حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و كان غائباً قد بعثه رسول الله في حاجة....

[بحارالأنوار، ج 43، ص 119، روضة الواعظين، ص 147.]

ماورد من أنّ صداقها دراهم على اختلافها


و عن ابن شهر آشوب عن الحسين بن علي قال: «زوّج النبي فاطمة عليّاً على أربعمائة و ثمانين درهماً».

[مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 351؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 112.] و روي أنّ مهر فاطمة عليهاالسلام خمسمائة درهم.

[روضة الواعظين، ص 148.]

ماورد من أنّ صداقها درع و غير ذلك


روى عمرو بن أبي المقدام عن جعفر عليه السلام قال: «كان صداق فاطمة برد جرة و إهاب شاة على عرار».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 112.]

و روى عنه أيضاً قال:«كان صداق فاطمة درع حطمية و إهاب كبش أوجدي».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 112.]

و عن الكليني: زوّج النبي فاطمة من عليّ على جرد برد».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 112.]

وقفة مع روايات المهر


لقد مرّ عليك أيها الباحث ماورد في مهر الصدّيقة فاطمة صلوات الله عليها، ففي بعضها أنّ المهر كان قيمة الدرع على اختلاف القيم، و في بعضها الآخر أشير بالفضّة على صداقها، و بعضها بالدارهم، ممّا يشكل على القارئ التعرّف على مقدار مهر الصدّيقة الكبرى عليهاالسلام لأنّه لا يرى التوفيق بين أربعمائة درهم أو فضّة أو خمسمائة درهم مع قيمة الدرع الذي كان يساوي ثلاثين درهماً.

و قد جمع العلّامة المجلسي بين تلك الروايات بوجوه و قال:

الأوّل: أن يكون كون الدرع جزءاً للمهر.

الثاني: أن يكون المعنى لو كان هذا اليوم يساوي ثلاثين درهماً و إن كانت قيمته في ذلك الزمان أكثر.

الثالث: أن يقال: إنّه كان يسوى ثلاثين درهماً لكن بيع بخمسمائة درهم.

الرابع: أن تكون بعض الأخبار محمولاً على التقيّة.

[بحارالأنوار، ج 43، ص 144.]

و يؤيّد ما قال المجلسي من أنّ الدرع كان جزء للمهر ما مرّ عليك عن الصادق عليه السلام قال: «كان صداق فاطمة درع حطمية و إهاب كبش أوجدي» أو كما قال عليه السلام: «كان صداق فاطمة برد جرة و إهاب شاة على عرار».

فأضاف الإمام عليه السلام إلى الدرع شيئاً آخر ما يمكن أن يكون قيمة ذلك من حيث المجموع خمسمائة درهم.

ما هو الصحيح؟


لقد استظهر ابن الفتّال النيسابورى و المجلسي و غيرهما من بين الروايات المنقولة حول مهر فاطمة عليهاالسلام الرواية التي كانت تصرّح بأنّ مهر فاطمة خمسمائة درهم، و قال في روضة الواعظين: و هو أصحّ من جميع ما ذكرنا و أولى.

[روضة الواعظين، ص 148.]

و قال المجلسي: و روي أنّه كان خمسمائة درهم و هو أصحّ.

[بحارالأنوار، ج 43، ص 112.]

و نحن نضيف: و نظنّ أيضاً أنّ مهر السيّدة فاطمة الزهراء عليهاالسلام هو ما قيل من أنّه خمسمائة درهم، و هو الأصحّ، والشاهد على ذلك ما روي عن الباقر عليه السلام في خبر طويل: «قال الله تبارك و تعالى لنبيّه: فزوّجها أنت يا محمد خمسمائة درهم تكون سنّة لأمّتك».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 113.]

و ما صار من بعد ذلك سنة خصوصاً عند الأئمّة و منهم الإمام الجواد عليه السلام حيث بذل مهر جدّته فاطمة، و هو خمسمائة درهم جياداً حينما خطب أمّ الفضل بنت عبدالله المأمون.

[راجع نفس المصدر، ص 105.]

