حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید




قلت: لمّا كان أمر فاطمة بوصيّة منها على كتمان و استسرار فلابدّ أن يكون الحضور في الدفن كذلك، فها هنا إمّا أن نقول: لمّا صلّوا هؤلاء على فاطمة رخّصهم الإمام، و بقيت الجنازة على حالها حتّى دفنها عليّ في جوف الليل وحده، و هذا ممّا يظهر و يتراءى من تاريخ القاضي أبوبكر حيث قال: إنّ أميرالمؤمنين والحسن والحسين دفنوها ليلاً و غيّبوا قبرها.


[مرآة العقول، ج 5، حد 322.


و كما يظهر من كلام الإمام الحسين عليه السلام: «فلمّا حضرتها الوفاة وصّت أميرالمؤمنين أن يتولّى أمرها و يدفنها ليلاً و يعفي قبرها، فتولّي ذلك أميرالمؤمنين دفنها و عفى موضع قبرها...».


[بشارة المصطفي، ص 258.


و يظهر من كلام الطبري: أنّه أخرجها إلى البقيع ليلاً و معه الحسنان، و صلّى عليها و لم يعلم بها و لا حضر وفاتها و لا صلّى عليها أحد من سائر الناس غيرهم،


[دلائل الإمامة، ص 46. و هذا يظهر من السروي في مناقبه ما رواه عن الآمدي قال: إنّ أميرالمؤمنين والحسن والحسين دفنوها ليلاً و غيّبوا قبرها.


[مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 363.


كما يظهر أيضاً من كلامه عليه السلام بعد دفن فاطمة لمّا هاج به الحزن مخاطباً النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: «فبعين الله تدفن ابنتك سرّاً».


[مرآة العقول، ج 5، ص 331. كلّ ذلك يدلّ على أنّه لم يحضر دفن فاطمة أحد من الناس غيرهم.


ولكن نقل اليعقوبي حضور سلمان و أبوذرّ و عمّار على تردّد. قال: و دفنت ليلاً و لم يحضرها إلّا سلمان و أبوذر و قيل: عمّار.


[تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 115.


و الطبري: أنّ فاطمة دفنت ليلاً و لم يحضرها إلّا العباس و علي و المقداد و الزبير


[بحارالأنوار، ج 43، ص 183. و ابن فتّال: فلمّا أن هدات العيون و مضى من الليل أخرجها عليّ والحسن والحسين عليهم السلام و عمّار و المقداد و عقيل و الزبير و أبوذرّ و سلمان و بريدة و نفر من بني هاشم و خواصّه،


صلّوا عليها و دفنوها في جوف الليل و سوّى على حواليها قبوراً مزوّرة مقدار سبعة حتّى لا يعرف قبرها.


[روضة الواعظين، ص 152.


و ابن جرير الطبري قال: دخل قبرها العباس و عليّ و الفضل بن العباس.


[تاريخ الطبري، ج 2، ص 253.


و كلّ ذلك يشير إلى حضور جماعة عند دفنها، ولكن أرجّح القول الأوّل و هو عدم الحضور حين الدفن؛ لأنّ كل ذلك ممّا يلائم قضية الكتمان و السرّ الذي أوصت به فاطمة عليهاالسلام.


و لو تنزّلنا عن ذلك فنقول: إنّهم لمّا صلّوا على الجنازة دفنها عليّ بحضورهم، لكن أخذ منهم العود و المواثيق أن لا يظهروا لأحد بمكان دفنها؛ و لذلك بقي هذا عندهم سرّ من الأسرار بحيث لم ينقل عن أحد منهم من عرّف أو صرّح بمكان دفن فاطمة فيما بعد، حتّى من الذي خان بعليّ و واجهه في ساحة القتال كالزبير.


