟!

و أمّا نحن فنذكر بعض الروايات الواردة و إن كنا نعتقد أنّها مردودة و غير صحيحة ثمّ نبحث عنها:

روى الصدوق في العلل، بسنده عن أبي هريرة قال: صلّى بنا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله الفجر ثمّ قام بوجه كئيب و قمنا معه حتّى صار إلى منزل فاطمة صلوات الله عليها، فأبصر علياً نائماً بين يدي الباب على الدقعاء، فجلس النبيّ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فجعل يمسح التراب عن ظهره و يقول: «قم فداك أبي و أمّى يا أباتراب، ثمّ أخذ بيده و دخلا منزل فاطمة فمكثنا هنيئة ثمّ سمعنا ضحكاً عالياً، ثمّ خرج علينا رسول الله بوجه مشرق فقلنا: يا رسول الله دخلت بوجه كئيب و خرجت بخلافه؟ فقال: كيف لا أفرح و قد أصلحت بين اثنين أحبّ أهل الأرض إليّ و إلى أهل السماء».

[علل الشرائع، ص 186؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 146.]

روى أخطب خوارزم بسنده عن سهل بن سعد قال: استعمل على المدينة رجل من آل مروان قال: فدعا سهل بن سعد فأمره أن يشتم عليّاً قال: فأبى سهل فقال له: أما إذا أبيت فسمّه أباتراب فقال: سهل ما كان لعليّ اسم أحبّ إليه من أبي تراب، و إنّه كان ليفرح إذا دُعي به فقال له: أخبرنا عن قصّته لم سمّي أباتراب فقال: جاء رسول الله إلى بيت فاطمة فلم يجد عليّاً في البيت فقال لها: «؟ين ابن عمّك، قالت: كان بيني و بينه شي ء فغاضبني فخرج فلم يُقل عندي فقال رسول اللَّه لإنسان: انظر أين هو؟ فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقداً، فجاء رسول الله و هو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقّه فأصابه تراب، فجعل رسول الله يمسحه عنه و يقول: قم يا أباتراب قم يا أباتراب».

[مناقب الخوارزمي، ص 6؛ مقاتل الطالبيين، ص 14 و 15 بتفاوت يسير؛ تذكرة الخواصّ، ص 16.]

و في العلل- أيضاً- بسنده عن حبيب بن أبي ثابت قال: كان بين عليّ و فاطمة عليهاالسلام كلام فدخل رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و ألقي له مثال فاضطجع عليه، فجاءت فاطمة عليهاالسلام فاضطجعت من جانب، و جاء عليّ عليه السلام فاضطجع من جانب، فأخذ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله يده فوضعها على سرّته، و أخذ يد فاطمة فوضعها على سرّته، فلم يزل حتّى أصلح بينهما ثمّ خرج فقيل له:

يا رسول الله دخلت و أنت على حال و خرجت و نحن نرى البشرى في وجهك؟ قال: ما يمنعنى و قد أصلحت بين اثنين أحبّ مَن على وجه الأرض إليّ».

[علل الشرائع، ص 187؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 146.]

و روى في المناقب عن ابن عبد ربّه الأندلسي في العقد، عن عبدالله بن الزبير في خبر عن معاوية بن أبي سفيان قال: دخل الحسن بن عليّ على جدّه صلى اللَّه عليه و آله و هو يتعثّر بذيله، فأسرّ إلى النبيّ سرّاً فرأيته و قد تغيّر لونه، ثمّ قام النبيّ حتّى أتى منزل فاطمة فأخذ بيدها فهزّها إليه هزاً قوياً ثمّ قال: يا فاطمة إيّاك و غضب عليّ فإنّ الله يغضب لغضبه و يرضى لرضاه، ثمّ جاء عليّ فأخذ النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بيده ثمّ هزّها إليه هزّاً خفيفاً ثمّ قال: يا أباالحسن إيّاك و غضب فاطمة فإنّ الملائكة تغضب لغضبها و ترضى لرضاها، ثمّ جاء عليّ فأخذ النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بيده ثمّ هزّها إليه هزّاً خفيفاً ثمّ قال: يا أباالحسن إيّاك و غضب فاطمة فإنّ الملائكة تغضب لغضبها و ترضى لرضاها، فقلت: يا رسول الله مضيت مذعوراً و قد رجعت مسروراً؟ فقال: يا معاوية كيف لا أسرّ و قد أصلحت بين اثنين هما أكرم الخلق على الله».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 42.]

