حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «لمّا بويع لأبي بكر و استقام له الأمر على جميع المهاجرين و الأنصار بعث إلى فدك، فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فجاءت فاطمة إلى أبي بكر فقالت: يا أبابكر منعتني عن ميراثي من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله، و أخرجت وكيلي من فدك، وقد جعلها لي رسول الله بأمر الله...».

[تفسير عليّ بن إبراهيم، ج 2، ص 56؛ القطرة، ص 223.

غصب فدك و اعتراض فاطمة


لمّا أخذوا فدكاً و أخرجوا و كلاء الصدّيقة فاطمة منها جاءت إلى أبي بكر معترضة على هذا القرار، و اتّخذت موقفاً شديداً لاستراد ذلك إليها.

قال الإمام أبوعبدالله الصادق عليه السلام: «لمّا بويع أبوبكر و استقام له الأمر على جميع المهاجرين و الأنصار بعث إلى فدك فأخرج وكيل فاطمة بنت رسول الله منها، فجاءت فاطمة الزهرا عليهاالسلام إلى أبي بكر فقالت: تمنعني عن ميراثي من أبي رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و أخرجت وكيلي من فدك و قد جعلها لي رسول الله بأمر الله تعالى، فقال لها هاتي على ذلك شهوداً، فجاءت بأمّ أيمن فقالت له أمّ أيمن: لا أشهد يا أبابكر حتّى أحتجّ عليك بما قال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقالت: أنشدك الله ألست تعلم أنّ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قال: أمّ أيمن من أهل الجنّة؟ فقال: بلى قالت: فأشهد الله عزّ و جلّ أوحى إلى رسول الله (و آتِ ذاالقربى حقّه) فجعل فدك لفاطمة بأمر الله، و جاء علي عليه السلام فشهد بمثل ذلك، فكتب لها كتاباً بفدك و دفعه إليها، فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟

فقال أبوبكر: إنّ فاطمة ادّعت في فدك و شهدت لها أمّ أيمن و عليّ فكتبت لها بفدك، فأخذ عمر الكتاب من فاطمة فمزّقة و قال: هذا في ء المسلمين، و قال: أوس بن الحدثان و عائشة و حفصة يشهدون على رسول الله صلى اللَّه عليه و آله بأنه قال: إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة. فإنّ عليّاً زوّجها يجرّ إلى نفسه و أمّ أيمن فهي امرأة صالحة لو كانت معها غيرها لنظرنا فيه، فخرجت فاطمة من عندهما باكية حزينة».

[القطرة، ص 224، الاحتجاج، ج 1، ص 120؛ تفسير عليّ بن إبراهيم؛ ج 2، ص 156.

اقول: روى العلّامة المجلسي هذا الاعتراض بصورة أخرى فقال:

و عن جعفر بن محمد الصادق: «فلما قام أبوبكر بن أبي قحافة منادياً: من كان له عند رسول الله صلى اللَّه عليه و آله دَبْن أو عدة فليأتني حتّى أقضيه، و أنجز لجابر بن عبدالله و لجرير بن عبدالله البجلي، قال علي عليه السلام لفاطمة عليهاالسلام: صيري إلى أبي بكر و ذكّريه فدكاً، فصارت فاطمة عليهاالسلام إليه و ذكرت له فدكاً مع الخمس و الفي ء فقال: هاتي بيّنة يا بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله؟ فقالت: أمّا فدك فإنّ الله عز و جل أنزل على نبيّه قراناً يأمر فيه أن يؤتيني و ولدي حقّي قال الله تعالى: (فاتِ ذالقربى حقّه) فكنت أنا و ولدي أقرب الخلائق إلى رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فنحلني و ولدي فدكاً، فلما تلا عليه جبرئيل عليه السلام (المسكين و ابن السبيل) قال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: ما حقّ المسكين و ابن السبيل؟ فأنزل الله تعالى: (واعلموا أنّما غنمتم من شي ء فإنّ لله خمسه و للرسول و لذي القربى و المساكين و ابن السبيل) فقسم الخمس على خمسة أقسام فقال: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه و للرّسول و لذي القربى و اليتامى و المساكين و ابن السّبيل كيلا يكون دولة بين الأغنياء) فما لله فهو لرسوله، و ما لرسول الله فهو لذي القربى، و نحن ذوالقربى قال الله تعالى: (قل لا أسئلكم عليه أجراً إلّا المودّة في القربى) فنظر أبوبكر بن قحافة إلى عمر بن الخطّاب و قال: ما تقول؟ فقال عمر: و من اليتامى و المساكين و أبناء السبيل؟ فقالت فاطمة: اليتامى الذين يأتمون بالله و برسوله، و بذي القربى و المساكين الذي أسكنوا معهنم في الدنيا و الآخرة، و ابن السبيل الذي يسلك مسلكهم. قال عمر: فإذن الخمس و الفي ء كلّه لكم و لمواليكم و أشياعكم؟