لماذا دفنت ليلاً و سرّاً، و عفي قبرها؟



لا شكّ أنّ الإمام عليّ عليه السلام دفن فاطمة عليهاالسلام ليلاً و سرّاً و عفى قبرها، و قد يسأل السائل لماذا؟ أفهل كان ذلك من غضب عليّ على القوم أو بوصيّة منها و لماذا أوصت؟


فتقول: لقد تواتر الأخبار من طريقي الخاصّة و العامّة أنّ فاطمة لسخطها على أبي بكر و عمرا أوصت أن تدفن ليلاً؛ لئلّا يصلّيا عليها و لا يحضرا جنازتها.


[مرآة العقول، ج 5، ص 321.


روى ابن فتّال في حديث قالت فاطمة لعليّ: «أوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني و أخذوا حقّي، فإنّهم أعدائي و أعداء رسول الله، و أن لا يصلّى عَليَّ أحد منهم و لا من أتباعهم، و ادفنّي في الليل إذا هدأت العيون و نامت الأبصار».


[روضة الواعظين، ص 151؛ بشارة المصطفى، ص 258؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 183؛ مرآة العقول، ج 5، ص 323.


و عن الأصبغ بن نباتة قال: سئل أميرالمؤمنين عن علّة دفن فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقال عليه السلام: «إنّها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها، و حرام على من يتولّاهم أن يصلّي على أحد من ولدها».


[روضة الواعظين، ص 153؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 183؛ علل الشرائع، ص 219.


فالإمام عليه السلام لم يقدم على هذا العمل إلّا بوصيّة من فاطمة و تأكيدها على ذلك.


أين دفنت الزهراء؟



و من غوامض السرّ الذي بقي و حتّى الآن إلى ظهور المهدي من آل محمد صلى اللَّه عليه و آله هو المكان الذي دفنت فيه فاطمة الزهراء عليهاالسلام و لم يتبيّن لأحد تعيين قبرها بالضبط إلّا الذي حضر دفنها و أهل البيت، خاصّة و مع ذلك فقد روي عن قبرها ثلاثة أقوال بتحديد ناقص بين بيتها و الروضة و البقيع، لكن لم يعيّنوا فى أيّ نقطة من هذه الأمكنة الثلاثة، و إليك ما نقل:


أنّها دفنت في بيتها



هذا هو القول المشهور و الصحيح أنّها دفنت في بيتها؛ لمّا روى الصدوق بسنده عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال: قال: سألت أباالحسن عليّ بن موسى الرضا عليه السلام عن قبر فاطمة صلوات الله عليها فقال: «دفنت في بيتها، فلمّا زادت بنو أميّة في المسجد صارت في المسجد».


[معاني الأخبار، ص 268؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 185؛ الكافي، ج 1، ص 461؛ تاريخ المدينة المنورة، ج 1، ص 107.


و على هذا القول أكثر الفقهاء و المحدّثين كابن بابويه و الكلينى و الطوسي و العلّامة الحلّي و الأربلي و المجلسي و غيرهم.


قال الصدوق: و الصحيح عندي في موضع قبر فاطمة ما حدّثنا به أبي.


[معاني الأخبار، ص 268. ثمّ ذكر الحديث المتقدّم من أنّها دفنت في بيتها.


و نقل ابن شهر آشوب قول الطوسي فقال: قال أبوجعفر الطوسي: الأصوب أنّها مدفونة في دارها أو في الروضة.


[بحارالأنوار، ج 43، ص 185.


و قال العلّامة المجلسي: قد بيّنّا في كتاب المزار أن الأصحّ إنّها مدفونة في بيتها.


[نفس المصدر، ص 188.


و قال الطبرسي: و الأصحّ و الأقرب أنّها مدفونة في الروضة أو في بيتها، فمن استعمل


الاحتياط إذا أراد زيارتها و زارها في المواضع الثلاثة كان أولى و أصوب، والله أعلم.


[تاج المواليد، ص 299.


و زاد ابن شبّه- بعد قوله: قبرت فاطمة في بيتها الذي أدخله عمر بن عبدالعزيز في المسجد...