دراسة الموضوع


فنقول أولاً: إنّ كل هذه الروايات لم ترد عن أهل البيت عليهم السلام و كلّها غير صحيحة سنداً.

و ثانياً: إن مثل الصدوق الذي نقل هذه الأخبار صرّح بعدم اعتماده على هذه الأخبار سنداً، و قال- بعد ذكر الحديث المرويّ عن حبيب بن ثابت-: «قال محمد بن عليّ بن الحسين مصنّف هذا الكتاب: ليس هذا الخبر عندي بمعتمد، و لا هو لي بمعتقد في هذه العلّة؛ لأنّ علياً عليه السلام و فاطمة عليهاالسلام ما كان ليقع بينهما كلام يحتاج رسول الله صلى اللَّه عليه و آله إلى الإصلاح بينهما، لأنّه كان سيّد الوصيين و هي سيّدة نساء العالمين مقتديان بنبيّ الله في حسن الخلق».

[علل الشرائع، ص 187.]

و ثالثاً: إنّ هذه المسائل بعيدة ممّن له أدنى معرفة بأخلاق النبيّ الكريم، فكيف بعليّ و الزهراء حيث إنّهما كانا معصومين؟ فإن كنت لا ترى بين العصمة و التخاصم تنافي فارجع إلى مباحث العصمة و أمعن النظر فيها.

و رابعاً: فإن ثبت بعض هذه الأخبار من ناحية السند فلا مناص من أن يقال بمقالة

العلّامة المجلسي: «و الأخبار المتشملة على منازعتهما مؤوَّلة بما يرجع إلى ضرب من المصلحة لظهور فضلهما على الناس أو غير ذلك ممّا خفي علينا جهته».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 146.]

و خامساً: إنّه لم يسمع عن النبيّ أنّه ضحك عالياً بل كان أكثر ضحكه تبسّماً.

و سادساً: فأين كان حبيب بن أبي ثابت حينما دخل النبيّ على عليّ و فاطمة، و من أين رأى تلك الحالة حتّى يصفه لنا، و من الذي قال له؟ و لماذا لم ينقله الإمام عليّ عليه السلام أو الرسول صلى اللَّه عليه و آله لنا ذلك؟ أو هل نقل عنه أكثر من هذا: «و قد أصلحت بين اثنين أحبّ مَن على وجه الأرض إليّ».

فأين ما نقله حبيب حول كيفية مصالحتهما؟ أليس هذا الموضوع ممّا يكذب بما نقله، و هكذا الكلام في رواية معاوية بن أبي سفيان؟

و هذا ممّا يؤيّد قول الصدوق من أنّه ليس لي بمعتمد، والعجب منه رحمه الله كيف نقل هذه الأحاديث في حين أنّه خلاف معتقده و معتمده، فكان تركه أفضل ليهملوه من بعده.

و سابعاً: إنّ قول فاطمة لعليّ حين الاحتضار و حديث عليّ عن فاطمة و حُسن معاشرتها أقوى و أدلّ دليل على أنّ ما نقل في هذا المجال مكذوب عليهما، و هما أجلّ و أكرم من أن يتخاصما في أمور الدنيا كما قيل.

قال ابن فتّال النيسابوري: «فلمّا نُعيت إليها نفسها و دعت أمّ أيمن و أسماء بنت عميس، و وجّهت خلف عليّ و أحضرته فقالت: يابن عمّ إنّه قد نعيت إليّ نفسي، و إنّني لأرى ما بي لا أشكّ إلّا أنّني لا حقة بأبي ساعة بعد ساعة، و أنا أوصيك بأشياء في قلبي قال لها عليّ عليه السلام: أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله، فجلس عند رأسها و أخرج مَن كان في البيت ثمّ قالت: يا ابن عمّ ما عهدتني كاذبة و لا خائنة و لا خالفتك منذ عاشرتني، فقال: معاذ الله أنت أعلم بالله و أبّر و أتقى و أكرم و أشدّ خوفاً من الله أن أوبّخك غداً بمخالفتي:، فقد عزّ عليّ بمفارقتك و بفقدك...».

[روضة الواعظين، ص 151.] و ألم تقل لعليّ حينما استأذنها الإمام عليه السلام لدخول الشيخين لعيادتها: يابن عمّي المنزل منزلك و لا إذن فيه... و أعوذ بالله أن أعصيك طرفة عين.

