حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




الساعة»؟ قالت: يا ابني رسول الله ليست أمّكما نائمة، قد فارقت الدنيا، فوقع عليها الحسن يقبّلها مرّة و يقول: «يا أمّاه كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني»، قالت: و أقبل الحسين يقبّل رجلها و يقول: «يا أمّاه أنا ابنك الحسين كلّميني قبل أن ينصدع قلبي فأموت»، قالت لهما أسماء: يا ابني رسول الله انطلقا إلى أبيكما عليّ فأخبراه بموت أمّكما، فخرجا حتّى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء فابتدر جميع الصحابة فقالوا: ما يبكيكما يا ابني رسول الله لا أبكى الله أعينكما لعلكما نظرتما إلى موقف جدّكما فبكيتما شوقاً إليه؟ فقالا: «لا أو ليس قد ماتت أمنّا فاطمة عليهاالسلام» قال: فوقع علي على وجهه يقول: «بمن العزاء يا بنت محمد؟ كنت بك أتعزّى، ففيم العزاء من بعدك؟ ثمّ قال:




  • لكلّ اجتماع من خليلين فرقة
    و إنّ افتقادي فاطماً بعد أحمد
    [كشف الغمة، ج 2، ص 123، ج 43، ص 186.
    [كشف الغمة، ج 2، ص 123، ج 43، ص 186.



  • و كلّ الذي دون الفراق قليل
    دليل على أن لا يدوم خليل
    [كشف الغمة، ج 2، ص 123، ج 43، ص 186.




و قال ابن فتّال: فصاح أهل المدينة صيحة واحدة واجتمعت نساء بني هاشم في دارها، فصرخوا صرخة واحدة كادت المدينة أن تنزعزع من صراخهنّ و هنّ يقلن: يا سيّدتاه، يا بنت رسول الله:


و أقبل الناس مثل عرف الفرس إلى علي عليه السلام و هو جالس والحسن والحسين عليه السلام بين يديه يبكيان، فبكى الناس لكبائهما، و خرجت أمّ كلثوم و عليها برقعة تجر ذيلها متجلّلة برداء عليها تسبّجها و هي تقول: يا أبتاه يا رسول الله الآن حقّاً فقدناك فقداً، لالقاء بعده أبداً.


واجتمع الناس فجلسوا و هم يضجّون و ينتظرون أن تخرج الجنازة فيصلون عليها، و خرج أبوذرّ و قال: انصرفوا فإنّ ابنة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله قد أُخّر إخراجها في هذه العشية فقام الناس و انصرفوا.


[روضة الواعظين، ص 152، بحارالأنوار، ج 43، ص 192.]


و قال ابن عباس: فقبضت فاطمة عليهاالسلام من يومها فارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال و النساء، و دهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله صلى اللَّه عليه و آله....


[بحارالأنوار، ج 43، ص 199.]


غسل الصدّيقة فاطمة



من المباحث المهمّة في حياة الزهراء عليهاالسلام حديث غسلها بعد الشهادة و الانتقال إلى دارالآخرة، فقد وقع الخلاف بين الأعلام، منهم من قال بأنّها لم تغسل بعد الممات، و منهم من قال بأنّها غُسّلت، ثمّ اختلفوا بأنّه من غسلها:


أنّها لم تغسل بعد الوفاة:



قالوا: لمّا ماتت فاطمة الزهراء عليهاالسلام لم يغسلها الإمام علي عليه السلام بل اكتفي بغسلها الذي اغتسلت به قبل الوفاة و دفنها بثيابها، و إليك بعض ماورد:


