حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

حیاة الصدیقة فاطمة دراسة و تحلیل - نسخه متنی

محمد جواد الطبسی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
لیست موضوعات
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


و ألقاه إليها فتستّرت به...».

[بشارة المصطفى، ص 246.]

و رواه في الحلية بسنده عن جابر بن سمرة قال: جاء نبيّ الله صلى اللَّه عليه و آله فجلس فقال: «إنّ فاطمة وجعة فقال القوم: لو عدناها، فقام مشى حتّى انتهى إلى الباب، و الباب عليها مصفق قال: فنادى: شدّي عليك ثيابك فإنّ القوم جاؤوا يعودونك فقالت: يا نبيّ الله ما عليّ إلّا عباءة قال: فأخذ رداءه فرمى به إليها من وراء الباب فقال: شدّي بهذا رأسك فدخل و دخل القوم...».

[حلية الأولياء، ج 2، ص 42.]

و عن عمران بن حصين قال: إنّي لجالس عند النبيّ إذا أقبلت فاطمة فقامت بحذاء النبيّ صلى اللَّه عليه و آله مقابله فقال: «ادني يا فاطمة، فدنت دنوّه ثمّ قال: ادني يا فاطمة، فدنت دنوّه ثمّ قال: ادني يا فاطمة فدنت دنوّه حتّى قامت بين يديه، قال عمران: فرأيت صفرة قد ظهرت على وجهها و ذهب الدم، فبسط رسول الله صلى اللَّه عليه و آله بين أصابعه ثمّ وضع كفّه بين ترائبها فرفع رأسه قال: اللهمّ مشبع الجوعة و قاضي الحاجة و رافع الوضعة لا تجع فاطمة بنت محمد، فرأيت صفرة الجوع قد ذهبت عن وجهها و ظهر الدم، ثمّ سألتها بعد ذلك فقالت: ما جعت بعد ذلك يا عمران».

[مجمع الزوائد، ج 9، ص 204؛ بحارالأنوار، ج 43، ص 27؛ و فيه «إذا أقبلت فاطمة و قد تغيّر وجهها من الجوع». و رواه الخوارزمي عن عمران بن حصين، و فيه «فقالت: يا أبتاه فوالله ما عليّ إلّا عباءة فقال لها: اصنع بها كذا اصنعي بها كذا، و علمها كيف تسترها فقالت: و الله ما على رأسي من خمار فأخذ خلق ملاءة كانت عليه فقال: اختمري بها». مقتل الحسين، ج 3، ص 79؛ نظم درر السمطين، ص 191؛ العدد القوية ، ص 255 إحياء العلوم، ج 4، ص 117 و فيه « فقالت: هذا جسدي قد واريته فكيف برأسى فألقى إليها ملاءة كانت عليه خلقه، فقال: شدّي بها رأسك...».]

و عن مهج الدعوات عن الشيخ عليّ بن محمد بن عليّ بن عبدالصمد عن جدّه، عن الفقيه أبي الحسن، عن أبي البركات عليّ بن الحسين الجوزي، عن الصدوق، عن الحسن بن محمد بن سعيد، عن فرات بن إبراهيم، عن جعفر بن محمد بن بشرويه، عن محمد بن إدريس بن سعيد الأنصاري، عن داود بن رشيد و الوليد بن شجاع بن مروان، عن عاصم، عن عبدالله بن سلمان الفارسي عن أبيه قال: خرجت من منزلي يوماً بعد وفاة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله بعشرة فلقيني عليّ بن أبي طالب عليه السلام ابن عمّ الرسول محمد فقال لي: «يا سلمان جفوتنا بعد رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقلت: حبيبى أباالحسن مثلكم لا يُجفى غير أنَّ حزني

على رسول الله صلى اللَّه عليه و آله طال، فهو الذي منعني من زيارتكم فقال عليه السلام: يا سلمان ائت منزل فاطمة بنت رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فإنها إليك مشتاقة تريد أن تتحفك بتحفة قد أتحفت بها من الجنّة، قلت لعلي عليه السلام: قد أتحفت فاطمة عليهاالسلام بشي ء من الجنّة بعد وفاة رسول الله صلى اللَّه عليه و آله؟ قال: نعم، بالأمس.