فقالت فاطمة عليهاالسلام أمّا فدك فأوجبها الله لي و لولدي دون موالينا و شعيتنا، و أمّا الخمس فقسمّه الله لنا و لموالينا و أشياعنا كما يقرأ في كتاب الله.

قال عمر: فما لسائر المهاجرين و الأنصار و التابعين بإحسان؟ فقالت فاطمة عليهاالسلام: إن كانوا موالينا و من أشياعنا فلهم الصدقات التي قسمها الله و أوجبها في كتابه فقال عزّ و جلّ (إنّما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلفة قلوبهم و في الرقاب...) قال عمر: فدك لك خاصّة و الفي ء لكم و لأوليائكم، ما أحسب أصحاب محمد صلى اللَّه عليه و آله يرضون بهذا؟ فقالت فاطمة: فإنّ الله عزّ و جلّ رضي بذلك و رسوله رضي به و قسم على الموالاة و المتابعة لا على المعاداة و المخالفة، و مَن عادانا فقد عادى الله، و من خالفنا فقد خالف الله، و من خالف الله فقد استوجب من الله العذاب الأليم و العقاب الشديد في الدنيا

و الآخرة، فقال عمر: هاتي بيّنة يا بنت محمد صلى اللَّه عليه و آله على ما تدّعين؟ فقالت فاطمة عليهاالسلام: قد صدّقتم جابر بن عبدالله و جرير بن عبدالله و لم تسألوهما البيّنة، و بيّنتي في كتاب الله، فقال عمر: إنّ جابراً و جريراً ذكرا أمراً هيّناً و أنت تدّعين أمراً عظيماً تقع به الردّة من المهاجرين و الأنصار، فقالت عليه السلام: إنّ المهاجرين برسول الله و أهل بيت رسول الله هاجروا إلى دينه، و الأنصار بالإيمان بالله و رسوله و بذي القربى أحسنوا، فلا هجرة إلّا إلينا، و لا نصرة إلّا لنا، و لا اتّباع بإحسان إلّا بنا، و من ارتدّ عنّا فإلى الجاهلية.

فقال عمر: دعينا من أباطيلك و أحضرينا مَن يشهد لك بما تقولين، فبعثت إلى عليّ والحسن والحسين و أمّ أيمن و أسماء بنت عميس، و كانت تحت أبي بكر ابن أبي قحافة، فأقبلوا إلى أبي بكر و شهدوا لها بجميع ما قالت و ادّعته، فقال: أمّا عليّ فزوجها، و أمّا الحسن و الحسين فابناها، و أمّا أمّ أيمن فمولاتها، و أمّا أسماء بنت عميس فقد كانت تحت جعفر بن أبي طالب فهي تشهد لبني هاشم و قد كانت تخدم فاطمة عليهاالسلام، و كلّ هؤلاء يجرّون إلى أنفسهم، فقال عليّ عليه السلام، و أمّا فاطمة عليهاالسلام بضعة من الرسول صلى اللَّه عليه و آله و من آذاها فقد آذى رسول الله، و من كذّبها فقد كذّب رسول الله، و أمّا الحسن و الحسين فأبناء رسول الله و سيّدا شباب أهل الجنّة من كذّبهما فقد كذّب رسول الله إذ كان أهل الجنّة صادقين، و أمّا أنا فقد قال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: أنت منّي و أنا منك و أنت أخي في الدنيا، و الرادّ عليك هو الرادّ عليّ، من أطاعك فقد أعطاعني و من عصاك فقد عصاني، و أمّا أم أيمن فقد شهد لها رسول الله بالجنّة، و قد دعا لأسماء بنت عميس و ذريتها.