قال الإربلي: و روي مرفوعاً إلى سلمي أمّ بني رافع قالت: كنت عند فاطمة بنت محمد صلى اللَّه عليه و آله في شكواها التي ماتت فيها قالت: فلما كان في بعض الأيام و هي أخفّ ما نراها، فغدا علي بن أبي طالب في حاجته و هو يرى يومئذٍ أنّها أمثل ما كانت فقالت: «يا أمّه اسكبي لي غسلاً ففعلت فاعتسلت كأشدّ ما رأيتها، ثمّ قالت لي: «أعطيني ثيابي الجدد» فأعطيتها فلبست ثمّ قالت: «ضعي فراشي و استقبلينى- ثمّ قالت: إنّي قد فرغت من نفسي فلا أكشفنّ أنّي مقبوضة الآن»، ثمّ توسّدت يدها اليمنى و استقبلت القبلة فقبضت، فجاء علي عليه السلام و نحن نصيح فسأل عنها فأخبرته فقال: «إذن والله لا تكشف» فاحتملت في ثيابها فغيبت.


[بحارالأنوار، ج 43، ص 187.]


و روى الطوسي عن حمويه قال: حدّثنا أبوالحسين قال: حدّثنا أبوخليفة قال: حدّثنا العباس قال: حدّثنا محمد بن أبي رجاء أبوسليمان، عن إبراهيم بن سعد، عن أبي إسحاق، عن عبدالله بن علي بن أبي رافع عن أبيه، عن سلمى امرأة أبي رافع قالت: مرضت فاطمة فلما كان في اليوم الذي ماتت فيه قالت: «هيّئي لي ماءاً...- و قالت: إنّي مقبوضة الآن فلا أكشفنّ فإنّي اغتسلت»، قالت: و ماتت، فلما جاء علي عليه السلام أخبرته فقال: «لا تكشف» فحملها بغسلها.


[أمالي الطوسي، ص 400.]


و روى أحمد


[مسند أحمد، ج 6، ص 461.]] بسنده عن أمّ سلمى عين ما تقدّم، إلّا أنّه لم يذكر الجملة الأخيرة من أنّ الإمام حملها بغسلها. و ابن حجر أيضاً في الإصابة


[الاصابة، ج 4، ص 378.] عن ابن سعد و ابن حنبل نقل عين ما تقدّم.


هذا غاية ما روى في هذا المجال من أنّ الإمام لم يغسّلها بعد الموت، و دفنها بغسلها الذي اغتسلت هي قبل الوفاة، و لأنّها أوصت أن لا يكشف عنها أحد.


و لقد أشكل هذا الأمر على بعض الأعلام سنّة و شيعة فهم ما بين منكر و مثبت و ساكت عن هذا الحكم، فمن أنكر يوقل: إنّه لاخلاف بين المسلمين أنّ الميت لابّد أن يغسل بعد موته، و سكت آخرون عن ذلك، و لم يذكروا فقه الحديث.


قال ابن حجر: و قد وقع عند أحمد أنّها اغتسلت قبل موتها و أوصت أن لا تكشف، و يكتفي بذلك في غسلها، و استبعد هذا أيضاً.


[نفس المصدر، ص 379.]


و قال الأربلي: إنّ هذا الحديث قد رواه ابن بابويه قدس سره كما ترى، و قد روى أحمد بن حنبل في مسنده عن أمّ سلمى... و اتّفاقهما من طرق الشيعة و السنّة على نقله مع كون الحكم على خلافه عجيب، فإنّ الفقهاء من الطريقين لا يجيزون الدفن إلا بعد الغسل إلا في مواضع ليس هذا منه، فيكف رويا هذا الحديث و لم يعلّلاه، و لا ذكرا فقهه، و لا نبّها على الجواز و لا المنع....


[بحارالأنوار، ج 43، ص 188.]


و استبعد المجلسي أيضاً و قال: و أمّا ما ذكره من ترك غسلها فالأولى أن يؤوَّل بما ذكرنا سابقاً من عدم كشف بدنها للتنظيف (فلا تنافي) للأخبار الكثيرة الدالّة أن عليّاً عليه السلام غسلها....


[نفس المصدر، ص 188.]