قال سلمان الفارسي: فهرولت إلى منزل فاطمة عليهاالسلام بنت محمد فإذا هي جالسة و عليها قطعة عباء إذا خمرّت رأسها انجلى ساقها، و إذا غطّت ساقها انكشف رأسها، فلما نظرت إليّ اعتجرت ثمّ قالت: يا سلمان جفوتني...».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 66.]

و روى الصدوق بسنده عن أبي أيّوب الأنصاري قال: إنّ رسول الله صلى اللَّه عليه و آله مرض مرضه فأتته فاطمة تعوده و هو ناقه من مرضه، فلمّا رأت ما برسول الله صلى اللَّه عليه و آله من الجهد و الضعف خنقتها العبرة حتّى جرت دمعتها على خدّها فقال النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: لها يا فاطمة...».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 98؛ حلية الأبرار، ج 1، ص 413.]

و أمّا مفاد الطائفة الثانية: هو أنّ النبيّ أمرها أن تتقنع و تلفّ رأسها ليعودها هو و أصحابه، و لا شكّ أنّ القناع هو ما يستر الرأس لا الوجه؛ فلذلك لم يقل النبيّ صلى اللَّه عليه و آله لها: استرى وجهك، بل قال: خذى فضل ملحفتك فقنّعي به رأسك، و هذا ممّا يظهر من رواية جابر بن عبدالله و من رواية عمران بن الحصين، بل و كما يظهر أيضاً من رواية جابر بن سمرة حيث إنّه أمرها لتشدّ بردائه رأسها بعد أن قالت فاطمة: ما عليّ إلّا عباءة.

إذن فلو كان الواجب عليها أكثر من التقنّع و الاعتجار لأمر النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بذلك و لتستّرت هي أكثر من ذلك حتّى لا يتبيّن وجهها.

و يستفاد من الطائفة الثانية أيضاً أنّ أصحاب النبيّ لمّا دخلوا عليها نظروا إليها و إلى وجهها و قد اصفرّ من أثر الجوع، كما أخبر به جابر بن عبدالله في رواية و عمران في رواية أخرى.

و على هذا فيمكن الجمع بين الطائفتين أنّها كانت تحترز عن التبرّز بين الرجال أشدّ الاحتراز كما سرّت بذلك لمّا أعفاها النبيّ بما خلف الباب، و احتجبت من الرجل الأعمى حين استأذن عليلها؛ لأنها عدّت هذه الحالة لنفسها سيّئة و إن لم يكن بالنسبة إلى غيرها سيّئة، و ذلك من باب حسنات الأبرار سيّئات المقرّبين.

فلا يكون المراد من «لا ترى الرجال و لا يراها» هو النظر مع الريبة كما احتمله بعض؛ لأنّها استشهدت بهذه الجملة عندما استأذن عليها الأعمى الذي لم يكن هو من مصاديق مَن يراها.

لكن الذي يسهّل الخطب أنّها لم تستدلّ على الوجوب، بل أجابت سؤال النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بخيرية هذا العمل للمرأة؛ لأنّ النبيّ لم يقل: أىّ شي ء يجب على المرأة، بل قال: أى شي ء خير للمرأة، فأين هذا من الوجوب؟

فعلى المرأة- إضافة إلى حجابها و هو الستر- أن تحترز عن مخالطة ألأجنبيّ كما فعلت فاطمة و فضّلت على أن تكون المرأة هكذا؛ رعاية لحالها، و حفظاً على كرامتها و إن لم يكن واجباً عليها.

إذن فلا يستفاد الوجوب من الطائفة الأولى، و نبقى مع الطائفة الثانية من عدم وجوب ستر الوجه عند مواجهة الأجنبيّ في بعض الأحيان كما مرّ علينا من فعل الزهراء، و من المحتمل أنّ حجابها كان على هذا القدر الواجب من ستر الرأس بخمار أو قناع إضافة إلى ستر البدن.