مهر الصدّيقة فاطمة في السماء


زوّج الله تبارك و تعالى أمته و ابنة رسوله صلى اللَّه عليه و آله من عليّ في السماء قبل أن يزوّجها في

الأرض، و كان جبرئيل الخاطب و ميكائيل و إسرافيل في سبعين ألفاً من الملائكة شهوداً

[بحارالأنوار، ج 43، ص 142.] و أمهر بأشياء مالم يتّفق لأحد من نساء العالمين من الأولين و الآخرين، فعن الصادق عليه السلام قال: «إنّ الله تبارك و تعالى أمهر فاطمة عليهاالسلام ربع الدنيا فربعها لها».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 105؛ أمالي الطوسي، ص 668.]

و قيل للنبيّ: قد علمنا مهر فاطمة في الأرض فما مهرها في السماء؟ قال: «كان مهرها في السماء خُمس الأرض».

[نفس المصدر، ص 113.]

و روى صاحب الفردوس عن ابن عباس عن النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: «يا عليّ إنّ الله زوّجك فاطمة و جعل صداقها الأرض، فمن مشى عليها مبغضاً لك مشى حراماً».

[نفس المصدر، ص 141.]

و عن أبي ذرّ قال: قال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: «ضجّت الملائكة إلى الله فقالوا: إلهنا و سيّدنا أَعلمنا ما مهر فاطمة لنعلم و نتبيّن أنّها أكرم الخلق عليك، فأوحى الله إليهم: يا ملائكتي و سكّان سماواتي أشهدكم أنّ مهر فاطمة بنت محمد نصف الدنيا».

[دلائل الإمامة، ص 18.]

و أمهرها الجنّة و النار كما عن الصادق عليه السلام قال: «و أمهرها الجنّة و النار تُدخل أعداءها النار و تدخل أولياءها الجنّة...».

[أمالي الطوسي، ص 668.]

و جعلت لها في الأرض أربعة أنهار: الفرات و نيل مصر و نهروان و نهر بلخ.

[بحارالأنوار، ج 43، ص 113.]

زواج فاطمة برواية أمّ سلمة


روى الخوارزمي بسنده عن ابن سيرين عن أمّ سلمة و سلمان الفارسي و عليّ بن أبي طالب عليه السلام و كلّ قالوا: «إنّه لما أدركت فاطمة بنت رسول الله مدرك النساء خطبها أكابر قريش من أهل السابقة والفضل في الإسلام والشرف والمال، و كان كلمّا ذكرها أحد من قريش أعرض رسول الله عنه بوجهه حتّى كان يظنّ الرجل منهم في نفسه أنّ رسول الله ساخط عليه أو قد نزل على رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فيه وحي من السماء، و لقد خطبها