و العجب من السيّد المقرّم أنّه أثبت هذا الحكم قائلاً: لاخلاف بين المسلمين أنّ الإنسان بعد موته لابّد من أن يغسل إلّا فاطمة الزهراء عليهاالسلام فإنّ الأحاديث دلّت على أنّها تطهرّت قبل الوفاة و لبست ثياباً جدداً، و قالت لأمّ سلمى زوجة أبي رافع: إنّي مقبوضة الآن، و قد تطهرّت فلا يكشفنّي أحد. رواه أحمد في المسند، ج 6، ص 461 و ابن حجر


في الاصابة بترجمتها و أيونعيم في حلية الاولياء، ج 2، ص 43 و رواه شارح همزيّة البوصيري بهامش شرح الشمائل الترمذية ج 2، ص 125، عن المناقب لأحمد، و نصّ عليه الخفاجي في شرح الشفا، و زاد السيوطي في اللآلئ المصنوعة، ج 2، ص 228، في الحديث أنّ أمّ سلمى حكت لعليّ عليه السلام ما قالته فاطمة عليهاالسلام فقال: «لا واللّه لا يكشفها أحد و تدفن بغسلها»، ثمّ ذكر إنكار ابن الجوزي مشروعية الغسل للموت قبله، و أجاب عنه بأنّ ذلك من خصائصها كما خُصّ أخوها إبراهيم بترك الصلاة عليه.


[وفاة الصدّيقة الزهراء، ص 112.]


أقول: إنّ كلّ من نقل هذا الحديث مرفوعاً أو مسنداً فهو يسنده إلى سلمى أو أمّ سلمى، فإنّه لا كلام مع الذي رواه مرفوعاً. و أمّا من رواه مسنداً كأحمد فللتأمل في إسناده مجال واسع


[قيل: و إسناده ضعيف لتدليس ابن إسحاق... راجع هامش سير أعلام النبلاء، ج 2، ص 129.] و أمّا رواية الطوسي فمشتركة مع رواية أحمد متناً. و من أبي إسحاق إلى سلمى سنداً، فلا يكون طريقاً مستقلاً.


و ثانياً أنّه لم يتبيّن لنا متى حضرت سلمى لخدمة الزهراء عليهاالسلام بل كان الإمام عليه السلام يمرّضها بنفسه و تعينه على ذلك أسماء بنت عميس على استسرار بذلك كما وصّت به


[بشارة المصطفى، ص 258.] و وجود خدم و ممرّضات في البيت ينافي ما عارضته فاطمة من حضور أحد في البيت حتّى من حضور بعض نساء النبي


[قال اليعقوبي: و كان بعض نساء رسول الله صلى اللَّه عليه و آله أتينها في مرضها فقلن: يا بنت رسول الله صيري لنا في حضور غسلك حظّاً قالت: «أترون تقلن فيّ كما قلتنّ في أمي؟ لا حاجة لي في حضور كنّ»؛ ج 2، ص 115.] بل حتّى منعت من دخول العباس بن عبدالمطلب لعيادتها، فالأولى أن نقول: و على فرض أنّها اغتسلت و قالت لسلمى: فلا أكشفنّ أو أوصت إلى علي، «فاغسلني و لا تكشف عنّي»


[بحارالأنوار، ج 43، ص 179.] بحمل التنظيف قبل الغسل كما أشار به العلامة المجلسي فإذن لا تنافي لا تنافي بين غسلها قبل الوفاة و غسل الإمام أميرالمؤمنين فاطمة بعد الوفاة.


أنّها غسّلت بعد الوفاة



و أمّا الأحاديث الواردة في أنّ الزهراء عليهاالسلام غسلت بعد الممات فكثيرة و مرويّة عن


أعلام الشيعة، ففي بعضها تسند الغسل إلى غير من كان في البيت، و في بعضها الآخر تسند الغسل إمّا إلى علي وحده و إمّا باشتراك أسماء مع علي عليه السلام و إمّا بغسل أسماء بوصيّة من فاطمة أو بأمر الإمام علي عليه السلام و إليك ماورد:


غسّلوها بأمر الجليل و بماء من الجنّة



وردت رواية في غسل فاطمة عليهاالسلام من أنّها غسلوها و حنّطوها و كفّنوها بأمر الجليل، و لا يعلم من نزل لتولية أمر الزهراء، فهل كانوا هم الذين حضروا ولادتها و هي سارة و أسية أم غير هؤلاء؟ فلا يعلم إلّا الله.