فإن قلنا: إنّها كانت مستورة حتّى من ناحية الوجه، فكيف عرفها عمر بن الخطّاب في الطريق في حين أنّ المرأة المستورة حتّى وجهها قد لا يعرفها زوجها أو أحد محارمها لو واجهها، فكيف بغير المحرم؟ و كيف رأى أباأيّوب الأنصاري جريان، دمعتها على خدّها حينما رأت حالة أبيها رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و من أين أخبر جابر و عمران بن الحصين عن إصفرار وجهها؟

كيفية حجابها خارج البيت


و أمّا كيفية حجابها خارج البيت فكان لها جلباب و شملة تلبسها خارج البيت حينما كانت تريد زيارة رسول الله أو عيادته أو لغير ذلك، و قد جاء ذكر هذا الجلباب و الشملمة في مصادر مختلفة و في أكثر من نصّ واحد، و قد مرّ عليك الحديث عندما تعرّضنا لخوف فاطمة من القيامة و أهوالها و بكاء النبيّ شديد عند ما أنزلت: (و إنّ جهنم لموعدهم أجمعين لها سبعة أبواب) انطلق بعض أصحابه إلى باب بيتها... فسلّم عليها و أخبرها بخبر النبيّ

و بكائه، فنهضت و التفّت بشملة لها خلقه قد خيطت في اثني عشر مكاناً بسعف النخل...».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 88.]

و لمّا منعت فدكاً و بلغها ذلك: لاثت خمارها على رأسها، و اشتملت بجلبابها، و أقبلت في لمّة من حفدتها و نساء قومها تطأ ذيولها...».

[الاحتجاج، ج 1، ص 131.]

و الشملة- لغة كما صرح به الطريحي-: الشملة: كساء يشتمل به الرِجل و اشتمال الصمّاء أن يجلّل حسده كلّه بالكساء أو بالإزار، و اشتمل على سيفه تلفّف به و مثله اشتمل بثوبه.

[مجمع البحرين، ص 441.]

و أمّا الجلباب هو ثوب واسع أوسع من الخمار و دون الرداء، تلويه المرأة على رأسها و تبقى منه ما ترسله على صدرها، و قيل: الجلباب: الملحفة و كلما يستتر به من كساء أو غيره و في القاموس الجلباب كسرداب: القميص.

[نفس المصدر، ص 103.]

افتراءات و أكاذيب


اتّهام شكوى الزهراء من خطبة عليّ:


لقد زاد أعداء أهل البيت عليه السلام في الأساطير و الافتراءات و الأكاذيب في مختلف المجالات، و لم يقصدوا بفعالهم هذا إلّا الحطّ من كرامة أهل البيت و إسقاطهم عن أعين الناس؛ عداءً لهم و بغضاً و حسداً لهم و لقد آذوا النبيّ في أهل بيته حتّى في حياته فضلاً بعد المماة فكانوا يتّهمون علياً و يفترون عليه بأقوال و أفعال، و يشكونه النبيّ صلى اللَّه عليه و آله و افتروا على الزهراء فاطمة بأنّها كانت تشتكي من عليّ عند أبيها رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و قالوا: إنّها جاءت إلى أبيها تشكو علياً لما رأت رأس عليّ في حجر جارية في بيتها، أو لمّا سمعت أنّ زوجها يريد أن يتزوج عليها زوجة ثانية، أو أنّ الإمام عليّاً خطب ابنة أبي جهل عدو الله و رسوله.

و أمّا الأحاديث إن لم نقل كلّها بل جلّها وردت في كتب السنّة، و إليك بعض ماورد ثمّ التعليق على ذلك.