فقال عمر: أنتم كما و صفتم به أنفسكم، ولكن شهادة الجارّ إلى نفسه لا تقبل.

فقال عليّ عليه السلام: إذا كنّا نحن كما تعرفون و لا تنكرون و شهادتنا لأنفسنا لا تقبل و شهادة رسول الله لا تقبل، فإنّا للّه و إنّا إليه راجعون إذا ادّعينا لأنفسنا تسألنا البيّنة، فما من معين يعين قد و ثبتم على سلطان الله و سلطان رسوله فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بيّنة و لا حجّة، و سيعلم الذين ظلموا أي نقلب ينقلبون.

ثمّ قال لفاطمة عليهاالسلام: انصرفي حتّى يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين».

[بحارالأنوار، ج 8، ص 101؛ الطبعة الحجرية.

موقف الإمام عليّ:


وقف الإمام بوجه الغاصبين بشتّى أنواعه و أشكاله لإقناعهم و ردّ فدك إلى أهلها.

قال الصادق صلى اللَّه عليه و آله: «فلمّا كان بعد هذا جاء عليّ عليه السلام إلى أبي بكر و هو في المسجد و حوله المهاجرون و الأنصار فقال: يا أبابكر لِمَ منعت فاطمة ميراثها من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و قد ملكته في حياة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله؟ فقال أبوبكر: هذا في ء المسلمين فإن أقامت شهوداً أنّ رسول الله جعله لها و إلّا لا حَقَّ لها فيه.

فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: يا أبابكر تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين. قال: لا، قال عليه السلام: فإن كان في يد المسلمين شي ء يملكونه ادّعيت أنا فيه من تسأل البيّنة؟ قال: إيّاك كنت أسأل البيّنة على ما تدّعيه على المسلمين. قال عليه السلام: فإذا كان في يدي شي ء وادّعى فيه المسلمون فتسألني البيّنة على ما في يدي و قد ملكته في حياة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و بعده و لم تسأل المسلمين البيّنة على ما ادّعوا عليّ شهوداً كما سألتني على ما ادّعيت عليهم؟

فسكت أبوبكر ثمّ قال عمر: يا عليّ دعنا من كلامك فإنّا لا نقوي على حججك، فإن أتيت بشهود عدول و إلّا فهو في ء المسلمين لا حَقَّ لك و لا لفاطمة فيه.

فقال أميرالمومنين عليه السلام يا أبابكر تقرأ كتاب الله؟ قال: نعم. قال: فأخبرني عن قول الله تعالى:

(إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت و يطهّركم تطهيراً) فيمن نزلت أفينا أم في غيرنا؟

قال: بل فيكم، قال: فلو أنّ شاهدين شهدا على فاطمة بفاحشة ما كنتَ صانعاً، قال: كنت أُقيم عليها الحدّ كما أقيم على سائر المسلمين قال عليه السلام: كنت إذن عندالله من الكافرين.

قال: ولِم؟ قال: عليه السلام لأنّك رددت شهادة الله لها بالطهارة و قبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله و حكم رسوله أن جعل رسول الله صلى اللَّه عليه و آله لها فدك و قبضته في حياته، ثمّ قبلت شهادة أعرابي بايل على عقبيه عليها، فأخذت منها فدك و زعمت أنّه في ء المسلمين و قد قال رسول الله: البيّنة على مَن ادّعى و اليمين على من ادّعي عليه.