من رسول اللَّه أبوبكر بن أبي قحافة فقال له رسول اللَّه: يا أبابكر أمرها إلى ربّها، ثم خطبها بعد أبي بكر عمر فقال له مثل مقالته لأبي بكر، و أنّ أبابكر و عمر كانا ذات يوم جالسين في مسجد رسول الله و معهما سعد بن معاذ الأنصاري ثمّ الأوسي فتذاكروا أمر فاطمة فقال أبوبكر: لقد خطبها من رسول الله الأشراف فردّهم رسول الله و قال: إنّ أمرها إلى ربّها إن شاء يزوّجها زوّجها و إنّ علي بن أبي طالب لم يخطبها من رسول الله و لم يذكرها له، و إنّ عليّاً لا أراه يمنعه من ذلك إلّا قلّة ذات يده، إنّه ليقع في نفسي أنّ الله و رسوله انّما يحبسانها عليه، قال: ثمّ أقبل أبوبكر على عمر و على سعد بن معاذ فقال: هل لكما في القيام إلى عليّ بن أبي طالب تذكرا له هذا، قالا: قم بنا على بركة الله و يمنه، قال سلمان الفارسي: فخرجوا من المسجد فالتمسوا عليّاً في منزله فلم يجدوه، و كان ينضح ببعير كان له على نخل رجل من الانصار بأجرة فانطلقوا نحوه، فلمّا رآهم علي قال لهم: ما بدا لكم ما الذي جئتم له؟ فقال له أبوبكر: يا أباالحسن إنّه لم يبق خصلة من خصال الخير إلّا و لك فيها سابقة و فضل، و أنت من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله بالمكان الذي قد عرفت من القرابة و الصحبة و السابقة، و قد خطب الأشراف من قريش إلى رسول الله ابنته فاطمة فردّهم و قال: إنّ أمرها إلى ربّها إن شاء أن يزوّجها زوّجها، فما يمنعك أن تذكرها لرسول الله و تخطبها منه فإنّي أرجو أن يكون الله سبحانه و تعالى و رسوله إنّما يحبسانها عليك قال: فغرغرت عينا عليّ بالدموع و قال: يا أبابكر لقد هيّجت منّي ما كان ساكناً و أيقظتني لأمر كنتُ عنه غافلاً، و إنّ فاطمة لرغبتي، و ما مثلي يقعد عن مثلها غير أنّي يمنعني من ذلك قلّة ذات اليد فقال له أبوبكر: لا تقل هذا يا أباالحسن، فإنّ الدنيا و ما فيها عندالله تعالى و عند رسوله كهباء منثورا، قال: ثمّ إنّ عليّ أبي طالب عليه السلام حلّ عن ناضحه و أقبل يقوده إلى منزله فشدّة فيه و أخذ نعله، و أقبل إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فكان رسول الله صلى اللَّه عليه و آله في منزل أمّ سلمة ابنة أبي أميّة بن المغيرة المخزومي، فدقّ على الباب فقالت أمّ سلمة: من بالباب؟ فقال لها رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قبل أن يقول علّي أنا علّي: قومي يا أمّ سلمة فافتحي له الباب و مُريه بالدخول، فهذا رجل يحبّه الله و رسوله و يحبّهما قالت أمّ سلمة: فقلت: فداك أبي و أمي و مَن هذا الذي تذكر فيه هذا و أنت لم تره؟

قال: يا أمّ سلمة هذا رجل ليس بالخرق و لابالنزق، هذا أخي و ابن عمّي و أحبّ

الخلق إليّ، قالت أمّ سلمة: فقمت مبادرة أكاد أن أعثر بمرطي ففتحت الباب فإذا بعليّ بن أبي طالب عليه السلام والله ما دخل حين فتحت له حتّى علم أنّي قد رجعت إلى خدري، قالت: ثمّ إنّه دخل على رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقال: السلام عليك يا رسول الله و رحمة الله و بركاته فقال له النبيّ: و عليك السلام يا أباالحسن قالت أم سلمة: فجلس علّي بن أبي طالب بين يدي رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و جعل يطرق إلى الأرض كأنّه قصد لحاجة و هو يستحي أن يبديها لرسول الله حياءً منه، فقالت أمّ سلمة: فكأنّ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله علم ما في نفس عليّ فقال: يا أباالحسن إنّي أرى أنّك أتيت لحاجة فقل حاجتك و ابد ما في نفسك، فكلّ حاجة لك عندي مقضيّة، قال علي عليه السلام فقلت: فداك أبي و أمّى إنّك لتعلم أنّك أخذتني من عمّك أبي طالب و من فاطمة بنت أسد و أنا صبيّ لا عقل لي، فغذيتنى بغذائك و أدّبتني بأدبك فكنت لي أفضل من أبي طالب و من فاطمة بنت أسد في البرّ و الشفقة، و أنّ الله عزّ و جلّ هداني بك و على يديك و استنقذني ممّا كان عليه آبائي و أعمامي من الحيرة والشّك، و أنّك و الله يا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله ذخري و ذخيرتي في الدنيا و الآخرة، يا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقد أحببت مع ما قد شدّ الله من عضدي بك أن يكون لي بيت و أن تكون لي زوجة أسكن إليها، و قد أتيتك خاطباً راغباً أخطب إليك ابنتك فاطمة فهل أنت مزوّجني يا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله؟