[تاريخ المدنية المنورة، ج 1، ص 107.-: إنّها دفنت في موضع فراشها.


[نفس المصدر، ص 108.


أنّها دفنت في الروضة



و هذا القول أيضاً لا يقلّ صحة من القول الأوّل، و كثر فيه القائل من أنّها دفنت ما بين القبر و المنبر، و هو المعروف بالروضة المقدّسة، و بذلك فسّروا قول رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: «ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة». لأنّ قبرها في الروضة المقدّسة.


روى الصدوق بسنده عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «قال رسول الله: ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة، و منبري على ترعة من ترع الجنّة؛ لأنّ قبر فاطمة صلوات الله عليها بين قبره و منبره و قبرها روضة من رياض الجنّة».


[معاني الأخبار، ص 267.


و قال ابن فتّال: و تصحيح ذلك قوله عليه السلام: «بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة» إنّما أراد بهذا القول قبر فاطمة.


[روضة الواعظين، ص 152.


و يعتقد الطبري الإمامي: أنّها دفنت في الروضة قال: و دفنها بالروضة و عمي موضع قبرها.


[دلائل الإمامة، ص 46، بحارالأنوار، ج 43، ص 171.


و روى أيضاً عن إبراهيم بن كثير بن محمد بن جبرئيل ما يدلّ على ذلك، و قال: قال أبوجعفر: و حدّثنا أبومحمد عبدالله بن محمد والليث بن محمد بن موسى الشيباني قالا: أخبرنا إبراهيم بن كثير بن محمد بن جبرئيل، قال: رأيت الحسن بن عليّ و قد استسقى ماءاً فأبطأ عليه الرسول، فاستخرج من سارية المسجد ماءاً فشرب و سقى أصحابه ثمّ قال: «لو شئت لسقيتكم لبناً و عسلاً» قلنا: فاسقنا، فسقانا لبناً و عسلاً من سارية المسجد


مقابل الروضة التي فيها قبر فاطمة عليهاالسلام.


[دلائل الإمامة، ص 66.


و قد تقدّم من الطبرسي أيضاً أنّه قال: و قال آخرون: إنّها في الروضة بين قبر رسول الله و منبره، و الأصحّ و الأقرب أنّها مدفونة في الروضة أو في بيتها....


[تاج المواليد، مجموعة نفيسة، ص 99.


و استظهر العلّامة المجلسي على أنّها دفنت في بيتها، و جمع بين القولين باتّساع الروضة بحيث تشمل بعض بيتها الذي دفنت فيه قال رحمه اللَّه: و الأظهر أنّها صلوات الله عليها مدفونة في بيتها والأخبار فيه كثيرة أوردتها في البحار، لكن روى الصدوق في معانى الأخبار بسند صحيح عن ابن أبي عمير، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: «قال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله ما بين قبري و منبري روضة من رياض الجنّة»، لأنّ قبر فاطمة بين قبره ومنبره، و قبرها روضة من رياض الجنّة... و يمكن الجمع بأن يقال: الروضة متّسعة بحيث تمشل بعض بيتها الذي دفنت فيه، و يؤيّده قوله: فلمّا زادت بنو أميّة... و سيأتي ما يدلّ على اتّساع الروضة و على أنّ بيتها عليهم السلام منها في كتاب الحج إن شاء الله...».


[مرآة العقول، ج 5، ص 349.


و قال المفيد في استحباب زيارة الزهراء في الروضة: ثمّ قف وزر فاطمة؛ فإنّها هناك مقبورة، فإذا أردت زيارتها فتوجّه إلى القبلة في الروضة و قل: السلام عليك يا رسول الله و على بنتك الصدّيقة الطاهرة، السلام عليك يا فاطمة يا بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله السلام عليك أيّتها البتول الشهيدة الطاهرة....


[المقنعة، ص 71.