قال: فدمدم الناس و بكى بعضهم فقالوا: صدق والله عليّ و رجع عليّ إلى منزله».

[تفسير علي بن إبراهيم، ج 2، ص 157، القطرة، ص 224؛ علل الشرائع، ص 226؛ الاستغاثة، ص 12.

فاطمة و طلب النصرة من معاذ بن جبل


و لمّا منعوا فاطمة فدكاً و دفعوها عن حقّها خرجت من عندهما و هي مغضبة، ثمّ إنّها كانت تأتي دور المهاجرين و الأنصار و تستنجدهم، ولكن العجب من صحابة الرسول أنّهم لم يجيبوها و لم يعنها أحد.

قال المفيد: فانتهت إلى معاذ بن جبل فقالت: «يا معاذ بن جبل إنّي قد جئتك مستنصرة و قد بايعت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله، على أن تنصره و ذرّيته و تمنعه ممّا تمنع مه نفسك و ذرّيتك، و إنّ أبابكر قد غضبني على فدك، و أخرج وكيلي منها»، قال: فمعي غيري؟ قالت: «لا، ما أجابني أحد». قال: فأين أبلغ أنا من نصرتك؟

قال فخرجت من عنده و دخل ابنه فقال: ما جاء بابنة محمد إليك؟ قال: جاءت تطلب نصرتي على أبي بكر، فإنّه أخذ منها فدكاً قال: فما أجبتها به؟ قال: قلت: و ما يبلغ من نصرتي أنا وحدي؟

قال: فأبيت أن تنصرها؟ قال: نعم. قال: فأي شي ء قالت لك؟ قال: قالت لي: «والله لأناز عنّك الفصيح من رأسي حتّى أرد على رسول الله صلى اللَّه عليه و آله» قال: فقال: أنا والله لأناز عنّك الفصيح من رأسي حتّى أرد على رسول الله صلى اللَّه عليه و آله إذ لم تجب ابنة محمد صلى اللَّه عليه و آله. قال: و خرجت فاطمة عليهاالسلام من عنده و هي تقول: «والله لا أكلّمك كلمة حتّى أجتمع أنا و أنت عند رسول الله صلى اللَّه عليه و آله» ثمّ انصرفت....

[الاختصاص، ص 179؛ بحارالأنوار، ج 8، ص 101، الطبعة القديمة؛ كامل البهائي، ج 1، ص 309.

أدلّة الغاصبين


تمسّكوا بحجج واهية و أدلّة غير كافية لمنع الصدّيقة فاطمة عن التصرّف في فدك منها:

إنّ فدك في ء للمسلمين


و هذا ممّا ادّعاه الخليفة في جواب عليّ قائلاً: «هذا في ء المسلمين، فإن أقامت شهوداً

أن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله جعله لها و إلّا فلا حَقَّ لها فيه.

قلت: هذه الحجّة لم تكن من مخترعات الخليفة، بل هو ممّا قاله عمر لفاطمة عليهاالسلام عند الخليفة بعد أن اطّلع على كتابة فدك لها لاسترداد فدك إيّاها، و لذلك أخذ الكتاب من يد فاطمة فمزّقه.

[الاختصاص، ص 180.

و كأنّه أرشده إلى حجّة واهية ليتسدلّ بها إذا جاءه الإمام أميرالمؤمنين يطالبه بفدك، و لقد كرّر عمر بن الخطاب هذه الحجّة أمام عليّ بن أبي طالب بعد سكوت أبي بكر عن حجّة عليّ عليه السلام و قال: فإن أتيت بشهود عدول و إلّا فهو في ء المسلمين لا حَقَّ لك و لا لفاطمة فيه، و أجابه الإمام بما هو الحقّ، و الصواب كما قرأت في موقفه مع الخليفة.