قالت أمّ سلمة: فرأيت وجه رسول الله يتهلّل فرحاً و سروراً ثمّ تبسّم في وجه عليّ عليه السلام و قال له: يا أباالحسن فهل معك شي ء أزوّجك به؟ فقال: فداك أبي و أمي والله ما يخفى عليك من أمري شي ء لا أملك إلّا سيفي و درعي و ناضحي، ما أملك شيئاً غير هذا فقال له رسول الله: يا عليّ أمّا سيفك فلا غناء بك عنه تجاهد به في سبيل الله و تقاتل به أعداء الله، و أمّا ناضحك فتنضح به على نحلك و أهلك و تحمل عليه رحلك في سفرك، و لكنّي قد زوّجتك بالدرع و رضيت بها منك، يا أباالحسن اُبشّرك؟ قال عليّ عليه السلام: فقلت: نعم فداك أبي و أمّي يا رسول الله بشّرني فإنّك لم تزل ميمون النقيبة مبارك الطائر رشيد الأمر صلى اللَّه عليك فقال لي رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: أبشر أباالحسن فإنّ الله عزّ و جلّ قد زوّجكها في السماء من قبل أن أزوّجكها في الأرض، و لقد هبط عليّ في موضعي من قبل أن تأتيني ملك له وجوه شتّى و أجنحة لم أر قبله من الملائكة مثله، فقال لي: السلام عليك و رحمة الله

و بركاته، أبشر يا محمد باجتماع الشمل و طهارة النسل، فقلت: و ما ذاك أيها الملك؟ فقال: يا محمد أنا سيطائيل الملك الموكّل بإحدى قوائم العرش سألت ربّي عزّ و جلّ أن يأذن لي في بشارتك، و هذا جبرئيل في أثري يخبرك عن ربّك عزّ و جلّ بكرامة الله عزّ و جلّ لك، قال النبي: فما استتمّ الملك كلامه حتّى هبط عليّ جبرئيل فقال لي: السلام عليك و رحمة الله و بركاته يا نبيّ الله، ثمّ إنّه وضع في يدى حريرة بيضاء من حرير الجنّة و فيها سطران مكتوبان بالنور، فقلت: حبيبي جبرئيل ما هذه الحريرة و ما هذه الخطوط؟ فقال جبرئيل: يا محمد إنّ الله اطّلع إلى الأرض اطّلاعه فاختارك من خلقه وابتعثك برسالاته، ثمّ اطّلع ثانية فاختار لك منها أخاً و وزيراً و صاحباً و ختناً فزوّجه ابنتك فاطمة، فقلت: حبيبي جبرئيل و مَن هذا الرجل؟ فقال لي: يا محمد أخوك في الدين و ابن عمّك في النسب عليّ بن أبي طالب، و إنّ الله أوحى إلى الجنان أن تزخرفي، فتزخرفت الجنان، و أوحى إلى شجرة طوبى أن احملي الحلي والحلل، فحملت شجرة طوبى الحلي والحلل و تزخرفت الجنان و تزيّنت الحور العين، و أمر الله الملائكة أن تجمع في السماء الرابعة عند البيت المعمور، قال: فهبط جميع الملائكة من ملائكة الصفيح الأعلى و ملائكة السماء الخامسة إلى السماء الرابعة و رقت ملائكة السماء الدنيا و ملائكة السماء الثانية و ملائكة السماء الثالثة إلى الرابعة، و أمر الله عزّ و جلّ رضوان فنصب منبر الكرامة على باب بيت المعمور، و هو المنبر الذي خطب فوقه آدم يوم علّمه الله الأسماء و عرضه على الملائكة و منبر من نور، فأوحى الله عزّ و جلّ إلى ملك من ملائكة حجبه يقال له: راحيل أن يعلو ذلك المنبر و أن يحمده بمحامده، و أن يمجّده بتمجيده، و أن يثني عليه بما هو أهله، و ليس في الملائكة كلّها أحسن منطقاً و لا أحلى لغة من راحيل الملك، فعلا راحيل المنبر و حمد ربّه و مجّده و قدّسه و أثنى عليه بما هو أهله، فارتجّت السموات فرحاً و سروراً، قال جبرئيل: ثمّ أوحى إليّ أن أعقد عقدة النكاح فإنّى قد زوّجت أمتي فاطمة ابنة حبيبي محمد من عبدي عليّ بن أبي طالب، فعقدت عقدة النكاح و أشهدت على ذلك الملائكة أجمعين، و كتبت شهادة الملائكة في هذه الحريرة، و قد أمرني ربّي أن أعرضها عليك و أن أختمها بخاتم مسك أبيض، و أن أوضعها إلى رضوان خازن الجنان، و أنّ الله عزّ و جلّ لمّا أشهد على تزويج فاطمة من عليّ بن أبي طالب عليه السلام ملائكة أمر شجرة طوبى أن تنثر حملها