و به قال المحقّق في الشرائع


[شرائع الإسلام، ج 1، ص 279؛ المسالك، ج 2، ص 383؛ المختصر النافع، ص 98. أيضاً و العلّامة الحلّي في قواعد الأحكام


[قواعد الأحكام، ج. و الطوسي في النهاية


[النهاية، ص 287.


أنّها دفنت في البقيع



و منهم من قال أنّ فاطمة دفنت في البقيع كما استظهر ذلك الأربلي بقوله: قلت:


و الظاهر، و المشهور ممّا نقله الناس و أرباب التواريخ و السير أنّها دفنت بالبقيع...


[بحارالأنوار، ج 43، ص 187.


و يرى ابن شهر آشوب أنّ قبرها في البقيع و ينسب باقي الأقوال إلى قيل و قالوا، قال: و مشهدها بالبقيع، و قالوا: إنّها دفنت في بيتها و قالوا: قبرها بين قبر رسول الله و منبره.


[نفس المصدر، ص 180.


و المسعودي أيضاً يقول: و تولّى غسلها أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب رضى اللَّه عنه و دفنها ليلاً بالبقيع، و قيل غير ذلك.


[التنبيه و الاشراف، ص 250.


ولكن هذا القول ضعيف و لم يرد به عن أهل البيت رواية، و كما قلنا: إنّ الاصحّ هو إمّا في بيتها أو في الروضة، و ربّما يؤيد هذا القول بكلام الإمام الحسن المجتبى حيث قال: «ادفنوني إلى جانب أمّي فاطمة». و هذا ممّا نقله أبوالفرج قال: إنّ الحسن بن علي أرسل إلى عائشة أن تأذن له أن يدفن مع النبي صلى اللَّه عليه و آله فقالت: نعم ما كان بقي إلا موضع قبر واحد، فلمّا سمعت بذلك بنوأميّة اشتملوا السلاح هم و بنوهاشم اللقتال و قالت بنوأميّة: والله لا يدفن مع النبيّ أبداً، فبلغ ذلك الحسن فأرسل إلى أهله: «أمّا إذا كان هذا فلا حاجة لي فيه، ادفنوني إلى جانب أمّي فاطمة»، فدفن إلى جنب أمّه فاطمة عليهاالسلام.


[مقاتل الطالبيين، ص 49.


أقول: و مما يبعد هذا الاحتمال أنّ استعمال الأمّ في أمّ الأمّ كثير عند العرب، و لا شكّ أنّ الإمام قال: «أمي فاطمة» و قصد جدّته فاطمة بنت أسد؛ فإنّها مدفونة بالقرب من الإمام الحسن المجتبى.


و ثانياً: أنّه من الغريب عن الإمام الحسن أن يكشف قبر أمّه بعد أن كان مخفيّاً و يقول: «ادفنوني إلى جانب أمّي فاطمة»، و هذا مما لا يلائم سرّيّة خفاء قبر فاطمة عليهاالسلام.


و قال الطبرسى بعد ذكر الاختلاف في أنّها دفنت بالبقيع أو في بيتها أو في الروضة: والقول الأوّل بعيد، و القولان الآخران أشبه و أقرب إلى الصواب.


[اعلام الورى، ص 159.


و ممّا يبعد هذا الاحتمال أيضاً و أنّها لم تكن في البقيع هو أنّ إخراجها من البيت في تلك الليلة نقضاً للغرض من سرّيّة الدفن؛ لأنّه كان من المحتمل أن يترصّدوا جنازتها


ليلاً و يخبروا الآخرين و منهم من أوصت أن لا يحضروا جنازتها.


و هناك احتمال رابع في أنّها دفنت في بقعه النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و هذا ممّا يستفاد من قول الإمام عليّ عليه السلام حينما دفن الزهراء فاطمة عليهاالسلام مخاطباً النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: «السلام عليك يا رسول الله عنّي و عن ابنتك و زائرتك و البائتة الليلة ببقعتك و المختار لها الله سرعة اللحاق بك»


[دلائل الإمامة، ص 47؛ الكافى، ج 1، ص 458.