إنّه لم يوجف عليه بخيل و لاركاب


و ادّعى أيضاً بأنّ فدك لم تكن لفاطمة عليهاالسلام لأنّه ممّا لم يوجف عليه أبوها بخيل و لاركاب.

قلت: فيالتيه عرف من الأحكام شيئاً! فلو عرف هذا الحكم ما ادّعى بما يضحك الثكلى، فلو تأمّل لعلم أنّ كلّ ما لم يوجف عليه خيل و لا ركاب فهو خالصة لرسول اللَّه لا للمسلمين، و هذه حجّة عليه لاله.

روى فرات الكوفي في تفسيره حديثاً مسنداً عن أبي سعيد قال: «لمّا نزلت هذه الآية (و آت ذاالقربى حقّه)

[الإسراء، الآية. دعا النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فاطمة فأعطاها فدكاً، فكلما لم يوجف عليه أصحاب النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بخيل و لا ركاب فهو لرسول الله صلى اللَّه عليه و آله يضعه حيت يشاء، و فدك ممّا لم يوجف عليه بخيل و لاركاب».

[تفسير فرات الكوفي، ص 119.

إنّ ما تركه النبيّ فهو صدقة


و استدلّ الخليفة لحرمان الصدّيقة فاطمة فدكاً بقول رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة».

[تاريخ الخلفاء،ص 73.

قلنا: أوّلاً: إنّ الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام سألته عن منع فدك لا الميراث و إن كان من حقّها أيضاً أن تسأله، و كما مرّ عليك أنّها سألته ثلاثه أشياء.

و قد أثبتنا قبل هذا من أنّ النبيّ أعطاها فدكاً نحلة في حياته بعد نزول الآية الشريفة، فأين هذا من ميراث النبيّ حتّى يستشهد الخليفة على المنع بما سمعه من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و أنّه لا يورّث و أنه صدقة.

و ثانياً: أنّ هذا الخبر من أخبار الآحاد الذي لم يرويه عن النبيّ إلّا الخليفة؛ و ذلك لحرمان فاطمة من فدك.

و ممّن صرّح بهذا الأمر ابن ابي الحديد حيث قال: إنّه لم يرو هذا الخبر إلّا أبوبكر وحده، ذكر ذلك أعظم المحدّثين.

[شرح نهج البلاغة، ج 16، ص 227.

و هكذا صرّح السيوطي

[تاريخ الخلفاء، ص 73. و ابن حجر بذلك و قال في الصواعق المحرقة:

اختلف الأصحاب في ميراث النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فما وجدوا عند أحد من ذلك علماً فقال أبوبكر: سمعت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله يقول: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث».

[الصواعق المحرقة، ص 35.

فلو صدر عن النبيّ هذا الخبر لسمعه على الأقّل أهل البيت أو أزواج النبيّ اللاتي كنّ يرثنه و كان لهنّ في ميراثه صلى اللَّه عليه و آله فلو سمعه أحد غيره أو سمعته نساء النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فلماذا طالبنه إرثهنّ من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله.

والبخاري يروي في صحيحه عن عائشة تقول: بأنّ زوجات النبيّ صلى اللَّه عليه و آله طالبن أبابكر إرثهنّ و سهمهنّ من تركة الرسول، و أرسلن إليه عثمان لكي يطالبه بالثمن من الإرث.

[صحيح البخاري، ج 4، ص 165.

قال المحقّق البحّاثة الشيخ محمد صادق النجمي: و هذه القصّة فيها دلالة واضحة على أنّ أزواج النبيّ قد أنكرن على أبي بكر و كذّبنه، و أثبتن بعملهنّ هذا أنّ هذا القانون- منع إرث النبيّ- هو من القوانين الموضوعة، و لم يكن له وجود شرعي في الخارج، بل وضعه أبوبكر و نسبه إلى النبيّ.

[أضواء على الصحيحين، ص 384.