إنّها شكت علياً من إهداء جعفر جارية له


روى الصدوق عن أبيه قال: حدّثنا سعد بن عبدالله قال: حدّثنا الحسن بن عرفة (بسرّ من رأى) قال: حدّثنا و كيع قال: حدّثنا محمد بن اسرائيل قال: حدّثنا أبوصالح عن أبي ذر رحمة الله عليه قال: كنت أنا و جعفر بن أبي طالب مهاجرين إلى بلاد الجشة فأُهديت لجعفر جارية قيمتها أربعة آلاف درهم، فلما قدمنا المدينة أهداها لعليّ تخدمه، فجعلها

عليّ في منزل فاطمة فدخلت فاطمة عليهاالسلام يوماً فنظرت إلى رأس عليّ عليه السلام في حجر الجارية، فقالت: «يا أباالحسن فعلتها فقال: لا والله يا بنت محمد ما فعلت شيئاً فما الذي تريدين؟

قالت: تأذن لي في المصير إلى منزل أبي رسول الله صلى اللَّه عليه و آله فقال لها: قد أذنت لك، فتجلببت بجلبابها و تبرقعت ببرقعها و أرادت النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فهبط جبرئيل فقال: يا محمد إن الله يقرئوك السلام و يقول لك: إنّ هذه فاطمة قد أقبلت إليك تشكو عليّاً فلا تقبل منها في عليّ شيئاً، فدخلت فاطمة فقال لها رسول الله صلى اللَّه عليه و آله جئت تشكين؟

قالت: إي و ربّ الكعبة فقال لها: ارجعي إليه فقولي له: رغم أنفي لرضاك فرجعت إلى عليّ فقالت له: يا أباالحسن رغم أنفي لرضاك، تقولها ثلاثاً فقال لها عليّ عليه السلام: شكوتيني إلى خليلي و حبيبي رسول الله صلى اللَّه عليه و آله و اسوأتاه من رسول الله صلى اللَّه عليه و آله أُشهد الله يا فاطمة أنّ الجارية حرّة له لوجه الله، و أنّ الأربعمائة درهم التي فضلت من عطائي صدقة على فقراء أهل المدينة، ثمّ تلبس و انتعل و أراد النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فهبط جبرئيل فقال: يا محمد إنّ الله يقرئك السلام و يقول لك: قل لعليّ: قد أعطيتك الجنّة بعتقك الجارية في رضا فاطمة و النار بالأربعمائة درهم التي تصدّقت بها ، فأدخل الجنّة من شئت برحمتي و أخرج من النار من شئت بعفوي...».

[علل الشرائع، ص 195؛ مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 342.]

و روى الطبري عن محمد بن عليّ بن حسين قال: دخلت أمّ أيمن على فاطمة فرأت في وجهها شيئاً قالت: مالك فلم تذكر لها شيئاً فقالت: والله ما كان أبوك يكتمني شيئاً قالت: «جارية أعطاها عليّ قال: فخرجت أمّ أيمن رافعة صوتها فقالت: أما رسول الله ممّن يحفظ في أهله فقال لها عليّ: ما شأنها؟ قالت: تقول كذا قال: فالجارية لها».

[ذخائر العقبى، ص 29.]

أنّها شكت عليّاً من خطبته أسماء بنت عميس


روى ابن المغازلي الشافعي: عن القاضي أبوجعفر محمد بن إسماعيل العلوي، حدّثنا أبومحمد عبدالله بن محمد بن عثمان الملقب بابن السقّاء الحافظ، حدثنا محمود بن محمد، حدّثنا عثمان و هو ابن أبي شيبة، حدّثنا أبو الجوّاب، حدّثنا سليمان بن قرم عن

هارون بن سعيد، عن أبي السفر، عن أسماء بنت عميس أنّها قالت: خطبني عليّ عليه السلام فبلغ ذلك فاطمة فأتت النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فقالت: إنّ أسماء بنت عميس متزوّجه عليّاً فقال: «ما كان لها أن تؤذي الله و رسوله».

[مناقب ابن المغازلي، ص 365.]