فروى السيد هاشم البحراني: أنّ فاطمة لمّا حضرتها الوفاة قالت لأسماء بنت عميس: «إذا أنا متّ فانظري في الدار، فإذا رأيت سجفاً من سندس من الجنّة قد ضرب فسطاطاً في جانب الدار فاجعليني من وراء السجف، و خلّيني و بين نفسي»، قالت أسماء: فلمّا توفيت و ظهر السجف حملتها و وضعتها وراءه، فغسلت و كفّنت و حنّطت بالحنوط، و كان كافوراً أنزله جبرئيل من الجنّة في ثلاث صرر، و قال: يا رسول الله إنّ الله تعالى يقرئك السلام و يقول لك: هذا حنوطك و حنوط ابنتك و حنوط أخيك علي مقسوم أثلاثاً، و كانت أكفانها و ماؤها و أوانيها من الجنّة، و أنّها أكرم على الله من أن يتولّى ذلك منها أحد غيرها.


[معالم الزلفى، ص 90.]


قال المقرّم- بعد ذكره لهذا الحديث-: و بعد أن ورد حديث أهل البيت صعب مستصعب لا يتحمّله إلّا نبيّ مرسل، أو ملك مقرّب، أو مؤمن امتحن الله قلبه بالإيمان، لا يرى بالاعتراض أمثال هذه الاحاديث ممّا لا تصل إليه الأفكار بعد أن لم يكن من المستحيلات القعلية، و إلّا فقد ورد أنّ فاطمة بنت أسد كبّر عليها النبيّ صلى اللَّه عليه و آله أربعين، و كبّر على حمزة سبعين مع أنّ التكبير على الميّت خمسين، كما أنّ أميرالمؤمنين أوصى الحسن أن يكبّر عليه سبعاً. و أخبر بأنّه لا يصحّ ذلك إلّا للمهدي من ولد الحسين عليه السلام فمالم تنكشف الحقيقة يرجع علمه إليهم عليهم السلام.


إنّ الملائكة غسّلت فاطمة



و روي أيضاً أنّ الملائكة غسّلوا الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام، و ذلك ما رواه السبط ابن الجوزي في كتابه تذكرة الخواصّ و قال: و روي أنّ الملائكة غسّلتها.


[تذكرة الخواص، ص 286.] و إن قال بعد ذلك: و الأصحّ أنّ عليّاً غسّلها و كانت أسماء تصبّ عليه.


[تذكرة الخواص، ص 286.]


و هذا غير بعيد و إن لم يثبت صحّة الرواية بعد ما نقل عن رسول الله صلى اللَّه عليه و آله من أنّ الملائكة غسّلت حنظلة، و اشتهر أيضاً بأنّ حنظلة غسيل الملائكة.


[المغازي للواقدي، ج 1، ص 198.]


غسّلتها أسماء بنت عميس



و نقل المؤرّخون أنّها لمّا ماتت فاطمة عليهاالسلام غسّلتها أسماء بنت عميس الخثعمية، فكان غسلها لفاطمة إمّا بوصيّة منها حيث قالت لها: «فإذا متّ فاغسليني أنت» و إمّا بأمر الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام و أمره الحسنان أن يدخلا عليها الماء.