[كشف الغمّة، ج 1، ص 373.]

ثم ألم يقل علي عليه السلام بعد فقدها: فو الله ما أغضبتها و لا أكرهتها على أمر حتّى قبضها الله

عزّ و جلّ، و لا أغضبتني و لا عصت لي أمراً، و لقد كنت أنظر إليها فتنكشف عنّي الهموم و الأحزان».

[كامل البهائي، ج 1، ص 310.]

فلو قيل: إنّها شكت من عليّ حينما سمعت بخطبته بنت أبي جهل، قلنا: هذا أيضاً من الأكاذيب و المجعولات على عليّ، و سنوافيك البحث عنه فانتظر.

و ثامناً: لقد مرّ عليك أن قلنا: إنّ فاطمة كانت حجّة الله و هكذا عليّ كان حجة الله على الخلق. و لا شكّ أنّ كلّ أفعالهما و أقوالهما و حركاتهما و سكناتهما حجّة على الآخرين، بحيث كانا أسوة للمسلمين فكيف يتصوّر أن يكونا حجّتين على الخلق ولكن هما يتنازعان في الأمور غير اللائقة بهما؟

و تاسعاً: هل يصلح التنازع و التشاحّ بين اثنين هما أحبّ إلى رسول الله و إلى أهل السماء، أو أحبّ مَن على وجه الأرض، أو أكرم الخلق على الله كما يصرّح به النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فيما مرّ عليك.

شكواها في أمر الزواج


و من المسائل المهمة التي يجب أن تدرس في حياة الزهراء صلوات الله عليها مسألة شكواها إلى النبيّ حول الزواج بعليّ و ما يرتبط بأمر المهر و غير ذلك، فإنّهم أنزلوا من شأن فاطمة بهذه المتقوّلات التي بعضها لا سند لها، و بعضها عن أبي هريرة و بعضها مرويّة بأسناد ضعيفة، ففي بعض الروايات أنّها اعترضيت بقلّة المهر، كما في بعضها الآخر أنّها بكت من تعيير قريش إيّاها من زواجها برجل فقير معدم لا مال له، و إليك نص ما ورد:

الرواية الأولى: روى الكليني بسنده عن الحسين بن عليّ بن سليمان، عمّن حدّثه، عن أبي عبدالله قال: إنّ فاطمة قالت لرسول الله صلى اللَّه عليه و آله: «زوّجتنى بالمهر الخسيس؟ فقال لها رسول الله: ما أنا زوّجتك، ولكن الله زوّجك من السماء و جعل مهرك خُمس الدنيا ما دامت السموات و الأرض».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 144.]

الرواية الثانية: و روى الديلمي عن المنصور العباسي، عن أبيه عن جدّه، عن النبيّ

المكرّم أنّه قال: «دخلت يوماً على فاطمة عليهاالسلام فقامت إلى و على كتفها الحسن و هي تكفك عبرتها، فقلت: ما يبكيك لا أبكى الله عينيك؟ قالت: يا أبه إنّي سمت نساء قريش يعيرننى في المحافل و قلن: إنّ أباها زوّجها معدماً لا مال له، فقال صلى اللَّه عليه و آله: لتقرّ عينك يا فاطمة، والله ما أنا زوّجتك و لكن الله زوّجك من فوق سبع سماوات، فأشهد جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل عليهم السلام و أنّ الله جلّ جلاله اطّلع إلى الأرض فاختار من الخلق أباك للرسالة، ثمّ اطّلع ثانية فاختار عليّاً لولايته و زوّجك إياه فاتّخذته وصيّاً، فعليّ منّي و أنا منه، و أنّ عليّاً أوفر الناس علماً و أعظمهم حلماً و أقدمهم سلماً، و الحسن و الحسين ولداه سيّدا شباب أهل الجنّة من الأولين و الآخرين...».

[إرشاد القلوب، ج 2، ص 221، بشارة المصطفى، ص 174؛ مناقب الخوارزمي، ص 216؛ و فيه: «و هي تبكى بكاءاً شديداً قد شهقت في بكائها...».]