اشتدّ غمّها من خطبة عليّ بنت أبي جهل


و في البحار عن العلل عن عليّ بن أحمد قال: حدّثنا أبوالعباس أحمد بن محمد بن يحيى، عن عمرو بن أبي المقدام و زياد بن عبدالله قالا: أتى رجل أباعبدالله عليه السلام فقال له: يرحمك الله هل تشيّع الجنازة بنار و يمشي معها بمجمرة و قنديل أو غير ذلك ممّا يُضاء؟ قال: فتغيّر لون أبي عبدالله عليه السلام من ذلك و استوى جالساً ثمّ قال: «إنّه جاء شقيّ من الأشقياء إلى فاطمة بنت محمد فقال لها: أما علمت أنّ عليّاً قد خطب بنت أبي جهل فقالت: حقّاً ما تقول؟ فقال: حقّاً ما أقول- ثلاث مرّات- فدخلها من الغيرة ما لا تملك نفسها، و ذلك أنّ الله تبارك و تعالى كتب على النساء غيره و كتب على الرجال جهاداً، و جعل للمحتسبة الصابرة منهنّ من الأجر ما جعل للمرابط المهاجر في سبيل الله.

قال: فاشتد غمّ فاطمة من ذلك، و بقيت متفكّرة هي حتّى أمست، و جاء الليل حملت الحسن على عاتقها الأيمن و الحسين عى عاتقها الأيسر، و أخذت بيد أمّ كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثمّ تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي عليه السلام فدخل في حجرته فلم ير فاطمة عليهاالسلام، فاشتدّ لذلك غمّه و عظم عليه، و لم يعلم القصّة ما هي فاستحيا أن يدعوها من منزل أبيها، فخرج إلى المسجد فصلّى فيه ماشاءالله، ثمّ جمع شيئاً من كثيب المسجد و اتّكأ عليه.

فلما رأى النبيّ صلى اللَّه عليه و آله ما بفاطمة من الحزن أفاض عليه الماء ثمّ لبس ثوبه و دخل المسجد، فلم يزل يصلّي بين راكع و ساجد و كلّما صلّى ركعتين دعا الله أن يذهب ما بفاطمة من الحزن و الغمّ، و ذلك أنّه خرج من عندها و هي تتقلّب و تتنفّس الصعداء، فلّما رآها النبيّ صلى اللَّه عليه و آله أنّها لا يهنئها النوم و ليس لها قرار قال لها. «قومي يا بنيّة، فقامت فحمل النبيّ صلى اللَّه عليه و آله الحسن و حملت فاطمة الحسين و أخذت بيد أمّ كلثوم فانتهى إلى عليّ و هو نائم، فوضع النبيّ رجله على رجل عليّ فغمزه و قال: قم يا أباتراب، فكم ساكن أزعجته، ادع لي أبابكر من

داره و عمر من مجلسه و طلحه، فخرج عليّ عليه السلام فاستخرجهما من منزلهما و اجتمعوا عند رسول الله فقال رسول الله صلى اللَّه عليه و آله: يا عليّ أما علمت أنّ فاطمة بعضة منّي و أنا منها، فمن آذاها فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله، و من آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي، و من آذاها في حياتى كان كمن آذاها بعد موتي؟

فقال عليّ: بلى يا رسول الله قال: فقال فما دعاك إلى ما صنعت؟ فقال عليّ: و الذي بعثك بالحقّ نبياً ما كان منّي ممّا بلغها شي ء و لا حدّثت بها نفسي، فقال النبيّ صلى اللَّه عليه و آله: صدقت صدقت...».

[بحارالأنوار، ج 43، ص 201.]

و عن المسور بن مخرمة: أنّ عليّ بن أبي طالب خطب بنت أبي جهل و عنده فاطمة بنت النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فقالت له: «إنّ قومك يتحدّثون أنّك لا تغضب لبناتك، و هذا عليّ ناكح ابنة أبي جهل قال المسور: فقام النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فسمعته حين تشهّد ثم قال: أمّا بعد فإني أنكحت أبا العاص بن الربيع فحدّثني فصدقني، و أنّ فاطمة بضعة منّي أكره أن تفتنوها، و أنه و الله لا تجتمع بنت رسول الله و بنت عدو الله عند رجل واحد أبداً قال: فترك عليّ الخطبة».