و ما فيها من الحلي والحلل، فنثرت الشجرة ما فيها والتقطته الملائكة و الحور العين، و أنّ الحور و الملائكة ليتهادينه و تفخران به إلى يوم القيامة.

يا محمد و إنّ الله أمرني أن آمرك أن تزوّج عليّاً من الأرض من فاطمة، و أن تبشّرهما بغلامين زكيّين طيّبين طاهرين فاضلين خيّرين في الدنيا و الآخرة.

يا أباالحسن فو الله ما عرجت الملائكة من عندي حتّى وقفت الباب، ألا و إنّي منفذ فيك أمر ربّي، امض يا أباالحسن أمامي فإنّي خارج إلى المسجد و مزوّجك على رؤوس الناس، و ذاكر من فضلك ما تقرّبه عينك و أعين محبّيك في الدنيا و الآخرة، قال علي: فخرجت من عند رسول الله و أنا لا أعقل فرحاً و سروراً، فاستقبلني أبوبكر و عمر و قالا لي: ماوراءك يا أباالحسن؟ فقلت: زوّجني رسول الله صلى اللَّه عليه و آله ابنته فاطمة و أخبرني أنّ الله عزّ و جلّ زوّجنيها من السماء، و هذا رسول الله خارج في أثري ليظهر ذلك بحضرة من الناس، ففرحا بذلك فرحاً شديداً و رجعا معي إلى المسجد فو الله ما توسّطناه حتّى لحق بنا رسول الله، و إنّ وجهه ليتهلّل سروراً و فرحاً.

و قال: أين بلال بن حمامة؟ فأجابه مسرعاً و هو يقول: لبّيك لبّيك يا رسول الله، فقال له رسول الله: اجمع لي المهاجرين و الأنصار قال: فانطلق بلال لأمر رسول الله و جلس رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قريباً من منبره حتّى اجتمع الناس، ثمّ رقى درجة من المنبر فحمد الله و أثنى عليه و قال: معاشر المسلمين إنّ جبرئيل عليه السلام: أتاني آنفاً فأخبرني أنّ ربّي عزّ و جلّ جمع الملائكة عند البيت المعمور، و أنّه أشهدهم جميعاً أنّه زوّج أمته فاطمة ابنة رسوله محمد من عبده عليّ بن أبي طالب، و أمرني أن أزوّجه في الأرض و أُشهدكم على ذلك ثمّ جلس و قال لعلي: قم يا أباالحسن فاخطب لنفسك أنت قال: فقام عليّ عليه السلام فحمد الله و أثنى عليه و صلّى على رسوله و قال: الحمد لله شكراً لأنعمه و أياديه و لا إله إلّا الله شهادة تبلغه و ترضيه، و صلّى الله على محمد و آله صلاة تزلفه و تخطيه، و النكاح ممّا أمر الله عزّ و جلّ به و رضيه، و مجلسنا هذا ممّا قضاه الله و أذن فيه، و قد زوّجني رسول الله صلى اللَّه عليه و آله ابنته فاطمة و جعل صداقها درعي هذا، و قد رضيت بذلك فسلوه و اشهدوا. فقال المسلمون لرسول الله؟ زوّجته يا رسول الله؟ فقال رسول الله: نعم. فقال المسلمون: بارك لهما و عليهما و جمع شملهما، و انصرف رسول الله صلى اللَّه عليه و آله إلى أزواجه فأخبرهنّ ففرحن، و أظهرهن