و في كشف الغمّة: و عن أسماء بنت عميس... قالت فاطمة: «فإذا متّ فاغسلينى أنت و لا يدخلنّ عليّ أحد»، فلمّا توفّيت فاطمة عليهاالسلام جاءت عائشة تدخل عليها، فقالت أسماء: لا تدخلي، فكلّمت عائشة أبابكر فقالت: إنّ هذه الخثعمية تحوّل بيننا و بين ابنة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و قد جعلت لها مثل هودج العروس، فقالت أسماء لابي بكر: أمرتني أن لا يدخل عليها أحد، و أريتها هذا الذي صنعت و هي حيّة، فأمرتني أن أصنع لها ذلك فقال أبوبكر: اصنعي ما أمرتك فانصرف و غسّلها علي و أسماء.


[بحارالأنوار، ج 43، ص 189.]


و في البحار: فأمر أسماء فغسّلتها و أمر الحسن و الحسين يدخلان الماء.


[نفس المصدر، ص 186.]


و فيه أيضاً: ثمّ قال عليه السلام: «يا أسماء غسّليها و حنّطيها و كفّنيها» قال: فغسّلوها و كفّنوها و حنّطوها و صلّوا عليها ليلاً و دفنوها بالبقيع....


[نفس المصدر، ص 187.]


اشتركا في غسلها علي و أسماء



و أمّا الطائفة الرابعة التي تدلّ على أنّ عليّاً و أسماء بنت عميس اشتركا في غسل الصدّيقة فاطمة عليهاالسلام، إمّا بإعانتها الإمام على غسل فاطمة و إمّا أنّه عليه السلام كان يغسّلها من معقد الإزار فما فوق، و أسماء كانت تغسّل من معقد الإزار إلى القدمين.


فقد روى المجلسي أيضاً و قال: و قالت أسماء بنت عميس: أوصت إليّ فاطمة أن لا يغسّلها إذا ماتت إلّا أنا و على فأعنت عليّاً على غسلها.


[بحارالأنوار، ج 43، ص 184.]


و جاء في كتاب البلاذري: أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام غسلها من معقد الإزار و أنّ أسماء بنت عميس غسّلتها من أسفل ذلك.


[بحارالأنوار، ج 43، ص 184.]


غسّلها عليّ بن أبي طالب



و وردت روايات عن الحسن بن عليّ عليه السلام و عن الصادق عليه السلام تصرّح بأنّ الإمام عليّ عليه السلام هو الذي تولّى أمر فاطمة عليهاالسلام و غسّلها كما عن تاج المواليد


[تاج المواليد، ص 98.]، و الطبري في دلائله قال: فغسّلها أميرالمؤمنين


[دلائل الإمامة، ص 46، سير أعلام النبلاء، ج 2، ص 128.]، و سيأتي في وصاياها أنّها كتبت إلى عليّ وصيّة توصي فيها أنّ الإمام الذي هو أولى بها من غيرها يتولّى غسلها و يصلّي عليها و يدفنها بالليل.


و عن الحسن بن علي عليه السلام أيضاً كما رواه ابن بابويه مرفوعاً إليه: أنّ عليّاً غسل فاطمة...


[بحارالأنوار، ج 43، ص 188، و جاء في ص 215 «فلما جنّ الليل غسّلها علي و وضعها على السرير...».]


و ورد عن الصادق عليه السلام «أنّ عليّاً عليه السلام غسّل امرأته فاطمة عليهاالسلام بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله».


[نفس المصدر، ص 206.] .


و أصرح من ذلك كلّه ما رواه الكلينى في الكافي عن الصادق عليه السلام من أنّ الإمام علي غسّلها لوحده، و إنّما تولّى ذلك بنفسه؛ لأنها كانت صدّيقة و لا يغسّلها إلّا صدّيق.


روى الكليني عن العدّة عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن عبدالرحمن بن سالم، عن المفضل، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت لأبى عبدالله عليه السلام: من


غسّل فاطمة؟ قال: «ذاك أميرالمؤمنين- و كأنّي أستعظمت ذلك من قوله، فقال:- كأنّك ضقت بما أخبرتك به»؟ قال: فقلت: قد كان ذاك جعلت فداك. قال: فقال:


لا تضيقنّ فإنّها صدّيقة و لم يكن يغسّلها إلّا صديق، أمّا علمت أنّ مريم لم يغسّلها إلّا عيسى».