و البقعة ظاهرة الدفن قريباً من قبره، لكن هذا الاحتمال ممّا لم يقل به أحد، هذا أوّلاً. و ثانياً: و إن كان ظاهره كذلك ولكن جاز إطلاق البقعة على جميع المدينة.


[مرآة العقول، ج 5، ص 324.


و جاء في نهج البلاغة: «السلام عليك يا رسول الله عنّي و عن ابنتك النازلة في جوارك»


[نهج البلاغة، ص 319. ممّا يحتمل أن يكون المراد النزول في جواره في منازل الجنان


[مرآة العقول، ج 5، ص 324. أو النازلة في جواره الذي يصدق على الدفن في بيتها أو في الروضة.


حالة الإمام عليّ بعد دفن الزهراء



و لمّا فرغ الإمام من دفن الصدّيقة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ليلاً، اجتمعت عليه آلام الدنيا و مصائب الدهر لذلك و هاج له الحزن و سالت دموعه على خدّيه، و لم يتمالك نفسه من البكاء على مظلومية ابنة المصطفى، قال الصدوق: فلمّا نفض يده من تراب القبر هاج به الحزن و أرسل دموعه على خدّيه و حوّل وجهه إلى قبر رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقال: «السلام عليك يا رسول الله عنّي و عن ابنتك، و حبيبتك، و قرّة عينك، و زائرتك، و الثابتة في الثرى ببقعتك، المختار الله لها سرعة اللحاق بك، قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري، و ضعف عن سيّدة النساء تجلّدي إلّا أنّ في التأسّي لي بسنّتك و الحزن الذي حلّ بي لفراقك لموضع التعزّي، و لقد وسّدتك في ملحود قبرك، بعد أن فاضت نفسك على صدري و غمّضتك بيدي و تولّيت أمرك بنفسي، نعم و في كتاب اللَّه أنعم القبول و إنّا لله و إنّا إليه راجعون.


قد استرجعت الوديعة و أخذت الرهينة و اختلست، فما أقبح الخضراء و الغبراء


يا رسول الله! أمّا حزني فسرمد، و أمّا ليلي فمسهّد، لا يبرح الحزن من قلبي أو يختار الله لي دارك التي فيها أنت مقيم كمد مقيِّح، و هم مهيّج سرعان ما فرّق بيننا، و إلى الله أشكو، و ستنبئك ابنتك بتظاهر أمّتك عليّ و على هضمها، حقّها فاستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثّه سبيلاً و ستقول: و يحكم الله بيننا و هو خير الحاكمين، سلام عليك يا رسول الله سلام مودّع لاسئم و لا قالٍ، فإن أنصرف فلا عن ملالة، و إن أُقم فلا عن سوء ظنّي بما وعد الله الصابرين، الصبر أيمن و أجمل.


و لولا غلبة المستولين علينا لجعلت المقام عند قبرك لزاماً، و التلبّث عندك معكوفاً و لأعولت إعوال الثكلى على جليل الرزيّة، فبعين الله تدفن بنتك سرّاً، و يهتضم حقّها قهراً، و يمنع إرثها جهراً، و لم يطل العهد و لم يخلق منك الذكر، فإلى الله يا رسول الله المشتكى، و فيك أجمل العزاء فصلوات الله عليها و عليك و رحمة الله و بركاته».


[أمالي الطوسي، ص 109؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 210.


و قال ابن عبدربّه: لمّا دفن عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه فاطمة تمثّل عند قبرها فقال:




  • لكلّ اجتماع من خليلين فرقة
    و إنّ افتقادي واحداً بعد واحد
    [العقد الفريد، ج 3، ص 198.
    [العقد الفريد، ج 3، ص 198.



  • و كلّ الذي دون الممات قليل
    دليل على أن لا يدوم خليل
    [العقد الفريد، ج 3، ص 198.