الفرح، قال علي: و أقبل عليّ رسول الله فقال: يا أباالحسن انطلق الآن فبع درعك و أئتني بثمنها حتّى أهيّئ لك و لابنتي فاطمة ما يصلحكما قال علي عليه السلام: فأخذت درعي فانطلقت به إلى السوق. فبعته بأربعمائة درهم سود هجرية من عثمان بن عفان، فلما قبضت الدراهم منه و قبض الدرع منّي قال لي: يا أباالحسن ألست أولى بالدرع منك و أنت أولى بالدارهم منّي فقلت: نعم قال: فإنّ هذا الدرع هدية منّي إليك قال: فأخذت الدرع و الدراهم و أقبلت إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فطرحت الدرع و الدراهم بين يديه و أخبرته بما كان من أمر عثمان فدعا له النبي صلى اللَّه عليه و آله بخير، ثمّ قبض رسول الله قبضة و دعا بأبي بكر فدفعها إليه و قال: يا أبابكر اشتر بهذه الدراهم لابنتي ما يصلح لها في بيتها، و بعث معه سلمان الفارسي و بلال بن حمامة ليعيناه على حمل ما يشتري به.

قال أبوبكر: و كانت الدراهم التي رفعها إليّ ثلاث و ستّين درهماً قال: فانطلقت إلى السوق فاشتريت فراشاً من خيش مصر محشواً بالصوف و قطعاً من أدم و وسادة من أدم حشوها ليف النخل و عباءة خيبرية و قربة للماء. و قلت: هي خادم البيت و كيزاناً و جراراً و مطهرة للماء و ستر صوف رقيق، و حملت أنا بعضه و سلمان بعضه و بلال بعضه، و أقبلنا به فوضعناه بين يدي رسول الله، فلمّا نظر إليه بكى و جرت دموعه على لحيته ثمّ رفع رأسه إلى السماء و قال: اللهمّ بارك لقوم جلّ أوانيهم الخزف.

قال عليّ بن أبي طالب عليه السلام: «و دفع رسول الله باقي ثمن الدرع إلى أمّ سلمة و قال: ارفعي هذه عندك، و مكثت بعد ذلك شهراً لا أعاود رسول الله صلى اللَّه عليه و آله في أمر فاطمة بشي ء استيحاءاً من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله غير أنيّ كنت إذا خلوت برسول الله صلى اللَّه عليه و آله قال لي: يا أباالحسن ما أحسن زوجتك و أجملها، أبشر يا أباالحسن فقد زوّجتك سيّدة نساء العالمين قال عليّ: فلمّا كان بعد شهر دخل عليّ عقيل فقال: والله يا أخي ما فرحت بشي ء قطّ كفرحي بتزويجك فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله يا أخي فما بالك لا تسأل رسول الله صلى اللَّه عليه و آله أن يدخلها عليك، فتقر أعيننا باجتماع شملكما فقلت: والله يا أخي إنّي لا أحبّ ذلك و ما يمنعني أن أسأل رسول الله صلى اللَّه عليه و آله ذلك إلّا حياءً منه فقال: أقسمت عليك إلّا قمت معي فقمنا نريد رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فلقيتنا في طريقنا أمّ أيمن مولاة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فذكرنا ذلك لها فقالت: لا تفعل ذلك يا أباالحسن و دعنا نحن نكلّم في هذا، فإنّ كلام النساء في هذا أحسن