[الكافي، ج 1، ص 458؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 184.]


و روى الصديق بعين ما تقدّم إلّا أنّه لم يتعرّض لغسل مريم الصديقه عليه السلام.


و قال المجلسي الأول في شرح هذه الرواية: رواه الكليني و الشيخ مسنداً عن الصادق، و يمكن القول بصحتها؛ لصحتها عن ابن أبي نصر، و هو ممّن أجمعت العصابة على أنّ المعصوم لا يغسّله إلّا المعصوم، و به أخبار كثيرة....


[روضة المتقين، ج 1، ص 370.]


قلت: و لقد أصبح حديث غسل الإمام علي فاطمة بنت رسول الله دليلاً متقناً في الفقه الاسلامي، لجواز غسل الرجل امرأته؛ و ذلك عملاً بما فعله الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام. و إن ردّه بعض كالسرخسي


[المبسوط، ج 2، ص 71 و 72.] أو وجّه الحديث بعد الإثبات على أنّ هذه دليل على الخصوصية في حقّه كما سنشير إليه.


و قال العلّامة الحلّي رحمه اللَّه: للزوج أن يغسّل امرأته و إن كان نساء مسلمات، و به قال أكثر علمائنا و عطا و جابر بن يزيد و الشافعي و مالك و إسحاق و داود. و قال أبوحنيفه و الثوري و الاوزاعي: لا يجوز للرجل أن يغسّل زوجته، و به قال الشيخ في التهذيب. و عن أحمد روايتان.


لنا: ما رواه الجمهور أنّ عليّاً عليه السلام غسل فاطمة و اشتهر بين الصحابة و لم ينكر فكان إجماعاً....


[منتهى المطلب، ج 1، ص 436.]


و قال السرخسي: و لو ماتت امرأة بين الرجال و فيهم زوجها لم يكن له أن يغسّلها عندنا، و قال الشافعي رضى الله عنها عنه له ذلك لحديث عائشة رضى الله عنها أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه و آله دخل عليها و هي تقول: و ارأساه فقال: و أنا وارأساه لا عليك، إنّك لومتّ غسّلتك و كفّنتك و صلّيت عليك، و ما جاز لرسول الله صلى اللَّه عليه و آله يجوز لأمّته، إلّا ما قام عليه دليل، و أنّ


عليّاً عليه السلام غسّل فاطمة بعد موتها....


[المبسوط، ج 2، ص 71.]


و حديث عليّ عليه السلام أنّه غسلها فقد ورد أنّ فاطمة غسّلتها أمّ أيمن و لو ثبت أنّ عليّاً عليه السلام غسّلها فقد نكر عليه ابن مسعود رضي اللَّه عنه حتى قال له علي: «أما علمت أنّ رسول الله قال: فاطمة زوّجتك في الدنيا و الآخرة»، فادّعاؤه الخصوصية دليل على أنّه كان معروفاً بينهم أنّ الرجل لا يغسّل زوجته....


[بحارالأنوار، ج 43، ص 180.]


ما جرى بعد الغسل و قبل عقد الكفن



قال علي عليه السلام: «والله لقد أخذت في أمرها و غسّلتها في قميصها و لم أكشفه عنها، فوالله لقد كانت ميمونة طاهرة مطهّرة، ثمّ حنّطتها من فضلة حنوط رسول الله، و كفّنتها و أدرجتها في أكفانها، فلمّا هممت أن أعقد الرداء ناديت: يا أمّ كلثوم يا زينب يا سكينة، يا فضّة يا حسن يا حسين: هلمّوا تزوّدوا من أمّكم فهذا الفراق و اللقاء في الجنّة. فأقبل الحسن و الحسين عليه السلام و هما يناديان: واحسرتا لا تنطفي أبداً من فقد جدّنا المصطفى و أمّنا فاطمة الزهراء، يا أمّ الحسن يا أمّ الحسين إذا لقيت جدّنا محمد المصطفى فأقرئيه منّا السلام و قولي: إنّا قد بقينا بعدك يتيمين في دار الدنيا».