والعجب من هؤلاء كيف ردّوا ادّعاء عمر بن الخطاب حول ما روى عن النبيّ بأنّ «الشيخ و الشيخة إذا زنيا...» أنّه من القرآن، ولكن طولب منه بشاهد آخر كي يدجر في المصحف، و أمّا بالنسبة إلى رواية أبي بكر فقبل منه، فما هو الفرق بينهما، فإذا كان هذا خبراً واحداً فذلك أيضاً خبر واحد.

نعم، ادّعى عمر بن الخطّاب أنّ أوس بن الحدثان و عائشة و حفصة يشهدون على رسول الله بأنّه قال: «إنّا معاشر الأنبياء لا نورّث».

ثالثاً: من هو هذا الأعرابي الذي وصفه عثمان بأنّه بايل على عقبيه، و أين مكانته بين المسلمين ليقدّم شهادته على شهود فاطمة عليهاالسلام؟

من هو مالك بن أوس؟


لنقف هنيئة لنعرف حقيقة الحال و خلاصة المقال في مالك بن أوس، فمن هو؟ هل كان صحابياً؟ هل روى عن النبيّ؟ هل هو ممّن يعتنى بشأنه...؟

فنقول: لقد ورد اسم هذا الشاهد في هذه القضيّة تارة بعنوان مالك بن أوس بن الحدثان، و أخرى بعنوان مالك بن الحويرث بن الحدثان، و ثالثه بعنوان مالك بن أوس النصري، و رابعة بعنوان أوس بن حدثان.

و يحتمل أنّ كلّاً من مالك بن أوس بن الحدثان و مالك بن الحويرث بن الحدثان و مالك بن أوس النصري شخص واحد، هو ابن أوس بن الحدثان.

والمنعون بين أصحاب الرجال و التراجم ثلاثة أسماء:

الأول: مالك بن أوس بن الحرثان بن الحارث أبوسعيد النصري الحجازي المدني

[سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 171؛ الجرح و التعديل، ج 8، ص 203، أسد الغابة، ج 4، ص 272؛ تهذيب التهذيب، ج 10، ص 9.

الثاني: مالك بن الحويرث بن حشيش بن عوف بن جندع، أبو سليمان الليثي الصحابي، و قيل في نسبه غير ذلك، نزل البصرة.

[تهذيب التهذيب، ج 10، ص 12.

الثالث: أوس بن الحدثان بن عوف بن ربيعة بن سعد بن يربوع... يعدّ في

أهل المدينة...

[أسد الغابة، ج 1، ص 141.

و الظاهر أنّ الأول هو ابن الثالث كما قلنا، و هذا ممّا أشار إليه الجزري و قال: و هو الذي أرسله النبيّ صلى اللَّه عليه و آله أيام منى ينادي أنّ الجنّة لا يدخلها إلّا مؤمن... روى عنه ابنه مالك بن أوس.

[نفس المصدر، ص 142.

و لا يعلم بالضبط أنّ الشاهد في هذه القضيّة مَن هو؟ هل هو مالك بن أوس أو أبوه، أو مالك بن الحويرث؟ و إن كان ظنّي هو مالك كما صرّح به بعض بأنّ الشاهد هو مالك بن أوس بن حدثان.

[راجع الإيضاح، ص 256.

هل لمالك صحبة أو رواية عن النبيّ؟


فعلى أيّ تقدير، المهمّ أن نعرف هل لمالك صحبة أو رواية، اعتنى به أصحاب الرجال و التراجم أم لا؟

قال ابن حبّان: من زعم أن له صحبة فقد وهم.

[تهذيب التهذيب، ج 10، ص 9. و قال أبوحاتم و ابن معين: لا تصحّ له صحبة».

[تهذيب التهذيب، ج 10، ص 9؛ الجرح و التعديل، ج 8، ص 203. و ذكره ابن سعد في طبقة من أدرك النبيّ ورآه و لم يحفظ عنه شيئاً

[تهذيب التهذيب، ج 10، ص 9؛ الجرح و التعديل، ج 8، ص 203. و قال أبوالقاسم البغوي: يقال: إنّه رأى النبيّ و لم تثبت له عنه رواية.