و أوقع في قلوب الرجال، قال: ثمّ انثنت راجعة فدخلت على أمّ سلمة بنت أبي أميّة بن المغيرة زوج النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فأعلمتها بذلك و أعلمت نساء رسول الله صلى اللَّه عليه و آله جميعاً فاجتمع أمّهات المؤمنين إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و كان في بيت عائشة فأحدقن به قلن له: فديناك بآبائنا و أمّهاتنا يا رسول الله قد اجتمعنا لأمر لو أنّ خديجة في الأحياء لقرّت بذلك عينها، قالت أمّ سلمة: فلمّا ذكرنا خديجة بكى النبي صلى اللَّه عليه و آله ثمّ قال: خديجة و أين مثل خديجة صدّقتني حين يكذّبني الناس، و أيّدتني على دين الله، و أعانتي عليه بمالها، إنّ الله عزّ و جلّ أمرني أن أبشّر خديجة ببيت في الجنّة من قصب الزمرد، لاصخب فيه و لا نصب، قالت أمّ سلمة: فقلنا: فديناك بآبائنا و أمّهاتنا يا رسول الله إنّك لم تذكر من خديجة أمراً إلّا و قد كانت كذلك، غير أنّها قدمت إلى ربّها فهنّاها الله بذلك و جمع بيننا و بينها في درجات جنّته و رحمته رضوانه، يا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله هذا أخوك في الدين و ابن عمّك في النسب عليّ بن أبي طالب عليه السلام يحبّ أن يدخل على زوجته فاطمة و تجمع بها شمله فقال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله يا أمّ سلمة فما بال عليّ لا يسألني ذلك؟ قلت: يمنعه من ذلك الحياء منك يا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قالت أمّ أيمن فقال لي رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: انطلقي إلى علّي فأَتيني به، قالت: فخرجت من عند رسول الله رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فإذا بعليّ ينتظرني ليسألني عن جواب رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فلمّا رآني قال: ما وراءك يا أمّ أيمن قلت: أَجِب رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قال عليّ: فدخلت عليه و هو في حجرة عائشة، و قمن أزواجه فدخلن البيت و أقبلت فجلست بين يديه مطرقاً إلى الأرض حياءً منه فقال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: أتحبّ أن ندخل عليك زوجتك فقلت- و أنا مطرق-: نعم فداك أبي و أمّي فقال: نعم، حبّاً و كرامة يا أباالحسن أدخلها عليك في ليلتنا هذه أو في ليلة غد إن شاء الله، فقمت من عنده فرحاً مسروراً و أمر رسول الله صلى اللَّه عليه و آله أزواجه ليزيّنّ فاطمة و ليطيّبنّها و يفرشن لها بيتاً ليدخلنها على بعلها عليّ، ففعلن ذلك و أخذ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله من الدراهم التي دفعها إلى أمّ سلمة من ثمن الدرع عشرة دراهم فدفعها إلى عليّ ثمّ قال: اشتر تمراً و سمناً و أقطاً قال عليّ: فاشتريت بأربعة دراهم تمراً و بخمسة دراهم سمناً و بدرهم أقطاً، و أقبلت به إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فحسر النبيّ عن ذراعيه و دعا بسفرة من أدم، و جعل يشرخ التمر بالسمن و يخلطه بالأقط حتّى اتّخذه حيساً ثمّ قال لي: يا عليّ ادع مَن أحببت، فخرجتُ إلى المسجد و أصحاب رسول الله صلى اللَّه عليه و آله متوافرون فقلت:

اُجيبوا رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقام القوم بأجمعهم و أقبلوا نحو رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فأخبرته أنّ القوم كثير، فجلّل رسول الله صلى اللَّه عليه و آله السفرة بمنديل ثمّ قال: أدخل عليّ عشرة بعد عشرة ففعلت ذلك، فجعلوا يأكلون و يخرجون و السفرة لا ينقص ما عليها، حتّى لقد أكل من ذلك الحيس سبعمائة رجل و امرأة كلّ ذلك ببركة كفّ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله.

قالت أمّ سلمة: ثمّ دعا النبي بابنته و دعا بعليّ، فأخذ علياً بيمينه و أخذ فاطمة بشماله، فجمعها إلى صدره، فقبّل بين أعينهما و دفع فاطمة إلى عليّ و قال: يا عليّ نعم الزوجة زوجتك، ثمّ أقبل على فاطمة قال: يا فاطمة نعم البعل بعلك، ثمّ قام معهما يمشي بينهما حتّى أدخلهما بيتهما الذي بنى لهما ثمّ خرج من عندهما، فأخذ بُعضادتي الباب و قال: طهّركما الله و طهّر نسلكما، أنا سلم لمن سالمكما و حرب لمن حاربكما، أستودعكما الله و أستخلفه عليكما».

[مناقب الخوارزمي، ص 247.]

/ 28