[ذخائر العقبى، ص 37؛ اتحاف السائل بما لفاطمة، من المناقب و الفضائل، ص 65.] و زاد مسلم بعد قوله: «و هو يخطب الناس على منبره هذا) و أنا يومئذٍ محتلم.

[صحيح مسلم، ج 4، ص 1903.]

وقفة مع أخبار الخطبة و من رواها


أقول: إنّ كل هذه الأخبار باطلة من المجعولات؛ و إنّما وضعها الوضّاعون للحطّ من كرامة الإمام أميرالمؤمنين حقداً و حسداً.

إذن فلا أصل لها و لا أساس. و إمّا أن نقول: إنّ أعداء الإمام أميرالمؤمنين اتّهموه بشي ء حتّى يغضب النبيّ عليه و يسقط من عين النبيّ.

القرائن و الشواهد بكذب هذه الأخبار


1. إنّ رواية المجلسي عن اللعل صريحة في أنّ قضية خطبة عليّ بنت أبي جهل

أسطورة و مجعولة في حقّ مولانا علي عليه السلام و لذلك نرى أنّه تغيّر لون الإمام الصادق و استوى جالساً، ثمّ قال: «إنّه جاء شقيّ من الأشقياء إلى فاطمة بنت محمد فقال لها: أما علمت أنّ عليّاً قد خطب بنت أبي جهل...».

2. و قد ردّ الإمام الصادق عليه السلام هذه الأكاذيب بأشدّ ما يكون في حديث طويل حينما كان يردّ الافتراءات عن الأنبياء قال: «و ما قالوا في الأوصياء أكثر من ذلك، ألم ينسبوه إلى سيد الأوصياء إلى أنّه كان يطلب الدنيا و الملك، و أنّه كان يؤثرّ الفتنة على السكون... ألم ينسبوه إلى أنّه عليه السلام أراد أن يتزوّج ابنة أبي جهل على فاطمة عليهاالسلام و أنّ رسول الله شكاه على المنبر إلى المسلمين فقال: إنّ عليّاً يريد أن يتزوّج ابنة عدوّ الله على ابنة نبيّ الله ، ألا إنّ فاطمة بضعة منّي فمن آذاها فقد آذاني، و من سرّها فقد سرّني، و من غاظها فقد غاظني- ثمّ قال الصادق-: يا علقمة ما أعجب أقاويل الناس في عليّ عليه السلام...».

[أمالي الصدوق، ص 92.]

3. و أجاب السيد المرتضى رحمه اللَّه عن هذه الروايات المفتعلة و خصوصاً ما شابه الرواية الأخيرة

[قال السيد: فإن قيل: أليس قد روي أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام خطب بنت أبي جهل بن هشام في حياة الرسول صلى اللَّه عليه و آله حتّى بلغ ذلك فاطمة عليهاالسلام و شكته إلى النبيّ صلى اللَّه عليه و آله فقام على المبنر قائلاً: إنّ عليّاً عليه السلام آذانى يخطب بنت أبي جهل بن هشام ليجمع بينها و بين فاطمة، و لن يستقيم الجمع بين بنت وليّ الله و بين عدوّه، أما علمتم معاشر الناس أنّ مَن آذى فاطمة فقد آذاني، و من آذاني فقد آذى الله تعالى». تنزيه الأنبياء، ص 167.]- بقوله: «قلنا: هذا خبر باطل موضوع غير معروف و لا ثابت عند أهل النقل؛ و إنّما ذكره الكرابيسي طاعناً به على أميرالمؤمنين صلوات الله عليه، و معارضاً بذكره لبعض ما يذكره شيعته من الأخبار في أعدائه، و هيهات أن يشبه الحقّ بالباطل، و لو لم يكن في ضعفه إلّا رواية الكرابيسي له و اعتماده عليه، و هو من العداوة لأهل البيت عليهم السلام والمناصبة لهم و الإزراء على فضائلهم و تأثرهم على ما هو مشهور لكن، على أنّ هذا الخبر قد تضمّن ما يشهد ببطلانه و يقضى على كذبه من حيث ادّعى فيه أنّ النبيّ صلى اللَّه عليه و آله ذمّ هذا الفعل و خطب بإنكاره على المنابر، و معلوم أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام لو كان مثل ذلك- على ما حكى- لما كان فاعلاً لمحظور في الشريعة؛ لأنّ نكاح الأربع حلال على لسان نبيّنا محمد صلى اللَّه عليه و آله و المباح لا ينكره الرسول صلى اللَّه عليه و آله و يصرّح بذمّه و بأنّها متأذية، و قد رفعه الله عن هذه المنزلة و أعلاه عن كلّ منقصة و مذمّة، و لو كان عليه السلام نافراً من لجمع بين بنته و بين