[تهذيب التهذيب، ج 10، ص 9؛ الجرح و التعديل، ج 8، ص 203.

و الغريب هنا أنّ بعضهم يشكّ في أنّه أدرك أبابكر و يقول: و قيل: إنّه رأى أبابكر.

[تهذيب التهذيب، ج 10، ص 9؛ الجرح و التعديل، ج 8، ص 203. و يدّعي بعضهم صحبته.

فإذا كان حاله هكذا فكيف عدّه بعض من لاخبرة له من صحابة النبيّ صلى اللَّه عليه و آله؟ و لذلك نرى أنّهم لم يعدّوا الرجل فيمن روى عن أبي بكر فضلاً عن النبيّ بلا واسطة.

قال ابن حجر: و روى عن عمر و عثمان و عليّ والعباس و طلحة و الزبير و عبدالرحمن ابن عوف و سعد بن أبي وقاص و أبي ذر.

[تهذيب التهذيب، ج 10، ص 9؛ سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 172.

فمن لم يرى النبيّ و لاصحبه و لا رأى أبابكر فكيف روى عنه صلى اللَّه عليه و آله حديث «إنّا معاشر

الأنبياء لا نورّث؟».

ثانياً: العجب من الذهبي

[سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 171. و أمثاله كيف و صفوه بالفقه، و لم يتفطّنوا إلى ما قيل في حقّه، و خصوصاً ما قاله عثمان بن عفان أنّه كان أعرابياً يتطهّر ببوله الشاهد زوراً على إبطال حقّ فاطمة، فأين خبرة هذا الأعرابيّ من أوّليات الإسلام حتّى يوصف بالفقه و بالإمام و الحجّة؟

تلخّص أنّ المظنون قوياً- كما ادّعاه ابن أبي الحديد و غيره- أنّ الشاهد هو مالك بن أوس الحدثان، و هذا ممّا لم تصحّ له صحبة و لا رواية عن النبي، فكيف ضمّ شهادته إلى الشهود؟!

فإن قيل: إنّ الشاهد هو أوس بن الحدثان.

قلنا: و إن كان لاؤس صحبة كما ادّعاه الجزري لكن لم يكن له في الموضوع دخل، و لم يقل به سوى ماورد في قرب

[قرب الإسناد، ص 99. الإسناد و تفسير عليّ بن إبراهيم، والظاهر سقط كلمة «مالك» من أوله. و قد أخذ عنه غيره.

فلو دار الأمر بين تخطئة إدّعاء فاطمة بنت رسول الله فدكاً ملكاً لها و هي الصادقة بشهادة عائشة، و بين قبول شهادة مالك بن أوس البوّال على عقبيه الذي كان يتطهّر ببوله، فأيّ مسلم يقدّم قول هذا الأعرابيّ على قول فاطمة حتّى يحكم الخليفة بشهادته على منع فاطمة فدكاً؟

رابعاً: فلو كانت هذه صدقة فلماذا ردّها عمر بن الخطاب لمّا وَلي الخلافة كما صرّح به الحموي في معجمه قائلاً: فهي ممّا لم يوجف عليه بخيل و لاركاب فكانت خالصة لرسول الله صلى اللَّه عليه و آله و فيها عين فوارة و نخيل كثيرة، و هي التي قالت فاطمة رضي اللَّه عنها: «إنّ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله نحلنيها» فقال أبوبكر: أريد بذلك شهوداً، و لها قصة ثمّ أدّى اجتهاد عمر بن الخطاب بعده لمّا ولي الخلافة و فتحت الفتوح واتّسعت على المسلمين أن يردّها إلى إورثة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله...

[معجم البلدان، ج 4، ص 239.

خامساً: لو لم تكن فدك لفاطمة فلماذا ردّها أبوبكر بعد ما جاءت بشهود إلى أن أخذ

/ 28