الرواية الثالثة: و عن تفسير القمّي عن أبيه، عن بعض أصحابه رفعه قال: كانت فاطمة لا يذكرها أحد لرسول الله صلى اللَّه عليه و آله إلّا أعرض عنه حتّى آيس الناس منها، فلما أراد أن يزوّجها من عليّ أسرّ إليها، فقالت: «يا رسول الله أنت أولى بما ترى غير أنّ نساء قريش تحدّثني عنه أنّه رجل دحداح البطن طويل الذرا عين ضخم الكراد يس أنزع عظيم العينين و السكنة (مشاشار كمشاشير البعير) ضاحك السنّ لا مال له، فقال لها رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: يا فاطمة أما علمت أنّ الله أشرف على الدنيا فاختارني على رجال العالمين، ثمّ اطّلع فاختار عليّاً على رجال العالمين ثم اطّلع فاختارك على نساء العالمين...».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 99.]

قلت: و الذي أفهمه من هذه الروايات التي أشرنا إلى بعضها بعد دراسة الموضوع هو:

أنّ رجالاً من قريش لما خطبوا فاطمة من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و أعرض عنهم عرفوا أنّه سيزوّجها من ابن عمّه عليّ بن أبي طالب عليه السلام لذلك أرادوا مهما أمكن لا يقع هذا الزواج الميمون بين عليّ و فاطمة عليهاالسلام، فبعثوا شياطينهم رجالاً و نساءاً إلى رسول الله و إلى فاطمة ليصرفوا وجه رسول الله و فاطمة عن عليّ عليه السلام، و يؤيّد ذلك ما جاء في الخبر الثاني إن صح سنده من أنّها حدّثتها نساء قريش أنّ عليّاً كذا و كذا.

أو أنّهم ذهبوا إلى رسول الله بعد أن تمّ العقد بينهما و قالوا له: إنّك زوّجت عليّاً بمهر

خسيس، فلو كانوا هؤلاء من أهل التقى و الإيمان لما جاءوا إلى النبيّ مظهرين ما في ضمائرهم و نفوسهم المريضة.

روى الصدوق في الأمالي بسنده عن موسى بن إبراهيم المروزى، عن موسى بن جعفر، عن أبيه عن جدّه، عن جابر بن عبدالله قال: لمّا زوّج رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فاطمة من عليّ أتاه أناس من قريش فقالوا: إنّك زوّجت عليّاً بمهر خسيس، فقال: «ما أنا زوّجت عليّاً و لكن الله عزّ و جلّ زوّجه ليلة أسري بي عند سدرة المنتهي...».

[نفس المصدر، ص 104.]

ثمّ كيف يمكن قبول هذه الروايات المرسلة و المرفوعة على أنّها بكت أو شهقت في بكائها بتعبيرها نساء قريش من تزويجها بعليّ؟

أليس كان يستأمرها النبيّ من كان يخطبها حتّى خطبها عليّ، فدخل عليها فقامت فأخذت رداءه و نزعت نعليه و أتت بالوضوء فوضّأته بيدها و غسلت رجليه ثمّ قعدت فقال لها: «يا فاطمة فقالت: لبّيك لبّيك حاجتك يا رسول الله؟ قال: إنّ عليّ بن أبي طالب من قد عرفت قرابته و فضله و إسلامه و إنّي قد سألت ربّي أن يزوّجك خير خلقه و أحبّهم إليه، و قد ذكر من أمرك شيئاً فماترين؟

فسكتت و لم تولّ وجهها، و لم يرفيه رسول الله كراهة فقام و هو يقول: الله أكبر سكوتها إقرارها».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 93؛ أمالي الطوسي، ص 40؛ سيرة ابن إسحاق، ص 246 و 247.]

ثمّ أَلَم تعرف فاطمة ابن عمّها حتّى تسمع إهانة من نساء قريش، ألم يتربّى عليّ في بيت رسول الله، ألم يكن حتّى في آخر اللحظات في مكّة في بيت رسول الله، ألم تكن مع الفواطم حينما هاجرن مع عليّ إلى المدينة؛ ففي كلّ هذه السنوات لم تأخذ أوصاف عليّ من كلّ أحد حتّى من أمّ أميرالمؤمينن، بل أسندت تلك الأوصاف إلى نساء من قريش مريضات القلب و النفس.

و هذا ممّا لا يعقل أن يُسند إلى فاطمة الصدّيقة عليهاالسلام و لم تمضى الأيام إلّا و قد عاتبوه صريحاً في أنّه لماذا لم يزوّجهم فاطمة و زوّجها عليّاً، كلّ ذلك ممّا يشهد بأنّ ما قيل في الزهراء من البكاء و الشكوى باطل من أصله و لا أساس للموضوع.

/ 28