و أضاف الصدوق في أماليه:




  • سيعرض عن ذكري و تنسى مودتّي
    و يحدث بعدي للخليل خليل



  • و يحدث بعدي للخليل خليل
    و يحدث بعدي للخليل خليل



[أمالي الصدوق، ص 441.







صدى دفن فاطمة سرّاً و ليلاً



كان المسلمون رجالاً و نساءاً في قلق و اضطراب من فقد ابنة رسول الله و ما جرى عليها من الظلم و الهوان و كانوا ينتظرون طلوع الفجر و شروق الشمس ليسرعوا إلى بيت فاطمة و يشيّعوها إلى مثواها الاخير.


و ما أصبحوا الّا و قرعت أسماعهم بأن الزهراء فاطمة دفنت ليلاً و سرّاً، فخرجوا من بيوتهم حيارى يلوم بعضهم بعضاً من حرمانهم حضور جنازة بهجة قلب المصطفى، و أعظم


من ذلك أنّهم فقدوا حتّى قبرها؛ و لذلك اضطرب ولاة الأمر من هذا العمل و أرادوا نبش القبور في البقيع للعثور على جسد فاطمة للصلاة عليها، و إليك ما جرى حسبما نقله الطبري في دلائله:


قال: فغسلها أميرالمؤمنين و لم يحضرها غيره والحسن والحسين و زينب و أمّ كلثوم و فضّة جاريتها و أسماء بنت عميس، أخرجها إلى البقيع ليلاً و معه الحسنان و صلّى عليها، و لم يعلم بها و لا حضر وفاتها و لا صلّى عليها أحد من سائر الناس غيرهم، و دفنها في الروضة و عفى موضع قبرها، و أصبح البقيع ليلة مدفنها فيه أربعون قبراً جديداً، و لما علم المسلمون بوفاتها جاؤوا إلى البقيع فوجدوا فوجدوا فيه أربعون قبراً جديداً فأشكل عليهم قبراً من سائر القبور فضجّ الناس ولام بعضهم بعضاً و قالوا: لم يخلف فيكم نبيّكم إلّا بنتاً واحدةً تموت و تدفن و لم تحضروا وفاتها و لادفنها و لا الصلاة عليها، بل و لم تعرفوا قبرها فقال ولاة الأمر منهم: هاتوا من نساء المسلمين من تنبش هذه القبور حتّى نجدها فنصلّي عليها و نعيّن قبرها، فبلغ ذلك أميرالمؤمنين فخرج مغضباً قد احمرّت عيناه و درّت أوداجه، و عليه القباء الأصفر الذي كان يلبسه في الكريهة و هو يتوكّأ على سيفه ذي الفقار حتّى أتى البقيع، فسار إلى الناس من أنذرهم و قال : هذا عليّ قد أقبل كما ترونه و هو يقسم بالله لئن حوّل من هذه القبور حجر ليضعنّ السيف في رقاب الآمرين، فتلقّاه الرجل و من معه من أصحابه و قال له: مالك يا أباالحسن والله لننبش قبرها و نصلّي عليها، فأخذ عليّ بجوامع ثوبه ثمّ ضرب به الأرض و قال له: «يابن السوداء، أمّا حقّي فقد تركته مخافة ارتداد الناس عن دينهم، و أمّا قبر فاطمة فوالذي نفس عليّ بيده لئن رمت أنت أو أصحابك شيئاً لأسقينّ الأرض من دمائكم، فإن شئت فافعل ياثاني»، و جاء الأول و قال له: يا أباالحسن بحقّ رسول الله و بحقّ فاطمة إلّا خليّت عنه فإنّا لسنا فاعلين شيئاً تكرهه فخلّى عنه و تفرّق الناس و لم يعودوا إلى ذلك.


[دلائل الإمامة، ص 46.


تمَّ بحمدالله و قد فرغت من كتابته في اليوم التاسع و العشرين من شهر صفر سنة 1422 هجرية في بلدة قم المقدّسة.


/ 28