فقال أميرالمؤمنين علي عليه السلام: «إنّي أُشهد الله أنّها قد حنّت و أنت و مدّت يديها و ضمّتهما إلى صدرها مليّاً، و إذا بها تف من السماء ينادي: يا أباالحسن ارفعهما عنها فلقد أبكيا والله ملائكة السماوات، فقد اشتاق الحبيب إلى المحبوب- قال:- فرفعتهما عن صدرها و جعلت أعقد الرداء و أنا أنشد بهذه الأبيات:




  • فراقك أعظم الأشياء عندي
    سأبكي حسرة و أنوح شجواً
    ألا يا عين جودي و اسعديني
    فحزني دائم أبكي خليلي



  • و فقدك فاطم أدهى الثكول
    على ضلٍّ مضى أسنى سبيل
    فحزني دائم أبكي خليلي
    فحزني دائم أبكي خليلي




[بحارالأنوار، ج 43، ص 180.


من حضر جنازة الزهراء



و لمّا فرغ الإمام عليه السلام من غسل فاطمة و كفنها، و تهيّأ للصلاة عليها و دفنها ليلاً،


و لم يحضر جنازتها إلّا خمسة في رواية، و في رواية أخرى إلّا اثنان أو ثلاثة، و في بعضها أكثر من ذلك لكن لم يتجاوز عدد الأصابع، و كلّهم إمّا من بني هاشم أو من خواص أميرالمؤمنين عليه السلام و هم الذين أرسل إليهم ليشهدوا جنازتها.


خمسة صلّوا على فاطمة



روى المفيد في الاختصاص بسنده عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال أميرالمؤمنين: «خلقت الأرض لسبعة، بهم ترزقون، و بهم تنصرون، و بهم تمطرون، فهم: سلمان الفارسي، و المقداد، و أبوذرّ، و عمّار، و حذيفة، و كان أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام يقول: و أنا إمامهم، و هم الذين صلّوا على فاطمة صلوات الله عليها».


[الاختصاص، ص 4.]


و أمّا اليعقوبي فقد نفى أن يكون أكثر من اثنين و قال: و دفنت ليلاً و لم يحضرها أحد إلّا سلمان و أبوذرّ، و قيل: عمار.


[تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 115.]


و قال الطبري: و لم يحضرها إلّا العباس، و عليّ و المقداد و الزبير. و في رواياتنا أنّه صلّى عليها أميرالمؤمنين والحسن والحسين و عقيل و سلمان و أبوذر و المقداد و عمّار و بريدة. و في رواية: والعباس و ابنه الفضل. و في رواية: و حذيفة و ابن مسعود.


[بحارالأنوار، ج 43، ص 183.]


فتلخّص أنّه لم يصلّ عليها إلّا عليّ و سلمان و المقداد و أبوذرّ و عمّار و حذيفة و عقيل و بريدة و العباس و الفضل، و ابن مسعود والحسن والحسين و نفر من بني هاشم و خواصّه،


[انظر روضة الواعظين، ص 152؛ تاج المواليد المطبوع ضمن مجموعة نفيسة، ص 99.]] فقد يكون ذلك النفر عقيل والعباس والفضل، و الخواصّ أيضاً هم الذين مرّ ذكرهم.


هل شهد أحد دفنها؟



لقد مرّ علينا في الصلاة على فاطمة عليهاالسلام أنّه حضر جماعة لا يتجاوز عددهم الأصابع و صلوّا عليها، ولكن لم يعلم أنّهم بقوا إلى أن دفنت الزهراء أو رخصّهم الإمام عليه السلام ثمّ دفنها هو مع الحسن والحسين.


/ 28