غيرها بالطباع التي تنفر من الحسن و القبيح لما جاز أن ينكره بلسانه، ثمّ ما جاز أن يبالغ في الإنكار و يعلى به على المنابر و فوق رؤس الأشهاد و لو بلغ من إيلامه لقلبه كلّ مبلغ، فما هو اختصّ به عليه السلام من الحلم و الكظم و وصفه الله بن من جميل الأخلاق و كريم الآداب ينافي ذلك و يحيله و يمنع من إضافته إليه و تصديقه عليه و أكثر ما يفعله مثله ما في هذا الأمر إذا ثقل عليه أن يعاقب سرّاً و يتكلّم في العدول عنه خفيةً على وجه جميل و بقول لطيف. و هذا المأمون الذي لا قياس بنيه و بين الرسول صلى اللَّه عليه و آله و قد أنكح أباجعفر محمد بن عليّ عليهاالسلام بنته و نقلها معه إلى مدينة الرسول صلى اللَّه عليه و آله لما ورد كتابه عليه تذكر أنّه قد تزوّج عليها أو تسرّى يقول مجيباً لها و منكراً عليها: إنّا ما أنكحناه لنحظر عليه ما أباحه الله تعالى، و المأمون أولى بالامتعاض من غيرة بنته و حاله أجمل للمنع من هذا الباب و الإنكار له. فو الله إنّ الطعن على النبيّ صلى اللَّه عليه و آله بما تضمّنه هذا الخبر الخبيث أعظم من العطن على أميرالمؤمنين عليه السلام و ما صنع هذا الخبر إلّا ملحد قاصد للطعن عليهما أو ناصب معاند لا يبالى أن يشفى غيظه بما يرجع على أصوله بالقدح و الهدم...».

[تنزيه الأنبياء، ص 167.]

4. و ممّا يشهد بكذب هذه الروايات أنّه صلى اللَّه عليه و آله- و العياذ بالله- غضب على عليّ و أخذه من دون أيّ تحقيق في الموضوع، بحيث كان بإمكانه أن يسأل علياً عن حقيقة الأمر ثمّ ينصحه، فإن لم ينته فكان عليه أن يعلنه على المنبر. و كل ذلك بعيد من اخلاق النبيّ الكريم غاية البعد، بل محال في حقّه صلى اللَّه عليه و آله.

5. هل كانت جويرية بنت أبي جهل مسلمة أم كافرة؟ فنكاح الكافرة غير جائز، فلابدّ أن نقول: إنّه خطبها و هي مسلمة فهل يصحّ أن تؤذى المرأة المسلمة بمجرّد أنها كانت بنت الكافر فأين قول الله تعالى المنزل على نبيّه: (و لا تزر وازرة وزر أُخرى) فما ذنبها إذا كان أبوها كافراً، ألم يتزوّج الرسول أم حبيبة و كان أبوها حينما تزوّجها النبيّ صلى اللَّه عليه و آله كافراً و قائد الكفر و الشرك بمكّة.

6. ألم يحلّل الله تبارك و تعالى للمسلمين أربعة أزواج، ثمّ ألم يقل النبيّ في هذه القضية على المنبر: «و إنّي لست أحرّم حلالاً و لا أحلّ حراماً، و لكن و الله لا تجتمع بنت

/ 28